شرح المادة 330
بينت المادة الالتزام الثالث من الالتزامات على البائع في عقد البيع، وهو ضمان التعرض والاستحقاق، والتعرض للمشتري الذي يلتزم البائع بضمانه قد يكون صادراً من البائع أو من الغير. فبينت الفقرة الأولى أن البائع يضمن عدم تعرضه للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه، ويقصد بالتعرض هنا أي عمل مادي أو نظامي يصدر من البائع ويكون من شأنه حرمان المشتري من الانتفاع بالمبيع كلياً أو جزئياً؛ فالتعرض المادي هو الذي لا يستند فيه البائع إلى حق يدعيه، وقد يكون عملاً مادياً محضاً؛ كأن يبيع عقاراً ثم يعمل عملاً يحد من انتفاع المشتري به، أو يكون عملاً مادياً مبنياً على سبب نظامي؛ كأن يبيع البائع الشيء مرتين؛ فالبيع الثاني يعد عملاً مادياً بالنسبة إلى المشتري الأول، والتعرض فيه مزدوج؛ فهو صادر من الغير وفي الوقت ذاته صادر من البائع؛ لأن الغير استمد حقه من البائع. والتعرض النظامي هو الذي يستند فيه البائع إلى حق يدعيه سواء كان سابقاً على عقد البيع أو لاحقاً له؛ كأن يدعي أنه صاحب حق عيني في المبيع، أو أن يبيع شيئاً غير مملوك له ثم يصبح مالكاً له بسبب من أسباب الملك، فيحتج على المشتري بهذا الملك الحادث بعد البيع. والتزام البائع بضمان عدم تعرضه هو التزام بالامتناع عن عمل، وتجري القواعد العامة على الإخلال به؛ فللمشتري طلب التنفيذ العيني بإزالة التعرض ويقضى به إذا كان ممكناً، وله طلب الفسخ مع التعويض في الحالتين، وللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن التعرض جسيماً. وبينت الفقرة الثانية أن البائع يضمن للمشتري عدم استحقاق المبيع أو بعضه للغير، ويترتب على ذلك أن يضمن البائع أي تعرض يصدر من الغير للمشتري في المبيع كله أو بعضه، وما قد ينشأ عن ذلك التعرض من ثبوت استحقاق المبيع أو بعضه للغير، إلا أن هذا الضمان خلافاً لضمان التعرض الصادر من البائع - مقيد بقيدين: القيد الأول: أن يكون تعرض الغير مبنياً على سبب نظامي بأن يدعي الغير حقاً له في المبيع، وقد يكون هذا الحق عينياً كادعائه حق الملكية على المبيع كله أو جزء شائع منه أو جزء غير شائع، أو حق انتفاع، أو ارتفاق، أو رهن ونحو ذلك، وقد يكون حقاً شخصياً كحق إيجار، وأما إذا كان تعرض الغير عملاً مادياً بأن لم يكن يستند فيه إلى حق يدعيه في المبيع، مثل أن ينتزع الشيء من المشتري غصباً أو سرقة أو يحول بينه وبين الانتفاع به ونحو ذلك؛ فلا يضمنه البائع. والقيد الثاني: أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقاً لعقد البيع، أو آيلاً للغير من البائع حتى ولو كان الوقت الذي آل فيه للغير بعد البيع ولم يمكن المشتري من المبيع لأي سبب كان. فمثال الحق السابق لعقد البيع أن يكون البائع قد رتب حق ارتفاق على العقار قبل البيع لم يعلم به المشتري، ومثال الحق الذي يؤول للغير من البائع بعد البيع ما لو كان النظام يشترط إجراءً معيناً لانتقال الملكية بعقد البيع كالتسجيل مثلاً، وقام البائع ببيع المبيع لمشتر ثان، ثم بادر المشتري الثاني بالتسجيل قبل المشتري الأول، فإن الملكية تستقر للمشتري الثاني ويثبت للمشتري الأول على البائع الضمان. وأما إذا كان الحق الذي يدعيه الغير لاحقاً لعقد البيع ولم يؤل إليه من البائع؛ فإن البائع لا يضمنه. ويترتب على ضمان البائع عدم استحقاق المبيع أن يكون للمشتري مطالبة البائع بالتنفيذ العيني بأن يتدخل البائع في دعوى الاستحقاق التي يقيمها الغير ليكف تعرضه للمشتري، وهذا هو ضمان التعرض، وإذا عجز عن التنفيذ العيني بأن قضي للغير بالحق المدعى به وجب على البائع أن ينفذ التزامه بطريق التعويض بأن يعوض المشتري عما لحقه من ضرر باستحقاق المبيع؛ وهذا هو ضمان الاستحقاق، وهو ما سيأتي بيانه في المواد التالية. وضمان التعرض لا يجب على البائع إلا إذا وقع التعرض فعلاً؛ لا مجرد كونه محتملاً، كما أن ضمان الاستحقاق لا يجب إلا إذا ثبت الاستحقاق لا مجرد الادعاء به؛ إلا أنه يحق للمشتري إذا لم يكن دفع الثمن ورفعت عليه دعوى استحقاق أن يحبس الثمن وفق ما تضمنته المادة (349).
Related To
المادة الثلاثون بعد الثلاثمائة
١- يضمن البائع عدم تعرضه للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه.
٢- يضمن البائع سلامة المبيع من أي حق للغير في المبيع كله أو بعضه إذا كان الحق سابقاً لعقد البيع أو آيلاً إلى الغير من البائع.