المادة السادسة بعد المائة
١- يجوز التعاقد بشرط الخيار في العدول عن العقد، ولمن له الخيار حق العدول خلال المدة المعينة بشرط إعلام المتعاقد الآخر، فإذا عدل من له الخيار عُدَّ ذلك فسخاً للعقد، وإذا لم تعين مدة الخيار عينتها المحكمة بحسب العرف وظروف العقد.
٢- يسقط الخيار في العدول عن العقد بإسقاطه صراحة أو ضمناً ممن له الخيار، ويسقط بمضي مدة الخيار دون عدول، وإذا كان الخيار للمتعاقدين وسقط خيار أحدهما لم يسقط خيار الآخر.
مواد ذات علاقة
شرح المادة 106
تتناول هذه المادة سبباً ثانياً من أسباب فسخ العقد، وهو خيار الشرط؛ فقررت الفقرة الأولى جواز اتفاق المتعاقدين عند العقد على أن يكون لأحدهما أو لهما جميعاً أو لغيرهما حق الخيار في العدول عن العقد، مثل أن يتم البيع على أن يكون للبائع أو للمشتري أو لهما جميعاً أو للغير الحق في العدول عن العقد خلال عشرة أيام، وخيار الشرط يختلف عن الشرط الفاسخ في حال الإخلال بالالتزام الوارد في المادة (۱۰۸)؛ إذ الغرض من هذا الأخير أن يكون للدائن حق الفسخ في حال إخلال المدين دون حاجة لحكم قضائي بينما الغرض من خيار الشرط تروي المتعاقد والتأني قبل أن يكون العقد باتاً ولازماً في حقه، ولا علاقة لهذا الخيار بالإخلال، فلمن له الخيار أن يعدل عن العقد بمحض إرادته ولو لم يقع إخلال من الطرف الآخر؛ ولكن يشترط لصحة العدول إعلام المتعاقد الآخر في المدة المحددة للخيار، وبناءً عليه؛ فلا يترتب أي أثر على العدول ما لم يعلم به المتعاقد الآخر، وتبين الفقرة أن هذا العدول يعد فسخاً للعقد؛ والمراد أنه تترتب عليه آثار الفسخ من حيث زوال العقد بأثر رجعي وعود المتعاقدين إلى ما كانا عليه عند العقد، وليس المراد اشتراط الإعذار أو اشتراط وقوع الإخلال للعدول. وهذا مما يختلف به خيار الشرط عن العربون؛ ففي العربون لا يزول العقد عند العدول بأثر رجعي ولا يعود المتعاقدان إلى حالهما عند العقد بخلاف العدول في خيار الشرط. وخيار الشرط دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار) (8) ، فمن معاني صفقة الخيار أن يتفق المتعاقدان على الخيار لهما أو لأحدهما بعد التفرق والحكمة من مشروعيته كما سبق هي التروي فقد يحتاج المتعاقد لترتيب أموره أو تجربة المبيع قبل لزوم العقد في حقه. ومن تطبيقاته في هذا النظام البيع بشرط التجربة وفق ما ورد في المواد (۳۱۰-۳۱۲). ويستخلص من المادة عدد من الأحكام: 1 - لا يتقيد خيار الشرط بالعقود الفورية كالبيع، بل يصح كذلك في العقود الزمنية كالإيجار ولا يكون للعدول فيها أثر رجعي، ولا يتقيد كذلك بالعقود الرضائية، بل يصح حتى في العقود الشكلية والعينية، فإثبات حق العدول لا يمنع من الانعقاد. ٢ - يعد خيار الشرط التزاماً معلقاً على شرط فاسخ لا واقف، أي أن العقد يكون نافذاً من حين إبرامه، ومتى اختار من له الخيار العدول زال العقد بأثر رجعي، ولزم الدائن رد ما أخذه، أي أن أثر الفسخ يستند إلى الوقت الذي نشأ فيه العقد إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن أثر العدول إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط. وحكم المادة ليس من النظام العام فلو تبين من ظروف التعاقد توجه إرادة المتعاقدين إلى أن نفاذ العقد معلق على قبول من له الخيار ؛ فيصح ويكون العقد معلقاً على شرط واقف وهو قبول من له الخيار. ويبين ختام الفقرة أن المتعاقدين إذا اتفقا على الخيار ولم يحددا مدته؛ فلا يترتب على ذلك بطلان العقد؛ بل العقد صحيح، وتتحدد المدة بحسب العرف وظروف التعاقد؛ فإذا اختلفا في تحديدها وفقاً لذلك تولت المحكمة تحديدها؛ وذلك لأن توجه إرادة المتعاقدين حال الاتفاق على حق الخيار دون تحديد مدته يدل على أنهما قصدا تحديدها بالعرف وظروف التعاقد؛ وهذا لا يعدو أن يكون تفسيراً لإرادة المتعاقدين وفقاً لما يقتضيه التعامل وطبيعة العقد. ويتضح من الفقرة أن مدة خيار الشرط لا تتقيد بحد معين، فيجوز الاتفاق على أي مدة ولو طالت. وتبين الفقرة الثانية من المادة حالتين يسقط فيهما خيار الشرط: الحالة الأولى: أن يصدر ممن له الخيار ما يدل على إسقاط حقه في الخيار سواء كان ذلك بتعبير صريح، مثل أن يقول: أسقطت حقي في الفسخ أو أمضيت العقد ونحو ذلك، أو بتعبير ضمني، مثل أن يتصرف في الشيء الذي وقع عليه العقد تصرفاً نظامياً؛ كأن يشتري شخص شيئاً معيناً بالذات بشرط الخيار ثم يبيعه أو يؤجره أو يهبه أو يرهنه خلال مدة الخيار ؛ فيعد ذلك إسقاطاً ضمنياً لحقه في العدول، وأما مجرد عرض الشيء للتعاقد؛ مثل أن يعرضه للبيع أو الإيجار ونحو ذلك دون أن يتم العقد فلا يسقط الخيار؛ إذ لا يرتقي هذا العمل ليكون قرينة على إسقاط هذا الحق. والحالة الثانية أن تمضي مدة الخيار دون أن يختار من له الخيار العدول؛ فيسقط حقه في العدول عن العقد، ويكون العقد باتاً لا يحق له العدول عنه، وهذا مما يختلف به أيضاً خيار الشرط عن العربون؛ فسكوت من له الخيار إلى انتهاء مدة الخيار يعد مسقطاً لخياره في العدول ويكون العقد في حقه باتاً، بينما سكوت دافع العربون حتى انتهاء مدة العدول يعد عدولاً منه عن العقد. ويقرر ختام هذه الفقرة أنه إذا كان الخيار للمتعاقدين فلا يترتب على سقوط خيار أحدهما سقوط خيار الآخر، ما لم يقتض العقد أو العرف خلاف ذلك، فالأصل استقلال حق كل واحد من المتعاقدين عن الآخر. ويجدر التنبه إلى أن ما تضمنته المادة من أحكام لا ينطبق على الأحكام النظامية المقررة حماية للمستهلك في أنشطة معينة يمنح المستهلك بموجبها حق إلغاء العقد أو الانسحاب منه خلال مدد معينة؛ مثل قواعد التمويل الاستهلاكي، والتعاملات الإلكترونية، وغيرهما، فحق الإلغاء أو الانسحاب هناك مصدره تلك القواعد بخلاف خيار الشرط فإن مصدره اتفاق المتعاقدين.