المادة العشرون بعد السبعمائة
دون إخلال بما تقضي به المادة (الأولى) من هذا النظام، تطبق القواعد الواردة في هذه المادة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع النصوص النظامية، مع مراعاة طبيعتها والشروط والاستثناءات الخاصة بكل منها، وهي:
القاعدة الأولى:
الأمور بمقاصدها.
القاعدة الثانية:
العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
القاعدة الثالثة:
العادة مُحَكَّمة.
القاعدة الرابعة:
التعيين بالعرف كالتعيين بالنص.
القاعدة الخامسة:
المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً.
القاعدة السادسة:
الممتنع عادة كالممتنع حقيقة.
القاعدة السابعة:
اليقين لا يزول بالشك.
القاعدة الثامنة:
الأصل بقاء ما كان على ما كان.
القاعدة التاسعة:
الأصل براءة الذمة.
القاعدة العاشرة:
الأصل في العقود والشروط الصحة واللزوم.
القاعدة الحادية عشرة:
الأصل في الصفات العارضة العدم.
القاعدة الثانية عشرة:
الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.
القاعدة الثالثة عشرة:
لا ينسب إلى ساكت قول، لكن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان بيان.
القاعدة الرابعة عشرة:
لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح.
القاعدة الخامسة عشرة:
لا عبرة بالظن البين خطؤه.
القاعدة السادسة عشرة:
الضرر يُزال.
القاعدة السابعة عشرة:
الضرر لا يزال بمثله.
القاعدة الثامنة عشرة:
يُدفع الضرر الأشد بالضرر الأخف.
القاعدة التاسعة عشرة:
درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
القاعدة العشرون:
إذا تعارض المانع والمقتضي قُدِّم المانع.
القاعدة الحادية والعشرون:
المشقة تجلب التيسير.
القاعدة الثانية والعشرون:
الضرورات تقدر بقدرها.
القاعدة الثالثة والعشرون:
الاضطرار لا يُبطل حق الغير.
القاعدة الرابعة والعشرون:
الأصل في الكلام الحقيقة.
القاعدة الخامسة والعشرون:
إعمال الكلام أولى من إهماله.
القاعدة السادسة والعشرون:
المطلق يجري على إطلاقه؛ ما لم يقم دليل التقييد نصّاً أو دلالة.
القاعدة السابعة والعشرون:
الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر.
القاعدة الثامنة والعشرون:
التابع تابع.
القاعدة التاسعة والعشرون:
يُغتفر في التوابع ما لا يُغتفر في غيرها.
القاعدة الثلاثون:
يُغتفر في البقاء ما لا يُغتفر في الابتداء.
القاعدة الحادية والثلاثون:
إذا سقط الأصل سقط الفرع.
القاعدة الثانية والثلاثون:
لا مساغ للاجتهاد في مورد النص.
القاعدة الثالثة والثلاثون:
على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
القاعدة الرابعة والثلاثون:
الخراج بالضمان.
القاعدة الخامسة والثلاثون:
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
القاعدة السادسة والثلاثون:
إذا زال المانع عاد الممنوع.
القاعدة السابعة والثلاثون:
ما ثبت لعذر يزول بزواله.
القاعدة الثامنة والثلاثون:
الساقط لا يعود.
القاعدة التاسعة والثلاثون:
إذا تعذَّر الأصل يُصار إلى البدل.
القاعدة الأربعون:
من سعى في نقض ما تمَّ من جهته فسعيه مردودٌ عليه.
القاعدة الحادية والأربعون:
الجهل بالحكم ليس عذراً.
