تخطَّ إلى المحتوى

شرح المادة 617

شرح المادة 617

تنظم المادة أحد القيود الإرادية التي ترد على الملكية، وهو الشرط المانع من التصرف، كأن يشترط البائع على المشتري ألا يبيع المبيع أو لا يهبه، أو يشترط الواهب في عقد الهبة أو الموصي في الوصية مثل هذا الشرط.

وتقرر المادة أن الأصل عدم جواز الشرط المانع من التصرف؛ سواء كان التصرف المتضمن للشرط المانع تصرفاً ناقلاً للملكية كالبيع أو الهبة، أو كان التصرف المتضمن للشرط المانع يرتب حقاً عينياً آخر ؛ كأن ينقل المالك حق الانتفاع ويشترط على المنتفع عدم التصرف في هذا الحق، فالأصل عدم جواز هذا الشرط؛ ولهذا بدأت المادة بالنفي فنصت على أنه ليس للمالك أن يشترط في تصرفه شروطاً تمنع المتصرف إليه من التصرف في المال، والعلة في ذلك أن مثل هذا الشرط يؤدي إلى إيجاد حق عيني لا يعرفه النظام، وسلطان الإرادة يقصر عن تعديل حق الملكية؛ لأن نظام الملكية وما يتفرع عنها من حقوق يتصل بالنظام الاقتصادي العام للمجتمع، ولهذا فأي تعديل في حق الملكية يقع باطلاً؛ إلا أنه قد توجد حالات عملية تقتضي فيها ظروف التعامل إجازة مثل هذا الشرط، ولهذا استثنت المادة من المنع كل حالة يتحقق فيها شرطان: الشرط الأول: أن يكون القصد من الشرط حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

فمثال المصلحة المشروعة للمتصرف أن يبيع شخص داره لآخر ويحتفظ البائع لنفسه بحق الانتفاع مدة حياته؛ فيشترط على المشتري ألا يتصرف في الدار طيلة هذه المدة حتى لا يتصل البائع بمالك رقبة لا يعرفه، أو يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع إلى حين الوفاء بالثمن، وذلك حتى يتلافي إجراءات التتبع.

ومثال المصلحة المشروعة للمتصرف إليه: أن يهب عقاراً لشخص محتاج يخشى أن يتصرف في العقار تصرفاً يضر بنفسه فيشترط عليه ألا يتصرف فيه حتى يبلغ سناً معينة حتى يحمي المتصرف إليه من طيشه وتبذيره.

ومثال المصلحة المشروعة للغير: أن يهب شخص عقاراً ويشترط عليه أن يكون جزء من غلته لشخص آخر، ويشترط على الموهوب له ألا يتصرف فيه حتى لا يتضرر صاحب الغلة.

والشرط الثاني: أن تكون مدة الشرط المانع من التصرف معقولة، ويخرج بهذا الشرط صورتان: الصورة الأولى: أن يكون المنع مؤبداً. والصورة الثانية: أن يكون المنع مؤقتاً لمدة غير معقولة؛ بحيث لا تتناسب مع المصلحة التي قصد المشترط حمايتها.

والعلة في ذلك أن الشرط المانع من التصرف خلاف الأصل؛ لكونه يجرد المالك من بعض السلطات التي يخولها النظام له بمقتضى الملكية، وهي عناصر جوهرية في الملكية لا تتصور الملكية بدونها؛ وإنما عدل عن هذا الأصل للمصلحة التي قصد من هذا الشرط حمايتها فلا يتجاوز فيه هذا القدر.

والمدة المعقولة تختلف باختلاف الأحوال والظروف، وقد تكون مدة معينة معقولة في حال وليست كذلك في حال أخرى، وهذا ترك النظام تحديدها لتقدير القضاء؛ وقد يكون تقييد المدة بمدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير مدة معقولة في بعض الحالات؛ مثل أن يحتفظ البائع بحق الانتفاع مدة حياته فيشترط على المشتري ألا يتصرف في الدار طيلة هذه المدة، أو يهب المالك عيناً لشخص معروف بسوء التدبير ويشترط عليه ألا يتصرف فيها مدة حياته؛ ومن ثم ينتهي أمد هذا الشرط بموته وتنتقل العين لورثته غير مثقلة بهذا الشرط.

وبينت الفقرة الثالثة من المادة أن الشرط المانع من التصرف إذا لم تتوفر فيه الشرطان السابقان؛ فإن هذا الشرط يكون باطلاً؛ ولو لم يقصد المشترط من هذا الشرط حماية مصلحة مشروعة له أو للمتصرف إليه أو للغير؛ فإن الشرط يقع باطلاً، وإذا كان الشرط لمدة غير معقولة فيكون الشرط باطلاً في المدة التي تجاوز المدة المعقولة؛ لأن البطلان هنا قابل للتجزئة.

وأما أثر بطلان الشرط كله أو جزء منه في التصرف المتضمن لهذا الشرط؛ فالأصل أن بطلان الشرط لا يسري على ذلك التصرف؛ فيكون التصرف صحيحاً مع بطلان الشرط أو جزء منه؛ ما لم يثبت المشترط أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط أو الجزء الذي بطل؛ فله طلب إبطال العقد وفقاً لما قررته الفقرة (٢) من المادة (٧٤).

المادة السابعة عشرة بعد الستمائة

١- ليس للمالك أن يشترط في تصرفه -عقداً كان أو وصية- شرطاً يمنع المتصرف إليه من التصرف في مال إلا إذا كان هذا الشرط لمدة معقولة وقصد به حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

٢- إذا لم تعين مدة منع المتصرف إليه من التصرف فللمحكمة تعيينها بحسب العرف وطبيعة المعاملة والغرض من التصرُّف.

٣- يقع باطلاً كل شرط يمنع المتصرف إليه من التصرف ما لم تتوفر فيه أحكام الفقرة (١) من هذه المادة.