المادة الخامسة بعد الثلاثمائة
١- لا يجوز الاتفاق على تقصير مدة عدم سماع الدعوى، ولا على إطالتها.
٢- لا يجوز أن يُسقط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى قبل ثبوت هذا الحق له.
٣- إسقاط المدين حقه في التمسك بعدم سماع الدعوى تجاه بعض دائنيه لا ينفذ في حق الباقين إذا كان مضرّاً بهم.
مواد ذات علاقة
شرح المادة 305
تناولت المادة في فقراتها الثلاث حكم الاتفاق على تقصير مدة التقادم أو إطالتها، وحكم نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم. فجاءت الفقرة الأولى لتقرر عدم جواز الاتفاق على تقصير مدة التقادم أو إطالتها، سواء كان هذا الاتفاق عند نشوء الدين أو بعد نشوئه، وهذا الاتفاق إن وقع يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً؛ فللمحكمة من تلقاء نفسها ودون طلب من أحد الخصوم إبطاله وعدم سريانه وتطبق على الدعوى المنظورة أمامها مدة التقادم المنصوص عليها في النظام متى تمسك بها المدين أو ذو المصلحة. والحكمة من هذا أن تعيين مدة التقادم أمر يتعلق بالنظام العام، وراعى المنظم في تعيينها اعتبارات تتعلق بالصالح العام واستقرار المعاملات وطبيعة الديون والعلاقات بين أطرافها، وترك تعيين هذه المدة لاتفاق الأطراف يتنافى مع الغاية التي قصدها المنظم من تعيين هذه المدد. وجاءت الفقرة الثانية لتبين عدم جواز نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم قبل ثبوت حقه فيه؛ فهذا النزول يعد باطلاً ؛ لمخالفته للنظام العام؛ فللمحكمة من تلقاء نفسها ألا تعمل أثره وأن تقبل دفع المدين أو ذي المصلحة بعدم سماع الدعوى للتقادم. ووفقاً لما تضمنته المادة؛ إذا كان نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم بعد انقضاء مدة التقادم فإنه يكون صحيحاً وملزماً للمدين لا يستطيع الرجوع فيه؛ إذ هو تصرف من جانب واحد لا يتوقف على قبول الدائن. ولم تشترط الفقرة لصحة النزول عن التمسك بالتقادم متى كان بعد ثبوت الحق فيه أن يكون صريحاً؛ وعلى هذا فيصح أن يكون النزول صريحاً، ولا يشترط له شكل معين، فقد يكون مكتوباً أو مشافهة، كما يصح أن يكون ضمنياً يستخلص من تصرفات المدين، إلا أن هذا النزول لا يفترض إذ الأصل عدمه، ولذا فإنه في حال الشك يفسر لمصلحته؛ لأنه من يتحمل عبء هذا النزول. ولا يعد مجرد تأخر المدين في الدفع بالتقادم في مواجهة دعوى ترفع ضده نزولاً ضمنياً منه عن الدفع به ما لم يستخلص من ظروف تأخره عن الدفع به نزوله عنه؛ وإلا فإن للمدين الحق في أن يدفع بالتقادم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى. ومن أمثلة النزول الضمني سداد المدين جزءاً من الدين وطلبه الإمهال لسداد الباقي، أو تقديمه رهناً أو كفيلاً للدين بعد انقضاء مدة التقادم. ويترتب على النزول عن التمسك بالتقادم سريان مدة جديدة تبدأ من تاريخ هذا النزول، وتكون المدة الجديدة بحسب طبيعة الدين؛ فإن كان مما يتقادم بعشر سنوات فتكون المدة الجديدة كذلك، وإذا كان من الحقوق الدورية المتجددة فتكون المدة الجديدة خمس سنوات، وإذا كان من الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (٢٩٦) أو الواردة في المادة (۲۹۷) وهي حقوق أصحاب المهن الحرة وحقوق التجار وأصحاب منشآت الإيواء والمطاعم وحقوق الأجراء، فتكون المدة الجديدة عشر سنوات؛ لانتفاء قرينة الوفاء التي كانت مبرراً لتقصير تقادم هذه الحقوق. وتجدر الإشارة إلى أن المدين قد ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم أثناء سريان مدة التقادم، وهذا النزول يكون صحيحاً فيما يتعلق بالمدة التي انقضت؛ لأنه نزول عن حق ثبت له؛ ويكون باطلاً فيما يتعلق بالمدة الباقية لاكتمال التقادم؛ لأنه نزول عن مدة مستقبلة لم يثبت للمدين حق فيها؛ ومن ثم تزول المدة التي انقضت بالنزول عنها، ولا يعتد بها في حساب التقادم ويبدأ تقادم جديد يسري من وقت النزول عن المدة التي انقضت، لا من وقت اكتمال التقادم السابق. وجاءت الفقرة الثالثة لتقرر أن نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم تجاه أحد الدائنين يسري من حيث الأصل في حق بقية الدائنين، ويستثنى من ذلك أن يكون في هذا النزول إضرار ببقية الدائنين، كما لو كان يترتب على هذا النزول أن أموال المدين لا تكفي السداد جميع الديون المستحقة عليه إذا ضم له الدين الذي نزل عن التمسك بتقادمه، ففي هذه الحالة يجوز لدائني المدين أن يطعنوا في هذا النزول عن طريق دعوى عدم نفاذ تصرفه في حقهم حتى إذا صدر الحكم لصالحهم تمسكوا بتقادم حق هذا الدائن عن طريق الدعوى غير المباشرة، وفق ما سيأتي بيانه في المادة التالية (٣٠٦).