مواد ذات علاقة
شرح المادة 720
أوردت المادة إحدى وأربعين قاعدة كلية، وبينت المادة في مقدمتها مرتبة تطبيق هذه القواعد وضوابط تطبيقها؛ أما من حيث مرتبة تطبيقها فقررت المادة أن القاعدة الكلية تطبق في حال عدم وجود نص نظامي في المسألة؛ حيث قيدت تطبيقها بعدم الإخلال بما تقضي به المادة الأولى من هذا النظام والتي نصت على أن تطبيق هذه القواعد إنما يصار إليه في حال عدم وجود نص نظامي يمكن تطبيقه. وتوكيداً لهذا المعنى نصت هذه المادة على أن تطبيق هذه القواعد مقيد بعدم تعارضها مع نص نظامي؛ فإذا تعارضت قاعدة كلية من هذه القواعد مع نص نظامي فيقدم النص النظامي. وأما من حيث ضوابط تطبيق هذه القواعد فقررت المادة وجوب مراعاة طبيعة هذه القواعد، وهي أنها قواعد كلية وليست نصوصاً خاصة بمسائل معينة؛ ولها شروطها واستثناءاتها؛ فيراعى في تطبيقها على الوقائع الخاصة الطبيعة الكلية لهذه القواعد وما يرد على كل قاعدة من شروط واستثناءات. ومتى روعيت تلك الضوابط فيكون الحكم المستمد من هذه القواعد الكلية - فيما لم يرد فيه نص نظامي - مقدماً على الحكم المستمد من اجتهاد فقهي لا يستند على أي من تلك القواعد ؛ وفق ما بينته المادة الأولى من هذا النظام. وفيما يأتي شرح هذه القواعد:
شرح القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها.
يقصد بهذه القاعدة أن الحكم الذي يترتب على أمر من فعل أو قول يكون بمقتضى المقصود منه؛ والأصل في هذه القاعدة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) (15)؛ فإرادة الشخص ذات أثر فيما يترتب على تصرفه من أحكام، فلا تؤخذ الألفاظ أو الأفعال مجردة عما يحتف بها من دلالات تكشف عن نية الشخص ومقصوده. (15) متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه
شرح القاعدة الثانية: العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الأولى، ويقصد بها أن العبرة في العقود بالمقاصد التي عينتها دلالة الحال والقرائن التي توجد في عقد قد يكون المتعاقدان استخدما فيه ألفاظاً يترتب عليها آثار عقد معين، إلا أن القرائن دلت على توجه إرادتهما إلى حكم عقد آخر؛ فتجري عليه أحكام ذلك العقد ؛ لأن المعتبر هو نية المتعاقدين المشتركة التي دلت عليها ظروف التعاقد بينهما، ومن أمثلة ذلك الهبة الساترة لعقد البيع؛ فالعقد تجري عليه أحكام البيع ولو سمي هبة. وغني عن البيان أن المراد بالمقاصد في هذه القاعدة هو ما دلت عليها ظروف التعاقد، وليس ما يستتر منها في النفوس ولا يوجد ما يدل عليها.
شرح القاعدة الثالثة: العادة مُحكمة.
العادة والعرف الواردان في هذه القاعدة والقواعد الكلية الآتية بمعنى واحد؛ حيث التزم النظام بالصياغات الأشهر للقواعد ؛ فلفظ "العادة" أو "العرف" في هذه القواعد يشمل العرف المستقر بين الناس، وهو الأمر المتكرر الذي اعتاد عليه الناس واستقر عليه التعامل فيما بينهم، وهو قد يكون عاماً بين الناس أو خاصاً في فئة أو منطقة معينة، كما يشمل العادة الجارية بين طرفين وإن لم تكن عرفاً عاماً أو خاصاً. ومعنى محكمة أي مقضي بها، بحيث يرجع إليها عند النزاع، ويقدم العرف الخاص على العرف العام، كما تقدم العادة الجارية بين طرفين على العرف. ويشترط للرجوع إلى العرف أو العادة أ- أن يكون مطرداً مستقراً. ب وأن يكون مقارناً للواقعة لا سابقاً عليها أو لاحقاً لها. ج- وألا يكون ممنوعاً بمقتضى نص نظامي. د وألا يكون المتعاقدان اتفقا على خلافه. والرجوع إلى العرف معتبر في مسائل كثيرة؛ كالتسليم والغبن والعيب، وما يعد جوهرياً وما لا يعد، والمدد التي لم يتفق على تحديد أجلها، وغيرها من المسائل.
