تخطَّ إلى المحتوى

شرح نظام المعاملات المدنية

شرح نظام المعاملات المدنية

دليل إرشادي يوضح معاني وغايات وتطبيقات مواد نظام المعاملات المدنية.

761 العدد

تقرر الفقرة الأولى من المادة أن نصوص النظام تطبق على جميع المسائل التي تتناولها وهي في الأصل مسائل المعاملات المدنية بمفهومها الضيق، إلا أنها تشمل في عمومها ووفقاً لما سبقت الإشارة إليه في مقدمة الشرح جميع المسائل التجارية أو الأحوال الشخصية أو العمالية ومسائل الإثبات وغيرها فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الخاصة فيها، وبما لا يتعارض مع طبيعتها.

وسواء كان تناول النصوص للمسائل واضحاً من منطوق المادة، أو من فحواها، فكلها معتبرة في الدلالة على الحكم المستنبط، ويستخدم في ذلك قواعد اللغة والمنطق وأصول الفقه وقواعد تفسير نصوص الأنظمة.

وبناء على ذلك؛ فاستخلاص المعنى من النصوص يكون من طريق عبارته وألفاظه، أو من طريق الإشارة، أو من طريق الدلالة، وذلك للوصول إلى إرادة المنظم. فأما استخلاص المعنى بطريق العبارة، فيقصد به ما يفهم من عبارة النص الذي يتبادر فهمه من صيغته ويكون هو المقصود من سياقه، ويلاحظ أنه إذا كان لبعض ألفاظ النص معنى لغوي وآخر اصطلاحي، فالأصل فيه أن يحمل على معناه الاصطلاحي. وأما استخلاص المعنى بطريق الإشارة، فيقصد به ما يفهم من إشارة النص وقد لا يفهم من ألفاظه، ولكن يكون لازماً لمعنى متبادر من ألفاظه، ويلاحظ أنه إذا تعارض المعنى المستفاد من طريق الإشارة لأحد النصوص مع معنى مستفاد من طريق عبارة نص آخر وجب تقديم معنى العبارة على معنى الإشارة. وأما استخلاص المعنى عن طريق دلالته فيقصد به ما يفهم من طريق مفهوم الموافقة أو مفهوم المخالفة، فالأول يفترض وجود نص تدل عبارته على حكم في واقعة لعلة اقتضت هذا الحكم، ووجود واقعة أخرى تساوي هذه الواقعة في علة الحكم أو أولى منها، فيثبت حكم النص للواقعة الأخرى عن طريق مفهوم الموافقة، والثاني: وهو مفهوم المخالفة؛ فيفترض وجود نص على حكم مقيد بقيد أو مشروط بشرط، فمنطوق النص وحكمه هو ما ورد عليه القيد أو الشرط، وخلاف الحكم فيما لم يرد فيه القيد أو الشرط، وهو مفهوم المخالفة.

ويلاحظ أن استخلاص المعنى بطريق العبارة أو الإشارة مقدم على استخلاصه بطريق الدلالة، وهو ما صرحت به القاعدة الكلية الواردة في الأحكام الختامية لهذا النظام، وهي: لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح.

ومن المسائل المهمة في دلالات النصوص على المعاني ما يتعلق بمفهوم القواعد الأمرة والقواعد المكملة في النصوص النظامية، وارتباطها بمفهوم النظام العام. فالقواعد الآمرة هي القواعد التي لا يجوز للأفراد مخالفتها لأنها وضعت للحفاظ على النظام العام، ويقابلها القواعد المكملة أو المفسرة فهي تكمل إرادة المتعاقدين وتفسرها في حال كان فيها غموض، وكلا النوعين من القواعد ملزم، إلا أنها تختلف في درجة الإلزام فالقواعد الآمرة لا يجوز مخالفتها أما القواعد المكملة فيجوز مخالفتها أو التعديل عليها من قبل طرفي التعامل، وإذا هم اتبعوها ولم يخالفوها فهي ملزمة لهم، والذي يميز بين النوعين هو اتصالها أو عدم اتصالها بالنظام العام.

والنظام العام من المفاهيم التي دار حولها بحث ونقاش طويل، ومن تعريفاته أنه كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع سواء كانت هذه المصلحة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو خلقية، ويصعب حصر صور هذه العناصر، فمنها: الكثير من مسائل الأحوال الشخصية، وهي مبينة في نظامها، وكذلك: أحكام المحل في التعاملات المالية في الجملة، وعدم جواز الاتفاق على أن يرتكب شخص جريمة بآخر مقابل مبلغ مالي والاختصاصات النوعية في المحاكم، وحالات منع القاضي من نظر بعض الدعاوى، وفكرة النظام العام نسبية تختلف باختلاف البلاد والأزمان، وهو ما يجعل ترك تقديرها للقضاء في غير ما نص عليه؛ هو الأنسب والأقرب لتحقيق مصالح الأشخاص.

وأما ما يتعلق بالمسائل المدنية المالية، ومنها موضوع هذا النظام فالأصل في أحكامه أنها من القواعد المكملة المفسرة التي يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها؛ لأن إصدار النظام في الأصل جاء تعبيراً عن إرادة مجموع المتعاملين؛ فالأشخاص عند التعاقد في الغالب يذكرون في عقودهم المسائل الأساسية مثل المبيع وقدر الثمن ويتركون تفاصيل العقد فيما يتعلق بمكان الوفاء وأحكام تنفيذه للنظام.

وبناء على ذلك؛ فما ورد في هذا النظام من مواد وما تضمنته من أحكام وقواعد تعد من حيث الأصل من القواعد المكملة التي يجوز للأطراف الاتفاق على خلافها، ويستثنى من ذلك نوعان من القواعد هي من النظام العام، وهي: النوع الأول: ما نص النظام فيها على أنها كذلك، ويكون ذلك بالتصريح على أنه لا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو أن التصرف أو الشرط أو التعامل باطل. والنوع الثاني: أن يكون حكم المادة مشمولاً في مفهوم النظام العام الذي سبقت الإشارة إليه، وذلك مثل الأحكام المتعلقة بمحل الالتزام، أو أحكام التنازل عن الأهلية، أو المسائل المتعلقة بتصرفات عديم الأهلية، ونحوها.

وتجدر الملاحظة أن المنظم لم يلتزم ببيان القواعد الآمرة أو المكملة في نصوصه، إلا أنه في بعض المواطن صرح بأن الحكم مما يجوز مخالفته، وفي بعضها أنه لا تجوز مخالفته؛ وذلك في المسائل التي يريد التأكيد عليها إما لأهميتها أو لرفع اللبس فيها. وحكم هذه الفقرة يقرر مبداً مهماً وهو أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود النص؛ فلا يجوز للقضاة فضلاً عن غيرهم أن يخالفوا مدلول النص والعدول عنه بقصد السعي للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه، وقد قرره النظام صريحاً في القاعدة الكلية الواردة في الأحكام الختامية لا مساغ للاجتهاد في مورد النص).

وتقرر الفقرة أنه في حال لم يوجد نص وفقاً لما سبق؛ فتطبق القواعد الكلية الواردة في الأحكام الختامية لهذا النظام؛ لأنها من نصوص النظام إلا أنها تأتي تالية على النصوص السابقة لها في النظام؛ لأن هذه الأخيرة نصوص خاصة في بابها، والقواعد الكلية تقدم على مجمل الأحكام المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية؛ وموجب ذلك كونها قواعد كلية وأصولاً عامة متفقاً عليها بين الفقهاء في الجملة.

ويقرر آخر الفقرة أنه إذا لم يوجد نص نظامي يمكن تطبيقه على المسألة، ولا قاعدة كلية يمكن تطبيقها؛ فتطبق الأحكام المستمدة من الشريعة الإسلامية، بالفهم الواسع لها ليشمل مقاصدها وقواعدها وأصولها واختار النظام التعبير بـ: "أحكام الشريعة الإسلامية"، دون "أحكام الفقه الإسلامي" ؛ لأن مفهوم المصطلح الأول أوسع في الدلالة على المراد, كما أنه هو التعبير الأشهر في الأنظمة في المملكة، كما في المادة الثامنة والأربعين من النظام الأساسي للحكم، والمادة الأولى من نظام القضاء، والمادة الأولى من نظام المرافعات الشرعية.

ومن المتقرر أن هذا يشمل كل أحكامها من أي مذهب من المذاهب الفقهية المعتبرة، دون التزام بمذهب معين مادام الاختيار يتوافق مع ما قررته المادة وهو أن يكون الأكثر ملاءمة لهذا النظام.

ولأن من أهداف النظام وغاياته توحيد الاجتهاد القضائي والحيلولة دون حصول التعارض والتناقض في الأحكام فقد قررت الفقرة قيداً عند الاستمداد من أحكام الشريعة الإسلامية في المسائل المسكوت عنها، وهو كونه الأكثر ملاءمة لهذا النظام، ويقصد به أن يكون الحكم الذي يتم اختياره من بين الاجتهادات الفقهية المستمدة من أحكام الشريعة هو الأكثر ملاءمة مع ما اختاره المنظم في أحكام هذا النظام؛ إذ إن كلا منهما - الحكم المنصوص عليه والحكم المسكوت عنه مستمد من الشريعة؛ فوجب أن يكون ما يتم اختياره مما هو مسكوت عنه ملائماً لما هو منصوص عليه؛ لئلا يكون هناك تعارض في الأحكام. وهذه الملاءمة لا تقتصر على ما اختاره النظام في مسائل بعينها؛ بل تشمل النظريات والقواعد العامة؛ مثل: توصيفات العقود، وأركانها، وعيوب الرضى، وقواعد الفسخ، وأركان الفعل الضار، ونحو ذلك.

وغني عن البيان أن اجتهاد المحكمة في استمداد الحكم الشرعي في المسائل التي تنظرها وفقاً لهذه الفقرة يخضع لرقابة المحكمة العليا استناداً إلى أن من اختصاصاتها رقابة سلامة تطبيق المحاكم للأنظمة.

والإحالة لأحكام الشريعة الإسلامية في هذه المادة يؤكد على أن نصوص النظام مستمدة منها، فحيث لا نص في النظام فيرجع إليها كونها هي المصدر الذي استمدت منه أحكام النظام.

وخلاصة القول وفقاً لما قررته الفقرة: إن ترتيب تطبيق النصوص على الوقائع يكون وفقاً للآتي:

  1. نصوص هذا النظام بكل أحكامها، سواء كانت هذه الأحكام معلومة من منطوق نص المادة أو من فحواها.

  2. إذا لم يوجد حكم وفقاً للفقرة (أولاً)، فتطبق القواعد الكلية الواردة في الأحكام الختامية من هذا النظام.

  3. إذا لم يوجد حكم وفقاً للفقرتين (أولاً) و (ثانياً) ، فتطبق الأحكام المستمدة من الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لهذا النظام، وفقاً لما سبق تقريره في مدلول الملاءمة.

ويجدر التنبه إلى أن الحاجة لإعمال الفقرتين (ثانياً) و (ثالثاً) يتطلب التحقق من عدم وجود نص للمسألة في هذا النظام سواء في النظرية العامة للالتزامات أو في الباب الخاص بها، وكذا في الأنظمة الأخرى.

وفيما يتعلق بإعمال القواعد الكلية الواردة في الأحكام الختامية؛ فهو مقيد بما قررته المادة (۷۲۰) بأن يكون تطبيقها بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع النصوص النظامية، مع مراعاة طبيعتها والشروط والاستثناءات الخاصة بكل منها.

واختار المنظم النص على تلك القواعد ؛ لأنها نصوص كلية تستوعب الأصول العامة والقواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية، ومن جهة أخرى فإن أحكامها متفق عليها في الجملة بين الفقهاء.

ومما له صلة بالمادة التي بين أيدينا من تلك القواعد قاعدة "العادة محكمة"، والعادة في تلك القاعدة هي العرف، ولكونها قاعدةً منصوصاً عليها في النظام فهي مصدر من مصادر الالتزامات في حال لم يوجد نص في النظام على الواقعة؛ ولذا لم يجد المنظم حاجة للنص على العرف لاستمداد حكم المسألة حال عدم وجود نص نظامي - كما هو الشأن في الكثير من القوانين النظيرة - اكتفاء بتلك القاعدة.

والعرف والعادة بمعنى واحد في الجملة، إلا أن النظام فرق بينهما؛ فعبر بالعرف في حال أراد الإشارة إلى المصدر، إلا ما يتعلق بالقاعدة الكلية "العادة محكمة"؛ لكونه التزم بالصياغات الأشهر للقواعد، وعبر بالعادة حين أراد العادة الجارية بين طرفي التعامل وتسمى كذلك "العادة الاتفاقية" ، وقد جمع النظام بين هذين المصطلحين بالمفهوم المشار إليه في الفقرة الثانية من المادة (١٠٤) ونصها: "إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الاكتفاء بالمعنى الحرفي للألفاظ، ويستهدى في ذلك بالعرف وظروف العقد وطبيعة المعاملة وما جرت به العادة في التعامل بين المتعاقدين وحالهما وما ينبغي أن يسود من أمانة وثقة بينهما".

ويترتب على هذا التفريق بين العرف والعادة الجارية بين طرفين النتائج الآتية:

  1. أن للمحكمة أن تطبق العرف من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به الطرفان أو أحدهما، أما العادة الجارية بين طرفين فلا تطبقها المحكمة إلا إذا تمسك بها أحد الأطراف.
  2. يتعين على المحكمة أن تتحرى عن العرف كما تتحرى عن النصوص واجبة التطبيق أما العادة الجارية بين طرفين فيقع على مدعيها عبء إثباتها.
  3. أن العرف يلزم الطرفين ولو كانا يجهلانه أما العادة الجارية بين طرفين فلا تلزمهما إلا إذا كانا يعلمان بها وقصدا الإحالة إليها.

وبينت الفقرة الثانية من المادة أن تطبيق نصوص هذا النظام لا يخل بإعمال النصوص النظامية الخاصة في المسألة؛ إذ النص النظامي الخاص مقدم على النص العام؛ سواء كان سابقاً له في الصدور أو تالياً له؛ فلو قرر نص نظامي في عقد معين أنه لا ينعقد إلا وفق شكل معين؛ فلا يصح الاحتجاج بما قرره هذا النظام من أن الأصل في العقود أنها رضائية على صحة العقد في حال تخلف ذلك الشكل.

بينت المادة أن التقويم المعتبر عند حساب المدد أو المواعيد الواردة في النظام هو التقويم الهجري؛ لأنه التقويم المعتمد في المملكة كما هو نص المادة الثانية من النظام الأساسي للحكم.

وتضمن النظام الكثير من المدد، مثل مدد التقادم، ومدد سقوط الحقوق، وأما المواعيد فهي ما يصدر من الجهات المختصة عند تحديد إجراء معين مثل مواعيد المحاكم ونحوها.

ولا يشمل حكم المادة ما إذا اتفق الأطراف على اعتبار غير التاريخ الهجري مثل التاريخ الميلادي في تعاملاتهم فيما يتعلق بالتزاماتهم وحقوقهم، كما لا يشمل حكم المادة: ما لو كان هناك عرف بين المتعاملين في اعتبار غير التاريخ الهجري فيعمل بذلك التاريخ، وفي المقابل فإنه إذا ورد في التصرفات أو العقود مدد أو مواعيد ولم ينص على خضوعها إلى التقويم الميلادي ولم يكن هناك عرف أو عادة بين المتعاملين بذلك، فإنها تخضع لحكم المادة ويتم احتسابها بالتقويم الهجري، فمثلاً: إذا كان ثمن البيع أو الأجرة مقسطة ولم يكن هناك اتفاق أو عرف على أن تكون بالتقويم الميلادي؛ فإنها تحدد بالتقويم الهجري.

ولا يقتصر إعمال حكم المادة في المدد أو المواعيد على السنوات أو الشهور إذا كانت معدودة فقط، بل يشمل كذلك لو تم وصفها، مثل ما لو اتفق الأطراف على الإعفاء من السنة الأولى من الإيجار، أو أن يتم تسليم الأجرة في نهاية الشهر السادس، أو أن تكون الأجرة بشكل نصف سنوي، وهكذا.

ولا بد من التأكيد على ما هو مستقر في القواعد العامة في طريقة حساب المدد والمواعيد؛ فلا يحسب اليوم الذي حصل فيه الإبلاغ أو الأمر المعتبر في نظر النظام مجرياً للمدة أو الموعد، وينقضي الموعد أو المدة بانقضاء اليوم الأخير منه إذا كان يجب أن يحصل فيه الإجراء أما إذا كان الموعد مما يجب انقضاؤه قبل الإجراء؛ فلا يجوز حصول الإجراء إلا بعد انقضاء اليوم الأخير من الموعد، وإذا صادف آخر الموعد عطلة رسمية امتد إلى أول يوم عمل بعدها، وأما إذا كانت العطلة في أوله أو في وسطه فإنها تحسب من المدة أو الموعد.

تتناول المادة أحد أحكام الشخصية الطبيعية، وهو بدايتها ونهايتها، فبينت الفقرة الأولى أنه لتحقق شخصية الإنسان يشترط شرطان:

  • الشرط الأول: أن تتم ولادته، ويتحقق ذلك بانفصاله عن أمه انفصالاً تاماً.
  • والشرط الثاني: أن تتحقق حياته عند تمام ولادته، ولو مات بعد ذلك بوقت وجيز، أما لو تمت ولادته ولكن كان الجنين ميتًا فلا تبدأ شخصيته.

وتثبت الشخصية للإنسان بصرف النظر عما يكسبه من حقوق أو يلتزم به من واجبات، فهي تثبت للمجنون والصغير غير المميز رغم كونهما فاقدي الإرادة. كما قررت الفقرة أن شخصية الإنسان تنتهي بموته، والموت إما أن يكون حقيقياً، أو حكمياً ويكون كذلك إذا صدر به حكم قضائي.

والأصل في إثبات الولادة والوفاة أن تكون من خلال ما هو مقيد في السجلات الرسمية المعدة لذلك، فإذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما قيد فيه؛ جاز الإثبات بأي طريق من طرق الإثبات المقررة نظاماً.

وبينت الفقرة الثانية أن حقوق الحمل - وهو ما كان قبل الولادة، تحددها الأنظمة الخاصة بها، وعلى الأخص نظام الأحوال الشخصية، وعبرت المادة بالحقوق لأن أهلية الوجوب توجد قبل الولادة، مثل: الوصية له، وإرثه من مورثه، واستحقاقه نصيبه من غلة الوقف، ويقتصر كسبه للحقوق فيما كان صالحاً منها أن يثبت له من غير حاجة لقبول منه، فلا تصح الهبة له مثلاً.

وتقييد الحمل بكونه مستكناً يخرج به ما إذا مات الحمل في بطن أمه، أو ولد ميتًا أو حيًا حياة غير مستقرة؛ فلا يثبت له شيء من الحقوق وفق ما هو مقرر في نظام الأحوال الشخصية.

وإثبات خروج المولود حياً واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات المقررة نظاماً، ومنها الاستعانة بالقرار الطبي، ولا يشترط في ذلك أن يكون المولود قد قيد بسجلات المواليد.

بعد أن قررت المادة الثالثة حكم بداية الشخص ونهايته، تأتي هذه المادة لبيان حكم المفقود والغائب ومجهول النسب؛ لأن هذه الأوصاف الواردة عليهم قد تكون مؤثرة في أحكامهم من جهة بداية شخصيتهم كما في مجهول النسب، أو من جهة نهاية شخصيتهم كما في المفقود والغائب.

والغائب هو الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل إقامته وتعذرت إدارة شؤونه المالية بنفسه أو بوكيل عنه مدة تقررها المحكمة، وترتب على ذلك تعطيل مصالحه أو مصالح غيره، والمفقود هو الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته.

وقررت المادة أن الأحكام المتعلقة بهم تنظمها أنظمتهم الخاصة، وعلى الأخص: نظام الأحوال الشخصية، ومنها بيان المراد بهم، وإقامة الولي عن المفقود والغائب، وكيفية حفظ أموالهم وإدارتها، وخضوع ذلك لرقابة الجهات المختصة بهم، ومتى يعد المفقود ميتًا، وغيرها من أحكام.

أما ما يتعلق بتصرفات النائب عنهم سواء كان وليًا أو وصيًا أو وكيلاً؛ فهي خاضعة لأحكام هذا النظام ما لم يوجد نص خاص في تلك الأنظمة.

ويخضع مجهول النسب - وهو اللقيط في أحكامه للأنظمة الخاصة به، سواء في تسميته أو حضانته أو إدارة أمواله وكل ما يتعلق به، وأما تصرفاته فهي خاضعة لأحكام هذا النظام وفقاً لأهليته سواء كانت كاملة أو ناقصة أو كان فاقدًا لها.

تشير المادة إلى بعض خصائص الشخصية الطبيعية وهي الاسم واللقب والأسرة والقرابة والجنسية إكمالاً لأحكام الفرع، فبينت أن الأحكام المتعلقة بأسماء الأشخاص مثل المسموح والممنوع منها وكيفية تسجيلها، وما يتعلق بألقابهم مثل أسماء عوائلهم وقبائلهم، وأحكام الأسرة، وأحكام الجنسية، ومنها شروط اكتسابها وفقدها؛ تخضع للأنظمة الخاصة بها.

وأما أحكام القرابة فقد جرى تنظيم بعض أحكامها في المادتين (٦) و (٧) من هذا النظام، وأما أحكامها الأخرى فهي خاضعة للأنظمة الخاصة بها مثل نظام الأحوال الشخصية فيما يتعلق بالإرث والحضانة والنفقة وغيرها من مسائل الأحوال الشخصية. ويجدر التنبه على أن الأحكام المتعلقة بالمعاملات المدنية لهذه المسائل تخضع لهذا النظام، مثل: الاعتداء على الأسماء أو استغلالها.

تتناول هذه المادة الأحكام المرتبطة بالشخصية من جهة تحديد قرابات الشخص المباشرة وغير المباشرة وبيان قربها وبعدها منه، وقبل الحديث عن القرابة لابد من القول: إن أسرة الشخص تتكون من ذوي قرباه، فهي مجموعة الأفراد الذين تربط بينهم رابطة القرابة، وبينت المادة في فقرتيها أنواع القرابات المباشرة وغير المباشرة. فبينت الفقرة الأولى النوع الأول، وهو القرابة المباشرة، وتسمى قرابة الولادة. ويقصد بها كل علاقة بين أصل وفرعه، وهي تشمل الأولاد سواء كانوا أبناء أم بنات مع أصولهم سواء كانوا آباء أو أمهات، فالابن وابن الابن وإن نزل، والأب والجد وإن علا، كل هؤلاء من القرابة المباشرة.

وبينت الفقرة الثانية النوع الثاني، وهو القرابة غير المباشرة، وتسمى قرابة الحواشي.

ويقصد بها كل علاقة بين قريبين خارجين عن عمود النسب، والضابط هو أن يجمعهم أصل مشترك، فالأخ من الحواشي والأصل المشترك الأب وابن العم من الحواشي والأصل المشترك هو الجد من جهة الأب، وابن الخال من الحواشي والأصل المشترك هو الجد من جهة الأم.

بعد أن بينت المادة (٦) أنواع القرابات ومعناها، بينت هذه المادة كيفية حساب درجات القرابة بنوعيها، وقرابة المصاهرة.

فالفقرة الأولى بينت كيفية حساب درجة القرابة المباشرة، وذلك بحساب الفروع فقط صعوداً إلى الأصل دون حساب الأصل، فمثلاً: ابن الابن قريب من الدرجة الثانية لجده، فابن الابن درجة والابن درجة، ولا يحسب الجد لأنه الأصل. وأما درجة القرابة غير المباشرة، فتتحدد بعدد الفروع صعودًا من الفرع للأصل المشترك ثم نزولاً منه إلى الفرع الآخر، وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعد درجة، كما نصت عليه الفقرة، فمثلاً: ابن العم قريب من الدرجة الرابعة لابن عمه، لأنه درجة ثم نصعد للأب فيكون درجة ولا يحسب الجد لأنه الأصل المشترك، ثم ننزل للعم فيكون درجة ثم ابنه درجة، فتحصل أربع درجات.

وبينت الفقرة الثانية نوعاً آخر من أنواع القرابة وهي قرابة المصاهرة، وهم أقارب كل من الزوجين بالنسبة للآخر، ويلاحظ أن أقارب الزوج لا يدخلون في أسرة أقارب الزوجة وإنما يدخلون فقط في أسرة الزوجية، وكذلك العكس، فقرابة المصاهرة لا تربط بين أقارب الزوجين بل تربط بين أقارب أحد الزوجين والزوج الآخر، كما يلاحظ أن صلة الزوج بزوجه ليست صلة مصاهرة وإنما صلة زوجيه.

وتحسب درجة قرابة أحد الزوجين لأحد قرابة الزوج الآخر بالطريقة التي سبق بيانها وكأن الزوج في محل الزوجة والعكس، فمثلاً : جد الزوج قريب من الدرجة الثانية لزوجة ابن ابنه وابن عم الزوجة قريب من الدرجة الرابعة للزوج، وهكذا.

وهذه المادة من مواد النظام التي يمتد حكمها ليشمل أنظمة أخرى غير هذا النظام لأنها من القواعد العامة في القوانين المدنية وغيرها، وتطبيقات حكم المادة كثيرة في الإجراءات القضائية والإدارية، فقد منعت عدد من الأنظمة إجراءات وأعمال محددة بناء على درجة قرابة أحد أطراف المعاملة أو الدعوى بالآخر، ومن أمثلة ذلك منع القاضي أو رده من نظر الدعوى إذا كان أحد الخصوم قريباً أو صهراً له إلى الدرجة الرابعة، المادتان (94) (96) من نظام المرافعات الشرعية، ومنع أعوان القضاة من محضرين وكتبة وغيرهم من مباشرة أي عمل يدخل في حدود وظائفهم في الدعاوى الخاصة بأقاربهم أو أصهارهم حتى الدرجة الرابعة.

وغني عن البيان أن توصيف القرابة بأنواعها المباشرة وغير المباشرة والمصاهرة وتحديدها وفقاً لما سبق لا ينطبق على أحكام المواريث أو النفقة أو الولاية أو الحضانة أو أي من مسائل الأحوال الشخصية؛ لوجود أحكام وأوصاف خاصة بها في أنظمتها. ولا يدخل في أسرة الشخص وقرابته إلا من ثبت أنه منهم وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية كما هو مبين في الأنظمة الخاصة، كما لا يستطيع الشخص أن يُدخل بإرادته من يشاء في عداد أفراد أسرته؛ ذلك أن حقوق الأسرة لا تخضع لسلطان الإرادة بل هي من أحكام النظام العام.

تتناول المواد (۸-۱۱) أحد أحكام خصائص الشخصية الطبيعية وهو: "الموطن"، وقد قرر النظام في هذه المواد لموطن الشخص الطبيعي عدداً من الأنواع، وهي الموطن المعتاد، وموطن الأعمال، وموطن عديم الأهلية وفاقدها والمفقود والغائب الموطن النظامي، والموطن المختار

ويلاحظ أنه قد يعبر في بعض الأنظمة بالموطن ويراد به الوطن وهو خارج عن أحكام هذا النظام ويخضع للأنظمة الخاصة به.

وتناولت هذه المادة النوع الأول من الموطن وهو الموطن المعتاد، وهو الأصل في موطن الشخص الطبيعي؛ ولهذا يسمى هذا الموطن بـ "الموطن العام". وقررت المادة شرطين ليكون المكان موطناً معتاداً (عاماً)، وهما:

  • الشرط الأول: الإقامة فيه؛ فلا يكفي مجرد الوجود والسكن ما لم تكن الإقامة مستقرة ولا يلزم أن تكون هذه الإقامة من دون انقطاع وإنما يقصد استمرارها على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة، فلو اعتاد الشخص أن يقضي فصل الصيف مثلاً في مكان إقامة معين فيعد موطناً له، وأما إذا اعتاد أن يقضي فصل الصيف في مكان يختلف كل عام عن الآخر؛ فإن إقامته في هذه الأمكنة لا تعتبر مستقرة ولا تجعل منها موطناً له.

    كما لا أثر لمكان وظيفة الشخص في تحديد موطنه إلا بالقدر الذي يتحقق معه وصف الإقامة، فلو كان الشخص يقيم في الرياض، وهو موظف في محافظة الخرج ويتردد عليها؛ فلا تعد الخرج موطناً له في أحكام تطبيق هذا النظام.

  • والشرط الثاني نية الاستقرار في المكان، وهذه النية يمكن الاستدلال عليها بظروف حال الشخص.

وبناء على هذا ؛ فقد يكون للشخص أكثر من موطن في حال تحقق فيه الشرطان السابقان، كمن يكون له موطنا إقامة في مدينتين ويقيم في كليهما إقامة معتادة؛ فتكون كل واحدة من المدينتين موطناً له، وتطبق أحكام الموطن على أي منهما.

وإذا لم يكن للشخص مكان إقامة معتاد كالبدو الرحل؛ فبين آخر المادة أن محل وجوده يعد موطناً له، وإذا لم يكن محل وجوده معلوماً فيكون موطنه آخر محل وجد فيه، وليس من هذا النوع من يكثر السفر كثيراً فهو ذو موطن ما دام أن له مكاناً يرجع إليه ويقيم فيه عادة.

وبهذا يتضح أن النظام أخذ بنظرية الموطن الواقعي، والتي تجيز أن يكون للشخص أكثر من موطن خلافاً لنظرية الموطن النظامي، والتي لا تجيز إلا أن يكون له موطن واحد.

تتناول هذه المادة النوع الثاني من موطن الشخص الطبيعي، وهو موطن الأعمال؛ فبينت أن موطن الشخص فيما يتعلق بإدارته لأعمال تجارته أو مهنته هو المكان الذي يباشر فيه هذه التجارة أو المهنة، فلا عبرة بموطنه المعتاد في هذه الحالة، فمثلاً: لو كان الشخص يقيم في الرياض، وله مكتب تجاري أو مكتب محاماة في جدة فالموطن بالنسبة لهذه الأعمال هو جدة، وأما التزاماته وأعماله الأخرى فالعبرة فيها بالموطن العام.

ومن المتقرر أن المقصود بهذه المادة هو الشخص الطبيعي في حال قيامه بالتجارة، ومنها الأعمال المتعلقة بالشركات المنصوص عليها في هذا النظام؛ لأن النظام لم يجعل لها شخصية اعتبارية مستقلة، وأما إذا كان الشخص الطبيعي ممثلاً للشخصية الاعتبارية فالعبرة بموطن الشخصية الاعتبارية وفقاً لما سيأتي في المادة (۱۸).

تتناول هذا المادة تحديد موطن عديم الأهلية وناقصها والمفقود والغائب، وهو النوع الثالث من أنواع موطن الشخص الطبيعي، ويعد استثناء من القاعدة العامة في الموطن؛ فلا يعتد بمكان إقامة المذكورين في تحديد الموطن المعتبر في أحكام هذا النظام؛ ومبرر ذلك واضح؛ لأن المفقود والغائب لا يعرف مكانهم أصلاً، وأما عديم الأهلية وناقصها فلا أثر لمكان إقامتهم في تصرفاتهم والتزاماتهم، واعتبار موطن النائب عنهم هو ما يحقق مصلحتهم ومصلحة النائب عنهم والمتعامل معهم.

ثم قررت المادة حكماً خاصا في الموطن، وهو لـ ناقص الأهلية المأذون له" وهو من أتم خمس عشرة سنة من عمره وسلمه وليه أو وصية أو المحكمة مقداراً من ماله وأذن له في التصرفات المالية، فيجوز أن يكون له موطن خاص في هذه التصرفات؛ وموجب هذا أنه بمنزلة من بلغ سن الرشد في التصرفات التي أُذن له فيها.

ويجدر التنبه إلى أن مجهول النسب إذا لم يكن موصوفاً بأحد الأوصاف الواردة في المادة؛ فإن أحكامه لا تختلف عن أحكام الشخص الطبيعي فيما يتعلق بالموطن.

تبين هذه المادة النوع الرابع من أنواع الموطن، وهو: "الموطن المختار"، وحكم المادة استثناء أيضاً على القاعدة العامة في الموطن، ولبيان مفهوم المادة لابد من التفريق في هذا الإطار بين نوعين من الأعمال:

  • النوع الأول: أعمال التجارة أو المهنة التي يمارسها الشخص على سبيل الدوام؛ فالموطن هو مكان التجارة أو المهنة وفقاً لما نصت عليه المادة (٩).

  • والنوع الثاني الأعمال التي لا توصف بكونها تجارة أو مهنة، فالأصل أن موطن الشخص فيها هو الموطن العام، ولكن قررت الفقرة الأولى من المادة أنه يجوز للشخص أن يختار موطناً آخر لهذه الأعمال، مثل اختيار مكتب المحامي وهو في مدينة غير مدينة الشخص ليكون موطناً لتلقي الأوراق بخصوص عمل معين، أو اختيار المدين مدينة غير المدينة التي يقيم فيها لتكون موطناً للوفاء في عمل معين، أو اختيار المشتري مدينة غير مدينته لتكون موطناً لتنفيذ عقد البيع، لاستيفاء باقي الأقساط مثلاً أو لتطبيق أحكام التنفيذ الجبري، كما يجوز أن يكون الموطن مقتصراً على بعض هذه الأعمال.

وينتهي الموطن المختار بانتهاء العمل الذي اتخذ من أجله. واستناداً لحكم هذه المادة فالموطن المختار يكون لعمل معين؛ وعليه فليس للشخص أن يختار موطناً عاماً له يخالف الموطن العام المقرر وفقاً لأحكام المادة الثامنة. وقررت الفقرة الثانية أن الموطن المختار يشترط لإثباته - عند المنازعة أن يكون مكتوباً، ولا يعتد بغير ذلك، ولا ينظر في هذه الحالة إلى قيمة العمل.

تتناول المواد (۱۲) (١٦) أنواع الأهلية، والأهلية هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ومباشرة الأعمال والتصرفات النظامية، وهي نوعان:

  • النوع الأول: أهلية الوجوب، وهي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق، والأصل أن كل شخص يتمتع بأهلية وجوب كاملة، وهي تثبت للإنسان في كل أطوار حياته، حتى وهو حمل في بطن أمه، إلا أن أهليته ناقصة كما سبق ذكر ذلك في شرح المادة (۳).
  • والنوع الثاني: أهلية الأداء، وهي صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال ذات الأثر النظامي، وهي مفروضة في الشخص إلا أنها تتأثر كقاعدة عامة بسنه ودرجة تمييزه والأصل أن كل شخص أهل للتصرف؛ ما لم يكن عديم الأهلية أو ناقصها بمقتضى نص نظامي وفقاً لما قررته المادة (٤٧).

ومن المتقرر أن الأعمال التي تصدر عن الإنسان وتحدث أثراً نظامياً إما أن تكون أعمالاً مادية أو أعمالاً نظامية.

  • ويقصد بالأعمال المادية الأعمال التي تظهر في عالم المحسوسات في صورة معينة، وهي إما أن تكون اختيارية أو غير اختيارية، ولا تحدث هذه الأعمال أثراً إلا إذا كان النظام قد قرر هذا الأثر، والعمل قد يكون نافعاً كما إذا قام الشخص بعمل جعل غيره يثري على حسابه، وهو الإثراء بلا سبب، أو أن يكون عملاً ضاراً كما لو أتلف الشخص مالاً مملوكاً للغير، وهذا هو الفعل الضار.

  • ويقصد بالأعمال النظامية الأعمال الإرادية التي تتجه لإحداث أثر نظامي، فالشخص هنا قصد إحداث الأثر، والأهلية صفة تلحق الشخص فتصبح بها أعماله منتجة لآثارها النظامية.

  • ومناط هذه الأهلية هو التمييز، فإذا فقد الشخص التمييز فهو عديم الأهلية وإن كان ناقص التمييز فهو ناقص الأهلية.

ونخلص مما سبق إلى أن الأشخاص ليسوا سواء من حيث مباشرة الأعمال التي تحدث أثراً نظامياً، وهم - وفقاً لما سيرد في المواد التالية - أربعة أنواع:

  • النوع الأول: كامل الأهلية، وهو ما بينته هذه المادة.
  • والنوع الثاني: عديم الأهلية، وهو ما بينته المادة (۱۳).
  • والنوع الثالث: ناقص الأهلية، وهو ما بينته المادة (١٤).
  • والنوع الرابع: ناقص الأهلية المأذون له، وهو ما بينته المادة (٥١).

ويجدر التنبه إلى أن مواد هذا الفرع المتعلقة بالأهلية تنظم بيان أنواع الأشخاص بالنسبة للأهلية، بما في ذلك الشروط والقيود الواردة على كل نوع، وأما تصرفاتهم النظامية أو آثار أعمالهم المادية فسيأتي الحديث عنها تفصيلاً في المواد المتعلقة بأهلية المتعاقدين والفعل الضار والإثراء بلا سبب، وسيتضمن شرح تلك المواد بيان ما يشترط له كمال الأهلية أو أصلها فقط دون كمالها، ومتى تكون تلك التصرفات صحيحة أو باطلة أو قابلة للإبطال، كما سيرد حكم تصرفاتهم قبل الحجر وبعده.

شرعت هذه المادة بفقرتيها في بيان النوع الأول من أنواع الأشخاص بالنسبة للأهلية، وهو كامل الأهلية" وهو الأصل كما سبقت الإشارة إليه، ولأن مناط الأهلية هو التمييز؛ فإن الشخص كامل التمييز هو بالضرورة كامل الأهلية ما لم يوجد عارض من عوارض الأهلية، وفق ما سيأتي بيانها.

ويكون الشخص كامل الأهلية إذا أتم سن الرشد، وهو متمتع بقواه العقلية، ولم يحجر عليه، والحجر كما سيأتي في المادة (١٤) إما للسفه أو لكونه ذا غفلة، وبهذا التعريف يخرج

  1. من لم يبلغ سن الرشد، وهو قد يكون عديم الأهلية إذا كان دون سن التمييز، أو ناقص الأهلية إذا كان مميزاً ودون سن الرشد.

  2. والمجنون والمعتوه؛ لأنهما لا يتمتعان بكامل قواهما العقلية، فالأول عديم الأهلية، والثاني ناقصها.

والمحجور عليه لسفه أو لغفلة؛ فهما ناقصا الأهلية.

والرشد هو الصلاح في المال؛ بحفظه عن التبذير، ومعرفة الوجوه المشروعة لكسبه وإنفاقه، وقد وضع له النظام علامة بينة وهي تمام ثماني عشرة سنة هجرية؛ فالأصل أن من أتمها فهو رشيد ما لم يثبت خلاف ذلك.

ويترتب على اكتمال أهلية الشخص وفقاً لأحكام المادة انتهاء الولاية أو الوصاية التي كانت عليه، وصحة تصرفاته بغض النظر عن حصول النفع أو الضرر من هذا التصرف.

بينت المادة بفقرتيها النوع الثاني من أنواع الأشخاص بالنسبة لأهليتهم، وهو عديم الأهلية، وهو فاقد التمييز. وفقد التمييز قد يكون لصغر في السن أو لجنون.

  • ففاقد التمييز لصغر السن هو الصغير الذي لم يتم السابعة من عمره كما بينته الفقرة الثانية؛ فيعد عديم الأهلية قبل تمامه هذه السن.

  • وفاقد التمييز للجنون، هو من زال عقله بالكلية ولا ترجى إفاقته، ولا فرق بين أن يكون الجنون موجوداً من الولادة أو أن يكون قد طرأ بعد ذلك.

واختار النظام اعتبار الجنون وصفاً مؤثراً في الأهلية دون تفصيل بين ما إذا كان الجنون مطبقاً أو غير مطبق، فإذا صدر الحكم بالحجر على المجنون؛ فإن تصرفاته تعد باطلة كما سيأتي، ولو كان يفيق أحياناً؛ وهذا هو الاتجاه الأنسب في ضبط حقوق المجنون والمتعاملين معه، وفي حكم المجنون كل من أصيب بالخرف وتقرر ذلك بحكم المحكمة.

وأحكام الحجر وموجباته ورفعه مقررة في نظام الأحوال الشخصية.

بيت المادة النوع الثالث من أنواع الأشخاص بالنسبة لأهليتهم، وهو ناقص الأهلية، ويشمل:

  • أولاً: الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد، وسبق بيان أن سن التمييز هي تمام سبع سنين، وأن سن الرشد هي تمام ثماني عشرة سنة، فمن كان بينهما فهو مميز إلا أن تمييزه لم يكمل، فيكون ناقص أهلية.

    ولابد من ملاحظة أن نقص الأهلية مؤثر في التصرفات، أما أعماله المادية وبالتحديد الإثراء بلا سبب والفعل الضار، فهو مسؤول بخصوصها وهو ما بينته أحكام المواد المتعلقة بالفعل الضار والإثراء بلا سبب في المادتين (١٢٢، ١٤٤).

  • ثانياً: المعتوه، وعرفته المادة بأنه: ناقص العقل الذي لم يبلغ حد الجنون".

    والعته اضطراب في العقل بسبب أصل الخلقة أو المرض طارئ يصير صاحبه قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير، فمن اتصف بذلك فهو ناقص الأهلية، وإذا صار العته شديداً صار كالمجنون عديم الأهلية.

    ولأن كلاً من الجنون والعته يتطلب إثباتهما تقريراً من خبير؛ فبيان الحد الفاصل بين الجنون والعته يكون شأناً طبياً يرجع لرأي الخبير. واختار النظام اعتبار المعتوه ناقص أهلية خلافاً لبعض الاتجاهات القانونية، لأنه يختلف عن المجنون في الواقع، واعتباره من ناقصي الأهلية هو الأنسب في حفظ حقوق من يتصف بهذا الوصف وحقوق من يتعامل معه، وأدعى لاستقرار التعاملات.

  • ثالثاً: المحجور عليه لسفه أو لكونه ذا غفلة، والسفه والغفلة عارضان على الأهلية إلا أنهما لا يصيبان العقل بخلاف الجنون والعته، وإنما يرتبطان بعدم القدرة على التدبير؛ فيشمل هذا النوع:

    • أ- المحجور عليه لسفهه، والسفه هو إضاعة المال وتبديده، والسفيه من ينفق أمواله فيما لا مصلحة له فيه.

    • ب المحجور عليه لكونه ذا غفلة، وذو الغفلة هو من يسهل استغفاله وخداعه في التعاملات إما لقلة خبرته أو لبلاهته.

    وغني عن البيان أنه يشترط لاعتبار المذكورين ناقصي أهلية هو صدور حكم بالحجر عليهما.

بعد أن قرر النظام تقسيم الأشخاص بالنسبة لأهليتهم، قررت هذه المادة أن أحكام الولاية والوصاية المتعلقة بعديم الأهلية وناقصها تخضع للنصوص النظامية الخاصة بها، وبالتحديد نظام الأحوال الشخصية.

والولي إما أن يكون الأب وهو الولي الجبري، أو من تقيمه المحكمة ولياً سواء كانت ولاية عامة أو خاصة، والوصي هو من يقيمه الأب وصياً على أولاده في حياته عند عجزه، أو بعد وفاته.

والولاية قد تكون ولاية على النفس، وهي الإشراف العام على المولى عليه بما لا يتعارض مع سلطة الحاضن في إدارة شؤون المحضون أو ولاية على المال، وهي: العناية بكل ما له علاقة بمال المولى عليه.

وكما سبق فإن أحكام التصرفات النظامية للأشخاص أو آثار أعمالهم المادية سواء كانوا عديمي الأهلية أو ناقصيها، وكذلك تصرفات النائب عنهم سواء كان ولياً أو وصياً تخضع لأحكام هذا النظام.

بعد أن قررت المواد السابقة عدداً من الأحكام المتعلقة بالشخص ذي الصفة الطبيعية، ومنها ما يتعلق بأهليته - كمالها ونقصها وفقدها نصت هذه المادة على أن هذه الأحكام من النظام العام الذي لا يجوز الاتفاق على مخالفته.

فالنزول عن الأهلية أو التعديل في أحكامها ليس من حق الشخص؛ وذلك حماية له من نفسه ومن غيره، وهذا المنع يشمل أهلية الوجوب وأهلية الأداء، وغني عن البيان أن حكم هذه المادة لا يشمل منع الشخص من التصرف أو تقييده وفقاً لأحكام النظام بناء على عقد أو نظام أو غير ذلك من مصادر الالتزام، فلا يعد ذلك نزولاً عن الأهلية أو تعديلاً في أحكامها.

ومثل الأهلية الحرية، فلا يجوز للشخص أن ينزل عنها أو يُعدل في أحكامها إلا بالقدر الذي لا يتعارض مع النظام العام، فلا يجوز أن تكون الحرية محلاً للتعامل، مثل: أن يلتزم شخص التزاماً أبدياً أن يعمل عند شخص معين، أو أن يلتزم بأن لا يباشر حرفة معينة طول حياته.

وامتداداً للأحكام السابقة المتعلقة بالشخصية ذات الصفة الطبيعية فإن لكل من وقع عليه اعتداء غير مشروع على حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطالب بوقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون لحقه من ضرر.

تتناول المادة تعداد أفراد الأشخاص ذوي الشخصية الاعتبارية، ولأن النظام لا يتجه إلى حصرهم مراعاة لما يستجد من تطورات في تشكلات المنشآت الإدارية أو التجارية والاقتصادية، فقد نصت المادة في الفقرة الأخيرة منها على أن كل ما يمنحه النظام هذه الشخصية فهو من أفراد الشخصية الاعتبارية؛ لبيان أنه ليس هناك ما يمنع من تدخل المنظم فيما بعد للاعتراف بصور أخرى من صور الأشخاص الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة ذلك.

ويمكن قسمة أنواع الشخصية الاعتبارية إلى نوعين وتحت كل نوع عدد من أفراد هذه الشخصية، وهما:

  • النوع الأول: الأشخاص ذوو الصفة الاعتبارية العامة، وهم الجهات - بما فيها الدولة التي تضطلع بتحقيق مصالح تهم المجتمع كله أو جزءًا منه، ومعيار ذلك قيام الشخص الاعتباري بوظائف السلطة العامة كلها أو بعضها، وأن الدولة هي من أنشأته، وتشمل ما يلي:

  • أولاً: الدولة، ويقصد بها الكيان المعروف، وما تفرع عنه، مثل: إمارات المناطق، والمحافظات، والمراكز.

  • ثانياً: الهيئات والمؤسسات العامة والمصالح التي تمنح شخصية اعتبارية بموجب النصوص النظامية، وتشمل الوزارات، وهيئات الدولة، ومؤسساتها العامة، ومصالحها، ويشترط أن تمنح هذه الشخصية بموجب نص نظامي، ويقصد بالنص النظامي: كل أداة تنظيمية تصدر من جهة مختصة ويكون من صلاحيتها هذا المنح، ويشمل ذلك - إضافة إلى "النظام" بمعناه الوارد في النظام الأساسي للحكم التنظيمات، والأوامر الملكية، والأوامر السامية، وقرارات مجلس الوزراء.

  • والنوع الثاني: الأشخاص ذوو الشخصية الاعتبارية الخاصة، وهم كل ما عدا من ذكر في القسم الأول، ويشمل ما يلي:

  • أولاً: الأوقاف، وقد استقر الفقه والقضاء في المملكة على اعتبار الوقف من الأشخاص ذوي الصفة الاعتبارية، واقتصر النظام على الإشارة إلى مسألتين في الوقف، الأولى: النص على أنه من الحقوق العينية الأصلية في المادة 27\50 والثانية: أن الالتزام لا ينقضي إلا بمرور عشر سنوات إذا كان ريعاً واجباً على ناظر الوقف أداؤه للمستحق وفقاً لنص المادة (٢٩٦)، وفيما عدا ذلك أحال النظام في المادة (٦٩٨) للنصوص النظامية الخاصة بالوقف، والتي تعنى بتنظيم كل ما يتعلق بالوقف من أحكام، وفي حال لم يوجد نص فيها؛ فإنها تخضع لأحكام هذا النظام.

  • ثانياً: الشركات التي يمنحها النظام شخصية اعتبارية، ومنها الشركات التجارية، وصدر بخصوصها: "نظام الشركات بالمرسوم الملكي رقم م / ۱۳۲ بتاريخ ١/ ١٢ / ٥١٤٤٣، والشركات المهنية، وصدر بخصوصها: "نظام الشركات المهنية بالمرسوم الملكي رقم م/17 بتاريخ 1441/1/26هـ

  • ولا تشمل المادة الشركات المدنية التي نص عليها هذا النظام، وتسمى : الشركات الفقهية)، و الشركات المدنية ؛ فقد اختار المنظم عدم إضفاء الشخصية الاعتبارية عليها، كما سيأتي مفصلاً في شرح الفرع الرابع من القسم الثاني (عقود المشاركة).

  • ثالثاً: الجمعيات الأهلية والتعاونية والمؤسسات الأهلية التي يمنحها النظام شخصية اعتبارية.

  • وقد صدر بخصوص تنظيمها نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية" الصادر بالمرسوم الملكي رقم 8/م بتاريخ 1437/2/19 هـ ، و نظام الجمعيات التعاونية" الصادر بالمرسوم الملكي رقم 14/م بتاريخ 1429/3/10 هـ.

  • وفي حين يشترك نوعا الشخصية الاعتبارية في بعض الأحكام، إلا أنهما يختلفان في بعض الأحكام، ومن أبرزها:

  • أولاً: لا يجوز الحجز على أموال الشخصية الاعتبارية العامة، ولا التنفيذ على أموالها بخلاف الشخصية الاعتبارية الخاصة فيمكن التنفيذ على أموالها.

  • ثانياً: لا تتقادم حقوق الشخصية الاعتبارية العامة بخلاف حقوق الشخصية الخاصة وفقاً لما ورد في أحكام النظام.

بعد أن بينت المادة (۱۷) تعداد أفراد الشخصية الاعتبارية، جاءت هذه المادة لبيان الموطن الذي يمكن أن يكون للشخصية الاعتبارية، وهو ما يعرف بالموطن النظامي؛ ويقصد به المركز الرئيس لإدارة أعمال الشخصية الاعتبارية.

وهذا الموطن هو موطن عام للشخصية الاعتبارية، ويخضع له في كافة أعمالها؛ فلا يمكن أن يكون للشخصية الاعتبارية أكثر من موطن نظامي واحد.

وإذا كان للشخصية الاعتبارية أكثر من فرع فيمكن أن يكون لكل فرع منها موطن خاص به، بشرط أن يمارس فيه هذا الفرع نشاطاً مستقلاً.

ومن التطبيقات المهمة لموطن الشخصية الاعتبارية فيما يتعلق بالدعاوى القضائية أنها ترفع في المحكمة التي يقع في دائرتها موطن الشخصية الاعتبارية، كما أنها إذا كانت المدعى عليها، فإن رفع الدعوى يكون في المحكمة التي يقع في دائرتها موطنها، إلا إذا كان المدعي يرغب رفعها في موطن الفرع الذي يقع في دائرته موضوع الدعوى.

وقد يكون هناك خلاف بين المركز الرئيس للشركة وموطنها، فمثلاً: الشركة الأم مقرها في أمريكا ولها فرع في المملكة، فموطنها في المملكة هو موطن فرعها.

ويجدر التنبيه إلى أنه إذا لم يكن للشخصية الاعتبارية مركز رئيس، أو لم يكن لها نشاط فعلي؛ فإنه يتم الاستدلال على موطنها بأي دليل، مثل: مكان وجود مديرها، أو أوراقها ومستنداتها، أو المكان الذي يتم فيه اتخاذ قراراتها الإدارية، وغير ذلك.

قررت هذه المادة أن الشخصية الاعتبارية تتمتع بالحقوق عينها التي تتمتع بها الشخصية الطبيعية، إلا ما كان منها ملازماً للصفة الطبيعية للشخصية، وهي الحقوق التي تتعلق بالجانب الإنساني المادي والمعنوي للإنسان، مثل:

  • أولاً: حق الزواج والطلاق، فلا يمكن أن يكون هذا الحق للشخصية الاعتبارية.
  • ثانياً: حق النسب، فلا يمكن أن يكون هذا الحق للشخصية الاعتبارية.
  • ثالثاً: حق الولاية والحضانة، فلا يمكن أن يكون هذا الحق للشخصية الاعتبارية.

وبناء على ذلك؛ فللشخصية الاعتبارية حق الاسم الخاص بها، ومنه الاسم التجاري، ولها حق الموطن، ولها الحق في أموالها، ولها حق التقاضي، والحق في الذمة المالية المستقلة، ولها جنسية تحدد بموجب النظام الخاص بها، ولها الحق في الحماية من الاعتداء على حقوقها، ونحو ذلك.

وتخضع الشخصية الاعتبارية في الأحكام المتعلقة بالاسم والموطن والأهلية وأحكام تطبيق النظام عليها لأحكام هذا النظام؛ فيما لم يرد فيه نص في أنظمتها الخاصة بها؛ لأن هذا النظام يمثل الشريعة العامة في هذه الأحكام.

بينت المادة كيفية انتهاء الشخصية الاعتبارية، وذكرت عدداً من الطرق لهذا الانتهاء دون حصر لها، ولذلك فإن المنظم في أي نظام آخر يمكنه أن يضيف طرقاً أخرى لانتهاء الشخصية الاعتبارية، ومن طرق الانتهاء التي نصت عليها المادة:

  • أولاً: انقضاء المدة المحددة لها في نظامها، فمثلاً: إذا تم تحديد مدة معينة للشركة، فمتى ما انتهت هذه المدة فقد انقضت شخصيتها الاعتبارية.

  • ثانياً: انقضاء الغرض الذي أنشئت من أجله، فمثلاً: إذا أنشئت الشركة من أجل القيام بمشروع معين، فمتى ما انتهى هذا المشروع فقد انقضت شخصيتها الاعتبارية.

  • ثالثاً: إذا نص النظام على انقضائها، فمثلاً: قد ينص نظام الشركات على انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة في حالات معينة.

  • رابعاً: الاندماج، ويقصد به: اجتماع شركتين أو أكثر تحت شركة واحدة؛ وينتج عن ذلك زوال الشخصية الاعتبارية للشركات المندمجة وحلول الشركة الدامجة محلها فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات.

  • خامساً: الإفلاس، وهو: توقف الشخصية الاعتبارية عن دفع ديونها التجارية المستحقة عليها بانتظام؛ وينتج عنه حلول الشخصية الاعتبارية ودخولها في مرحلة التصفية.

  • سادساً: التصفية، وهي: مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى إنهاء أعمال الشخصية الاعتبارية، وتوزيع ما تبقى من أموالها على الشركاء أو المساهمين، وينتج عنها زوال الشخصية الاعتبارية.

ويجدر التنبيه إلى أنه يترتب على انتهاء الشخصية الاعتبارية - بأحد الطرق التي سبقت الإشارة إليها أو غيرها - زوال الشخصية الاعتبارية وذمتها المالية المستقلة والاسم والموطن وغير ذلك من خصائص الشخصية الاعتبارية، ولكن لا يترتب على ذلك زوال ديونها التي كانت عليها؛ بل تنتقل إلى الخلف العام أو الخاص.

بينت المادة أن النظام يحمي الملكية الخاصة، وهي أهم حق مالي يتعلق بالشخص، وتشمل جميع الأموال التي أشار إليها النظام في المادة (٤٢)، وبناء على ذلك فللشخص حرية التصرف في ماله؛ فلا يجوز أن يحد من ذلك إلا بنص نظامي أو بالقدر الذي لا يتعارض مع النظام العام.

ومن أمثلة النصوص النظامية التي تقيد تصرف الشخص في ملكه: القيود الواردة على الأجنبي في تملكه للعقارات، وقيود نظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

وأما القيود التي ترد على الملكية لعدم معارضتها للنظام العام، فمثال ذلك: عدم جواز الإضرار بالغير بغير وجه حق، وتطبيقاته كثيرة في نظام الجوار، فمالك العقار يملك حرية التصرف في عقاره، ولكن لا يجوز له الإضرار بالغير بغير وجه حق، كإحداث إزعاج لجاره، أو إقامة منشآت تضر بجاره.

واختارت المادة التعبير بـ "الملكية الخاصة" للدلالة على أن النظام يعني بما كان مملوكاً للأفراد أو الشركات، أو الجمعيات الخاصة، وهي مقابل الملكية العامة التي تكون مملوكة للدولة، وتخضع لأحكام خاصة بها.

تتناول هذه المادة بيان النوع الأول من أنواع الأشياء وهو: "الأشياء التي لا تقوم بذاتها، وهي ما تعرف بـ "العقار"، فقد عرفت المادة العقار بأنه: "كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير في هيئته".

والمقصود بـ "حيزه": المكان الذي يشغله، والمقصود بـ "لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير في هيئته": أن نقله لا يمكن إلا بتدمير الجزء الذي هو فيه، وهذا التعريف مستفاد من الأصل اللغوي، إذ العقار من عقره أي: حبسه ومنعه.

وللعقار أنواع، نصت عليها المادة، وهي:

  • أولاً: الأراضي، وهي الأصل في العقارات، وتشمل الأرض بكل محتوياتها من تربة ورمال وصخور ومعادن وغيرها، وهي تشمل ما كان منبسطاً منها وما كان في الجبال.

  • ثانياً: المباني، ويقصد بها: الإنشاءات التي يقيمها الشخص من الإسمنت، أو الحجارة، أو الخرسانة، أو الطوب، أو الحديد، وغيرها، مثل: البيوت، والقصور، والمساجد، والأسوار، والطرق، والكباري، والقناطر، والجسور.

  • ثالثاً: المنشآت الدائمة، ويقصد بها: كل ما يثبت في الأرض بصفة دائمة، سواء كان معداً للاستعمال أم لا، مثل: الأبراج، والخزانات، والمداخن، والآبار، والمصانع، والجسور، والموانئ، والمطارات، ونحو ذلك.

  • رابعاً: كل ما يتصل بالأرض اتصال قرار، ويقصد به: كل ما يتصل بالأرض على وجه الدوام، بحيث لا يمكن فصله عنها إلا بتلف أو تغيير في هيئته، مثل: الأشجار، والنخيل، والزروع، والثمار، وغيرها.

  • خامساً: الحقوق العينية العقارية، ويقصد بها: الحقوق التي ترد على العقار، وتخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء، مثل: حق الملكية، وحق الارتفاق، وحق الانتفاع، وحق السكنى، وحق الرهن العقاري، وغيرها.

وهذه الحقوق تختلف عن الحقوق الشخصية التي لا تخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء، وإنما تخوله المطالبة بشيء أو الامتناع عن فعل شيء، مثل: حق المستأجر، وحق الدائن، وغيرها.

وتجدر الملاحظة أن التصرفات التي ترد على العقار تخضع لأحكام هذا النظام، وذلك فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الأخرى، مثل: نظام التسجيل العيني للعقار، ونظام نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، وغيرها.

ويعد الماء والكهرباء والغاز والهواء والحرارة والضوء عقاراً ما دامت لم تستخرج وتعبأ، فإذا استخرجت وتعبأت أصبحت من المنقولات.

تناولت هذه المادة النوع الثاني من أنواع الأشياء، وهي: "الأشياء التي تقوم بذاتها، ويمكن نقلها من مكان لآخر دون تلف أو تغيير في هيئتها"، وهي ما تعرف بـ "المنقول". وقد عرفت المادة المنقول بأنه: "كل شيء يمكن نقله من مكان لآخر دون تلف أو تغيير في هيئته".

والمقصود بـ "دون تلف أو تغيير في هيئته": أن نقله لا يؤدي إلى تدمير الجزء الذي هو فيه، وهذا التعريف مستفاد من الأصل اللغوي، إذ المنقول من نقله أي: حوله.

وللمنقول أنواع، نصت عليها المادة، وهي:

  • أولاً: النقود، ويقصد بها: العملات النقدية الورقية والمعدنية، سواء كانت محلية أو أجنبية، وسواء كانت في حيازة الشخص أو في المصارف.

  • ثانياً: الأسهم والسندات والحصص في الشركات، ويقصد بها: الأوراق المالية التي تمثل حصصاً في رأس مال الشركات، وتخول صاحبها الحق في الأرباح والتصويت في الجمعية العمومية، أو التي تمثل ديناً على الشركة.

  • ثالثاً: الحقوق الشخصية، ويقصد بها: الحقوق التي لا ترد على شيء معين، وإنما تخول صاحبها المطالبة بشيء أو الامتناع عن فعل شيء، مثل: حق الدائن، وحق المستأجر، وحق المستفيد من الوقف، وحق المؤلف، وغيرها.

  • رابعاً: الحقوق المعنوية، ويقصد بها: الحقوق التي لا ترد على شيء مادي، وإنما ترد على شيء غير مادي، مثل: حق الملكية الفكرية، وحق الابتكار، وحق الشهرة، وغيرها.

  • خامساً: جميع الأشياء التي لا توصف بكونها عقاراً، ويقصد بها: كل ما لا ينطبق عليه تعريف العقار في المادة (۲۲)، مثل: السيارات، والطائرات، والسفن، والأثاث، والملابس، والأطعمة، وغيرها.

وتجدر الملاحظة أن التصرفات التي ترد على المنقول تخضع لأحكام هذا النظام، وذلك فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الأخرى، مثل: نظام الأوراق التجارية، ونظام علامات التجارة، ونظام حماية حقوق المؤلف، وغيرها.

تتناول هذه المادة تمييز الأشياء "القابلة للاستهلاك" من الأشياء "غير القابلة للاستهلاك"، ويترتب على هذا التمييز أحكام كثيرة في المعاملات المدنية، ومنها ما يتعلق بعقود المعاوضات كالبيع والإجارة، أو عقود التبرعات كالهبة والوصية، ومنها ما يتعلق بأحكام الضمان والتعويض.

والشيء القابل للاستهلاك هو: "الشيء الذي يهلك باستعماله للمرة الأولى، أو لا يمكن الانتفاع به مرة أخرى إلا بعد تغيير في جوهره".

