تخطَّ إلى المحتوى

المادة التاسعة عشرة بعد الأربعمائة

المادة التاسعة عشرة بعد الأربعمائة

١- يلتزم المؤجر بالإصلاحات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحاً للانتفاع، بما في ذلك إصلاح أي خللٍ في المأجور يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة.

٢- إذا تأخر المؤجر-بعد إعذاره- عن القيام بالإصلاحات الواردة في الفقرة (١) من هذه المادة ودون إخلال بحق المستأجر في طلب الفسخ أو إنقاص الأجرة؛ فللمستأجر الحصول على إذن من المحكمة بالقيام بالإصلاحات، وله الرجوع على المؤجر بما أنفق بالقدر المتعارف عليه. ويجوز للمستأجر دون إذن المحكمة القيام بالإصلاحات واقتطاع نفقتها من الأجرة بالقدر المتعارف عليه إذا كانت من الأمور المستعجلة أو كانت يسيرة عرفاً، وعلى المستأجر في جميع الأحوال أن يقدم للمؤجر حساباً عما تم إصلاحه.

٣- يجوز للمؤجر والمستأجر الاتفاق على خلاف أحكام الفقرتين (١) و(٢) من هذه المادة.

شرح المادة 419

تتناول المادة الالتزام الثاني من التزامات المؤجر ؛ حيث قررت المادة (416) التزام المؤجر بتسليم المأجور وملحقاته في حال يصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة كاملة، وأن التسليم يكون بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور دون عائق حتى انقضاء مدة الإيجار، وتبعاً لذلك جاءت الفقرة الأولى من هذه المادة لتقرر التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحًا للانتفاع، ويدخل في ذلك إصلاح ما يلحق المأجور من خلل يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة، فالمؤجر يلزمه القيام بالإصلاحات الضرورية التي تمكن المستأجر من استيفاء المنفعة المقصودة من العقد، كإصلاح المصاعد وشبكة المياه والتمديدات الكهربائية وغير ذلك مما هو ضروري لاستيفاء المنفعة المقصودة، وأما الإصلاحات غير الضرورية كطلاء المأجور، أو تحسين واجهته؛ فلا يلزم المؤجر القيام بها. ولا يشمل التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية القيام بأعمال الصيانة المعتادة التي جرى العرف أن يقوم بها المستأجر ؛ ولو كانت لازمة للانتفاع بالمأجور؛ ولإيضاح ذلك ينبغي التميز بين ثلاثة أنواع من الإصلاحات: النوع الأول: الإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور، وهي الإصلاحات اللازمة لحفظ المأجور من خطر يتهدده، وتقتضي الاستعجال عادة، ويترتب على عدم القيام بها تعرض المأجور لهلاك أو تلف، كإصلاح حائط مائل، أو تقوية أساس واه، أو إيقاف تسريب في المياه يهدد سلامة المبنى، ونحو ذلك؛ فهذه الإصلاحات تلزم المؤجر وهي في الوقت ذاته حق له؛ فليس للمستأجر أن يمنعه من القيام بها وفق ما سيأتي في المادة (٤٣٤). والنوع الثاني: الإصلاحات الضرورية للانتفاع بالمأجور، وهي الإصلاحات الجوهرية اللازمة ليتمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور انتفاعاً كاملاً، وليست لازمة لحفظ المأجور من الهلاك أو التلف، مثل إصلاح أعطال المصاعد، وشبكة المياه إذا لم يكن فيها تسريب يهدد المبنى، ونحو ذلك؛ فهذه تلزم المؤجر ، ولكنها ليست حقاً له؛ فللمستأجر أن يمنع المؤجر عن القيام بها أثناء مدة الإيجار وفق ما سيأتي في شرح المادة (٤٣٤). والنوع الثالث الصيانة المعتادة، وهي الأعمال اللازمة للانتفاع بالمأجور، ولكنها يسيرة جرى العرف على أن يتحملها المستأجر ؛ مثل إصلاح الأقفال والمفاتيح وتعبئة غاز المكيف ونحو ذلك؛ فهذه الأعمال تلزم المستأجر، وفق ما سيأتي في المادة (٤٣٣). وقد جرى النظام على التعبير عن الأعمال التي تلزم المؤجر بالإصلاحات الضرورية لتشمل النوعين الأول والثاني، وأما التي تلزم المستأجر فيعبر عنها بالصيانة ويراد بها الصيانة المعتادة التي تلزم المستأجر بحسب العرف. والتزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية اللازمة للانتفاع بالمأجور وفق نص هذه الفقرة يشمل بداهة الإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور ؛ لأنها مادامت ضرورية لحفظ المأجور فهي ضرورية للانتفاع به من باب أولى. وقررت الفقرة الثانية أنه إذا تأخر المؤجر في القيام بالإصلاحات الضرورية؛ فللمستأجر الخيار بين طلب التنفيذ العيني، أو طلب التنفيذ بالتعويض بإنقاص الأجرة، أو طلب الفسخ، ويشترط لحق المستأجر في طلب أي من هذه الخيارات أن يكون قد أعذر المؤجر، ويكون الإعذار وفق ما هو مبين في المادة (۱۷۷) . وبيان هذه الخيارات على النحو الآتي: الخيار الأول: طلب التنفيذ العيني؛ بأن يتقدم إلى المحكمة بطلب الإذن له في إصلاح الخلل، فإذا أذنت له المحكمة بالإصلاح وقام به كان له الرجوع على المؤجر بنفقات الإصلاحات الضرورية على أن يكون ذلك وفقاً لما هو