شرح القاعدة الرابعة: التعيين بالعرف كالتعيين بالنص.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثالثة؛ فبينت أن التعيين بالعرف وهو يشمل العادة الجارية بين طرفين - يأخذ من حيث الإلزام به حكم التعيين المنصوص عليه عند عدمه، ويشمل التعيين في هذه القاعدة تعيين المحل أو المدة أو المتعاقد معه أو غير ذلك مما يمكن أن يعين بنص. ويشترط لإعمال القاعدة توفر شروط العرف التي سبق بيانها في القاعدة الثالثة، ومنها ألا يكون المتعاقدان اتفقا على خلافه، $yi_{s}$ يكون ممنوعاً بنص نظامي.
شرح القاعدة الخامسة: المعروف عرفا كالمشروط شرطًا.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثالثة؛ فبينت أن ما جرى به الع عرف من الالتزامات في العقود ومن ذلك ما جرت عليه عادة المتعاقدين فيما بينهما يكون في قوة المشروط في العقد متى تحققت شروط الأخذ بالعرف التي سبق بيانها في شرح تلك القاعدة، ويعد ذلك اتفاقاً ضمنياً بين المتعاقدين مصدره العرف أو العادة الجارية بينهما وإن لم يكن مصرحاً به في العقد. وتطبيقاً لهذه القاعدة فالذي سار عليه النظام أنه إذا لم يقيد لفظ الاتفاق في النص النظامي بأن يكون صريحاً بين المتعاقدين؛ فإن حكم ذلك النص يشمل الاتفاق الصريح والاتفاق الضمني بمقتضى عرف أو عادة جارية بين المتعاقدين، ومن ذلك ما إذا قيد النص النظامي بعبارة "ما" لم يتفق على خلافه فهو يشمل الاتفاق الضمني بمقتضى العرف أو العادة الجارية بين المتعاقدين؛ مع مراعاة شروط الأخذ بالعرف التي سبق بيانها في القاعدة الثالثة، وذلك دون حاجة للنص على العرف في كل موضع اكتفاء بما قررته هذه القاعدة؛ وبما قررته المادة (۳۳) من هذا النظام من أن تعبير المتعاقد عن إرادته يصح أن يكون صريحاً أو ضمنياً؛ إذ إن جريان العرف أو عادة المتعاقدين على أمر معين يعد اتفاقاً ضمنياً بينهما على الأخذ به إذا لم يصرحا بخلافه.
شرح القاعدة السادسة: الممتنع عادة كالممتنع حقيقة.
الممتنع حقيقة هو الذي لا يمكن وقوعه، والممتنع عادة هو الذي لا يعهد وقوعه وإن كان فيه احتمال عقلي بعيد؛ فيأخذ حكم الممتع حقيقة، ومن ذلك المسائل التي علق فيها الحكم على تعذر أمر ، كسقوط الفسخ بالعيب إذا رتب المشتري على المبيع حقاً للغير لا يخرجه عن ملكه وتعذر تخليصه خلال مدة معقولة، وجواز الصلح ولو كان الحق الذي يشمله مجهولاً إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم وتعذر العلم به في مدة قريبة، وغيرها من المسائل.
شرح القاعدة السابعة: اليقين لا يزول بالشك.
هذه إحدى القواعد الفقهية الكبرى، والمراد بها أن الأمر المتيقن، وهو الذي لا تردد فيه لا يرتفع بمجرد طروء الشك، وهو الأمر المحتمل ؛ لأن الأضعف لا يقوى على إزالة ما هو أقوى منه. ويأخذ الظن الغالب الذي يقرب من اليقين حكمه. وهذه القاعدة يندرج تحتها فروع كثيرة، ومنها قواعد استصحاب الأصل وفق ما سيأتي بيانه.
شرح القاعدة الثامنة: الأصل بقاء ما كان على ما كان.
هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة اليقين لا يزول بالشك"، ويقصد بالأصل هنا استصحاب ما كان عليه الأمر في الماضي إلى الوقت الحاضر حتى يأتي ما يرفع حكم الأصل، فمثلاً: الأصل في الشيء بقاؤه في ملك صاحبه حتى يثبت العكس، والأصل في العقد بقاؤه حتى يثبت زواله.