والمقصود بـ "يهلك باستعماله للمرة الأولى": أن استخدامه مرة واحدة يؤدي إلى فنائه، مثل: الطعام والشراب.

والمقصود بـ "لا يمكن الانتفاع به مرة أخرى إلا بعد تغيير في جوهره": أن استخدامه يؤدي إلى تغيير في شكله، مثل: الوقود الذي يحترق ليولد طاقة، والبذور التي تتحول إلى نباتات، والمواد الخام التي تتحول إلى منتجات.

ويقابل ذلك الشيء غير القابل للاستهلاك، وهو ما لا يهلك باستعماله للمرة الأولى، ولا يتغير جوهره، مثل: العقارات، والأراضي، والسيارات، والأثاث، والملابس.

ومن المتقرر أن العبرة في وصف الشيء "بالقابل للاستهلاك" أو "غير القابل للاستهلاك" هو طبيعة الشيء ذاته، فمثلاً: السكن في المنزل لا يؤدي إلى فنائه، أما تناول الطعام فيؤدي إلى فنائه.

ولا يخل بحكم المادة ما لو كان الشيء قد أعد للاستهلاك بالرغم من أن طبيعته لا تقضي بذلك، مثل: بيع التحف النادرة، أو بيع الآلات القديمة، ففي هذه الحالة تكون العبرة بقصد المتعاملين.

تناولت هذه المادة تمييز الأشياء "المثلية" من الأشياء "القيمية"، ويترتب على هذا التمييز أحكام كثيرة في المعاملات المدنية، ومنها ما يتعلق بعقود المعاوضات وعقود التبرعات، ومنها ما يتعلق بأحكام الضمان والتعويض.

والشيء المثلي هو: "الشيء الذي تتشابه آحاده وصفاته، ويقوم بعضه مقام بعض عند الوفاء، وتقدر بالعد أو الوزن أو الكيل أو القياس".

والمقصود بـ "تتشابه آحاده وصفاته": أن كل جزء منه يشبه الآخر في الجودة والنوعية، مثل: الأرز، والسكر، والقمح، والذهب، والفضة، والنفط.

والمقصود بـ "يقوم بعضه مقام بعض عند الوفاء": أن تسليم أي جزء منه يحقق المقصود، مثل: تسليم أي كيلو من الأرز يفي بالالتزام بتسليم كيلو من الأرز.

والمقصود بـ "تقدر بالعد أو الوزن أو الكيل أو القياس": أن قيمتها تتحدد بوزنها أو عددها أو كيلها أو قياسها، مثل: بيع الأرز بالوزن، وبيع السكر بالكمية، وبيع القمح بالكيل، وبيع الأقمشة بالقياس.

ويقابل ذلك الشيء القيمي، وهو ما لا تتشابه آحاده وصفاته، ولا يقوم بعضه مقام بعض عند الوفاء، ولا يقدر بالعد أو الوزن أو الكيل أو القياس، مثل: العقارات، والأراضي، والسيارات، والأثاث، والتحف النادرة، واللوحات الفنية.

ومن المتقرر أن العبرة في وصف الشيء "بالمثلي" أو "القيمي" هو طبيعة الشيء ذاته، فمثلاً: السيارة ذات النوعية واللون والمواصفات المعينة؛ تعد قيمية، أما إذا كانت السيارات متشابهة في النوعية واللون والمواصفات المعينة، وتنتج بكميات كبيرة؛ فتعد مثلية.

ولا يخل بحكم المادة ما لو كان الشيء قد أعد للقيمة بالرغم من أن طبيعته لا تقضي بذلك، مثل: بيع التحف النادرة، أو بيع الآلات القديمة، ففي هذه الحالة تكون العبرة بقصد المتعاملين.

وهذه المادة من المواد التي لها أثر كبير في المعاملات، فمثلاً: إذا تلف الشيء المثلي قبل التسليم؛ فإنه يجوز تسليم مثله، أما إذا تلف الشيء القيمي قبل التسليم؛ فإنه يجب التعويض عنه، كما أن أحكام الرهن تختلف باختلاف ما إذا كان الشيء مرهوناً مثلياً أو قيمياً.

تتناول هذه المادة تمييز "الأشياء العامة" من "الأشياء الخاصة"، ويترتب على هذا التمييز أحكام كثيرة في المعاملات المدنية.

والأشياء العامة هي: "الأشياء المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، والمخصصة للمنفعة العامة".

والمقصود بـ "المملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة": أن تكون ملكيتها للدولة، أو لإحدى الهيئات، أو المؤسسات العامة، أو المصالح التي تمنح شخصية اعتبارية بموجب النصوص النظامية.

والمقصود بـ "المخصصة للمنفعة العامة": أن تكون معدة لخدمة الجمهور، مثل: الطرق، والجسور، والمنتزهات، والمستشفيات، والمدارس، والجامعات، وغيرها.

ويقابل ذلك الأشياء الخاصة، وهي ما لا تكون مملوكة للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة، ولا تكون مخصصة للمنفعة العامة، مثل: المنازل الخاصة، والأراضي الخاصة، والسيارات الخاصة، والأثاث الخاص، وغيرها.

ومن المتقرر أن العبرة في وصف الشيء "بالعام" أو "الخاص" هو طبيعة الشيء ذاته، فمثلاً: الطريق العام يختلف عن الطريق الخاص الذي يملكه شخص معين.

ولا يخل بحكم المادة ما لو كان الشيء قد أعد للمنفعة العامة بالرغم من أن طبيعته لا تقضي بذلك، مثل: بيع التحف النادرة في المزاد العلني، أو بيع الآلات القديمة في المعارض، ففي هذه الحالة تكون العبرة بقصد المتعاملين.

وهذه المادة من المواد التي لها أثر كبير في المعاملات، فمثلاً: لا يجوز الحجز على الأشياء العامة، ولا التنفيذ عليها، ولا تكتسب ملكيتها بالتقادم، بخلاف الأشياء الخاصة.

وتجدر الملاحظة أن هذا التقسيم للأشياء لا يشمل الأوقاف، فإذا كان الوقف لجهة خاصة فهو وقف خاص، وإذا كان لجهة عامة فهو وقف عام، ولكل منهما أحكامه الخاصة به.

الحقوق على قسمين: حقوق عينية وحقوق شخصية، وقد تناولت المواد (27 - 50) بيان هذه الحقوق بأنواعها، وأقسامها، وأحكامها.

فالحقوق العينية:

  • أولاً: هي الحقوق التي ترد على شيء معين بالذات، وتخول صاحبها سلطة مباشرة على الشيء، مثل: حق الملكية، وحق الارتفاق، وحق الانتفاع، وحق السكنى، وحق الرهن العقاري، وغيرها.

  • ثانياً: الحق العيني الأصلي هو الحق الذي يكون مستقلاً بذاته، ولا يحتاج إلى وجود حق آخر لينشأ، مثل: حق الملكية، وحق الارتفاق، وحق الانتفاع، وحق السكنى.

  • ثالثاً: الحق العيني التبعي هو الحق الذي لا يكون مستقلاً بذاته، وإنما ينشأ تابعاً لتحقيق حق آخر، مثل: حق الرهن العقاري، وحق الامتياز، وحق الاختصاص.

ويجدر التنبيه إلى أن الحقوق العينية التبعية تختلف عن الحقوق العينية الأصلية في أنها لا تنشأ إلا بوجود حق آخر، وتزول بزوال الحق الأصلي.

بينت المادة أن الأصل في الحقوق العينية الأصلية أنها لا تنشأ إلا بالاستيلاء، وهو وضع اليد على الشيء، بشرط أن يكون الشيء غير مملوك لأحد، وأن يكون الاستيلاء بقصد التملك، مثل: صيد السمك والطيور، وجمع الحطب من الغابات غير المملوكة لأحد.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم لا يشمل العقارات، فلا يجوز تملك العقارات بالاستيلاء، بل يشترط في تملك العقارات التسجيل في السجل العيني للعقار.

وبينت المادة أن الحقوق العينية الأصلية قد تنشأ بغير الاستيلاء، مثل:

  • أولاً: الميراث، وهو انتقال ملكية المال إلى الوارث بعد وفاة المورث.

  • ثانياً: الوصية، وهي تمليك المال إلى الموصى له بعد وفاة الموصي.

  • ثالثاً: الهبة، وهي تمليك المال إلى الموهوب له في حال حياة الواهب.

  • رابعاً: البيع، وهو انتقال ملكية المال من البائع إلى المشتري بمقابل.

  • خامساً: التقادم المكسب، وهو اكتساب ملكية الشيء بمضي المدة، بشرط حيازة الشيء بصفة مستمرة وهادئة وظاهرة وبنية التملك، ويختلف التقادم المكسب عن التقادم المسقط في أن الأول يكسب الحق، والثاني يسقط الحق.

  • سادساً: الشفعة، وهي حق تملك العقار المبيع جبراً عن المشتري، بشرط أن يكون الشخص شريكاً في العقار أو جاراً له، ويشترط في الشفعة أن تكون فورية.

  • سابعاً: الالتصاق، وهو أن يلتصق شيء مملوك لشخص بآخر مملوك لشخص آخر، بحيث يتعذر فصلهما، مثل: أن يبني شخص بناء على أرض مملوكة لآخر.

  • ثامناً: الشروط والأوصاف، ويقصد بها: أن يكون الحق العيني الأصلي مقيداً بشرط أو وصف معين، مثل: أن يكون حق الانتفاع مقيداً بمدة معينة، أو أن يكون حق السكنى مقيداً بشخص معين.

والمقصود بـ "ما لم يرد نص نظامي يقضي بغير ذلك": أن هذه الطرق هي الأصل في اكتساب الحقوق العينية الأصلية، إلا إذا ورد نص نظامي يقضي بطريقة أخرى.

وتجدر الملاحظة أن أحكام هذه المادة تنطبق على جميع الحقوق العينية الأصلية، سواء كانت عقارية أو منقولة.

بينت هذه المادة طرق انتقال الحقوق العينية الأصلية، وهي: الطرق التي تؤدي إلى انتقال الحق العيني الأصلي من شخص إلى آخر، وهي:

  • أولاً: انتقال الملكية بالاتفاق، ويقصد به: أن تنتقل ملكية الشيء من شخص إلى آخر بموجب عقد، مثل: عقد البيع، وعقد الهبة، وعقد المقايضة.

  • ثانياً: انتقال الملكية بالإرث، ويقصد به: أن تنتقل ملكية الشيء إلى الوارث بعد وفاة المورث.

  • ثالثاً: انتقال الملكية بالوصية، ويقصد به: أن تنتقل ملكية الشيء إلى الموصى له بعد وفاة الموصي.

  • رابعاً: انتقال الملكية بالتقادم، ويقصد به: أن تكتسب ملكية الشيء بمضي المدة، بشرط حيازة الشيء بصفة مستمرة وهادئة وظاهرة وبنية التملك.

  • خامساً: انتقال الملكية بالالتصاق، ويقصد به: أن يلتصق شيء مملوك لشخص بآخر مملوك لشخص آخر، بحيث يتعذر فصلهما.

  • سادساً: انتقال الملكية بالشفعة، ويقصد به: حق تملك العقار المبيع جبراً عن المشتري، بشرط أن يكون الشخص شريكاً في العقار أو جاراً له.

  • سابعاً: انتقال الملكية بالاستيلاء، ويقصد به: وضع اليد على الشيء، بشرط أن يكون الشيء غير مملوك لأحد، وأن يكون الاستيلاء بقصد التملك.

  • ثامناً: انتقال الملكية بغير ذلك من الطرق التي ينص عليها النظام، ويقصد بها: أي طريقة أخرى ينص عليها النظام، مثل: نزع الملكية للمنفعة العامة، أو المصادرة.

وهذه الطرق هي ذاتها التي سبق ذكرها في المادة (۲۸) فيما يتعلق باكتساب الحقوق العينية الأصلية، إلا أنها هنا تتناول انتقال الحق من شخص إلى آخر، وهناك تتناول اكتساب الحق ابتداءً.

وتجدر الملاحظة أن أحكام هذه المادة تنطبق على جميع الحقوق العينية الأصلية، سواء كانت عقارية أو منقولة.

تتناول هذه المادة نطاق سريان أحكام هذا الفصل، فالعقد المسمى هو العقد الذي خصصه النظام باسم معين ونظم أحكاماً خاصة به كعقد البيع، والهبة، والإيجار والمقاولة وغيرها. وأما العقد غير المسمى فهو ما لم يخصص في النظام باسم معين ولم تنظم أحكام خاصة به.

والمادة تقرر أن الأحكام الواردة في هذا الفصل تنطبق على العقود المسماة في هذا النظام وفي غيره من الأنظمة، كما تنطبق على العقود الأخرى غير المسماة؛ فتسري عليها القواعد المبينة في هذا الفصل سواء من حيث التكوين، أو البطلان، أو الآثار، أو الفسخ، أو غيرها.

وتؤكد هذه المادة ما سبقت الإشارة إليه في تمهيد هذا الفصل من إعمال سلطان الإرادة؛ وعدم حصر النظام العقد الصحيح في العقود المسماة فقط.

وبين آخر المادة أن إعمال القواعد العامة الواردة في هذا الفصل لا يخل بالأحكام الخاصة في بعض العقود بموجب نصوص نظامية خاصة بها؛ فيقدم النص الخاص على العام، وقد تتضمن تلك الأحكام حكماً إضافياً أو استثناءً أو تقييداً لما في القواعد العامة في هذا الفصل، كاشتراط القبض لانعقاد عقود القرض أو الإعارة أو الإيداع بلا أجر أو هبة المنقول؛ فتطبق تلك الأحكام على تلك العقود ذات الطبيعة الخاصة دون غيرها من العقود.

تتناول هذه المادة بيان "أركان العقد"، والعقد هو توافق إرادتين على إحداث أثر نظامي، وقد نصت المادة على أن أركان العقد ثلاثة:

  • أولاً: التراضي، وهو توافق الإرادتين على إحداث الأثر النظامي.
  • ثانياً: المحل، وهو ما وقع عليه التعاقد، مثل: المبيع في عقد البيع، والأجرة في عقد الإيجار.
  • ثالثاً: السبب، وهو الباعث الدافع للتعاقد.

وتعد هذه الأركان من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها، أو التنازل عنها، وبناء على ذلك؛ فإذا تخلف أحد هذه الأركان كان العقد باطلاً، ولا يرتب أي أثر نظامي، كما سيأتي في المادة (١٦٢).

ويجدر التنبيه إلى أن النظام لم ينص على "الشكلية" كأحد أركان العقد، وهو ما يعني أن الأصل في العقود أنها رضائية، فلا يشترط فيها شكل معين لانعقادها، إلا إذا نص النظام على غير ذلك، كاشتراط التسجيل في العقارات، أو الكتابة في بعض العقود مثل عقد الرهن العقاري، وعقد الشركات، وعقد الوكالة في بعض الحالات، ونحو ذلك.

وأما "التسليم" أو "القبض"، فليسا من أركان العقد، ولكنهما من شروط انعقاد بعض العقود، مثل: عقد القرض، وعقد الإعارة، وعقد الإيداع بلا أجر، وهبة المنقول، ونحو ذلك.

تتناول هذه المادة بيان "حرية التعاقد"، وهي من أهم المبادئ التي يقوم عليها نظام المعاملات المدنية، فلكل شخص حرية التعاقد متى ما كانت له أهلية التعاقد، وهذه الحرية تشمل:

  • أولاً: حرية إبرام العقد من عدمه، فلا يجوز إجبار الشخص على التعاقد، إلا بنص نظامي.

  • ثانياً: حرية اختيار المتعاقد الآخر، فلا يجوز إجبار الشخص على التعاقد مع شخص معين، إلا بنص نظامي.

  • ثالثاً: حرية تحديد شروط العقد، فلا يجوز إجبار الشخص على تضمين العقد شروطاً معينة، إلا بنص نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن حرية التعاقد ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بحدود النظام العام والآداب العامة، فلا يجوز التعاقد على ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، أو التعاقد على القمار، أو التعاقد على بيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

واستثنت المادة من هذا الأصل "التعاقد الجبري"، وهو التعاقد الذي يكون بموجب نص نظامي، فمثلاً: إذا أذنت المحكمة في بيع عقار القاصر، فيكون الولي ملزماً بهذا البيع.

كما استثنت المادة "التعاقد الإذعاني"، وهو التعاقد الذي لا يكون للمتعاقد فيه حرية في تحديد شروط العقد، وإنما يقتصر دوره على قبول شروط العقد أو رفضها، مثل: عقد التأمين، وعقد الكهرباء، وعقد الماء، وعقد الاتصالات، وعقد النقل، وغيرها، وستأتي أحكامه مفصلة في المادة (۳۸).

ويجدر التنبيه إلى أن حرية التعاقد من المبادئ التي تسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، وتشجع الاستثمار، وتوفر المنافسة، وتلبي احتياجات الأفراد والشركات.

وتعد حرية التعاقد من أهم تطبيقات القاعدة الفقهية "الأصل في العقود الإباحة".

والمقصود بـ "الآداب العامة": هي مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، وتختلف من مجتمع لآخر، ومن زمان لآخر، وتحددها النصوص النظامية، والأعراف، والعادات.

ولا يخل بحكم المادة ما لو كان التعاقد مقيداً بشرط، مثل: شرط الرهن، أو شرط البيع بشرط الخيار، أو شرط البيع بشرط التجربة، أو شرط البيع بشرط المذاق، أو شرط البيع بشرط العربون، ونحو ذلك.

تتناول هذه المادة بيان "مراحل تكون العقد"، فالعقد لا يتكون فجأة، وإنما يمر بعدد من المراحل، وهي:

  • المرحلة الأولى: مرحلة "التباوض"، وهي المرحلة التي تسبق التعاقد، ويتم فيها تبادل المقترحات بين المتعاقدين، وهي لا تلزم أياً منهما، ولا يترتب عليها أي أثر نظامي، إلا إذا اتفق المتعاقدان على غير ذلك، كالاتفاق على دفع تعويض في حال العدول عن التعاقد.

  • المرحلة الثانية: مرحلة "الإيجاب والقبول"، وهي المرحلة التي يتم فيها التعبير عن الإرادة بصورة واضحة وجازمة، وسواء كان التعبير صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور، وسواء كان مقترناً بمدة أو غير مقترن، فإذا توافر الإيجاب والقبول، فقد انعقد العقد، وترتبت عليه آثاره النظامية.

  • المرحلة الثالثة: مرحلة "تمام العقد"، وهي المرحلة التي يتم فيها تحقق أركان العقد وشروطه، فإذا تحققت هذه الأركان والشروط، فقد أصبح العقد تاماً، ونافذاً، وملزماً للمتعاقدين.

ويجدر التنبيه إلى أن النظام لم ينص على "التحضير" كأحد مراحل تكون العقد، وهو ما يعني أن التحضير لا يعد من مراحل تكون العقد، وإنما هو من الأعمال التي تسبق التباوض.

والمادة تؤكد على أن العقد لا يتكون إلا بتمام مراحله، فإذا تخلف أحد هذه المراحل كان العقد باطلاً، ولا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "صحة الإيجاب"، وهو: التعبير عن إرادة المتعاقد الأول على إبرام العقد، وهو أول ركن من أركان العقد.

واشترطت المادة لصحة الإيجاب شرطين:

  • أولاً: أن يكون الإيجاب "باتاً لا رجعة فيه"، والمقصود به: أن يكون التعبير عن الإرادة واضحاً وجازماً، فلا يكون فيه أي تردد أو غموض، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن وافقت"، فهذا ليس إيجاباً باتاً؛ لأن فيه تعليقاً على شرط.

  • ثانياً: أن يتصل الإيجاب بعلم من وجه إليه"، والمقصود به: أن يصل الإيجاب إلى علم الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، فلا يكفي مجرد التعبير عن الإرادة، بل لابد أن يعلم الطرف الآخر بهذا الإيجاب، فمثلاً: إذا أرسل شخص لآخر رسالة يعرض عليه بيع سيارته، فلا يعد الإيجاب صحيحاً إلا إذا وصلت الرسالة إلى الطرف الآخر وعلم بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الشرط ينطبق على جميع أنواع التعبير عن الإرادة، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على تخلف أحد هذين الشرطين بطلان الإيجاب، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "السقوط"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المواد التالية.

تتناول هذه المادة بيان "مراحل التعبير عن الإرادة"، وهو: ما يصدر عن المتعاقد من قول أو فعل أو إشارة أو كتابة أو غير ذلك، ويدل على رغبته في إبرام العقد.

وقد نصت المادة على أن التعبير عن الإرادة يمر بعدد من المراحل، وهي:

  • أولاً: مرحلة "التعبير الصريح"، وهو: ما يدل على الإرادة بوضوح لا لبس فيه، مثل: القول، والكتابة، والإشارة، والفعل، ونحو ذلك.

  • ثانياً: مرحلة "التعبير الضمني"، وهو: ما يدل على الإرادة بطريق غير مباشر، مثل: السكوت في بعض الحالات، أو الفعل الذي يدل على الرضا، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن التعبير عن الإرادة ليس مقيداً بشكل معين، وإنما يجوز أن يكون بأي شكل من الأشكال التي تدل على الإرادة، إلا إذا نص النظام على غير ذلك، كاشتراط الكتابة في بعض العقود.

والمادة تؤكد على أن التعبير عن الإرادة لا بد أن يكون "قاطعاً في الدلالة على الإرادة"، والمقصود به: أن لا يكون فيه أي شك أو تردد في دلالته على الإرادة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أفكر في بيع هذه السيارة"، فهذا ليس تعبيراً قاطعاً عن الإرادة.

ويترتب على تخلف هذا الشرط بطلان التعبير عن الإرادة، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "السكوت"، وهو: عدم التعبير عن الإرادة بالقول أو الفعل، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٣٦).

وأما "الرجوع عن الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۳۷).

تتناول هذه المادة بيان "السكوت" في التعبير عن الإرادة، فبينت المادة أن الأصل في السكوت أنه "لا يعد قبولاً"؛ وذلك لأن السكوت ليس تعبيراً عن الإرادة، ولا يدل على الرضا، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا نص النظام على ذلك، فمثلاً: إذا نص نظام الشركات على أن سكوت الشريك على تعديل عقد الشركة يعد قبولاً منه، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

  • ثانياً: إذا كان السكوت "قرينة على القبول"، والمقصود به: أن تكون هناك دلالة واضحة على أن السكوت يدل على القبول، مثل: أن يعرض شخص على آخر شيئاً معيناً، ويطلب منه أن يرد عليه في مدة معينة، فيسكت الطرف الآخر عن الرد في هذه المدة، مع وجود علاقة سابقة بينهما تدل على أن السكوت في هذه الحالة يعد قبولاً.

  • ثالثاً: إذا كان السكوت "يعد قبولاً بحكم العرف"، والمقصود به: أن يكون هناك عرف معين في التعاملات يدل على أن السكوت في حالة معينة يعد قبولاً، فمثلاً: إذا كان هناك عرف في التعاملات التجارية على أن سكوت التاجر عن الرد على فاتورة معينة يعد قبولاً لها، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

  • رابعاً: إذا كان السكوت "لحاجة التعامل"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة في التعامل تدعو إلى اعتبار السكوت قبولاً، فمثلاً: إذا أرسل شخص لآخر بضاعة معينة، وطلب منه أن يرد عليه في مدة معينة، فيسكت الطرف الآخر عن الرد في هذه المدة، مع وجود حاجة في التعامل تدعو إلى اعتبار السكوت قبولاً، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الحالات التي استثنتها المادة لا تعد استثناء على الأصل في أن السكوت لا يعد قبولاً، وإنما هي حالات خاصة يدل فيها السكوت على القبول بقرينة أو عرف أو حاجة، وهي لا تخل بحكم المادة.

تتناول هذه المادة بيان "الرجوع عن الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فبينت المادة أن الأصل في الإيجاب أنه "يمكن الرجوع عنه"، والمقصود به: أن للموجب الحق في سحب إيجابه قبل أن يقترن به القبول، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا "حدد الموجب مدة للقبول"، والمقصود به: أن يحدد الموجب مدة معينة للرد على إيجابه، ففي هذه الحالة لا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء هذه المدة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة لمدة أسبوع"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء الأسبوع.

  • ثانياً: إذا "تضمن الإيجاب ما يدل على عدم جواز الرجوع عنه"، والمقصود به: أن يكون هناك نص في الإيجاب يدل على أنه لا يجوز الرجوع عنه، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "هذا العرض لا يمكن الرجوع عنه"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الإيجاب، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على الرجوع عن الإيجاب زوال الإيجاب، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "سقوط الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۳۸).

تتناول هذه المادة بيان "الإيجاب الملزم"، وهو: الإيجاب الذي لا يجوز الرجوع عنه، وقد نصت المادة على أن الإيجاب يكون ملزماً في حالتين:

  • أولاً: إذا "حدد الموجب مدة للقبول"، والمقصود به: أن يحدد الموجب مدة معينة للرد على إيجابه، ففي هذه الحالة لا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء هذه المدة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة لمدة أسبوع"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء الأسبوع.

  • ثانياً: إذا "تضمن الإيجاب ما يدل على عدم جواز الرجوع عنه"، والمقصود به: أن يكون هناك نص في الإيجاب يدل على أنه لا يجوز الرجوع عنه، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "هذا العرض لا يمكن الرجوع عنه"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الإيجاب، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على الإيجاب الملزم أن الموجب لا يجوز له الرجوع عنه، وإذا رجع عنه، فإن رجوعه لا يكون له أثر نظامي، ويبقى الإيجاب قائماً حتى يقترن به القبول أو يسقط.

وأما "سقوط الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۳۹).

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإيجاب، وهي تحمي حقوق الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، وتوفر له فرصة للتفكير في العرض قبل أن يزول.

تتناول هذه المادة بيان "سقوط الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، وقد نصت المادة على أن الإيجاب يسقط في حالتين:

  • أولاً: إذا "رفض من وجه إليه الإيجاب"، والمقصود به: أن يرفض الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، فلا يجوز له بعد ذلك قبول الإيجاب، فمثلاً: إذا عرض شخص على آخر بيع سيارته، فرفض الطرف الآخر، فلا يجوز له بعد ذلك قبول العرض.

  • ثانياً: إذا "انقضت المدة المحددة للقبول دون أن يصدر قبول"، والمقصود به: أن تنقضي المدة التي حددها الموجب للرد على إيجابه، دون أن يصدر قبول من الطرف الآخر، ففي هذه الحالة يسقط الإيجاب، ولا يجوز بعد ذلك قبوله.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الإيجاب، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على سقوط الإيجاب زوال الإيجاب، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "القبول"، وهو: التعبير عن إرادة المتعاقد الثاني على إبرام العقد، وهو الركن الثاني من أركان العقد.

واشترطت المادة لصحة القبول شرطين:

  • أولاً: أن يكون القبول "مطابقاً للإيجاب"، والمقصود به: أن يكون القبول موافقاً للإيجاب في جميع شروطه، فلا يكون فيه أي تغيير أو تعديل، فمثلاً: إذا عرض شخص على آخر بيع سيارته بمبلغ معين، فقبل الطرف الآخر بيعها بمبلغ أقل، فهذا ليس قبولاً مطابقاً للإيجاب، ولا ينعقد به العقد.

  • ثانياً: أن يتصل القبول بعلم من وجه إليه الإيجاب"، والمقصود به: أن يصل القبول إلى علم الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، فلا يكفي مجرد التعبير عن الإرادة، بل لابد أن يعلم الطرف الآخر بهذا القبول، فمثلاً: إذا أرسل شخص لآخر رسالة يعلن فيها قبوله عرض بيع سيارته، فلا يعد القبول صحيحاً إلا إذا وصلت الرسالة إلى الطرف الآخر وعلم بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الشرط ينطبق على جميع أنواع التعبير عن الإرادة، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على تخلف أحد هذين الشرطين بطلان القبول، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "الرجوع عن القبول"، وهو: زوال القبول قبل أن يقترن به الإيجاب، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤١).

تتناول هذه المادة بيان "الرجوع عن القبول"، وهو: زوال القبول قبل أن يقترن به الإيجاب، فبينت المادة أن الأصل في القبول أنه "يمكن الرجوع عنه"، والمقصود به: أن للقابل الحق في سحب قبوله قبل أن يقترن به الإيجاب، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا "حدد القابل مدة للقبول"، والمقصود به: أن يحدد القابل مدة معينة للرد على قبوله، ففي هذه الحالة لا يجوز له الرجوع عن قبوله قبل انتهاء هذه المدة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أقبل عرضك لمدة أسبوع"، فلا يجوز له الرجوع عن قبوله قبل انتهاء الأسبوع.

  • ثانياً: إذا "تضمن القبول ما يدل على عدم جواز الرجوع عنه"، والمقصود به: أن يكون هناك نص في القبول يدل على أنه لا يجوز الرجوع عنه، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "هذا القبول لا يمكن الرجوع عنه"، فلا يجوز له الرجوع عن قبوله.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع القبول، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على الرجوع عن القبول زوال القبول، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "سقوط القبول"، وهو: زوال القبول قبل أن يقترن به الإيجاب، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤٢).

تتناول هذه المادة بيان "سقوط القبول"، وهو: زوال القبول قبل أن يقترن به الإيجاب، وقد نصت المادة على أن القبول يسقط في حالتين:

  • أولاً: إذا "رفض من وجه إليه القبول"، والمقصود به: أن يرفض الطرف الآخر الذي وجه إليه القبول، فلا يجوز له بعد ذلك قبول الإيجاب، فمثلاً: إذا عرض شخص على آخر بيع سيارته، فقبل الطرف الآخر، ثم رفض الطرف الآخر، فلا يجوز له بعد ذلك قبول العرض.

  • ثانياً: إذا "انقضت المدة المحددة للقبول دون أن يصدر قبول"، والمقصود به: أن تنقضي المدة التي حددها الموجب للرد على إيجابه، دون أن يصدر قبول من الطرف الآخر، ففي هذه الحالة يسقط القبول، ولا يجوز بعد ذلك قبوله.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع القبول، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على سقوط القبول زوال القبول، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "أهلية المتعاقدين"، وهي: صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ومباشرة الأعمال والتصرفات النظامية، وهي شرط من شروط صحة العقد.

وقد نصت المادة على أن أهلية المتعاقدين تكون "كاملة"، والمقصود بها: أن يكون المتعاقد "رشيداً"، و "غير محجور عليه"، و "غير مصاب بعارض من عوارض الأهلية"، وهي: الجنون، والعته، والسفه، والغفلة، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن أهلية المتعاقدين ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بحدود النظام العام والآداب العامة، فلا يجوز التعاقد على ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة.

ويترتب على تخلف أهلية المتعاقدين "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، كما سيأتي في المادة (١٦٢).

وأما "نقص الأهلية"، وهو: أن يكون المتعاقد "مميزاً"، و "غير رشيد"، و "غير محجور عليه"، أو أن يكون "مصاباً ببعض عوارض الأهلية"، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤٤).

تتناول هذه المادة بيان "نقص الأهلية"، وهو: أن يكون المتعاقد "مميزاً"، و "غير رشيد"، و "غير محجور عليه"، أو أن يكون "مصاباً ببعض عوارض الأهلية"، وقد نصت المادة على أن نقص الأهلية يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان العقد "نافـعاً نفعاً محضاً"، والمقصود به: أن يكون العقد مفيداً للمتعاقد ناقص الأهلية، ولا يترتب عليه أي ضرر، مثل: قبول الهبة، وقبول الوصية، وقبول الوقف، وقبول الإرث، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان العقد "ضاراً ضرراً محضاً"، والمقصود به: أن يكون العقد مضراً للمتعاقد ناقص الأهلية، ولا يترتب عليه أي نفع، مثل: بيع المال بثمن بخس، وشراء المال بثمن باهظ، والهبة بلا عوض، والوصية بغير مقابل، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان العقد "دائراً بين النفع والضرر"، والمقصود به: أن يكون العقد محتملاً للنفع والضرر، مثل: البيع، والشراء، والإيجار، والمقاولة، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الأحكام تنطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بنقص الأهلية، وهي تحمي حقوق المتعاقد ناقص الأهلية، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان ضاراً به.

تتناول هذه المادة بيان "تصرفات الصغير المميز"، وهو: الصغير الذي أتم سبع سنوات من عمره، ولم يبلغ سن الرشد (ثماني عشرة سنة)، وقد نصت المادة على أن تصرفات الصغير المميز تخضع لأحكام المادة (٤٤)، وهي:

  • أولاً: إذا كان العقد "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان العقد "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان العقد "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتصرفات الصغير المميز، وهي تحمي حقوقه، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان ضاراً به.

وأما "الحجر"، وهو: منع الشخص من التصرف في ماله، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤٦).

تتناول هذه المادة بيان "الحجر"، وهو: منع الشخص من التصرف في ماله، وقد نصت المادة على أن الحجر يكون بـ "حكم قضائي"، والمقصود به: أن يصدر حكم من المحكمة يقضي بالحجر على الشخص، ولا يكفي مجرد إصدار قرار إداري أو قرار شخصي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الحجر "لحاجة الضرورة"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة ملحة تدعو إلى الحجر على الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص مبذراً لماله، ويخشى على ماله من الضياع، في هذه الحالة يجوز الحجر عليه بقرار من المحكمة المختصة.

  • ثانياً: إذا كان الحجر "لحاجة المصلحة"، والمقصود به: أن تكون هناك مصلحة عامة أو خاصة تدعو إلى الحجر على الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص مديناً، ويخشى على ماله من الحجز عليه، في هذه الحالة يجوز الحجر عليه بقرار من المحكمة المختصة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحجر، سواء كان حجراً على المال، أو حجراً على التصرف، أو حجراً على الشخص.

ويترتب على الحجر "بطلان تصرفات المحجور عليه"، فلا ترتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان التصرف "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان التصرف "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان التصرف "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل التصرف، ولا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالحجر، وهي تحمي حقوق المحجور عليه، وتوفر له فرصة لإبطال التصرف إذا كان ضاراً به.

بعد أن بينت المادة (٤٦) أحكام الحجر وموجباته، بينت هذه المادة "تصرفات المحجور عليه"، وهي: التصرفات التي تصدر عن الشخص المحجور عليه، وقد نصت المادة على أن تصرفات المحجور عليه تخضع لأحكام المادة (٤٤)، وهي:

  • أولاً: إذا كان التصرف "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان التصرف "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان التصرف "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل التصرف، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع التصرفات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتصرفات المحجور عليه، وهي تحمي حقوقه، وتوفر له فرصة لإبطال التصرف إذا كان ضاراً به.

وأما "رفع الحجر"، وهو: زوال الحجر عن الشخص، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤٨).

تتناول هذه المادة بيان "رفع الحجر"، وهو: زوال الحجر عن الشخص، وقد نصت المادة على أن رفع الحجر يكون بـ "حكم قضائي"، والمقصود به: أن يصدر حكم من المحكمة يقضي برفع الحجر عن الشخص، ولا يكفي مجرد إصدار قرار إداري أو قرار شخصي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان رفع الحجر "لحاجة الضرورة"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة ملحة تدعو إلى رفع الحجر عن الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص قد عاد إلى رشده، ولم يعد مبذراً لماله، في هذه الحالة يجوز رفع الحجر عنه بقرار من المحكمة المختصة.

  • ثانياً: إذا كان رفع الحجر "لحاجة المصلحة"، والمقصود به: أن تكون هناك مصلحة عامة أو خاصة تدعو إلى رفع الحجر عن الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص قد أوفى ديونه، ولم يعد مديناً، في هذه الحالة يجوز رفع الحجر عنه بقرار من المحكمة المختصة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحجر، سواء كان حجراً على المال، أو حجراً على التصرف، أو حجراً على الشخص.

ويترتب على رفع الحجر "عودة أهلية الشخص"، فلا ترتب أي أثر نظامي على الحجر، ويصبح الشخص كامل الأهلية، ويجوز له التصرف في ماله، وإبرام العقود، وغير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة برفع الحجر، وهي تحمي حقوق الشخص، وتوفر له فرصة للعودة إلى حياته الطبيعية.

تتناول هذه المادة بيان "عوارض الأهلية"، وهي: الأمور التي تطرأ على الشخص فتؤثر في أهليته، وقد نصت المادة على أن عوارض الأهلية تشمل:

  • أولاً: "الجنون"، وهو: زوال العقل بالكلية، وهو يؤدي إلى "عدم الأهلية"، فلا يجوز للمجنون التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك.

  • ثانياً: "العته"، وهو: نقص العقل الذي لم يبلغ حد الجنون، وهو يؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز للمعتوه التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

  • ثالثاً: "السفه"، وهو: إضاعة المال وتبديده، وهو يؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز للسفيه التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

  • رابعاً: "الغفلة"، وهي: سهولة الاستغفال والخداع، وهي تؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز لذو الغفلة التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه العوارض لا تؤثر في أهلية الوجوب، وإنما تؤثر في أهلية الأداء، وهي: صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال ذات الأثر النظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بعوارض الأهلية، وهي تحمي حقوق الأشخاص الذين يعانون من هذه العوارض، وتوفر لهم فرصة لإبطال التصرفات الضارة بهم.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التصرفات"، وهي: النتائج التي تترتب على تصرفات الأشخاص، وقد نصت المادة على أن آثار التصرفات تخضع لأحكام هذا النظام، وذلك فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الأخرى، مثل: نظام الأحوال الشخصية، ونظام الشركات، ونظام الأوراق التجارية، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن آثار التصرفات تختلف باختلاف نوع التصرف، فمثلاً: آثار عقد البيع تختلف عن آثار عقد الإيجار، وآثار عقد الهبة تختلف عن آثار عقد الرهن.

والمادة تؤكد على أن آثار التصرفات لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن يترتب على عقد البيع آثار مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، كبيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، ونحو ذلك.

ويترتب على عدم مشروعية آثار التصرفات "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التصرفات، وهي تحمي حقوق الأطراف المتعاقدة، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كانت آثاره غير مشروعة.

تتناول هذه المادة بيان "ناقص الأهلية المأذون له"، وهو: الصغير الذي أتم خمس عشرة سنة من عمره، وسلمه وليه أو وصيه أو المحكمة مقداراً من ماله وأذن له في التصرفات المالية.

وقد نصت المادة على أن تصرفات ناقص الأهلية المأذون له تخضع لأحكام المادة (٤٤)، وهي:

  • أولاً: إذا كان العقد "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان العقد "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان العقد "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتصرفات ناقص الأهلية المأذون له، وهي تحمي حقوقه، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان ضاراً به.

وأما "الحجر"، وهو: منع الشخص من التصرف في ماله، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٤٦).

ويجدر التنبيه إلى أن الأذن ل ناقص الأهلية لا يكون إلا في التصرفات المالية، ولا يشمل التصرفات الأخرى، مثل: الزواج، والطلاق، والوصية، ونحو ذلك.

بعد أن بينت المادة (۳۱) أركان العقد الثلاثة: التراضي، والمحل، والسبب، جاءت المادة (٥٢) والمواد التي تليها لبيان حكم "عيوب الرضى"، ويقصد بها:

  • أولاً: العيوب التي تشوب إرادة المتعاقد، وتؤدي إلى عدم صحة العقد، مثل: الغلط، والتغرير، والإكراه، ونحو ذلك.

  • ثانياً: العيوب التي تؤثر في العقد، وتؤدي إلى بطلانه أو قابليته للإبطال.

وقد نصت المادة على أن عيوب الرضى تشمل:

  • أولاً: "الغلط"، وهو: تصور غير صحيح للواقع، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي: إذا كان الغلط "جوهرياً"، و "غير مؤثر"، و "غير معلوم للطرف الآخر"، ففي هذه الحالة لا يؤدي الغلط إلى بطلان العقد.

  • ثانياً: "التغرير"، وهو: استخدام وسائل احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي: إذا كان التغرير "غير مؤثر"، و "غير معلوم للطرف الآخر"، ففي هذه الحالة لا يؤدي التغرير إلى بطلان العقد.

  • ثالثاً: "الإكراه"، وهو: إجبار المتعاقد على إبرام العقد، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي: إذا كان الإكراه "غير مؤثر"، و "غير معلوم للطرف الآخر"، ففي هذه الحالة لا يؤدي الإكراه إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه العيوب لا تؤثر في أهلية المتعاقد، وإنما تؤثر في رضاه، وهو: توافق الإرادتين على إحداث الأثر النظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بعيوب الرضى، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان مشوباً بأحد هذه العيوب.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط الجوهري"، وهو: تصور غير صحيح للواقع، ويؤدي إلى بطلان العقد، وقد نصت المادة على أن الغلط يكون جوهرياً في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الغلط "يؤثر في الإرادة"، والمقصود به: أن يكون الغلط قد أثر في إرادة المتعاقد، بحيث لو لم يقع في هذا الغلط لما أقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة على أنها جديدة، ثم تبين له أنها مستعملة، في هذه الحالة يكون الغلط جوهرياً؛ لأنه لو علم بأنها مستعملة لما اشتراها.

  • ثانياً: إذا كان الغلط "متعلقاً بصفة جوهرية في محل العقد"، والمقصود به: أن يكون الغلط متعلقاً بصفة أساسية في محل العقد، بحيث لو لم تكن هذه الصفة موجودة لما أقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص لوحة فنية على أنها أصلية، ثم تبين له أنها مزيفة، ففي هذه الحالة يكون الغلط جوهرياً؛ لأنه لو علم بأنها مزيفة لما اشتراها.

ويجدر التنبيه إلى أن الغلط لا يعد جوهرياً إذا كان يتعلق بصفة ثانوية في محل العقد، أو إذا كان يتعلق بصفة لا تؤثر في إرادة المتعاقد.

ويترتب على الغلط الجوهري "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط غير المؤثر"، وهو: تصور غير صحيح للواقع، ولا يؤدي إلى بطلان العقد، وقد نصت المادة على أن الغلط يكون غير مؤثر في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الغلط "لا يؤثر في الإرادة"، والمقصود به: أن يكون الغلط قد أثر في إرادة المتعاقد، بحيث لو لم يقع في هذا الغلط لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة على أنها مستعملة، ثم تبين له أنها جديدة، ففي هذه الحالة يكون الغلط غير مؤثر؛ لأنه لو علم بأنها جديدة لكان قد اشتراها.

  • ثانياً: إذا كان الغلط "متعلقاً بصفة غير جوهرية في محل العقد"، والمقصود به: أن يكون الغلط متعلقاً بصفة غير أساسية في محل العقد، بحيث لو لم تكن هذه الصفة موجودة لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص لوحة فنية على أنها أصلية، ثم تبين له أنها ذات إطار قديم، ففي هذه الحالة يكون الغلط غير مؤثر؛ لأنه لو علم بأنها ذات إطار قديم لكان قد اشتراها.

ويجدر التنبيه إلى أن الغلط يعد غير مؤثر إذا كان يتعلق بصفة ثانوية في محل العقد، أو إذا كان يتعلق بصفة لا تؤثر في إرادة المتعاقد.

ويترتب على الغلط غير المؤثر "صحة العقد"، ويرتب آثاره النظامية.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط المشترك"، وهو: تصور غير صحيح للواقع، ويقع فيه كلا المتعاقدين، وقد نصت المادة على أن الغلط المشترك يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن الغلط المشترك يختلف عن الغلط الفردي في أن الغلط الفردي يقع فيه أحد المتعاقدين، أما الغلط المشترك فيقع فيه كلا المتعاقدين.

ويترتب على الغلط المشترك "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط في شخص المتعاقد"، وهو: تصور غير صحيح لشخص المتعاقد الآخر، وقد نصت المادة على أن الغلط في شخص المتعاقد يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الغلط "غير جوهري"، والمقصود به: أن يكون الغلط في شخص المتعاقد غير مؤثر في إرادة المتعاقد، بحيث لو لم يقع في هذا الغلط لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة من شخص معين، ثم تبين له أن الشخص الآخر هو أخو الطرف الذي كان يقصد شراء السيارة منه، ففي هذه الحالة يكون الغلط غير جوهري؛ لأنه لو علم بأنها أخوه لكان قد اشتراها.

  • ثانياً: إذا كان الغلط "معلوماً للطرف الآخر"، والمقصود به: أن يكون الغلط في شخص المتعاقد معلوماً للطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، ففي هذه الحالة لا يؤدي الغلط إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن الغلط في شخص المتعاقد يختلف عن الغلط في صفة جوهرية في محل العقد، فالأول يتعلق بالشخص، والثاني يتعلق بالشيء.

ويترتب على الغلط في شخص المتعاقد "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط في القيمة"، وهو: تصور غير صحيح لقيمة محل العقد، وقد نصت المادة على أن الغلط في القيمة "لا يؤثر في صحة العقد"، والمقصود به: أن الغلط في القيمة لا يؤدي إلى بطلان العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن الغلط في القيمة يختلف عن الغلط في صفة جوهرية في محل العقد، فالأول يتعلق بالقيمة، والثاني يتعلق بالصفة.

ويترتب على الغلط في القيمة "صحة العقد"، ويرتب آثاره النظامية، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الغلط "ناتجاً عن تغرير"، والمقصود به: أن يكون الغلط في القيمة قد نتج عن استخدام وسائل احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر، ففي هذه الحالة يؤدي الغلط إلى "بطلان العقد"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثانياً: إذا كان الغلط "ناتجاً عن إكراه"، والمقصود به: أن يكون الغلط في القيمة قد نتج عن إجبار المتعاقد على إبرام العقد، ففي هذه الحالة يؤدي الغلط إلى "بطلان العقد"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان الغلط "ناتجاً عن استغلال"، والمقصود به: أن يكون الغلط في القيمة قد نتج عن استغلال المتعاقد لحاجة الطرف الآخر، ففي هذه الحالة يؤدي الغلط إلى "بطلان العقد"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالغلط في القيمة، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان الغلط ناتجاً عن تغرير أو إكراه أو استغلال.

تتناول هذه المادة بيان "الغلط الواقع من الغير"، وهو: تصور غير صحيح للواقع، ويقع فيه أحد المتعاقدين، ولكن يكون ناتجاً عن فعل شخص آخر غير المتعاقدين، وقد نصت المادة على أن الغلط الواقع من الغير "لا يؤثر في صحة العقد"، والمقصود به: أن الغلط الواقع من الغير لا يؤدي إلى بطلان العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الغلط "معلوماً للطرف الآخر"، والمقصود به: أن يكون الغلط الواقع من الغير معلوماً للطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، ففي هذه الحالة يؤدي الغلط إلى "بطلان العقد"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثانياً: إذا كان الغلط "ناتجاً عن تواطؤ"، والمقصود به: أن يكون الغلط الواقع من الغير قد نتج عن تواطؤ بين الطرف الآخر والشخص الذي تسبب في الغلط، ففي هذه الحالة يؤدي الغلط إلى "بطلان العقد"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه المادة تحمي حقوق الطرف الآخر الذي لم يقع منه الغلط، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان الغلط ناتجاً عن تواطؤ.

تتناول هذه المادة بيان "التغرير"، وهو: استخدام وسائل احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر، وقد نصت المادة على أن التغرير يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان التغرير "غير مؤثر"، والمقصود به: أن يكون التغرير قد أثر في إرادة المتعاقد، ولكن لو لم يقع في هذا التغرير لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة، ثم تبين له أن البائع قد استخدم وسائل احتيالية لتضليله، ولكن لو لم يقع في هذا التغرير لكان قد اشترى السيارة، ففي هذه الحالة يكون التغرير غير مؤثر.

  • ثانياً: إذا كان التغرير "معلوماً للطرف الآخر"، والمقصود به: أن يكون التغرير معلوماً للطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، ففي هذه الحالة لا يؤدي التغرير إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن التغرير يختلف عن الغلط في أن الغلط يتعلق بتصور غير صحيح للواقع، أما التغرير فيتعلق باستخدام وسائل احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتغرير، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان مشوباً بالتغرير.

تتناول هذه المادة بيان "الإكراه"، وهو: إجبار المتعاقد على إبرام العقد، وقد نصت المادة على أن الإكراه يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الإكراه "غير مؤثر"، والمقصود به: أن يكون الإكراه قد أثر في إرادة المتعاقد، ولكن لو لم يقع في هذا الإكراه لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة تحت الإكراه، ثم تبين له أن لو لم يقع في هذا الإكراه لكان قد اشترى السيارة، ففي هذه الحالة يكون الإكراه غير مؤثر.

  • ثانياً: إذا كان الإكراه "معلوماً للطرف الآخر"، والمقصود به: أن يكون الإكراه معلوماً للطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، ففي هذه الحالة لا يؤدي الإكراه إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن الإكراه يختلف عن الغلط والتغرير في أن الغلط والتغرير يتعلقان بتصور غير صحيح للواقع، أما الإكراه فيتعلق بإجبار المتعاقد على إبرام العقد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإكراه، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان مشوباً بالإكراه.

تتناول هذه المادة بيان "الاستغلال"، وهو: استغلال المتعاقد لحاجة الطرف الآخر، وقد نصت المادة على أن الاستغلال يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الاستغلال "غير مؤثر"، والمقصود به: أن يكون الاستغلال قد أثر في إرادة المتعاقد، ولكن لو لم يقع في هذا الاستغلال لأقدم على إبرام العقد، فمثلاً: إذا اشترى شخص سيارة بسعر بخس، ثم تبين له أن البائع كان في حاجة ماسة إلى المال، ولكن لو لم يقع في هذا الاستغلال لكان قد اشترى السيارة، ففي هذه الحالة يكون الاستغلال غير مؤثر.

  • ثانياً: إذا كان الاستغلال "معلوماً للطرف الآخر"، والمقصود به: أن يكون الاستغلال معلوماً للطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، ففي هذه الحالة لا يؤدي الاستغلال إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن الاستغلال يختلف عن الغلط والتغرير والإكراه في أن الغلط والتغرير والإكراه يتعلقان بعيوب في الإرادة، أما الاستغلال فيتعلق باستغلال المتعاقد لحاجة الطرف الآخر.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالاستغلال، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان مشوباً بالاستغلال.

تتناول هذه المادة بيان "عيوب الرضى الأخرى"، وهي: العيوب التي تشوب إرادة المتعاقد، وتؤدي إلى عدم صحة العقد، وقد نصت المادة على أن عيوب الرضى الأخرى تشمل:

  • أولاً: "التدليس"، وهو: استخدام وسائل احتيالية لتضليل المتعاقد الآخر، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثانياً: "الإكراه المعنوي"، وهو: التهديد الذي يؤدي إلى إجبار المتعاقد على إبرام العقد، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: "الغبن"، وهو: عدم التوازن بين التزامات المتعاقدين، وهو يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي: إذا كان الغبن "فاحشاً"، و "غير معلوم للطرف الآخر"، ففي هذه الحالة لا يؤدي الغبن إلى بطلان العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه العيوب لا تؤثر في أهلية المتعاقد، وإنما تؤثر في رضاه، وهو: توافق الإرادتين على إحداث الأثر النظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بعيوب الرضى الأخرى، وهي تحمي حقوق المتعاقدين، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كان مشوباً بأحد هذه العيوب.

تتناول هذه المادة بيان "محل العقد"، وهو: ما وقع عليه التعاقد، مثل: المبيع في عقد البيع، والأجرة في عقد الإيجار، وهو ركن من أركان العقد.

وقد نصت المادة على أن محل العقد لا بد أن يكون "موجوداً"، والمقصود به: أن يكون محل العقد موجوداً في الواقع، فلا يكون معدوماً، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع شيء غير موجود، أو بيع شيء معدوم.

ويجدر التنبيه إلى أن محل العقد لا بد أن يكون "ممكناً"، والمقصود به: أن يكون محل العقد ممكناً تحقيقه، فلا يكون مستحيلاً، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع شيء مستحيل تحقيقه، أو بيع شيء مستحيل تسليمه.

والمادة تؤكد على أن محل العقد لا بد أن يكون "مشروعاً"، والمقصود به: أن لا يكون مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، أو التعاقد على القمار، أو التعاقد على بيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

ويترتب على تخلف أحد هذه الشروط "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "سبب العقد"، وهو: الباعث الدافع للتعاقد، وهو ركن من أركان العقد.

وقد نصت المادة على أن سبب العقد لا بد أن يكون "موجوداً"، والمقصود به: أن يكون سبب العقد موجوداً في الواقع، فلا يكون معدوماً، فمثلاً: إذا تعاقد شخص على شراء سيارة بقصد استخدامها في عمل غير مشروع، فهذا السبب غير موجود.

ويجدر التنبيه إلى أن سبب العقد لا بد أن يكون "مشروعاً"، والمقصود به: أن لا يكون مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على شراء سيارة بقصد استخدامها في عمل غير مشروع، أو التعاقد على القمار، أو التعاقد على بيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

ويترتب على تخلف أحد هذين الشرطين "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "الشروط في العقد"، وهي: الأمور التي يتفق عليها المتعاقدان، وتكون جزءاً من العقد، وقد نصت المادة على أن الشروط في العقد تكون على نوعين:

  • أولاً: "الشروط الأساسية"، وهي: الشروط التي لا يمكن أن يقوم العقد بدونها، مثل: ثمن المبيع في عقد البيع، والأجرة في عقد الإيجار، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً" إذا تخلف أحد هذه الشروط.

  • ثانياً: "الشروط الثانوية"، وهي: الشروط التي لا تؤثر في وجود العقد، وإنما تؤثر في تنفيذه، مثل: مكان التسليم في عقد البيع، ووقت التسليم في عقد الإيجار، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً" إذا تخلف أحد هذه الشروط، ولكن يترتب على ذلك الحق في المطالبة بالتعويض.

ويجدر التنبيه إلى أن الشروط في العقد لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن يتضمن العقد شروطاً مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، كاشتراط بيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، ونحو ذلك.

ويترتب على عدم مشروعية الشروط "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "محل العقد"، وهو: ما وقع عليه التعاقد، مثل: المبيع في عقد البيع، والأجرة في عقد الإيجار، وهو ركن من أركان العقد.

وقد نصت المادة على أن محل العقد لا بد أن يكون "موجوداً"، والمقصود به: أن يكون محل العقد موجوداً في الواقع، فلا يكون معدوماً، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع شيء غير موجود، أو بيع شيء معدوم.

ويجدر التنبيه إلى أن محل العقد لا بد أن يكون "ممكناً"، والمقصود به: أن يكون محل العقد ممكناً تحقيقه، فلا يكون مستحيلاً، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع شيء مستحيل تحقيقه، أو بيع شيء مستحيل تسليمه.

والمادة تؤكد على أن محل العقد لا بد أن يكون "مشروعاً"، والمقصود به: أن لا يكون مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز التعاقد على بيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، أو التعاقد على القمار، أو التعاقد على بيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

ويترتب على تخلف أحد هذه الشروط "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "المحل غير المشروع"، وهو: ما لا يجوز التعاقد عليه، وقد نصت المادة على أن المحل يكون غير مشروع في حالتين:

  • أولاً: إذا كان المحل "مخالفاً للنظام العام"، والمقصود به: أن يكون المحل مخالفاً للقواعد التي تهدف إلى حماية المجتمع، مثل: بيع المخدرات، وبيع الأسلحة غير المرخصة، والتعاقد على القمار، وبيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

  • ثانياً: إذا كان المحل "مخالفاً للآداب العامة"، والمقصود به: أن يكون المحل مخالفاً للقيم والمبادئ الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، مثل: بيع الأفلام الإباحية، وبيع الكتب التي تدعو إلى الرذيلة، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن المحل غير المشروع لا يرتب أي أثر نظامي، حتى لو اتفق المتعاقدان عليه.

ويترتب على المحل غير المشروع "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمحل غير المشروع، وهي تحمي حقوق المجتمع، وتحافظ على النظام العام والآداب العامة.

تتناول هذه المادة بيان "السبب غير المشروع"، وهو: ما لا يجوز التعاقد عليه، وقد نصت المادة على أن السبب يكون غير مشروع في حالتين:

  • أولاً: إذا كان السبب "مخالفاً للنظام العام"، والمقصود به: أن يكون السبب مخالفاً للقواعد التي تهدف إلى حماية المجتمع، مثل: شراء سيارة بقصد استخدامها في عمل غير مشروع، أو التعاقد على القمار، أو التعاقد على بيع الأعضاء البشرية، ونحو ذلك.

  • ثانياً: إذا كان السبب "مخالفاً للآداب العامة"، والمقصود به: أن يكون السبب مخالفاً للقيم والمبادئ الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، مثل: شراء كتب تدعو إلى الرذيلة، أو التعاقد على زواج المحارم، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن السبب غير المشروع لا يرتب أي أثر نظامي، حتى لو اتفق المتعاقدان عليه.

ويترتب على السبب غير المشروع "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالسبب غير المشروع، وهي تحمي حقوق المجتمع، وتحافظ على النظام العام والآداب العامة.

تتناول هذه المادة بيان "آثار العقد"، وهي: النتائج التي تترتب على العقد بعد انعقاده صحيحاً، وقد نصت المادة على أن آثار العقد تخضع لأحكام هذا النظام، وذلك فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الأخرى، مثل: نظام الأحوال الشخصية، ونظام الشركات، ونظام الأوراق التجارية، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن آثار العقد تختلف باختلاف نوع العقد، فمثلاً: آثار عقد البيع تختلف عن آثار عقد الإيجار، وآثار عقد الهبة تختلف عن آثار عقد الرهن.

والمادة تؤكد على أن آثار العقد لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن يترتب على عقد البيع آثار مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، كبيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، ونحو ذلك.

ويترتب على عدم مشروعية آثار العقد "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار العقد، وهي تحمي حقوق الأطراف المتعاقدة، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كانت آثاره غير مشروعة.

تتناول هذه المادة بيان "الالتزام"، وهو: الرابطة القانونية التي تربط بين شخصين، أحدهما دائن، والآخر مدين، وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون على نوعين:

  • أولاً: "التزام طبيعي"، وهو: الالتزام الذي لا يجوز المطالبة به قضائياً، وإنما يكون بمجرد الوفاء به، مثل: الالتزام بالوفاء بدين مضى عليه زمن التقادم، أو الالتزام بالوفاء بدين نشأ عن عقد باطل، ونحو ذلك.

  • ثانياً: "التزام مدني"، وهو: الالتزام الذي يجوز المطالبة به قضائياً، وهو الأصل في الالتزامات، مثل: الالتزام بالوفاء بالدين، والالتزام بتسليم المبيع، والالتزام بتأدية الأجرة، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن الالتزام الطبيعي يختلف عن الالتزام المدني في أن الالتزام الطبيعي لا يجوز المطالبة به قضائياً، أما الالتزام المدني فيجوز المطالبة به قضائياً.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالالتزام، وهي تميز بين أنواع الالتزامات، وتوضح حكم كل نوع.

تتناول هذه المادة بيان "مصادر الالتزام"، وهي: الوقائع التي ينشأ عنها الالتزام، وقد نصت المادة على أن مصادر الالتزام تشمل:

  • أولاً: "العقد"، وهو: توافق إرادتين على إحداث أثر نظامي، وهو المصدر الأساسي للالتزام، مثل: عقد البيع، وعقد الإيجار، وعقد القرض، ونحو ذلك.

  • ثانياً: "الإرادة المنفردة"، وهي: تصرف صادر عن إرادة واحدة، ويؤدي إلى إنشاء التزام، مثل: الوصية، والوقف، والإعلان عن مكافأة، ونحو ذلك.

  • ثالثاً: "الفعل الضار"، وهو: كل فعل يترتب عليه ضرر للغير، ويؤدي إلى إنشاء التزام بالتعويض، مثل: إتلاف مال الغير، وإصابة الغير بضرر، ونحو ذلك.

  • رابعاً: "الإثراء بلا سبب"، وهو: أن يثري شخص على حساب شخص آخر، دون سبب مشروع، ويؤدي إلى إنشاء التزام برد ما أثري به، مثل: أن يدفع شخص مالاً لشخص آخر خطأ، فيلتزم الشخص الآخر برد المال.

  • خامساً: "النص النظامي"، وهو: النص الذي ينص على إنشاء التزام، مثل: الالتزام بدفع الضرائب، والالتزام بدفع الزكاة، والالتزام بدفع النفقة، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه المصادر ليست حصرية، وإنما هي أبرز المصادر التي ينشأ عنها الالتزام، ويجوز أن ينشأ الالتزام عن مصادر أخرى ينص عليها النظام.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصادر الالتزام، وهي توضح كيفية نشأة الالتزام، وتعدد مصادره.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء"، وهو: قيام المدين بتنفيذ التزامه، وهو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الوفاء يكون بـ "أداء ما التزم به المدين"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه على الوجه المتفق عليه، فلا يجوز له أن يمتنع عن الوفاء، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "مستحيلاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مستحيلاً تحقيقه، فلا يمكن للمدين أن ينفذ التزامه، فمثلاً: إذا تلف المبيع قبل التسليم، فلا يمكن للمدين تسليمه، في هذه الحالة ينقضي الالتزام دون وفاء.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بغير رضا الدائن"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه، ولكن دون رضا الدائن، ففي هذه الحالة لا يعد الوفاء صحيحاً، ولا ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مطابقاً لما اتفق عليه الطرفان، فلا يكون فيه أي تغيير أو تعديل، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة معينة، فلا يجوز له تسليم سيارة أخرى.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة"، وهي: انقضاء التزامين متقابلين، بمقدار الأقل منهما، وقد نصت المادة على أن المقاصة تكون في حالتين:

  • أولاً: "مقاصة قانونية"، وهي: المقاصة التي تتم بقوة النظام، دون حاجة إلى اتفاق المتعاقدين، بشرط أن يكون الدينان "متقابلين"، و "متماثلين في النوع"، و "حالي الأداء"، و "خاليين من النزاع"، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، وكان الطرف الآخر مديناً له بمبلغ آخر، في هذه الحالة تتم المقاصة القانونية بين الدينين، وينقضي كل منهما بمقدار الأقل منهما.

