تخطَّ إلى المحتوى

شرح المادة 437

شرح المادة 437

تتناول المادة حكم الإيجار من الباطن، وحكم تنازل المستأجر عن عقد الإيجار للغير، والفرق بينهما أنه في الإيجار من الباطن يوجد عقدان مستقلان؛ عقد إيجار أصلي بين المؤجر والمستأجر، وعقد إيجار من الباطن بين المستأجر الأصلي ومستأجر آخر، ويحدد العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن عقد الإيجار من الباطن وهو قد يختلف عن العقد الأصلي في المدة أو مقدار الأجرة أو شروط العقد، وتبقى الحقوق والالتزامات بمقتضى العقدين - عقد الإيجار الأصلي وعقد الإيجار من الباطن قائمة بين أطرافها. وأما التنازل عن العقد فلا يوجد إلا عقد واحد وهو عقد الإيجار الأصلي بين المؤجر والمستأجر؛ فيتنازل المستأجر عن حقوقه والتزامه في هذا العقد إلى المتنازل له، وتصبح هذه الحقوق والالتزامات بين المؤجر المتنازل لديه والمستأجر الجديد المتنازل له. والأصل هو جواز الإيجار من الباطن، وجواز التنازل عن العقد للغير، سواء كان التنازل بعوض أو بغير عوض. وقررت المادة عدم جواز قيام المستأجر بإيجار المأجور من الباطن، أو التنازل عن عقد الإيجار إلى الغير إلا بموافقة المؤجر سواء بإذن سابق للتصرف أو بإجازة لاحقة له؛ ذلك لأن عقد الإيجار وإن لم يكن قائماً على الاعتبار الشخصي من حيث الأصل؛ إلا أن شخص المستأجر يكثر أن يكون ملحوظاً فيه؛ فلاعتبارات عملية اتجه النظام إلى تقييد حق المستأجر بهذا الخصوص وفي الوقت نفسه التوسع فيما تكون فيه الموافقة وفق ما سيأتي؛ إذ القاعدة المقررة في المادة لا تعدو أن تكون مكملة لإرادة المتعاقدين في حال عدم ما يدل على خلافها؛ فإذا تبين من ظروف التعاقد ما يدل على أن المؤجر نزل عن هذا الحق ولم يكن شخص المستأجر ملحوظاً له عند التعاقد فيسقط حقه في المنع. فإطلاق الإذن في المادة يدل على صحة أن تكون موافقة المؤجر عند إبرام عقد الإيجار من الباطن أو عند إبرام عقد التنازل حيث يكون المؤجر عالماً بشخص المستأجر من الباطن أو المتنازل له، كما يصح أن تمنح الموافقة مقدماً عند إبرام عقد الإيجار الأصلي أو بعده في اتفاق لاحق، ولو لم يكن المؤجر عالماً بشخص المستأجر من الباطن أو المتنازل له عند الموافقة، كما يصح أن تكون الموافقة بإجازة لاحقة بعد إبرام عقد الإيجار من الباطن أو التنازل؛ فينفذ ذلك العقد في حق المؤجر لا من وقت الإجازة؛ بل من وقت إبرام ذلك العقد. ولا يشترط للموافقة شكل معين فيصح أن تكون مكتوبة أو مشافهة، كما يصح أن تكون صريحة أو ضمنية سواء كانت سابقة أو لاحقة للتصرف؛ فمن صور الموافقة الضمنية السابقة أن يجري التعامل بين المتعاقدين أو عرف جهة معينة على أن عدم تصريح المؤجر بالشرط المانع عند التعاقد دليل موافقته على ذلك، ومن صور الموافقة الضمنية اللاحقة أن تمضي مدة طويلة على عقد الإيجار من الباطن أو التنازل مع علم المؤجر به دون اعتراض منه، أو أن يقبض الأجرة من المستأجر من الباطن أو من المتنازل له. ويصح أن تكون الموافقة ضمنية ولو اشترط المؤجر أن تكون كتابة؛ لأن المؤجر يجوز له أن يعدل عن أي شرط شرطه في العقد، وهو إنما اشترط الكتابة للإثبات لا لصحة الموافقة، وعلى المستأجر عبء إثبات ذلك. ونطاق المنع في المادة لا يشمل التصرفات والأعمال التي لا تعد إيجاراً من الباطن أو تنازلاً عن العقد؛ فلا يشمل ما لو ما لو قام المستأجر بإعارة المأجور للغير، أو أسكن معه صديقاً دون أن يكون مستأجراً، أو أسكن فيه قريبه أو أحداً من أتباعه بدلاً عنه، أو أدخل معه شركاء في استغلال المأجور ما داموا غير مستأجرين من الباطن، وجميع ذلك ما لم يوجد شرط مانع من هذه التصرفات. ويراعى فيما قررته المادة ألا يكون المؤجر متعسفاً في استعمال حقه في منع المستأجر من الإيجار من الباطن أو التنازل عن العقد، ومن صور التعسف ما نصت عليه الفقرة (٢/ب) من المادة (۲۹): (إذا كانت المنفعة من استعماله - أي الحق لا تتناسب مطلقاً مع ما يسببه للغير من ضرر) ، فلو جدت حاجة للمستأجر في الإيجار من الباطن أو التنازل عن العقد، وتبين أن المؤجر ليست له أية مصلحة في منع المستأجر منه، وإنما يتمسك بهذا الحق تعنتاً، ولم يكن بينهما شرط مانع؛ كان للمحكمة وفق تقديرها أن تمنع المؤجر من التعسف في استعمال حقه وأن ترخص للمستأجر في الإيجار من الباطن، أو أن ترخص له في التنازل مادام متضامناً مع المتنازل له في التزامه وفق ما قررته المادة (٢٥٦). وتقرير المادة أن الإيجار من الباطن أو التنازل يرد عليه الإذن والإجازة، يدل على أن المنع ليس من النظام العام، وأن الجزاء المترتب على المخالفة ليس البطلان؛ لأن العقد الباطل لا يقبل الإجازة؛ وإنما يعد المستأجر بمخالفته مخلاً بالتزامه في العقد؛ وتسري على ذلك القواعد العامة؛ فللمؤجر طلب التنفيذ العيني؛ بأن يطلب أن يخلي المستأجر من الباطن أو المتنازل له المأجور، وللمؤجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد الأصلي المبرم بينه وبين المستأجر الأصلي، وتسري على ذلك أحكام الفسخ القضائي؛ فللمحكمة وفق تقديرها أن ترفض طلب الفسخ وتكتفي بإلزام المستأجر من الباطن أو المتنازل له بإخلاء المأجور إذا كان ما حصل من إخلال لا يستوجب الفسخ، وأما إذا كان في العقد الأصلي شرط فاسخ؛ فليس للمحكمة أن ترفض طلب الفسخ حينئذ؛ إعمالاً للشرط الفاسخ، وتقتصر سلطتها في التحقق من وقوع الشرط الذي علق عليه الفسخ. وسواء طلب المؤجر التنفيذ العيني أو الفسخ فله مطالبة المستأجر بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب إخلاله بالتزامه.

المادة السابعة والثلاثون بعد الأربعمائة

لا يجوز للمستأجر أن يؤجر المأجور كله أو بعضه أو يتنازل عن العقد إلا بإذن المؤجر أو إجازته.