تخطَّ إلى المحتوى

المادة الرابعة والخمسون بعد الثلاثمائة

المادة الرابعة والخمسون بعد الثلاثمائة

١- بيع المريض مرض الموت لوارثٍ وشراؤه منه بمحاباةٍ لا ينفذ في قدر المحاباة في حق باقي الورثة إلا بإجازتهم.

٢- بيع المريض مرض الموت لغير وارث وشراؤه منه بمحاباةٍ لا ينفذ في قدر المحاباة في حق الورثة فيما زاد على قيمة (ثلث) التركة عند الموت بما فيها المبيع ذاته، إلا بإجازتهم أو أن يردّ المتصرف إليه للتركة ما يفي بإكمال (الثلثين).

شرح المادة 354

بينت المادة حكم بيع المريض مرض الموت وشرائه، والمقتضي لبيان ذلك أن بيع المريض مرض الموت وشراءه إذا كان بمحاباة فيأخذ قدر المحاباة حكم التبرع، والتبرع من المريض مرض الموت له حكم الوصية من حيث عدم نفاذ الوصية لوارث، وعدم نفاذ الوصية بأكثر من الثلث لغير وارث؛ لأن تصرف المريض مرض الموت على هذا النحو مظنة التهمة بقصد الالتفاف على أحكام الوصية المقررة شرعاً؛ ولتعلق حق الورثة بمال المريض؛ فلهذا كان تصرفه مقيداً لا لنقص في أهليته ولا لعيب في إرادته وإنما حماية للورثة. فبينت الفقرة الأولى حكم بيع المريض مرض الموت لوارث أو شرائه منه، فإن كان البيع أو الشراء بسعر المثل فيكون التصرف نافذاً في حق باقي الورثة كتصرف الصحيح ولا إشكال، وأما إذا كان بمحاباة، بأن كان البيع للوارث بثمن أقل من ثمن المثل أو كان الشراء بثمن أعلى من ثمن المثل فلا ينفذ قدر المحاباة في البيع أو الشراء في حق باقي الورثة إلا إذا أجازوا هذا التصرف بعد الموت. وقدر المحاباة هو قدر النقص عن ثمن المثل في حال كون المريض هو البائع أو قدر الزيادة عن ثمن المثل في حال كونه مشترياً. وبينت الفقرة الثانية حكم بيع المريض مرض الموت لغير وارث أو شرائه منه، فإن كان البيع أو الشراء بثمن المثل فالتصرف نافذ في حق الورثة كتصرف الصحيح، ولا إشكال، وأما إذا كان بمحاباة بأن باع المريض لغير وارث بثمن أقل من ثمن المثل أو اشترى من غير وارث بثمن أعلى من ثمن المثل؛ فلا يخلو تصرفه من حالتين: الحالة الأولى: أن يكون قدر المحاباة في البيع أو الشراء لا يجاوز قيمة ثلث التركة وقت الوفاة بما فيها المبيع ذاته، ففي هذه الحالة يكون البيع نافذاً في حق الورثة كتصرف الصحيح. فلو أن المريض مرض الموت يملك عقاراً قيمته عند الموت أربعة ملايين ريال، وكان قد باعه بثلاثة ملايين ريال، وقيمة تركته بما فيها قيمة العقار المبيع ستة ملايين ريال، فقدر المحاباة أقل من ثلث التركة، ولهذا ينفذ تصرفه في حق الورثة كتصرف الصحيح. والحالة الثانية: أن يكون قدر المحاباة في البيع أو الشراء يجاوز قيمة ثلث التركة وقت الوفاة بما فيها المبيع ذاته؛ فلا ينفذ قدر المحاباة فيما جاوز ثلث التركة في حق الورثة إلا إذا أجازوا هذا التصرف بعد الموت، أو أن يرد المتصرف إليه إلى التركة من قدر المحاباة ما يفي بتكملة الثلثين. مثال ذلك: لو أن المريض مرض الموت يملك عقاراً قيمته عند الموت أربعة ملايين ريال، وكان قد باعه بمليون ريال، وتركته بما فيها قيمة العقار المبيع - تبلغ ستة ملايين ريال، فقدر المحاباة ثلاثة ملايين ريال تجاوز ثلث التركة، فيجب على المشتري إذا لم يجز الورثة البيع أن يرد إلى التركة مليون ريال. ويراعى في تطبيق أحكام هذه المادة في فقرتيها ما يأتي: 1- المعتبر في كون الشخص وارثاً من عدمه هو وقت وفاة المريض وليس وقت تصرفه، والوارث في حكم هذه المادة هو الوارث وفقاً لما نص عليه نظام الأحوال الشخصية. 