  • ثانياً: "مقاصة اتفاقية"، وهي: المقاصة التي تتم باتفاق المتعاقدين، ويجوز أن تكون في غير الحالات التي تتم فيها المقاصة القانونية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز أن تتم المقاصة الاتفاقية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "التجديد"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، وقد نصت المادة على أن التجديد يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد الدين"، وهو: انقضاء دين بإنشاء دين جديد محله، بشرط أن يكون الدينان "متقابلين"، و "متماثلين في النوع"، و "حالي الأداء"، و "خاليين من النزاع"، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، في هذه الحالة يتم تجديد الدين، وينقضي الدين القديم، وينشأ دين جديد.

  • ثانياً: "تجديد الطرفين"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، بشرط أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال المدين بمدين آخر، في هذه الحالة يتم تجديد الطرفين، وينقضي الالتزام القديم، وينشأ التزام جديد.

ويجدر التنبيه إلى أن التجديد يؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتجديد، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الإنابة في الوفاء"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن الإنابة في الوفاء تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الإنابة في الوفاء تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الوفاء فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإنابة في الوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

بعد أن بينت المادة (۳۱) أركان العقد الثلاثة: التراضي، والمحل، والسبب، جاءت المادة (۷٦) والمواد التي تليها لبيان حكم "أهلية المتعاقدين"، وهي: صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ومباشرة الأعمال والتصرفات النظامية، وهي شرط من شروط صحة العقد.

وقد نصت المادة على أن أهلية المتعاقدين تكون "كاملة"، والمقصود بها: أن يكون المتعاقد "رشيداً"، و "غير محجور عليه"، و "غير مصاب بعارض من عوارض الأهلية"، وهي: الجنون، والعته، والسفه، والغفلة، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن أهلية المتعاقدين ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بحدود النظام العام والآداب العامة، فلا يجوز التعاقد على ما يخالف النظام العام أو الآداب العامة.

ويترتب على تخلف أهلية المتعاقدين "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، كما سيأتي في المادة (١٦٢).

وأما "نقص الأهلية"، وهو: أن يكون المتعاقد "مميزاً"، و "غير رشيد"، و "غير محجور عليه"، أو أن يكون "مصاباً ببعض عوارض الأهلية"، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۷۷).

تتناول هذه المادة بيان "نقص الأهلية"، وهو: أن يكون المتعاقد "مميزاً"، و "غير رشيد"، و "غير محجور عليه"، أو أن يكون "مصاباً ببعض عوارض الأهلية"، وقد نصت المادة على أن نقص الأهلية يؤدي إلى "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان العقد "نافـعاً نفعاً محضاً"، والمقصود به: أن يكون العقد مفيداً للمتعاقد ناقص الأهلية، ولا يترتب عليه أي ضرر، مثل: قبول الهبة، وقبول الوصية، وقبول الوقف، وقبول الإرث، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان العقد "ضاراً ضرراً محضاً"، والمقصود به: أن يكون العقد مضراً للمتعاقد ناقص الأهلية، ولا يترتب عليه أي نفع، مثل: بيع المال بثمن بخس، وشراء المال بثمن باهظ، والهبة بلا عوض، والوصية بغير مقابل، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان العقد "دائراً بين النفع والضرر"، والمقصود به: أن يكون العقد محتملاً للنفع والضرر، مثل: البيع، والشراء، والإيجار، والمقاولة، ونحو ذلك، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الأحكام تنطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بنقص الأهلية، وهي تحمي حقوق المتعاقد ناقص الأهلية، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان ضاراً به.

تتناول هذه المادة بيان "تصرفات الصغير المميز"، وهو: الصغير الذي أتم سبع سنوات من عمره، ولم يبلغ سن الرشد (ثماني عشرة سنة)، وقد نصت المادة على أن تصرفات الصغير المميز تخضع لأحكام المادة (٧٧)، وهي:

  • أولاً: إذا كان العقد "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان العقد "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان العقد "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتصرفات الصغير المميز، وهي تحمي حقوقه، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان ضاراً به.

وأما "الحجر"، وهو: منع الشخص من التصرف في ماله، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٧٩).

تتناول هذه المادة بيان "الحجر"، وهو: منع الشخص من التصرف في ماله، وقد نصت المادة على أن الحجر يكون بـ "حكم قضائي"، والمقصود به: أن يصدر حكم من المحكمة يقضي بالحجر على الشخص، ولا يكفي مجرد إصدار قرار إداري أو قرار شخصي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الحجر "لحاجة الضرورة"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة ملحة تدعو إلى الحجر على الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص مبذراً لماله، ويخشى على ماله من الضياع، في هذه الحالة يجوز الحجر عليه بقرار من المحكمة المختصة.

  • ثانياً: إذا كان الحجر "لحاجة المصلحة"، والمقصود به: أن تكون هناك مصلحة عامة أو خاصة تدعو إلى الحجر على الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص مديناً، ويخشى على ماله من الحجز عليه، في هذه الحالة يجوز الحجر عليه بقرار من المحكمة المختصة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحجر، سواء كان حجراً على المال، أو حجراً على التصرف، أو حجراً على الشخص.

ويترتب على الحجر "بطلان تصرفات المحجور عليه"، فلا ترتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان التصرف "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان التصرف "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان التصرف "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل التصرف، ولا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالحجر، وهي تحمي حقوق المحجور عليه، وتوفر له فرصة لإبطال التصرف إذا كان ضاراً به.

بعد أن بينت المادة (۷۹) أحكام الحجر وموجباته، بينت هذه المادة "تصرفات المحجور عليه"، وهي: التصرفات التي تصدر عن الشخص المحجور عليه، وقد نصت المادة على أن تصرفات المحجور عليه تخضع لأحكام المادة (۷۷)، وهي:

  • أولاً: إذا كان التصرف "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان التصرف "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان التصرف "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون التصرف "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب ناقص الأهلية أو وليه أو وصيه إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل التصرف، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع التصرفات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتصرفات المحجور عليه، وهي تحمي حقوقه، وتوفر له فرصة لإبطال التصرف إذا كان ضاراً به.

وأما "رفع الحجر"، وهو: زوال الحجر عن الشخص، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۸۱).

تتناول هذه المادة بيان "رفع الحجر"، وهو: زوال الحجر عن الشخص، وقد نصت المادة على أن رفع الحجر يكون بـ "حكم قضائي"، والمقصود به: أن يصدر حكم من المحكمة يقضي برفع الحجر عن الشخص، ولا يكفي مجرد إصدار قرار إداري أو قرار شخصي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان رفع الحجر "لحاجة الضرورة"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة ملحة تدعو إلى رفع الحجر عن الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص قد عاد إلى رشده، ولم يعد مبذراً لماله، في هذه الحالة يجوز رفع الحجر عنه بقرار من المحكمة المختصة.

  • ثانياً: إذا كان رفع الحجر "لحاجة المصلحة"، والمقصود به: أن تكون هناك مصلحة عامة أو خاصة تدعو إلى رفع الحجر عن الشخص، فمثلاً: إذا كان الشخص قد أوفى ديونه، ولم يعد مديناً، في هذه الحالة يجوز رفع الحجر عنه بقرار من المحكمة المختصة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحجر، سواء كان حجراً على المال، أو حجراً على التصرف، أو حجراً على الشخص.

ويترتب على رفع الحجر "عودة أهلية الشخص"، فلا ترتب أي أثر نظامي على الحجر، ويصبح الشخص كامل الأهلية، ويجوز له التصرف في ماله، وإبرام العقود، وغير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة برفع الحجر، وهي تحمي حقوق الشخص، وتوفر له فرصة للعودة إلى حياته الطبيعية.

تتناول هذه المادة بيان "عوارض الأهلية"، وهي: الأمور التي تطرأ على الشخص فتؤثر في أهليته، وقد نصت المادة على أن عوارض الأهلية تشمل:

  • أولاً: "الجنون"، وهو: زوال العقل بالكلية، وهو يؤدي إلى "عدم الأهلية"، فلا يجوز للمجنون التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك.

  • ثانياً: "العته"، وهو: نقص العقل الذي لم يبلغ حد الجنون، وهو يؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز للمعتوه التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

  • ثالثاً: "السفه"، وهو: إضاعة المال وتبديده، وهو يؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز للسفيه التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

  • رابعاً: "الغفلة"، وهي: سهولة الاستغفال والخداع، وهي تؤدي إلى "نقص الأهلية"، فلا يجوز لذو الغفلة التصرف في ماله، ولا إبرام العقود، ونحو ذلك، إلا بإذن وليه أو وصيه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه العوارض لا تؤثر في أهلية الوجوب، وإنما تؤثر في أهلية الأداء، وهي: صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال ذات الأثر النظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بعوارض الأهلية، وهي تحمي حقوق الأشخاص الذين يعانون من هذه العوارض، وتوفر لهم فرصة لإبطال التصرفات الضارة بهم.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التصرفات"، وهي: النتائج التي تترتب على تصرفات الأشخاص، وقد نصت المادة على أن آثار التصرفات تخضع لأحكام هذا النظام، وذلك فيما لم يرد فيه نص في الأنظمة الأخرى، مثل: نظام الأحوال الشخصية، ونظام الشركات، ونظام الأوراق التجارية، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن آثار التصرفات تختلف باختلاف نوع التصرف، فمثلاً: آثار عقد البيع تختلف عن آثار عقد الإيجار، وآثار عقد الهبة تختلف عن آثار عقد الرهن.

والمادة تؤكد على أن آثار التصرفات لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن يترتب على عقد البيع آثار مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، كبيع المخدرات، أو بيع الأسلحة غير المرخصة، ونحو ذلك.

ويترتب على عدم مشروعية آثار التصرفات "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التصرفات، وهي تحمي حقوق الأطراف المتعاقدة، وتوفر لهم فرصة لإبطال العقد إذا كانت آثاره غير مشروعة.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد عن الغير"، وهو: أن يتعاقد شخص باسم شخص آخر، وقد نصت المادة على أن التعاقد عن الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: "الوكالة"، وهي: أن يفوض شخص شخصاً آخر بالتعاقد باسمه، ففي هذه الحالة يكون الوكيل ملزماً بالتعاقد باسم الموكل، ويرتب العقد آثاره في حق الموكل.

  • ثانياً: "الولاية"، وهي: أن يكون الشخص ولياً على شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون الولي ملزماً بالتعاقد باسم المولى عليه، ويرتب العقد آثاره في حق المولى عليه.

ويجدر التنبيه إلى أن التعاقد عن الغير يختلف عن التعاقد باسم الغير، فالأول يتعلق بالتعاقد باسم شخص آخر، والثاني يتعلق بالتعاقد باسم شخص غير موجود.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد عن الغير، وهي توضح كيفية التعاقد عن الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد عن طريق الوكيل"، وهو: أن يتعاقد شخص باسم الموكل، وقد نصت المادة على أن التعاقد عن طريق الوكيل يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الوكيل "مخولاً"، والمقصود به: أن يكون الوكيل قد فوض من الموكل بالتعاقد باسمه، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره في حق الموكل.

  • ثانياً: إذا كان الوكيل "غير مخول"، والمقصود به: أن يكون الوكيل لم يفوض من الموكل بالتعاقد باسمه، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره في حق الوكيل، إلا إذا أجاز الموكل العقد، ففي هذه الحالة يصبح العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره في حق الموكل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد عن طريق الوكيل، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان الوكيل غير مخول.

تتناول هذه المادة بيان "حدود الوكالة"، وهي: الصلاحيات التي يمنحها الموكل للوكيل، وقد نصت المادة على أن حدود الوكالة تكون على نوعين:

  • أولاً: "وكالة عامة"، وهي: الوكالة التي تخول الوكيل صلاحيات عامة في جميع تصرفات الموكل، مثل: وكالة البيع، ووكالة الشراء، ووكالة الإيجار، ونحو ذلك.

  • ثانياً: "وكالة خاصة"، وهي: الوكالة التي تخول الوكيل صلاحيات خاصة في تصرفات معينة، مثل: وكالة بيع سيارة معينة، ووكالة شراء عقار معين، ووكالة إيجار منزل معين، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن الوكالة لا بد أن تكون "صريحة"، والمقصود به: أن تكون الوكالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الوكالة ضمنية، أو أن تكون الوكالة معلقة على شرط، أو أن تكون الوكالة مجهولة.

ويترتب على تجاوز حدود الوكالة "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان التجاوز "نافـعاً نفعاً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره النظامية.

  • ثانياً: إذا كان التجاوز "ضاراً ضرراً محضاً"، ففي هذه الحالة يكون العقد "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

  • ثالثاً: إذا كان التجاوز "دائراً بين النفع والضرر"، ففي هذه الحالة يكون العقد "قابلاً للإبطال"، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب الموكل إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بحدود الوكالة، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا تجاوز الوكيل حدود الوكالة.

تتناول هذه المادة بيان "مصير العقد" الذي يبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، وقد نصت المادة على أن هذا العقد يكون "قابلاً للإبطال"، والمقصود به: أن العقد يكون صحيحاً، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب الموكل إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصير العقد، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان الوكيل غير مخول، أو تجاوز حدود وكالته.

وأما "الإجازة"، وهي: موافقة الموكل على العقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، فسيأتي الحديث عنها مفصلاً في المادة (۸۸).

تتناول هذه المادة بيان "الإجازة"، وهي: موافقة الموكل على العقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، وقد نصت المادة على أن الإجازة تكون بـ "أي فعل أو قول يدل على الرضا"، والمقصود به: أن تكون الإجازة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: إذا علم الموكل بالعقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، ولم يعترض عليه، فهذا يعد إجازة ضمنية.

ويجدر التنبيه إلى أن الإجازة لا بد أن تكون "لاحقة" لإبرام العقد، فلا يجوز أن تكون سابقة له، كما لا يجوز أن تكون معلقة على شرط، أو أن تكون مجهولة.

ويترتب على الإجازة "صحة العقد"، ويرتب آثاره في حق الموكل، ويصبح الوكيل غير مسؤول عن العقد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإجازة، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة للموافقة على العقد إذا كان نافعاً له، أو إبطاله إذا كان ضاراً به.

وأما "الرفض"، وهو: عدم موافقة الموكل على العقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (۸۹).

تتناول هذه المادة بيان "الرفض"، وهو: عدم موافقة الموكل على العقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، وقد نصت المادة على أن الرفض يكون بـ "أي فعل أو قول يدل على عدم الرضا"، والمقصود به: أن يكون الرفض واضحاً وجازماً، فلا يكون فيه أي غموض أو تردد، فمثلاً: إذا علم الموكل بالعقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، واعترض عليه، فهذا يعد رفضاً صريحاً.

ويجدر التنبيه إلى أن الرفض لا بد أن يكون "لاحقاً" لإبرام العقد، فلا يجوز أن يكون سابقاً له، كما لا يجوز أن يكون معلقاً على شرط، أو أن يكون مجهولاً.

ويترتب على الرفض "بطلان العقد"، فلا يرتب أي أثر نظامي، ويصبح الوكيل مسؤولاً عن العقد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالرفض، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لرفض العقد إذا كان ضاراً به، أو إجازته إذا كان نافعاً له.

تتناول هذه المادة بيان "زوال الوكالة"، وهي: انتهاء صلاحية الوكيل في التعاقد باسم الموكل، وقد نصت المادة على أن زوال الوكالة يكون في حالتين:

  • أولاً: "انتهاء مدة الوكالة"، والمقصود به: أن تنتهي المدة التي حددها الموكل للوكالة، ففي هذه الحالة تزول الوكالة، ولا يجوز للوكيل بعد ذلك التعاقد باسم الموكل.

  • ثانياً: "وفاة أحد الطرفين"، والمقصود به: أن يتوفى الموكل أو الوكيل، ففي هذه الحالة تزول الوكالة، ولا يجوز للوكيل بعد ذلك التعاقد باسم الموكل، ولا يجوز لورثة الموكل أو الوكيل التعاقد باسم الموكل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الوكالة، سواء كانت وكالة عامة أو وكالة خاصة.

ويترتب على زوال الوكالة "انتهاء صلاحية الوكيل"، فلا يجوز له بعد ذلك التعاقد باسم الموكل، وإذا تعاقد، فإن عقده يكون "باطلاً"، ولا يرتب أي أثر نظامي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بزوال الوكالة، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لإنهاء الوكالة إذا لم يعد بحاجة إليها.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد لمصلحة الغير"، وهو: أن يتعاقد شخص باسمه، ولكن يكون العقد لمصلحة شخص آخر غير المتعاقدين، وقد نصت المادة على أن التعاقد لمصلحة الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: "التأمين على الحياة"، وهو: أن يتعاقد شخص مع شركة تأمين، ويلتزم بدفع أقساط التأمين، وفي المقابل تلتزم الشركة بدفع مبلغ معين إلى شخص آخر بعد وفاة المتعاقد، ففي هذه الحالة يكون العقد لمصلحة الغير.

  • ثانياً: "الاشتراط لمصلحة الغير"، وهو: أن يشترط أحد المتعاقدين على الطرف الآخر أن يقوم بعمل معين لمصلحة شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون العقد لمصلحة الغير.

ويجدر التنبيه إلى أن التعاقد لمصلحة الغير يختلف عن التعاقد عن الغير في أن التعاقد عن الغير يتعلق بالتعاقد باسم شخص آخر، أما التعاقد لمصلحة الغير فيتعلق بالتعاقد باسم المتعاقد، ولكن يكون العقد لمصلحة شخص آخر.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد لمصلحة الغير، وهي توضح كيفية التعاقد لمصلحة الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التعاقد لمصلحة الغير"، وهي: النتائج التي تترتب على العقد الذي يبرم لمصلحة الغير، وقد نصت المادة على أن آثار التعاقد لمصلحة الغير تشمل:

  • أولاً: "حق الغير في المطالبة بالحق"، والمقصود به: أن يكون للغير الحق في المطالبة بالحق الذي نشأ له بموجب العقد، فلا يجوز للمتعاقدين التراجع عن هذا الحق، إلا برضا الغير.

  • ثانياً: "حق المتعاقد في الرجوع عن العقد"، والمقصود به: أن يكون للمتعاقد الحق في الرجوع عن العقد الذي أبرمه لمصلحة الغير، بشرط أن لا يكون الغير قد قبل هذا العقد، ففي هذه الحالة يجوز للمتعاقد الرجوع عن العقد، ولا يترتب عليه أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التعاقد لمصلحة الغير، وهي تحمي حقوق الغير، وتوفر له فرصة للمطالبة بالحق الذي نشأ له بموجب العقد.

تتناول هذه المادة بيان "الاشتراط لمصلحة الغير"، وهو: أن يشترط أحد المتعاقدين على الطرف الآخر أن يقوم بعمل معين لمصلحة شخص آخر، وقد نصت المادة على أن الاشتراط لمصلحة الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الاشتراط "مقترناً بشرط"، والمقصود به: أن يكون الاشتراط مقترناً بشرط معين، فإذا تحقق هذا الشرط، نشأ الحق للغير، فمثلاً: إذا اشترط شخص على آخر أن يقوم ببناء منزل لشخص ثالث، بشرط أن يتزوج الشخص الثالث، ففي هذه الحالة ينشأ الحق للشخص الثالث إذا تزوج.

  • ثانياً: إذا كان الاشتراط "غير مقترن بشرط"، والمقصود به: أن يكون الاشتراط غير مقترن بشرط معين، ففي هذه الحالة ينشأ الحق للغير بمجرد إبرام العقد.

ويجدر التنبيه إلى أن الاشتراط لمصلحة الغير يختلف عن التعاقد لمصلحة الغير في أن الاشتراط لمصلحة الغير يتعلق بشرط في العقد، أما التعاقد لمصلحة الغير فيتعلق بالعقد كله.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالاشتراط لمصلحة الغير، وهي توضح كيفية الاشتراط لمصلحة الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد على عمل الغير"، وهو: أن يتعاقد شخص مع شخص آخر، ويلتزم بأن يقوم شخص ثالث بعمل معين، وقد نصت المادة على أن التعاقد على عمل الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان التعاقد "نيابة"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسم شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالتعاقد باسم الغير، ويرتب العقد آثاره في حق الغير.

  • ثانياً: إذا كان التعاقد "فضولاً"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسمه، ولكن يكون العقد لمصلحة شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالعقد، ويرتب العقد آثاره في حقه، إلا إذا أجاز الغير العقد، ففي هذه الحالة يصبح العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره في حق الغير.

ويجدر التنبيه إلى أن التعاقد على عمل الغير يختلف عن التعاقد لمصلحة الغير في أن التعاقد على عمل الغير يتعلق بالتزام شخص ثالث، أما التعاقد لمصلحة الغير فيتعلق بإنشاء حق لشخص ثالث.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد على عمل الغير، وهي توضح كيفية التعاقد على عمل الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التعاقد على عمل الغير"، وهي: النتائج التي تترتب على العقد الذي يبرم على عمل الغير، وقد نصت المادة على أن آثار التعاقد على عمل الغير تشمل:

  • أولاً: "حق الغير في المطالبة بالعمل"، والمقصود به: أن يكون للغير الحق في المطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد، فلا يجوز للمتعاقد التراجع عن هذا العمل، إلا برضا الغير.

  • ثانياً: "حق المتعاقد في الرجوع عن العقد"، والمقصود به: أن يكون للمتعاقد الحق في الرجوع عن العقد الذي أبرمه على عمل الغير، بشرط أن لا يكون الغير قد قبل هذا العقد، ففي هذه الحالة يجوز للمتعاقد الرجوع عن العقد، ولا يترتب عليه أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التعاقد على عمل الغير، وهي تحمي حقوق الغير، وتوفر له فرصة للمطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد.

تتناول هذه المادة بيان "مراحل التعبير عن الإرادة"، وهو: ما يصدر عن المتعاقد من قول أو فعل أو إشارة أو كتابة أو غير ذلك، ويدل على رغبته في إبرام العقد.

وقد نصت المادة على أن التعبير عن الإرادة يمر بعدد من المراحل، وهي:

  • أولاً: مرحلة "التعبير الصريح"، وهو: ما يدل على الإرادة بوضوح لا لبس فيه، مثل: القول، والكتابة، والإشارة، والفعل، ونحو ذلك.

  • ثانياً: مرحلة "التعبير الضمني"، وهو: ما يدل على الإرادة بطريق غير مباشر، مثل: السكوت في بعض الحالات، أو الفعل الذي يدل على الرضا، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن التعبير عن الإرادة ليس مقيداً بشكل معين، وإنما يجوز أن يكون بأي شكل من الأشكال التي تدل على الإرادة، إلا إذا نص النظام على غير ذلك، كاشتراط الكتابة في بعض العقود.

والمادة تؤكد على أن التعبير عن الإرادة لا بد أن يكون "قاطعاً في الدلالة على الإرادة"، والمقصود به: أن لا يكون فيه أي شك أو تردد في دلالته على الإرادة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أفكر في بيع هذه السيارة"، فهذا ليس تعبيراً قاطعاً عن الإرادة.

ويترتب على تخلف هذا الشرط بطلان التعبير عن الإرادة، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "السكوت"، وهو: عدم التعبير عن الإرادة بالقول أو الفعل، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٩٧).

وأما "الرجوع عن الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٩٨).

تتناول هذه المادة بيان "السكوت" في التعبير عن الإرادة، فبينت المادة أن الأصل في السكوت أنه "لا يعد قبولاً"؛ وذلك لأن السكوت ليس تعبيراً عن الإرادة، ولا يدل على الرضا، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا نص النظام على ذلك، فمثلاً: إذا نص نظام الشركات على أن سكوت الشريك على تعديل عقد الشركة يعد قبولاً منه، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

  • ثانياً: إذا كان السكوت "قرينة على القبول"، والمقصود به: أن تكون هناك دلالة واضحة على أن السكوت يدل على القبول، مثل: أن يعرض شخص على آخر شيئاً معيناً، ويطلب منه أن يرد عليه في مدة معينة، فيسكت الطرف الآخر عن الرد في هذه المدة، مع وجود علاقة سابقة بينهما تدل على أن السكوت في هذه الحالة يعد قبولاً.

  • ثالثاً: إذا كان السكوت "يعد قبولاً بحكم العرف"، والمقصود به: أن يكون هناك عرف معين في التعاملات يدل على أن السكوت في حالة معينة يعد قبولاً، فمثلاً: إذا كان هناك عرف في التعاملات التجارية على أن سكوت التاجر عن الرد على فاتورة معينة يعد قبولاً لها، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

  • رابعاً: إذا كان السكوت "لحاجة التعامل"، والمقصود به: أن تكون هناك ضرورة في التعامل تدعو إلى اعتبار السكوت قبولاً، فمثلاً: إذا أرسل شخص لآخر بضاعة معينة، وطلب منه أن يرد عليه في مدة معينة، فيسكت الطرف الآخر عن الرد في هذه المدة، مع وجود حاجة في التعامل تدعو إلى اعتبار السكوت قبولاً، في هذه الحالة يعد السكوت قبولاً.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الحالات التي استثنتها المادة لا تعد استثناء على الأصل في أن السكوت لا يعد قبولاً، وإنما هي حالات خاصة يدل فيها السكوت على القبول بقرينة أو عرف أو حاجة، وهي لا تخل بحكم المادة.

تتناول هذه المادة بيان "الرجوع عن الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فبينت المادة أن الأصل في الإيجاب أنه "يمكن الرجوع عنه"، والمقصود به: أن للموجب الحق في سحب إيجابه قبل أن يقترن به القبول، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا "حدد الموجب مدة للقبول"، والمقصود به: أن يحدد الموجب مدة معينة للرد على إيجابه، ففي هذه الحالة لا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء هذه المدة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة لمدة أسبوع"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه قبل انتهاء الأسبوع.

  • ثانياً: إذا "تضمن الإيجاب ما يدل على عدم جواز الرجوع عنه"، والمقصود به: أن يكون هناك نص في الإيجاب يدل على أنه لا يجوز الرجوع عنه، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "هذا العرض لا يمكن الرجوع عنه"، فلا يجوز له الرجوع عن إيجابه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الإيجاب، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على الرجوع عن الإيجاب زوال الإيجاب، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "سقوط الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (٩٩).

تتناول هذه المادة بيان "سقوط الإيجاب"، وهو: زوال الإيجاب قبل أن يقترن به القبول، وقد نصت المادة على أن الإيجاب يسقط في حالتين:

  • أولاً: إذا "رفض من وجه إليه الإيجاب"، والمقصود به: أن يرفض الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، فلا يجوز له بعد ذلك قبول الإيجاب، فمثلاً: إذا عرض شخص على آخر بيع سيارته، فرفض الطرف الآخر، فلا يجوز له بعد ذلك قبول العرض.

  • ثانياً: إذا "انقضت المدة المحددة للقبول دون أن يصدر قبول"، والمقصود به: أن تنقضي المدة التي حددها الموجب للرد على إيجابه، دون أن يصدر قبول من الطرف الآخر، ففي هذه الحالة يسقط الإيجاب، ولا يجوز بعد ذلك قبوله.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الإيجاب، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على سقوط الإيجاب زوال الإيجاب، فلا يرتب أي أثر نظامي.

تتناول هذه المادة بيان "القبول"، وهو: التعبير عن إرادة المتعاقد الثاني على إبرام العقد، وهو الركن الثاني من أركان العقد.

واشترطت المادة لصحة القبول شرطين:

  • أولاً: أن يكون القبول "مطابقاً للإيجاب"، والمقصود به: أن يكون القبول موافقاً للإيجاب في جميع شروطه، فلا يكون فيه أي تغيير أو تعديل، فمثلاً: إذا عرض شخص على آخر بيع سيارته بمبلغ معين، فقبل الطرف الآخر بيعها بمبلغ أقل، فهذا ليس قبولاً مطابقاً للإيجاب، ولا ينعقد به العقد.

  • ثانياً: أن يتصل القبول بعلم من وجه إليه الإيجاب"، والمقصود به: أن يصل القبول إلى علم الطرف الآخر الذي وجه إليه الإيجاب، فلا يكفي مجرد التعبير عن الإرادة، بل لابد أن يعلم الطرف الآخر بهذا القبول، فمثلاً: إذا أرسل شخص لآخر رسالة يعلن فيها قبوله عرض بيع سيارته، فلا يعد القبول صحيحاً إلا إذا وصلت الرسالة إلى الطرف الآخر وعلم بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الشرط ينطبق على جميع أنواع التعبير عن الإرادة، سواء كان صريحاً أو ضمنياً، كتابياً أو شفوياً، وسواء كان بمجلس العقد أو برسالة، أو بوسائل الاتصال الحديثة، وسواء كان موجهاً لشخص معين أو للجمهور.

ويترتب على تخلف أحد هذين الشرطين بطلان القبول، فلا يرتب أي أثر نظامي.

وأما "الرجوع عن القبول"، وهو: زوال القبول قبل أن يقترن به الإيجاب، فسيأتي الحديث عنه مفصلاً في المادة (١٠١).

تستكمل هذه المادة آثار العقد بالنسبة إلى الغير ؛ فبينت أحكام "الاشتراط لمصلحة الغير" وفيه يتعاقد طرفان أحدهما المشترط وهو يتعاقد باسمه والآخر المتعهد، في تنفيذ المتعهد التزامات لمصلحة الغير وهو المنتفع، دون أن يكون المنتفع طرفاً في العقد المبرم بين المشترط والمتعهد. ومن تطبيقات الاشتراط لمصلحة الغير : عقد التأمين التعاوني الصحي الذي يبرمه رب العمل لمصلحة عماله، وعقد تأمين الحماية التعاوني الذي يبرمه الشخص لمصلحة أقارب معينين له في حال وفاته أو عجزه كلياً، وعقد المقاولة لاسيما مع الدولة إذا شرط فيه صاحب العمل على المقاول شروطاً لمصلحة عماله كوضع حد أدنى للأجور أو التعويضات، وبيع المتجر إذا شرط البائع على المشتري أن يبقي العمال وألا ينقص أجورهم، أو اشترط البائع على المشتري أن يحتفظ ببعض الثمن تأميناً لدين آخر على البائع. وبينت الفقرة الأولى أن الاشتراط لمصلحة الغير يجب أن تتوفر فيه ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يتعاقد المشترط باسمه لا باسم المنتفع، ولا يكون المنتفع طرفاً في العقد، وبذا يتميز الاشتراط لمصلحة الغير عن النيابة. والشرط الثاني: أن يشترط المشترط حقاً مباشراً للمنتفع تجاه المتعهد، أما إذا كسب المنتفع الحق بطريق غير مباشر مثل عقد التأمين من الحوادث والمسؤولية التي يحدثها الشخص على الغير، أو كسبه عن طريق الحوالة أو انتقل إليه بالاستخلاف، فلا يعد ذلك اشتراطاً لمصلحة الغير. والشرط الثالث: أن يكون للمشترط مصلحة شخصية مادية مثل تأمين رب العمل تأميناً صحياً لمصلحة عماله، أو أدبية مثل تأمين الشخص تأمين حماية لمصلحة أولاده، وبذا يتميز الاشتراط لمصلحة الغير عن الفضالة؛ فالفضولي ليس له مصلحة شخصية فيما يقوم به من عمل لمصلحة المنتفع. وبينت الفقرة الثانية الأثر المترتب على الاشتراط لمصلحة الغير، ففضلاً عن أن العلاقة التي تربط المشترط بالمتعهد، والعلاقة التي تربط المشترط بالمنتفع تحكمهما القواعد العامة شأنهما شأن أي عقد آخر ؛ إلا أن ما يميز الاشتراط لمصلحة الغير هو أنه يُكسب المنتفع مع أنه ليس طرفاً في العقد - حقًا مباشرًا تجاه المتعهد، ومن ثم يستطيع المنتفع أن يطالب المتعهد بوفائه بدعوى مباشرة، ويكون المنتفع دائناً للمتعهد شأنه في ذلك شأن بقية الدائنين، وفي المقابل لا يدخل هذا الحق في الضمان العام لدائني المشترط وليس لهم التنفيذ عليه. والحق الذي يكسبه المنتفع مصدره عقد الاشتراط ويثبت له من ذلك الوقت لا من وقت رغبته الاستفادة من الاشتراط، ويترتب على ذلك عدد من الأحكام، منها: 1- أن للمتعهد أن يتمسك تجاه المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد كالإبطال والبطلان والفسخ؛ لأن مصدر الالتزام هو العقد. ٢ - للمتعاقدين المشترط والمتعهد أن يكيفا هذا الحق وفقاً لما يتفقان عليه؛ كأن يجعل المشترط له وحده حق مطالبة المتعهد بتنفيذ التزامه تجاه المنتفع، أو يتفقا على جعل حق المنتفع قابلاً للنقض أو غير قابل للنقض.

  • لا يؤثر في صحة الاشتراط فقد المتعهد أهليته بعد عقد الاشتراط وقبل إعلان المنتفع رغبته في الاستفادة منه.
  • لدائني المنتفع دعوى عدم نفاذ رفضه الاشتراط إذا ترتب على ذلك إحاطة ديونه بأمواله. وبينت الفقرة الثالثة أنه يجوز للمشترط أن يطالب المتعهد بتنفيذ ما اشترط لمصلحة المنتفع وأن يرفع دعوى مباشرة باسمه، ولو لم يكن ذلك منصوصاً عليه في العقد؛ لأن الشأن في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون للمشترط مصلحة شخصية مادية أو أدبية في هذا الاشتراط؛ فهذه المصلحة تخوله رفع الدعوى والمطالبة بنفسه، بل يجوز أن يشترط أن يكون له وحده حق مطالبة المتعهد بتنفيذ ما اشترط لمصلحة الغير؛ كأن تشترط جمعية خيرية على من يتعاقد معها تقديم برامج تدريبية لذوي الدخل المحدود وتحتفظ الجمعية بحقها وحدها في مطالبة المتعهد بتنفيذ ما اشترطته للغير.

تستكمل هذه المادة بيان أحكام الاشتراط لمصلحة الغير حيث بينت أحكام نقض الاشتراط وآثاره، فبينت الفقرة الأولى أن حق المنتفع الذي يكسبه بموجب عقد الاشتراط المصلحة الغير قابل للنقض من قبل المشترط وحده، فله أن ينقض الاشتراط أو أن يحل منتفعاً آخر محل الأول، أو يحول المنفعة لنفسه، وحق النقض حق شخصي ليس للدائنين استعماله باسم المدين، ولا ينتقل إلى الورثة، فلو مات المشترط دون أن ينقض الحق وقبل قبول المنتفع فليس للورثة نقضه؛ إذ لو جعل لهم ذلك لنقضوا حقاً لم ينقضه مورثهم بدافع مصلحتهم الخاصة. ويسقط حق النقض بإعلام المنتفع المتعهد أو المشترط قبوله لما اشترط له، فيكفي لثبوت الحق له أن يعلم أياً منهما ولا يلزم أن يعلمهما جميعاً، وهذا القبول ليس قبولاً لإيجاب معروض عليه، ولا ينشأ به عقد، بل هو تثبيت لحقه بموجب عقد الاشتراط؛ إذ لا بد من صدور قبول لتثبيت ما شرط له، ويعد القبول تصرفاً نظامياً بإرادة منفردة، فلا يتوقف على موافقة الطرف الآخر، ويشترط له أهلية المنتفع للتعاقد عند القبول، ويصح أن يكون صريحاً أو ضمنياً، ولا يشترط له شكل أو وضع معين؛ فلو كانت العلاقة بين المشترط والمنتفع تبرعاً فيصح القبول من دون قبض؛ لأن هذا ليس هبة مباشرة يشترط لها القبض كما هو الشأن في عقد الهبة. وإذا رفض المنتفع الاشتراط فتبقى للمشترط الحقوق المبينة؛ فله نقض الاشتراط أو أن يحل منتفعاً آخر أو يحول المنفعة لنفسه. وليس للمشترط أن ينقض الاشتراط أو أن يحل نفسه أو منتفعاً آخر محل الأول إذا ترتب على ذلك ضرر بمصلحة المتعهد؛ مثل أن يشترط بائع المتجر على المشتري أن يقدم تخفيضاً في الرسوم لفئة معينة من المستهلكين أو للحي الذي فيه المتجر أو يوفر سكناً ملائماً للعمال، ويترتب على إحلال منتفع آخر ضرر بمصلحة المتعهد؛ لكونه إنما قبل لما يترتب على ذلك من مصلحة غير مباشرة تعود له. وحيث إن مصدر الحق الذي كسبه المنتفع هو عقد الاشتراط، فللمشترط والمتعهد أن يكيفا هذا الحق وفق ما يتفقان عليه؛ إذ لا مخالفة في ذلك للنظام العام؛ فيجوز لهما الاتفاق عند العقد على: 1 - نزول المشترط بالكلية عن حقه في نقض اشتراطه؛ ومن ثم فلا يكون له الحق لا في نقضه ولا أن يحل نفسه أو منتفعاً آخر محل الأول، وفي هذه الحالة إذا رفض المنتفع الاشتراط انفسخ الاشتراط؛ لاستحالة التنفيذ.

  • أن يكون حق النقض للمتعهد وحده، على أن يحل محل المنتفع المشترط أو منتفعاً آخر؛ لئلا يتحلل المتعهد من التزامه متى ما أراد. أن يكون النقض بموافقة الطرفين المشترط والمتعهد. 4 - أن يحتفظ المشترط بحقه في النقض أو إحلال منتفع آخر حتى بعد قبول المنتفع لما اشترط له أو تعارض ذلك مع مصلحة المتعهد؛ فقبول المنتفع لا يمنع من النقض إذا كان مشروطاً ولو كان العقد بين المنتفع والمشترط تبرعاً؛ ففي عقد الهبة المباشر يجوز للواهب أن يشترط لنفسه حق الرجوع في حالات يحددها يكون له فيها غرض مشروع وقبول المتعهد أن يكون للمشترط وحده حق النقض ولو تعارض مع مصلحة المتعهد لا يمنع أيضاً من صحة هذا الشرط؛ لأن ذلك يعد نزولاً من المتعهد عن حقه. وعلى هذا فما قررته المادة يعد من القواعد المكملة، فهي تبين إرادة المتعاقدين المفترضة في حال السكوت، ولهما الاتفاق على خلافها. وبينت الفقرة الثانية أن نقض الاشتراط لا يترتب عليه براءة ذمة المتعهد، ما لم يبرئ المشترط المتعهد من اشتراطه صراحة أو ضمناً، سواء أكان هذا الإبراء عند نقض الاشتراط، أو باتفاقهما عند العقد على أنه متى نقض الاشتراط برأت ذمة المتعهد. وعلى هذا؛ إذا نقض المشترط حق المنتفع ولم يعين منتفعاً آخر ولم يبرئ المتعهد أو يتفقا عند العقد على أن النقض يبرئه فإن الحق ينصرف إلى المشترط نفسه، ويعد الحق ثابتاً له من حين العقد لا من حين النقض، ويكون العقد كأي عقد عادي لا ينصرف أثره إلا إلى طرفيه؛ ولا يعد الحق قد انتقل إليه من المنتفع الذي حل محله بل هو متقرر له بعقد الاشتراط، ويجوز للمشترط كذلك بعد أن ينقض الاشتراط ويصرفه إلى نفسه أن يحل محله منتفعاً آخر، وكل ذلك ما لم يوجد اتفاق بين المشترط والمتعهد بخلافه.

قررت المواد السابقة أحكام الاشتراط لمصلحة الغير وأثره، وتقرر هذه المادة أن الاشتراط لمصلحة الغير لا يشترط لصحته أن يكون المنتفع موجوداً وقت الاشتراط، بل يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصاً مستقبلاً؛ مثل أن يبرم شخص مع شركة تأمين تعاوني عقد تأمين حماية لأولاده من كان منهم موجوداً أو يولد لاحقاً، بحيث يدفع اشتراكات التأمين وفي حال وفاته أو عجزه كلياً وتحققت شروط التعويض تدفع الشركة مبلغ التأمين للموجود منهم في حينه، ومثل أن يبرم طرفان عقداً ويشترط أحدهما على الآخر أن يوفر لمن سيعملون لدى الآخر أي المتعهد - تأميناً صحياً أو تأمين إصابة عمل أو برامج تدريبية أو لا تقل أجورهم عن حد معين، ويغلب مثل هذا الشرط في عقود الامتياز التجاري وعقود الامتياز الحكومي، كما يجوز أن يكون المنتفع شخصاً ذا صفة اعتبارية غير موجود وقت إبرام العقد، كأن يشترط مانح الامتياز التجاري على صاحب الامتياز تقديم الخدمة مجاناً أو برسوم مخفضة لجمعيات الأيتام القائمة أو التي تنشأ في منطقة معينة. والأصل في المنتفع أن يكون معيناً بذاته عند العقد ويجوز كذلك أن يكون غير معين عند العقد إذا كان من الممكن تعيينه عند الوفاء بالالتزام المشترط سواء كان شخصاً ذا صفة طبيعية؛ كأن يشترط شخص أن يكون المنتفع من لم يتوظف من أبنائه عند الوفاء بالالتزام؛ فلا يعلم المستحق منهم إلا في حينه، أو يكون شخصاً ذا صفة اعتبارية كأن يشترط أن يكون المنتفع أفضل جامعة أو جمعية خيرية في منطقة معينة وفق التصنيف الذي تصدره جهة رسمية محددة في حينه؛ فلا تعلم تلك الجمعية إلا عند الوفاء.

تضمنت المادة ثلاث قواعد نظامية يجب على القاضي أن يأخذ بها عند تفسيره للعقد، ومجال تطبيق كل قاعدة منها في حال تختلف فيه عن الأخرى وفق الآتي: الحالة الأولى: أن تكون عبارة العقد واضحة: بينت الفقرة الأولى القاعدة النظامية لهذه الحالة، فإذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الخروج عن مدلولها بحجة تفسيرها بحثاً عن إرادة المتعاقدين، ولا يكون القاضي بحاجة في هذه الحالة إلى تسبيب حكمه بأكثر من أن يبين أن هذا هو المعنى الواضح الذي يعبر عن مقصود المتعاقدين. والمقصود بوضوح العبارة أي وضوح دلالتها على إرادتهما وليس المراد وضوح لفظها، فلو تبين للقاضي أن النية المشتركة لهما تخالف مدلول العبارة التي استخدماها، بأن لم يتخير المتعاقدان اللفظ المعبر عن قصدهما، أو أحاط بعبارتهما الواضحة ملابسات ترجح حملها على معنى مغاير حملها القاضي على المعنى المشترك لهما، ويجب في هذه الحالة أن يذكر الأسباب التي دعته إلى ترك معنى العبارة الظاهر. الحالة الثانية: أن تكون عبارة العقد غير واضحة ومن الممكن تفسيرها بينت الفقرة الثانية القاعدة النظامية لهذه الحالة؛ فإذا كان في عبارة العقد غموض وكان هناك محل لتفسيرها فيجب تفسيرها بالبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين دون الاكتفاء بالمعنى الحرفي للألفاظ؛ وقد يتحقق الغموض رغم وضوح بعض عبارات العقد إذا كانت تتعارض مع عبارات أخرى فيه، بحيث يغم قصد المتعاقدين. وبهذا فإن الغموض يختلف عن التمسك بمدلول يخالف ظاهر العبارة كما تقدم، وقد بينت الفقرة عدداً من الوسائل - لا على سبيل الحصر - يستعين بها القاضي في تفسير العقد للوصول إلى النية الحقيقية لهما، وهذه الوسائل تنقسم قسمين: القسم الأول: وسائل داخلية؛ أي من العقد ذاته، وذكرت الفقرة منها: أ- طبيعة المعاملة، من حيث كونها بيعاً أو إيجاراً أو قرضاً أو مضاربة أو غير ذلك فيستعين بها القاضي في تحديد مراد المتعاقدين من العبارات المحتملة؛ إذ المعقول أن المتعاقدين حين لم يصرحا بإرادتهما فقد قصدا أن يتركا العقد محكوماً بما تقتضيه طبيعته. ب ظروف التعاقد مما يكون قد سبقه أو عاصره من مفاهمات واتفاقات تتصل بموضوع العقد، وكذا ما ينبغي أن يسود من أمانة وثقة بين المتعاقدين، فالأمانة واجبة على المتعاقد، والثقة حق له، فإذا كان هناك إيهام في التعبير أو لبس واستطاع أن يتبينه أو كان بمقدوره ذلك فالأمانة تقتضي ألا يستغل هذا الإيهام أو اللبس، والثقة تقتضي أن الشخص يطمئن إلى العبارة الموجهة إليه بحسب ظاهرها وأن المعنى الظاهر منها هو ما قصده الموجب، وعلى هذا تحمل عبارات العقد على أنها قائمة على أساس الأمانة والثقة فيما بينهما. ويستعين القاضي كذلك بالقواعد الكلية في التفسير ؛ فإذا احتملت عبارة العقد أكثر من معنى وكان أحد هذه المعاني هو الذي ينتج أثراً قانونياً حملت العبارة على هذا المعنى؛ تطبيقاً لقاعدة: "إعمال الكلام أولى من إهماله، وإذا تعذر إعمال الكلام بأي وجه من الوجوه فإنه يهمل ويعد لغواً، إعمالاً للقاعدة: "إذا تعذر إعمال الكلام يهمل" ، ويحمل اللفظ على المعنى الذي وضع له أصلاً؛ فلا يصار إلى المعنى المجازي البعيد إلا إذا وجد ما يخرج اللفظ عن حقيقته تطبيقاً لقاعدة: الأصل في الكلام الحقيقة"، ويجب أن تفسر عبارات العقد بعضها ببعض، فلا يجوز عزل العبارة الواحدة عن بقية العبارات فقد تكون هناك عبارة مطلقة وتقيدها عبارة سابقة أو لاحقة فتطبق القاعدة الكلية: "المطلق يجري على إطلاقه؛ ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة". القسم الثاني: وسائل خارجية، وذكرت منها الفقرة: أ- العرف، أي أن العقد يطبق وفقاً لما يقتضيه العرف الجاري في التعامل؛ إذ المفترض أن المتعاقدين عالمان بما استقر عليه عرف التعامل فتحمل إرادتهما إذا لم يصرحا بخلافه على ما جرى عليه العرف، فإذا كانت عبارة العقد مبهمة فيستعان بالعرف في تفسيرها. ويراعى في اعتبار العرف شروطه المبينة في شرح المادة (٧٢٠). ب ما جرت به عادة التعامل بين المتعاقدين وحالهما، وهي هنا أخص من العرف فهي قد تكون محصورة بين المتعاقدين لا عرفاً مستقراً في السوق، فتكون مفسرة لإرادة المتعاقدين المبهمة؛ إذ إن جريان عادة التعامل بينهما على نحو معين قرينة قوية على أنهما قصداه فيما سكتا عن التصريح بخلافه، مثل أن يتفقا على أن يكون الثمن بسعر السوق دون تحديد أي سوق ولكن جرت عادة التعامل بينهما على اعتبار سوق معينة فتعتبر تلك السوق. وبين آخر الفقرة أن يراعى في تفسير العقد أن تفسر شروط العقد بعضها بعضاً؛ وذلك بأن يعطى كل شرط المعنى الذي لا يتعارض به مع غيره من الشروط؛ لأن شروط العقد يكمل بعضها بعضاً؛ فيجب أن يراعى في تفسير كل شرط ما تضمنه العقد من شروط أخرى مبينة أو مقيدة لهذا الشرط. الحالة الثالثة الشك في معنى العبارة بينت الفقرة الثالثة حال الشك في التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين؛ بأن يحتمل تفسير العبارة معاني متعددة لا مرجح لأحدها على الآخر، ففي هذه الحالة يفسر الشك المصلحة من يتحمل عبء الالتزام أو الشرط؛ وعلى هذا: أ- يفسر الشك في التزام لمصلحة المدين بهذا الالتزام؛ مثل أن تحتمل عبارة العقد وجوب الوفاء بشيء ذي جودة عالية أو متوسطة ولا مرجح، فتحمل على الجودة المتوسطة. ب يفسر الشك في شرط من الشروط لمصلحة من يتحمل عبء ذلك الشرط سواء كان في مركز الدائن أو المدين؛ ومن ذلك الشك في الشروط المعدلة للمسؤولية العقدية، فمثلاً لو اتفق المتعاقدان في عقد البيع على زيادة مسؤولية البائع في ضمان الاستحقاق أو العيب؛ كأن يضمن قيمة المبيع عند الاستحقاق ولو زادت على الثمن أو يضمن أي عيب ولو لم ينقص من قيمة المبيع أو نفعه، فيفسر الشرط عند الشك فيه لمصلحة البائع لأنه من يتحمل عبء هذا الشرط ولو اتفق المتعاقدان في عقد البيع على إعفاء البائع من ضمان الاستحقاق أو العيب إسقاطاً أو تخفيفاً؛ كأن يشترط البائع أن يرد الثمن فقط عند الاستحقاق دون التعويضات الأخرى أو يشترط براءته من العيوب الخفية؛ فيفسر الشرط عند الشك فيه لمصلحة المشتري؛ لأنه من يتحمل عبء هذا الشرط. والمسوغ للأخذ بالمعنى الأقل إلزاماً لمن يتحمل عبء الالتزام أو الشرط هو أن الأصل براءة ذمته من قدر الالتزام أو الشرط المشكوك فيه، فيحمل على الأقل تطبيقاً للقاعدة الكلية: اليقين لا يزول بالشك"، ولأن إثبات القدر المشكوك فيه يتحمله من كان الالتزام أو الشرط لمصلحته، فإذا عجز عن إثباته فلا يبقى إلا الأخذ بالقدر الذي قام عليه الدليل. ويراعى في تطبيق هذه القاعدة أن مجال تطبيقها في حال الشك أي تساوي الاحتمالات، أما إذا ترجح أحد الاحتمالات فيؤخذ به. واستثنت الفقرة في تطبيق هذه القاعدة ما إذا كان العقد عقد إذعان فيفسر الشك عند وقوعه لمصلحة الطرف المُذعِن؛ لأن الطرف الآخر هو من صاغ العقد وأعد شروطه فإذا كانت بعض عباراته مبهمة يحوم حولها الشك فالخطأ خطأه ويتحمل تقصيره، بينما المذعن - وهو الطرف الأضعف دائناً أو مديناً لا يد له في هذا الغموض؛ لأن قبوله هو مجرد التسليم بالشروط التي وضعها الطرف الآخر. ويجدر التنبه في تطبيق حكم هذه المادة إلى التمييز بين حالة غموض العقد أو الشك فيه مع إمكان تفسيره وبين الحالة التي يستحيل فيها على القاضي تفسير العقد مهما كان جانب الشك فيه، بحيث يتبين له عدم وجود نية مشتركة للمتعاقدين التقيا عندها، بل أراد كل منهما غير ما أراده الآخر، فهنا يتبين عدم انعقاد العقد.

تتناول هذه المادة أول سبب من أسباب حل الرابطة العقدية وهو الإقالة، وهي اتفاق الطرفين بعد إبرام العقد وقبل انقضائه على إلغائه، مثل أن يتفق البائع والمشتري بعد إبرام العقد وقبل التنفيذ على إلغاء العقد، أو يبرم المؤجر والمستأجر عقد إيجار لمدة سنة ثم يتفقا بعد ستة أشهر على انحلال العقد فيما بقي من المدة. والإقالة مندوب إليها؛ لما فيها من المسامحة في التعامل، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من أقال نادماً صفقته أقال الله عثرته يوم القيامة) (7). ولكون الإقالة تنشأ من توافق إرادتين على إحداث أثر نظامي؛ فتجري عليها الشروط والأحكام العامة للعقد؛ فيشترط لها رضى المتعاقدين، وأهلية التعاقد، وإذا شابها عيب في الرضى فتكون قابلة للإبطال، وتنعقد بإيجاب وقبول صراحة أو ضمناً، ويشترط تطابق الإيجاب والقبول واتصالهما عرفاً، ولمن عرض الإقالة على الطرف الآخر أن يعدل عنه ما لم يصدر منه القبول. وحيث إن الإقالة تستند إلى تراضي المتعاقدين فيصح اتفاقهما على الإقالة بمثل العوض الأول أو أقل منه أو أكثر، وبمثل شروط العقد الأول أو بتعديل فيها، كما تصح في جميع ما وقع عليه العقد أو في بعضه؛ مثل أن يقع البيع على عدة أشياء فيتقايلا البيع في بعضها دون بعض. ويترتب على الإقالة من حيث الأصل الأثر الرجعي للفسخ، فيعود المتعاقدان إلى حالهما قبل التعاقد، ما لم يتفقا أو يتبين من ظروف المعاملة توجه إرادتهما إلى ألا يكون لها أثر رجعي، مثل أن يكون العقد من العقود الزمنية كالإيجار فتسري الإقالة على المستقبل دون ما سبق، أو يكون طلب الإقالة بعد تنفيذ العقد وانقضائه فتعد تعاقداً جديداً. وسواء كان للإقالة أثر رجعي أو لم يكن فإنها لا تؤثر في حقوق الغير، فليس للمتعاقد أن يحتج بالإقالة تجاه الخلف الخاص للمتعاقد الآخر إذا كسب حقاً عينياً بحسن نية.

تتناول هذه المادة سبباً ثانياً من أسباب فسخ العقد، وهو خيار الشرط؛ فقررت الفقرة الأولى جواز اتفاق المتعاقدين عند العقد على أن يكون لأحدهما أو لهما جميعاً أو لغيرهما حق الخيار في العدول عن العقد، مثل أن يتم البيع على أن يكون للبائع أو للمشتري أو لهما جميعاً أو للغير الحق في العدول عن العقد خلال عشرة أيام، وخيار الشرط يختلف عن الشرط الفاسخ في حال الإخلال بالالتزام الوارد في المادة (۱۰۸)؛ إذ الغرض من هذا الأخير أن يكون للدائن حق الفسخ في حال إخلال المدين دون حاجة لحكم قضائي بينما الغرض من خيار الشرط تروي المتعاقد والتأني قبل أن يكون العقد باتاً ولازماً في حقه، ولا علاقة لهذا الخيار بالإخلال، فلمن له الخيار أن يعدل عن العقد بمحض إرادته ولو لم يقع إخلال من الطرف الآخر؛ ولكن يشترط لصحة العدول إعلام المتعاقد الآخر في المدة المحددة للخيار، وبناءً عليه؛ فلا يترتب أي أثر على العدول ما لم يعلم به المتعاقد الآخر، وتبين الفقرة أن هذا العدول يعد فسخاً للعقد؛ والمراد أنه تترتب عليه آثار الفسخ من حيث زوال العقد بأثر رجعي وعود المتعاقدين إلى ما كانا عليه عند العقد، وليس المراد اشتراط الإعذار أو اشتراط وقوع الإخلال للعدول. وهذا مما يختلف به خيار الشرط عن العربون؛ ففي العربون لا يزول العقد عند العدول بأثر رجعي ولا يعود المتعاقدان إلى حالهما عند العقد بخلاف العدول في خيار الشرط. وخيار الشرط دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار) (8) ، فمن معاني صفقة الخيار أن يتفق المتعاقدان على الخيار لهما أو لأحدهما بعد التفرق والحكمة من مشروعيته كما سبق هي التروي فقد يحتاج المتعاقد لترتيب أموره أو تجربة المبيع قبل لزوم العقد في حقه. ومن تطبيقاته في هذا النظام البيع بشرط التجربة وفق ما ورد في المواد (۳۱۰-۳۱۲). ويستخلص من المادة عدد من الأحكام: 1 - لا يتقيد خيار الشرط بالعقود الفورية كالبيع، بل يصح كذلك في العقود الزمنية كالإيجار ولا يكون للعدول فيها أثر رجعي، ولا يتقيد كذلك بالعقود الرضائية، بل يصح حتى في العقود الشكلية والعينية، فإثبات حق العدول لا يمنع من الانعقاد. ٢ - يعد خيار الشرط التزاماً معلقاً على شرط فاسخ لا واقف، أي أن العقد يكون نافذاً من حين إبرامه، ومتى اختار من له الخيار العدول زال العقد بأثر رجعي، ولزم الدائن رد ما أخذه، أي أن أثر الفسخ يستند إلى الوقت الذي نشأ فيه العقد إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن أثر العدول إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط. وحكم المادة ليس من النظام العام فلو تبين من ظروف التعاقد توجه إرادة المتعاقدين إلى أن نفاذ العقد معلق على قبول من له الخيار ؛ فيصح ويكون العقد معلقاً على شرط واقف وهو قبول من له الخيار. ويبين ختام الفقرة أن المتعاقدين إذا اتفقا على الخيار ولم يحددا مدته؛ فلا يترتب على ذلك بطلان العقد؛ بل العقد صحيح، وتتحدد المدة بحسب العرف وظروف التعاقد؛ فإذا اختلفا في تحديدها وفقاً لذلك تولت المحكمة تحديدها؛ وذلك لأن توجه إرادة المتعاقدين حال الاتفاق على حق الخيار دون تحديد مدته يدل على أنهما قصدا تحديدها بالعرف وظروف التعاقد؛ وهذا لا يعدو أن يكون تفسيراً لإرادة المتعاقدين وفقاً لما يقتضيه التعامل وطبيعة العقد. ويتضح من الفقرة أن مدة خيار الشرط لا تتقيد بحد معين، فيجوز الاتفاق على أي مدة ولو طالت. وتبين الفقرة الثانية من المادة حالتين يسقط فيهما خيار الشرط: الحالة الأولى: أن يصدر ممن له الخيار ما يدل على إسقاط حقه في الخيار سواء كان ذلك بتعبير صريح، مثل أن يقول: أسقطت حقي في الفسخ أو أمضيت العقد ونحو ذلك، أو بتعبير ضمني، مثل أن يتصرف في الشيء الذي وقع عليه العقد تصرفاً نظامياً؛ كأن يشتري شخص شيئاً معيناً بالذات بشرط الخيار ثم يبيعه أو يؤجره أو يهبه أو يرهنه خلال مدة الخيار ؛ فيعد ذلك إسقاطاً ضمنياً لحقه في العدول، وأما مجرد عرض الشيء للتعاقد؛ مثل أن يعرضه للبيع أو الإيجار ونحو ذلك دون أن يتم العقد فلا يسقط الخيار؛ إذ لا يرتقي هذا العمل ليكون قرينة على إسقاط هذا الحق. والحالة الثانية أن تمضي مدة الخيار دون أن يختار من له الخيار العدول؛ فيسقط حقه في العدول عن العقد، ويكون العقد باتاً لا يحق له العدول عنه، وهذا مما يختلف به أيضاً خيار الشرط عن العربون؛ فسكوت من له الخيار إلى انتهاء مدة الخيار يعد مسقطاً لخياره في العدول ويكون العقد في حقه باتاً، بينما سكوت دافع العربون حتى انتهاء مدة العدول يعد عدولاً منه عن العقد. ويقرر ختام هذه الفقرة أنه إذا كان الخيار للمتعاقدين فلا يترتب على سقوط خيار أحدهما سقوط خيار الآخر، ما لم يقتض العقد أو العرف خلاف ذلك، فالأصل استقلال حق كل واحد من المتعاقدين عن الآخر. ويجدر التنبه إلى أن ما تضمنته المادة من أحكام لا ينطبق على الأحكام النظامية المقررة حماية للمستهلك في أنشطة معينة يمنح المستهلك بموجبها حق إلغاء العقد أو الانسحاب منه خلال مدد معينة؛ مثل قواعد التمويل الاستهلاكي، والتعاملات الإلكترونية، وغيرهما، فحق الإلغاء أو الانسحاب هناك مصدره تلك القواعد بخلاف خيار الشرط فإن مصدره اتفاق المتعاقدين.

