تخطَّ إلى المحتوى

المادة الخامسة والتسعون بعد الثلاثمائة

المادة الخامسة والتسعون بعد الثلاثمائة

يصح الصلح ولو كان الحق الذي يشمله مجهولاً إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم وكان الحق مما يتعذّر العلم به في مدة قريبة بحسب طبيعة الحق ومقداره ومكانه.

شرح المادة 395

بينت المادة صحة عقد الصلح ولو كانت الحقوق المشمولة في العقد مجهولة بشرطين: الشرط الأول: أن تكون الجهالة في الحق لا تمنع من التسليم. والشرط الثاني: أن يتعذر العلم به في مدة قريبة. والموجب لصحة الصلح مع الجهالة أن المتصالحين قصدا حسم النزاع؛ فتغتفر الجهالة فيه لتحقيق هذه الغاية تجنباً لقيام النزاع إن كان محتملاً أو بقائه إن كان قائماً. وقد جاء في السنة النبوية أن رجلين جاءا يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة .. الحديث وفيه أنه قال لهما: اذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم تحالا. ومن أمثلة هذا الصلح ما تضمنته المادة (39) ، ومنه أيضاً أن يدعي الدائن حقوقاً له في ذمة المدين ناشئة من تعاملات عدة ويتعذر علمهما بمقدارها خلال فترة قريبة؛ فيتوقيان النزاع بينهما بأن يتصالحا على أن ينزل الدائن عن هذه الحقوق مجهولة المقدار على أن يدفع له المدين مبلغاً معيناً. وأما إذا كانت الجهالة تمنع التسليم فلا يصح الصلح؛ لأن المحل يكون حينئذ غير معين ولا قابل للتعيين؛ فاختل شرط صحته؛ مثل أن يتفقا على أن يعطيه عوضاً في مقابل أن ينزل عن نسبة من الحقوق المجهولة المدعى بها دون تحديد تلك النسبة؛ فالمحل هنا غير معين ولا قابل للتعيين؛ إذ الجهل بمقدار ما نزل عنه من هذه الحقوق يمنع تسليم الباقي التي لم ينزل عنها المتصالح؛ فتكون الجهالة مفضية إلى النزاع لا محالة. وبينت المادة أن المدة القريبة التي يمكن فيها الوصول إلى العلم بالحق المجهول المتنازع عليه علماً نافياً للجهالة تختلف بحسب طبيعة الحق؛ فالنقود تختلف عن المنقولات الأخرى والعقارات، كما تختلف المدة بحسب مقدار الحق المتنازع فيه؛ فقد تكون الحقوق متداخلة في تعاملات معقدة يصعب معها الوصول إلى العلم بمقدار الحق وقد تكون أقل من ذلك، وتختلف المدة كذلك بحسب مكان الحق؛ فقد تكون التعاملات أو الحقوق داخل البلاد فالوصول إلى معرفتها يكون في زمن قريب وقد يكون النزاع في تعاملات أو حقوق خارج البلاد فتكون المدة للعلم بها أطول؛ ويكون تقدير هذه المدة إلى المحكمة.