شرح القاعدة التاسعة: الأصل براءة الذمة.
هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة " اليقين لا يزول بالشك" ، وتقرر هذه القاعدة أن ذمة الشخص خالية من أي التزام تجاه الغير حتى يثبت العكس بموجب عقد أو التزام بإرادة منفردة أو الفعل الضار أو إثراء بلا سبب أو النظام، وإذا ثبت الالتزام بقدر معين تكون ذمة الشخص بريئة عما زاد عنه حتى يثبت العكس.
شرح القاعدة العاشرة الأصل في العقود والشروط الصحة واللزوم.
تقرر هذه القاعدة مبداً مهماً في العقود، وهو أن الأصل فيها حرية التعاقد؛ فلا يشترط أن يكون التعاقد وفق صيغة معينة، سواء أكان عقداً مفرداً أم مركباً من عدة عقود، وللمتعاقدين أن يتفقا على ما يرتضيانه من الشروط، وتكون صحيحة وملزمة لهما، ولو لم تكن تلك الشروط منصوصاً على صحتها في النظام، وهذه القاعدة تستند إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (16) ، فالآية الكريمة تفيد العموم بوجوب الوفاء بالعقد وما تضمنه من التزامات. ولا يستثنى من عموم القاعدة إلا ما اقتضى النظام بطلانه من العقود أو الشروط؛ بمقتضى نص نظامي يمنعه أو لمخالفته النظام العام، مثل عقد القمار، والشروط التي منعها النظام حماية لاستقرار التعامل كمنع الاتفاق على خلاف ما قرره النظام في الظروف الاستثنائية العامة، وما عدا ذلك فهو صحيح وملزم للمتعاقدين.
شرح القاعدة الحادية عشرة: التصرف على الرعية منوط بالمصلحة.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، والمراد بها أن كل تصرف يصدر عن ولي الأمر أو من في حكمه من مسؤولي الدولة في شأن عام يجب أن يقصد به تحقيق المصلحة العامة، فليس لولي الأمر أن يتصرف بحكم سلطته إلا وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، وحسبما تقتضيه الموازنة بين المصالح والمفاسد؛ فلو كان هناك مصلحة عامة، ومعها مفسدة خاصة؛ فإن العبرة بالمصلحة العامة، ولا يلتفت إلى المفسدة الخاصة. والأصل في هذه القاعدة قول النبي صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته). ومن ذلك أن يكون النظام قد قيد سلطة ولي الأمر في تقدير بعض المسائل، أو أن يكون له سلطة تقديرية؛ فإنه يجب عليه أن يتقيد في تصرفه بالمصلحة العامة، ولا يجوز له أن يحابي أحداً أو ينفذ رغبات شخصية لا تتفق مع المصلحة العامة.
شرح القاعدة الثانية عشرة: الخراج بالضمان.
الخراج هو الغلة التي تكون للشيء، والضمان هو تبعة هلاك الشيء، وتتعلق هذه القاعدة بحقوق والتزامات المالك في عقود المعاوضات؛ فمن له الغنم فعليه الغرم، ومن له الغلة فعليه تبعة الهلاك، ومن ذلك أن المشتري للعقار تكون له غلته ونماؤه من وقت تسلمه له ولو لم يدفع الثمن، وعليه تبعة هلاكه، وتطبق هذه القاعدة على حالات انتفاع المشتري بالمبيع قبل قبضه إذا كان له خراج؛ كالأجرة التي يستوفيها إذا باعه ثم استأجره من المشتري، والورثة تكون لهم غلة التركة ونماؤها من تاريخ وفاة مورثهم، فعليهم تبعة هلاكها.
شرح القاعدة الثالثة عشرة: الغُنم بالغُرم.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من كان له غنم شيء؛ فله منفعته وله غلته ونماؤه، فعليه غرمه؛ وهو ضرره وتبعة هلاكه، وتدل على ذلك عدد من النصوص الشرعية، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الخراج بالضمان) ، وهي قريبة المعنى من القاعدة الثانية عشرة، وترد مورد التوضيح والتأكيد على ما جاء فيها.