موضوع هذه المادة في الفسخ القضائي للإخلال بالالتزام؛ فللمحكمة أن توقع الفسخ ولو لم يتضمن العقد شرطاً فاسخاً متى توفرت شروط الفسخ القضائي؛ ذلك أن الشرط الفاسخ مفترض ضمناً في كل عقد ملزم للجانبين، فالالتزامات المتقابلة قائمة على أساس الارتباط فيما بينها فإذا لم يقم أحد الطرفين بتنفيذ التزامه جاز للطرف الآخر أن يتوقف عن تنفيذ التزامه، وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ، أو أن يتحلل من هذا الالتزام وهذا هو الفسخ. ويشترط لإيقاع الفسخ القضائي - إضافة إلى الشروط المشتركة مع الفسخ الاتفاقي التي سبق بيانها - ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يكون الجزء الذي حصل فيه الإخلال جوهرياً بالنسبة إلى مجموع الالتزام، فإذا لم يوجد في العقد شرط فاسخ فيما حصل فيه الإخلال وكان طلب الفسخ مقاماً على أساس الشرط الفاسخ الضمني فلا يجوز إيقاع الفسخ إذا كان هذا الإخلال - وفق تقدير المحكمة - قليل الأهمية بالنسبة إلى التزام المدين؛ إذ الشأن أن هذا الإخلال من قلة الأهمية بحيث لم يكن يستأهل في قصد المتعاقدين فسخ العقد به، وتقصر المحكمة حق الدائن على التعويض إن كان له مقتض. وبناء على ما قررته المادة - وهي الأصل العام في الفسخ القضائي - فمتى جعل نص نظامي للمتعاقد الحق في طلب الفسخ؛ فعلى المحكمة التحقق من كون ما لم يوف به المدين جوهرياً، وإلا فإنها ترفض طلب الفسخ، ولو لم يتضمن ذلك النص ما يقيد الحق في طلب الفسخ بكون الجزء الذي لم يوفه المدين جوهرياً؛ لأن ما قررته المادة كقاعدة عامة يسري على أي فسخ قضائي دون حاجة لتكرار هذه الشروط في كل موضع؛ فتقييد الفسخ بكونه بطلب يرفع إلى المحكمة وليس فسخاً بإرادة منفردة يقتضي أن يكون الفسخ قضائياً وفق ما قررته هذه المادة من شروط يجب أن تتوفر فيه قبل أن تحكم المحكمة به، وذلك ما لم ينص النظام في حالة معينة على خلافه. والشرط الثاني: أن يطلب الدائن إيقاع الفسخ، ولا يكون ذلك إلا برفع دعوى يطلب فيها الفسخ، ويثبت هذا الحق للدائن أو من يحل محله من الخلف العام أو الخاص أو المحال له أو الموفي مع حق الحلول كما يثبت للدائن بالدعوى غير المباشرة. ويترتب على ذلك أن للمدين أن يتوقى الفسخ بالوفاء بالتزامه قبل صدور الحكم النهائي، سواء كان المدين أعذر به أو لم يعذر ، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن. وللدائن بعد رفع دعوى الفسخ أن يعدل قبل الحكم إلى طلب التنفيذ العيني، كما أن له إذا رفع دعوى بالتنفيذ العيني أن يعدل إلى طلب الفسخ ما لم يكن قد نزل عن الحق في الفسخ صراحة أو ضمناً، ولا يعد مجرد رفعه دعوى بالتنفيذ العيني والتي عدل فيها إلى طلب الفسخ نزولاً عن طلب الفسخ. ومثل ما قيل في الشرط الأول؛ فبناء على ما قررته المادة - وهي الأصل العام في الفسخ القضائي - متى جعل نص نظامي للمتعاقد الحق في طلب فسخ العقد فلا يحول ذلك دون حقه في طلب تنفيذه؛ فالنص على الحق في طلب الفسخ لا ينفي حقه في طلب التنفيذ، وذلك ما لم ينص النظام في حالة معينة على خلافه. وللمحكمة السلطة التقديرية في إيقاع الفسخ، ولها قبل الحكم بالفسخ أن تمنح المدين في حالات استثنائية مهلة إلى أجل معقول يُنفذ فيه التزامه إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم. وفق ما قررته المادة (٢٧٥)، ولها أيضاً رفض طلب الفسخ إذا تبين أن الجزء الذي لم ينفذ قليل الأهمية أو أن طالب الفسخ هو الآخر مقصر في الوفاء بالتزاماته. وتتقادم دعوى الفسخ - كما سبق - بانقضاء عشر سنوات من قيام حق الدائن بطلب الفسخ، أي من وقت عدم التنفيذ أو من وقت الإعذار إذا كان واجباً. والشرط الثالث: صدور حكم بالفسخ، وهذا ما يميز الفسخ القضائي عن الفسخ الاتفاقي ففي الفسخ القضائي لا يقع الفسخ إلا بحكم القاضي وهو يكون منشئاً للفسخ وليس مقرراً له. وللمحكمة مع الحكم بالفسخ أو بالتنفيذ إلزام المدين بالتعويض إن كان له مقتض؛ ففي حال الحكم بالفسخ وكان مرده خطأ أحد المتعاقدين؛ فإن هذا المتعاقد لا يلزم برد ما حصل عليه فقط بل يلزم فوق ذلك بتعويض المتعاقد الآخر عما لحقه من ضرر نتيجة هذا الخطأ، وفي حال الحكم بالتنفيذ إما بطلب الدائن التنفيذ، أو لرفض دعوى الفسخ بسبب وفاء المدين بعد رفع الدعوى، أو لكون الجزء الذي حصل فيه الإخلال لا يستوجب الفسخ وفق تقدير المحكمة، فلها أن تلزم المدين بتعويض الدائن عما لحقه من ضرر بسبب هذا الإخلال.

موضوع هذه المادة في الفسخ الاتفاقي أي الفسخ بمقتضى الشرط الفاسخ، وهو أن يتفق المتعاقدان على أن يكون للدائن حق فسخ العقد عند إخلال المدين بالتزاماته دون حاجة إلى حكم قضائي، وفي هذه الحالة يقع الفسخ باختيار الدائن له، ولا يلزم أن ترفع به دعوى إذ هو ينتج أثره بمجرد تحقق الشرط، وإذا اقتضت الضرورات العملية لجوء الدائن إلى القضاء لاستصدار حكم بالفسخ فإن حكم القاضي يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً له. ويشترط للفسخ الاتفاقي الشروط الأربعة المشتركة مع الفسخ القضائي المذكورة في مقدمة هذا المبحث (ثالثاً - الفسخ للإخلال بالالتزام. ويتبين من المادة أن الفسخ الاتفاقي لا يقع بقوة النظام كما هو الشأن في الانفساخ لاستحالة التنفيذ، بل لا بد أن يتمسك به الدائن، ولا يقبل من المدين التمسك بالفسخ إذا لم يتمسك به الدائن، ولا يحول وجود الشرط الفاسخ دون حق الدائن في طلب تنفيذ العقد دون فسخه. ويختلف الفسخ الاتفاقي عن الفسخ القضائي في أن الفسخ القضائي يفترض وجود شرط فاسخ ضمناً في العقد على أساس الارتباط بين الالتزامات المتقابلة في العقد دون أن يذكر المتعاقدان الشرط الفاسخ، ولذا لا يستوجب هذا الشرط الفسخ حتماً؛ بل هو خاضع لتقدير القاضي في مدى تأهل ما حصل فيه الإخلال للحكم بالفسخ، وللقاضي أن يمهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ، بل للمدين أن يتوقى الفسخ بتنفيذ التزامه قبل الحكم بالفسخ إذا لم يكن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن، أما الفسخ بالشرط الفاسخ فهو يوجب الفسخ حتماً متى ما تمسك به الدائن؛ فليس للقاضي سلطة تقديرية في مدى تأهل ما وقع فيه الإخلال للفسخ بالنسبة إلى التزام المدين، وليس له إمهال المدين؛ ولا للمدين توقي الفسخ، وتنحصر سلطة القاضي في التحقق من توفر شروط الفسخ الاتفاقي وحصول المخالفة الموجبة لإعمال ذلك الشرط، كما أن للمدين المنازعة في تحقق الشرط. ويجب في الفسخ الاتفاقي أن تكون عبارة العقد دالة على أن للدائن الحق في فسخ العقد عند إخلال المدين بالتزامه دون أن يتوقف وقوع الفسخ على طلب يرفعه إلى المحكمة لتصدر حكماً بذلك، مثل النص على أن للمتعاقد فسخ العقد) أو (الحق في فسخ العقد ونحو ذلك من العبارات الدالة على أن الفسخ لا يتوقف على حكم المحكمة، ولا يلزم استخدام ألفاظ معينة لهذا الاتفاق، فكل ما يدل على هذا المعنى يحصل به المقصود، وأما إذا كانت عبارات العقد لا يستخلص منها سوى الشرط الفاسخ الضمني المفترض في كل العقود، أو كانت تدل على أن للدائن عند إخلال المدين طلب الفسخ من المحكمة؛ فلا بد من رفع دعوى بالفسخ، ويكون حكم المحكمة منشئاً للفسخ لا كاشفاً له، ولها كامل السلطة في تقدير حصوله، وللمدين توقيه قبل صدوره إذا لم يتبين للمحكمة أن هذا الوفاء المتأخر مما يضار به الدائن. ووجود الشرط الفاسخ لا يعفي من إعذار المدين عند وقوع الإخلال ما لم يتفق المتعاقدان على الإعفاء منه أو توفرت إحدى الحالات المبينة في المادة (١٧٦)، ويشترط في هذا الاتفاق أي اتفاق الإعفاء من الإعذار - أن يكون صريحاً؛ فلا يكفي أن يكون ضمنياً، ويعد هذا استثناء مما تضمنته الفقرة (أ) من المادة المشار إليها، حيث أجازت تلك الفقرة أن يكون اتفاق الإعفاء من الإعذار صريحاً أو ضمنياً؛ وعلى هذا فاتفاق الإعفاء من الإعذار يصح أن يكون صريحاً أو ضمنياً لاستحقاق التعويض أو نقل تبعة الهلاك وأما في الإعفاء من الإعذار للفسخ الاتفاقي فيجب أن يكون صريحاً. ولا تعارض بين إعذار الدائن المدين وتكليفه بالتنفيذ حتى ولو اشترط صراحة الإعفاء من الإعذار وبين الفسخ بعد ذلك بمقتضى الشرط الفاسخ؛ فلا يعد ذلك نزولاً من الدائن عن حقه في الفسخ. وقصر الفسخ الاتفاقي على بعض الالتزامات لا يجعله يمتد إلى غيرها، ولا يحرم الدائن من الحق في التمسك بالفسخ القضائي بالنسبة إلى غيرها. ولا يجوز إعمال الشرط الفاسخ إذا تبين نزول الدائن عنه صراحة أو ضمناً، كما لا يمنع من صحة إعماله أن يكون التمسك به جائزاً للدائن وحده، إذ يبقى له الخيار بين إعمال أثره والمطالبة بالتنفيذ.

العيب ضد السلامة. والمقصود به كل ما ينقص من قيمة الشيء أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة منه والمستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء، أو الغرض الذي أعد له. والمادة تقرر قاعدة عامة في ضمان العيب، وهي أن عقود المعاوضات منعقدة على أساس التزام ضمني، وهو أن المتعاقد يضمن سلامة محل العقد الذي يلتزم بتنفيذه من العيب إلا ما جرى العرف على التسامح فيه؛ فإذا تبين أن تنفيذ المتعاقد لالتزامه معيب بعيب لم يجر العرف على التسامح فيه ولم يكن المتعاقد الآخر قد علم بهذا العيب ورضي به، فيعد ذلك إخلالاً من المدين بالتزامه والمادة بهذا تؤكد أن الإخلال بالالتزام كما يكون بعدم تنفيذه أو التأخر فيه، يكون كذلك بتنفيذه بشكل معيب؛ فتطبق عليه أحكام الإخلال المبينة في المادتين (۱۰۷ ، ۱۰۸). وافتراض أن عقود المعاوضة مبنية على أساس السلامة من العيوب أساسه أن السلامة مطلوب المتعاقد المعاوض عادة؛ لأن غرضه الانتفاع بالشيء محل العقد ولا يتكامل انتفاعه إلا بسلامته، وهو لم يتحمل الالتزام المقابل إلا ليسلم له الحق خالياً من أي نقص فكانت السلامة مشروطة في العقد ضمناً ؛ ولأن عقود المعاوضة قائمة على الارتباط بين الالتزامات المتقابلة فإذا كان التنفيذ في أحدها معيباً فمن العدل أن يكون للطرف الآخر أن يتحلل من التزامه المقابل. وبناء على ما قررته المادة: 1 - يضمن المتعاقد العيب في عقود المعاوضة كالبيع والإيجار والشركة وإن لم يكن ذلك مشروطاً في العقد، واشتراط المشتري أو المستأجر أو الشريك مثلاً في العقد ضمان البائع أو المؤجر أو الشريك الآخر للعيب إنما هو تأكيد لحق مقرر بالنظام. ٢ - لا يضمن المتعاقد العيب في عقود التبرع كالهبة والقرض والإعارة، ومع ذلك يضمن الضرر الذي يصيب المتعاقد الآخر بسبب العيب إذا تعمد إخفاءه أو ضمن سلامة الشيء المعقود عليه منه. 3 - لا يضمن المتعاقد العيب الذي جرى العرف على التسامح فيه ولو كان ينقص من قيمة الشيء أو من منفعته. 4 - يحق للمتعاقد بموجب ضمان العيب إما التمسك بالعقد أو طلب فسخه، وللمحكمة رفض طلب الفسخ للعيب وأن تقصر حق المتعاقد على التعويض إذا كان العيب قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع الالتزام إذا كان الفسخ قضائياً، وأما إذا كان الفسخ اتفاقياً فيقتصر دور المحكمة على التحقق من توفر مقتضى الشرط الموجب للفسخ بالعيب؛ وعلى هذا متى جعل نص نظامي للدائن الحق في طلب فسخ العقد للعيب فلا يحول ذلك دون تمسكه بطلب تنفيذه إذا كان ممكناً. ه - العيب وفقاً لما قررته المادة نوعان: النوع الأول: عيب غير مؤثر ؛ وهو ما جرى العرف على التسامح فيه، أو كان لا ينقص من قيمة الشيء ولا من نفعه المقصود؛ فهذا النوع لا يضمنه المتعاقد. والنوع الثاني: عيب مؤثر ؛ وهو ما عدا النوع الأول؛ فهذا العيب يضمنه المتعاقد؛ وهو على درجتين: أ- إذا كان ما أحدثه العيب من نقص يسيراً ليس بذي أهمية بالنظر إلى مجموع الالتزام ولا يخل برضى المتعاقد بالعقد؛ فللمحكمة إذا لم يكن هناك شرط فاسخ أن ترفض طلب الفسخ وتقصر حق المتعاقد على التعويض؛ تطبيقاً لقاعدة الفسخ القضائي للإخلال بالالتزام. ب وإذا كان ما أحدثه العيب من نقص ذا أهمية بحيث يخل برضى المتعاقد بالعقد؛ فيكون للمتعاقد الخيار بين طلب الفسخ أو طلب التنفيذ. 6 - للمتعاقد سواء طلب تنفيذ العقد أو طلب الفسخ طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب العيب؛ تطبيقاً لقاعدة الإخلال بالالتزام المبينة في المادة (۱۰۷). ويجدر التنبه إلى أن ضمان العيب فضلاً عن الأحكام المقررة له بموجب هذه المادة تسري عليه الأحكام التفصيلية الواردة في هذا النظام والأنظمة الأخرى، ومنها ما تضمنه هذا النظام من أحكام تفصيلية لضمان العيب في عقدي البيع والإيجار، ولم تذكر تلك الأحكام في النظرية العامة؛ لأنها لا تنطبق على جميع العقود؛ وهي ألصق بعقدي البيع والإيجار دون ما عداهما كعقود الوكالة والحراسة والإيداع وغيرها فضلاً عن عقود التبرع كالهبة والقرض والإعارة؛ ولذا فصل النظام أحكام ضمان العيب في هذين الموضعين مع مراعاة ما يقتضيه اختلاف طبيعة كل منهما، فضلاً عن سريان حكم هذه القاعدة العامة عليهما، وأحيل فيما يشبههما من العقود الأخرى إليهما كل بحسب طبيعته مثل عقد الشركة.

تتناول هذه المادة حكم انفساخ العقد، ويقصد به في هذا النظام انفساخ العقد بقوة النظام وذلك بانقضاء الالتزام والالتزام المقابل له حين يصبح التنفيذ مستحيلاً بسبب لا يد للمدين فيه. والفرق بين الانفساخ بقوة النظام والفسخ الاتفاقي أو القضائي أن الانفساخ يكون في حال استحالة التنفيذ بسبب لا يد للمدين فيه، بينما الفسخ يكون عند تخلف تنفيذ الالتزام بسبب تقصير المدين سواء ظل التنفيذ العيني ممكناً ولكن امتنع عنه المدين، أو أصبح مستحيلاً بسبب تقصيره، ففي هذه الحالة الأخيرة لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه، بل يظل قائماً وللدائن أن يطلب فسخ العقد جزاء إخلال المدين بالتزامه أو التنفيذ بطريق التعويض على أساس المسؤولية العقدية. ويترتب على الانفساخ ما يترتب على الفسخ من عود المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد. وبينت الفقرة الأولى حالة الاستحالة الكلية للتنفيذ بسبب لا يد للمدين فيه؛ ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام والالتزام المقابل له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه بقوة النظام دون حاجة لفسخ قضائي أو اتفاقي، وإذا كان الالتزام المقابل قد أدي كله أو جزء منه فيرد إلى صاحبه، ومن تطبيقات ذلك أن يقع البيع على شيء معين بالذات فيهلك قبل التسليم لقوة قاهرة وفق ما بينته المادة (۳۲۹) ، أو يهلك المأجور المعين بالذات هلاكاً كلياً وفقاً لحكم المادة (٤٢٠) ، أو تكون حصة الشريك في الشركة حق ملكية فتهلك قبل التسليم كما هو مبين في المادة (٥٣٣) ، أو يموت المتعاقد في عقد قائم على الاعتبار الشخصي مثل الوكالة والمضاربة وفقاً للمادتين (٥٠٢ ، (٥٦٥) ، ويسري هذا الحكم ولو كان العقد معلقاً على شرط واقف وأصبح تنفيذ الالتزام قبل تحقق الشرط مستحيلاً لسبب لا يد للمدين فيه فلا يكون للشرط أثر رجعي في هذه الحالة وفقاً للمادة $.(Y\cdot Y)$. وبينت الفقرة الثانية حالة الاستحالة الجزئية بسبب لا يد للمدين فيه، ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام في الجزء المستحيل وما يقابله فقط، سواء في العقود الفورية، أو كانت الاستحالة وقتية في العقود الزمنية؛ مثال الأول: أن يقع البيع على أشياء متعددة معينة بالذات فيهلك بعضها قبل التسليم، ومثال الثاني: أن يقع الإيجار على عقار معين لمدة خمس سنوات، ثم يصدر قرار من السلطات التنظيمية بمنع الإيجار في تلك المنطقة مدة سنتين، ففي كلتا الصورتين ينقضي الالتزام بقوة النظام في الجزء المستحيل فقط دون ما عداه وإذا كان المشتري أو المستأجر قد دفع جميع الثمن أو الأجرة، فيسترد المشتري ما يقابل ذلك الجزء من الثمن، ويسترد المستأجر ما يقابل ذلك الجزء من الأجرة. ونص آخر المادة على أنه في حالة الاستحالة الجزئية سواء في العقود الفورية أو العقود الزمنية يجوز للدائن طلب فسخ العقد، أي في الجزء غير المستحيل. والنص على أن الفسخ لا يكون بإرادة الدائن المنفردة وإنما بطلب الفسخ قضاء يخول المحكمة رفض طلب الفسخ إذا كان الجزء الذي استحال تنفيذه قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع الالتزام؛ بحيث لا يؤثر في رضى المتعاقد في العقد، وأهمية الجزء المستحيل بالنسبة إلى مجموع ما وقع عليه العقد قد تتبين مما ذكر في العقد أو من طبيعة محل العقد أو الغرض الذي أعد له، مثل أن يكون غرضه من المبيع أو المأجور لا يتحقق إلا بذلك الجزء الذي استحال؛ فإذا لم يكن الجزء الذي استحال ذا أهمية فللمحكمة رفض طلب الفسخ؛ وهذا الحكم يتوافق مع ما قررته المادة (۱۰۷) في الفسخ القضائي؛ ويسري هذا الحكم باعتباره قاعدة عامة على تطبيقات الاستحالة الجزئية الواردة في العقود المسماة في هذا النظام؛ ومن ذلك الهلاك الجزئي للمبيع قبل التسليم أو للمأجور وفقاً لما تضمنته المادتان (۳۲۹) .(٤٢١). وليس للدائن في حالة الاستحالة الجزئية المطالبة بالتعويض سواء تمسك بالعقد فيما بقي منه أو طلب الفسخ ؛ لأن الفرض في هذه المسألة هو أن الاستحالة بسبب لا يد للمدين فيه؛ فلا يلزمه التعويض. ويتبين مما سبق أن المدين هو من يتحمل تبعة الاستحالة أو الانفساخ بقوة النظام فهو لا يد له في تلك الاستحالة ويعفى من الالتزام الذي عليه، ومع ذلك لا يستطيع مطالبة الدائن بتنفيذ الالتزام المقابل، فالخسارة في نهاية الأمر تكون على المدين، وهو من يتحمل تبعتها، وهذا هو مبدأ تحمل التبعة في العقود الملزمة للجانبين؛ تأسيساً على الارتباط بين الالتزامات المتقابلة؛ وأما إذا كان العقد ملزماً لجانب واحد، كالإيداع بلا أجر مثلاً، واستحال التنفيذ بسبب لا يد للمدين فيه، كأن يهلك الشيء المودع عند المودع لديه بقوة قاهرة؛ فقد نصت المادة (٢٩٤) على أنه ينقضي التزام المدين إذا أثبت استحالة التنفيذ عليه بسبب لا يد له فيه، وينقضي كذلك الالتزام المقابل له إن وجد)؛ وعلى هذا فإن الذي يتحمل التبعة هو الدائن أي المودع لا المدين وهو المودع لديه؛ لأن الدائن ليس في ذمته التزام يتحلل منه في مقابل تحلل المدين من التزامه؛ ولذا يصح القول بوجه عام إن من يتحمل تبعة الاستحالة في العقود الملزمة للجانبين هو المدين ومن يتحملها في العقود الملزمة لجانب واحد هو الدائن.

تتناول المادة الأثر المترتب على الفسخ أياً كان سببه؛ أي سواء كان بالإقالة، أو بخيار الشرط، أو للإخلال بالالتزام، وسواء كان الفسخ قضائياً أو اتفاقياً، وكذا الأثر المترتب على الانفساخ بقوة النظام لاستحالة التنفيذ. فبينت الفقرة الأولى الأصل العام في الأثر المترتب على الفسخ أو الانفساخ، وهو زوال العقد وانحلال الرابطة العقدية بأثر رجعي إلى وقت إبرامه، فتنعدم جميع الآثار التي تولدت عن العقد، سواء في حق المتعاقدين أو في حق غيرهما باستثناء ما سيأتي في المادتين التاليتين (۱۱۲ ، (۱۱۳)، ويعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فيلتزم كل منهما برد ما كان قد استوفاه تنفيذاً للعقد وأن يرد ثماره من حين المطالبة القضائية طبقاً للقواعد العامة وفقاً للمادتين ( ٦٧٥ ، (٦٧٦) ويتم ذلك كله وفقاً لأحكام رد غير المستحق المبين في المادة (١٤٨). وللدائن الذي أجيب إلى الفسخ سواء أمكن الرد والاسترداد أو لم يمكن أن يرجع بالتعويض على المدين إذا كان عدم تنفيذ التزامه راجعاً إلى خطئه وفقاً للقاعدة العامة المقررة في المادة (۱۰۷)، أي أن الفسخ إذا كان مرده خطأ أحد المتعاقدين؛ فإن هذا المتعاقد لا يلزم برد ما حصل عليه فقط بل يلزم فوق ذلك بتعويض المتعاقد الآخر عما لحقه من ضرر نتيجة ذلك الفسخ، وأما المتعاقد الذي لم ينفذ التزامه فليس له المطالبة بالتعويض، وإذا كان ما يطالب به الدائن هو تنفيذ العقد لا فسخه فله المطالبة بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية؛ لأن العقد لا يزال قائماً وآثاره نافذة في حق المتعاقدين. وبين آخر الفقرة أنه إذا استحال الرد والاسترداد في حال الفسخ أو الانفساخ فتقضي المحكمة بالتعويض؛ ففي البيع مثلاً لو هلك المبيع بيد المشتري بخطأ منه فيلزمه التعويض، وإذا كان بسبب أجنبي فلا يكون مسؤولاً عن هلاك المبيع إلا بقدر ما عاد عليه من منفعة، ويلزم البائع رد الثمن وفقاً لقواعد دفع غير المستحق. وبينت الفقرة الثانية استثناء من الأصل العام في الأثر الرجعي للفسخ أو الانفساخ يتعلق بالعقود الزمنية؛ وبيان ذلك أن العقود نوعان: النوع الأول: العقود الزمنية، وهي العقود دورية التنفيذ، وتسمى كذلك عقود المدة أو الممتدة، ويقصد بها العقود التي يكون الزمن عنصراً جوهرياً فيها بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد إما لطبيعته كعقد الإيجار وعقد العمل أو لاتفاق المتعاقدين كعقد التوريد الدوري. والنوع الثاني العقود الفورية، وهي العقود التي لا يكون الزمن فيها عنصراً جوهرياً بحيث يتحدد المحل مستقلاً عن الزمن كالبيع، ولا يخرج العقد عن كونه فورياً وجود الزمن فيه بشكل عرضي إما لطبيعة المحل كالمقاولة أو لاتفاق المتعاقدين كالبيع الأجل. فقررت الفقرة أن العقود الزمنية لا يكون للفسخ فيها أثر رجعي؛ فهذه العقود لا تقبل بطبيعتها هذا الأثر؛ لأن ما انقضى منها لا يمكن الرجوع فيه، ويترتب على ذلك أن ما انقضى من العقد قبل وقوع الفسخ يبقى محتفظاً بآثاره، ويسري أثر الفسخ من حين وقوعه، ففي الإيجار مثلاً تكون الأجرة المستحقة عن المدة السابقة للفسخ لها صفة الأجرة لا التعويض. ونص آخر الفقرة على أن للمحكمة بناء على طلب الدائن الذي أجيب إلى فسخ العقد الزمني أن تحكم له بالتعويض عما لحقه من ضرر إذا كان الفسخ بسبب إخلال المدين بالتزامه، وهذا النص يؤكد القاعدة العامة التي قررتها المادة (۱۰۷) من أن للمتعاقد عند طلب الفسخ المطالبة بالتعويض، أي أن العقود الزمنية لا تختلف في هذا الخصوص عن العقود الفورية؛ ففي كليهما للدائن مع طلبه الفسخ أو التنفيذ المطالبة بالتعويض؛ ولا يحول دون ذلك كون الفسخ في العقد الزمني ليس له أثر رجعي. وغني عن البيان أنه لا مجال للتعويض إذا كان انفساخ العقد بسبب لا يد للمدين فيه.

الأصل أن الفسخ يزيل أثر العقد سواء بالنسبة إلى الأشخاص أو إلى مضمون العقد؛ إلا أن هذه المادة والمادة التالية لها (۱۱۳) تضمنتا استثناءين على هذا الأصل؛ الأول يتعلق بالأشخاص والثاني يتعلق بمضمون العقد. فالأصل أن الفسخ لا يقتصر أثره على المتعاقدين فقط؛ بل يمتد إلى الغير؛ فإذا فسخ العقد زال أثره بالنسبة إلى المتعاقدين وإلى الغير بأثر رجعي إذا كان من العقود الفورية ومن حين وقوع الفسخ إذا كان من العقود الزمنية؛ فلو كان العقد بيعاً ورتب المشتري حقاً عينياً في العين المبيعة، فإن البائع يسترد العين عند الفسخ خالية من الحقوق العينية التي رتبها المشتري، وكذا لو باع المشتري العين من آخر فإن البائع يستردها من الثاني؛ إلا أن المادة بينت أن هذا الأثر لا يمتد إلى الخلف الخاص لأي منهما؛ فليس لأي من المتعاقدين أن يحتج بالفسخ تجاه خلف أي منهما فيما ثبت له من حق عيني في الشيء محل العقد، سواء بانتقال ملكيته إليه أو ثبوت حق انتفاع أو رهن أو غير ذلك من الحقوق العينية. واشترطت المادة لحماية الخلف عند فسخ العقد شرطين: الشرط الأول: أن يكون خلفاً خاصاً، كالمشتري أو المرتهن من أحد المتعاقدين، والمنتفع في حق الانتفاع والموصى له بشيء معين، وأما الخلف العام فإن أثر العقد من حقوق والتزامات ينصرف إليه كالمتعاقد نفسه. والشرط الثاني: أن يكسب الحق بحسن نية، ويعد الخلف حسن النية قياساً على ما قررته المادة (٨٦) في الإبطال - حيث إن الفسخ كالإبطال في هذا المعنى بما إذا كان الخلف عند التعاقد لا يعلم السبب الذي أفضى إلى فسخ عقد سلفه ولم يكن بمقدوره أن يعلم لو أنه بذل من الحرص ما تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد. ويستند هذا الحكم إلى أمرين: الأمر الأول: أن الفسخ وإن كان له أثر رجعي، إلا أن حق الغير مقدم؛ لكونه تلقى الحق في وقت كان العقد منتجاً لآثاره، والفسخ طارئ على العقد. والأمر الثاني: أن في ذلك تحقيقاً لاستقرار التعامل؛ إذ لو امتد هذا الأثر وتسلسل لأدى إلى اضطراب التعاملات؛ ولا يكون أي شخص في مأمن من أن تنتزع منه العين أو يبطل حقه بحجة أن سلفه أو من قبله تلقى الحق بعقد تقرر فسخه. وخلافاً لإبطال العقد حيث يقتصر فيه عدم الاحتجاج على الخلف الخاص للمتعاقد إذا تلقى حقاً عينياً معاوضة بحسن نية؛ فإن دائرة حماية الخلف الخاص للمتعاقد الذي فسخ عقده تمتد لتشمل كل من كسب من سلفه حقاً على شيء معين سواء بمعاوضة أو بتبرع؛ مثل المشتري والموهوب له والمرتهن والمنتفع في حق الانتفاع والموصى له بشيء معين؛ والفرق بين الفسخ والإبطال ظاهر؛ فإن الأول طارئ على العقد، بخلاف الثاني فهو مصاحب للعقد من تكوينه. وإذا كان محل الحق العيني عقاراً فللمتعاقد أن يحتج على الخلف إذا كان تلقيه الحق بعد التأشير بدعوى الفسخ في السجل العقاري؛ إذ يعد ذلك تقصيراً منه في التحقق من سلامة العقار من حقوق الغير، وهذا ما قررته المادة (۱۷) من نظام التسجيل العيني للعقار، ونصها يترتب على التأشير بالدعاوى المشار إليها في المادة السادسة عشرة) من النظام أن يكون أي حق تقرر بحكم نهائي في هذه الدعاوى حجة على من ترتبت لهم حقوق أو أثبت لمصلحتهم بيانات في السجل العقاري بعد إجراء التأشير المذكور وذلك متى ما سجل الحكم خلال (تسعين) يوماً من التاريخ الذي أصبح فيه الحكم نهائياً.

تتناول المادة الاستثناء الثاني من الاستثناءات الواردة على الأصل العام للفسخ، وهو كونه يزيل العقد، ويلغي جميع الالتزامات التي تضمنها؛ وموضوع هذا الاستثناء في مضمون العقد . فالعقد إذا فسخ زالت جميع الالتزامات التي على الطرفين، إلا أن المادة استثنت نوعين من الالتزامات: النوع الأول: شرط تسوية المنازعة، وهو اتفاق بين طرفي العقد حول تسوية المنازعة التي تنشأ بينهما، وقد يكون هذا الاتفاق بنداً من بنود العقد الأساسي وقد يكون اتفاقاً مستقلاً، ويتضمن هذا الاتفاق عادة ما يلتزم به المتعاقدان لتسوية النزاع في حال نشوئه، ومن ذلك القانون واجب التطبيق وإجراءات التقاضي والطرق البديلة، مثل التحكيم والوساطة والصلح والتفاوض وغير ذلك مما يتعلق بإجراءات تسوية النزاع، فهذا الالتزام يبقى قائماً بين المتعاقدين حتى وإن فسخ العقد؛ لأن الفسخ هو من النزاع الذي من المفترض أن المتعاقدين ارتضيا أن يكون البت في صحته من عدمه بحسب ما تضمنه بند التسوية بينهما ؛ فزوال هذا الشرط بالفسخ يجعل اشتراطه غير ذي جدوى؛ إذ يستطيع المتعاقد أن يتحلل منه بالفسخ. وقد نصت المادة (۲۱) من نظام التحكيم في المملكة على مثل ذلك فيما يتعلق بشرط التحكيم، ونصها: يعد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد الذي يتضمن عقد التحكيم أو فسخه أو إنهاءه بطلان شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته. والنوع الثاني شرط الالتزام بالسرية؛ وهو اتفاق بين مالك الأسرار التجارية والمطلع عليها على الالتزام بالسرية، وقد يكون هذا الاتفاق في مرحلة ما قبل التعاقد كما في عقد التفاوض، أو يكون عند إبرام العقد بإيراده كأحد بنود العقد المبرم بين الطرفين، والالتزام بالسرية هو التزام بالامتناع عن عمل، ويتكون هذا الالتزام من شقين أساسيين؛ الأول: الامتناع عن إفشاء الأسرار وضمان سريتها، والثاني: الامتناع عن استغلال الأسرار التي اطلع عليها لحسابه دون إذن مالكها، فإذا كان المتعاقد يرغب بشراء تقنية معينة مثلاً واطلع على معلومات سرية تخصها وجب عليه الامتناع عن إفشائها أو نقلها للغير أو أن يستغلها لحسابه الشخصي خارج نطاق الاتفاق المبرم بينهما لتحقيق مكاسب شخصية. وأياً كان التوصيف النظامي لهذا الالتزام من كونه التزاماً ببذل عناية أو التزاماً بتحقيق نتيجة؛ فإن العقد إذا تضمن التزاماً بالسرية فيما يحصل عليه كل طرف من الآخر من معلومات فإن هذا الشرط يظل قائماً بين الطرفين حتى وإن فسخ العقد؛ والعلة في ذلك ظاهرة؛ لأن السرية لا يتعلق مداها بالعقد، بل هي تمتد إلى خارج حدود العقد، فطبيعة هذا الالتزام تحتم بقاءه حتى وإن كان مصدره عقداً تم فسخه.

تتناول هذه المادة بيان "مصير العقد" الذي يبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، وقد نصت المادة على أن هذا العقد يكون "قابلاً للإبطال"، والمقصود به: أن العقد يكون صحيحاً، ويرتب آثاره النظامية، إلا إذا طلب الموكل إبطاله، ففي هذه الحالة يبطل العقد، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصير العقد، وهي تحمي حقوق الموكل، وتوفر له فرصة لإبطال العقد إذا كان الوكيل غير مخول، أو تجاوز حدود وكالته.

وأما "الإجازة"، وهي: موافقة الموكل على العقد الذي أبرمه الوكيل دون وكالة، أو بتجاوز حدود وكالته، فسيأتي الحديث عنها مفصلاً في المادة (١١٥).

تتناول هذه المادة لصلأا يف ةحلصأ ةمدقملا نم ريزو لدعلا . وتتناول بعض الاحكام المتعلقة بالالتزام بارادة منفردة. وأنه يمكن أن يكون الالتزام بارادة منفردة في الاحوال التي تقررها النصوص النظامية.

ومن اهم الاحكام المتعلقة بالالتزام بارادة منفردة:

  1. أن تكون الارادة باتة.
  2. أن يكون محل الالتزام معيناً أو قابلاً للتعيين.
  3. أن يكون الالتزام مستقبلاً أو حالاً.
  4. أن لا يكون مخالفاً للنظام العام والآداب العامة.

هذه المادة توضح أن الأحكام العامة للعقد تسري على التصرف بالإرادة المنفردة، إلا ما يتعلق بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء الالتزام، وما لم تنص النصوص النظامية على خلاف ذلك. هذا يعني أن معظم القواعد المتعلقة بالتعبير عن الإرادة، الأهلية، عيوب الرضا، والمحل والسبب، تنطبق أيضاً على الالتزامات الناشئة عن إرادة واحدة.

هذه المادة تتناول الوعد بجائزة للجمهور، وتحدد شروط هذا الوعد وآثاره، وهي من أهم تطبيقات الالتزام بالإرادة المنفردة. وتشمل هذه الشروط أن يكون الوعد بجائزة محددة على عمل معين، وأن يلتزم الواعد بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل، حتى لو قام به دون علم بالوعد. كما تتناول المادة أحكام الرجوع عن الوعد وآثاره، ومدة سقوط دعوى المطالبة بالجائزة.

تتناول هذه المادة نطاق سريان أحكام الفصل الخاص بالمسؤولية عن الفعل الضار. حيث تسري هذه الأحكام على المسؤولية الناشئة عن الفعل الضار من أي شخص، سواء كان طبيعياً أو اعتبارياً، مع مراعاة النصوص النظامية الخاصة بالمسؤولية في حالات معينة.

توضح هذه المادة العلاقة بين المسؤولية المدنية والمسؤولية الجزائية. وتؤكد أن المسؤولية المدنية لا تخل بالمسؤولية الجزائية، وأن العقوبة الجزائية لا تؤثر في تحديد نطاق المسؤولية المدنية أو تقدير التعويض. وتستثني من هذا عدم تأثير إحداهما في الأخرى بعض الحالات المتعلقة بمدد سماع الدعوى والجوانب الإجرائية والقضائية والإثبات.

تحدد هذه المادة أركان المسؤولية عن الفعل الضار، وهي ثلاثة: الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية. وتشترك هذه الأركان في المسؤوليتين العقدية والتقصيرية. وتوضح المادة أن الخطأ له ركنان أساسيان: مادي (الاعتداء أو التقصير) ومعنوي (الإدراك). كما تبين أن الضرر لابد أن يكون محققاً ومباشراً.

تتناول هذه المادة قرينة نظامية بسيطة تتعلق بركن العلاقة السببية في المسؤولية عن الفعل الضار. حيث تقرر أنه إذا كان الفعل الضار مباشراً، عُدَّ الضرر ناشئاً بسببه، ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك. وهذا يعفي المضرور من عبء إثبات العلاقة السببية في الحالات التي يكون فيها الضرر نتيجة مباشرة للفعل.

توضح هذه المادة أن الشخص يكون مسؤولاً عن الفعل الضار إذا صدر منه وهو مميز. أي أن التمييز هو أساس المسؤولية. كما تقرر المادة مسؤولية مخففة لغير المميز (الصغير غير المميز والمجنون) في حالات استثنائية، تحقيقاً لجبر الضرر الواقع على المضرور، وفي نفس الوقت مراعاةً للقواعد العامة في المسؤولية.

تتناول هذه المادة الحالة الأولى من حالات نفي المسؤولية أو تخفيفها، وهي حالة الدفاع المشروع. وتقرر المادة أنه من أحدث ضرراً وهو في حالة دفاع مشروع عن نفس أو عرض أو مال، لا يكون مسؤولاً، بشرط ألا يتجاوز دفاعه القدر الضروري لدفع الاعتداء. وإذا تجاوز هذا القدر، يكون ملزماً بالتعويض بالقدر الذي تراه المحكمة مناسباً.

تتناول هذه المادة الحالة الثانية التي تقتضي تخفيف المسؤولية أو نفيها، وهي حالة الضرورة. وتقرر المادة أن من أحدث ضرراً للغير ليتفادى ضرراً أكبر محدقاً به أو بغيره، لا يكون ملزماً بالتعويض إلا بالقدر الذي تراه المحكمة مناسباً. وهذا الحكم يتماشى مع القواعد الشرعية التي راعت أحكام الضرورة، وتقدر بقدرها.

تتناول هذه المادة حالات انتفاء المسؤولية فيما يتصل بالعلاقة السببية. وتقرر أنه لا يكون الشخص مسؤولاً إذا ثبت أن الضرر قد نشأ عن سبب لا يد له فيه، كالقوة القاهرة، أو خطأ الغير، أو خطأ المضرور نفسه. وتحدد المادة أهم هذه الحالات: القوة القاهرة، وفعل الغير، وفعل المضرور. وعبء إثبات هذه الحالات يقع على من يدعيها.

تتناول هذه المادة حكم إحداث الموظف العام ضرراً عند تنفيذه أمراً واجباً. وتقرر أنه لا يكون الموظف مسؤولاً عن عمله الذي أضر بالغير، إذا أداه تنفيذاً لنص نظامي أو لأمر صدر إليه من رئيسه، متى كانت طاعة هذا النص أو الأمر واجبة عليه، أو كان يعتقد بمبررات مقبولة أنها واجبة، وأثبت أنه كانت لديه أسباب معقولة جعلته يعتقد مشروعية العمل، وأنه راعى في عمله جانب الحيطة والحذر.

تتناول هذه المادة حكم تعدد المسؤولين عن الفعل الضار. وتقرر أنه إذا تعدد المسؤولون عن إحداث فعل ضار، يكونون متضامنين في التزامهم بالتعويض عن الضرر. وتعين المحكمة نصيب كل منهم في التعويض بحسب جسامة الخطأ ونسبة مساهمته في إحداث الضرر، وإذا تعذر ذلك، تكون المسؤولية بالتساوي بينهم. وتنطبق هذه الأحكام على الحالات التي يسهم فيها شخصان في إحداث الضرر دون أن يستغرق خطأ أحدهما خطأ الآخر.

تتناول هذه المادة حكم اشتراك المضرور بخطئه في الضرر أو زيادته. وتقرر أنه إذا اشترك المضرور بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه، يسقط حقه أو بعض حقه في التعويض، وذلك بنسبة اشتراكه فيه. وهذا يطبق عندما يتسبب خطأ المضرور في إحداث الضرر أو زيادته، أو عندما يتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تفاقم الضرر أو تخفيفه.

هذه المادة تتناول مسؤولية المكلف بالرقابة عن فعل الخاضع لرقابته، وهي إحدى صورتي المسؤولية عن فعل الغير. وتقرر أن كل من وجبت عليه نظاماً أو اتفاقاً أو قضاءً رقابة شخص لصغر سنه أو قصور حالته العقلية أو الجسمية، يكون مسؤولاً عن الضرر الذي أحدثه ذلك الشخص، إلا إذا أثبت المكلف بالرقابة أنه قام بواجبه بما ينبغي من العناية أو أن الضرر كان لابد من حدوثه حتى لو قام بهذا الواجب. كما توضح المادة مسؤولية المتبوع عن فعل تابعه، وحق الرجوع على محدث الضرر.

تتناول هذه المادة حكم المسؤولية عن الضرر الناجم عن الحيوان. وتقرر أن حارس الحيوان يكون مسؤولاً عن تعويض الضرر الذي يحدثه الحيوان، ما لم يثبت أن الضرر كان بسبب لا يد له فيه. وتقوم هذه المسؤولية على أساس المسؤولية المفترضة، حيث يفترض الخطأ في جانب الحارس، ولا يقبل إثبات العكس إلا بنفي العلاقة السببية.

تتناول هذه المادة حكم المسؤولية عن الضرر الناجم عن تهدم البناء. وتقرر أن حارس البناء يكون مسؤولاً عن تعويض الضرر الذي يحدثه تهدم البناء كله أو بعضه، ما لم يثبت أن الضرر لا يرجع سببه إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه. وتقوم هذه المسؤولية على أساس المسؤولية المفترضة، حيث يفترض الخطأ في جانب الحارس، ولا يقبل إثبات العكس إلا بنفي العلاقة السببية.

تتناول هذه المادة حكم المسؤولية عن الضرر الناجم عن الأشياء التي تتطلب عناية خاصة. وتقرر أن كل من تولى حراسة أشياء تتطلب عناية خاصة بطبيعتها أو بموجب النصوص النظامية، للوقاية من ضررها، يكون مسؤولاً عما تحدثه تلك الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن الضرر كان بسبب لا يد له فيه. وتشمل هذه الأشياء الآلات الميكانيكية والأنظمة التقنية وغيرها، ولا تدخل فيها الحيوانات أو البناء أو الأشياء غير المادية.

تقرر هذه المادة حق كل من كان مهدداً بضرر من شيء معين في أن يطالب حارسه باتخاذ التدابير اللازمة لدرء خطره. وإذا لم يقم الحارس بذلك في وقت مناسب، فللمهدد بالخطر أن يحصل على إذن المحكمة في إجرائها على نفقة المالك. ويجوز في حالة الاستعجال اتخاذ التدابير دون إذن المحكمة.

توضح هذه المادة مفهوم حارس الشيء. فالمقصود بحارس الشيء هو من له بنفسه أو بواسطة غيره سلطة فعلية عليه، حتى لو كان الحارس غير مميز. ويفترض أن مالك الشيء هو حارسه، ما لم يقم الدليل على أن الحراسة قد انتقلت لغيره. وتطبق هذه الأحكام على حارس الحيوان والبناء والأشياء.

تقرر هذه المادة حكماً عاماً فيما يتعلق باستعمال الحق في المنافع العامة. وتوضح أنه من استعمل حقه في منفعة عامة وأضر بالغير ضرراً يمكن التحرز منه، يكون مسؤولاً عن ذلك الضرر. وهذا يعني أن حق الاستعمال مقيد بسلامة الغير، وإذا ترتب على الاستعمال ضرر يمكن التحرز منه، فإنه تترتب المسؤولية.

تتناول هذه المادة الأصل العام في التعويض عن الضرر، وهو جبر الضرر كاملاً، وذلك بإعادة المضرور إلى الوضع الذي كان عليه أو كان من الممكن أن يكون عليه لولا وقوع الضرر. وهذا المعيار يضمن تغطية الالتزام الناشئ عن المسؤولية التقصيرية، بحيث لا ينقص عن تغطية ما أصابه من ضرر، وفي نفس الوقت لا يزيد التعويض عن المستحق.

توضح هذه المادة تحديد الضرر الذي يلتزم المسؤول بالتعويض عنه، وأنه مجموع عنصرين: ما لحق المضرور من خسارة، وما فاته من كسب. وتضع المادة معياراً لتحقق هذين العنصرين، وهو أن يكون ذلك الضرر نتيجة طبيعية للفعل الضار، وأن لا يكون في مقدور المضرور تفاديه ببذل الجهد المعقول الذي تقتضيه ظروف الحالة من الشخص المعتاد. كما تشير إلى أن التعويض يشمل الضرر المادي والمعنوي، ولا يقتصر على الضرر المتوقع.

تتناول هذه المادة شمول التعويض للضرر المعنوي. وتقرر أن التعويض عن الفعل الضار يشمل التعويض عن الضرر المعنوي. وتوضح أن الضرر المعنوي يشمل ما يلحق الشخص ذا الصفة الطبيعية من أذى حسي أو نفسي، نتيجة المساس بجسمه أو حريته أو عرضه أو سمعته أو مركزه الاجتماعي. وتحدد المادة أن حق التعويض عن الضرر المعنوي لا ينتقل إلى الغير إلا إذا تحددت قيمته بموجب نص نظامي أو اتفاق أو حكم قضائي. وتقدر المحكمة الضرر المعنوي، مع مراعاة نوع الضرر وطبيعته وشخص المضرور.

تتناول هذه المادة ما يكون به التعويض وطريقة أدائه. وتقرر أن التعويض يقدر بالنقود كأصل عام، إلا أنه يجوز للمحكمة بناءً على طلب المضرور أن تقضي بالتعويض بالمثل أو بإعادة الحال إلى ما كانت عليه، أو أن تقضي بأمر معين متصل بالفعل الضار. كما يجوز الحكم بأداء التعويض على أقساط أو في صورة إيراد مرتب، وللمحكمة في هاتين الحالتين أن تحكم بإلزام المدين بتقديم ضمان كافٍ.

تتناول هذه المادة حكم الضرر الجسيم الذي يترتب على الفعل الضار، والذي يتعذر معه إعادة الشيء المعد للاستعمال. وتقرر أنه في هذه الحالة، للمضرور الخيار بين الاحتفاظ بالشيء التالف أو تركه للمتلف، وفي كلتا الحالتين يطالب بالتعويض. وهذا الحكم خاص بالحالات التي يكون فيها التلف جسيماً بحيث يتعذر معه إعادة الشيء إلى حالته الأصلية.

تتناول هذه المادة حكم التقدير الأولي للتعويض. وتقرر أنه إذا لم تتمكن المحكمة من تقدير التعويض تقديراً نهائياً، فلها أن تقرر تقديراً أولياً للتعويض، مع حفظ حق المضرور في المطالبة بإعادة النظر في تقدير التعويض خلال مدة تعينها. وهذا يسمح للمحكمة بتقدير جزء من التعويض في الحالات التي لا يمكن فيها تحديد الضرر كاملاً في وقت الحكم.

تتناول هذه المادة أحكام التعويض عن الضرر الواقع على النفس أو ما دونها (مثل الأعضاء). وتقرر أن مقدار التعويض عن الإصابة ذاتها يحدد وفقاً لأحكام الضمان المقدر في الشريعة الإسلامية في الجناية على النفس وما دونها. وهذا يعني أن التعويض في هذه الحالات لا يخضع لتقدير القاضي المطلق، بل يلتزم بما ورد في الشريعة من مقادير محددة أو تقديرية.

تتناول هذه المادة مدد التقادم في دعوى التعويض عن الفعل الضار. وتقرر أنه لا تُسمع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء (ثلاث) سنوات من تاريخ علم المضرور بوقوع الضرر وبالأمر المسؤول عنه. وفي جميع الأحوال، لا تُسمع الدعوى بانقضاء (عشر) سنوات من تاريخ وقوع الضرر. كما تستثني المادة حالة إذا كانت دعوى التعويض ناشئة عن جريمة، ففي هذه الحالة لا ينقطع سماعها ما دامت الدعوى الجزائية لم ينقطع سماعها.

تتناول هذه المادة القاعدة العامة للإثراء بلا سبب. وتقرر أن كل شخص - ولو كان غير مميز - يثري دون سبب مشروع على حساب شخص آخر، يلزمه في حدود ما أثرى به تعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة. ويبقى هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما بعد. وتوضح المادة عناصر هذا الالتزام: إثراء شخص، افتقار شخص آخر، وجود ارتباط بين الإثراء والافتقار، وانتفاء السبب المشروع للإثراء. كما تبين أن مقدار التعويض يتحدد بالقدر الأقل من الإثراء أو الافتقار.

تتناول هذه المادة القاعدة العامة في دفع غير المستحق. وتقرر أن كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له، وجب عليه رده. ولا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه يدفع ما ليس مستحقاً، إلا أن يكون ناقص الأهلية أو مكرهاً على هذا الوفاء. وتوضح المادة أن هذا الالتزام يقوم على أساس الإثراء بلا سبب.

توضح هذه المادة ثلاث حالات يجوز فيها استرداد غير المستحق: إذا كان الوفاء تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال بعد تحققه، أو كان الوفاء تنفيذاً لالتزام لم يحل أجله وكان الموفي جاهلاً بقيام الأجل. وهذه الحالات تستند أيضاً إلى قاعدة الإثراء بلا سبب، حيث يكون فيها المتسلم قد أثرى دون سبب مشروع.

تتناول هذه المادة الحالات التي يمتنع فيها استرداد غير المستحق. وتقرر أنه لا محل لاسترداد غير المستحق إذا حصل الوفاء من غير المدين، وترتب عليه أن الدائن وهو حسن النية قد تجرد من سند الدين أو مما حصل عليه من ضمانات، أو ترك دعواه قبل المدين الأصلي حتى انقضاء المدة المعينة لسماعها. وفي هذه الحالات، يجوز للموفي أن يرجع على المدين الأصلي بالدين وفقاً لأحكام هذا النظام.

تتناول هذه المادة نطاق المسؤولية المترتبة على تسلم غير المستحق، حيث تفرق بين ما إذا كان القابض حسن النية أو سيء النية. فإذا كان حسن النية، فلا يلزمه أن يرد إلا ما تسلم، دون ثمار ذلك الشيء. أما إذا كان سيء النية، فإنه يلزمه رد ما تسلم و ثماره التي قبضها أو قصر في قبضها، وذلك من اليوم الذي أصبح فيه سيء النية.

تتناول هذه المادة حدود المسؤولية فيما إذا كان من تسلم غير المستحق لا تتوفر فيه أهلية التعاقد. وتقرر أنه لا يكون ملزماً إلا بالقدر الذي أثرى به، أي بقدر ما عاد عليه من منفعة معتبرة نظاماً. وهذا الحكم يعد تطبيقاً للمبدأ العام بأن ناقص الأهلية أو عديمها لا يتحمل التزاماً بالرد إلا في حدود ما انتفع به.

تتناول هذه المادة تعريف الفضالة، وهو أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك. وتوضح المادة شروط قيام الفضالة، وهي: أن يكون القيام بشأن عاجل للغير، وأن يكون بقصد منفعة الغير، وألا يكون المتدخل ملزماً بذلك نظاماً.

تقرر هذه المادة أن الفضالة تتحقق حتى لو كان الفضولي قد تولى شأناً لنفسه، بالإضافة إلى توليه شأن غيره، متى كان هناك ارتباط بين الشأنين يمنع من القيام بأحدهما منفصلاً عن الآخر. وهذا يؤكد أن الفضالة لا تقتصر على القيام بشأن خالص للغير، بل يمكن أن تشمل الحالات التي يكون فيها تداخل في المصالح.

توضح هذه المادة أثر إجازة المنتفع لما قام به الفضولي، وهو سريان أحكام الوكالة على هذا العمل. فإذا أجاز المنتفع عمل الفضولي، فإن هذا العمل يعتبر وكالة من تاريخ بدئه، ويترتب عليه جميع آثار الوكالة بين المنتفع والفضولي، وبين المنتفع والغير الذي تعاقد معه الفضولي باسم المنتفع.

تتناول هذه المادة التزامات الفضولي. وتوجب عليه أن يمضي في العمل الذي بدأه حتى يتمكن المنتفع من مباشرته بنفسه، وأن يُعلم المنتفع بتدخله فور استطاعته. وهذا يؤكد على مبدأ عدم التخلي عن العمل الذي بدأه الفضولي لصالح الغير، وضرورة إعلام المنتفع ليتمكن من اتخاذ قراره بشأن هذا العمل.

توضح هذه المادة مقدار العناية الواجبة على الفضولي في قيامه بالعمل. وتقرر أنه يجب على الفضولي أن يبذل عناية الشخص المعتاد، ويكون مسؤولاً عن الضرر الناشئ عن خطئه. وللمحكمة أن تنقص التعويض إذا وجد مسوغ لذلك. وهذا يعني أن مسؤولية الفضولي تقوم على أساس الخطأ المفترض، ويمكن تخفيفها مراعاةً لطبيعة تدخله.

تقرر هذه المادة أنه إذا عهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو بعضه، كان مسؤولاً عن تصرفات المعهود إليه، دون إخلال بحق المنتفع في الرجوع مباشرة على المعهود إليه. وهذا يعني أن الفضولي يظل مسؤولاً عن تصرفات من عهد إليه، كما أن للمنتفع الحق في مطالبة المعهود إليه مباشرة.

توضح هذه المادة التزامات الفضولي برد ما حصل لديه بسبب الفضالة، وتقديم حساب عن عمله للمنتفع. وهذا يؤكد على مبدأ أن كل ما حصل عليه الفضولي بسبب تدخله يعود للمنتفع، وضرورة تقديم حساب لضمان الشفافية وتجنب النزاعات.

توضح هذه المادة طبيعة العلاقة بين الفضولي والمنتفع، وما يترتب عليها من التزامات على المنتفع. حيث يُعد الفضولي نائباً عن المنتفع إذا بذل في قيامه بالعمل عناية الشخص المعتاد، حتى لو لم تتحقق النتيجة المرجوة. ويلزم على المنتفع في هذه الحالة أن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه، وأن يعوضه عن التعهدات التي التزم بها، وأن يرد له النفقات الضرورية والنافعة، وأن يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل. كما تبين المادة أن الفضولي لا يستحق أجراً عن عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته.

تتناول هذه المادة أثر وفاة الفضولي أو المنتفع على الفضالة. فإذا توفي الفضولي، وجب على ورثته - إذا توفرت فيهم الأهلية - أو نائبهم، إذا كانوا على علم بالفضالة، أن يبادروا بإعلام المنتفع بوفاة مورثهم، وأن يتخذوا من التدابير ما تقتضيه الحالة للمحافظة على المال. أما إذا توفي المنتفع، فيبقى الفضولي ملتزماً للورثة بما كان ملتزماً به تجاه مورثهم.

تتناول هذه المادة مدة التقادم في الدعاوى الناشئة عن الإثراء بلا سبب، ودفع غير المستحق، والفضالة. وتقرر أنه لا تُسمع الدعوى بانقضاء (ثلاث) سنوات من تاريخ علم الدائن بحقه. وفي جميع الأحوال، لا تُسمع الدعوى بانقضاء (عشر) سنوات من تاريخ نشوء الحق.

تقرر هذه المادة أن الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن النظام وحده تسري عليها النصوص النظامية التي أنشأتها. وهذا يعني أن النظام هو المصدر المباشر لهذه الالتزامات، ويحدد أحكامها ونطاقها.

توضح هذه المادة الأصل العام في الالتزام الناشئ بالإرادة المنفردة، وهو جواز أن يلتزم الشخص بإرادته المنفردة، وذلك في الأحوال التي تقررها النصوص النظامية. وهذا يختلف عن العقد الذي ينشأ بتوافق إرادتين.

توضح هذه المادة أن أحكام العقد تسري على التصرف بالإرادة المنفردة، باستثناء ما يتعلق بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء الالتزام، وما لم تنص النصوص النظامية على خلاف ذلك. وهذا يعني أن معظم القواعد المتعلقة بالعقد تنطبق أيضاً على الالتزامات الناشئة عن إرادة واحدة.

تبين هذه المادة القاعدة العامة في التنفيذ الجبري للالتزام، وهي أنه يجب على المدين تنفيذ التزامه عند استحقاقه، وإذا امتنع، نفذ عليه جبراً متى استوفى التنفيذ الجبري شروطه النظامية. وتوضح المادة أن التنفيذ الجبري يختلف باختلاف طبيعة الالتزام، وأن هناك شروطاً موضوعية وإجرائية لهذا التنفيذ.

تتناول هذه المادة حكم الالتزام القائم ديانةً. وتقرر أنه إذا لم يستوف الالتزام الشروط النظامية لتنفيذه جبراً، يبقى قائماً في ذمة المدين ديانةً. وإذا أوفاه مختاراً، كان وفاؤه صحيحاً، ولا يعد تبرعاً ولا دفعاً لغير المستحق. وهذا يعني أن الالتزام الذي لا يمكن المطالبة به قضائياً يظل التزاماً أخلاقياً على المدين.

تقرر هذه المادة أن الالتزام القائم ديانةً يعد أساساً صالحاً لأن يبني عليه المدين التزاماً نظامياً (مدنياً). وهذا يعني أن الالتزام الأخلاقي يمكن أن يتحول إلى التزام قانوني إذا تعهد به المدين صراحةً أو ضمنياً.

تتناول هذه المادة شروط التنفيذ العيني للالتزام. وتقرر أنه يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً. وإذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين، جاز للمحكمة بناءً على طلبه أن تقصر حق الدائن على اقتضاء التعويض إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً. وهذا المادة تميز بين الالتزام العيني والالتزام بالتعويض.

تتناول هذه المادة كيفية التنفيذ العيني في الالتزام بنقل حق عيني. وتقرر أنه إذا تعلق الحق بشيء معين بالنوع لا بالذات، فإنه لا يختص بشيء بذاته من ذلك النوع إلا بإفرازه. وإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، جاز للدائن أن يحصل على شيء من هذا النوع على نفقة المدين بعد إذن المحكمة، أو دون إذنها في حالة الاستعجال، دون إخلال بحق الدائن في التعويض.

تتناول هذه المادة أثر عدم التسليم في تحمل تبعة الهلاك أو التلف. وتقرر أن الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى تسليمه. فإذا لم يقم المدين بتسليمه حتى هلك أو تلف، كانت تبعة ذلك عليه. وإذا كان محل الالتزام عملاً وتضمن تسليم شيء، ولم يقم المدين بتسليمه بعد أن أُعذر حتى هلك أو تلف، كانت تبعة ذلك عليه، ما لم يثبت أن الهلاك أو التلف سيحدث ولو سُلِّم الشيء للدائن.

تتناول هذه المادة أحكام التنفيذ العيني في الالتزام بعمل. وتقرر أنه إذا نص الاتفاق أو اقتضت طبيعة العمل أن ينفذ المدين الالتزام بنفسه، جاز للدائن أن يرفض الوفاء من غير المدين. وإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، جاز للدائن أن يطلب إذناً من المحكمة في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين إذا كان هذا التنفيذ ممكناً، ويجوز للدائن في حالة الاستعجال تنفيذ الالتزام على نفقة المدين دون إذن المحكمة. كما يقوم حكم المحكمة مقام تنفيذ العمل إذا اقتضت ذلك طبيعة الالتزام.

تتناول هذه المادة ضيوعت المدين عن عدم الوفاء بالتزامه عيناً. حيث يحكم على المدين بالتعويض عن عدم الوفاء إذا استحال التنفيذ عيناً، بما في ذلك تأخره حتى يصبح غير مجد للدائن. كما توضح المادة أنه إذا تأخر المدين في التنفيذ عيناً، فللدائن أن يعين له مدة معقولة، وإذا لم ينفذ، جاز للدائن طلب التعويض عن عدم الوفاء. ولا يحكم بالتعويض إذا ثبت أن عدم الوفاء بسبب لا يد للمدين فيه.

تتناول هذه المادة التعويض عن التأخر في التنفيذ. وتقرر أنه إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه، وجب عليه تعويض الدائن عما يلحقه من ضرر بسبب التأخر، ما لم يثبت أن تأخر الوفاء بسبب لا يد له فيه. وهذا التعويض قد يجتمع مع التنفيذ العيني أو مع التعويض عن عدم الوفاء.

تتناول هذه المادة حكم اشتراك الدائن بخطئه في الضرر الناشئ عن عدم التنفيذ أو التأخر فيه. وتقرر أنه إذا اشترك الدائن بخطئه في إحداث الضرر أو زاد فيه، تُطبق أحكام المادة (128) من هذا النظام، والتي تقضي بسقوط حق المضرور أو بعض حقه في التعويض بنسبة اشتراكه في الضرر.

تتناول هذه المادة أحكام الشروط المخففة للمسؤولية في الالتزامات العقدية. وتقرر أنه يجوز الاتفاق على إعفاء المدين من التعويض عن الضرر الناشئ عن عدم تنفيذ التزامه العقدي أو تأخره فيه، إلا ما يكون ناتجاً عن غش أو خطأ جسيم منه. ولا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية المترتبة على الفعل الضار.

تتناول هذه المادة أحكام الشروط المشددة للمسؤولية في الالتزامات العقدية. وتقرر أنه يجوز الاتفاق على أن يتحمل المدين تبعة القوة القاهرة. وهذا يعني أنه يجوز للطرفين أن يتفقا على أن يتحمل المدين نتائج الأحداث التي تستحيل معها تنفيذ التزامه، حتى لو كانت خارجة عن إرادته.

تتناول هذه المادة شرط إعذار المدين لاستحقاق التعويض. وتقرر أنه لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين، ما لم يوجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك. وهذا يعني أن الإعذار يعتبر شرطاً أساسياً للمطالبة بالتعويض، إلا في الحالات المستثناة التي يكون فيها إعذار المدين غير ضروري أو غير ممكن.

