شرح المادة 595
بينت المادة الحكم فيما إذا تعدد الكفلاء ومدى انقسام الدين المكفول به عليهم، وفرضت لذلك فرضين:
الفرض الأول: تعدد الكفلاء في عقد واحد.
ففي هذا الفرض يقسم الدين عليهم ولا يتحمل كل منهم كامل الدين؛ وذلك لأن وحدة العقد دليل على أن كل كفيل اعتمد على الكفلاء الآخرين؛ وعلى هذا فيقسم الدين عليهم كل بقدر حصته المتفق عليها صراحة أو ضمناً في العقد؛ فإذا كانوا ثلاثة والدين ستمائة وكفل الأول النصف، والثاني والثالث كل منهما الربع؛ فيضمن الأول ثلاثمائة والثاني والثالث كل منهما مائة وخمسين، وإذا لم تحدد حصة كل منهم قسم الدين عليهم بعدد رؤوسهم فيضمن كل واحد مئتين؛ لأنه لما لم تحدد حصة كل منهم كان ذلك دليلاً على تساويهم فيها؛ إذ لا سبيل لقسمتها بينهم إلا بذلك.
ويكون للكفيل في هذه الحالة أن يحتج على مطالبة الدائن له بكامل الدين بالدفع بتقسيم الدين، بل للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به الكفيل؛ لأن الدين ينقسم على الكفلاء من حين إبرام العقد لا من وقت الدفع به.
ويشترط لانقسام الدين في هذا الفرض وفقاً لما تضمنته المادة الشروط الآتية:
الشرط الأول: تعدد الكفلاء ؛ وهو شرط بدهي لأنه إذا كفل الدين كفيل واحد كان للدائن أن يرجع عليه ولا يكون لهذا الكفيل أن يدفع بالتقسيم بينه وبين المدين.
والشرط الثاني: أن يكون تعدد الكفلاء في دين واحد؛ فإذا كفل اثنان دينين مختلفين لمدين واحد لم ينقسم أي من الدينين عليهما؛ وعلى ذلك لا يكون لكفيل الكفيل التمسك بتقسيم الدين بينه وبين الكفيل لأن الأول كفل الدين المكفول به والثاني كفل دين الكفيل، والدين المكفول به غير دين الكفيل.
والشرط الثالث: ألا يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم أو متضامنين مع المدين؛ لأن المدينين المتضامنين يمكن الرجوع على أي منهم بكل الدين وفقاً لقواعد التضامن؛ وإذا كان بعضهم متضامناً مع المدين ولم يكن متضامناً مع الكفلاء الآخرين فينقسم الدين للكفيل غير المتضامن دون المتضامن.
والفرض الثاني: تعدد الكفلاء في عقود متعددة:
ففي هذا الفرض يكون كل منهم مسؤولاً عن كامل الدين ولو كانوا يكفلون ديناً واحداً ومديناً واحداً؛ لأن تعدد عقودهم دليل على أن كلاً منهم لم يعتمد على الكفلاء الآخرين، فإذا رجع الدائن على أي منهم بكامل الدين كان لمن دفع منهم كل الدين أن يرجع على الباقين، وإذا اقتضى الدائن من أحدهم بعض الدين كان للدائن الرجوع على أي كفيل آخر بباقي الدين.
وغني عن البيان أنه حتى في هذا الفرض لو اشترط بعضهم أو كلهم حق التقسيم فينقسم الدين في حق من اشترطه منهم.
ويتبين من الفرضين السابقين أنه في حال تعدد الكفلاء فقد ينقسم الدين بين الكفلاء، وقد يكون كل منهم مسؤولاً عن كل الدين لتضامنهم، وقد يكون كل منهم مسؤولاً عن كل الدين لتضامهم في الدين لا لتضامنهم؛ وذلك في حال تعدد العقد أو تعدد الدين.
Related To
المادة الخامسة والتسعون بعد الخمسمائة
إذا تعدد الكفلاء بدين واحد جازت مطالبة كل منهم بكل الدين إلا إذا كفلوا جميعاً في عقد واحد ولم يشترط فيه تضامنهم فلا يطالب أحد منهم إلا بقدر حصته.