شرح القاعدة الرابعة عشرة: التابع تابع.
المراد بهذه القاعدة أن التابع لا ينفرد بالحكم، وله فروع كثيرة، منها أن التابع يتبع المتبوع في صحته وفساده وفي لزومه وعدم لزومه، ففرع الشجرة تابع لأصلها في الحكم، ومن ذلك تبعية منافع المبيع لملكيته، وتبعاً لذلك فإن تصرف المالك يلحق أصل الشيء وما يتبعه، وما يعد تابعاً للشيء يتبعه في البيع وغيره من التصرفات ولو لم ينص على تبعيته، ومن ذلك تبعية العيوب في المبيع والتصرفات الواردة على أصله، ومن أمثلة فروع هذه القاعدة أن بيع الأرض يشمل المزروعات التي لم يشتد عودها، وبيع الأثاث يشمل مفاتيح الدواليب وبيع البستان يشمل أشجاره، كما أن بيع الحيوان يشمل ما تحمله.
شرح القاعدة الخامسة عشرة: إذا سقط الأصل سقط الفرع.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة؛ وتقرر أنه إذا سقط الأصل، وهو المتبوع سقط الفرع، وهو التابع، ومن ذلك أن فسخ البيع يتضمن سقوط الفوائد، وسقوط الرهن بانقضاء الالتزام المضمون به.
شرح القاعدة السادسة عشرة: الضرورة تُقدر بقدرها.
من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما جاز فعله بسبب الضرورة يتحدد بقدر هذه الضرورة دون مجاوزتها؛ لأن الضرورة لا تبطل الحقوق؛ وإنما تبيح فعل ما هو محرم شرعاً بقدرها، وقد يكون ذلك الفعل ضرراً، ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه، ومن ذلك أيضاً أن إيداع الشيء لدى الغير على سبيل الأمانة إذا كان للمودع لديه مصلحة في الإيداع فإنه يلتزم بالمحافظة عليه.
شرح القاعدة السابعة عشرة: الضرورات تبيح المحظورات.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الحاجات الملجئة التي لا يمكن للشخص دفعها تبيح له ارتكاب ما كان محرماً في الأصل من الأفعال، ويرفع الإثم عن مرتكبه. ويدخل في معنى الضرورات الحاجات العامة التي تمس جميع الناس؛ ومن ذلك ما إذا اضطر شخص لتجاوز الحدود النظامية في تصرفه لدرء خطر محدق به أو بغيره، ومن ذلك أيضاً ما إذا اضطر إلى القيام بأعمال لا يجيزها النظام في الظروف العادية للمحافظة على نفسه أو ماله أو غيره، ويشترط لإعمال هذه القاعدة ما يلي: أ- أن تكون الضرورة ملجئة. ب أن لا يتوفر ما يدفع الضرورة إلا بارتكاب المحظور. ج- وأن يكون ارتكاب المحظور مما يزيل الضرر أو يدفعه.
شرح القاعدة الثامنة عشرة: الضرر لا يزال بمثله.
هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة "الضرر يزال" الآتية، وتقرر هذه القاعدة أن إزالة الضرر يجب أن تكون بطرق لا يترتب عليها إيقاع ضرر مساو أو أشد؛ فإنه يدفع بالشيء الذي يزيل الضرر، فإن كان الضرر مساوياً أو أشد؛ فإنه لا يدفع به، بل يبقي الضرر الأول. ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه.
شرح القاعدة التاسعة عشرة: الضرر لا يكون قديماً.
تقرر هذه القاعدة أن الضرر غير القديم، وذلك بخلاف الأمور الأخرى كالعرف، أو الشيء الثابت في الملكية، ونحوه، وهو يقصد به أن الضرر لا يكون قديماً يستقر به الحق، بل الواجب إزالته، وإذا ثبت الضرر فلا يتقادم، فمن تضرر من فعل شخص آخر؛ فله أن يطالب بإزالة الضرر ولو طالت المدة، ولا يعارض ذلك ما جاء في هذا النظام من مدد لا تسمع الدعوى بعدها؛ لأنه يتعلق بالضرر الجديد الذي لم يعهد من قبل.