تتناول هذه المادة بيان "الأوصاف العارضة على الالتزام"، وهي: الأمور التي تطرأ على الالتزام فتغير من طبيعته أو من آثاره أو من أطرافه أو من محله.

وقد نصت المادة على أن الأوصاف العارضة على الالتزام تشمل:

  • أولاً: "الشرط"، وهو: أمر مستقبل محتمل الوقوع، ويترتب على وقوعه وجود الالتزام أو زواله.

  • ثانياً: "الأجل"، وهو: أمر مستقبل محقق الوقوع، ويترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه.

  • ثالثاً: "تعدد محل الالتزام"، وهو: أن يكون محل الالتزام أشياء متعددة، أو أن يكون هناك التزام بدلي.

  • رابعاً: "تعدد طرفي الالتزام"، وهو: أن يكون هناك أكثر من دائن أو أكثر من مدين.

  • خامساً: "عدم قابلية الالتزام للانقسام"، وهو: أن يكون الالتزام غير قابل للانقسام.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الأوصاف لا تؤثر في وجود الالتزام، وإنما تؤثر في طبيعته أو في آثاره أو في أطرافه أو في محله، وهي: الشرط، والأجل، وتعدد محل الالتزام، وتعدد طرفي الالتزام، وعدم قابلية الالتزام للانقسام، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالأوصاف العارضة على الالتزام، وهي توضح أنواع الأوصاف العارضة، وتأثيرها على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الالتزام المعلق على شرط"، وهو: أن يكون وجود الالتزام أو زواله مترتباً على أمر مستقبل محتمل الوقوع.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون معلقاً على شرط في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الشرط "واقفاً"، والمقصود به: أن يكون الشرط معلقاً على وجود الالتزام، فإذا تحقق الشرط، وجد الالتزام، وإذا لم يتحقق، لم يوجد الالتزام، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن نجحت في الامتحان"، ففي هذه الحالة يكون الالتزام معلقاً على شرط واقف، ولا ينشأ الالتزام إلا إذا نجح الطرف الآخر في الامتحان.

  • ثانياً: إذا كان الشرط "فاسخاً"، والمقصود به: أن يكون الشرط معلقاً على زوال الالتزام القائم، فإذا تحقق الشرط، زال الالتزام، وإذا لم يتحقق، بقي الالتزام، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة على أن تفسخ البيع إن رسبت في الامتحان"، ففي هذه الحالة يكون الالتزام معلقاً على شرط فاسخ، ويزول الالتزام إذا رسب الطرف الآخر في الامتحان.

ويجدر التنبيه إلى أن الشرط لا يعد معلقاً عليه الالتزام إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً، أو إذا كان أمراً مستحيلاً أو محققاً، ففي هذه الحالات يكون الالتزام منجزاً أو باطلاً، ولا يعد معلقاً على شرط.

والمادة تؤكد على أن الشرط لا بد أن يكون "مستقبلاً"، والمقصود به: أن لا يكون قد وقع في الماضي أو في الحاضر، بل يكون وقوعه في المستقبل، فمثلاً: لا يجوز التعليق على شرط: "إن كانت الشمس تشرق من الشرق"، فهذا أمر ماض أو حاضر.

والمادة تؤكد على أن الشرط لا بد أن يكون "محتمل الوقوع"، والمقصود به: أن لا يكون مستحيلاً أو محققاً، فمثلاً: لا يجوز التعليق على شرط: "إن طار الإنسان في الهواء"، فهذا أمر مستحيل.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الالتزام المعلق على شرط، وهي توضح أنواع الشرط، وتأثيرها على الالتزام.

تتناول هذه المادة حكم الالتزام المعلق على أمر محقق أو مستحيل، وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون منجزاً إذا علق على أمر محقق الوقوع، ويكون باطلاً إذا علق على أمر مستحيل الوقوع.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون منجزاً إذا علق على أمر محقق الوقوع، والمقصود به: أن يكون الأمر الذي علق عليه الالتزام قد وقع في الماضي أو في الحاضر، أو أن يكون محقق الوقوع في المستقبل، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن نجحت في الامتحان"، وكان الطرف الآخر قد نجح في الامتحان قبل التعليق، ففي هذه الحالة يكون الالتزام منجزاً، ولا يعد معلقاً على شرط.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون باطلاً إذا علق على أمر مستحيل الوقوع، والمقصود به: أن يكون الأمر الذي علق عليه الالتزام مستحيلاً أو محققاً، فمثلاً: لا يجوز التعليق على شرط: "إن طار الإنسان في الهواء"، فهذا أمر مستحيل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بحكم الالتزام المعلق على أمر محقق أو مستحيل، وهي توضح تأثير الأمر المحقق أو المستحيل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الشرط غير المشروع"، وهو: أن يكون الشرط الذي علق عليه الالتزام غير مشروع.

وقد نصت المادة على أن الالتزام لا ينشأ إذا علق على شرط يكون القصد من التعليق عليه الحث على أمر غير مشروع، والمقصود به: أن يكون الشرط مخالفاً للنظام العام أو للآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز التعليق على شرط: "أنا أبيعك هذه السيارة إن قتلت فلاناً"، فهذا أمر غير مشروع.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالشرط غير المشروع، وهي توضح تأثير الشرط غير المشروع على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الشرط الإرادي المحض"، وهو: أن يكون الشرط الذي علق عليه الالتزام متوقفاً على محض إرادة الملتزم.

وقد نصت المادة على أن الالتزام لا يكون قائماً إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفاً على محض إرادة الملتزم، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن أردت"، ففي هذه الحالة لا ينشأ الالتزام، ولا يرتب أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالشرط الإرادي المحض، وهي توضح تأثير الشرط الإرادي المحض على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الشرط الواقف"، وهو: أن يكون الالتزام المعلق على شرط واقف غير نافذ إلا إذا تحقق الشرط المعلق عليه.

وقد نصت المادة على أن الالتزام المعلق على شرط واقف لا يكون نافذاً إلا إذا تحقق الشرط المعلق عليه، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن نجحت في الامتحان"، ففي هذه الحالة لا ينفذ الالتزام إلا إذا نجح الطرف الآخر في الامتحان.

ويجدر التنبيه إلى أن الالتزام قبل تحقق الشرط لا يكون قابلاً للتنفيذ، ولا يجوز للدائن أن يطالب به المدين، ولا يجوز له أن يتخذ أي إجراءات تنفيذية، فمثلاً: لا يجوز للبائع أن يطالب المشتري بالثمن، ولا يجوز له أن يحجز على أمواله.

والمادة تؤكد على أن الالتزام قبل تحقق الشرط يكون حقاً للدائن، وله أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقه، فمثلاً: له أن يسجل التصرف الناقل للملكية، وله أن يضع الختم على أموال المدين بعد وفاته، وله أن يحرر قوائم الجرد، وله أن يدخل في القسمة إذا كان محل الحق عيناً مشاعة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الشرط الواقف، وهي توضح تأثير الشرط الواقف على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر تحقق الشرط الفاسخ"، وهو: أن يترتب على تحقق الشرط الفاسخ زوال الالتزام، ويلزم الدائن برد ما أخذه.

وقد نصت المادة على أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ يزول إذا تحقق الشرط الفاسخ، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة على أن تفسخ البيع إن رسبت في الامتحان"، ففي هذه الحالة يزول الالتزام إذا رسب الطرف الآخر في الامتحان.

ويجدر التنبيه إلى أن الالتزام بعد تحقق الشرط الفاسخ يكون باطلاً، ولا يرتب أي أثر نظامي، ويلزم الدائن برد ما أخذه من المدين، فمثلاً: إذا استلم البائع الثمن، ثم تحقق الشرط الفاسخ، يلزمه رد الثمن إلى المشتري.

والمادة تؤكد على أن أعمال الإدارة التي تصدر من الدائن تكون نافذة مغر تحقق الشرط، فمثلاً: إذا أجر الدائن العقار، ثم تحقق الشرط الفاسخ، يبقى عقد الإيجار نافذاً، ولا يتأثر بزوال الالتزام الأصلي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر تحقق الشرط الفاسخ، وهي توضح تأثير تحقق الشرط الفاسخ على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الأثر الرجعي للشرط"، وهو: أن يترتب على تحقق الشرط أن ينسب أثره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام، لا إلى الوقت الذي تحقق فيه الشرط.

وقد نصت المادة على أن الشرط إذا تحقق، نسب أثره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة إن نجحت في الامتحان"، ففي هذه الحالة إذا نجح الطرف الآخر في الامتحان، ينسب أثر البيع إلى الوقت الذي تم فيه العقد، لا إلى الوقت الذي تحقق فيه الشرط.

ويجدر التنبيه إلى أن الأثر الرجعي للشرط لا ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، وإنما ينطبق على الالتزامات التي تسمح طبيعتها بذلك، فمثلاً: لا ينطبق على العقود الزمنية، كعقد الإيجار، وعقد العمل.

والمادة تؤكد على أن الشرط إذا تحقق، ينسب أثره إلى الوقت الذي نشأ فيه الالتزام، إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الالتزام أو زواله إنما يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الالتزام نافذاً من وقت تحقق الشرط، ففي هذه الحالة لا ينطبق الأثر الرجعي.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالأثر الرجعي للشرط، وهي توضح تأثير الأثر الرجعي للشرط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الأجل"، وهو: أن يكون نفاذ الالتزام أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة بعد شهر"، ففي هذه الحالة يكون الالتزام لأجل، وينفذ الالتزام بعد شهر.

ويجدر التنبيه إلى أن الأجل لا يعد معلقاً عليه الالتزام إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً، أو إذا كان أمراً مستحيلاً، ففي هذه الحالات يكون الالتزام منجزاً أو باطلاً، ولا يعد لأجل.

والمادة تؤكد على أن الأجل لا بد أن يكون "مستقبلاً"، والمقصود به: أن لا يكون قد وقع في الماضي أو في الحاضر، بل يكون وقوعه في المستقبل، فمثلاً: لا يجوز التعليق على أجل: "إن كانت الشمس تشرق من الشرق"، فهذا أمر ماض أو حاضر.

والمادة تؤكد على أن الأجل لا بد أن يكون "محقق الوقوع"، والمقصود به: أن لا يكون مستحيلاً، بل يكون محقق الوقوع في المستقبل، فمثلاً: لا يجوز التعليق على أجل: "إن طار الإنسان في الهواء"، فهذا أمر مستحيل.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الأجل، وهي توضح أنواع الأجل، وتأثيرها على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "حالات سقوط حق المدين في الأجل"، وهو: أن يفقد المدين حقه في الأجل الذي منح له، ويصبح الدين حالاً.

وقد نصت المادة على أن حق المدين في الأجل يسقط في الحالات الآتية:

  • أولاً: إذا حكم بإعساره، والمقصود به: أن يصدر حكم قضائي بإعسار المدين، ويصبح الدين حالاً.

  • ثانياً: إذا لم يقدم ضمانات الدين المتفق عليها، والمقصود به: أن يكون المدين قد التزم بتقديم ضمانات للدين، ولم يقدمها، ففي هذه الحالة يسقط حقه في الأجل.

  • ثالثاً: إذا نقصت تلك الضمانات بفعله أو بسبب لا يد له فيه، والمقصود به: أن تكون الضمانات التي قدمها المدين قد نقصت قيمتها، أو زالت، أو أصبحت غير كافية للدين، ففي هذه الحالة يسقط حقه في الأجل، إلا إذا بادر إلى إكمالها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الحالات لا تؤثر في وجود الالتزام، وإنما تؤثر في نفاذه، وهي: إعسار المدين، وعدم تقديم الضمانات، ونقصان الضمانات.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بحالات سقوط حق المدين في الأجل، وهي توضح تأثير حالات سقوط حق المدين في الأجل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "تعجيل الوفاء"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين قبل حلول الأجل.

وقد نصت المادة على أنه يجوز تعجيل الوفاء بالدين ممن كان الأجل لصالحه، فمثلاً: إذا كان الأجل لصالحه المدين، فله أن يعجل الوفاء بالدين، فمثلاً: إذا كان الدين مؤجلاً إلى أجل معين، ولصالحه المدين، فله أن يعجل الوفاء بالدين قبل حلول الأجل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتعجيل الوفاء، وهي توضح تأثير تعجيل الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر وفاة أحد طرفي الالتزام في الأجل"، وهو: أن يترتب على وفاة أحد طرفي الالتزام في الأجل حلول الدين أو بقائه مؤجلاً.

وقد نصت المادة على أن الدين المؤجل لا يحل بوفاة الدائن، وإنما يحل بوفاة المدين، فمثلاً: إذا كان الدين مؤجلاً إلى أجل معين، وتوفي الدائن قبل حلول الأجل، يبقى الدين مؤجلاً، وينتقل إلى ورثة الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر وفاة أحد طرفي الالتزام في الأجل، وهي توضح تأثير وفاة أحد طرفي الالتزام في الأجل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر سقوط الأجل في الزيادة في الدين"، وهو: أن يترتب على سقوط حق المدين في الأجل أن تنقص المحكمة من الزيادة في الدين التي كانت مقابلاً للأجل.

وقد نصت المادة على أنه إذا سقط حق المدين في الأجل، وتبين أن للأجل أثراً في زيادة مقدار الدين، تنقص المحكمة من تلك الزيادة، مراعيةً في ذلك مقدار ما سقط من الأجل وسبب سقوطه وطبيعة المعاملة، فمثلاً: إذا كان الدين مؤجلاً إلى أجل معين، وكان الأجل مقابلاً لزيادة في مقدار الدين، ثم سقط حق المدين في الأجل، تنقص المحكمة من تلك الزيادة، مراعيةً في ذلك مقدار ما سقط من الأجل وسبب سقوطه وطبيعة المعاملة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر سقوط الأجل في الزيادة في الدين، وهي توضح تأثير سقوط الأجل في الزيادة في الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الاتفاق على الوفاء عند الميسرة"، وهو: أن يتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين عند ميسرة المدين.

وقد نصت المادة على أنه إذا تبين من الاتفاق أن الوفاء لا يكون إلا حين الميسرة، تحدد المحكمة أجلاً يكون مظنة للقدرة على الوفاء، مراعيةً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلية وما تقتضيه عناية الشخص الحريص على الوفاء بالتزامه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين عند ميسرة المدين، تحدد المحكمة أجلاً يكون مظنة للقدرة على الوفاء، مراعيةً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلية وما تقتضيه عناية الشخص الحريص على الوفاء بالتزامه.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالاتفاق على الوفاء عند الميسرة، وهي توضح تأثير الاتفاق على الوفاء عند الميسرة على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الالتزام التخييري"، وهو: أن يشتمل محله أشياء متعددة، وتبرأ ذمة المدين إذا أدى واحداً منها.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون تخييرياً إذا شمل محله أشياء متعددة، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة أو هذه الدار"، ففي هذه الحالة يكون الالتزام تخييرياً، وتبرأ ذمة المدين إذا أدى واحداً منهما.

ويجدر التنبيه إلى أن الخيار في الالتزام التخييري يكون للمدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: يجوز الاتفاق على أن يكون الخيار للدائن، أو يجوز النص نظامياً على أن يكون الخيار للدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الالتزام التخييري، وهي توضح تأثير الالتزام التخييري على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الالتزام البدلي"، وهو: أن لا يشمل محله إلا شيئاً واحداً، مع حق المدين في أن يؤدي بدلاً منه شيئاً آخر.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون بدلياً إذا لم يشمل محله إلا شيئاً واحداً، فمثلاً: إذا قال شخص لآخر: "أنا أبيعك هذه السيارة، على أن يكون لي الحق في أن أؤدي لك بدلاً منها مبلغاً من المال"، ففي هذه الحالة يكون الالتزام بدلياً، ويكون محل الالتزام هو السيارة، ويكون للمدين الحق في أن يؤدي بدلاً منها مبلغاً من المال.

ويجدر التنبيه إلى أن الأصل هو محل الالتزام، وهو الذي يعين طبيعته، فمثلاً: إذا كان محل الالتزام شيئاً، كان الالتزام عينياً، وإذا كان محله عملاً، كان الالتزام عملياً، وهذا الحكم يختلف عن الالتزام التخييري الذي يكون محله أشياء متعددة، ويكون للمدين أو الدائن الخيار في أدائها.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الالتزام البدلي، وهي توضح تأثير الالتزام البدلي على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مصادر التضامن بين الدائنين"، وهو: أن يكون هناك أكثر من دائن لدين واحد، ويحق لكل دائن أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن التضامن بين الدائنين لا يكون إلا باتفاق أو نص نظامي، فمثلاً: يجوز الاتفاق على أن يكون الدائنون متضامنين، أو يجوز النص نظامياً على أن يكون الدائنون متضامنين.

ويجدر التنبيه إلى أن التضامن بين الدائنين لا يفترض، وإنما يجب النص عليه، أو الاتفاق عليه، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، ولم ينص على التضامن بينهم، ففي هذه الحالة لا يكون الدائنون متضامنين، ولا يحق لأي منهم أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصادر التضامن بين الدائنين، وهي توضح تأثير مصادر التضامن بين الدائنين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر تضامن الدائنين"، وهو: أن يكون لكل دائن متضامن الحق في مطالبة المدين بالدين كاملاً، وتبرأ ذمة المدين بأداء الدين لأي منهم.

وقد نصت المادة على أن للدائنين المتضامنين الحق في مطالبة المدين بالدين كاملاً، سواء كانوا مجتمعين أو منفردين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا متضامنين، يحق لأي منهم أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر تضامن الدائنين، وهي توضح تأثير تضامن الدائنين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين"، وهو: أن يكون ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين جزءاً من حقهم جميعاً، ويحاسب عليه باقي الدائنين.

وقد نصت المادة على أن كل ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين يكون جزءاً من حقهم جميعاً، ويحاسب عليه باقي الدائنين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا متضامنين، واستوفى أحدهم الدين كاملاً، يلزمه أن يحاسب باقي الدائنين على حصصهم في الدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين، وهي توضح تأثير ما يستوفيه أحد الدائنين المتضامنين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر وفاة الدائن المتضامن"، وهو: أن يترتب على وفاة الدائن المتضامن تقسيم الدين بين ورثته، ويبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

وقد نصت المادة على أن وفاة الدائن المتضامن لا تمنع من تقسيم الدين بين ورثته، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا متضامنين، وتوفي أحدهم، يقسم الدين بين ورثته، ويبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر وفاة الدائن المتضامن، وهي توضح تأثير وفاة الدائن المتضامن على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الدين المشترك"، وهو: أن يكون هناك أكثر من دائن لدين واحد، ويكون الدين مشتركاً بين الدائنين، ولا يحق لأي منهم أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن الدين يكون مشتركاً إذا تعدد الدائنون لدين واحد، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، لا يحق لأي منهم أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الدين المشترك، وهي توضح تأثير الدين المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الدين المشترك"، وهو: أن يكون لكل دائن مشترك الحق في مطالبة المدين بحصته من الدين، ولا يحق لأي منهم أن يطالب المدين بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن لكل دائن مشترك الحق في مطالبة المدين بحصته من الدين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، يحق لأي منهم أن يطالب المدين بحصته من الدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الدين المشترك، وهي توضح تأثير الدين المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر ما يستوفيه أحد الدائنين المشتركين"، وهو: أن يكون ما يستوفيه أحد الدائنين المشتركين جزءاً من حقه وحده، ولا يحاسب عليه باقي الدائنين.

وقد نصت المادة على أن كل ما يستوفيه أحد الدائنين المشتركين يكون جزءاً من حقه وحده، ولا يحاسب عليه باقي الدائنين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، واستوفى أحدهم حصته من الدين، يلزمه أن يحاسب باقي الدائنين على حصصهم في الدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات, سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر ما يستوفيه أحد الدائنين المشتركين، وهي توضح تأثير ما يستوفيه أحد الدائنين المشتركين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر وفاة الدائن المشترك"، وهو: أن يترتب على وفاة الدائن المشترك تقسيم الدين بين ورثته، ولا يبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

وقد نصت المادة على أن وفاة الدائن المشترك لا تمنع من تقسيم الدين بين ورثته، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من دائن لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، وتوفي أحدهم، يقسم الدين بين ورثته، ولا يبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر وفاة الدائن المشترك، وهي توضح تأثير وفاة الدائن المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مصادر التضامن بين المدينين"، وهو: أن يكون هناك أكثر من مدين لدين واحد، ويحق للدائن أن يطالب أي منهم بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن التضامن بين المدينين لا يكون إلا باتفاق أو نص نظامي، فمثلاً: يجوز الاتفاق على أن يكون المدينون متضامنين، أو يجوز النص نظامياً على أن يكون المدينون متضامنين.

ويجدر التنبيه إلى أن التضامن بين المدينين لا يفترض، وإنما يجب النص عليه، أو الاتفاق عليه، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من مدين لدين واحد، ولم ينص على التضامن بينهم، ففي هذه الحالة لا يكون المدينون متضامنين، ولا يحق للدائن أن يطالب أي منهم بالدين كاملاً.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصادر التضامن بين المدينين، وهي توضح تأثير مصادر التضامن بين المدينين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الدين المشترك"، وهو: أن يكون هناك أكثر من مدين لدين واحد، ويكون الدين مشتركاً بين المدينين، ولا يحق للدائن أن يطالب أي منهم بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن الدين يكون مشتركاً إذا تعدد المدينون لدين واحد، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من مدين لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، لا يحق للدائن أن يطالب أي منهم بالدين كاملاً.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم الدين المشترك، وهي توضح تأثير الدين المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الدين المشترك"، وهو: أن يكون للدائن الحق في مطالبة كل مدين بحصته من الدين، ولا يحق له أن يطالب أي منهم بالدين كاملاً.

وقد نصت المادة على أن للدائن الحق في مطالبة كل مدين بحصته من الدين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من مدين لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، يحق للدائن أن يطالب كل مدين بحصته من الدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الدين المشترك، وهي توضح تأثير الدين المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر ما يستوفيه الدائن من أحد المدينين المشتركين"، وهو: أن يكون ما يستوفيه الدائن من أحد المدينين المشتركين جزءاً من حقه وحده، ولا يحاسب عليه باقي المدينين.

وقد نصت المادة على أن كل ما يستوفيه الدائن من أحد المدينين المشتركين يكون جزءاً من حقه وحده، ولا يحاسب عليه باقي المدينين، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من مدين لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، واستوفى الدائن الدين كاملاً من أحدهم، يلزمه أن يحاسب باقي المدينين على حصصهم في الدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر ما يستوفيه الدائن من أحد المدينين المشتركين، وهي توضح تأثير ما يستوفيه الدائن من أحد المدينين المشتركين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر وفاة المدين المشترك"، وهو: أن يترتب على وفاة المدين المشترك تقسيم الدين بين ورثته، ويبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

وقد نصت المادة على أن وفاة المدين المشترك لا تمنع من تقسيم الدين بين ورثته، فمثلاً: إذا كان هناك أكثر من مدين لدين واحد، وكانوا مشتركين فيه، وتوفي أحدهم، يقسم الدين بين ورثته، ويبقى التضامن في الدين كاملاً بين ورثته.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر وفاة المدين المشترك، وهي توضح تأثير وفاة المدين المشترك على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم عدم قابلية الالتزام للانقسام"، وهو: أن يكون الالتزام غير قابل للانقسام، سواء كان محل الالتزام شيئاً، أو عملاً، أو امتناعاً عن عمل.

وقد نصت المادة على أن الالتزام يكون غير قابل للانقسام في حالتين:

  • أولاً: "بحكم طبيعته"، والمقصود به: أن تكون طبيعة محل الالتزام لا تسمح بتقسيمه، فمثلاً: لا يجوز تقسيم تسليم سيارة، أو تسليم منزل، أو رسم لوحة فنية، أو غناء أغنية.

  • ثانياً: "بحكم الاتفاق"، والمقصود به: أن يتفق المتعاقدان على أن الالتزام غير قابل للانقسام، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون تسليم البضاعة دفعة واحدة، ففي هذه الحالة يكون الالتزام غير قابل للانقسام.

ويجدر التنبيه إلى أن عدم قابلية الالتزام للانقسام يختلف عن التضامن في أن التضامن يتعلق بتعدد أطراف الالتزام، أما عدم قابلية الالتزام للانقسام فيتعلق بطبيعة محل الالتزام.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم عدم قابلية الالتزام للانقسام، وهي توضح تأثير عدم قابلية الالتزام للانقسام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار عدم قابلية الالتزام للانقسام"، وهي: النتائج التي تترتب على عدم قابلية الالتزام للانقسام، وقد نصت المادة على أن آثار عدم قابلية الالتزام للانقسام تشمل:

  • أولاً: "حق الدائن في المطالبة بالالتزام كاملاً"، والمقصود به: أن يكون للدائن الحق في المطالبة بالالتزام كاملاً، فلا يجوز له أن يطالب المدين بجزء منه، فمثلاً: إذا كان الالتزام غير قابل للانقسام، يحق للدائن أن يطالب المدين بتسليم السيارة كاملة.

  • ثانياً: "حق المدين في الوفاء بالالتزام كاملاً"، والمقصود به: أن يكون للمدين الحق في الوفاء بالالتزام كاملاً، ولا يجوز له أن يوفي بجزء منه، فمثلاً: إذا كان الالتزام غير قابل للانقسام، يحق للمدين أن يوفي بتسليم السيارة كاملة.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار عدم قابلية الالتزام للانقسام، وهي توضح تأثير عدم قابلية الالتزام للانقسام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "كيفية انقضاء الالتزام"، وهي: الطرق التي يزول بها الالتزام، وقد نصت المادة على أن الالتزام ينقضي بـ "الوفاء"، وهو: قيام المدين بتنفيذ التزامه، وهو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: "الوفاء العيني"، وهو: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه عيناً، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه على الوجه المتفق عليه، فلا يجوز له أن يمتنع عن الوفاء، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي: إذا كان الوفاء "مستحيلاً"، أو "بغير رضا الدائن"، ففي هذه الحالات لا ينقضي الالتزام.

  • ثانياً: "الوفاء بمقابل"، وهو: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، بشرط رضا الدائن، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة، وقدم بدلاً منها مبلغاً من المال، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

  • ثالثاً: "المقاصة"، وهي: انقضاء التزامين متقابلين، بمقدار الأقل منهما، وقد تكون مقاصة قانونية، أو مقاصة اتفاقية.

  • رابعاً: "التجديد"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، وقد يكون تجديداً للدين، أو تجديداً للطرفين.

  • خامساً: "الإنابة في الوفاء"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد تكون إنابة كاملة، أو إنابة ناقصة.

  • سادساً: "الصلح"، وهو: عقد يرفع النزاع، ويقطع الخصومة، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • سابعاً: "الإبراء"، وهو: تنازل الدائن عن حقه في الدين، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • ثامناً: "استحالة التنفيذ"، وهو: أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً، دون أن يكون ذلك بفعل المدين، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • تاسعاً: "التقادم المسقط"، وهو: سقوط الحق في المطالبة بالدين بمضي المدة، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • عاشراً: "وفاة المدين"، وهو: أن يتوفى المدين، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، إلا إذا كان الدين متعلقاً بمال، ففي هذه الحالة ينتقل إلى ورثة المدين.

  • حادي عشر: "وفاة الدائن"، وهو: أن يتوفى الدائن، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، إلا إذا كان الدين متعلقاً بمال، ففي هذه الحالة ينتقل إلى ورثة الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بكيفية انقضاء الالتزام، وهي توضح تعدد طرق انقضاء الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الوفاء"، وهو: أن يترتب على الوفاء انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الوفاء يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا قام المدين بتنفيذ التزامه، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الوفاء، وهي توضح تأثير الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "زمان الوفاء"، وهو: الوقت الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن زمان الوفاء يكون في الوقت المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في تاريخ معين، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذا التاريخ.

ويجدر التنبيه إلى أن زمان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين عند "ميسرة المدين"، أو "عند طلب الدائن"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بزمان الوفاء، وهي توضح تأثير زمان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مكان الوفاء"، وهو: المكان الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن مكان الوفاء يكون في المكان المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في مدينة معينة، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذه المدينة.

ويجدر التنبيه إلى أن مكان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين في "أي مكان"، أو "في مكان غير معلوم"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمكان الوفاء، وهي توضح تأثير مكان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "كيفية الوفاء"، وهو: الطريقة التي يجب على المدين أن يوفي بها بالدين، وقد نصت المادة على أن كيفية الوفاء تكون بالطريقة المتفق عليها، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين نقداً، فيجب على المدين الوفاء بالدين نقداً.

ويجدر التنبيه إلى أن كيفية الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بكيفية الوفاء، وهي توضح تأثير كيفية الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مصاريف الوفاء"، وهي: المصاريف التي تترتب على الوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أن مصاريف الوفاء تكون على المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن تكون مصاريف الوفاء على الدائن، ففي هذه الحالة تكون مصاريف الوفاء على الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن مصاريف الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن تكون مصاريف الوفاء بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصاريف الوفاء، وهي توضح تأثير مصاريف الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بالتقسيط"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين على دفعات، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالتقسيط، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين دفعة واحدة، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالتقسيط.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بالتقسيط، وهي توضح تأثير الوفاء بالتقسيط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء قبل حلول الأجل"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين قبل حلول الأجل، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء قبل حلول الأجل، وهي توضح تأثير الوفاء قبل حلول الأجل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء الجزئي"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بجزء من الدين، وقد نصت المادة على أنه لا يجوز الوفاء الجزئي، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يجوز الوفاء الجزئي، ففي هذه الحالة يجوز الوفاء الجزئي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء الجزئي، وهي توضح تأثير الوفاء الجزئي على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بغير المدين"، وهو: أن يقوم شخص آخر غير المدين بالوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بغير المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بغير المدين، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بغير المدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بغير المدين، وهي توضح تأثير الوفاء بغير المدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "إثبات الوفاء"، وهو: إثبات قيام المدين بتنفيذ التزامه، وقد نصت المادة على أن إثبات الوفاء يكون بـ "جميع طرق الإثبات"، والمقصود به: أن يجوز إثبات الوفاء بأي طريقة من طرق الإثبات المقررة نظاماً، مثل: الكتابة، والشهادة، والقرائن، والإقرار، واليمين، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن إثبات الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن لا يكون فيه أي شك أو تردد في دلالته على الوفاء، فمثلاً: لا يجوز إثبات الوفاء بشهادة شخص واحد، أو بقرينة ضعيفة، أو بإقرار غير صريح.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بإثبات الوفاء، وهي توضح كيفية إثبات الوفاء، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بمقابل"، وهو: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، بشرط رضا الدائن، وقد نصت المادة على أن الوفاء بمقابل يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "بشيء آخر"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة، وقدم بدلاً منها مبلغاً من المال، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بمنفعة"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم منفعة أخرى غير التي التزم بها، فمثلاً: إذا التزم المدين ببناء منزل، وقدم بدلاً منه خدمة أخرى، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء بمقابل لا بد أن يكون "برضا الدائن"، والمقصود به: أن يكون الدائن قد وافق على الوفاء بمقابل، فلا يجوز أن يكون الوفاء بمقابل بغير رضا الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بمقابل، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة"، وهي: انقضاء التزامين متقابلين، بمقدار الأقل منهما، وقد نصت المادة على أن المقاصة تكون في حالتين:

  • أولاً: "مقاصة قانونية"، وهي: المقاصة التي تتم بقوة النظام، دون حاجة إلى اتفاق المتعاقدين، بشرط أن يكون الدينان "متقابلين"، و "متماثلين في النوع"، و "حالي الأداء"، و "خاليين من النزاع"، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، وكان الطرف الآخر مديناً له بمبلغ آخر، في هذه الحالة تتم المقاصة القانونية بين الدينين، وينقضي كل منهما بمقدار الأقل منهما.

  • ثانياً: "مقاصة اتفاقية"، وهي: المقاصة التي تتم باتفاق المتعاقدين، ويجوز أن تكون في غير الحالات التي تتم فيها المقاصة القانونية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز أن تتم المقاصة الاتفاقية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة القضائية"، وهي: المقاصة التي تتم بحكم المحكمة، وقد نصت المادة على أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية، وذلك في الحالات التي لا تتحقق فيها شروط المقاصة القانونية أو الاتفاقية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة القضائية تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة القضائية، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الدين"، وهو: انقضاء دين بإنشاء دين جديد محله، وقد نصت المادة على أن تجديد الدين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد حقيقي"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، أو استبدال المدين بمدين آخر، أو استبدال الدائن بدائن آخر، في هذه الحالة يتم تجديد الدين حقيقياً.

  • ثانياً: "تجديد صوري"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، ولكن يكون ذلك صورياً، والمقصود به: أن لا يكون هناك تغيير حقيقي، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، ولكن يكون ذلك صورياً، ففي هذه الحالة لا يتم تجديد الدين، ويبقى الدين القديم قائماً.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الدين يؤدي إلى "انقضاء الدين"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدين القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الدين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الطرفين"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، بشرط أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الالتزام، وقد نصت المادة على أن تجديد الطرفين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد المدين"، وهو: أن يحل مدين جديد محل المدين القديم، ويصبح المدين القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد المدين، وينقضي الالتزام عن المدين القديم، وينشأ التزام جديد على المدين الجديد.

  • ثانياً: "تجديد الدائن"، وهو: أن يحل دائن جديد محل الدائن القديم، ويصبح الدائن القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل المدين ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد الدائن، وينقضي الالتزام عن الدائن القديم، وينشأ التزام جديد للدائن الجديد.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الطرفين يؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الالتزام القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الطرفين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الإنابة في الوفاء"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن الإنابة في الوفاء تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الإنابة في الوفاء تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الوفاء فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإنابة في الوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الصلح"، وهو: عقد يرفع النزاع، ويقطع الخصومة، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الصلح يكون في حالتين:

  • أولاً: "صلح على إقرار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إقرار المدين بالدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • ثانياً: "صلح على إنكار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إنكار المدين للدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، ولكن لا يعد إقراراً بالدين.

ويجدر التنبيه إلى أن الصلح لا بد أن يكون "برضا الطرفين"، والمقصود به: أن يكون الصلح قد تم بموافقة الطرفين، فلا يجوز أن يكون الصلح بغير رضا الطرفين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالصلح، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الصلح"، وهو: أن يترتب على الصلح انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الصلح يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا تم الصلح بين الدائن والمدين، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الصلح، وهي توضح تأثير الصلح على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الإبراء"، وهو: تنازل الدائن عن حقه في الدين، وقد نصت المادة على أن الإبراء يكون بـ "أي فعل أو قول يدل على التنازل"، والمقصود به: أن يكون الإبراء واضحاً وجازماً، فلا يكون فيه أي غموض أو تردد، فمثلاً: إذا قال الدائن للمدين: "أبرأتك من الدين"، فهذا يعد إبراء صريحاً.

ويجدر التنبيه إلى أن الإبراء لا بد أن يكون "برضا الدائن"، والمقصود به: أن يكون الدائن قد وافق على التنازل عن حقه في الدين، فلا يجوز أن يكون الإبراء بغير رضا الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإبراء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الإبراء"، وهو: أن يترتب على الإبراء انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الإبراء يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا أبرأ الدائن المدين من الدين، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الإبراء، وهي توضح تأثير الإبراء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "استحالة التنفيذ"، وهو: أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً، دون أن يكون ذلك بفعل المدين، وقد نصت المادة على أن استحالة التنفيذ تؤدي إلى انقضاء الالتزام، والمقصود به: أن يكون الالتزام مستحيلاً تحقيقه، فلا يمكن للمدين أن ينفذ التزامه، فمثلاً: إذا تلف المبيع قبل التسليم، فلا يمكن للمدين تسليمه، في هذه الحالة ينقضي الالتزام دون وفاء.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة باستحالة التنفيذ، وهي توضح تأثير استحالة التنفيذ على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التقادم المسقط"، وهو: سقوط الحق في المطالبة بالدين بمضي المدة، وقد نصت المادة على أن التقادم المسقط يؤدي إلى انقضاء الالتزام، والمقصود به: أن الحق في المطالبة بالدين يسقط بمضي المدة التي يحددها النظام، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن التقادم المسقط يختلف عن التقادم المكسب في أن الأول يسقط الحق، والثاني يكسب الحق.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتقادم المسقط، وهي توضح تأثير التقادم المسقط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مدد التقادم المسقط"، وهي: المدد التي يسقط فيها الحق في المطالبة بالدين بمضي المدة، وقد نصت المادة على أن مدد التقادم المسقط تكون على نوعين:

  • أولاً: "مدة التقادم الطويلة"، وهي: المدة التي يحددها النظام للحقوق العامة، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

  • ثانياً: "مدة التقادم القصيرة"، وهي: المدة التي يحددها النظام للحقوق الخاصة، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن مدد التقادم المسقط تختلف باختلاف نوع الحق، فمثلاً: مدة التقادم لدعاوى التعويض عن الفعل الضار تختلف عن مدة التقادم لدعاوى العقود، ومدة التقادم لدعاوى الإثراء بلا سبب تختلف عن مدة التقادم لدعاوى الفضالة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمدد التقادم المسقط، وهي توضح تأثير مدد التقادم المسقط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "وقف التقادم"، وهو: أن يتوقف حساب مدة التقادم، دون أن تزول المدة التي مضت، وقد نصت المادة على أن وقف التقادم يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان هناك "مانع قانوني"، والمقصود به: أن يكون هناك مانع قانوني يمنع الدائن من المطالبة بالدين، فمثلاً: إذا كان الدائن قاصراً، أو مجنوناً، أو معتوهاً، ففي هذه الحالة يتوقف حساب مدة التقادم، ولا يبدأ الحساب إلا بعد زوال المانع.

  • ثانياً: إذا كان هناك "مانع مادي"، والمقصود به: أن يكون هناك مانع مادي يمنع الدائن من المطالبة بالدين، فمثلاً: إذا كان الدائن في سجن، أو في حرب، أو في كارثة طبيعية، ففي هذه الحالة يتوقف حساب مدة التقادم، ولا يبدأ الحساب إلا بعد زوال المانع.

ويجدر التنبيه إلى أن وقف التقادم لا يؤدي إلى زوال المدة التي مضت، وإنما يؤدي إلى توقف حسابها، فمثلاً: إذا كانت مدة التقادم عشر سنوات، ومضى منها خمس سنوات، ثم توقف حسابها لمدة سنتين، ثم زال المانع، فإن مدة التقادم المتبقية هي ثلاث سنوات.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بوقف التقادم، وهي توضح تأثير وقف التقادم على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "انقطاع التقادم"، وهو: أن تزول المدة التي مضت من التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة، وقد نصت المادة على أن انقطاع التقادم يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا "طالب الدائن بالدين"، والمقصود به: أن يقوم الدائن بالمطالبة بالدين، سواء كان ذلك قضائياً أو غير قضائي، فمثلاً: إذا رفع الدائن دعوى قضائية للمطالبة بالدين، أو أرسل إنذاراً للمدين، ففي هذه الحالة ينقطع التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة.

  • ثانياً: إذا "أقر المدين بالدين"، والمقصود به: أن يقوم المدين بالإقرار بالدين، سواء كان ذلك صريحاً أو ضمنياً، فمثلاً: إذا دفع المدين جزءاً من الدين، أو طلب مهلة للوفاء بالدين، ففي هذه الحالة ينقطع التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة.

ويجدر التنبيه إلى أن انقطاع التقادم يؤدي إلى زوال المدة التي مضت من التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة، فمثلاً: إذا كانت مدة التقادم عشر سنوات، ومضى منها خمس سنوات، ثم انقطع التقادم، يبدأ حساب مدة جديدة مدتها عشر سنوات.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بانقطاع التقادم، وهي توضح تأثير انقطاع التقادم على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار انقضاء الالتزام"، وهي: النتائج التي تترتب على انقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن آثار انقضاء الالتزام تشمل:

  • أولاً: "براءة ذمة المدين"، والمقصود به: أن يصبح المدين غير مسؤول عن الدين، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

  • ثانياً: "زوال الضمانات"، والمقصود به: أن تزول الضمانات التي كانت مقدمة للدين، مثل: الرهن، والكفالة، ونحو ذلك.

  • ثالثاً: "زوال الفوائد"، والمقصود به: أن تزول الفوائد التي كانت تترتب على الدين، مثل: الفوائد التأخيرية، والفوائد الاتفاقية، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الآثار تنطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار انقضاء الالتزام، وهي توضح تأثير انقضاء الالتزام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التحول في الالتزام"، وهو: أن تتغير طبيعة الالتزام، أو أطرافه، أو محله، أو سببه، دون أن ينقضي الالتزام، وقد نصت المادة على أن التحول في الالتزام يكون في حالتين:

  • أولاً: "الحوالة"، وهي: أن ينتقل الدين من دائن إلى دائن آخر، أو من مدين إلى مدين آخر، دون أن ينقضي الدين الأصلي، فمثلاً: إذا أحال الدائن دينه على شخص آخر، ينتقل الدين إلى الشخص الآخر، ويبقى المدين مسؤولاً عن الدين.

  • ثانياً: "الإنابة"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد تكون إنابة كاملة، أو إنابة ناقصة.

ويجدر التنبيه إلى أن التحول في الالتزام لا يؤدي إلى انقضاء الالتزام، وإنما يؤدي إلى تغيير في طبيعته أو أطرافه أو محله أو سببه.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتحول في الالتزام، وهي توضح تأثير التحول في الالتزام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم حوالة الحق"، وهي: أن ينتقل الحق من دائن إلى دائن آخر، دون أن يتغير المدين، وقد نصت المادة على أن حوالة الحق تكون بـ "اتفاق بين الدائن الأصلي والدائن الجديد"، والمقصود به: أن يتفق الدائن الأصلي والدائن الجديد على انتقال الحق، فلا يجوز أن تكون الحوالة بغير رضا المدين.

ويجدر التنبيه إلى أن حوالة الحق لا بد أن تكون "صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم حوالة الحق، وهي توضح تأثير حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "شروط حوالة الحق"، وهي: الشروط التي يجب توفرها لصحة حوالة الحق، وقد نصت المادة على أن شروط حوالة الحق تشمل:

  • أولاً: "أن يكون الحق قابلاً للحوالة"، والمقصود به: أن يكون الحق مما يجوز حوالته، فلا يجوز حوالة الحقوق الشخصية، أو الحقوق التي لا تقبل الحوالة بنص نظامي.

  • ثانياً: "أن يكون الحق معلوماً"، والمقصود به: أن يكون الحق الذي يتم حوالته معلوماً، فلا يجوز حوالة حق مجهول، أو حق غير محدد.

  • ثالثاً: "أن تكون الحوالة صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

  • رابعاً: "أن يتم إبلاغ المدين بالحوالة"، والمقصود به: أن يتم إبلاغ المدين بانتقال الحق إلى الدائن الجديد، فلا ترتب الحوالة أي أثر في حق المدين إلا بعد إبلاغه بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الشروط لا تؤثر في وجود الحق، وإنما تؤثر في حوالته.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بشروط حوالة الحق، وهي توضح تأثير شروط حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار حوالة الحق"، وهي: النتائج التي تترتب على حوالة الحق، وقد نصت المادة على أن آثار حوالة الحق تشمل:

  • أولاً: "انتقال الحق إلى الدائن الجديد"، والمقصود به: أن يصبح الدائن الجديد هو صاحب الحق، ويحق له المطالبة بالدين من المدين.

  • ثانياً: "بقاء المدين مسؤولاً عن الدين"، والمقصود به: أن يبقى المدين مسؤولاً عن الدين، ولا تبرأ ذمته إلا بالوفاء به للدائن الجديد.

  • ثالثاً: "انتقال الضمانات والتوابع"، والمقصود به: أن تنتقل الضمانات والتوابع التي كانت مقدمة للدين إلى الدائن الجديد، مثل: الرهن، والكفالة، والفوائد، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحقوق، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار حوالة الحق، وهي توضح تأثير حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم حوالة الدين"، وهي: أن ينتقل الدين من مدين إلى مدين آخر، دون أن يتغير الدائن، وقد نصت المادة على أن حوالة الدين تكون بـ "اتفاق بين المدين الأصلي والمدين الجديد"، والمقصود به: أن يتفق المدين الأصلي والمدين الجديد على انتقال الدين، بشرط رضا الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن حوالة الدين لا بد أن تكون "صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم حوالة الدين، وهي توضح تأثير حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "شروط حوالة الدين"، وهي: الشروط التي يجب توفرها لصحة حوالة الدين، وقد نصت المادة على أن شروط حوالة الدين تشمل:

  • أولاً: "أن يكون الدين قابلاً للحوالة"، والمقصود به: أن يكون الدين مما يجوز حوالته، فلا يجوز حوالة الديون التي لا تقبل الحوالة بنص نظامي.

  • ثانياً: "أن يكون الدين معلوماً"، والمقصود به: أن يكون الدين الذي يتم حوالته معلوماً، فلا يجوز حوالة دين مجهول، أو دين غير محدد.

  • ثالثاً: "أن تكون الحوالة صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

  • رابعاً: "أن يتم رضا الدائن بالحوالة"، والمقصود به: أن يوافق الدائن على انتقال الدين إلى المدين الجديد، فلا ترتب الحوالة أي أثر في حق الدائن إلا بعد رضاه بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الشروط لا تؤثر في وجود الدين، وإنما تؤثر في حوالته.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بشروط حوالة الدين، وهي توضح تأثير شروط حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار حوالة الدين"، وهي: النتائج التي تترتب على حوالة الدين، وقد نصت المادة على أن آثار حوالة الدين تشمل:

  • أولاً: "انتقال الدين إلى المدين الجديد"، والمقصود به: أن يصبح المدين الجديد هو المسؤول عن الدين، ويحق للدائن مطالبته بالدين.

  • ثانياً: "براءة ذمة المدين الأصلي"، والمقصود به: أن تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين، ولا يحق للدائن مطالبته بالدين مرة أخرى.

  • ثالثاً: "انتقال الضمانات والتوابع"، والمقصود به: أن تنتقل الضمانات والتوابع التي كانت مقدمة للدين إلى المدين الجديد، مثل: الرهن، والكفالة، والفوائد، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الديون، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار حوالة الدين، وهي توضح تأثير حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم إنابة الدين"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن إنابة الدين تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن إنابة الدين تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الدين فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بإنابة الدين، وهي توضح تأثير إنابة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار إنابة الدين"، وهي: النتائج التي تترتب على إنابة الدين، وقد نصت المادة على أن آثار إنابة الدين تشمل:

  • أولاً: "براءة ذمة المدين الأصلي"، والمقصود به: أن تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين، ولا يحق للدائن مطالبته بالدين مرة أخرى، إلا في حال الإنابة الناقصة.

  • ثانياً: "مسؤولية المناب"، والمقصود به: أن يصبح المناب مسؤولاً عن الدين، ويحق للدائن مطالبته بالدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الديون، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار إنابة الدين، وهي توضح تأثير آثار إنابة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد على عمل الغير"، وهو: أن يتعاقد شخص مع شخص آخر، ويلتزم بأن يقوم شخص ثالث بعمل معين، وقد نصت المادة على أن التعاقد على عمل الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان التعاقد "نيابة"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسم شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالتعاقد باسم الغير، ويرتب العقد آثاره في حق الغير.

  • ثانياً: إذا كان التعاقد "فضولاً"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسمه، ولكن يكون العقد لمصلحة شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالعقد، ويرتب العقد آثاره في حقه، إلا إذا أجاز الغير العقد، ففي هذه الحالة يصبح العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره في حق الغير.

ويجدر التنبيه إلى أن التعاقد على عمل الغير يختلف عن التعاقد لمصلحة الغير في أن التعاقد على عمل الغير يتعلق بالتزام شخص ثالث، أما التعاقد لمصلحة الغير فيتعلق بإنشاء حق لشخص ثالث.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد على عمل الغير، وهي توضح كيفية التعاقد على عمل الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التعاقد على عمل الغير"، وهي: النتائج التي تترتب على العقد الذي يبرم على عمل الغير، وقد نصت المادة على أن آثار التعاقد على عمل الغير تشمل:

  • أولاً: "حق الغير في المطالبة بالعمل"، والمقصود به: أن يكون للغير الحق في المطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد، فلا يجوز للمتعاقد التراجع عن هذا العمل، إلا برضا الغير.

  • ثانياً: "حق المتعاقد في الرجوع عن العقد"، والمقصود به: أن يكون للمتعاقد الحق في الرجوع عن العقد الذي أبرمه على عمل الغير، بشرط أن لا يكون الغير قد قبل هذا العقد، ففي هذه الحالة يجوز للمتعاقد الرجوع عن العقد، ولا يترتب عليه أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التعاقد على عمل الغير، وهي تحمي حقوق الغير، وتوفر له فرصة للمطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الوفاء"، وهو: قيام المدين بتنفيذ التزامه، وهو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الوفاء يكون بـ "أداء ما التزم به المدين"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه على الوجه المتفق عليه، فلا يجوز له أن يمتنع عن الوفاء، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "مستحيلاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مستحيلاً تحقيقه، فلا يمكن للمدين أن ينفذ التزامه، فمثلاً: إذا تلف المبيع قبل التسليم، فلا يمكن للمدين تسليمه، في هذه الحالة ينقضي الالتزام دون وفاء.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بغير رضا الدائن"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه، ولكن دون رضا الدائن، ففي هذه الحالة لا يعد الوفاء صحيحاً، ولا ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مطابقاً لما اتفق عليه الطرفان، فلا يكون فيه أي تغيير أو تعديل، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة معينة، فلا يجوز له تسليم سيارة أخرى.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الوفاء"، وهو: أن يترتب على الوفاء انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الوفاء يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا قام المدين بتنفيذ التزامه، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الوفاء، وهي توضح تأثير الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "زمان الوفاء"، وهو: الوقت الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن زمان الوفاء يكون في الوقت المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في تاريخ معين، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذا التاريخ.

ويجدر التنبيه إلى أن زمان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين عند "ميسرة المدين"، أو "عند طلب الدائن"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بزمان الوفاء، وهي توضح تأثير زمان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مكان الوفاء"، وهو: المكان الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن مكان الوفاء يكون في المكان المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في مدينة معينة، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذه المدينة.

ويجدر التنبيه إلى أن مكان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين في "أي مكان"، أو "في مكان غير معلوم"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمكان الوفاء، وهي توضح تأثير مكان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "كيفية الوفاء"، وهو: الطريقة التي يجب على المدين أن يوفي بها بالدين، وقد نصت المادة على أن كيفية الوفاء تكون بالطريقة المتفق عليها، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين نقداً، فيجب على المدين الوفاء بالدين نقداً.

ويجدر التنبيه إلى أن كيفية الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بكيفية الوفاء، وهي توضح تأثير كيفية الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مصاريف الوفاء"، وهي: المصاريف التي تترتب على الوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أن مصاريف الوفاء تكون على المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن تكون مصاريف الوفاء على الدائن، ففي هذه الحالة تكون مصاريف الوفاء على الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن مصاريف الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن تكون مصاريف الوفاء بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصاريف الوفاء، وهي توضح تأثير مصاريف الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بالتقسيط"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين على دفعات، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالتقسيط، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين دفعة واحدة، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالتقسيط.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بالتقسيط، وهي توضح تأثير الوفاء بالتقسيط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء قبل حلول الأجل"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين قبل حلول الأجل، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء قبل حلول الأجل، وهي توضح تأثير الوفاء قبل حلول الأجل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء الجزئي"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بجزء من الدين، وقد نصت المادة على أنه لا يجوز الوفاء الجزئي، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يجوز الوفاء الجزئي، ففي هذه الحالة يجوز الوفاء الجزئي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء الجزئي، وهي توضح تأثير الوفاء الجزئي على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بغير المدين"، وهو: أن يقوم شخص آخر غير المدين بالوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بغير المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بغير المدين، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بغير المدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بغير المدين، وهي توضح تأثير الوفاء بغير المدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "إثبات الوفاء"، وهو: إثبات قيام المدين بتنفيذ التزامه، وقد نصت المادة على أن إثبات الوفاء يكون بـ "جميع طرق الإثبات"، والمقصود به: أن يجوز إثبات الوفاء بأي طريقة من طرق الإثبات المقررة نظاماً، مثل: الكتابة، والشهادة، والقرائن، والإقرار، واليمين، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن إثبات الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن لا يكون فيه أي شك أو تردد في دلالته على الوفاء، فمثلاً: لا يجوز إثبات الوفاء بشهادة شخص واحد، أو بقرينة ضعيفة، أو بإقرار غير صريح.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بإثبات الوفاء، وهي توضح كيفية إثبات الوفاء، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بمقابل"، وهو: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، بشرط رضا الدائن، وقد نصت المادة على أن الوفاء بمقابل يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "بشيء آخر"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة، وقدم بدلاً منها مبلغاً من المال، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بمنفعة"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم منفعة أخرى غير التي التزم بها، فمثلاً: إذا التزم المدين ببناء منزل، وقدم بدلاً منه خدمة أخرى، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء بمقابل لا بد أن يكون "برضا الدائن"، والمقصود به: أن يكون الدائن قد وافق على الوفاء بمقابل، فلا يجوز أن يكون الوفاء بمقابل بغير رضا الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بمقابل، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة"، وهي: انقضاء التزامين متقابلين، بمقدار الأقل منهما، وقد نصت المادة على أن المقاصة تكون في حالتين:

  • أولاً: "مقاصة قانونية"، وهي: المقاصة التي تتم بقوة النظام، دون حاجة إلى اتفاق المتعاقدين، بشرط أن يكون الدينان "متقابلين"، و "متماثلين في النوع"، و "حالي الأداء"، و "خاليين من النزاع"، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، وكان الطرف الآخر مديناً له بمبلغ آخر، في هذه الحالة تتم المقاصة القانونية بين الدينين، وينقضي كل منهما بمقدار الأقل منهما.

  • ثانياً: "مقاصة اتفاقية"، وهي: المقاصة التي تتم باتفاق المتعاقدين، ويجوز أن تكون في غير الحالات التي تتم فيها المقاصة القانونية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز أن تتم المقاصة الاتفاقية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة القضائية"، وهي: المقاصة التي تتم بحكم المحكمة، وقد نصت المادة على أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية، وذلك في الحالات التي لا تتحقق فيها شروط المقاصة القانونية أو الاتفاقية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة القضائية تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة القضائية، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الدين"، وهو: انقضاء دين بإنشاء دين جديد محله، وقد نصت المادة على أن تجديد الدين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد حقيقي"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، أو استبدال المدين بمدين آخر، أو استبدال الدائن بدائن آخر، في هذه الحالة يتم تجديد الدين حقيقياً.

  • ثانياً: "تجديد صوري"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، ولكن يكون ذلك صورياً، والمقصود به: أن لا يكون هناك تغيير حقيقي، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، ولكن يكون ذلك صورياً، ففي هذه الحالة لا يتم تجديد الدين، ويبقى الدين القديم قائماً.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الدين يؤدي إلى "انقضاء الدين"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدين القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الدين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الطرفين"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، بشرط أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الالتزام، وقد نصت المادة على أن تجديد الطرفين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد المدين"، وهو: أن يحل مدين جديد محل المدين القديم، ويصبح المدين القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد المدين، وينقضي الالتزام عن المدين القديم، وينشأ التزام جديد على المدين الجديد.

  • ثانياً: "تجديد الدائن"، وهو: أن يحل دائن جديد محل الدائن القديم، ويصبح الدائن القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل المدين ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد الدائن، وينقضي الالتزام عن الدائن القديم، وينشأ التزام جديد للدائن الجديد.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الطرفين يؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الالتزام القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الطرفين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الإنابة في الوفاء"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن الإنابة في الوفاء تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الإنابة في الوفاء تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الوفاء فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإنابة في الوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الصلح"، وهو: عقد يرفع النزاع، ويقطع الخصومة، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الصلح يكون في حالتين:

  • أولاً: "صلح على إقرار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إقرار المدين بالدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • ثانياً: "صلح على إنكار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إنكار المدين للدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، ولكن لا يعد إقراراً بالدين.

ويجدر التنبيه إلى أن الصلح لا بد أن يكون "برضا الطرفين"، والمقصود به: أن يكون الصلح قد تم بموافقة الطرفين، فلا يجوز أن يكون الصلح بغير رضا الطرفين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالصلح، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الصلح"، وهو: أن يترتب على الصلح انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الصلح يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا تم الصلح بين الدائن والمدين، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الصلح، وهي توضح تأثير الصلح على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الإبراء"، وهو: تنازل الدائن عن حقه في الدين، وقد نصت المادة على أن الإبراء يكون بـ "أي فعل أو قول يدل على التنازل"، والمقصود به: أن يكون الإبراء واضحاً وجازماً، فلا يكون فيه أي غموض أو تردد، فمثلاً: إذا قال الدائن للمدين: "أبرأتك من الدين"، فهذا يعد إبراء صريحاً.

ويجدر التنبيه إلى أن الإبراء لا بد أن يكون "برضا الدائن"، والمقصود به: أن يكون الدائن قد وافق على التنازل عن حقه في الدين، فلا يجوز أن يكون الإبراء بغير رضا الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإبراء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الإبراء"، وهو: أن يترتب على الإبراء انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الإبراء يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا أبرأ الدائن المدين من الدين، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الإبراء، وهي توضح تأثير الإبراء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "استحالة التنفيذ"، وهو: أن يصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً، دون أن يكون ذلك بفعل المدين، وقد نصت المادة على أن استحالة التنفيذ تؤدي إلى انقضاء الالتزام، والمقصود به: أن يكون الالتزام مستحيلاً تحقيقه، فلا يمكن للمدين أن ينفذ التزامه، فمثلاً: إذا تلف المبيع قبل التسليم، فلا يمكن للمدين تسليمه، في هذه الحالة ينقضي الالتزام دون وفاء.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة باستحالة التنفيذ، وهي توضح تأثير استحالة التنفيذ على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التقادم المسقط"، وهو: سقوط الحق في المطالبة بالدين بمضي المدة، وقد نصت المادة على أن التقادم المسقط يؤدي إلى انقضاء الالتزام، والمقصود به: أن الحق في المطالبة بالدين يسقط بمضي المدة التي يحددها النظام، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن التقادم المسقط يختلف عن التقادم المكسب في أن الأول يسقط الحق، والثاني يكسب الحق.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتقادم المسقط، وهي توضح تأثير التقادم المسقط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مدد التقادم المسقط"، وهي: المدد التي يسقط فيها الحق في المطالبة بالدين بمضي المدة، وقد نصت المادة على أن مدد التقادم المسقط تكون على نوعين:

  • أولاً: "مدة التقادم الطويلة"، وهي: المدة التي يحددها النظام للحقوق العامة، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

  • ثانياً: "مدة التقادم القصيرة"، وهي: المدة التي يحددها النظام للحقوق الخاصة، فمثلاً: إذا مضت المدة التي يحددها النظام للمطالبة بالدين، يسقط الحق في المطالبة، وينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن مدد التقادم المسقط تختلف باختلاف نوع الحق، فمثلاً: مدة التقادم لدعاوى التعويض عن الفعل الضار تختلف عن مدة التقادم لدعاوى العقود، ومدة التقادم لدعاوى الإثراء بلا سبب تختلف عن مدة التقادم لدعاوى الفضالة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمدد التقادم المسقط، وهي توضح تأثير مدد التقادم المسقط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "وقف التقادم"، وهو: أن يتوقف حساب مدة التقادم، دون أن تزول المدة التي مضت، وقد نصت المادة على أن وقف التقادم يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان هناك "مانع قانوني"، والمقصود به: أن يكون هناك مانع قانوني يمنع الدائن من المطالبة بالدين، فمثلاً: إذا كان الدائن قاصراً، أو مجنوناً، أو معتوهاً، ففي هذه الحالة يتوقف حساب مدة التقادم، ولا يبدأ الحساب إلا بعد زوال المانع.

  • ثانياً: إذا كان هناك "مانع مادي"، والمقصود به: أن يكون هناك مانع مادي يمنع الدائن من المطالبة بالدين، فمثلاً: إذا كان الدائن في سجن، أو في حرب، أو في كارثة طبيعية، ففي هذه الحالة يتوقف حساب مدة التقادم، ولا يبدأ الحساب إلا بعد زوال المانع.

ويجدر التنبيه إلى أن وقف التقادم لا يؤدي إلى زوال المدة التي مضت، وإنما يؤدي إلى توقف حسابها، فمثلاً: إذا كانت مدة التقادم عشر سنوات، ومضى منها خمس سنوات، ثم توقف حسابها لمدة سنتين، ثم زال المانع، فإن مدة التقادم المتبقية هي ثلاث سنوات.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بوقف التقادم، وهي توضح تأثير وقف التقادم على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "انقطاع التقادم"، وهو: أن تزول المدة التي مضت من التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة، وقد نصت المادة على أن انقطاع التقادم يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا "طالب الدائن بالدين"، والمقصود به: أن يقوم الدائن بالمطالبة بالدين، سواء كان ذلك قضائياً أو غير قضائي، فمثلاً: إذا رفع الدائن دعوى قضائية للمطالبة بالدين، أو أرسل إنذاراً للمدين، ففي هذه الحالة ينقطع التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة.

  • ثانياً: إذا "أقر المدين بالدين"، والمقصود به: أن يقوم المدين بالإقرار بالدين، سواء كان ذلك صريحاً أو ضمنياً، فمثلاً: إذا دفع المدين جزءاً من الدين، أو طلب مهلة للوفاء بالدين، ففي هذه الحالة ينقطع التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة.

