المادة السادسة والستون بعد الثلاثمائة
الهبة عقد يُملِّكُ بمقتضاه الواهبُ حال حياته الموهوب له مالاً دون عوض.
مواد ذات علاقة
شرح المادة 366
بينت المادة تعريف عقد الهبة، ومن هذا التعريف تتبين خصائص العقد، وهي: أولاً: أنه عقد تمليك فالواهب يملك الموهوب بمقتضى عقد الهبة إلى الموهوب له، والموهوب قد يكون حقاً عينياً كحق ملكية أو انتفاع أو ارتفاق، أو حقاً شخصياً كما في حوالة الحق إذا كانت بلا عوض، وهذا ما يميز عقد الهبة عن عقود التبرعات الأخرى التي ليس فيها تمليك، كالإعارة والإيداع أو الوكالة بلا أجر. والتعبير في التعريف بـ "التمليك" يقتضي أن عقد الهبة بهذا الخصوص كعقد البيع، فهو من حيث الأصل يقتضي انتقال ملكية الموهوب المعين بالذات بمجرد انعقاده. ويخرج عن هذا الأصل: أ- الموهوب المعين بالنوع فلا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه. ب ما يشترط النظام لانتقال ملكيته إجراء معيناً؛ فلا يكفي لانتقال ملكيته انعقاد العقد بل لابد من استكمال ذلك الإجراء. ج- إذا عُلق انتقال ملكية الموهوب على شرط واقف لم تنتقل إلا به. فعقد الهبة في هذه الحالات الثلاث لا يفيد انتقال الملك بل يرتب التزاماً على الواهب بنقل ملكية الموهوب. ثانياً: أن التمليك يكون في حال الحياة؛ فعقد الهبة بين الأحياء، وهذا ما يميزه عن الوصية. ثالثاً: أن التمليك بلا عوض؛ فعقد الهبة من عقود التبرع؛ إذ هو افتقار محض من جهة الواهب، وإثراء محض من جهة الموهوب له، وهذا ما يميز عقد الهبة عن عقود التمليك الأخرى كالبيع والمقايضة والصلح؛ فهي عقود معاوضة، وما يميزه أيضاً عن عقد القرض؛ فالقرض فيه تمليك للمال ولكنه ليس افتقاراً محضاً؛ لأن المقترض يلتزم برد بدل القرض في نهاية العقد، ومع ذلك يجوز للواهب أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين كما سيأتي في المادة (367). ومتى استوفى العقد الخصائص السابقة فهو عقد هبة، ولا يخرجه عن ذلك الغرض الذي من أجله تم التبرع؛ فقد يكون لغرض التقرب إلى الله ويسمى صدقة، أو لغرض التودد والمحبة ويسمى هدية. والنص في التعريف على أن الهبة عقد يؤكد سريان القواعد العامة للعقد على عقد الهبة إلا ما استثني منها؛ وبناء على ذلك: 1 - لا تنعقد الهبة إلا بالإيجاب والقبول، واشتراط شروط إضافية لعقد الهبة شكلية أو عينية لا يلغي توقف الانعقاد على الإيجاب والقبول، وتجري على الإيجاب والقبول الأحكام المقررة لها في العقد، فيصحان صراحة أو ضمناً؛ ومن ذلك أن يدل إقباض المنقول وقبضه على قصد الهبة فتنعقد بذلك دون حاجة للفظ. 2 - يشترط في المتعاقدين أهلية التعاقد ؛ فلا تصح الهبة من الصغير المميز إذا لم تتضمن التزاماً فيه نفع له، فإن تضمنت التزاماً على الموهوب له فيه نفع للواهب وهو صغير مميز فتكون صحيحة وقابلة للإبطال لمصلحته، وأما قبول الصغير المميز للهبة المحضة فيصح، وإذا تضمنت التزاماً عليه فيصح قبوله ويكون العقد قابلاً للإبطال لمصلحته. 3 - إذا تم الوعد بالهبة فلا يكون الوعد ملزماً إلا إذا عُيّنت المسائل الجوهرية والمدة التي يجب إبرام عقد الهبة فيها، وتوفرت شروط عقد الهبة عند إنشاء الوعد بما في ذلك شرط توثيق الوعد وفق أحكام النظام، ولا يغني توثيق الوعد عن توثيق عقد الهبة عند إبرامه تنفيذاً للوعد أو قبض الموهوب إذا كان منقولاً. 4- يشترط في الموهوب ما يشترط في المحل، وهو أن يكون ممكناً في ذاته، وألا يكون مخالفاً للنظام العام، وأن يكون معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره أو قابلاً للتعيين. 5- تجري على عقد الهبة عيوب الرضى، ويكون العقد بها قابلاً للإبطال. 6- تترتب آثار عقد الهبة فور انعقاده؛ فليس لأي من المتعاقدين نقض العقد أو تعديله إلا بالاتفاق أو بنص النظام، فلو تم توثيق عقد الهبة دون قبض، أو تم القبض في هبة المنقول دون توثيق، فليس للواهب الرجوع في هبته إلا في الحالات المبينة في النظام.