شرح القاعدة العشرون: الضرر يزال.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، وتقرر أن كل ضرر يجب رفعه وإزالته، وتدل على ذلك عدد من النصوص الشرعية، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) (17)، والضرر هو ما يلحق الشخص من أذى أو نقص في حقوقه، ولا يفرق النظام في إزالة الضرر بين أن يكون الضرر قديماً أو جديداً، عاماً أو خاصاً، والضرر يشمل الضرر المادي والمعنوي، والضرر المحقق والمحتمل الذي توجد دلائل قوية على وقوعه، ويشمل الضرر الذي يقع بفعل شخص أو الذي يقع بسبب مباشر من قبله، وذلك كتلوث البيئة، وقد يكون بسبب عدم قيام الشخص بما يجب عليه القيام به، وذلك كترك الطريق مبللاً بغير حاجة، وهو يشمل الأضرار التي تقع على النفس أو المال أو العرض أو غير ذلك.
شرح القاعدة الحادية والعشرون: الولايات تُقبل بالرأي لا بالهوى.
هذه القاعدة مستفادة من قاعدة "التصرف على الرعية منوط بالمصلحة"، ومعناها أن جميع الولايات في الدولة تخضع لمبدأ المصلحة العامة، فكل من تولى منصباً من المناصب في الدولة فعليه أن يراعي المصلحة العامة في تصرفاته وقراراته، وأن تكون هذه التصرفات والقرارات مبنية على رأي سديد يستند إلى المعطيات التي بين يديه، ولا تكون مبنية على هوىً شخصي، أو ميل إلى مصلحة خاصة، وتطبق هذه القاعدة على جميع من يتولى ولاية عامة أو خاصة؛ كالوصي والولي والناظر، وغيرهم، ومن ذلك أن الوصي عليه أن يراعي مصلحة القاصر في جميع تصرفاته المتعلقة به، والولي عليه أن يراعي مصلحة المولى عليه في جميع تصرفاته، وتكون مبنية على رأي سديد لا على هوىً شخصي.
شرح القاعدة الثانية والعشرون: المباشر ضامن ولو لم يتعمد.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من قام بالفعل بنفسه، أو قام به مباشرة؛ فإنه يضمن ما يترتب عليه من ضرر ولو لم يتعمد، ومن ذلك: أن الطبيب الذي أجرى عملية جراحية وترتب عليها ضرر؛ فإنه يضمن هذا الضرر ولو لم يتعمد إحداثه، والمالك الذي قام ببناء منزل وترتب عليه ضرر؛ فإنه يضمن هذا الضرر ولو لم يتعمد إحداثه، ويستثنى من ذلك ما إذا كان هناك سبب آخر للضرر، أو كان هناك قوة قاهرة، أو كان هناك سبب خارج عن إرادته.
شرح القاعدة الثالثة والعشرون: المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد أو التعدي.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثانية والعشرين، ومعناها أن من كان سبباً في الضرر؛ فإنه لا يضمن إلا إذا تعمد إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ، فإذا لم يتعمد، ولم يكن في فعله تعدٍ؛ فإنه لا يضمن، ومن ذلك: أن من حفر بئراً في ملكه ومر شخص وسقط فيه، فإنه لا يضمن إلا إذا تعمد إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ كأن يكون حفر البئر في مكان عام، أو في مكان خاص وتركه مفتوحاً دون حراسة.
شرح القاعدة الرابعة والعشرون: إذا اجتمع المباشر والمتسبب؛ أضيف الحكم إلى المباشر.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين، ومعناها أنه إذا اجتمع فعل مباشر، وفعل متسبب؛ فإن الحكم يضاف إلى المباشر، ويكون هو الضامن، ولا يلتفت إلى المتسبب، ومن ذلك: أن من ألقى حجراً على طريق، فمر شخص وتعثر وسقط، فإنه يضمن الساقط، ولا يلتفت إلى من ألقى الحجر، وإذا تعمد المتسبب إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ فإنه يضمن مع المباشر.