ويجدر التنبيه إلى أن انقطاع التقادم يؤدي إلى زوال المدة التي مضت من التقادم، ويبدأ حساب مدة جديدة، فمثلاً: إذا كانت مدة التقادم عشر سنوات، ومضى منها خمس سنوات، ثم انقطع التقادم، يبدأ حساب مدة جديدة مدتها عشر سنوات.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بانقطاع التقادم، وهي توضح تأثير انقطاع التقادم على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار انقضاء الالتزام"، وهي: النتائج التي تترتب على انقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن آثار انقضاء الالتزام تشمل:

  • أولاً: "براءة ذمة المدين"، والمقصود به: أن يصبح المدين غير مسؤول عن الدين، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

  • ثانياً: "زوال الضمانات"، والمقصود به: أن تزول الضمانات التي كانت مقدمة للدين، مثل: الرهن، والكفالة، ونحو ذلك.

  • ثالثاً: "زوال الفوائد"، والمقصود به: أن تزول الفوائد التي كانت تترتب على الدين، مثل: الفوائد التأخيرية، والفوائد الاتفاقية، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الآثار تنطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار انقضاء الالتزام، وهي توضح تأثير انقضاء الالتزام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التحول في الالتزام"، وهو: أن تتغير طبيعة الالتزام، أو أطرافه، أو محله، أو سببه، دون أن ينقضي الالتزام، وقد نصت المادة على أن التحول في الالتزام يكون في حالتين:

  • أولاً: "الحوالة"، وهي: أن ينتقل الدين من دائن إلى دائن آخر، أو من مدين إلى مدين آخر، دون أن ينقضي الدين الأصلي، فمثلاً: إذا أحال الدائن دينه على شخص آخر، ينتقل الدين إلى الشخص الآخر، ويبقى المدين مسؤولاً عن الدين.

  • ثانياً: "الإنابة"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد تكون إنابة كاملة، أو إنابة ناقصة.

ويجدر التنبيه إلى أن التحول في الالتزام لا يؤدي إلى انقضاء الالتزام، وإنما يؤدي إلى تغيير في طبيعته أو أطرافه أو محله أو سببه.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتحول في الالتزام، وهي توضح تأثير التحول في الالتزام على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم حوالة الحق"، وهي: أن ينتقل الحق من دائن إلى دائن آخر، دون أن يتغير المدين، وقد نصت المادة على أن حوالة الحق تكون بـ "اتفاق بين الدائن الأصلي والدائن الجديد"، والمقصود به: أن يتفق الدائن الأصلي والدائن الجديد على انتقال الحق، فلا يجوز أن تكون الحوالة بغير رضا المدين.

ويجدر التنبيه إلى أن حوالة الحق لا بد أن تكون "صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم حوالة الحق، وهي توضح تأثير حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "شروط حوالة الحق"، وهي: الشروط التي يجب توفرها لصحة حوالة الحق، وقد نصت المادة على أن شروط حوالة الحق تشمل:

  • أولاً: "أن يكون الحق قابلاً للحوالة"، والمقصود به: أن يكون الحق مما يجوز حوالته، فلا يجوز حوالة الحقوق الشخصية، أو الحقوق التي لا تقبل الحوالة بنص نظامي.

  • ثانياً: "أن يكون الحق معلوماً"، والمقصود به: أن يكون الحق الذي يتم حوالته معلوماً، فلا يجوز حوالة حق مجهول، أو حق غير محدد.

  • ثالثاً: "أن تكون الحوالة صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

  • رابعاً: "أن يتم إبلاغ المدين بالحوالة"، والمقصود به: أن يتم إبلاغ المدين بانتقال الحق إلى الدائن الجديد، فلا ترتب الحوالة أي أثر في حق المدين إلا بعد إبلاغه بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الشروط لا تؤثر في وجود الحق، وإنما تؤثر في حوالته.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بشروط حوالة الحق، وهي توضح تأثير شروط حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار حوالة الحق"، وهي: النتائج التي تترتب على حوالة الحق، وقد نصت المادة على أن آثار حوالة الحق تشمل:

  • أولاً: "انتقال الحق إلى الدائن الجديد"، والمقصود به: أن يصبح الدائن الجديد هو صاحب الحق، ويحق له المطالبة بالدين من المدين.

  • ثانياً: "بقاء المدين مسؤولاً عن الدين"، والمقصود به: أن يبقى المدين مسؤولاً عن الدين، ولا تبرأ ذمته إلا بالوفاء به للدائن الجديد.

  • ثالثاً: "انتقال الضمانات والتوابع"، والمقصود به: أن تنتقل الضمانات والتوابع التي كانت مقدمة للدين إلى الدائن الجديد، مثل: الرهن، والكفالة، والفوائد، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الحقوق، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار حوالة الحق، وهي توضح تأثير حوالة الحق على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم حوالة الدين"، وهي: أن ينتقل الدين من مدين إلى مدين آخر، دون أن يتغير الدائن، وقد نصت المادة على أن حوالة الدين تكون بـ "اتفاق بين المدين الأصلي والمدين الجديد"، والمقصود به: أن يتفق المدين الأصلي والمدين الجديد على انتقال الدين، بشرط رضا الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن حوالة الدين لا بد أن تكون "صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمفهوم حوالة الدين، وهي توضح تأثير حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "شروط حوالة الدين"، وهي: الشروط التي يجب توفرها لصحة حوالة الدين، وقد نصت المادة على أن شروط حوالة الدين تشمل:

  • أولاً: "أن يكون الدين قابلاً للحوالة"، والمقصود به: أن يكون الدين مما يجوز حوالته، فلا يجوز حوالة الديون التي لا تقبل الحوالة بنص نظامي.

  • ثانياً: "أن يكون الدين معلوماً"، والمقصود به: أن يكون الدين الذي يتم حوالته معلوماً، فلا يجوز حوالة دين مجهول، أو دين غير محدد.

  • ثالثاً: "أن تكون الحوالة صريحة"، والمقصود به: أن تكون الحوالة واضحة وجازمة، فلا يكون فيها أي غموض أو تردد، فمثلاً: لا يجوز أن تكون الحوالة ضمنية، أو أن تكون الحوالة معلقة على شرط، أو أن تكون الحوالة مجهولة.

  • رابعاً: "أن يتم رضا الدائن بالحوالة"، والمقصود به: أن يوافق الدائن على انتقال الدين إلى المدين الجديد، فلا ترتب الحوالة أي أثر في حق الدائن إلا بعد رضاه بها.

ويجدر التنبيه إلى أن هذه الشروط لا تؤثر في وجود الدين، وإنما تؤثر في حوالته.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بشروط حوالة الدين، وهي توضح تأثير شروط حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار حوالة الدين"، وهي: النتائج التي تترتب على حوالة الدين، وقد نصت المادة على أن آثار حوالة الدين تشمل:

  • أولاً: "انتقال الدين إلى المدين الجديد"، والمقصود به: أن يصبح المدين الجديد هو المسؤول عن الدين، ويحق للدائن مطالبته بالدين.

  • ثانياً: "براءة ذمة المدين الأصلي"، والمقصود به: أن تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين، ولا يحق للدائن مطالبته بالدين مرة أخرى.

  • ثالثاً: "انتقال الضمانات والتوابع"، والمقصود به: أن تنتقل الضمانات والتوابع التي كانت مقدمة للدين إلى المدين الجديد، مثل: الرهن، والكفالة، والفوائد، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الديون، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار حوالة الدين، وهي توضح تأثير حوالة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم إنابة الدين"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن إنابة الدين تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن إنابة الدين تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الدين فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بإنابة الدين، وهي توضح تأثير إنابة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "آثار إنابة الدين"، وهي: النتائج التي تترتب على إنابة الدين، وقد نصت المادة على أن آثار إنابة الدين تشمل:

  • أولاً: "براءة ذمة المدين الأصلي"، والمقصود به: أن تبرأ ذمة المدين الأصلي من الدين، ولا يحق للدائن مطالبته بالدين مرة أخرى، إلا في حال الإنابة الناقصة.

  • ثانياً: "مسؤولية المناب"، والمقصود به: أن يصبح المناب مسؤولاً عن الدين، ويحق للدائن مطالبته بالدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الديون، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار إنابة الدين، وهي توضح تأثير آثار إنابة الدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "التعاقد على عمل الغير"، وهو: أن يتعاقد شخص مع شخص آخر، ويلتزم بأن يقوم شخص ثالث بعمل معين، وقد نصت المادة على أن التعاقد على عمل الغير يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان التعاقد "نيابة"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسم شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالتعاقد باسم الغير، ويرتب العقد آثاره في حق الغير.

  • ثانياً: إذا كان التعاقد "فضولاً"، والمقصود به: أن يتعاقد شخص باسمه، ولكن يكون العقد لمصلحة شخص آخر، ففي هذه الحالة يكون المتعاقد ملزماً بالعقد، ويرتب العقد آثاره في حقه، إلا إذا أجاز الغير العقد، ففي هذه الحالة يصبح العقد "صحيحاً"، ويرتب آثاره في حق الغير.

ويجدر التنبيه إلى أن التعاقد على عمل الغير يختلف عن التعاقد لمصلحة الغير في أن التعاقد على عمل الغير يتعلق بالتزام شخص ثالث، أما التعاقد لمصلحة الغير فيتعلق بإنشاء حق لشخص ثالث.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالتعاقد على عمل الغير، وهي توضح كيفية التعاقد على عمل الغير، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "آثار التعاقد على عمل الغير"، وهي: النتائج التي تترتب على العقد الذي يبرم على عمل الغير، وقد نصت المادة على أن آثار التعاقد على عمل الغير تشمل:

  • أولاً: "حق الغير في المطالبة بالعمل"، والمقصود به: أن يكون للغير الحق في المطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد، فلا يجوز للمتعاقد التراجع عن هذا العمل، إلا برضا الغير.

  • ثانياً: "حق المتعاقد في الرجوع عن العقد"، والمقصود به: أن يكون للمتعاقد الحق في الرجوع عن العقد الذي أبرمه على عمل الغير، بشرط أن لا يكون الغير قد قبل هذا العقد، ففي هذه الحالة يجوز للمتعاقد الرجوع عن العقد، ولا يرتب عليه أي أثر نظامي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع العقود، سواء كانت عقود معاوضات أو عقود تبرعات، وسواء كانت عقود رضائية أو عقود شكلية.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بآثار التعاقد على عمل الغير، وهي تحمي حقوق الغير، وتوفر له فرصة للمطالبة بالعمل الذي التزم به المتعاقد.

تتناول هذه المادة بيان "مفهوم الوفاء"، وهو: قيام المدين بتنفيذ التزامه، وهو الطريق الطبيعي لانقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الوفاء يكون بـ "أداء ما التزم به المدين"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه على الوجه المتفق عليه، فلا يجوز له أن يمتنع عن الوفاء، إلا في الحالات التي استثنتها المادة، وهي:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "مستحيلاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مستحيلاً تحقيقه، فلا يمكن للمدين أن ينفذ التزامه، فمثلاً: إذا تلف المبيع قبل التسليم، فلا يمكن للمدين تسليمه، في هذه الحالة ينقضي الالتزام دون وفاء.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بغير رضا الدائن"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه، ولكن دون رضا الدائن، ففي هذه الحالة لا يعد الوفاء صحيحاً، ولا ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن يكون الوفاء مطابقاً لما اتفق عليه الطرفان، فلا يكون فيه أي تغيير أو تعديل، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة معينة، فلا يجوز له تسليم سيارة أخرى.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "أثر الوفاء"، وهو: أن يترتب على الوفاء انقضاء الالتزام، فلا يحق للدائن المطالبة بالدين، ولا يحق للمدين الامتناع عن الوفاء.

وقد نصت المادة على أن الوفاء يؤدي إلى انقضاء الالتزام، فمثلاً: إذا قام المدين بتنفيذ التزامه، ينقضي الالتزام، ولا يحق للدائن المطالبة بالدين مرة أخرى.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بأثر الوفاء، وهي توضح تأثير الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "زمان الوفاء"، وهو: الوقت الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن زمان الوفاء يكون في الوقت المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في تاريخ معين، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذا التاريخ.

ويجدر التنبيه إلى أن زمان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين عند "ميسرة المدين"، أو "عند طلب الدائن"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بزمان الوفاء، وهي توضح تأثير زمان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مكان الوفاء"، وهو: المكان الذي يجب على المدين أن يوفي فيه بالدين، وقد نصت المادة على أن مكان الوفاء يكون في المكان المتفق عليه، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين في مدينة معينة، فيجب على المدين الوفاء بالدين في هذه المدينة.

ويجدر التنبيه إلى أن مكان الوفاء لا بد أن يكون "معلوماً"، والمقصود به: أن لا يكون مجهولاً، أو غير محدد، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين في "أي مكان"، أو "في مكان غير معلوم"، فهذا غير معلوم.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمكان الوفاء، وهي توضح تأثير مكان الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "كيفية الوفاء"، وهو: الطريقة التي يجب على المدين أن يوفي بها بالدين، وقد نصت المادة على أن كيفية الوفاء تكون بالطريقة المتفق عليها، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين نقداً، فيجب على المدين الوفاء بالدين نقداً.

ويجدر التنبيه إلى أن كيفية الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز الاتفاق على أن يكون الوفاء بالدين بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بكيفية الوفاء، وهي توضح تأثير كيفية الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "مصاريف الوفاء"، وهي: المصاريف التي تترتب على الوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أن مصاريف الوفاء تكون على المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن تكون مصاريف الوفاء على الدائن، ففي هذه الحالة تكون مصاريف الوفاء على الدائن.

ويجدر التنبيه إلى أن مصاريف الوفاء لا بد أن تكون "مشروعة"، والمقصود به: أن لا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، فمثلاً: لا يجوز أن تكون مصاريف الوفاء بمخدرات، أو بأسلحة غير مرخصة، ونحو ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بمصاريف الوفاء، وهي توضح تأثير مصاريف الوفاء على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بالتقسيط"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين على دفعات، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالتقسيط، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يكون الوفاء بالدين دفعة واحدة، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالتقسيط.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بالتقسيط، وهي توضح تأثير الوفاء بالتقسيط على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء قبل حلول الأجل"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بالدين قبل حلول الأجل، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بالدين قبل حلول الأجل.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء قبل حلول الأجل، وهي توضح تأثير الوفاء قبل حلول الأجل على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء الجزئي"، وهو: أن يقوم المدين بالوفاء بجزء من الدين، وقد نصت المادة على أنه لا يجوز الوفاء الجزئي، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن يجوز الوفاء الجزئي، ففي هذه الحالة يجوز الوفاء الجزئي.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء الجزئي، وهي توضح تأثير الوفاء الجزئي على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بغير المدين"، وهو: أن يقوم شخص آخر غير المدين بالوفاء بالدين، وقد نصت المادة على أنه يجوز الوفاء بغير المدين، إلا إذا وجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فمثلاً: إذا اتفق المتعاقدان على أن لا يجوز الوفاء بغير المدين، ففي هذه الحالة لا يجوز الوفاء بغير المدين.

ويجدر التنبيه إلى أن هذا الحكم ينطبق على جميع أنواع الالتزامات، سواء كانت عقوداً، أو إقرارات، أو إبراءات، أو غير ذلك.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بغير المدين، وهي توضح تأثير الوفاء بغير المدين على الالتزام.

تتناول هذه المادة بيان "إثبات الوفاء"، وهو: إثبات قيام المدين بتنفيذ التزامه، وقد نصت المادة على أن إثبات الوفاء يكون بـ "جميع طرق الإثبات"، والمقصود به: أن يجوز إثبات الوفاء بأي طريقة من طرق الإثبات المقررة نظاماً، مثل: الكتابة، والشهادة، والقرائن، والإقرار، واليمين، ونحو ذلك.

ويجدر التنبيه إلى أن إثبات الوفاء لا بد أن يكون "صحيحاً"، والمقصود به: أن لا يكون فيه أي شك أو تردد في دلالته على الوفاء، فمثلاً: لا يجوز إثبات الوفاء بشهادة شخص واحد، أو بقرينة ضعيفة، أو بإقرار غير صريح.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بإثبات الوفاء، وهي توضح كيفية إثبات الوفاء، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الوفاء بمقابل"، وهو: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، بشرط رضا الدائن، وقد نصت المادة على أن الوفاء بمقابل يكون في حالتين:

  • أولاً: إذا كان الوفاء "بشيء آخر"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم شيء آخر غير الذي التزم به، فمثلاً: إذا التزم المدين بتسليم سيارة، وقدم بدلاً منها مبلغاً من المال، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

  • ثانياً: إذا كان الوفاء "بمنفعة"، والمقصود به: أن يقوم المدين بتنفيذ التزامه بتقديم منفعة أخرى غير التي التزم بها، فمثلاً: إذا التزم المدين ببناء منزل، وقدم بدلاً منه خدمة أخرى، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة ينقضي الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الوفاء بمقابل لا بد أن يكون "برضا الدائن"، والمقصود به: أن يكون الدائن قد وافق على الوفاء بمقابل، فلا يجوز أن يكون الوفاء بمقابل بغير رضا الدائن.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالوفاء بمقابل، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة"، وهي: انقضاء التزامين متقابلين، بمقدار الأقل منهما، وقد نصت المادة على أن المقاصة تكون في حالتين:

  • أولاً: "مقاصة قانونية"، وهي: المقاصة التي تتم بقوة النظام، دون حاجة إلى اتفاق المتعاقدين، بشرط أن يكون الدينان "متقابلين"، و "متماثلين في النوع"، و "حالي الأداء"، و "خاليين من النزاع"، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، وكان الطرف الآخر مديناً له بمبلغ آخر، في هذه الحالة تتم المقاصة القانونية بين الدينين، وينقضي كل منهما بمقدار الأقل منهما.

  • ثانياً: "مقاصة اتفاقية"، وهي: المقاصة التي تتم باتفاق المتعاقدين، ويجوز أن تكون في غير الحالات التي تتم فيها المقاصة القانونية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز أن تتم المقاصة الاتفاقية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "المقاصة القضائية"، وهي: المقاصة التي تتم بحكم المحكمة، وقد نصت المادة على أنه يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية، وذلك في الحالات التي لا تتحقق فيها شروط المقاصة القانونية أو الاتفاقية، فمثلاً: إذا كان الدينان غير متماثلين في النوع، أو غير حالي الأداء، أو غير خاليين من النزاع، في هذه الحالة يجوز للمحكمة أن تقضي بالمقاصة القضائية بينهما.

ويجدر التنبيه إلى أن المقاصة القضائية تؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدينين بعد المقاصة.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالمقاصة القضائية، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الدين"، وهو: انقضاء دين بإنشاء دين جديد محله، وقد نصت المادة على أن تجديد الدين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد حقيقي"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، أو استبدال المدين بمدين آخر، أو استبدال الدائن بدائن آخر، في هذه الحالة يتم تجديد الدين حقيقياً.

  • ثانياً: "تجديد صوري"، وهو: أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الدين، أو في محل الدين، أو في سبب الدين، ولكن يكون ذلك صورياً، والمقصود به: أن لا يكون هناك تغيير حقيقي، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم اتفق الطرفان على استبدال هذا الدين بدين آخر، ولكن يكون ذلك صورياً، ففي هذه الحالة لا يتم تجديد الدين، ويبقى الدين القديم قائماً.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الدين يؤدي إلى "انقضاء الدين"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الدين القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الدين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "تجديد الطرفين"، وهو: انقضاء التزام بإنشاء التزام جديد محله، بشرط أن يكون هناك تغيير في أحد أطراف الالتزام، وقد نصت المادة على أن تجديد الطرفين يكون في حالتين:

  • أولاً: "تجديد المدين"، وهو: أن يحل مدين جديد محل المدين القديم، ويصبح المدين القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد المدين، وينقضي الالتزام عن المدين القديم، وينشأ التزام جديد على المدين الجديد.

  • ثانياً: "تجديد الدائن"، وهو: أن يحل دائن جديد محل الدائن القديم، ويصبح الدائن القديم غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم حل شخص آخر محله، وقبل المدين ذلك، في هذه الحالة يتم تجديد الدائن، وينقضي الالتزام عن الدائن القديم، وينشأ التزام جديد للدائن الجديد.

ويجدر التنبيه إلى أن تجديد الطرفين يؤدي إلى "انقضاء الالتزام"، فلا يترتب أي أثر نظامي على الالتزام القديم بعد التجديد.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بتجديد الطرفين، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الإنابة في الوفاء"، وهي: أن يقوم شخص بتنفيذ التزام شخص آخر، وقد نصت المادة على أن الإنابة في الوفاء تكون في حالتين:

  • أولاً: "إنابة كاملة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، بحيث يصبح المدين الأصلي غير مسؤول عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، وقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة كاملة، وينقضي الالتزام عن المدين الأصلي.

  • ثانياً: "إنابة ناقصة"، وهي: أن يحل الشخص محل المدين الأصلي في تنفيذ الالتزام، ولكن يبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام، فمثلاً: إذا كان شخص مديناً لآخر بمبلغ معين، ثم أناب شخصاً آخر بتنفيذ الالتزام، ولم يقبل الدائن ذلك، في هذه الحالة تصبح الإنابة ناقصة، ويبقى المدين الأصلي مسؤولاً عن الالتزام.

ويجدر التنبيه إلى أن الإنابة في الوفاء تختلف عن الحوالة في أن الحوالة تتعلق بانتقال الدين، أما الإنابة في الوفاء فتتعلق بتنفيذ الدين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالإنابة في الوفاء، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة بيان "الصلح"، وهو: عقد يرفع النزاع، ويقطع الخصومة، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، وقد نصت المادة على أن الصلح يكون في حالتين:

  • أولاً: "صلح على إقرار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إقرار المدين بالدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام.

  • ثانياً: "صلح على إنكار"، وهو: أن يكون الصلح على أساس إنكار المدين للدين، ففي هذه الحالة يكون الصلح قاطعاً للنزاع، ويؤدي إلى انقضاء الالتزام، ولكن لا يعد إقراراً بالدين.

ويجدر التنبيه إلى أن الصلح لا بد أن يكون "برضا الطرفين"، والمقصود به: أن يكون الصلح قد تم بموافقة الطرفين، فلا يجوز أن يكون الصلح بغير رضا الطرفين.

وتعد هذه المادة من أهم المواد المتعلقة بالصلح، وهي توضح كيفية انقضاء الالتزام، وتعدد طرقه.

تتناول هذه المادة أثر تعدد الدائنين بدين واحد على وقف مدة التقادم، وفي هذا يتعين التفرقة بين حالتين: الحالة الأولى: أن يتعدد الدائنون بدين واحد ويكون الدين قابلاً للانقسام، فلا يستفيد من وقف سريان مدة التقادم للعذر إلا من توفر في حقه العذر منهم دون بقية الدائنين، وإن توفر العذر فيهم جميعاً فيستفيدوا منه جميعاً. والحالة الثانية: أن يتعدد الدائنون بدين واحد ويكون الدين غير قابل للانقسام، فإن توفر العذر بحق أحد الدائنين فيستفيد منه بقية الدائنين في وقف مدة التقادم. وأما عن حالة تعدد المدينين بدين واحد تضامناً أو لعدم قابلية الدين للانقسام؛ فقد نظمتها المادة (۲۳۰) من النظام، والتي قررت أن الدائن في حال تضامن المدينين لا يستطيع له التمسك بالعذر الذي يوقف التقادم إلا في مواجهة المدين الذي تحقق بشأنه العذر.

تتناول المادة الحالات التي تنقطع فيها مدة التقادم وانقطاع مدة التقادم يقصد به: حدوث سبب يرجع إما للمدين أو للدائن أثناء سريان مدة التقادم، يؤدي إلى إلغاء المدة التي كانت سارية قبل حدوث هذا السبب، فإذا ما زال هذا السبب تبدأ مدة التقادم من جديد دون حساب المدة السابقة على سبب الانقطاع. ومن هذا التعريف يتبين الاختلاف الجوهري بين الانقطاع والوقف؛ فالوقف لا يؤثر على المدة السابقة على سبب الوقف وتستكمل مدة التقادم بعد زوال سبب الوقف، أما الانقطاع فيبدأ سريان مدة تقادم جديدة بعد زوال سبب الانقطاع ويزول كل ما كان للمدة السابقة على الانقطاع من أثر. وحددت المادة أسباب الانقطاع على سبيل الحصر؛ وهي: السبب الأول: إقرار المدين بالحق صراحة أو ضمناً؛ فالإقرار الذي يصدر من المدين بالحق يتضمن نزولاً منه عن مدة التقادم التي انقضت قبل صدوره، ومن ثم تبدأ مدة جديدة من تاريخ هذا الإقرار. وإقرار المدين قد يكون صريحاً، ولا يشترط فيه شكل معين؛ فيصح أن يكون شفاهة أو مكتوباً في محرر رسمي أو عادي؛ بل يصح أن يكون في رسائل متبادلة بين المدين والدائن، ويصح أن يرد في اتفاق مع الغير كأن يبرم عقد حوالة لدينه مع الغير، ويصح إقرار المدين بالعقد الباطل متى كان الإقرار لم يلحقه عيب من العيوب التي تبطله. وقد يكون الإقرار ضمنياً يستفاد من تصرفات المدين التي تدل على إقراره بحق الدائن ومن أمثلة ذلك تقديمه للدائن كفيلاً أو رهناً حيازياً ضماناً للوفاء، أو طلبه من الدائن أجلاً للوفاء، أو دفعه قسطاً من الدين، أو طلبه المقاصة بين الدين الذي عليه وما هو مستحق له في ذمة الدائن من ديون. وتجدر الإشارة إلى أن رفع المدين دعوى يطالب فيها ببراءة ذمته لا يعد إقراراً ضمنياً منه بالحق. وتقدير ما إذا كان الإقرار الضمني هو إقرار بالحق من عدمه هو أمر يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة، ولكن يتعين عليها إذا رفضت قبول الإقرار الضمني أن تبين أسباب ذلك في حكمها، وذلك ضماناً لرقابة المحكمة الأعلى درجة عليها. والسبب الثاني: مطالبة الدائن بحقه أمام القضاء؛ فالمطالبة القضائية تعد دليلاً على تمسك الدائن بحقه، كما أنها تنفي قرينة الوفاء ؛ وهي إحدى الأسس التي يستند عليها في تبرير عدم سماع الدعوى للتقادم. ويقصد بالمطالبة القضائية الدعوى التي يقيمها الدائن أمام القضاء للمطالبة بحقه سواء كان هذا الحق شخصياً أو عينياً، ويعد مطالبة قضائية كذلك أي دعوى تقام أمام الجهات ذات الاختصاص القضائي. وتنتج المطالبة القضائية أثرها حتى ولو رفعت أمام محكمة غير مختصة، وعلة ذلك عدم معاقبة الدائن على جهله بقواعد الاختصاص التي قد لا تكون معلومة للكافة. ويشترط لتنتج المطالبة القضائية أثرها في قطع التقادم أن تكون صريحة واضحة الدلالة على تمسك الدائن بحقه في مواجهة المدين، وأن تكون متعلقة بموضوع الحق. وهناك حالات لا تنتج فيها المطالبة القضائية أثرها في قطع التقادم وهي: -1- إذا حكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تعجيلها بعد الشطب، وذلك وفقاً للمادة (55) من نظام المرافعات الشرعية. -2- إذا تم وقف الخصومة ولم يتم طلب السير فيها وحكم باعتبار المدعي تاركاً دعواه، وذلك وفقاً للمادة (86) من نظام المرافعات الشرعية. -3- إذا ترك المدعي دعواه، وذلك وفقاً للمادة (93) من نظام المرافعات الشرعية. -4- إذا حكم بعدم قبول الدعوى لبطلان صحيفة الدعوى. 5- إذا قضي برفض الدعوى موضوعاً، لعدم أحقية الدائن فيما يطلبه. 6- إذا قضي بعدم قبول الدعوى لعدم توفر المصلحة، أو الصفة. السبب الثالث: أي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه، ويشترط أن يكون هذا الإجراء متعلقاً بالحق الذي يطالب الدائن باقتضائه من المدين. ومن أمثلة هذه الإجراءات تقدم الدائن بطلب عارض في دعوى مقامة من مدينه عليه لاستيفاء حقه، أو أن يتدخل الدائن في إحدى الدعاوى للمطالبة بحقه من المدين. ومن أمثلة الإجراء القضائي كذلك إعلان المدين بالسند التنفيذي، والتقدم بطلب لقاضي التنفيذ للتنفيذ على أموال المدين، أو لاتخاذ إجراءات الحجز التحفظي، أو لحجز ما للمدين لدى الغير، والطلب الذي يتقدم به الدائن للدخول في تفليسة المدين أو توزيع أمواله.

جاءت المادة لتبين أثر انتقال الالتزام للخلف على المدة المقررة للتقادم، فقررت أن انتقال الالتزام لا يؤدي لانقطاع مدة التقادم، فهو ليس من أسباب انقطاع مدة التقادم الواردة في المادة $(Y\cdot Y)$ فالخلف يتلقى عن السلف الحق بصفاته بما في ذلك مدة تقادمه، ويستوي في حكم هذه المادة انتقال الحق إلى الخلف الخاص أو الخلف العام، سواء كان انتقال هذا الحق بناء على تصرف نظامي كحوالة الحق، أو البيع، أو الوصية أو بناء على واقعة نظامية كالإرث. ومثال ذلك الوارث تسري في حقه مدة التقادم التي بدأت في حياة مورثه؛ فلو كان الدين مما يتقادم الحق فيه في عشر سنوات، وتوفي المورث بعد مرور خمس سنوات فلا يكون أمام الوارث إلا خمس سنوات للمطالبة بالدين.

تتناول المادة الأثر المترتب على انقطاع مدة التقادم؛ فقررت الفقرة الأولى القاعدة العامة في ذلك وهي أنه بانقطاع مدة التقادم لأي من الأسباب المبينة في المادة (۳۰۲) فيبدأ حساب مدة جديدة للتقادم مماثلة للمدة الأولى، وتبدأ هذه المدة من انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع، فإذا كان الانقطاع بسبب إقرار المدين فتبدأ مدة جديدة عقب هذا الإقرار، وإذا كان الانقطاع بسبب المطالبة القضائية وحكم للدائن بطلباته أو حكم بعدم الاختصاص فتبدأ مدة جديدة بعد صدور هذا الحكم، وإذا كان الانقطاع بسبب إجراء قضائي آخر فتبدأ المدة الجديدة بعد انتهاء أثر هذا الإجراء، وفي جميع ذلك يكون بدء حساب المدة الجديدة من اليوم التالي لانتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع؛ تطبيقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة (۲۹۹). وتكون مدة التقادم الجديدة مماثلة للمدة السابقة؛ فإذا كان الحق مما تتقادم فيه الدعوى في عشر سنوات، فتكون المدة الجديدة عشر سنوات أيضاً، وإذا كان من الحقوق ذات التقادم الخمسي أو السنوي فتكون المدة الجديدة هي الأخرى كذلك خمس سنوات أو سنة واجدة. واستثنت الفقرة الثانية من القاعدة العامة الواردة في الفقرة الأولى وهي كون المدة الجديدة للتقادم بعد زوال سبب الانقطاع مماثلة للمدة السابقة - حالتين: الحالة الأول: إذا انتهى السبب الذي قطع التقادم السابق بصدور حكم قضائي بالحق؛ فتبدأ مدة جديدة من صدور هذا الحكم، وتكون هذه المدة عشر سنوات؛ أياً كانت مدة التقادم السابقة حتى ولو كانت مدة التقادم السابقة خمس سنوات أو سنة واحدة؛ وذلك لأن صدور الحكم يقوي الحق، وينفي قرينة الوفاء التي كانت مبرراً لتقصير مدد التقادم في تلك الحقوق. ويستثنى من هذه الحالة ما إذا كان الحق المحكوم به متضمناً لالتزامات دورية متجددة لا تستحق الأداء إلا بعد صدور الحكم فتكون مدة التقادم الجديدة لها مماثلة للمدة الأولى أي خمس سنوات؛ فمثلاً لو تضمن الحكم إلزاماً للمستأجر بالمستحق من الأجرة حتى صدور الحكم، وبما يستحق منها من حين صدور الحكم إلى وقت التنفيذ؛ فالمستحق من الأجرة تتقادم فيه الدعوى بعشر سنوات؛ لأنه فقد صفة الدورية والتجدد، وأما ما يستحق بعد صدور الحكم فتكون مدة تقادمه خمس سنوات؛ لأنه محتفظ بصفة الدورية والتجدد. والحالة الثانية: إذا كان الحق من الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (٢٩٦) أو كان من الحقوق الواردة في المادة (۲۹۷) وهذه الحقوق وفقاً لهاتين المادتين نوعان: النوع الأول: حقوق أصحاب المهن الحرة عما أدوه من عمل متصل بمهنهم وما أنفقوه من نفقة، ويتقادم هذا النوع من الحقوق في خمس سنوات. والنوع الثاني: حقوق التجار عن السلع والخدمات المقدمة لأشخاص لا يتجرون فيها، وحقوق أصحاب المنشآت المعدة لإيواء النزلاء والمطاعم ومن في حكمهم الناشئة عن ممارسة تلك الأنشطة، وحقوق الأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قدموه من أشياء. ويتقادم هذا النوع من الحقوق في سنة واحدة. ففي كلا هذين النوعين من الحقوق، إذا انقطعت مدة التقادم بسبب إقرار المدين فتبدأ مدة جديدة ولكنها خلافاً للقاعدة العامة ليست مماثلة لمدة التقادم الأولى وهي خمس سنوات في الحقوق من النوع الأول وسنة واحدة في الحقوق من النوع الثاني؛ بل تكون المدة الجديدة عشر سنوات تبدأ عقب هذا الإقرار ؛ لانتفاء قرينة الوفاء التي كانت مبرراً لتقصير التقادم في هذه الحقوق، وهذا الحكم موافق لما تضمنه حكم المادة (۲۹۸). وأما إذا انقطع تقادم أي من هذين النوعين بغير الإقرار، كما لو كان الانقطاع بمطالبة قضائية وانتهت بعدم الاختصاص، فتكون المدة الجديدة مماثلة للمدة الأولى وفقاً للقاعدة العامة المقررة في الفقرة الأولى من المادة. والأصل أن انقطاع التقادم لا يتعدى أثره على النحو المبين إلى غير الدائن ولا إلى غير الحق الذي انقطع تقادمه، أما كون أثره لا يتعدى الدائن؛ فمن تطبيقات ذلك لو كان الدين مشتركاً بين عدة دائنين كورثة مثلاً، وهو قابل للانقسام بينهم، وقطع أحدهم التقادم فلا يستفيد منه بقية الورثة، ومن تطبيقاته كذلك لو قطع الدائن مدة التقادم في مواجهة المدين الأصلي لم ينقطع ضد الكفيل، وإذا قطعه في مواجهة الكفيل لم ينقطع ضد المدين الأصلي، وإذا قطع التقادم في مواجهة أحد المدينين المتضامنين لم ينقطع ضد بقية المدينين المتضامنين، ولكن إذا قطع الدائن المتضامن التقادم استفاد من ذلك بقية الدائنين المتضامنين؛ إعمالاً لمبدأ النيابة التبادلية فيما ينفع في التضامن. وأما كون قطع التقادم لا يؤثر إلا في الحق الذي قطع فيه التقادم، فهذا هو الأصل؛ إذ لا يسري قطع التقادم إلى الحقوق الأخرى القائمة بين الدائن والمدين؛ فلو كان للدائن عدة حقوق في ذمة المدين، وأقر بأحدها فينقطع التقادم في ذلك الحق دون ما عداه من الحقوق، غير أنه إذا كان الحق واحداً ولكن ينشأ عنه دعويان مختلفتان ضد مدين واحد؛ فقطع التقادم في إحداهما ينقطع به تقادم الأخرى؛ مثال ذلك حق المشتري في ضمان العيب بأن يطلب الفسخ أو إنقاص الثمن، فلو قطع المشتري التقادم في دعوى الفسخ انقطع تبعاً لذلك في دعوى إنقاص الثمن، ولو قطعه في دعوى إنقاص الثمن انقطع كذلك في دعوى الفسخ.

تناولت المادة في فقراتها الثلاث حكم الاتفاق على تقصير مدة التقادم أو إطالتها، وحكم نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم. فجاءت الفقرة الأولى لتقرر عدم جواز الاتفاق على تقصير مدة التقادم أو إطالتها، سواء كان هذا الاتفاق عند نشوء الدين أو بعد نشوئه، وهذا الاتفاق إن وقع يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً؛ فللمحكمة من تلقاء نفسها ودون طلب من أحد الخصوم إبطاله وعدم سريانه وتطبق على الدعوى المنظورة أمامها مدة التقادم المنصوص عليها في النظام متى تمسك بها المدين أو ذو المصلحة. والحكمة من هذا أن تعيين مدة التقادم أمر يتعلق بالنظام العام، وراعى المنظم في تعيينها اعتبارات تتعلق بالصالح العام واستقرار المعاملات وطبيعة الديون والعلاقات بين أطرافها، وترك تعيين هذه المدة لاتفاق الأطراف يتنافى مع الغاية التي قصدها المنظم من تعيين هذه المدد. وجاءت الفقرة الثانية لتبين عدم جواز نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم قبل ثبوت حقه فيه؛ فهذا النزول يعد باطلاً ؛ لمخالفته للنظام العام؛ فللمحكمة من تلقاء نفسها ألا تعمل أثره وأن تقبل دفع المدين أو ذي المصلحة بعدم سماع الدعوى للتقادم. ووفقاً لما تضمنته المادة؛ إذا كان نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم بعد انقضاء مدة التقادم فإنه يكون صحيحاً وملزماً للمدين لا يستطيع الرجوع فيه؛ إذ هو تصرف من جانب واحد لا يتوقف على قبول الدائن. ولم تشترط الفقرة لصحة النزول عن التمسك بالتقادم متى كان بعد ثبوت الحق فيه أن يكون صريحاً؛ وعلى هذا فيصح أن يكون النزول صريحاً، ولا يشترط له شكل معين، فقد يكون مكتوباً أو مشافهة، كما يصح أن يكون ضمنياً يستخلص من تصرفات المدين، إلا أن هذا النزول لا يفترض إذ الأصل عدمه، ولذا فإنه في حال الشك يفسر لمصلحته؛ لأنه من يتحمل عبء هذا النزول. ولا يعد مجرد تأخر المدين في الدفع بالتقادم في مواجهة دعوى ترفع ضده نزولاً ضمنياً منه عن الدفع به ما لم يستخلص من ظروف تأخره عن الدفع به نزوله عنه؛ وإلا فإن للمدين الحق في أن يدفع بالتقادم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى. ومن أمثلة النزول الضمني سداد المدين جزءاً من الدين وطلبه الإمهال لسداد الباقي، أو تقديمه رهناً أو كفيلاً للدين بعد انقضاء مدة التقادم. ويترتب على النزول عن التمسك بالتقادم سريان مدة جديدة تبدأ من تاريخ هذا النزول، وتكون المدة الجديدة بحسب طبيعة الدين؛ فإن كان مما يتقادم بعشر سنوات فتكون المدة الجديدة كذلك، وإذا كان من الحقوق الدورية المتجددة فتكون المدة الجديدة خمس سنوات، وإذا كان من الحقوق الواردة في الفقرة (أ) من المادة (٢٩٦) أو الواردة في المادة (۲۹۷) وهي حقوق أصحاب المهن الحرة وحقوق التجار وأصحاب منشآت الإيواء والمطاعم وحقوق الأجراء، فتكون المدة الجديدة عشر سنوات؛ لانتفاء قرينة الوفاء التي كانت مبرراً لتقصير تقادم هذه الحقوق. وتجدر الإشارة إلى أن المدين قد ينزل عن حقه في التمسك بالتقادم أثناء سريان مدة التقادم، وهذا النزول يكون صحيحاً فيما يتعلق بالمدة التي انقضت؛ لأنه نزول عن حق ثبت له؛ ويكون باطلاً فيما يتعلق بالمدة الباقية لاكتمال التقادم؛ لأنه نزول عن مدة مستقبلة لم يثبت للمدين حق فيها؛ ومن ثم تزول المدة التي انقضت بالنزول عنها، ولا يعتد بها في حساب التقادم ويبدأ تقادم جديد يسري من وقت النزول عن المدة التي انقضت، لا من وقت اكتمال التقادم السابق. وجاءت الفقرة الثالثة لتقرر أن نزول المدين عن حقه في التمسك بالتقادم تجاه أحد الدائنين يسري من حيث الأصل في حق بقية الدائنين، ويستثنى من ذلك أن يكون في هذا النزول إضرار ببقية الدائنين، كما لو كان يترتب على هذا النزول أن أموال المدين لا تكفي السداد جميع الديون المستحقة عليه إذا ضم له الدين الذي نزل عن التمسك بتقادمه، ففي هذه الحالة يجوز لدائني المدين أن يطعنوا في هذا النزول عن طريق دعوى عدم نفاذ تصرفه في حقهم حتى إذا صدر الحكم لصالحهم تمسكوا بتقادم حق هذا الدائن عن طريق الدعوى غير المباشرة، وفق ما سيأتي بيانه في المادة التالية (٣٠٦).

تتناول هذه المدة بيان من له الحق في التمسك بالدفع بالتقادم، فقررت المادة أن المحكمة ليس من حقها أن تقضي بعدم سماع الدعوى للتقادم من تلقاء نفسها، ويترتب على ذلك ما يلي: -1- أن هذا الدفع رغم أن تقريره يرجع لاعتبارات تتعلق بالصالح العام، إلا أنه ليس من النظام العام؛ بل هو مقرر لمصلحة المدين فهو أولى أن يتمسك به. -2- إذا لم يتمسك المدين أو ذو المصلحة بهذا الدفع أمام المحكمة، فتنظر في الدعوى وفقاً للإجراءات المعتادة، ولا يحق للمحكمة أن تنبه أطرافها لهذا الدفع لكون ذلك يعد توجيها منها لأحد الخصوم وهو محظور عليها. وقررت المادة أن الحق في التمسك بالتقادم لا يثبت إلا لمن توفرت فيه إحدى صفتين وهما: أولاً: المدين وهو الملتزم الأصلي بالدين، والتمسك بهذا الدفع وفقاً لهذه الصفة، لا يقتصر على المدين وحده بل يمتد ليشمل كلاً من خلفه العام كالوارث، أو خلفه الخاص كالمحال عليه بالدين، مع مراعاة أن انتقال الحقوق إليهم لا يؤثر على سريان مدة التقادم. وثانياً: أن يكون لمن يتمسك بالتقادم مصلحة في ذلك، كالكفيل، والمدين المتضامن والحائز للعقار المرهون، ودائن المدين إذا كان الدين الذي تقادم أعلى رتبة من دين هذا الدائن برهن أو امتياز ونحو ذلك أو أنه يزاحم دينه على وجه يضر به؛ كأن تكون أموال المدين لا تفي بالدينين، فيحق لدائن المدين في هذه الحالة التمسك بالتقادم عن طريق الدعوى غير المباشرة. ويحق لدائني المدين كذلك دعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حقهم متى توفرت شروطها ضد الدائن الذي نزل المدين تجاهه عن حقه في التمسك بالتقادم؛ ليتمكنوا بعد صدور الحكم في هذه الدعوى من مطالبة الدائن برد الدين عن طريق الدعوى غير المباشرة متى توفرت شروطها. فكل من توفرت له المصلحة في تطهير ذمة المدين من الدين له أن يتمسك بالتقادم. والنطاق الزمني لممارسة المدين أو كل ذي مصلحة حقه في الدفع بالتقادم يشمل جميع مراحل الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى، وأمام محكمة الاستئناف حتى لو لم يتمسك به أمام محكمة الدرجة الأولى. ومناقشة المدين أو ذي المصلحة لموضوع الدعوى لا يسقط حق أي منهما في التمسك بهذا الدفع، لكون الدفع في هذه الحالة دفع موضوعي متعلق بمحل الدعوى وهو الدين، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام المحكمة العليا باعتباره من الدفوع الموضوعية التي لا يجوز التمسك بها لأول مرة أمام هذه المحكمة ما لم يكن قد تم التمسك به أمام محكمة الدرجة الأولى أو محكمة الاستئناف. ولا يشترط لطلب عدم سماع الدعوى من المدين أو ذي المصلحة شكل معين، فيكفي أن يتمسك به في صحيفة الدعوى أو في صحيفة الاستئناف، أو في مذكرات الدفاع المقدمة للمحكمة، أو يثبت هذا الدفع بمحضر الجلسة. ويراعى أن هذا الدفع لا تستطيع المحكمة استنباطه ضمنياً من تصرفات المدين أو ذي المصلحة، بل يتعين على أي منهما أن يتمسك به صراحة أمام المحكمة، والحكمة من هذا أن عدم تمسك المدين أو ذي المصلحة صراحة بهذا الدفع تقوم معه قرينة على أن عدم تمسكه به نزول ضمني عن هذا الحق وفق ما سبق بيانه.

يستخلص من تعريف البيع في هذه المادة أن عقد البيع من عقود المعاوضة، الناقلة للملكية، وهو من العقود الرضائية التي لا يشترط لانعقادها شكل خاص. وعقد البيع عقد ملزم لطرفيه ليس لأحدهما أن يستقل بفسخه دون رضا الطرف الآخر. ومحل الالتزام في عقد البيع نقل حق عيني، وقد يكون هذا الحق حق ملكية وهذا هو الأصل والأغلب في البيع، أو يكون حقاً عينياً آخر، كحق الانتفاع. وقد يكون المحل حقاً شخصياً قائماً، كما في حوالة الحق إذا كانت حوالة الحق بعوض نقدي وكان الحق المحال به يتضمن التزاماً بنقل حق عيني. والقيد الوارد في المادة بأن يكون التمليك مقابل ثمن نقدي" أخرج عقد المقايضة.

تناولت الفقرة الأولى وجوب علم المشتري بالمبيع عند العقد، وهو أمر زائد على شرط تعيين المحل؛ فإذا وقع البيع دون تعيين المبيع لا بذاته ولا بنوعه ومقداره فالعقد باطل، وإذا عين بالذات وجب أن يكون المشتري عالماً به إما برؤيته أو بالوصف النافي للجهالة، وذلك ببيان صفاته المميزة له. وذكرت الرؤية لأنها طريق العلم في الغالب، وإلا فإذا كان غيرها من أدوات الإدراك يقوم مقامها فإنه يكفي في تحقق العلم؛ فاللمس من الأعمى فيما يتحقق بلمسه العلم مثلاً يغني عن المشاهدة، وما يكون مقصوداً فيه رائحته أو ذوقه يكفي فيه كذلك الشم أو الذوق، ونحو ذلك، ولا يلزم للرؤية أن تكون بشكل مباشر ؛ فإذا أمكنت رؤية المبيع عبر التقنيات الحديثة فيتحقق بها العلم. والنص على أن العلم يتحقق بالوصف النافي للجهالة دون رؤية المبيع حسم فيه المنظم جدلاً فقهياً في حكم بيع المعين بالذات إذا لم يكن المشتري قد رآه، وهل يثبت للمشتري خيار الرؤية أم لا؟ وقد أخذ المنظم بصحة البيع وليس للمشتري طلب إبطال البيع متى وصف له المبيع وصفاً نافياً للجهالة ولو لم يره. وبينت الفقرة الثانية أن المشتري لا حق له في طلب إبطال البيع لعدم العلم بالمبيع متى رأى المبيع أو وصف له وصفاً يميزه، ويغني عن ذلك أن يذكر في العقد أنه عالم بالمبيع فيعد العلم متحققاً بإقراره؛ ولا يكون له حق في طلب إبطال البيع لعدم العلم؛ إلا إذا أثبت تغرير البائع به؛ كأن يكون إقراره بالعلم بناء على وصف البائع للمبيع أو بناء على صور للمبيع دون أن يراه المشتري وأثبت أن البائع دلس عليه في وصفه أو تصويره. ويستخلص من الفقرة أن المبيع إذا عين بالذات؛ فليس للمشتري طلب إبطال البيع بدعوى عدم العلم إلا في حالتين: الحالة الأولى: إذا لم يكن المبيع معلوماً له لا برؤية ولا وصف ناف للجهالة، ولم يذكر في العقد أنه عالم به؛ فله طلب الإبطال متى تحققت شروط الإبطال للغلط في وصف جوهري في المبيع لولاه لم يرض بالبيع، وتسري عليه الأحكام المقررة هناك، ومن ذلك ما نصت المادة (5): (لا يعتد بغلط المتعاقد إلا إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع معه في الغلط نفسه أو علم بوقوعه فيه أو كان من السهل عليه أن يتبينه). والحالة الثانية: إذا أثبت المشتري تغرير البائع به؛ فله طلب الإبطال ولو كان قد أقر بعلمه بالمبيع، وتسري على هذه الحالة أحكام الإبطال للتغرير في وصف جوهري في المبيع لولاه لم يرض بالبيع.

تناولت المادة حكم البيع إذا عُين المحل عن طريق تقديم عينة له (الأنموذج)، حيث إن العينة تعد وسيلة من وسائل تحقيق العلم للمشتري بالمبيع، وتغني عن تعيين أوصافه. فبينت الفقرة الأولى أنه يجب أن يكون المبيع مطابقاً للعينة، على أن الاختلاف اليسير بين العينة والمبيع لا ينفي تحقق المطابقة بينهما ما دام التطابق حاصلاً في الخصائص التي قصدها المتعاقدان، وكان الاختلاف في خصائص غير مقصودة في محل التعاقد. وبينت الفقرة الثانية من يكون عليه عبء إثبات تحقق مطابقة المبيع للعينة فيما إذا فقدت العينة أو تلفت وادعى المشتري عدم مطابقة المبيع لها، وذلك على النحو الآتي: أولاً: إذا فقدت العينة أو تلفت وهي في يد المشتري وادعى البائع أن المبيع مطابق للعينة وادعى المشتري عدم المطابقة؛ فالقول قول البائع؛ ما لم يثبت المشتري عدم المطابقة. ثانياً: إذا فقدت العينة أو تلفت وهي في يد البائع وادعى أن المبيع مطابق للعينة وادعى المشتري عدم المطابقة؛ فالقول قول المشتري؛ ما لم يثبت البائع المطابقة. وبناء على هذا؛ فعبء الإثبات يكون على من تسبب في عدم إمكانية تحقق المطابقة بسبب هلاك العينة أو فقدها وهي في يده.

تناولت المادة جواز البيع بشرط التجربة، بأن يتفق المتعاقدان على أن يكون للمشتري الحق في استعمال المبيع؛ كقيادة السيارة أو لبس الثوب ونحو ذلك؛ للتأكد من صلاحيته للغرض الذي يُستخدم فيه عادة، أو للتأكد من ملاءمته لرغبة المشتري وحاجته الشخصية. وقد يكون شرط التجربة صريحاً؛ وهذا هو الغالب، وقد يكون ضمنياً يستخلص من طبيعة المبيع أو من ظروف التعاقد أو قد يستقر العرف في أشياء معينة أن يكون شراؤها مشروطاً بالتجربة. وبينت المادة أن مدة التجربة قد يعينها المتعاقدان صراحة عند التعاقد، وقد يتفقان على أن البيع بشرط التجربة دون أن يعينا مدتها؛ فتحمل على المدة المعتادة للتجربة. والنص على أن للمشتري فسخ البيع" يفيد أن النظام أخذ بأن الأصل في شرط التجربة أنه شرط فاسخ؛ فتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري وتنفذ جميع آثار البيع فور انعقاده، وإذا تحقق الشرط الفاسخ برفض المشتري المبيع وإعلامه البائع بالرفض زال البيع بأثر رجعي من وقت انعقاده، واعتبر المشتري كأنه لم يملك المبيع واعتبر البائع هو المالك منذ البداية. ويجب في البيع بشرط التجربة أن يُمكن البائع المشتري من تجربة المبيع، ولا يلزم أن يجربه المشتري فعلياً، بل يكفي أن يمكنه البائع منها ، ويحق للمشتري أن يفسخ البيع ولو لم يجرب المبيع إلا أنه ملزم بأن يُعلم البائع بالفسخ خلال مدة التجربة. ودلت المادة على أن البيع بشرط التجربة يقتضي عند الإطلاق أن حق المشتري في رفض المبيع يكون بمجرد عدم مناسبته له، فهو وحده من يقرر ما إذا كان المبيع مناسباً ويحقق الحاجة التي يبتغيها من شراء المبيع أم لا، أما إذا تبين من ظروف العقد أن المتعاقدين قصدا لزوم البيع بمجرد ثبوت صلاحية المبيع للغرض الذي يستخدم فيه عادة؛ ففي هذه الحالة لا يجوز للمشتري أن يتحكم في نتيجة التجربة، بل إن المشتري يلزم بالبيع متى أثبت البائع صلاحية المبيع للغرض الذي يستخدم فيه عادة.

بينت المادة الحالات التي يسقط فيها حق المشتري في الفسخ في البيع بشرط التجربة والأثر المترتب على سقوط حق الفسخ؛ وهذه الحالات هي: 1 - إذا أسقط المشتري حقه في الفسخ صراحة أو ضمناً، ومثال إسقاط حقه ضمناً: لو باع المبيع في مدة التجربة، فتصرفه هذا دليل على قبوله المبيع، وإسقاط حقه في الفسخ.

  • إذا تجاوز المشتري في استعمال المبيع حد التجربة، فاعتبر النظام ذلك قرينة على قبول المشتري المبيع وسقوط حقه في الفسخ، مثل أن يكون استعمال السيارة التي وقع عليها البيع داخل المدينة كافياً لتحقيق الغرض من التجربة، إلا أن المشتري تجاوز ذلك بالسفر بها إلى خارج المدينة. 3- هلاك المبيع أو تلفه بفعل المشتري ولو كان ذلك قبل التسليم؛ لأن المشتري يعد متسلماً للمبيع ويتحمل تبعة هلاكه متى وقع الهلاك بفعله، بمقتضى المادة (327)، ولأن المبيع في مدة التجربة في ملك المشتري؛ إذ لا يتوقف انتقال الملكية على قبوله للمبيع. 4- هلاك المبيع أو تلفه بعد تسلم المشتري له حتى ولو كان الهلاك بغير فعله كقوة قاهرة؛ لأن المبيع في ملك المشتري وتبعة الهلاك تنتقل إليه بالتسليم. ه - انتهاء مدة التجربة المتفق عليها دون أن يعلم المشتري البائع فسخه للبيع، وإذا لم تكن المدة محددة بالاتفاق فبانتهاء المدة المعتادة للتجربة، وذلك ما لم يكن سكوت المشتري عن الفسخ حتى انتهاء المدة بسبب عدم تمكنه من تجربة المبيع؛ فلا يسقط حقه في الفسخ بانتهاء المدة، بل تبقى له مدة يتمكن فيها من التجربة بقدر المدة المتفق عليها. ومتى سقط حق المشتري في الفسخ في أي من الحالات السابقة فإن البيع يكون لازماً في حقه، أي يصبح العقد باتاً ليس له العدول عنه. وعبارة (مستنداً إلى وقت انعقاده تأكيد على نفاذ البيع من وقت انعقاده، ولا تعني أن البيع لم يكن نافذاً ثم نفذ بأثر رجعي بسقوط حق الفسخ؛ فأثر سقوط حق الفسخ هو في أن العقد أصبح باتاً وليس في بدء نفاذه بسقوط الفسخ ؛ لأن الأصل في شرط التجربة كما سبق أنه شرط فاسخ؛ فلا يتوقف نفاذ البيع فيه على تحقق الشرط.

تقدم في المادتين (۱۰) ، (3۱۱) أن الأصل في البيع بشرط التجربة أنه بيع معلق على شرط فاسخ؛ إلا أن هذه المادة بينت أنه متى تبين من الاتفاق أو ظروف الحال أن المتعاقدين قصدا تعليق نفاذ البيع على شرط واقف وهو قبول المشتري المبيع بعد تجربته؛ فيتوقف نفاذ آثار البيع حتى يتحقق الشرط؛ ويبقى المبيع في ملك البائع خلال مدة التجربة، ولو هلك المبيع فيها قبل تبين مصير الشرط فيهلك على البائع؛ لأنه هو المالك، ولا أثر لتسلم المشتري للمبيع في انتقال تحمل تبعة الهلاك إليه؛ لأن ذلك في البيع المنجز حيث تترتب آثاره من حين انعقاده؛ فيكون المشتري مالكاً للشيء الذي هلك. وإذا أعلم المشتري البائع قبوله المبيع تحقق الشرط الواقف، وعد البيع نافذاً بأثر رجعي، وترتبت جميع آثاره لا من وقت تحقق الشرط فحسب وإنما من وقت إبرام العقد، وأصبحت ملكية المشتري للمبيع ملكية باتة بأثر رجعي مستندة إلى وقت البيع وزالت ملكية البائع بأثر رجعي أيضاً. وإذا رفض المشتري المبيع بعد تجربته زال البيع لا من وقت الرفض بل بأثر رجعي، واعتبر كأن لم يكن، وأصبحت ملكية البائع للمبيع ملكية باتة منذ البداية.

الثمن أحد محلي الالتزام في عقد البيع فيشترط فيه أن يكون معيناً عند العقد أو قابلاً للتعيين؛ كما هو الشأن في أي محل للالتزام في العقد؛ وإلا وقع باطلاً، وفق ما جاء في المادة (۷۲)، ولا يجب لتحقق شرط تعيين مقدار الثمن أن يحدد مقداره عند العقد؛ فمتى كان قابلاً للتعيين باتفاق المتبايعين على أسس صالحة يتحدد بمقتضاها؛ فيعد ذلك كافياً في تحقق شرط التعيين. وقد تضمن النظام صوراً متعددة للأسس الصالحة التي يمكن أن يتحدد الثمن بمقتضاها، وهي: 1- أن يكون الأساس هو سعر السوق، وقد نصت على ذلك المادة (٣١٤). ٢- أن يكون الأساس هو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتعاقدين، وقد نصت على ذلك المادة (315). 3- أن يكون الأساس هو رأس مال البائع في المبيع، وقد نصت على ذلك المادة (316). وفي جميع ذلك يمكن أن يكون تعيين مقدار الثمن بناء على الأساس الصالح باتفاق صريح؛ كأن يتفق المتعاقدان على أن يكون البيع بسعر السوق، أو باتفاق ضمني يستخلص من ظروف الحال كما سيأتي بيانه في المادة (3١٥). والصور التي ذكرت في النظام ليست على سبيل الحصر؛ فكل ما يعد أساساً صالحاً لتعيين مقدار الثمن يصح تقديره به.

تتناول المادة أحكام البيع بسعر السوق، وافترضت لاتفاق المتعاقدين على البيع بسعر السوق ثلاثة فروض: الفرض الأول: اتفاق المتعاقدين على اختيار سوق معين في زمان معين ليكون أساساً لتحديد الثمن بينهما؛ فيصح البيع ويكون ذلك السوق هو المرجع في تحديد الثمن؛ وذلك كأن يتفقا على أن يكون البيع بسعر السوق في الزمان والمكان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع. والفرض الثاني: اتفاق المتعاقدين على أن الثمن هو سعر السوق، ولكن لم يحددا سوقاً معيناً ولا زماناً معيناً؛ فبينت المادة أن السعر المعتبر هو سعر السوق في الزمان والمكان اللذين تم فيهما عقد البيع وذلك على النحو المبين في المادة (۳۸)، والاعتبار بسعر السوق في زمان البيع ومكانه أولى مما أخذت به بعض القوانين باعتبار زمان ومكان تسليم المبيع؛ وذلك لأن الثمن وجب في ذمة المشتري بالعقد لا بتسليم المبيع. والفرض الثالث: اتفاق المتعاقدين على أن الثمن هو سعر السوق ولكن لم يحددا سوقاً معيناً، ولم يكن في مكان البيع سوق يمكن أن يكون أساساً صالحاً لتحديد الثمن؛ كأن يكون البيع في الصحراء أو في قرية لا تباع فيها تلك السلع، فبينت المادة أن المعتبر في هذه الحالة هو المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية، والغالب أن يكون أقرب سوق لمكان البيع.

بينت المادة الحكم فيما إذا لم يتفق المتعاقدان صراحة على تعيين مقدار الثمن وليس بينهما اتفاق صريح على الرجوع إلى سعر السوق أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما أو غير ذلك من الأسس الصالحة لتعيينه؛ فلا تخلو هذه الحالة من فرضين: الفرض الأول: أن يمكن أن يستخلص من ظروف التعاقد وجود اتفاق ضمني على تعيين مقدار الثمن؛ كأن تدل الظروف على توجه إرادتهما إلى سعر السوق أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما، فيرجع في تعيين مقداره إلى ذلك السعر ؛ ويكون العقد صحيحاً لا باطلاً؛ لأن العقد وفقاً للقواعد العامة - ينعقد بالاتفاق الصريح والضمني. وإعمال حكم المادة لا يعدو أن يكون تفسيراً لإرادة المتعاقدين حال السكوت عن تعيين المقدار بالنظر إلى الدلائل التي تحتف بالعقد وملابساته؛ ومن الدلائل أن يسلم البائع المبيع ويتسلمه منه المشتري دون أن يتطرقا لذكر الثمن؛ فيفسر سكوتهما على أنهما ارتضيا سعر السوق؛ وهذه إحدى صور البيع بسعر المثل التي ذكرها الفقهاء (9). ومن الدلائل كذلك أن يكون بين المتعاقدين تعامل سابق على توريد سلعة معينة بسعر معين أو بسعر يتغير بحسب أسعار السوق؛ فاستمرار البائع في توريد السلعة للمشتري دون ذكر الثمن يدل على اتفاقهما الضمني على أن يكون الثمن هو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما. وما تضمنته المادة في هذا الفرض ما هو إلا تطبيق للمادة (73) في القواعد العامة فكل ما يمكن أن يستخلص منه الاتفاق الضمني بين المتعاقدين على تعيين مقدار محل الالتزام فيتعين وفقاً لذلك؛ ويكون العقد مستوفياً شرط التعيين. والفرض الثاني: ألا يكون مقدار الثمن معيناً ولا قابلاً للتعيين؛ بحيث لا يوجد ما يدل على اتفاق ضمني لا على سعر السوق ولا على غيره؛ فيكون العقد باطلاً؛ لفقد ركن البيع وهو الثمن شرطاً من شروط صحته، وهو التعيين ويقوي هذا الفرض ما إذا صدر من المتعاقدين ما يدل على عدم الاتفاق أو عدم قبول الإحالة إلى سعر السوق؛ كأن يعلقا انعقاد البيع أو تسليم المبيع وتسلمه على الاتفاق على مقدار الثمن، ثم يقع بينهما اختلاف في تعيينه؛ فلا يكون العقد صحيحاً؛ ولا يعد سكوتهما عن تعيينه عند التعاقد موافقة ضمنية على سعر السوق. وينبغي أن يفرق بين هذا الفرض وما إذا اتفق المتعاقدان على إبرام البيع دون ثمن، أو بثمن تافه يُجزم أن البائع لم يبرم العقد لأجل الحصول عليه؛ فالعقد في هذه الحالة لا يتم باعتباره بيعاً؛ لأن الثمن ركن في البيع لا ينعقد بدونه؛ ولكن قد يستخلص من الظروف أنهما قصدا الهبة؛ فتجري على التصرف أحكام الهبة؛ تطبيقاً للقاعدة الكلية: "العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني".

