تخطَّ إلى المحتوى

شرح المادة 559

شرح المادة 559

بعد أن قررت المادة (558) أن الأصل في قسمة الربح في المضاربة أن تكون بحسب الاتفاق ؛ جاءت هذه المادة لبيان صورة ممنوعة من صور الاتفاق، وهي اشتراط مبلغ محدد من الربح لأحد المتعاقدين، وما قد يلتبس مع هذه الصورة من صور أخرى جائزة. فبينت الفقرة الأولى عدم صحة اشتراط مبلغ محدد من الربح لأحد المتعاقدين؛ فيجب أن تكون قسمة الربح بين المتعاقدين بنسبة شائعة بينهما، وهذا الحكم من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافه، إذ قد يترتب على ذلك استئثار المتعاقد المشروط له المبلغ المحدد على الربح كله، فينتفي بذلك ركن المضاربة وهو المشاركة في الربح؛ فلو اشترط رب المال أو المضارب أن يكون ربحه من المضاربة خمسين ألف ريال؛ وربحت المضاربة خمسين ألف ريال أو أقل؛ فهذا يعني حرمان المتعاقد الآخر من الربح، ومن المقرر في عقود المشاركة بما فيها عقد المضاربة عدم صحة أي شرط يتضمن حرمان أحد الشركاء من الربح. وتطبيقاً لقاعدة تجزؤ العقد في الفقرة (2) من المادة (74): (إذا تضمن العقد شرطًا باطلاً بطل الشرط وحده، وللمتعاقد طلب إبطال العقد إذا تبين أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط) ؛ فإنه إذا بطل شرط مبلغ محدد من الربح؛ لم يعد بين المتعاقدين اتفاق على الربح؛ فتكون قسمة الربح بحسب العرف وفق ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة (558) ، وللمتعاقد الانسحاب من العقد بالشروط الثلاثة المبينة في شرح تلك المادة؛ وللمتعاقد خيار آخر إذا لم يرغب أن يسلك هذا السبيل؛ وهو أن يطلب إبطال العقد متى أثبت أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط؛ تطبيقاً للفقرة (2) من المادة (74)؛ فإذا أبطل العقد تحدد نصيب كل منهما من الربح الذي تحقق للمضاربة قبل تقرير الإبطال بحسب العرف، لا على أساس العقد؛ لأن العقد إذا بطل انعدم أثره، وإنما تطبيقاً لقاعدة الإثراء بلا سبب؛ إذ الربح الذي تحقق للمضاربة إنما تولد نتيجة المال والعمل؛ فيستحق المضارب تعويضاً عن عمله بقدر ما عاد لرب المال من نفع، ويتقدر ذلك بمثل نصيب العامل من الربح لو كان العقد صحيحاً وتحقق مثل ذلك الربح؛ إذ المعتبر الرجوع إلى العرف في مثل ذلك النوع من التعاقد وطبيعة العمل. ومن الواضح أن مناط المنع في الصورة المبينة في الفقرة الأولى أن الشرط قد يؤدي إلى حرمان المتعاقد من الربح؛ ولذا جاءت الفقرتان الثانية والثالثة بصور من الاتفاق قد يتوهم أنها داخلة في إطار المنع الوارد في الفقرة الأولى؛ ودفعاً لهذا التوهم جاء النص على الجواز فيها؛ لانتفاء علة المنع؛ فأشارت الفقرة الثانية إلى صورتين، هما: الصورة الأولى اشتراط أن يكون الربح مقاسمة بين المتعاقدين بنسبة متفق عليها في نطاق حد معين وما زاد من الربح على ذلك الحد ينفرد به أحدهما، كأن يتفقا على أن يكون الربح مناصفة بينهما إلى أن يبلغ ربح المضاربة مئة ألف ريال، وما زاد على مائة ألف ريال فينفرد به رب المال وحده أو المضارب وحده؛ فهذه الصورة لا تؤدي إلى حرمان أي من المتعاقدين من الربح. والصورة الثانية: الاتفاق على تغير نصيب كل منهما من الربح بحسب ما يتحقق للمضاربة من ربح على أن يكون ذلك بناءً على أسس صالحة لتحديده، كما لو اتفقا على أن يكون الربح مناصفة بينهما إلى أن يبلغ ربح المضاربة مئة ألف ريال، وما زاد على مائة ألف ريال فيكون للمضارب منه الثلثان ولرب المال الثلث، أو اتفقا على أن الأرباح المتصلة ببيع سلعة معينة تكون مناصفة بينهما، والأرباح المتصلة ببيع سلعة أخرى يكون للمضارب منها الثلثان ولرب المال الثلث؛ فيجوز ذلك؛ لأن نصيب كل متعاقد قابل للتعيين وفق أسس صالحة، ولا يؤدي هذا الشرط إلى حرمان أي منهما من الربح. وبينت الفقرة الثالثة كذلك جواز أن يكون لأحد المتعاقدين أجر معلوم مقابل عمل معين مع استحقاقه نصيبه في الربح؛ فلا يتعارض هذا الشرط مع ما قضت به الفقرة الأولى من منع اشتراط مبلغ محدد؛ إذ المانع الذي أسس عليه الحكم هناك قد زال بوجود نسبة من الربح خلافاً للأجر.

المادة التاسعة والخمسون بعد الخمسمائة

١- لا يصح في عقد المضاربة اشتراط مبلغ محدد من الربح لأحد المتعاقدين.

٢- يصح الاتفاق على أن يكون الربح مقاسمة بين المتعاقدين وما زاد منه على حد معين ينفرد به أحدهما، أو الاتفاق على أن يتغير نصيب كل منهما من الربح بحسب ما يتحقق للمضاربة من ربح وفق أسس صالحة لتحديده.

٣- يصح الاتفاق على أن يكون لأحد المتعاقدين أجر معلوم مقابل عمل معين مع استحقاقه نصيبه من الربح.