متعارف عليه من النفقات؛ فإن تجاوز ما هو متعارف عليه فليس له الرجوع إلا بالقدر المتعارف عليه. ومع تقرير الأصل في عدم قيام المستأجر بالإصلاحات الضرورية - حال عدم قيام المؤجر بذلك إلا بإذن المحكمة، إلا أنه يستثنى من ذلك ما إذا كانت تلك الإصلاحات من الأمور المستعجلة التي لا تحتمل التأخير أو كانت يسيرة عرفًا، فيجوز للمستأجر أن يصلح ذلك الخلل دون إذن المحكمة ويحسم ما أنفقه من أجرة المأجور على أن يكون ذلك بالقدر المتعارف عليه أيضاً، وإذا أجرى المستأجر هذه الإصلاحات دون إذن المحكمة فإنما يفعل ذلك على مسؤوليته؛ فإذا طالب بهذه النفقات فتتأكد المحكمة عن تحقق شروط مباشرته لتلك الإصلاحات دون إذنها، وعلى المستأجر في جميع الأحوال أن يلتزم بتقديم حساب عما تم إصلاحه. وما تضمنته الفقرة ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة المبينة في المادة (167). وإذا كانت الإصلاحات الضرورية باهظة لا تتناسب مع الأجرة فللمحكمة أن تعفي المؤجر من التنفيذ العيني وتقصر حق المستأجر على طلب إنقاص الأجرة أو الفسخ إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً؛ تطبيقاً للفقرة (٢) من المادة (١٦٤). والخيار الثاني: طلب إنقاص الأجرة؛ لأن نقص الانتفاع بسبب عدم القيام بالإصلاحات الضرورية يقابله نقص في الأجرة. ومتى حكم للمستأجر بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب؛ بل من وقت حصول النقص في الانتفاع بسبب عدم القيام بتلك الإصلاحات؛ لأن الأجرة تقابل الانتفاع؛ فمتى حصل نقص في الانتفاع قابله نقص في الأجرة بقدر ما حصل من نقص، وهذا هو التنفيذ بالتعويض، ومتى قام المؤجر بالإصلاحات عادت الأجرة إلى حالها. والخيار الثالث: طلب فسخ العقد؛ وتجري على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان ما أخل به المؤجر قليل الأهمية بالنظر إلى مجموع الالتزام وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للمادة (۱۰۷). وفي جميع الخيارات السابقة يحق للمستأجر وفقاً للقواعد العامة طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب تأخر المؤجر في القيام بتلك الإصلاحات؛ فله في حال طلب التنفيذ العيني أو الفسخ طلب إنقاص الأجرة بقدر نقص الانتفاع إلى حين إتمام الإصلاحات أو الفسخ، كما أن له طلب التعويض عما يصيب شخصه أو ماله من ضرر بسبب تأخر المؤجر في القيام بهذه الإصلاحات، سواء اختار المستأجر التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ ويشترط لاستحقاق المستأجر التعويض الإعذار تطبيقاً للمادة (١٧٥)، ما لم يكن المؤجر هو المتسبب بخطئه في وقوع الضرر، ومن ذلك أن يعلم حاجة المأجور للإصلاح ويقصر فيه؛ لأن تنفيذ الالتزام في هذه الحالة أصبح غير ممكن بفعله؛ تطبيقاً للفقرة (ب) من المادة (١٧٦). ولما قررت الفقرتان الأحكام المتعلقة بالإصلاحات التي يلتزم بها المؤجر وآثار عدم التزامه بذلك، جاءت الفقرة الثالثة لتقرير جواز اتفاق المتعاقدين على خلاف ما تضمنته الفقرتان الأولى والثانية من أحكام، وأن هذه الأحكام ليست من النظام العام؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على إعفاء المؤجر من هذا الالتزام؛ فلا يكون مطالباً بالقيام بهذه الإصلاحات، أو الاتفاق على إنقاص هذا الالتزام؛ كأن يتفق على إعفاء المؤجر من أنواع معينة من الإصلاحات لا كلها، أو يُتفق على قصر حق المستأجر على إنقاص الأجرة دون حقه في الفسخ، كما يجوز الاتفاق على زيادة هذا الالتزام؛ كأن يتفق على أن للمستأجر أن يقوم بالإصلاحات الضرورية على حساب المؤجر ولو لم تكن من الأمور المستعجلة دون حاجة لطلب من المحكمة. وما قررته الفقرة ما هو إلا تطبيق لما تضمنته المادتان (۱۷۳)، (174) في القواعد العامة من جواز اتفاق المتعاقدين على تعديل أحكام المسؤولية المترتبة على المدين في العقد بإعفائه منها أو إنقاصها أو زيادتها، ويجب في حال اشتراط إعفاء المؤجر من هذا الالتزام أو إنقاصه ألا يكون ذلك عن غش منه أو خطئه الجسيم تطبيقاً لتلك القواعد. ويجدر التنبه إلى أنه إذا شرط المؤجر إعفاءه من الإصلاحات الضرورية، وقام بها المستأجر على نفقته؛ فلا يحول ذلك دون حق المستأجر في الرجوع بما أنفقه على المؤجر بعد انتهاء عقد الإيجار وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب، ما لم يتفق على خلاف ذلك. وإذا وقع الشك في تفسير شرط الإعفاء من التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية والنطاق الذي يشمله، أو في تفسير شرط النقص من هذا الالتزام أو زيادته؛ فيفسر الشك لمصلحة من يتحمل عبء هذا الشرط تطبيقاً للمادة (104) ؛ ففي حال الإعفاء أو النقص يفسر الشك لمصلحة المستأجر، وفي حال الزيادة يفسر لمصلحة المؤجر.