بينت المادة إحدى الصور التي يتحدد فيها الثمن وفق أسس صالحة، وذلك بالاستناد إلى رأس مال البائع في المبيع؛ ويقصد برأس مال البائع في المبيع الثمن الذي اشترى المبيع به وأي تكاليف مباشرة تكبدها البائع في الشراء إذا اتفق المتعاقدان على إضافتها إلى ذلك الثمن، ويسمى هذا البيع بيع الأمانة؛ لأن المشتري يأتمن البائع في الثمن الذي يذكره، ويقابله "بيع المساومة" وهو البيع الذي لا يتحدد فيه الثمن بناء على رأس مال البائع في المبيع. ولبيع الأمانة ثلاث صور: 1 - بيع المرابحة وهو أن يبيع البائع السلعة بالثمن الذي اشراها به مع زيادة معلومة كأن يقول: السلعة عليَّ بمئة ألف ريال، بعتك إياها بربح عشرة آلاف ريال، أو بربح 10%. 2 - بيع الوضيعة وهو أن يبيع السلعة بالثمن الذي اشراها به مع نقص معلوم، كأن يقول: السلعة علي بمئة ألف ريال، بعتك إياها بخسارة عشرة آلاف ريال، أو بخسارة 10%. 3 - بيع التولية: وهو أن يبيع السلعة بالثمن الذي اشراها به دون زيادة أو نقص. كأن يقول السلعة علي بمئة ألف ريال، بعتك إياها بمئة ألف ريال. وقد يكون بيع الأمانة لكل السلعة التي اشتراها البائع، كما في الأمثلة السابقة، وقد يكون لبعضها بقسطه من الثمن، ويسمى "بيع الشركة" أو "الإشراك"؛ كأن يقول البائع: السلعة علي بمئة ألف ريال أشركتك في نصفها بخمسين ألف ريال. ويختص بيع الأمانة بأمرين بينتهما هذه المادة: الأول: أن رأس مال البائع في المبيع يعد جوهرياً في العقد ؛ ومن ثم فيحق للمشتري طلب الإبطال إذا تعلق به غلط أو تغرير ؛ وهذا بخلاف بيع المساومة؛ فإن رأس مال البائع لا يعد جوهرياً؛ بل لا يذكر في العقد عادة. والثاني: حق المشتري في الإبطال إذا لم يحدد رأس المال عند العقد وتبين في الثمن غبن. فبينت الفقرة الأولى أنه يجب على البائع في بيع الأمانة أن يُعلم المشتري فضلاً عن مقدار الثمن الذي اشترى به المبيع بكل ما من شأنه أن يكون أثر في ذلك الثمن كالحلول والتأجيل، وما إذا كان لعلاقة البائع بمن اشترى منه أثر في الثمن؛ وما إذا كان البائع أضاف إلى الثمن الذي اشترى به تكاليف أخرى. فإذا تعمد البائع كتمان شيء مما يجب عليه بيانه للمشتري فيما يتعلق برأس ماله في المبيع كان للمشتري طلب إبطال العقد؛ مثل أن يكون البائع اشترى السلعة بثمن مؤجل يزيد على سعرها الحال ثم باعها مرابحة بثمن حال وذكر أن رأس ماله فيها هو ما اشتراها به وكتم أن الثمن الذي اشتراها به مؤجل؛ فيجوز للمشتري في هذه الحالة أن يطلب إبطال البيع؛ لأن اتفاق المتعاقدين على أن يكون البيع مرابحة يجعل رأس مال البائع جوهرياً بالنسبة إلى المشتري؛ ويوجب على البائع أن يبين كل ما له تأثير فيه؛ فإذا كتمه كان ذلك تغريراً بالكتمان؛ تطبيقاً للمادة (٦١) . وأولى من ذلك لو تعمد البائع الإخبار بخلاف حقيقة الأمر في رأس ماله أو تواطأ مع من اشترى منه على رفع الثمن، فهو تغرير يجعل للمشتري الحق في طلب الإبطال. وإذا وقع البائع في غلط في رأس ماله الذي ذكره للمشتري؛ فتسري القواعد العامة للغلط في العقد، وللمشتري طلب الإبطال بشروطه المبينة في تلك القواعد، وللبائع توقي الإبطال إذا أظهر استعداده لتنفيذ العقد على الوجه الذي قصده المشتري، وفق ما تضمنته المادة (٦٠). والأصل في بيع الأمانة أن يكون رأس مال البائع في المبيع محدد المقدار عند العقد، وقد بينت الفقرة الثانية أن البيع يقع صحيحاً ولو لم يتحدد مقدار رأس المال عند العقد؛ فلا يعد عدم العلم بمقدار رأس ماله عند العقد مبطلاً له مادام مقدار الربح في بيع المرابحة أو مقدار الخسارة في بيع الوضيعة محدداً؛ لأن الثمن قابل للتعيين وفق أسس صالحة؛ ولكن يحق للمشتري طلب إبطال البيع متى تبين في الثمن غبن؛ ولو لم يكن هناك عيب من عيوب الرضا المبينة في القواعد العامة؛ وهذه إحدى الحالات المستثناة من الأصل العام المقرر في المادة (٦٩) بعدم حق المتعاقد في طلب الإبطال لمجرد الغبن. والعلة في ذلك أن المشتري في بيع الأمانة قد اطمأن إلى رأس مال البائع في المبيع وجعله معياراً بنى عليه رضاه بالعقد؛ فإذا تبين في الثمن غبن كان ذلك عيباً يشوب هذا الرضا؛ لكون الثمن يتحدد بناءً على رأس مال البائع؛ فمثلاً لو تم الاتفاق على توريد سلع معينة بالنوع على أن يكون ثمنها هو رأس مال البائع الذي يشتريها به مع ربح محدد؛ فتبين في الثمن غبن في حق المشتري بسبب ارتفاع رأس مال البائع مقارنة بسعر السوق فللمشتري طلب الإبطال، وإذا وقع الغبن في دفعة مما تم الاتفاق على توريده فللمشتري طلب الإبطال في تلك الدفعة فقط، ما لم تبين أنه ما كان ليرضي بالعقد دونها فله طلب إبطال العقد تطبيقاً للمادة (٨٤). وتجري على حق الإبطال للغبن هنا الأحكام المبينة في القواعد العامة للإبطال؛ كمدد التقادم، وسقوط حق الإبطال بالإجازة الصريحة أو الضمنية، وحق كل ذي مصلحة في إعذار المشتري لإبداء رغبته وغير ذلك من الأحكام. وبين آخر الفقرة الثانية أن للبائع توقي الإبطال إذا قدم ما تراه المحكمة كافياً لرفع الغبن؛ كزيادة المبيع أو نقص الثمن إلى الحد الذي يرفع الغبن، وليس المراد أن يصل إلى سعر المثل بل إلى الحد الذي لا يعد غبناً؛ فمثلاً لو كان سعر المثل ثمانين ريالاً، والزيادة التي تعد غبناً ما فوق مئة ريال، فيرتفع الغبن بإنقاص الثمن إلى مائة ريال، وحق البائع في توقي الإبطال تطبيق لما قررته المادة (69) في القواعد العامة للغبن في العقد. وقد توسط النظام فيما أخذ به في حكم هذه الفقرة بين الاتجاه الذي يجعل الجزاء عند عدم تعيين مقدار رأس مال البائع عند العقد في بيع الأمانة هو البطلان المطلق بالنظر إلى أن ذلك لا يعد أساساً صالحاً لتعيين الثمن؛ لكونه يتوقف على جهد البائع؛ وفي مقابل ذلك الاتجاه الذي يصحح العقد دون أن يكون للمشتري حق الإبطال للغبن بالنظر إلى أن رأس مال البائع يمكن أن يكون أساساً صالحاً يستند إليه في تعيين مقدار الثمن.

بينت الفقرة الأولى أن الأصل في البيع حلول الثمن، فإذا سكت المتعاقدان عن تعيين موعد أداء الثمن وجب أداؤه حالاً ؛ حيث إن عقد البيع يقتضي تسليم المبيع إلى المشتري، وتسليم الثمن إلى البائع فوراً، إلا أن يوجد صارف عن هذا الأصل من اتفاق، أو عرف. وبينت الفقرة الثانية أن الأصل في وقت بداية الأجل إذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً هو من تاريخ العقد؛ فإذا انعقد البيع في اليوم الأول من الشهر، على أن يكون تسليم المبيع في اليوم العاشر من الشهر، وأداء الثمن بعد ثلاثين يوماً، ولم يذكر هل تحسب هذه المدة - وهي الثلاثين يوماً من تاريخ العقد أو من تاريخ التسليم؟ فتحسب المدة من تاريخ العقد لا من تاريخ تسليم المبيع؛ إلا أن يوجد صارف عن هذا الأصل باتفاق صريح أو ضمني، ومن الاتفاق الضمني أن يوجد عرف بخلاف ذلك؛ تطبيقاً للقاعدة الكلية: "المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا والقاعدة: "التعيين بالعرف كالتعيين بالنص".

بينت الفقرة الأولى الأصل العام في البيع وهو أنه يفيد انتقال ملك المبيع من البائع إلى المشتري بمجرد العقد، سواء كان المبيع عقاراً أو منقولاً ، وتنتقل إلى المشتري تبعاً لذلك كل الآثار المترتبة على انتقال حق الملكية إليه ولا تتوقف هذه الآثار على التسليم وعلى هذا يكون للمشتري حق استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه بأنواع التصرفات، والحصول على ثماره ومنتجاته وملحقاته، وفق ما نصت على ذلك المادة (60). وإذا تصرف المشتري فيما اشتراه بالبيع فالتصرف نافذ وليس لمن اشترى منه حق الإبطال، وهذا مقتضى المادة (359) ، وأما تحمل تبعة هلاك المبيع فهي لا تنتقل بالبيع بل بتسليم المبيع. وقيدت المادة انتقال ملكية المبيع إلى المشتري بانعقاد العقد بما ورد في المواد المحال إليها في نص المادة، وتضمنت تلك المواد القيود الآتية: 1- أن يكون البائع مالكاً للمبيع عند العقد، وهذا الشرط دلت عليه المادة (655)؛ لأن البائع إذا لم يكن مالكاً لم يستطع نقل الملكية؛ ففاقد الشيء لا يعطيه؛ ومتى وقع البيع على شيء معين بالذات غير مملوك للبائع لم ينفذ البيع في حق المالك إلا بإجازته، ويكون للمشتري طلب إبطال العقد بمقتضى المادة (359) ، ومن شروط صحة وفاء الالتزام أن يكون الموفي وهو البائع هنا مالكاً للشيء الذي وفى به وفق ما نصت عليه المادة (٦٠2). ٢- أن يكون المبيع معيناً بالذات عقاراً كان أو منقولاً ، وأما إذا كان المبيع معيناً بالنوع فلا تنتقل الملكية في أي من أفراده إلا بعد إفرازه وفق ما نصت عليه المادة (٦٥٦)، وينشئ عقد البيع التزاماً على البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري. 3- ألا يكون المبيع مما يشترط النظام لانتقال ملكيته إجراء معيناً؛ فلا تنتقل ملكية ذلك الشيء إلا باستكمال ذلك الإجراء وفق ما نصت عليه المادة (٦٥٧)، واشتراط إجراء معين لانتقال الملكية لا يعني أن البيع لم ينعقد؛ فعقد البيع يرتب التزاماً على البائع باستكمال تلك الإجراءات لنقل ملكية المبيع إلى المشتري وفق ما بينته المادة (319). 4 - ألا يكون هناك اتفاق بين المتبايعين على تعليق انتقال ملكية المبيع على شرط واقف؛ فلا تنتقل الملكية بعقد البيع، بل بعد تحقق ذلك الشرط؛ وفق أحكام تعليق الالتزام على شرط الواردة في القسم الأول. وتتناول الفقرة الثانية حكم بيع الجزاف"، وهو بيع الشيء مما يكال أو يوزن أو يقاس أو يعد بلا تقدير ، أي بلا كيل أو وزن أو قياس أو عد، وبينت أن البيع يكون جزافاً متى كان المبيع لا يتوقف تعيينه على التقدير ؛ سواء كان الثمن تم تعيين مقداره أو كان تعيين مقداره يتوقف على تقدير المبيع، وسواء وقع البيع على كل الكمية المعينة أو جزء شائع منها. فمثال بيع الجزاف الذي تعين فيه مقدار الثمن أن يبيع كل ما في مخزن بعينه من قمح بألف ريال، أو يبيع نصف ما في مخزن بعينه بألف ريال، ومثال ما يتوقف تعيين مقدار الثمن فيه على تقدير المبيع أن يبيع ما في مخزن بعينه من قماش كل متر من ذلك القماش بعشرة ريالات، أو يبيع نصف ما في مخزن بعينه من قماش كل متر من ذلك القماش بعشرة ريالات، أو يبيع حمولة سيارة بعينها من بطيخ أو نصف حمولتها كل حبة بعشرة ريالات، ففي جميع ذلك يعد البيع جزافاً؛ إذ المعتبر هو كون المبيع لا يتوقف تعيينه على التقدير بصرف النظر عن تقدير الثمن وبصرف النظر عما إذا وقع البيع على كل الكمية أو جزء شائع منها. ويعتبر بيع الجزاف من بيع المعين بالذات، وتنتقل ملكيته بمجرد العقد؛ خلافاً للبيع بالتقدير وهو البيع الذي يتوقف تعيين المبيع فيه على تقديره بالكيل أو الوزن أو القياس أو العد فهذا معين بالنوع لا تنتقل فيه الملكية بالعقد بل بالإفراز.

هذه المادة مكملة لحكم المادة (31) ، فقد قررت تلك المادة أن ملكية المبيع تنتقل إلى المشتري بمجرد العقد فيما عدا الحالات الأخرى التي تضمنتها المواد التي أحالت إليها تلك المادة؛ فمتى كان المبيع مما لا تنتقل ملكيته بمجرد العقد؛ فلا يعني ذلك تحلل البائع من التزامه بنقل الملكية؛ بل إن عقد البيع أنشأ عليه التزاماً بنقل ملكية المبيع إلى المشتري؛ وذلك بأن يقوم بما هو ضروري لنقل الملكية، وأن يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلاً أو عسيراً؛ ومن ذلك: 1 - إذا كان المبيع معيناً بنوعه - حيث لا تنتقل الملكية إلا بالإفراز؛ فيلتزم البائع بفرز المبيع ولا يجوز له أن يمتنع عن ذلك أو أن يقوم بعمل يجعل فرز المبيع مستحيلاً أو عسيراً.

  • إذا كان المبيع مما يشترط النظام لانتقال ملكيته استكمال إجراءات معينة؛ فيلزم البائع أن يقوم بما هو ضروري من جانبه لتمكين المشتري من استكمال ذلك الإجراء؛ كالمصادقة على البيع وتزويد المشتري بالمستندات اللازمة ونحو ذلك.
  • إذا كان انتقال الملكية معلقاً على شرط واقف كالتسليم أو سداد الثمن المؤجل أو غير ذلك وجب على البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الملكية متى تحقق ذلك الشرط. ويتبين مما سبق أن حكم هذه المادة لا يرد على الحالة الأصلية لعقد البيع التي تنتقل فيها ملكية المبيع المعين بالذات بمجرد إبرام عقد البيع.

بينت الفقرة الأولى جواز اشتراط تعليق نقل ملكية المبيع على شرط واقف، وأن ما تضمنته المادة (318) من أن البيع بمجرد انعقاده يفيد انتقال الملك ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه؛ فإذا كان البيع بثمن مؤجل واجب الدفع في ميعاد معين، أو بثمن مقسط على أقساط محددة، واشترط البائع على المشتري أن يكون البيع معلقاً على شرط واقف هو وفاء المشتري بالثمن المؤجل في الميعاد المحدد، أو وفاؤه بجميع الأقساط في الموعد المتفق عليه، فإن البيع صحيح، والشرط نافذ، سواء سلم البائع المبيع للمشتري قبل الوفاء بالثمن أم لا ، ونتيجة لذلك، تنتقل ملكية المبيع للمشتري معلقة على شرط واقف، وإذا تصرف المشتري بالبيع أو بالرهن أو غير ذلك في هذه الملكية الموقوفة قبل تحقق الشرط فإن تصرفه هو أيضاً يكون معلقاً على شرط واقف. ولا يوجد ما يمنع أيضاً من أن البائع بدلاً من أن يعلق انتقال ملكية المبيع إلى المشتري على شرط واقف أن يجعله معلقاً على شرط فاسخ هو عدم الوفاء بالثمن، فتنتقل الملكية إلى المشتري بمجرد العقد معلقة على شرط فاسخ؛ وإذا لم يوف الثمن؛ جاز للبائع فسخ البيع دون حاجة إلى حكم قضائي. وبينت الفقرة الثانية الأثر عند تحقق الشرط الواقف بوفاء المشتري بالثمن وهو أن يكون المشتري مالكاً ملكاً باتاً للمبيع وثماره منذ بداية العقد، وتزول عن البائع ملكية المبيع بأثر رجعي، ومقتضى الشرط الواقف أنه إذا تخلف الشرط وتأخر المشتري في دفع الثمن، فإن ملكية المشتري تزول بأثر رجعي لعدم تحقق الشرط، وتعود الملكية باتة إلى البائع. ونتيجة لذلك؛ فإن للبائع عند عدم تحقق الشرط أن يطالب المشتري بالتعويض بسبب زوال العقد، وإذا اشترط البائع أن يكون التعويض هو الاحتفاظ بكل أو بعض الأقساط التي كان قد وفاها المشتري فهذا تعويض اتفاقي تجري عليه أحكام المادة (179)؛ فيجوز للمحكمة تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه. ويستطيع البائع بدلاً من التمسك بزوال العقد عند تخلف الشرط أن يطالب بتنفيذ العقد؛ فيقتضي من المشتري ما بقي في ذمته من الأقساط؛ لأن هذا الشرط مقرر لمصلحة البائع فيجوز له النزول عنه.

بينت المادة الالتزام الثاني من الالتزامات الواجبة على البائع بمقتضى عقد البيع وهو تسليم المبيع للمشتري، وأن ذلك لا يتحقق إلا باستيفاء ثلاثة أمور: الأول: حصول التسليم، وفق ما سيأتي بيانه. والثاني: أن يكون تسليم المبيع بالحال التي كان عليها وقت العقد، من غير إحداث أي تغيير فيه، سواء بإضافة أو إزالة. والثالث: أن يكون المبيع مجرداً من كل حق للغير لا يعلمه المشتري كحق انتفاع، أو رهن مثلاً. وتعد مرحلة التسليم جوهرية حيث تنتقل بموجبها المسؤولية عن هلاك المبيع أو تلفه، فتكون المسؤولية على البائع قبل التسليم، وعلى المشتري بعده. وبين آخر المادة أن نفقات التسليم - إذا لم يوجد اتفاق أو عرف يتحملها البائع؛ لأنه هو المدين بالتسليم؛ تطبيقاً للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة (27) التي تقرر أن نفقات الوفاء تكون على المدين والمقصود بنفقات تسليم المبيع النفقات المتعلقة بنقل المبيع لمكان التسليم سواء كان هو مكان العقد، أو أي مكان آخر تم الاتفاق عليه للتسليم. ولم تبين المادة مكان التسليم وزمانه؛ مما يعني انطباق القواعد العامة، وألا خصوصية للبيع في هذين الأمرين؛ فعلى هذا إذا لم يوجد اتفاق أو عرف على مكان التسليم وجب تسليم المبيع إذا كان معيناً بالذات في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع، وإذا كان معيناً بالنوع وجب تسليمه في مكان البيع وفقاً للمادة (277)، وأما من حيث الزمان فيجب التسليم فور إتمام البيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف على خلافه وفقاً للمادة (275).

بينت المادة أن تسليم المبيع يشمل جميع ملحقاته، وملحقات المبيع ليست أصله ولا نماءه، ولا منتجاته، ولا ثماره، بل ملحقات المبيع تلك الأشياء التي بدونها لا يكتمل انتفاع المشتري بالمبيع، ويدخل في ذلك ما كان متصلاً بالمبيع اتصال قرار، وما أعد لاستعماله بصفة دائمة، وما عد من توابعه الملحقة به، فحقوق الارتفاق، والطريق الخاص المتصل بالطريق العام، والمزروعات غير الناضجة، كلها ملحقات بالأرض الزراعية، وإذا كان المبيع منزلاً ألحق به أبوابه ومفاتيحه، وجدرانه، وأرضياته. وملحقات المصنع تشمل المخازن الموجودة فيه ومرافق الخدمات المنشأة عليه، وآلياته. ويلحق بكل مبيع وثائقه الخاصة به الدالة على ملكيته، وكذلك وثائق التأمين أو الضمان أو الرهن وكل ما يدل على إثبات حق في التعاقد سواء للمشتري أو الغير. والحكم على الشيء أنه ملحق بالمبيع أم لا ، يُرجع فيه إلى طبيعة الأشياء، كما هو الحال في حقوق الارتفاق، أو إلى العرف كما هو الحال في اعتبار أبواب البيت منه، وهذا كله ما لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين على تحديد الملحقات.

بينت المادة الحكم فيما إذا وقع البيع على شيء معين بالذات وذكر مقداره في العقد؛ فبان فيه نقص أو زيادة؛ فالأمر يحتمل أن إرادة المتعاقدين اتجهت إلى المبيع بحاله وأن ذكر المقدار وصف غير مقصود؛ لكون البيع وقع على شيء معين بذاته لا بنوعه ومقداره، ويحتمل أن ذكر المقدار في العقد دليل على أنه مقصود لهما؛ فقررت المادة أن الواجب في مثل هذه الحالات هو الرجوع إلى اتفاق المتعاقدين إن كان هناك اتفاق على كيفية معالجة ذلك، سواء كان الاتفاق صريحاً أو ضمنياً، ومن الاتفاق الضمني وجود عرف أو عادة جارية بين المتعاقدين. وإذا لم يوجد اتفاق صريح ولا ضمني فقد بينت الفقرة (أ) من المادة أنه إذا ظهرت زيادة أو نقص في المبيع عما ذكر في العقد ولم يكن للمشتري طلب الفسخ وفقاً لما سيأتي في الفقرة (ب) أو كان له طلب الفسخ إلا أنه اختار تنفيذ العقد، فلا يخلو الأمر من ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن يكون المبيع مما تضره التجزئة والثمن لمجموع المبيع وليس بالوحدة القياسية. وبدأت الفقرة بهذه الحالة وجعلتها الأصل لأنها الأكثر وقوعاً؛ ففي هذه الحالة ليس للبائع أن يطالب المشتري بزيادة الثمن إن تبين في المبيع زيادة، وليس للمشتري أن يطالب البائع بإنقاص الثمن إن تبين في المبيع نقص، ويقصد بالوحدات القياسية وحدات الطول أو الكيل أو الوزن ونحوها مما يستخدم في قياس الأشياء، كالمتر واللتر والكيلو جرام وغيرها؛ فلو وقع البيع مثلاً على خاتم بألف ريال وذكر في العقد أن وزنه عشرة جرامات؛ فبان وزنه أحد عشر جراماً فالزيادة للمشتري لا يلزم بأن يدفع مقابلها زيادة في الثمن، ولو بان وزنه تسعة جرامات فالنقص عليه ليس له أن يطالب البائع بإنقاص الثمن، والعلة في ذلك أن إرادة المتبايعين في هذه الحالة متجهة إلى المبيع بمجموعه لا إلى مقداره؛ بدليل أنهما جعلا الثمن لمجموع المبيع لا للوحدة منه، وهو لا يقبل التجزئة. الحالة الثانية: إذا كان المبيع لا تضره التجزئة، ففي هذه الحالة يحق للبائع أن يسترد الزيادة عيناً بلا مقابل، وأما النقص فيكون على حسابه؛ لأن المبيع متى كان قابلاً للتجزئة؛ أمكن تنفيذ العقد وفق المقدار الذي ذكر فيه بلا ضرر ؛ سواء كان الثمن لمجموع المبيع أو بالوحدة القياسية؛ مثال المبيع الذي لا تضره التجزئة والثمن المجموع المبيع: أن يبيع عبوة عسل على أن وزنها عشرة كيلو جرامات بسعر ألف ريال لمجموع العبوة، ومثال المبيع الذي لا تضره التجزئة والثمن المسمى بالوحدة القياسية أن يبيعه عبوة العسل على أن وزنها عشرة كيلوجرامات بسعر مئة ريال للكيلوجرام الواحد منها، ففي كلا الصورتين لو بان وزن العبوة أحد عشر كيلو جراماً؛ فللبائع أن يسترد الوزن الزائد بلا مقابل، ولو بان وزن العبوة تسعة كيلوجرامات فللمشتري أن يطالب بإنقاص مئة ريال من الثمن في الصورتين. الحالة الثالثة: إذا كان المبيع تضره التجزئة والثمن بالوحدة القياسية، فحكم هذه الحالة كالحالة الثانية في أن الزيادة للبائع والنقص عليه؛ لأن تحديد الثمن بالوحدة دليل على أن مقدار المبيع مقصود لهما؛ إلا أن البائع في هذه الحالة لا يسترد الزيادة عيناً؛ لما يترتب على ذلك من الضرر ؛ وإنما يستحق ما يقابلها من الثمن؛ فمثلاً ؛ لو باعه ذبيحة شاة على أن وزنها عشرون كيلو جراماً بسعر مئة ريال للكيلوجرام الواحد، فدفع المشتري ألفي ريال ثمناً لها، ثم تبين أن وزنها واحد وعشرون كيلوجراماً ؛ فللبائع أن يطالب المشتري بزيادة الثمن بمقدار مئة ريال، ولو بان وزنها تسعة عشر كيلوجراماً فللمشتري أن يسترد مما دفع مئة ريال. ويتبين مما سبق أنه متى كان المبيع قابلاً للتجزئة أو كان الثمن بالوحدة القياسية فالمعتبر هو المقدار الفعلي للمبيع وليس ما ذكر في العقد، وأما إذا كان المبيع غير قابل للتجزئة والثمن للمجموع فلا أثر - عند تنفيذ العقد لاختلاف المقدار الفعلي عما ذكر في العقد. وبينت الفقرة (ب) أن للمشتري الحق في طلب الفسخ إذا تبين في المبيع زيادة أو نقص عما ذكر في العقد في حالتين: الحالة الأولى: إذا ترتب على زيادة المبيع عما قدر في العقد أن يُلزم المشتري بأن يدفع زيادة جسيمة في الثمن عما هو متفق عليه في العقد، وهي صورة الزيادة في الحالة الثالثة مما سبق؛ فيحق له في هذه الحالة أن يرفض دفع الزيادة وأن يطلب فسخ العقد. والحالة الثانية: إذا كان نقص المبيع يخل بغرض المشتري، وضابطه أن المشتري لو علم بالنقص لما أتم العقد. وجعل النظام حق الفسخ للمشتري دون البائع؛ لأن البائع ملزم بمقتضى عقد البيع بتسليم المبيع وفق ما ذكر في العقد دون زيادة أو نقص. وبينت الفقرة (ج) أن حق المشتري في طلب فسخ البيع أو طلب إنقاص الثمن، وحق البائع في طلب تكملة الثمن يسقط بالتقادم إذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع لا من وقت التعاقد، لأن النقص والزيادة في المبيع لا يمكن العلم بهما إلا عند التسليم، وتسري على التقادم هنا الأحكام العامة للتقادم المانع من سماع الدعوى المبينة في القسم الأول، وأما حق البائع في استرداد الزيادة عيناً وهي صورة الزيادة في الحالة الثانية فتسري عليها أحكام التقادم في دفع غير المستحق؛ لأن المشتري تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له.

ذكرت هذه المادة ما يحصل به التسليم الفعلي للمبيع؛ ذلك أن التسليم على نوعين: تسليم فعلي بعمل مادي، وتسليم حكمي بتصرف نظامي أو باتفاق، دون عمل مادي. فبينت هذه المادة ما يحصل به النوع الأول وهو التسليم الفعلي؛ فلا يتحقق إلا بتوفر عنصرين: العنصر الأول: وضع المبيع في حيازة المشتري، أو في حال يتمكن فيها من حيازته والانتفاع به دون مانع يحول بينه وبين ذلك، ولو لم يستول عليه استيلاء مادياً، وذلك على الوجه الذي يتفق مع طبيعة المبيع؛ فتسليم كل شيء بحسبه؛ ففي العقارات مثلاً يكون التسليم بتخلية البائع للعقار وإخراج أثاثه منه وتسليم مفاتيحه ومستنداته، وفي المنقولات الصغيرة بالمناولة، وقد يكفي في المنقولات الإفراز بحضور المشتري كأن يكون المبيع معيناً بنوعه، وقد يكفي فيها التخلية كما في بيع الحيوانات. والعنصر الثاني: أن يُعلم البائع المشتري بأنه خلى بينه وبين المبيع بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به، وهذا الإعلام واجب على البائع ليتحقق التسليم، ولا يشترط لهذ الإعلام شكل معين، سواء تم بالكتابة أو مشافهة أو غير ذلك، وعلى البائع عبء إثبات أنه قام بواجب الإعلام.

بينت هذه المادة النوع الثاني من تسليم المبيع، وهو التسليم الحكمي، وهو يقوم مقام التسليم الفعلي، ويتميز عنه في أن التسليم الحكمي تصرف نظامي أو اتفاق وليس عملاً مادياً. فبينت هذه المادة أحد نوعي التسليم الحكمي، وفيه يعد التسليم قد تم بمجرد حصول التصرف النظامي، وهو البيع، وذلك فيما إذا كان المبيع قبل البيع في حيازة المشتري بأي صفة أو سبب كالإعارة أو الإيداع أو الإيجار، أو كان مغصوباً، فحصل البيع في تلك الأثناء، ففي هذه الحالة تعد الحيازة تسليماً للمبيع، ولو لم يصدر أي عمل مادي من البائع أو المشتري، وذلك ما لم يتفق المتعاقدان على عدم اعتبار تلك الحيازة تسليماً، ويستنبط من المادة أن سكوت المتعاقدين في هذه الحالة كافٍ في حصول التسليم بمجرد انعقاد البيع دون حاجة لاتفاق خاص بذلك.

بينت المادة النوع الثاني من التسليم الحكمي للمبيع، وفيه يتم التسليم بالاتفاق أو بنص النظام لا بمجرد البيع كما في النوع الأول من التسليم الحكمي المبين في المادة (320) ، ودون أن تتوفر عناصر التسليم الفعلي المبين في المادة (3٢٤). وذكرت المادة لهذا النوع ثلاث حالات: الحالة الأولى: أن يتفق المتبايعان على أن المشتري يعد متسلماً للمبيع في حالة معينة، ولو لم تتوفر فيها عناصر التسليم الفعلي، ولم يكن المبيع في حيازة المشتري قبل البيع وهذا يبين أن ما يكون به التسليم ليس من النظام العام فيجوز للمتبايعين التخفيف أو التشديد فيه. والحالة الثانية: أن يُعد المشتري متسلماً للمبيع بموجب نص نظامي، ولو لم يكن المبيع في حيازته، ولم تتوفر عناصر التسليم الفعلي، ولم يوجد اتفاق بين البائع والمشتري على عد هذه الحالة تسليماً، ومن تطبيقات هذه الحالة ما سيأتي في المادة (327). والحالة الثالثة: أن يستبقي البائع المبيع في حيازته بعد البيع برضى المشتري بموجب عقد جديد؛ فتكون حيازة البائع للمبيع لا بصفته مالكاً؛ فإن المبيع خرج عن ملكه بالبيع وإنما بصفته مشترياً أو موهوباً له أو مستأجراً أو مستعيراً أو مرتهناً أو مودعاً لديه ونحو ذلك، فبدلاً من أن يسلم البائع المبيع للمشتري ثم يتسلمه منه مرة أخرى يبقى المبيع في يد البائع باتفاق الطرفين، على أن يعد ذلك تسليماً من البائع للمشتري وتسليماً من المشتري للبائع بموجب العقد الجديد.

تضمنت هذه المادة والمادتان (32) و (324) أثر هلاك المبيع في عقد البيع؛ فإذا كان الهلاك بعد التسليم فلا أثر لذلك؛ لأن تبعة الهلاك تنتقل إلى المشتري بالتسليم، وله الرجوع على المسؤول عن الهلاك وفقاً لقواعد الفعل الضار. وإذا كان الهلاك قبل التسليم فلا يخلو الأمر من ثلاث احتمالات بينتها المواد الثلاث تباعاً، وهي: 1 - أن يكون الهلاك بفعل المشتري. 2 - أن يكون الهلاك بفعل البائع أو شخص أجنبي. 3 - أن يكون الهلاك لقوة قاهرة. فبينت هذه المادة حكم الفرض الأول وهو ما إذا هلك المبيع قبل التسليم بفعل المشتري، فقررت أنه متى كان الهلاك بفعل المشتري فيعد متسلماً للمبيع حكماً ولو لم يتم التسليم الفعلي؛ لأن أثر التسليم هو في انتقال تبعة الهلاك إليه، وقد حصل هذا الأثر بفعله؛ فهذه الصورة تطبيق للتسليم الحكمي بنص النظام الذي قررته الفقرة (ب) من المادة (326). وبناء على ذلك يكون البائع قد أدى التزامه بالتسليم إذا هلك المبيع بفعل المشتري قبل تسليمه فعلاً، ولا يكون لهذا الهلاك أثر في انفساخ البيع لاستحالة التنفيذ، وليس للمشتري طلب الفسخ بدعوى إخلال البائع بالتزامه بالتسليم؛ لأن التسليم تحقق حكماً. وبينت المادة أن حصول الهلاك بفعل المشتري لا أثر له في سقوط حق البائع في العدول عن العقد فيما لو كان له حق العدول بموجب خيار الشرط المبين في المادة (١٠٦) ؛ فلو كان للبائع خيار الشرط وهلك المبيع بفعل المشتري في مدة الخيار، فللبائع أن يختار إمضاء العقد أو فسخه؛ فإذا اختار إمضاء العقد فيستحق الثمن المتفق عليه وإذا اختار الفسخ زال العقد بأثر رجعي، وتبين أن المبيع لا يزال في ملكه؛ فيستحق التعويض عن هلاك المبيع وفقاً لقواعد التعويض. ولا شك أن البائع سيختار أفضل الخيارين بالنسبة إليه من المطالبة بالثمن أو بالتعويض.

بينت المادة حكم الفرض الثاني من فروض هلاك المبيع قبل التسليم، وهو أن يكون الهلاك بفعل البائع أو بفعل شخص أجنبي غير البائع والمشتري؛ فلا يخلو الأمر إما أن يكون المبيع غير قابل للتجزئة أو قابلاً لها، وفق التفصيل الآتي: 1- إذا كان المبيع غير قابل للتجزئة - كسيارة معينة بذاتها - فللمشتري - وفقاً للقواعد العامة لإخلال البائع بالتزامه بالتسليم أن يختار إما طلب فسخ البيع أو تنفيذه؛ فإذا اختار المشتري الفسخ زال عقد البيع بأثر رجعي، واسترد ما دفع من الثمن، وله التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر بسبب الفسخ، وتبين بالفسخ أن المبيع لا يزال في ملك البائع؛ فيكون له أي البائع - حق الرجوع بالتعويض عن هلاك المبيع على المتسبب فيه إذا كان المتسبب غيره. وأما إذا اختار المشتري تنفيذ العقد فالمبيع عند الهلاك يعد في ملكه، فيستحق الرجوع بالتعويض على المتسبب بالضرر سواء البائع أو غيره وفقاً لقواعد التعويض؛ فلو كان المتسبب هو البائع واختار المشتري تنفيذ العقد وجب له في ذمة البائع التعويض عن الهلاك، وفي المقابل يجب للبائع في ذمة المشتري الثمن المتفق عليه بموجب العقد.

  • وإذا كان المبيع قابلاً للتجزئة - كعدة سيارات معينة بذاتها ووقع الهلاك في جميع المبيع فالحكم لا يختلف عما في الفقرة السابقة، وأما إذا كان الهلاك في سيارة منها فللمشتري إضافة إلى الخيارين السابقين في الفقرة السابقة أن يختار فسخ العقد في السيارة التي هلكت فقط دون ما عداها والتعويض عما لحقه من ضرر بسبب ذلك، ويسترد ما يقابل تلك السيارة من الثمن. ويجدر التنبه إلى أن المشتري إذا طلب من المحكمة فسخ البيع في جميع المبيع القابل للتجزئة لهلاك جزء منه فلها أن ترفض الطلب إذا كان الجزء الذي هلك قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع المبيع؛ تطبيقاً للقاعدة العامة في الفسخ القضائي المبينة في المادة (107).

بينت المادة حكم الفرض الثالث من فروض هلاك المبيع قبل التسليم، وهو أن يكون الهلاك لقوة قاهرة، أي ليس بفعل المشتري ولا البائع ولا الغير ؛ فبينت الفقرة الأولى أن الهلاك في هذه الحالة يكون على البائع لا على المشتري، مع أن المشتري هو المالك للمبيع؛ وذلك لأن الملكية لا تخلص له فعلاً إلا بالتسليم؛ والتزام البائع بالتسليم متمم لالتزامه بنقل الملكية؛ فإذا لم يُسلم المبيع لم يحصل المقصود من انتقال الملكية؛ ولأن البائع ملتزم بالتسليم فإذا هلك المبيع قبل التسليم استحال التنفيذ، ومتى استحال التنفيذ بسبب لا يد للمتعاقد فيه انفسخ العقد من تلقاء نفسه، وانقضى الالتزام المقابل. وما تضمنته الفقرة يعد تطبيقاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة (1) من المادة (1١٠) في الاستحالة الكلية لتنفيذ العقد الملزم للجانبين بسبب لا يد للمتعاقد فيه، وأنه يترتب عليها انقضاء الالتزام والالتزام المقابل له، وينفسخ العقد من تلقاء نفسه؛ وعلى هذا فللمشتري أن يسترد الثمن إن كان قد دفعه، وليس له طلب التعويض؛ لأن الهلاك بسبب لا يد للبائع فيه. وإذا انقضى الالتزام والالتزام المقابل وكان للمشتري أن يسترد ما دفعه؛ فهذا يقتضي أن الذي تحمل تبعة الهلاك هو البائع. وبينت الفقرة الثانية حالة الهلاك الجزئي، وذلك إذا كان المبيع قابلاً للتجزئة كسيارات معينة بذاتها وهلكت إحداها قبل التسليم لقوة قاهرة، فينفسخ العقد من تلقاء نفسه في تلك السيارة فقط، وينقضي التزام البائع بتسليمها ؛ لاستحالة تنفيذه، وينقضي تبعاً لذلك التزام المشتري بما يقابل تلك السيارة من الثمن، وله أن يسترده إذا كان قد دفعه، وللمشتري طلب فسخ البيع في باقي المبيع أي في جميع السيارات واسترداد كامل الثمن. وما تضمنته الفقرة يعد كذلك تطبيقاً للقاعدة العامة الواردة في الفقرة (۲) من المادة (۱۰۷) في الاستحالة الجزئية لتنفيذ الالتزام؛ وبناء على ما قررته تلك القاعدة فإنه إذا هلك بعض المبيع وطلب المشتري فسخ العقد في باقي المبيع؛ فللمحكمة أن ترفض الطلب إذا كان الجزء الذي هلك قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع المبيع. ويمكن أن نخلص من المواد السابقة ومن القواعد العامة فيما يتعلق بالتزام البائع بتسليم المبيع إلى النتائج الآتية: 1- أن التزام البائع بالتسليم هو التزام بتحقيق غاية؛ فإذا استحال ذلك بسبب لا يد له فيه انفسخ العقد كلاً أو بعضاً بحسب الأحوال دون تعويض، وإذا كان ذلك بسببه فللمشتري طلب الفسخ أو التنفيذ مع حقه في طلب التعويض عن الضرر، وكذا إذا تأخر البائع في التسليم ثم هلك المبيع لقوة قاهرة قبل التسليم. 2- أن تبعة هلاك المبيع تنتقل من البائع إلى المشتري بالتسليم لا بانتقال الملكية، سواء كان المبيع معيناً بالذات كالعقار مثلاً، أو كان معيناً بالنوع وتم إفرازه كأجهزة جديدة؛ فإن الإفراز وحده دون التسليم يفيد انتقال الملك دون انتقال تبعة الهلاك. 3- إذا تم التسليم فعلياً أو حكمياً، ولو بالتخلية مع الإعلام وفق ما ورد في المادة (3٢٤) فتنتقل تبعة الهلاك دون حاجة إلى إعذار. وإذا لم يتمكن البائع من التسليم لامتناع المشتري مثلاً عن القيام بالأعمال التي لا يتم التسليم إلا بها؛ فيستطيع البائع أن ينقل تبعة الهلاك أو التلف بإعذاره المشتري بالتسلم وفق ما قررته المادة (٢٦٧) في رفض الوفاء. 4 - إخلال البائع بالتزامه بالتسليم وفق الأحكام المبينة في المواد السابقة؛ سواء بامتناعه عنه، أو تأخره فيه، أو تسليمه المبيع بغير الحال التي كان عليها عند العقد، أو تسليمه في غير مكان التسليم، أو مخالفته لأي من أحكام التسليم، تترتب على جميع ذلك ما قررته القواعد العامة في الإخلال بالالتزام؛ فللمشتري أن يطلب تنفيذ العقد أو الفسخ؛ والتعويض في كلتا الحالتين عما يكون قد لحقه من ضرر، وللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان الإخلال قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع الالتزام، كما أن لها أن تمهل البائع في حالات استثنائية لتنفيذ التزامه وفق ما تضمنته المادة (275).

بينت المادة الالتزام الثالث من الالتزامات على البائع في عقد البيع، وهو ضمان التعرض والاستحقاق، والتعرض للمشتري الذي يلتزم البائع بضمانه قد يكون صادراً من البائع أو من الغير. فبينت الفقرة الأولى أن البائع يضمن عدم تعرضه للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه، ويقصد بالتعرض هنا أي عمل مادي أو نظامي يصدر من البائع ويكون من شأنه حرمان المشتري من الانتفاع بالمبيع كلياً أو جزئياً؛ فالتعرض المادي هو الذي لا يستند فيه البائع إلى حق يدعيه، وقد يكون عملاً مادياً محضاً؛ كأن يبيع عقاراً ثم يعمل عملاً يحد من انتفاع المشتري به، أو يكون عملاً مادياً مبنياً على سبب نظامي؛ كأن يبيع البائع الشيء مرتين؛ فالبيع الثاني يعد عملاً مادياً بالنسبة إلى المشتري الأول، والتعرض فيه مزدوج؛ فهو صادر من الغير وفي الوقت ذاته صادر من البائع؛ لأن الغير استمد حقه من البائع. والتعرض النظامي هو الذي يستند فيه البائع إلى حق يدعيه سواء كان سابقاً على عقد البيع أو لاحقاً له؛ كأن يدعي أنه صاحب حق عيني في المبيع، أو أن يبيع شيئاً غير مملوك له ثم يصبح مالكاً له بسبب من أسباب الملك، فيحتج على المشتري بهذا الملك الحادث بعد البيع. والتزام البائع بضمان عدم تعرضه هو التزام بالامتناع عن عمل، وتجري القواعد العامة على الإخلال به؛ فللمشتري طلب التنفيذ العيني بإزالة التعرض ويقضى به إذا كان ممكناً، وله طلب الفسخ مع التعويض في الحالتين، وللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن التعرض جسيماً. وبينت الفقرة الثانية أن البائع يضمن للمشتري عدم استحقاق المبيع أو بعضه للغير، ويترتب على ذلك أن يضمن البائع أي تعرض يصدر من الغير للمشتري في المبيع كله أو بعضه، وما قد ينشأ عن ذلك التعرض من ثبوت استحقاق المبيع أو بعضه للغير، إلا أن هذا الضمان خلافاً لضمان التعرض الصادر من البائع - مقيد بقيدين: القيد الأول: أن يكون تعرض الغير مبنياً على سبب نظامي بأن يدعي الغير حقاً له في المبيع، وقد يكون هذا الحق عينياً كادعائه حق الملكية على المبيع كله أو جزء شائع منه أو جزء غير شائع، أو حق انتفاع، أو ارتفاق، أو رهن ونحو ذلك، وقد يكون حقاً شخصياً كحق إيجار، وأما إذا كان تعرض الغير عملاً مادياً بأن لم يكن يستند فيه إلى حق يدعيه في المبيع، مثل أن ينتزع الشيء من المشتري غصباً أو سرقة أو يحول بينه وبين الانتفاع به ونحو ذلك؛ فلا يضمنه البائع. والقيد الثاني: أن يكون الحق الذي يدعيه الغير سابقاً لعقد البيع، أو آيلاً للغير من البائع حتى ولو كان الوقت الذي آل فيه للغير بعد البيع ولم يمكن المشتري من المبيع لأي سبب كان. فمثال الحق السابق لعقد البيع أن يكون البائع قد رتب حق ارتفاق على العقار قبل البيع لم يعلم به المشتري، ومثال الحق الذي يؤول للغير من البائع بعد البيع ما لو كان النظام يشترط إجراءً معيناً لانتقال الملكية بعقد البيع كالتسجيل مثلاً، وقام البائع ببيع المبيع لمشتر ثان، ثم بادر المشتري الثاني بالتسجيل قبل المشتري الأول، فإن الملكية تستقر للمشتري الثاني ويثبت للمشتري الأول على البائع الضمان. وأما إذا كان الحق الذي يدعيه الغير لاحقاً لعقد البيع ولم يؤل إليه من البائع؛ فإن البائع لا يضمنه. ويترتب على ضمان البائع عدم استحقاق المبيع أن يكون للمشتري مطالبة البائع بالتنفيذ العيني بأن يتدخل البائع في دعوى الاستحقاق التي يقيمها الغير ليكف تعرضه للمشتري، وهذا هو ضمان التعرض، وإذا عجز عن التنفيذ العيني بأن قضي للغير بالحق المدعى به وجب على البائع أن ينفذ التزامه بطريق التعويض بأن يعوض المشتري عما لحقه من ضرر باستحقاق المبيع؛ وهذا هو ضمان الاستحقاق، وهو ما سيأتي بيانه في المواد التالية. وضمان التعرض لا يجب على البائع إلا إذا وقع التعرض فعلاً؛ لا مجرد كونه محتملاً، كما أن ضمان الاستحقاق لا يجب إلا إذا ثبت الاستحقاق لا مجرد الادعاء به؛ إلا أنه يحق للمشتري إذا لم يكن دفع الثمن ورفعت عليه دعوى استحقاق أن يحبس الثمن وفق ما تضمنته المادة (349).

بينت الفقرة الأولى أن لمدعي الاستحقاق أن يرفع دعواه قبل تسلم المشتري للمبيع على البائع أو على المشتري أو عليهما معاً؛ لأن كلاً منهما ذو صفة في الدعوى؛ فالبائع هو من بيده العين والمشتري هو المالك في الظاهر، وأما بعد تسلم المشتري للمبيع فوفقاً لقواعد المرافعات ترفع الدعوى على ذي الصفة، وهو المشتري؛ لأنه الحائز والمالك في الظاهر. وبينت الفقرة الثانية أنه إذا رفعت دعوى الاستحقاق على المشتري سواء كان المبيع في يده أم لم يكن في يده، وجب عليه المبادرة بإعلام البائع بذلك، ويكون المشتري قد أدى ما يجب عليه من المبادرة متى أعلم البائع في الوقت الملائم بحيث يتمكن من الدفاع عن الحق الذي باعه. وليس للإعلام شكل خاص، إلا أن عبء الإثبات يقع على المشتري، ومن الإعلام أن يطلب المشتري إدخال البائع في الدعوى، وإذا أعلم البائع بالدعوى وجب عليه أن يتدخل فيها؛ سواء طلب المشتري إدخاله أم لم يطلب؛ وذلك حتى ينفذ البائع التزامه تنفيذاً عينياً بأن يجعل الغير يكف عن ادعائه أو يحصل على حكم قضائي برفض دعواه. وبينت الفقرتان الثالثة والرابعة وكذا المادة التالية (3۳۲) الحالات التي يحق للمشتري الرجوع فيها بضمان الاستحقاق على البائع؛ وما يستطيع به البائع أن يدفع هذا الضمان. فبينت الفقرة الثالثة حالتين يثبت فيهما للمشتري حق الرجوع على البائع بالضمان: الحالة الأولى: إذا أعلم البائع من قبل المشتري أو من غيره بدعوى الاستحقاق في وقت ملائم، فتدخل البائع في الدعوى، وحكم لصالح مدعي الاستحقاق. والحالة الثانية: إذا أعلم البائع من قبل المشتري أو من غيره بدعوى الاستحقاق في وقت ملائم؛ فلم يتدخل، وحكم لصالح مدعي الاستحقاق، فيكون الحكم حجة على البائع المصلحة المشتري يحق له الرجوع بالضمان حتى لو أثبت البائع أنه لو تدخل في الدعوى لما حكم لصالح المدعي؛ لأن المشتري بذل ما في وسعه، فأعلم البائع بدعوى الاستحقاق، ولم يسلم بحق الغير، ولا يستطيع البائع أن يدفع رجوع المشتري عليه إلا إذا أثبت أن الحكم لصالح المدعي كان نتيجة تغرير المشتري أو خطئه الجسيم. والحكم بالاستحقاق في هذه الحالة يكون حجة على البائع للمشتري، ولا يكون حجة على البائع للمستحق مادام أن المستحق لم يدخل البائع في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته؛ ومن ثم إذا عجز البائع عن إثبات تغرير المشتري أو خطئه الجسيم، وضمن الاستحقاق جاز له أن يرجع على المدعي إذا أثبت أنه غير محق في دعوى الاستحقاق وليس للمدعي أن يحتج بالحكم الصادر لمصلحته في مواجهة المشتري. وبينت الفقرة الرابعة الحالة الثالثة من حالات رجوع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق، وهي فيما إذا أعلم البائع بالدعوى في وقت غير ملائم، ومن باب أولى إذا لم يتم إعلامه أصلاً، وحكم بالاستحقاق ؛ فإن أثبت البائع أنه لو تدخل في الدعوى لردت فيسقط حق المشتري في الرجوع بالضمان؛ وإن لم يثبت ذلك لم يسقط حق المشتري في الرجوع بالضمان، لأن الحكم بالاستحقاق سيثبت للمدعي حتى لو تدخل البائع.

بينت المادة الحالة الرابعة من حالات رجوع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق، وهي فيما إذا أعلم المشتري البائع بدعوى الاستحقاق في الوقت الملائم فلم يتدخل؛ ثم أقر المشتري لمدعي الاستحقاق بالحق عن حسن نية أو تصالح معه عن حسن نية دون أن يتنظر صدور الحكم القضائي، فيحق له الرجوع على البائع بالضمان في هذه الحالة؛ لأنه أدى ما عليه؛ ولأن امتناع البائع عن التدخل قرينة على أن المدعي محق في دعواه، إلا أن البائع يستطيع أن يدفع رجوع المشتري عليه بالضمان إذا أثبت أن المدعي لم يكن على حق في دعواه، وأن المشتري قد تعجل في الإقرار أو الصلح ويستطيع البائع أيضاً أن يدفع رجوع المشتري عليه إذا أثبت أن المشتري لم يكن حسن النية في إقراره أو صلحه. والسبب في تخفيف ما يدفع به البائع عن نفسه الضمان مقارنة بالحالة الثانية المبينة في شرح المادة السابقة (3۳۱) مع أن المشتري في كليهما أعلم البائع في الوقت الملائم ولم يتدخل هو أن المشتري في تلك الحالة بذل ما في وسعه؛ فلا يكون مسؤولاً عن صدور الحكم بالاستحقاق ما لم يثبت البائع تغرير المشتري أو خطأه الجسيم، بينما إذا ثبت الاستحقاق بإقرار المشتري أو مصالحته فإنه يتحمل مسؤولية هذا الإقرار أو الصلح؛ فلو لم يكن على حق فيما فعل بأن أثبت البائع أن المدعي لم يكن على حق في دعواه فإن المشتري يفقد حقه في الرجوع.

بينت المادة أن المشتري إذا توقى دعوى استحقاق المبيع كله أو بعضه بأن تصالح مع مدعي الاستحقاق على مال سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها وقبل صدور الحكم القضائي، وكان للمشتري حق الرجوع على البائع بالضمان؛ بأن لم يثبت البائع أن المدعي لم يكن على حق في دعواه؛ فإن البائع يستطيع أن يتخلص من التزامه بالضمان بأن يرد للمشتري ما يعادل بدل الصلح ونفقاته. ويقصد ببدل الصلح: المال الذي تصالح به المشتري مع المدعي مقابل أن ينزل عن دعواه؛ فإذا كان بدل الصلح نقداً فيرد البائع للمشتري مقدار المبلغ النقدي الذي دفعه ونفقات الصلح، وإن كان بدل الصلح شيئاً آخر غير النقد فيرد له قيمة ذلك الشيء ونفقات الصلح. وتخلص البائع من التزامه بالضمان على هذا النحو راجع إلى اختياره هو لما يكون أفضل له باختيار أقل الأمرين من بدل الصلح ونفقاته أو ضمان الاستحقاق؛ فإذا كان بدل الصلح ونفقاته هو الأقل لم يلزم البائع إلا ذلك، وليس للمشتري أن يطالبه بالضمان كاملاً؛ لأن تعويض المشتري عما لحقه من ضرر بسبب الاستحقاق يتحقق بدفع بدل الصلح ونفقاته؛ فقد استبقى المبيع واسترد خسارته، فإذا اقتضى أكثر من ذلك فقد تسلم ما ليس مستحقاً له؛ فيكون إثراء بلا سبب، وإذا كان ضمان الاستحقاق هو الأقل لم يلزم البائع إلا ذلك ؛ لأن التزام البائع بموجب عقد البيع بمقدار ضمان الاستحقاق لا أكثر؛ فإذا تحمل المشتري في تصالحه أكثر من ذلك لم يلزم البائع، ويتصور وقوع ذلك بأن يرغب المشتري في أن يستبقي المبيع عنده ولا ينتزعه المدعي منه فيتصالح معه على مال يزيد على ضمان الاستحقاق الذي يحق له الرجوع به على البائع. ودلت المادة على أنه إذا حكم باستحقاق المبيع ثم اتفق المشتري مع المستحق على أن يحتفظ المشتري بالمبيع مقابل عوض ببيع أو مقايضة أو غير ذلك فلا أثر لهذا الاتفاق على التزام البائع بضمان الاستحقاق؛ فللمشتري أن يرجع عليه بالضمان ولو كان أكثر من ذلك العوض؛ لأن ضمان الاستحقاق ثبت بصدور الحكم.

بينت المادة أن للمستحق أن يجيز البيع الذي تم بين البائع والمشتري؛ وبهذا يخلص المبيع للمشتري، ويُعد البائع بالإجازة اللاحقة - نائباً عن المستحق في إبرام عقد البيع مع المشتري لا من حين الإجازة فحسب بل من حين إبرام العقد؛ لأن الإجازة تسري بأثر رجعي؛ وللمستحق في هذه الحالة أن يرجع على البائع بثمن المبيع، ويراعى في تطبيق هذه المادة ما تضمنته المادة (359) في بيع ملك الغير ؛ فلا تضر الإجازة بحقوق الغير؛ وللمشتري طلب إبطال البيع قبل الإجازة؛ فإذا أبطل البيع قبل إجازة المستحق فلا أثر لها.

بينت المادة عناصر التعويض التي يرجع بها المشتري على البائع في حالة الاستحقاق الكلي للمبيع إذا لم يجز المستحق البيع، وقد بين النظام تفصيلاً عناصر هذا التعويض بهذا النص الخاص، ولم يتركها للقواعد العامة؛ نظراً للطبيعة الخاصة لهذا الضمان، وهذه العناصر هي: أ- ثمن البيع؛ لأنه تبين بالاستحقاق أن المشتري دفع الثمن تنفيذاً لبيع لم يرتب انتقال الملكية إليه؛ فالبائع قبض ما لا يستحق؛ فوجب عليه رده، ولم يوجب النظام قيمة المبيع وقت الاستحقاق؛ لأنه ثبت بالاستحقاق أن المبيع لم يكن في ملك المشتري حتى يعوض بقيمته حينئذ ؛ إذ الملكية منتفية منذ نشوء البيع. ب الثمار التي ألزم المشتري بردها للمستحق وفقاً لما تضمنته المادة (676)، فالمشتري بصفته حائزاً للمبيع وهو غير مالك ملزم برد ثمار المبيع للمستحق من حين رفع دعوى الاستحقاق، وإذا كان يعلم بالاستحقاق قبل رفع الدعوى فيلزم أيضاً برد الثمار من حين علمه، وللمشتري أن يرجع على البائع بما ألزم برده للمستحق من هذه الثمار. ج النفقات النافعة - كالبناء والغراس التي أحدثها المشتري في المبيع مما لا يلزم المستحق تعويض المشتري عنها، وفقاً لما تضمنته الفقرة الثانية من المادة (677). فالمستحق بصفته مالكاً يلزمه تعويض المشتري الذي أحدث بناءً أو غراساً وذلك بدفع أقل القيمتين النفقات التي تكلفها المشتري ومقدار ما زادت في قيمة الأرض، فلو كانت الزيادة في قيمة الأرض أقل من النفقات التي تكلفها المشتري، فيسترد من المستحق مقدار الزيادة في قيمة الأرض ويرجع على البائع بالفرق. وأما النفقات الضرورية كالترميمات الضرورية فهذه لا يرجع بها المشتري على البائع؛ لأن له أن يرجع بها على المستحق وفقاً للفقرة الأولى من المادة (677). د النفقات الكمالية؛ كالدهان والزخرفة ونحوها من النفقات التحسينية؛ فهذه ليس للمشتري أن يرجع بها على المستحق، وكذا لا يرجع بها على البائع حسن النية؛ لأن المدين في المسؤولية العقدية وهو البائع هنا إذا لم يرتكب غشاً أو خطئاً جسيماً لا يكون مسؤولاً عن الضرر غير المتوقع، وهذه النفقات منه، فلا يكون للمشتري الرجوع على البائع بها إلا إذا كان سيء النية بحيث كان يعلم بحق الغير. ه أي أضرار أخرى لحقت المشتري بسبب الاستحقاق؛ فيحق له الرجوع بها على البائع؛ فيشمل ذلك كل خسارة لحقت بالمشتري أو كسب فاته كنتيجة مباشرة للاستحقاق، وهذا يدل على أن ما تضمنته العناصر الأربعة الأولى هو الحد الأدنى من التعويض الذي يرجع به المشتري على البائع فإذا وجد مقتض للتعويض غير ما ذكر كان له الرجوع به مثل مصروفات دعوى الاستحقاق ودعوى الضمان، وكذا مصروفات البيع فهي وإن كانت تدخل في البند الأول أي الثمن ضمناً فإن هذا البند يشملها بصيغة العموم. ويراعى في هذا العنصر ما إذا كان البائع حسن النية فلا يكون مسؤولاً إلا عن الأضرار المتوقعة، وأما إذا كان سيء النية فيكون مسؤولاً حتى عن الأضرار غير المتوقعة، والتي قد تشمل الزيادة في قيمة المبيع وقت الاستحقاق عن الثمن الذي عوض به المشتري إذا ترتب على فواتها ضرر وفق قواعد التعويض. ويجدر التنبه إلى أن دعوى ضمان الاستحقاق تختلف عن دعوى المشتري إبطال البيع بمقتضى أحكام بيع ملك الغير، أو دعوى فسخه لعدم تنفيذ البائع التزامه بنقل ملكية المبيع؛ فتسري على تلك الدعويين الأحكام المقررة لها في مواضعها سواء من حيث الشروط أو التقادم أو التعويض أو غير ذلك، بينما دعوى ضمان الاستحقاق لا يقوم فيها الضمان إلا بعد ثبوت الاستحقاق، وتبدأ مدة التقادم فيها من ثبوت الاستحقاق، وبين النظام مقدار التعويض فيها بشكل مفصل.