شرح القاعدة الخامسة والعشرون: الجواز الشرعي ينافي الضمان.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من فعل ما هو جائز شرعاً؛ فإنه لا يضمن ما يترتب على فعله من ضرر، ومن ذلك: أن من قام ببيع سلعة، وترتب عليها ضرر للمشتري؛ فإنه لا يضمن هذا الضرر، ما لم يكن هناك غش أو تدليس منه، وأن يكون البيع جائزاً شرعاً، وتطبق هذه القاعدة على جميع العقود والتصرفات التي تكون جائزة شرعاً.
شرح القاعدة السادسة والعشرون: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما كان وسيلة للواجب؛ فإنه يكون واجباً، ومن ذلك: أن أداء الصلاة واجب، والوضوء وسيلة لأداء الصلاة؛ فإنه يكون واجباً، وتطبق هذه القاعدة على جميع الواجبات الشرعية، ومنها الواجبات النظامية، ومن ذلك: أن على الشخص أن يلتزم بالأنظمة والتعليمات التي تصدر عن الجهات الحكومية، وأن تكون هذه الالتزامات وسيلة لتحقيق المصلحة العامة.
شرح القاعدة السابعة والعشرون: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن دفع الضرر، ورفع المفاسد مقدم على جلب المنافع، وتحقيق المصالح، ومن ذلك: أن إزالة الأضرار البيئية مقدم على جلب المنافع الاقتصادية التي تترتب على النشاطات التي تسبب هذه الأضرار، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالمصالح والمفاسد، ومنها المسائل النظامية.
شرح القاعدة الثامنة والعشرون: يُغتفر في التوابع ما لا يُغتفر في غيرها.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع الذي لا ينفرد بالحكم يُغتفر فيه ما لا يُغتفر في غيره، ومن ذلك: أن العيوب اليسيرة في المبيع التي لا تؤثر في قيمته، ولا تمنع الانتفاع به، تُغتفر، ولا يترتب عليها خيار للمشتري، وتطبق هذه القاعدة على جميع التوابع في العقود والتصرفات، ومنها التوابع في الأموال، والتوابع في العقارات.
شرح القاعدة التاسعة والعشرون: إذا تعارض المانع والمقتضي؛ يُقدم المانع.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أنه إذا تعارض ما يمنع من فعل الشيء، وما يقتضي فعل الشيء؛ فإنه يُقدم المانع، ومن ذلك: أن من كان لديه مانع من أداء الصلاة؛ فإنه يُقدم المانع، ولا يؤدي الصلاة، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالمانع والمقتضي، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من كان لديه مانع من إبرام عقد؛ فإنه يُقدم المانع، ولا يبرم العقد.
شرح القاعدة الثلاثون: التابع لا يتقدم على المتبوع.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع لا يتقدم على المتبوع، ومن ذلك: أن الفرع لا يتقدم على الأصل في الإرث، والوصي لا يتقدم على الولي في التصرف في مال القاصر، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالتابع والمتبوع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الفرع لا يتقدم على الأصل في الأخذ بالحقوق، والالتزام بالواجبات.
شرح القاعدة الحادية والثلاثون: التابع لا يستقل بالفسخ.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع لا يستقل بفسخ العقد، ومن ذلك: أن الفرع لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الأصل، والوصي لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الولي، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالتابع والمتبوع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الفرع لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الأصل، والوصي لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الولي.
شرح القاعدة الثانية والثلاثون: الرضا ببعض الشيء رضا بكله.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من رضي ببعض الشيء؛ فإنه يكون راضياً بكله، ومن ذلك: أن من رضي ببعض شروط العقد؛ فإنه يكون راضياً بكامل شروطه، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالرضا، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من رضي ببعض أحكام النظام؛ فإنه يكون راضياً بكامل أحكامه.
