تخطَّ إلى المحتوى

المادة التاسعة بعد الخمسمائة

المادة التاسعة بعد الخمسمائة

١- يلتزم المودع لديه بأن يبذل في حفظ الوديعة العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص المعتاد، فإن كان الإيداع بأجر فعليه أن يبذل في حفظها عناية الشخص المعتاد.

٢- للمودع لديه أن يحفظ الوديعة بنفسه أو بمن يأتمنه على حفظ ماله ممن يعولهم؛ ما لم يكن الإيداع بأجر.

شرح المادة 509

تتناول المادة الالتزام الأول من التزامات المودع لديه، وهو حفظ الوديعة؛ فجاءت الفقرة الأولى لبيان مقدار العناية التي يلزم المودع لديه بذلها في حفظ الوديعة، وقد فرقت المادة بين الإيداع بأجر والإيداع بلا أجر على النحو الآتي:

أولاً: إن كان المودع لديه لا يتقاضى أجراً ؛ فالمعيار المعتبر هو المعيار الشخصي، وهو أنه لا يلزمه في حفظ الوديعة إلا ما يبذله في حفظ ماله الخاص إذا كانت هذه العناية هي دون عناية الشخص المعتاد، أما إذا كانت أعلى منها فلا يلزمه سوى عناية الشخص المعتاد. وما تضمنته الفقرة يعد استثناء بنص النظام لما تضمنته المادة (16) والتي نصها: "إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه، فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود، ما لم يقض نص نظامي بخلاف ذلك".

ثانياً: إن كان المودع لديه يتقاضى أجراً ؛ فالمعيار المعتبر هو المعيار الموضوعي، ولذلك أجري عليه القاعدة العامة التي تفرض على المدين عناية الشخص المعتاد، ويلحق بها ما إذا كان الإيداع في مصلحة المودع لديه وحده. وهذا التفريق يراعي العرف الذي لا يطلب من المتبرع بالحفظ عناية مماثلة للتي يطلبها ممن يأخذ عليها أجراً ويمتهن القيام بها.

وجاءت الفقرة الثانية بتطبيق للفرق بين نوعي العناية المطلوبة من المودع لديه؛ فبينت أنه إذا كان الإيداع بلا أجر فللمودع لديه أن يحفظ الوديعة بنفسه أو بمن يأتمنه على حفظ ماله ممن يعولهم من أهل بيته ؛ إذا اقتضى الأمر ذلك، ولو بلا إذن المودع ولا يعد المودع لديه بذلك مقصراً في حفظ الوديعة ؛ إذ لا يكلف المودع لديه بلا أجر أكثر من العناية التي يبذلها في حفظ ماله، وهذه منها، والمسوغ للعدول عن غلبة الاعتبار الشخصي في عقد الإيداع في هذه الصورة هو دلالة الحال ؛ فالمودع إذا لم يشترط على المودع لديه أن يحفظها بنفسه وكان الإيداع بلا أجر فقد عد النظام ذلك قرينة على قبول المودع ضمناً أن يحفظ المودع لديه الوديعة بالطريقة التي يحفظ بها ماله، ومن ذلك إذا كان من حاله أن يحفظ ماله عند من يعولهم ؛ ولذا جاء التعبير في هذه المادة ب"الحفظ" لا "الإيداع" خلافاً للمادة (510) ؛ للدلالة على أن حفظها لدى من يعوله إنما هو عمل مادي من مقتضيات حفظه هو ، ولا يعد تصرفاً نظامياً بالإيداع لدى الغير. وبينت الفقرة أنه إذا كان الإيداع بأجر فليس للمودع لديه أن يحفظ الوديعة لدى من يأتمنه على حفظ ماله ممن يعولهم ؛ لأن المطلوب من المودع لديه في هذه الحالة عناية الشخص المعتاد؛ وليس ذلك منها.

وهذه الأحكام ليست من النظام العام؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على تعديلها سواء بزيادة مسؤولية المودع لديه أو إنقاصها أو الإعفاء منها ؛ فمثال الزيادة أن يشترط المودع عناية الشخص المعتاد ولو كان الإيداع بلا أجر، ومثال الإنقاص أن يشترط المودع لديه عناية مثله في الإيداع بأجر، ومثال الإعفاء أن يشترط المودع لديه عدم مسؤوليته عن خطئه ؛ فيصح جميع ذلك ما لم يكن عن غش أو خطأ جسيم تطبيقاً للمادتين (173, 174) من القواعد العامة ، وإذا حصل الشك في تفسير أي شرط فيفسر في مصلحة من يتحمل عباه؛ ففي حال اشتراط زيادة المسؤولية يفسر الشك لمصلحة المودع لديه، وأما في حال الحد أو الإعفاء من المسؤولية فيفسر الشك لمصلحة المودع؛ تطبيقاً للمادة (104).