2 - الوارث الذي له طلب عدم نفاذ التصرف في حقه هو من كان نصيبه يتأثر بذلك التصرف، وأما في الأحوال التي يجيز فيها النظام للشخص أن يوصي بأكثر من الثلث، ولا ينقص نصيب الوارث بذلك، كالوصية بما زاد على نصيب الزوج أو الزوجة إذا لم يوجد وارث سواهما، وفق المادة (191) من نظام الأحوال الشخصية؛ فلا يتوقف نفاذ التصرف بمحاباة تزيد على الثلث على إجازة الوارث؛ إذ ليس ثمة حق له وقع عليه التصرف ليتوقف نفاذه على إجازته. 3- المعتبر في قيمة التركة هو وقت الوفاة لا وقت التصرف، وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته في وقت الوفاة؛ لأن وقت الوفاة هو الوقت الذي ينشأ فيه للورثة الحق على التركة ومن ثم يجوز لهم المطالبة بعدم نفاذ التصرف في حقهم، فعلى سبيل المثال: لو باع المريض لغير وارث أرضاً قيمتها وقت البيع مائتا ألف ريال بمئة ألف ريال، وعند وفاته انخفضت قيمتها إلى مئة وخمسين ألف ريال، ولم يكن له مال غيرها فيكون قدر المحاباة خمسين ألف ريال فقط، وهو لا يجاوز ثلث التركة. 4 - إجازة الوارث تصرف نظامي بإرادة منفردة؛ فتجري عليها القواعد العامة المقررة في القسم الأول من هذا النظام؛ ومن ذلك أنها لا تتوقف على قبول المتصرف إليه، ويستند أثرها إلى وقت تصرف المريض لا وقت صدور الإجازة، وتصح صراحة أو ضمناً، ومن الإجازة الضمنية سكوت الوارث بعد وفاة المورث مع علمه بالعقد وتركه المطالبة بعدم نفاذ التصرف، أو أن يكون الثمن على دفعات ويستمر المشتري في تسليم الدفعات بعد وفاة المورث. ويشترط في إجازة الوارث: الشرط الأول: أن تكون بعد موت المورث ؛ إذ إن النزول عن الحق قبل قيامه غير معتبر. والشرط الثاني: أن يكون المجيز أهلاً للتبرع، لأن هذه الإجازة تتضمن إسقاط حق له فتدخل في عداد التصرفات الضارة ضرراً محضاً بالمجيز، وإذا كان المجيز هو نفسه مريضاً مرض موت فتأخذ إجازته حكم وصيته؛ فإن كان من صدرت الإجازة لمصلحته وارثاً للمجيز لم تنفذ الإجازة إلا بإجازة باقي ورثة المجيز، وإن كان غير وارث لم تنفذ في حق ورثة المجيز فيما زاد على ثلث تركته إلا بإجازتهم. والشرط الثالث: أن يكون الوارث عالماً بالتصرف وبما فيه من محاباة، وأن تتجه إرادته لإجازته بما تضمنه من محاباة. 5 - إذا أجاز بعض الورثة تصرف المريض دون بعض نفذ التصرف في حق من أجازه منهم بمقدار نصيبه في التركة، ولم ينفذ في حق من لم يجزه. 6- يترتب على عدم إجازة الورثة تصرف مورثهم أن التصرف إذا كان بمحاباة مع وارث التزم المتصرف إليه أن يرد للتركة قدر المحاباة، وإذا كان التصرف لغير وارث التزم المتصرف إليه أن يرد للتركة ما زاد من قدر المحاباة على ثلث التركة، أي يرد من قدر المحاباة ما يفي بتكملة الثلثين، وفي حال إجازة البعض للتصرف دون البعض فيكون الرد بقدر نصيب من لم يجز من التركة، ومؤدى هذا الالتزام بالرد أن الجزء الواجب رده يعتبر التصرف الذي تم عليه - بالنسبة إلى الورثة الذين لم يجيزوا البيع - غير نافذ في حقهم، ويعد جزء من نصيبهم من التركة، فإذا لم يرد المتصرف إليه ذلك القدر جاز لهم رفع دعوى عدم نفاذ هذا التصرف في حقهم لاسترداده منه، وطلب التنفيذ الجبري عليه.