شرح القاعدة الثالثة والثلاثون: الجهالة لا تمنع العلم.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن جهالة الشيء لا تمنع العلم به، ومن ذلك: أن جهالة قدر الدين لا تمنع العلم به، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالجهالة، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن جهالة قدر الضرر لا تمنع العلم به.
شرح القاعدة الرابعة والثلاثون: ما جاز لضرورة يقدر بقدرها.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة السادسة عشرة، ومعناها أن ما جاز فعله بسبب الضرورة يتحدد بقدر هذه الضرورة دون مجاوزتها؛ لأن الضرورة لا تبطل الحقوق؛ وإنما تبيح فعل ما هو محرم شرعاً بقدرها، وقد يكون ذلك الفعل ضرراً، ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه، ومن ذلك أيضاً أن إيداع الشيء لدى الغير على سبيل الأمانة إذا كان للمودع لديه مصلحة في الإيداع فإنه يلتزم بالمحافظة عليه.
شرح القاعدة الخامسة والثلاثون: الممنوع شرعاً كالممنوع حقيقة.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما كان ممنوعاً شرعاً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة، ومن ذلك: أن البيع الربوي ممنوع شرعاً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالممنوع شرعاً، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن ما كان ممنوعاً نظاماً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة.
شرح القاعدة السادسة والثلاثون: الظاهر حجة شرعاً.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الظاهر الذي لا يعارضه دليل؛ فإنه يكون حجة شرعاً، ومن ذلك: أن الظاهر من العقود صحتها؛ فإنه يكون حجة شرعاً، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالظاهر، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الظاهر من المستندات صحتها؛ فإنه يكون حجة شرعاً.
شرح القاعدة السابعة والثلاثون: المباشر مع المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد أو التعدي.
هذه القاعدة متفرعة عن القاعدتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين، ومعناها أنه إذا اجتمع فعل مباشر، وفعل متسبب؛ فإن الحكم يضاف إلى المباشر، ويكون هو الضامن، ولا يلتفت إلى المتسبب، ومن ذلك: أن من ألقى حجراً على طريق، فمر شخص وتعثر وسقط، فإنه يضمن الساقط، ولا يلتفت إلى من ألقى الحجر، وإذا تعمد المتسبب إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ فإنه يضمن مع المباشر.
شرح القاعدة الثامنة والثلاثون: الرجوع في المبيع لا يُوجب الغرم.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن رجوع البائع في المبيع لا يُوجب عليه الغرم، ومن ذلك: أن البائع إذا رجع في المبيع بسبب عيب فيه؛ فإنه لا يُوجب عليه الغرم، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالرجوع في المبيع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الرجوع في العقار لا يُوجب الغرم.
شرح القاعدة التاسعة والثلاثون: إذا تعذر الأصل يُصار إلى البدل.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الأصل إذا تعذر؛ فإنه يُصار إلى البدل، ومن ذلك: أن من تعذر عليه أداء الدين عيناً؛ فإنه يُصار إلى البدل، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بتعذر الأصل، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من تعذر عليه تنفيذ الالتزام عيناً؛ فإنه يُصار إلى البدل.
شرح القاعدة الأربعون: من سعى في نقض ما تم من جهته؛ فسعيه مردود عليه.
يقصد القاعدة أن من أبرم أمراً بإرادته واختياره، ثم أراد نقض ما تم بلا عذر لم يقبل سعيه، بل يكون سعيه مردودا عليه، ومن ذلك: أن من أبرم عقداً بإرادته واختياره، ثم أراد نقض العقد بلا عذر؛ فإنه لا يقبل سعيه، بل يكون سعيه مردودا عليه، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بنقض ما تم، ومنها المسائل النظامية.
شرح القاعدة الحادية والأربعون: الجهالة لا تمنع العلم بالقدر.
هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن جهالة قدر الشيء لا تمنع العلم به، ومن ذلك: أن جهالة قدر الدين لا تمنع العلم به، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالجهالة، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن جهالة قدر الضرر لا تمنع العلم به.