شرح المادة 108
موضوع هذه المادة في الفسخ الاتفاقي أي الفسخ بمقتضى الشرط الفاسخ، وهو أن يتفق المتعاقدان على أن يكون للدائن حق فسخ العقد عند إخلال المدين بالتزاماته دون حاجة إلى حكم قضائي، وفي هذه الحالة يقع الفسخ باختيار الدائن له، ولا يلزم أن ترفع به دعوى إذ هو ينتج أثره بمجرد تحقق الشرط، وإذا اقتضت الضرورات العملية لجوء الدائن إلى القضاء لاستصدار حكم بالفسخ فإن حكم القاضي يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً له. ويشترط للفسخ الاتفاقي الشروط الأربعة المشتركة مع الفسخ القضائي المذكورة في مقدمة هذا المبحث (ثالثاً - الفسخ للإخلال بالالتزام. ويتبين من المادة أن الفسخ الاتفاقي لا يقع بقوة النظام كما هو الشأن في الانفساخ لاستحالة التنفيذ، بل لا بد أن يتمسك به الدائن، ولا يقبل من المدين التمسك بالفسخ إذا لم يتمسك به الدائن، ولا يحول وجود الشرط الفاسخ دون حق الدائن في طلب تنفيذ العقد دون فسخه. ويختلف الفسخ الاتفاقي عن الفسخ القضائي في أن الفسخ القضائي يفترض وجود شرط فاسخ ضمناً في العقد على أساس الارتباط بين الالتزامات المتقابلة في العقد دون أن يذكر المتعاقدان الشرط الفاسخ، ولذا لا يستوجب هذا الشرط الفسخ حتماً؛ بل هو خاضع لتقدير القاضي في مدى تأهل ما حصل فيه الإخلال للحكم بالفسخ، وللقاضي أن يمهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ، بل للمدين أن يتوقى الفسخ بتنفيذ التزامه قبل الحكم بالفسخ إذا لم يكن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن، أما الفسخ بالشرط الفاسخ فهو يوجب الفسخ حتماً متى ما تمسك به الدائن؛ فليس للقاضي سلطة تقديرية في مدى تأهل ما وقع فيه الإخلال للفسخ بالنسبة إلى التزام المدين، وليس له إمهال المدين؛ ولا للمدين توقي الفسخ، وتنحصر سلطة القاضي في التحقق من توفر شروط الفسخ الاتفاقي وحصول المخالفة الموجبة لإعمال ذلك الشرط، كما أن للمدين المنازعة في تحقق الشرط. ويجب في الفسخ الاتفاقي أن تكون عبارة العقد دالة على أن للدائن الحق في فسخ العقد عند إخلال المدين بالتزامه دون أن يتوقف وقوع الفسخ على طلب يرفعه إلى المحكمة لتصدر حكماً بذلك، مثل النص على أن للمتعاقد فسخ العقد) أو (الحق في فسخ العقد ونحو ذلك من العبارات الدالة على أن الفسخ لا يتوقف على حكم المحكمة، ولا يلزم استخدام ألفاظ معينة لهذا الاتفاق، فكل ما يدل على هذا المعنى يحصل به المقصود، وأما إذا كانت عبارات العقد لا يستخلص منها سوى الشرط الفاسخ الضمني المفترض في كل العقود، أو كانت تدل على أن للدائن عند إخلال المدين طلب الفسخ من المحكمة؛ فلا بد من رفع دعوى بالفسخ، ويكون حكم المحكمة منشئاً للفسخ لا كاشفاً له، ولها كامل السلطة في تقدير حصوله، وللمدين توقيه قبل صدوره إذا لم يتبين للمحكمة أن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن. ووجود الشرط الفاسخ لا يعفي من إعذار المدين عند وقوع الإخلال ما لم يتفق المتعاقدان على الإعفاء منه أو توفرت إحدى الحالات المبينة في المادة (١٧٦)، ويشترط في هذا الاتفاق أي اتفاق الإعفاء من الإعذار - أن يكون صريحاً؛ فلا يكفي أن يكون ضمنياً، ويعد هذا استثناء مما تضمنته الفقرة (أ) من المادة المشار إليها، حيث أجازت تلك الفقرة أن يكون اتفاق الإعفاء من الإعذار صريحاً أو ضمنياً؛ وعلى هذا فاتفاق الإعفاء من الإعذار يصح أن يكون صريحاً أو ضمنياً لاستحقاق التعويض أو نقل تبعة الهلاك وأما في الإعفاء من الإعذار للفسخ الاتفاقي فيجب أن يكون صريحاً. ولا تعارض بين إعذار الدائن المدين وتكليفه بالتنفيذ حتى ولو اشترط صراحة الإعفاء من الإعذار وبين الفسخ بعد ذلك بمقتضى الشرط الفاسخ؛ فلا يعد ذلك نزولاً من الدائن عن حقه في الفسخ. وقصر الفسخ الاتفاقي على بعض الالتزامات لا يجعله يمتد إلى غيرها، ولا يحرم الدائن من الحق في التمسك بالفسخ القضائي بالنسبة إلى غيرها. ولا يجوز إعمال الشرط الفاسخ إذا تبين نزول الدائن عنه صراحة أو ضمناً، كما لا يمنع من صحة إعماله أن يكون التمسك به جائزاً للدائن وحده، إذ يبقى له الخيار بين إعمال أثره والمطالبة بالتنفيذ.
Related To
المادة الثامنة بعد المائة
يجوز الاتفاق على أن يكون للدائن حق فسخ العقد عند إخلال المدين بالتزاماته دون حاجة إلى حكم قضائي، ولا يُعفي هذا الاتفاق من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحةً على الإعفاء منه.