بينت المادة حكم ضمان الاستحقاق الجزئي؛ وذلك بأن يتبين أن جزءًا من المبيع شائعاً أو مفرزاً مملوكاً للغير، أو أن المبيع أو جزءًا منه مثقل بحق عيني كحق انتفاع أو ارتفاق أو رهن أو بحق شخصي كعقد إيجار ؛ فلا يخلو الأمر في الاستحقاق الجزئي من حالتين: الحالة الأولى: أن يحدث الاستحقاق عيباً في باقي المبيع؛ بحيث ينقص من قيمته أو من نفعه بحسب الغاية المقصودة، والمستفادة مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء، أو الغرض الذي أعد له، ولا يلزم لتحقق هذه الحالة أن يكون الجزء المستحق هو الأكثر، فقد يكون الاستحقاق في جزء يسير من المبيع، ولكن يترتب عليه فوات المنفعة المقصودة التي من أجلها أبرم المشتري العقد ولو علم بفواتها لما أتم العقد؛ كأن تستحق أمتار يسيرة من أرض بين في العقد أنها لغرض إقامة مدرسة عليها بما يؤدي إلى نقصانها عن المساحة المشروطة نظاماً، ونحو ذلك؛ ففي هذه الحالة يكون للمشتري الخيار بين أمرين: أ- طلب فسخ البيع واسترداد الثمن، وتجري على ذلك قواعد الفسخ للعيب؛ فله طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب الفسخ، كما أن للمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان ما أحدثه من عيب قليل الأهمية، وليس للمشتري إذا اختار الفسخ أن يرجع بضمان الاستحقاق في الجزء المستحق؛ لأن العقد إذا فسخ زالت آثاره ومنها ضمان التعرض والاستحقاق. ب إمساك المبيع وطلب تنفيذ العقد، ويترتب على ذلك أن يكون له الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق في الجزء المستحق، وتسري على ذلك أحكام ضمان الاستحقاق المبينة في هذا النظام، وعناصر التعويض هي ذاتها المبينة في المادة (335) في الاستحقاق الكلي إلا أن التعويض يكون بقدر الجزء المستحق فقط لا بكامل المبيع؛ فمثلاً: ليس له أن يرجع من الثمن إلا بما يقابل الجزء المستحق من المبيع، وهكذا. ومن الأضرار التي يلزم البائع التعويض عنها تطبيقاً لتلك المادة ما حصل من نقص في قيمة الجزء غير المستحق من المبيع بسبب العيب، فيضمن البائع فرق الثمن في ذلك الجزء بسبب العيب وفق ما سيأتي بيانه في المادة (33). والحالة الثانية: ألا يحدث الاستحقاق عيباً في باقي المبيع، بحيث لا ينقص من قيمته ولا من نفعه؛ مثل أن يكون المبيع قابلاً للتجزئة كقطع أراض متعددة واستحق بعضها دون أن يحدث ذلك الاستحقاق عيباً في باقيها، والحكم في هذه الحالة أن المشتري ليس له إلا الرجوع بضمان الاستحقاق في الجزء المستحق فقط، وليس له طلب الفسخ.

بينت المادة أن أحكام ضمان التعرض والاستحقاق إجمالاً ليست من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على تعديلها سواء في التعرض الصادر من البائع أو من الغير. فبينت الفقرة الأولى جواز الاتفاق على إسقاط الضمان أو الحد منه - أي إنقاصه أو زيادته، باستثناء ما إذا كان ناشئاً من فعل البائع، أو كان البائع تعمد إخفاءه. وغني عن البيان أن محل الاستثناء هو في اشتراط الإسقاط أو الإنقاص، وأما اشتراط الزيادة فلا محل لهاتين الحالتين فيه. وعلى هذا؛ فيجوز الاتفاق على زيادة الضمان مطلقاً سواء في التعرض الذي يصدر من البائع أو من الغير، مثل أن يشترط المشتري أن يرجع على البائع بأعلى القيمتين: الثمن أو قيمة المبيع عند الاستحقاق، أو أن يرجع عليه بالنفقات الكمالية في كل الأحوال، أو أن يرجع عليه بالضمان بمجرد العلم بسبب الاستحقاق ولو لم يتم التعرض فعلاً. وأما الاتفاق على إسقاط الضمان أو الحد منه فيمنع في حالتين: الحالة الأولى: إذا كان ناشئاً عن فعل البائع؛ فهذا الاتفاق باطل؛ سواء كان التعرض صادراً من البائع نفسه أو من الغير ، فلو اشترط البائع إسقاط الضمان كلياً أو أن يكون محدوداً بمبلغ معين؛ فلا أثر لهذا الشرط لو صدر من البائع تعرض للمشتري، أو صدر تعرض من الغير يدعي حقاً آل إليه بفعل البائع؛ ذلك أن البائع إذا اشترط الإعفاء من الضمان أو إنقاصه ثم تعرض للمشتري أو جعل الغير يتعرض له فيعد فعله خطأ جسيماً لا يجوز الاتفاق على الإعفاء منه. الحالة الثانية: إذا كان البائع يعلم بالاستحقاق وتعمد أن يخفيه؛ وذلك بأن يعلم أن المشتري لا يعلم بحق الغير وكتمه عنه، فهذا الاتفاق باطل؛ لأنه غش. وفيما عدا هاتين الحالتين يجوز الاتفاق على إسقاط الضمان كلياً، فيشمل أي استحقاق كلي أو جزئي، أو الاتفاق على إنقاصه، كأن يشترط البائع عدم مسؤوليته عن الاستحقاق الكلي فقط أو الجزئي فقط أو عن حالة معينة من الاستحقاق، أو يشترط ألا يجاوز مبلغ الضمان حداً معيناً ونحو ذلك. وما تضمنه حكم الفقرة يعد تطبيقاً لما هو مقرر في المادتين (١٧٤، ١٧٥) من جواز إعفاء المدين - وهو البائع هنا من المسؤولية العقدية أو إنقاصها في غير حالات الغش والخطأ الجسيم، وجواز زيادة هذه المسؤولية. وبينت الفقرة الثانية أن البائع إذا اشترط إسقاط الضمان كلياً ومن باب أولى إنقاصه وكان الشرط صحيحاً - أي لم يكن الاستحقاق بفعله ولم يتعمد إخفاءه فإن البائع يبقى مع ذلك مسؤولاً عن رد ثمن المبيع، فيلزمه في الاستحقاق الكلي رد الثمن كاملاً وفي الاستحقاق الجزئي رد ما يقابل الجزء المستحق من الثمن؛ فالشرط لا يفيده إلا بالإعفاء من التعويض عن الأضرار الأخرى، ويستثنى من ذلك ما إذا كان المشتري يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، كأن يعلم بوجود نزاع على ملكية العقار، واشتراه بشرط عدم الرجوع على البائع بالضمان؛ فقد قبل بالشرط وهو على بينة. وواضح من نص الفقرة أن حكم هذه المسألة من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على خلافها؛ كأن يشترط البائع إعفاءه من الرجوع عليه حتى بثمن المبيع في حال الاستحقاق فيتبين أن المبيع مستحق للغير والمشتري لم يكن يعلم بسبب ذلك الاستحقاق، فيحق له الرجوع بالثمن دون التعويضات الأخرى على الرغم من هذا الشرط. ويجدر التنبه في تطبيق أحكام هذه المادة إلى أمرين: الأول: إذا حصل الشك في تفسير الشرط فسر لمصلحة من يتحمل عبأه تطبيقاً للمادة (104) ؛ ففي حال اشتراط زيادة الضمان يفسر الشك لمصلحة البائع، وفي حال الإعفاء أو الإنقاص يفسر لمصلحة المشتري. والثاني يصح أن يكون الاتفاق فيما سبق صريحاً أو ضمنياً، كأن يكون المتعاقدان عالمين بحق الغير عند التعاقد ويراعيان ذلك في الثمن، وقد تدل ملابسات العقد حتى مع العلم بسبب الاستحقاق على عدم الاتفاق، فيبقى التزام البائع بالضمان على حاله.

تشرع هذه المادة في بيان أحكام الالتزام الرابع من التزامات البائع بمقتضى عقد البيع، وهو ضمان العيوب الخفية؛ فعقد البيع قائم على أساس سلامة المبيع من العيب دون حاجة إلى اشتراط؛ لأن من التزم بنقل ملكية شيء وجب عليه أن ينقل حيازة مفيدة تمكن من انتقلت إليه من الانتفاع بالشيء فيما أعد له، ومن ثم وجب أن يضمن العيوب التي تعوق هذا الانتفاع. فقررت الفقرة الأولى أن البائع يلتزم بضمان العيب، وأن العيب الذي يضمنه البائع من شرطه أن يكون مؤثراً ، وضابط ذلك أن ينقص من قيمة المبيع أو من نفعه المقصود؛ فالمعيار الذي قررته الفقرة للعيب موضوعي لا ذاتي، فمتى كان العيب ينقص من قيمة المبيع فإن البائع يضمنه ولو لم ينقص من نفعه؛ وكذا لو كان ينقص من نفعه المقصود ولو لم ينقص من قيمته. وترسيخاً لهذا المعيار حددت الفقرة ثلاثة أمور يمكن أن يعرف بها النفع المقصود الذي يضمن البائع نقصه فقد يصرح به في العقد، أو يستفاد من طبيعة الشيء، فدار السكني تحدد طبيعتها الأغراض المقصودة منها، أو يستفاد من الغرض الذي أعد له الشيء، كفرس معدة للسباق، أو آلة معدة للحراثة أو للحصاد. وبين آخر الفقرة أن البائع يضمن العيب ولو لم يكن عالماً بوجوده؛ لأن النقص على المشتري حاصل علم البائع بالعيب أو لم يعلم به. وبينت الفقرة الثانية الأثر المترتب على ضمان البائع للعيب؛ فمتى ظهر في المبيع عيب وتحققت فيه الشروط الآتية في المادة (334) فإن المشتري يكون له الخيار بين أمرين: الخيار الأول: طلب فسخ البيع، وتسري على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي الواردة في المادة (۱۰۷) ؛ فللمحكمة وفق تقديرها أن ترفض الفسخ إذا كان النقص الذي أحدثه العيب قليل الأهمية، وتقصر حق المشتري على التعويض وفق الخيار الثاني الآتي. والخيار الثاني: إمساك المبيع والرجوع على البائع بفرق الثمن، وفرق الثمن هو ما يعبر عنه الفقهاء بـ "أرش العيب، ويقصد به نسبة قيمة المبيع سليمًا إلى قيمته معيبًا من الثمن؛ فإذا كانت قيمة المبيع سليماً مائة وقيمته معيباً ثمانين فالنسبة هي الخمس؛ فله أن يرجع على البائع بخمس الثمن. وبين آخر الفقرة أن البائع يستطيع أن يتوقى الفسخ أو تحمل فرق الثمن متى نفذ التزامه تنفيذاً عينياً بإحضار بديل للمبيع غير معيب، وكذا لو أصلح العيب في مدة قصيرة لا ضرر فيها على المشتري؛ إذ إن موجب طلب الفسخ أو طلب فرق الثمن قد زال. وما قررته الفقرة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقواعد العامة، فالمدين - وهو البائع هنا يستطيع أن يتوقى الفسخ وهو الخيار الأول أو التنفيذ بالتعويض وهو الخيار الثاني متى نفذ التزامه تنفيذاً عينياً دون تأخير يتضرر به المشتري. وإذا كان المبيع معيناً بنوعه ووصفه، وأخل البائع بما التزم به من صفات؛ فللمشتري وفقاً للقواعد العامة في الإخلال بالالتزام طلب التنفيذ العيني متى كان ممكناً؛ فضلاً عن حقه في طلب الفسخ أو التنفيذ بطريق التعويض، وهو ما يعرف عند الفقهاء بخيار "الخلف في الصفة". وبينت الفقرة الثالثة أن للمشتري الحق في التعويض عما يلحقه من ضرر بسبب العيب سواء اختار الفسخ أو الرجوع بفرق الثمن أو تم التنفيذ العيني بإحضار بديل أو بإصلاح العيب؛ ولا يعدو ذلك عن أن يكون تطبيقاً للقواعد العامة للإخلال بالالتزام الواردة في المادتين (۱۰۷، ۱۰۹). ومما سبق يتبين أن من شروط العيب الذي يضمنه البائع أن يكون مؤثراً، وهو بهذا الاعتبار نوعان: النوع الأول: عيب غير مؤثر ، وهو ما لا ينقص من قيمة المبيع ولا من نفعه؛ فلا يضمنه البائع. والنوع الثاني عيب مؤثر ؛ وهو ما ينقص من قيمة المبيع أو من نفعه، فيضمنه البائع، وهو على درجتين: أ- إذا كان النقص الذي أحدثه العيب يسيراً، أي قليل الأهمية، فيستحق المشتري التعويض دون حقه في الفسخ. ب وإذا كان النقص جوهرياً، فللمشتري الخيار بين الفسخ والتعويض. وفي كلا حالتي العيب المؤثر متى كان التنفيذ العيني ممكناً فللبائع توقي طلب التعويض أو الفسخ بإحضار بديل مماثل، وللمشتري أيضاً طلب التنفيذ العيني متى كان ممكناً.

تضمنت فقرات المادة حالات لا يضمن فيها البائع العيب ولو كان مؤثراً ينقص من قيمة المبيع أو من نفعه المقصود، وهي على النحو الآتي: أ- إذا لم يكن العيب خفياً على المشتري؛ بأن كان يعلم بالعيب وقت البيع أو يفترض علمه به فتضمنت هذه الفقرة حالتين لا يضمن فيهما البائع العيب؛ لانتفاء شرط خفاء العيب، وهما: أولاً: إذا كان المشتري يعلم بالعيب وقت البيع، ولو كان العيب غير ظاهر؛ لأن قبوله الشراء مع علمه بالعيب دليل على رضاه به. ثانياً: إذا كان من المفترض علمه بالعيب، بأن كان يستطيع أن يتبينه بنفسه لو فحص المبيع بعناية الشخص المعتاد؛ فالعيب في هذه الحالة يعد ظاهراً غير خفي، والمشتري يتحمل تبعة تقصيره، ويستثنى من انتفاء الضمان عن البائع في هذه الحالة صورتان: الصورة الأولى: إذا أثبت المشتري أن البائع ضمن له خلو المبيع من العيب المعين الذي وجد في المبيع، لأن تأكيد البائع للمشتري خلو المبيع من ذلك العيب يعد اتفاقاً ضمنياً على أن البائع يضمن هذا العيب بالذات. والصورة الثانية: إذا تعمد البائع إخفاء العيب غشاً منه، لأن البائع ارتكب خطأ يستغرق تقصير المشتري في عدم الفحص. وإذا كان المشتري عالماً بالعيب أو من المفترض علمه به؛ فلا يلتفت إلى ادعائه أنه ظن أن العيب لا يؤثر في المنفعة المقصودة من المبيع، ما لم يثبت أنه كان يعتقد أن العيب غير مؤثر ، وأن الشخص المعتاد لا يستطيع أن يدرك أن العيب مؤثر. ب إذا كان العيب مما جرى العرف على التسامح فيه؛ حتى ولو كان عيباً مؤثراً، كالثمار التي يكون مأكولها في جوفها كالبطيخ والشمام والدباء ونحوها إذا جرى العرف على التسامح فيها. ج- إذا لم يكن العيب قديماً؛ أي حدث بعد التسليم؛ فالمعتبر في كون العيب قديماً من عدمه هو وقت التسليم لا وقت البيع، فلو كان المبيع سليماً وقت البيع ثم حدث به عيب قبل التسليم فيضمنه البائع؛ لأن المبيع قبل التسليم في ضمانه، وأما إذا حدث العيب بعد التسليم فلا يضمنه ما لم يكن العيب مستندًا إلى سبب موجود في المبيع قبل التسليم ولكنه ظهر بعده؛ مثل أن يكون المبيع حيواناً يحمل جرثومة المرض قبل التسليم ثم حدث المرض بعده. د إذا كان البيع في المزاد من قبل الجهات القضائية أو الإدارية؛ وذلك لأن البيع بالمزاد قد أعلن عنه، وأتيحت الفرصة للمزايدين للتأكد من سلامته قبل الإقدام على المزايدة فيحسن بعد أن اتخذت كل هذه الإجراءات ألا يفسخ البيع لأمر كان يمكن توقيه؛ لئلا تعاد إجراءات طويلة بمصروفات جديدة يتحملها المدين. وأما المزادات الأخرى غير القضائية والإدارية فإن البائع يضمن العيب كسائر البيوع.

تبين المادة المدة التي يجب على المشتري أن يتحقق فيها من سلامة المبيع من العيب، والمدة التي يجب أن يعلم فيها البائع بالعيب في حال وجوده، وفرقت المادة بين نوعين من العيوب: النوع الأول: عيوب يمكن اكتشافها بالفحص المعتاد، كالعيوب التي يمكن اكتشافها في الأجهزة بمجرد فتح أغلفتها أو بمجرد استعمالها، أو العيوب التي تظهر في السيارة بتجربتها، أو بفحصها الفحص المعتاد. والنوع الثاني عيوب لا يمكن اكتشافها بالفحص المعتاد، وإنما تتطلب فحصاً فنياً غير معتاد في مثل تلك السلع. فبينت الفقرة الأولى ما يتعلق بالنوع الأول من العيوب، وهو أن المشتري إذا تسلم المبيع فعليه التحقق من حالته بمجرد أن يتمكن من ذلك وفقاً للمألوف من التعامل، وترك النظام تحديد مدة التحقق بمدة معينة؛ لاختلافها باختلاف طبيعة المبيع؛ فالمدة المألوفة للتحقق من حالة المبيع في العقار تختلف عن الحيوان أو السيارة أو الطعام ونحو ذلك. وإذا وجد المشتري في المبيع عيباً مما يمكن أن يكتشف بالفحص المعتاد فعليه أن يعلم البائع به في مدة معقولة وفقاً للمألوف في التعامل، وإلا عد تأخره في الإعلام رضى منه بالعيب وسقط حقه في الرجوع على البائع في الضمان. وبناء على ما قررته الفقرة؛ لا يلزم المشتري في هذا النوع من العيوب أن يُعلم البائع به فور اكتشافه؛ ولا يعد تأخره في الإعلام رضى منه بالعيب إذا لم يتجاوز المدة المعقولة؛ لأن من المعتاد في تعاملات الناس أن العيب وإن كان يمكن اكتشافه عند التسلم إلا أن المشتري لا يكتشفه إلا بعد التجربة أو فتح الجهاز ونحو ذلك، فأعطي مهلة معقولة للفحص والإعلام البائع. وبينت الفقرة الثانية ما يتعلق بالنوع الثاني من العيوب؛ وهي التي لا يمكن اكتشافها بالفحص المعتاد؛ فلا يعد مضي مدة قبل اكتشافها ولو طالت دليلاً على رضى المشتري بالعيب، ولكن متى اكتشف العيب وجب عليه أن يعلم البائع به بمجرد ظهوره وإلا عد راضياً به فعذر المشتري بعدم اكتشاف العيب في مدة معقولة لطبيعة ذلك العيب لا يسوغ له أن يتباطأ في إعلام البائع به متى اكتشفه. وفي كلا النوعين لا يجب للإعلام شكل معين؛ فيمكن أن يكون كتابة أو مشافهة أو غير ذلك، وعلى المشتري عبء إثبات ذلك.

بينت الفقرة الأولى أن حق المشتري في الرجوع على البائع بضمان العيب سواء بالفسخ أو بالرجوع بفرق الثمن يسقط متى صدر من المشتري ما يدل على رضاه بالعيب صراحة أو ضمناً؛ كما لو علم بالعيب وتأخر في إعلام البائع به في المدة المقررة في المادة ( 3٤٠). وبينت الفقرة الثانية الحالات التي يسقط فيها حق المشتري في طلب فسخ البيع مع بقاء حقه في الرجوع بفرق الثمن على النحو الآتي: أ- إذا تصرف المشتري في المبيع تصرفاً يخرجه عن ملكه كالبيع أو الهبة؛ لتعذر رد المبيع إلى البائع؛ لانتقال ملكيته والتصرف فيه إلى الغير ؛ ولأنه إذا كان التصرف بالبيع فالمشتري لا يستطيع أن يسترد المبيع ممن انتقل إليه وهو ضامن للتعرض؛ إذ الاسترداد والضمان لا يجتمعان. وإذا عاد المبيع إلى المشتري قبل طلبه فرق الثمن مثل أن يرد المشتري الثاني المبيع بالعيب فيستطيع المشتري الأول هو أيضاً أن يرد المبيع إلى بائعه. ب إذا رتب المشتري على المبيع حقًا للغير لا يخرجه عن ملكه، كحق انتفاع أو رهن، وتعذر تخليصه منه خلال مدة معقولة؛ لأن الحق في المبيع غير متمحض للمشتري بل يشاركه في ذلك الغير، ولتعذر رد المبيع إلى البائع بحاله مجرداً من الحق. ج- إذا هلك المبيع أو تعيب بفعل المشتري أو بعد تسلمه له، لأن الهلاك يجعل رد المبيع محالاً، وإذا كان الهلاك بفعل المشتري قبل التسليم الفعلي عد متسلماً له حكماً؛ فعليه ضمانه، وأما تعيب المبيع فهو تغير في المبيع بعيب يجعل للبائع الحق في عدم قبوله، وهذا التعيب مقيد أيضاً بما إذا كان بفعل المشتري أو بعد تسلمه له، لأنه حينئذ في ضمانه، وإذا زال العيب الجديد عاد للمشتري حق الفسخ للعيب القديم. وتقييد الهلاك والتعيب بكونه بفعل المشتري أو بعد تسلمه أخرج ما إذا وقع شيء منها في حال يكون البائع هو المسؤول عنه، كأن يهلك المبيع أو يتعيب قبل التسليم بغير فعل المشتري، أو بعد التسليم بفعل البائع؛ فلا يسقط بذلك حق المشتري في الفسخ. د إذا زاد المشتري في المبيع زيادة متصلةً غير متولّدة منه قبل التسلم أو بعده، كأن يحدث بناء في المبيع أو يصبغه ونحو ذلك؛ لتعذر رد المبيع بحاله إلى البائع بسبب المشتري؛ وأما إذا زاد المبيع زيادة متصلة متولدة منه ككبر المبيع وسمنه، أو زيادة منفصلة متولدة منه كنتاج الحيوان أو زيادة منفصلة غير متولدة منه كأجرة العقار فلا يسقط بذلك حق المشتري في رد المبيع.

بينت المادة الحكم فيما إذا بيعت أشياء متعددة بعقد بيع واحد وظهر في بعضها عيب، فلا يخلو الأمر من حالتين: الحالة الأولى: أن يكون المبيع غير قابل للتجزئة، مثل طقم أوان، أو قطع رخام تشكل زخرفة فنية واحدة، وتبين في بعضها عيب، فليس للمشتري أن يرد المعيب فقط، وإنما له الخيار بين أن يرد الجميع ويسترد الثمن أو يمسك الجميع وله فرق الثمن. والحالة الثانية: أن يكون المبيع قابلاً للتجزئة سواء كان من المثليات كخمس مولدات كهربائية من نوع واحد، أو من القيميات كخمس قطع أراض، وتبين في بعضها عيب، فللمشتري الخيار بين طلب فسخ البيع في الجزء المعيب فقط واسترداد ما يقابله من الثمن أو إمساك الجزء المعيب وله الرجوع بنقص الثمن بسبب العيب، وليس للمشتري طلب فسخ البيع في جميع المعيب ما لم يتبين أن المشتري ما كان ليرضى بالعقد دون الجزء المعيب، كما لو كانت المولدات لمشروع يتطلب ذلك العدد من ذلك النوع، أو كانت الأراضي لإنشاء مدرسة تستلزم مساحة الأراضي مجتمعة. ويراعى في تطبيق حكم المادة: 1 - تسري على طلب الفسخ أو طلب فرق الثمن سواء في جميع المبيع أو بعضه الأحكام التي سبقت في شرح المادة (33) ، ومن ذلك أن للمشتري التعويض عما لحقه من ضرر بسبب العيب سواء طلب الفسخ أو فرق الثمن، وأن للمحكمة رفض طلب الفسخ إذا كان ما أحدثه العيب من نقص قليل الأهمية وتقصر حق المشتري على طلب فرق الثمن. 2- معيار تعيب بعض المبيع موضوعي لا يختلف عن معيار تعيب المبيع الذي سبق بيانه في المادة (33) بينما حق المشتري في طلب فسخ البيع في جميع المبيع القابل للتجزئة لتعيب بعضه هو معيار ذاتي يتعلق بشخص المشتري؛ فإذا أثبت أنه ما كان ليرضي بالعقد دون الجزء المعيب فله طلب الفسخ في جميعه.

بينت المادة أن أحكام ضمان العيب ليست من النظام العام، فيجوز الاتفاق على خلافها فللمتعاقدين الاتفاق على الحد من ضمان العيب إلى درجة الإعفاء منه كاملاً، كأن يشترط البائع عدم ضمان أي عيب في المبيع، أو يشترط إنقاص هذا الضمان لا إسقاطه كاملاً كأن يشترط ألا يرجع عليه المشتري إلا بمبلغ معين ولو كان أنقص من ثمن المبيع، كما يجوز الاتفاق على زيادة هذا الضمان، كأن يشترط المشتري رد جميع المبيع سليمه ومعيبه إذا تبين بعضه معيباً حتى لو كان قابلاً للتجزئة ولا ضرر في تجزئته على المشتري. ويستثنى من الاتفاق على الإعفاء من ضمان العيب أو الحد منه ما إذا أثبت المشتري أن البائع كان يعلم بالعيب وتعمد إخفاءه؛ فيكون الشرط باطلاً؛ لأن ذلك غش منه. ويراعى في تطبيق هذه المادة أنه إذا حصل الشك في تفسير الشرط فسر لمصلحة من يتحمل عبأه تطبيقاً للمادة (104) ؛ ففي حال اشتراط الإعفاء من كل الضمان أو الحد منه يفسر الشك لمصلحة المشتري، وفي حال اشتراط الزيادة يفسر الشك لمصلحة البائع.

بينت المادة أن دعوى ضمان العيب تتقادم بعد مضي مائة وثمانين يوماً من تاريخ تسليم المبيع، إلا في حالتين: الحالة الأولى: إذا اتفق المتعاقدان على إطالة مدة الضمان أكثر من مائة وثمانين يوماً، وتكون مدة التقادم في هذه الحالة بما اتفق عليه المتعاقدان على ألا تزيد على عشر سنوات. والحالة الثانية: إذا أثبت المشتري أن البائع تعمد إخفاء العيب غشاً منه؛ فتكون مدة التقادم في هذه الحالة عشر سنوات. وقد اختار المنظم تقصير مدة التقادم في دعوى ضمان العيب عن التقادم العام المقرر في المادة (295)، لأن المدة إذا طالت تعذر معها معرفة منشأ العيب هل هو قديم قبل التسليم أم حادث بعده؛ ولئلا يكون البائع مهدداً بهذا الضمان أمداً طويلاً، كما أنها مدة كافية للمشتري لفحص المبيع وتبين سلامته من عيبه، ولذا يبدأ سريانها من الوقت الذي يتمكن فيه من ذلك، وهو التسليم. وتسري على مدة التقادم في ضمان العيب فيما عدا ما ذكر في هذه المادة الأحكام المقررة في التقادم العام في القسم الأول، سواء من حيث التوقف أو الانقطاع أو عدم جواز تقصيرها لأقل من مائة وثمانين يوماً، أو غير ذلك من الأحكام وفق ما هو مقرر هناك.

أداء الثمن هو الالتزام الأساسي على المشتري في عقد البيع في مقابل التزام البائع بنقل ملكية المبيع، فبينت المادة أن المشتري يلتزم بمقتضى عقد البيع بأداء الثمن، وأن أداء الثمن عند الإطلاق يقتضي أن يؤدى فور تمام البيع تطبيقاً للقاعدة العامة في الوفاء بالالتزام في الفقرة (1) من المادة (275) والتي تقضي بأنه : يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام في ذمة المدين؛ ما لم يوجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك)، فلا يتوقف أداء الثمن على تسلم المبيع، ولا يرتبط به، فسواء كان تسليم المبيع حالاً أو مؤجلاً فإن المشتري يلزمه أن يؤدي الثمن فور تمام البيع، وإذا كان أداء الثمن وتسليم المبيع مؤجلين لأجل واحد ولم يوجد اتفاق من يسلم أولاً لزم المشتري أن يسلم الثمن أولاً. والحكم الذي قررته المادة إنما هو في حال عدم جود اتفاق صريح أو ضمني على خلافه، ومن الاتفاق الضمني أن يجري عرف الناس أو التعامل بين المتعاقدين على خلاف ما تضمنه حكم المادة؛ ولذا جاء الاستثناء في آخرها ليقرر أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فإذا تم الاتفاق على تأجيل الثمن أو تقسيطه في مواعيد معينة، ولم يحدد لتسليم المبيع أجل وجب تسليم المبيع فوراً بمجرد تمام البيع تطبيقاً للقاعدة العامة ولو لم يدفع الثمن، ووجب أداء الثمن في الموعد أو المواعيد المتفق عليها. وإذا جرى الاتفاق أو العرف على أن يكون تسليم المبيع والثمن عند العقد وأن المبيع يسلم قبل أداء الثمن وجب العمل بذلك، وإذا كان الثمن بعضه معجلاً عند العقد وبعضه مؤجلاً وتسليم المبيع عند العقد، وجب على المشتري أداء الجزء المعجل من الثمن فور تمام العقد ولو لم يتسلم المبيع.

موضوع هذه المادة في حكم حبس البائع للمبيع حتى يستوفي ثمنه، فقد قررت المادة (340) أن المشتري يلزمه أداء الثمن قبل تسلم المبيع، وتأسيساً على ذلك قررت الفقرة الأولى من هذه المادة أن البائع له الحق في حبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق الأداء له من الثمن، وعموم المادة يشمل ما إذا كان الثمن كله أو بعضه مستحق الأداء؛ فللبائع الحق في حبس المبيع حتى يستوفيه. ويكون الثمن مستحق الأداء إذا كان وقت دفعه متقدماً أو معاصراً لوقت تسليم المبيع، ويتحقق ذلك في حالتين: الحالة الأولى: إذا كان الثمن مستحق الأداء ولم يكن البائع قد سلم المبيع للمشتري. ويدخل أيضاً في هذه الحالة ما إذا اتفق على أن يدفع الثمن عند تسليم المبيع ولم يقم المشتري بدفعه. والحالة الثانية: إذا كان الثمن مؤجلاً إلى أجل متأخر عن وقت تسليم المبيع، فحان وقت تسليم المبيع قبل حلول الأجل، وكان الأجل قد سقط لأحد الأسباب المنصوص عليها في النظام ولم يقم المشتري بسداد الثمن، ففي هذه الحالة أيضاً يجوز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن. فإذا تحقق أي من الحالتين كان للبائع حبس المبيع لحين وفاء المشتري بالثمن، ولا تأثير لتقديم المشتري للبائع رهناً أو كفالة على ثبوت حق البائع في الحبس. وبمفهوم المخالفة فإنه ليس للبائع حبس المبيع إذا كان وقت أداء الثمن مؤجلاً عن وقت تسليم البيع ولم يسقط أجل الوفاء بالثمن بسبب من أسباب السقوط المنصوص عليها في النظام، وكذلك لا يكون البائع في حاجة إلى حبس المبيع إذا كان وقت تسليمه متأخراً عن وقت دفع الثمن، فهو في هذه الحالة يستطيع أن يطالب المشتري بأداء الثمن دون أن يسلم له المبيع إلا في الوقت المحدد للتسليم، ولكن إذا جاء هذا الوقت وكان المشتري لم يؤد الثمن بعد جاز للبائع أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن. ويترتب على ثبوت حق حبس المبيع للبائع تطبيق أحكام حق الحبس الواردة في المواد (1۹۱ 195) ومن ذلك أن على الحابس أن يحافظ على الشيء المحبوس فالمطلوب من البائع هو هذا القدر من العناية؛ فإذا هلك على الرغم من ذلك بغير خطأ البائع كانت تبعة الهلاك على المشتري، وهذا ما قرره آخر هذه الفقرة؛ مع أن الأصل أن تبعة الهلاك قبل التسليم على البائع؛ ولكن لأن المشتري هنا هو من تسبب بعدم التسليم بخطئه فيتحمل تبعة ذلك، وأما إذا حصل الهلاك بخطأ البائع فإنه يتحمل تبعة الهلاك وللمشتري طلب فسخ البيع مع التعويض وفقاً للقواعد العامة. وبينت الفقرة الثانية أن حق البائع في الحبس يسقط إذا قبل تأجيل الثمن سواء كان ذلك من تلقاء نفسه بأن أعطى المشتري أجلاً للسداد، أو بناء على استجابته لطلب من المشتري في الحصول على أجل للسداد، وأثر سقوط حق البائع في الحبس هو أن يكون ملزماً بتسليم المبيع للمشتري دون ربط ذلك بسداد المشتري للثمن، فإن امتنع فيجوز للمشتري مطالبته بالتسليم، وتكون تبعة هلاك المبيع في هذه الحالة على البائع. والأجل المقصود في هذه الفقرة هو الأجل الرضائي الذي يصدر من البائع وفقاً لصريح المادة، وبمفهوم المخالفة إذا كان الأجل لأداء الثمن منحته المحكمة إلى ميسرة أو إنظاراً إلى أجل معقول لحالة استثنائية وفق ما تضمنته المادتان (۲۰۹، ۲۷۵) لم يحل قيام هذا الأجل دون حق البائع في حبس المبيع إلى أن ينقضي الأجل ويستوفي الثمن، حتى لو كان وقت تسليم المبيع سابقاً لوقت انقضاء الأجل؛ ذلك أن الأجل الذي يعطى لدفع الثمن فيحول دون حق الحبس يجب أن يكون أجلاً منحه البائع للمشتري وفقاً للصريح نص الفقرة الثانية من المادة، أما الأجل الذي منحته المحكمة للمشتري فلم يكن من البائع، ولا يشترط لمنحه موافقة البائع، وهو أجل منظور فيه إلى التيسير على المشتري لا إلى إضاعة حق البائع في حبس المبيع حتى يستوفي الثمن. وحيث إن الحق في حبس المبيع هو حق مقرر لمصلحة البائع وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق في عقد البيع أو في أي اتفاق لاحق على إسقاط البائع حقه في الحبس حال عدم سداد المشتري الثمن.

موضوع المادة في حكم تسلم المشتري المبيع قبل أداء الثمن، فبينت الفقرة الأولى أن تسلم المشتري للمبيع قبل أدائه الثمن يكون صحيحاً بشرطين: الشرط الأول: أن يكون البائع على علم بأن المشتري لم يؤد الثمن، وأنه تسلم المبيع رغم عدم أدائه الثمن، ويقع على المشتري حال مطالبة البائع باسترداد المبيع لعدم أداء الثمن عبء إثبات علم البائع بالأمرين؛ لأن الأصل أن المشتري ملزم بأداء الثمن قبل تسلم المبيع. والشرط الثاني: ألا يكون البائع قد منع المشتري من تسلم المبيع قبل أداء الثمن. فإذا تحقق الشرطان فيعد ذلك إذناً ضمنياً من البائع للمشتري بتسلم المبيع، ويكون تسلم المشتري للمبيع قبل أداء الثمن صحيحاً منتجاً لآثاره، ولا يجوز للبائع استرداده منه. وبينت الفقرة الثانية أن للبائع استرداد المبيع إذا تسلمه المشتري قبل أداء الثمن دون إذن صريح أو ضمني من البائع، سواء تسلمه المشتري خفية دون علم البائع، أو عنوة رغم معارضته، أو كان المشتري قد أوهم البائع أنه أدى الثمن ليسلمه المبيع فهذا الغش يعيب إرادة البائع ويجعل التسليم تم دون إذنه؛ فإذا تسلم المشتري المبيع دون إذن البائع فإنه يتحمل تبعة هلاكه وتلفه ولو كان بسبب لا يد له فيه، ولا تعارض بين كون البائع له الحق في الاسترداد؛ وتحمل المشتري تبعة الهلاك أو التلف؛ لأن المشتري متعد بتسلمه فإذا هلك المبيع أو تلف في يده عد متسلماً له حكماً ؛ ويكون البائع في هذه الحالة مخيراً بين أمرين: الخيار الأول: أن يبقيه في يد المشتري ويعتبره متسلماً للمبيع ويطالبه بأداء الثمن دون اعتبار لما لحق المبيع من هلاك أو تلف. والخيار الثاني: أن يسترده من المشتري بحاله، وهذا الفرض لا يطبق إلا في حالة الهلاك الجزئي أو التلف، أما في حالة الهلاك الكلي؛ فلا محل للاسترداد؛ لاستحالة المحل. وللبائع في حالة الاسترداد التعويض عما لحقه من ضرر من جراء قيام المشتري بتسلم المبيع دون إذن، بما في ذلك ما تكبده البائع من نفقات للاسترداد، ولا يشمل ذلك التعويض عما لحق المبيع من هلاك أو تلف؛ لأن المبيع في ملك المشتري ويتحمل تبعة هلاكه وتلفه، ويبقى ملزماً بأداء ثمنه كاملاً؛ ما لم يكن استرداد البائع للمبيع لفسخ البيع، وتم الفسخ بشروطه؛ فللبائع مطالبة المشتري بالتعويض عما لحق المبيع من هلاك أو تلف ولو كان لسبب لا يد للمشتري فيه؛ لأن المشتري يعد متسلماً للمبيع حكماً، فتكون تبعة الهلاك أو التلف عليه.

موضوع المادة في المكان الذي يلزم المشتري أداء الثمن فيه، وفرقت المادة بين حالتين: الحالة الأولى: أن يكون الثمن مستحق الوفاء وقت تسليم المبيع، كما لو اتفق على أداء الثمن وتسليم المبيع عند العقد، أو كانا مؤجلين بأجلٍ واحد، أو تم العقد دون تحديد وقت لتسليم المبيع وأداء الثمن فالأصل وجوب الوفاء بهما في الحال. فبينت الفقرة الأولى من المادة أن أداء الثمن إذا كان مستحق الوفاء وقت التسليم يكون في مكان تسليم المبيع، ومكان تسليم المبيع كما سبق - هو مكان وجود المبيع وقت البيع إذا كان المبيع معيناً بالذات، أو مكان البيع إذا كان المبيع معيناً بالنوع، أو المكان المتفق عليه أو الذي جرى به العرف إذا وجد اتفاق أو عرف بخلاف ذلك. والحكم الذي تضمنته الفقرة مخصص للقاعدة العامة الواردة في الفقرة (۱) من المادة (٢٧٥) من أن مكان الوفاء في الالتزام التعاقدي فيما عدا المعين بالذات هو مكان نشوء الالتزام. والحالة الثانية أن يكون الثمن غير مستحق الوفاء وقت التسليم، كما لو كان الثمن مؤجلاً لأجل أبعد من وقت تسليم المبيع أو كان الثمن حالاً وتسليم المبيع مؤجلاً. فبينت الفقرة الثانية من المادة أن مكان أداء الثمن إذا لم يكن مستحق الوفاء وقت تسليم المبيع هو مكان العقد، سواء وجب تسليم المبيع في مكان العقد أو في مكان آخر، وهذا الحكم يتفق مع القاعدة العامة آنفة الذكر. وجميع ما تضمنته المادة من أحكام إنما هو في حال عدم وجود اتفاق صريح أو ضمني بخلافه، ومن الاتفاق الضمني وجود عرف أو عادة جارية بين المتعاقدين بخلافه؛ فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني وجب العمل به.

تتناول المادة حالتين يحق فيهما للمشتري حبس الثمن المستحق في ذمته، وذلك في حال رفع دعوى استحقاق المبيع أو في حال ظهور عيب فيه، على التفصيل الآتي؛ ذلك أن المشتري إنما التزم بدفع الثمن ليحصل على ملكية المبيع وحيازته على وجه يتمكن من الانتفاع به دون عائق يحد من هذا الانتفاع. بينت الفقرة الأولى الحالة الأولى التي يحق للمشتري فيها حبس الثمن، وهي أن تقام دعوى على المشتري من الغير باستحقاق المبيع كلياً أو جزئياً؛ وحق الحبس في هذه الحالة اقتضاه التزام البائع بضمان تعرض الغير للمشتري وفق ما قررته المادة (3۳۰) ويجب أن يكون التعرض الصادر من الغير في هذه الحالة فيما يضمنه البائع، وهو أن يدعي الغير حقاً له في المبيع سابقاً على عقد البيع، أو آيلاً إليه من البائع ولو كان بعد عقد البيع وفق ما سبق بيانه في شرح تلك المادة. وبينت الفقرة أن المشتري ليس له حق حبس الثمن إذا قدم البائع ضماناً مناسباً يضمن للمشتري رد الثمن عند ثبوت حق الغير في المبيع، وهذا الضمان قد يكون عينياً كتقرير حق رهن لصالح المشتري، أو شخصياً كالاتفاق مع كفيل على ضمان رد الثمن للمشتري، وتقدير مدى كون الضمان مناسباً من عدمه أمر يرجع لتقدير المحكمة. وجعلت الفقرة الحق للبائع بدلاً من تقديم الضمان أن يطلب من المحكمة تكليف المشتري بإيداع الثمن لدى الجهة المختصة بذلك، والتي يحددها وزير العدل، ويمنع البائع من تسلم الثمن حتى يتم الفصل في دعوى الاستحقاق، فإن رفضت تسلم البائع الثمن، وإن حكم باستحقاق المبيع استرد المشتري الثمن. وبناء على ما سبق؛ فليس للمشتري حبس الثمن إذا رفعت عليه دعوى في المبيع لا تتعلق فيما يضمنه البائع بموجب ضمان التعرض والاستحقاق، وكذا لو قدم البائع ضماناً مناسباً. وبينت الفقرة الثانية الحالة الثانية التي يحق للمشتري فيها حبس الثمن، وهي ما إذا اكتشف المشتري في المبيع عيباً مضموناً على البائع وفق ما قررته المواد (۳۳۲ (۳۳۸)؛ لأن ضمان البائع للعيب يقتضي أن يكون للمشتري حق الرجوع عليه؛ فإذا كشف العيب قبل أداء الثمن كان من حقه حبس الثمن حتى ينفذ البائع التزامه بضمان العيب وهذا تطبيق للقاعدة العامة في حق الحبس الواردة في المادة (۱۹۱) كأحد ضمانات تنفيذ الالتزام. وفي كلتا الحالتين السابقتين يسقط حق المشتري في حبس الثمن في أي من الفروض الآتية: 1- إذا زال السبب الذي استحق بموجبه المشتري حبس الثمن؛ كأن ترفض دعوى الاستحقاق، أو يتنازل المدعي عنها، أو يزول الحق المدعى به مثل أن يكون حق رهن فيوفي الدين المضمون به، أو يعوض البائع المشتري عن العيب تعويضاً كافياً. ٢- إذا أسقط المشتري حقه في الحبس صراحة أو ضمناً؛ لأن هذا الحق قرر لمصلحته فله النزول عنه، سواء عند العقد أو في اتفاق لاحق، ومن النزول الضمني أن يدفع المشتري الثمن بعد العلم بالسبب الموجب لحبسه، فليس له طلب استرداده ليستعمل عليه حق الحبس، وإنما يجوز له الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق أو العيب. -3- إذا سقط حق المشتري في ضمان التعرض أو العيب وفقاً لما هو مبين في أحكامهما. وتجدر الإشارة إلى أن ما تضمنته المادة لا يعني قصر حق المشتري في حبس الثمن على الحالتين المذكورتين؛ فللمشتري حبس الثمن فيما عداهما استناداً للقواعد العامة في حق الحبس كأحد ضمانات تنفيذ الالتزام، كأن يتفق على دفع الثمن بعد تسليم المبيع؛ فللمشتري أن يمتنع عن الدفع حتى يتم التسليم.

تتناول المادة صورة خاصة من صور الفسخ الاتفاقي، لا يتوقف الفسخ فيها على إعذار المدين أو صدور حكم قضائي، وهي أن يحدد موعد معين لأداء الثمن، ويشترط البائع أنه إذا لم يؤد المشتري الثمن في الموعد المحدد فلا بيع بينهما أي بين البائع والمشتري؛ فمتى تم الاتفاق على هذا النحو بهذه العبارة أو ما يؤدي معناها؛ عُدَّ ذلك اتفاقاً منهما على أن للبائع أن يعتبر البيع مفسوخاً دون حاجة منه لإعذار المشتري ولا لطلب الفسخ قضاء؛ لأن عبارة فلا بيع بينهما وما في معناها تعد في حكم الاتفاق الصريح على أن الفسخ يقع بتحقق الشرط الفاسخ دون أن يتوقف على الإعذار أو حكم المحكمة. وإذا تعنت المشتري ونازع في إعمال الشرط فقد لا يجد البائع بدأ من رفع دعوى بالفسخ، ولكن يكون حكم المحكمة في هذه الحالة كاشفاً للفسخ لا منشئاً له؛ فلا تملك المحكمة أن تمهل المشتري لدفع الثمن، وليس للمشتري توقي الفسخ بإيداع الثمن لدى المحكمة. والموعد المعين لأداء الثمن قد يتحدد باتفاق صريح، وهذا هو الغالب في مثل هذه التعاملات، وقد يكون باتفاق ضمني؛ كأن يجري العرف على موعد معين لدفع الثمن وتسلم المبيع؛ إلا أن الشرط الفاسخ يجب أن يكون صريحاً في دلالته على وقوع الفسخ بتحقق الشرط دون حاجة لإعذار كالعبارة التي تضمنتها المادة وما في معناها. ويتبين من المادة أن اعتبار العقد مفسوخاً يكون للبائع؛ لأن المادة علقت الفسخ على اختياره، سواء سلم البائع المبيع للمشتري، أو اشترط البائع لتسليمه أداء الثمن. وللبائع أن يعتبر العقد غير مفسوخ ويطالب المشتري بأداء الثمن؛ لأن الشرط لمصلحة البائع؛ فله النزول عنه، وأما المشتري فليس له أن يعتبر العقد مفسوخاً إذا لم يختر البائع ذلك؛ لأنه هو من وقع منه الإخلال، وإلا لأمكنه أن يفسخ العقد متى شاء بأن يمتنع عن أداء الثمن. ولم تتطرق المادة لإخلال البائع بالتزامه؛ لكونه يجري على القواعد العامة؛ فإذا اعتبر البائع العقد غير مفسوخ لأن المشتري أدى الثمن في الموعد المحدد، أو لم يؤده والبائع لم يعتبره مفسوخاً، ووقع من البائع إخلال فللمشتري طلب الفسخ، ولكنه فسخ قضائي يكون حكم المحكمة فيه منشئاً لا كاشفاً، ويكون للمحكمة وفق تقديرها أن تمهل البائع لتنفيذ التزامه أو أن ترفض طلب الفسخ إذا كان الإخلال الذي صدر من البائع قليل الأهمية بالنسبة إلى مجموع التزامه. ويجدر التنبه إلى أن الشرط الوارد في المادة شرط فاسخ مقرر لمصلحة البائع، وأما إذا تبين من الاتفاق أن يكون البيع معلقاً على شرط واقف هو أداء المشتري الثمن؛ فإذا لم يؤده فلا بيع بينهما؛ فلا يكون التزام المشتري بدفع الثمن في هذه الحالة قائماً؛ لأنه يتوقف على محض إرادته. وهذا الشرط - على الرغم من أنه معلق على محض إرادة المدين - فهو شرط صحيح؛ لأنه في عقد ملزم للجانبين؛ إذ يترتب على عدم أداء المشتري الثمن حرمانه من الالتزام المقابل وهو تملك المبيع، ومتى أدى الثمن اعتبر العقد نافذاً، وتجري على الشرط في هذه الصورة أحكام الشرط الواقف، وهو خارج عن نطاق الشرط الوارد في هذه المادة.

بينت المادة الالتزام الثاني من التزامات المشتري في عقد البيع، وهو تسلم المبيع والمراد بذلك حيازته للمبيع مادياً، وهذا الالتزام يقابل التزام البائع بالتسليم، والغالب أن يتم الأمران - التسليم والتسلم - في وقت واحد، ولكن قد يقع أن البائع يخلي المبيع للمشتري بحيث يتمكن من حيازته، فيكون قد أدى البائع ما عليه من واجب التسليم؛ إلا أن المشتري يتأخر في تسلمه للمبيع ونقله من مكان البائع بحيث يحوزه المشتري حيازة مادية؛ فيعد بذلك مخلاً بالتزامه ويجوز للبائع وفقاً للقواعد العامة إعذاره وإلزامه بالتسلم أو طلب الفسخ. وبينت المادة المكان الذي يجب على المشتري تسلم المبيع فيه، وهو المكان الذي يجب على البائع فيه التسليم؛ لأن مكان التسليم والتسلم واحد لا يتصور اختلافه؛ وعلى هذا: 1 - إذا كان المبيع معيناً بالذات وجب تسلمه في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع، ولو كان في غير مكان البيع، وحكم المادة يتجه إلى المبيع المعين بالذات؛ لأنه الذي يمكن العلم بمكانه وقت البيع، وأما المعين بالنوع فلا يتحدد مكانه إلا بعد إفرازه بعد البيع. 2- إذا كان المبيع معيناً بالنوع فلم تبين المادة مكان تسلمه اكتفاء بالقواعد العامة؛ فهو المكان الذي يلتزم البائع بتسليم المبيع فيه، وهو مكان البيع وفق المادة (277). ومن حيث زمان تسلم المبيع بينت المادة أنه يجب على المشتري تسلم المبيع فور تسليم البائع له؛ لأنه الوقت الذي يتمكن المشتري فيه من التسلم ، وعليه أن ينقله من مكان البائع دون إبطاء؛ لأن التسلم لا يتحقق إلا بنقل المبيع، ويغتفر التأخر الذي يقتضيه نقل المبيع عادة. وهذا الحكم يتفق مع القاعدة العامة في المادة (275) التي نصت على وجوب الوفاء بالالتزام فور ترتبه في ذمة المدين. وما تضمنه حكم المادة إنما هو في حال عدم وجود اتفاق على خلافه؛ فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني كأن يجري العرف على أن يكون مكان التسلم أو زمانه بخلاف ما ذكر وجب العمل به؛ لأن حكم المادة ليس من النظام العام كما هو ظاهر من نصها.

بينت المادة أن المشتري يلتزم بمقتضى عقد البيع بنفقات الوفاء بالثمن، ونفقات تسلم المبيع، ونفقات عقد البيع وتسجيله، وفيما يلي بيان هذه النفقات: أولاً: نفقات الوفاء بالثمن، وهي تابعة لالتزامه بالوفاء بالثمن، فالمشتري هو المدين بوفاء الثمن فتكون نفقاته عليه وهذا تطبيق للقاعدة العامة الواردة في المادة (27): (تكون نفقات الوفاء على المدين؛ ما لم يوجد نص نظامي أو اتفاق على خلاف ذلك). ومن أمثلة نفقات الوفاء بالثمن التي يتحملها المشتري، أن يكون الوفاء بحوالة عن طريق بنك أو بوسيلة إلكترونية، فإن المشتري يتحمل النفقات التي تترتب على استخدام هذه الوسيلة. ثانياً: نفقات تسلم المبيع، وهي تابعة لالتزام المشتري بتسلم المبيع؛ فالمشتري لكونه مديناً بتسلم المبيع فتكون نفقاته عليه؛ تطبيقاً للقاعدة العامة آنفة الذكر، ويقصد بنفقات تسلم المبيع نفقات الاستيلاء المادي على المبيع ونقله من مكان البائع إلى المكان الذي يريده المشتري، وإذا كان نقل المبيع يتطلب دفع رسوم جمركية ونحو ذلك فيتحملها المشتري. ثالثاً: نفقات عقد البيع وتسجيله، وهذا هو الالتزام الثالث من التزامات المشتري بمقتضى عقد البيع، وهو التزام مستقل عن التزامه بالوفاء بالثمن والتزامه بتسلم المبيع، وتشمل نفقات عقد البيع أي نفقات تستحق لغير المتعاقدين تتعلق بعقد البيع، سواء كان المستحق لتلك النفقات جهة عامة أو خاصة. وتشمل تلك النفقات: نفقات كتابة عقد البيع، سواء كتب في ورقة عادية، أو في ورقة رسمية حيث يتحمل المشتري رسوم الورقة الرسمية، كما تشمل أتعاب المحامي الذي قام بإعداد عقد البيع، ونفقات الكشف عن العقار المبيع في جهات التسجيل العقاري لتثبت ما عليه من الحقوق للغير، كما تشمل النفقات اللازمة لإعداد عقد البيع للتسجيل وفقاً لنظام التسجيل العيني وما يتطلبه ذلك من نفقات. ووفقاً لما تضمنته المادة فإن أي نفقات أخرى ترتبط بعقد البيع - عدا النفقات المتصلة بالتزامات البائع كنفقات تسليم المبيع فإنها تكون على المشتري، كما لو اتفق البائع والمشتري على تسليم المبيع في مخزن معين، وكان لهذا المخزن أجرة؛ فيتحملها المشتري من تاريخ إيداع المبيع في المخزن من البائع، وإعلامه المشتري بالتسليم. والحكم الوارد بالمادة لا يتعلق بالنظام العام بل هو قاعدة مكملة لإرادة المتعاقدين ومن ثم فإنه إذا اتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناً على خلاف ذلك وجب العمل به، ومن ذلك أن يجري العرف أو عادة المتعاقدين على خلافه، وهذا ما أكده آخر المادة. وتجدر الإشارة إلى أنه إذا أدى البائع النفقات الواجبة على المشتري كلها أو بعضها وجب على المشتري أن يعوضه عنها، وإلا جاز للبائع المطالبة بها، بل إنه وفقاً للأحكام العامة في حق الحبس أن يكون للبائع حق حبس المبيع حتى يرد له المشتري النفقات التي دفعها، وكذلك يجوز للبائع طلب فسخ البيع لإخلال المشتري بالتزامه بدفع نفقات العقد، وتجري على ذلك القواعد العامة للفسخ؛ فلا تجيبه المحكمة لهذا الطلب إلا إذا رأت في هذا الإخلال ما يبرر الفسخ، وأن البائع لم يكن متعسفاً في استخدام حقه.

عرفت الفقرة الأولى مرض الموت بأنه المرض الذي يعجز فيه الإنسان عن متابعة أعماله المعتادة، ويغلب فيه الهلاك ويتصل به الموت، ويتبين من التعريف أنه يشترط لكي يعد المرض مرض موت الشروط الآتية: الشرط الأول: أن يُعجز المرض الإنسان عن متابعة أعماله المعتادة، ولا يشترط أن يلزم المريض الفراش، فقد لا يلزمه ويبقى مع ذلك عاجزا عن قضاء مصالحه، وإذا كان الشخص عاجزاً عن قضاء مصالحه لشيخوخته وتقدمه في السن لا لمرضه فلا يعتبر في مرض الموت. والشرط الثاني: أن يؤدي هذا المرض بطبيعته للوفاة في أغلب الأحوال؛ وقد يكون المرض منذ بدايته مميتاً بطبيعته، وقد يكون بدأ كمرض بسيط ثم تطور حتى أصبحت حالة المريض سيئة يخشى عليه فيها الموت. أما إذا كان المرض لم يصل إلى هذا الحد من الخطورة، فإنه لا يعتبر مرض موت ولو أعجز المريض عن قضاء مصالحه، كأن يصاب الإنسان برمد فيعجزه عن الرؤية، أو يصاب بمرض يؤدي لبتر ساقه، ويكون تقدير ما إذا كان المرض مؤدياً بطبيعته إلى الوفاة لأهل الاختصاص وهم الأطباء. والشرط الثالث: أن يكون هذا المرض متصلاً بالموت؛ فيشترط أن ينتهي المرض بالموت، فيموت المريض قبل أن يشفى من مرضه، ولو كان موته بسبب آخر غير ذلك المرض، ولا يشترط أن يكون المرض قد أثر على نفسية المريض أو إدراكه، وإذا كان المرض من الأمراض المزمنة وطالت مدته، كالشلل والسل والسكري والضغط، ثم مات المريض، فلا يعد مرض موت إذا طالت المدة دون أن يشتد المرض، وإذا اشتد المرض مدة طويلة ثم مات المريض فإنه لا يعتبر قد مات في مرض الموت، ولو كان هذا المرض قد أقعد المريض عن قضاء مصالحه وألزمه الفراش وعلة ذلك أن في استطالة المرض على حاله ما يدفع عن المريض اليأس من الحياة ويلحق المرض بالمألوف من عاداته. وبينت المادة في فقرتها الثانية ما يعد في حكم مرض الموت، والذي تعين لاعتباره كذلك توفر الشروط الآتية: الشرط الأول: أن يكون الإنسان في حال يحيط به خطر الموت كحالة الحرب، أو حالة السيول، أو الزلازل، أو البراكين، أو غيرها من الكوارث الطبيعية، أو وباء مميت بطبيعته، أو محكوم عليه بالقتل ولا سبيل لتبرئته. والشرط الثاني: أن يكون الغالب في مثل هذه الحالة أنها تؤدي بطبيعتها إلى الهلاك فيعتقد الإنسان بقرب أجله، ولا يشترط أن يكون الانسان مريضاً. ويكون تقدير ما إذا كانت حالة الخطر التي أحاطت بالشخص تأخذ حكم مرض الموت للمحكمة بناء على ما يتبين لها من ظروف وملابسات تلك الحالة. ويقع عبء إثبات جود مرض الموت على صاحب المصلحة في إثباته والذي يحتج بعدم نفاذ التصرف في مواجهته.

بينت المادة حكم بيع المريض مرض الموت وشرائه، والمقتضي لبيان ذلك أن بيع المريض مرض الموت وشراءه إذا كان بمحاباة فيأخذ قدر المحاباة حكم التبرع، والتبرع من المريض مرض الموت له حكم الوصية من حيث عدم نفاذ الوصية لوارث، وعدم نفاذ الوصية بأكثر من الثلث لغير وارث؛ لأن تصرف المريض مرض الموت على هذا النحو مظنة التهمة بقصد الالتفاف على أحكام الوصية المقررة شرعاً؛ ولتعلق حق الورثة بمال المريض؛ فلهذا كان تصرفه مقيداً لا لنقص في أهليته ولا لعيب في إرادته وإنما حماية للورثة. فبينت الفقرة الأولى حكم بيع المريض مرض الموت لوارث أو شرائه منه، فإن كان البيع أو الشراء بسعر المثل فيكون التصرف نافذاً في حق باقي الورثة كتصرف الصحيح ولا إشكال، وأما إذا كان بمحاباة، بأن كان البيع للوارث بثمن أقل من ثمن المثل أو كان الشراء بثمن أعلى من ثمن المثل فلا ينفذ قدر المحاباة في البيع أو الشراء في حق باقي الورثة إلا إذا أجازوا هذا التصرف بعد الموت. وقدر المحاباة هو قدر النقص عن ثمن المثل في حال كون المريض هو البائع أو قدر الزيادة عن ثمن المثل في حال كونه مشترياً. وبينت الفقرة الثانية حكم بيع المريض مرض الموت لغير وارث أو شرائه منه، فإن كان البيع أو الشراء بثمن المثل فالتصرف نافذ في حق الورثة كتصرف الصحيح، ولا إشكال، وأما إذا كان بمحاباة بأن باع المريض لغير وارث بثمن أقل من ثمن المثل أو اشترى من غير وارث بثمن أعلى من ثمن المثل؛ فلا يخلو تصرفه من حالتين: الحالة الأولى: أن يكون قدر المحاباة في البيع أو الشراء لا يجاوز قيمة ثلث التركة وقت الوفاة بما فيها المبيع ذاته، ففي هذه الحالة يكون البيع نافذاً في حق الورثة كتصرف الصحيح. فلو أن المريض مرض الموت يملك عقاراً قيمته عند الموت أربعة ملايين ريال، وكان قد باعه بثلاثة ملايين ريال، وقيمة تركته بما فيها قيمة العقار المبيع ستة ملايين ريال، فقدر المحاباة أقل من ثلث التركة، ولهذا ينفذ تصرفه في حق الورثة كتصرف الصحيح. والحالة الثانية: أن يكون قدر المحاباة في البيع أو الشراء يجاوز قيمة ثلث التركة وقت الوفاة بما فيها المبيع ذاته؛ فلا ينفذ قدر المحاباة فيما جاوز ثلث التركة في حق الورثة إلا إذا أجازوا هذا التصرف بعد الموت، أو أن يرد المتصرف إليه إلى التركة من قدر المحاباة ما يفي بتكملة الثلثين. مثال ذلك: لو أن المريض مرض الموت يملك عقاراً قيمته عند الموت أربعة ملايين ريال، وكان قد باعه بمليون ريال، وتركته بما فيها قيمة العقار المبيع - تبلغ ستة ملايين ريال، فقدر المحاباة ثلاثة ملايين ريال تجاوز ثلث التركة، فيجب على المشتري إذا لم يجز الورثة البيع أن يرد إلى التركة مليون ريال. ويراعى في تطبيق أحكام هذه المادة في فقرتيها ما يأتي: 1- المعتبر في كون الشخص وارثاً من عدمه هو وقت وفاة المريض وليس وقت تصرفه، والوارث في حكم هذه المادة هو الوارث وفقاً لما نص عليه نظام الأحوال الشخصية. 2 - الوارث الذي له طلب عدم نفاذ التصرف في حقه هو من كان نصيبه يتأثر بذلك التصرف، وأما في الأحوال التي يجيز فيها النظام للشخص أن يوصي بأكثر من الثلث، ولا ينقص نصيب الوارث بذلك، كالوصية بما زاد على نصيب الزوج أو الزوجة إذا لم يوجد وارث سواهما، وفق المادة (191) من نظام الأحوال الشخصية؛ فلا يتوقف نفاذ التصرف بمحاباة تزيد على الثلث على إجازة الوارث؛ إذ ليس ثمة حق له وقع عليه التصرف ليتوقف نفاذه على إجازته. 3- المعتبر في قيمة التركة هو وقت الوفاة لا وقت التصرف، وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته في وقت الوفاة؛ لأن وقت الوفاة هو الوقت الذي ينشأ فيه للورثة الحق على التركة ومن ثم يجوز لهم المطالبة بعدم نفاذ التصرف في حقهم، فعلى سبيل المثال: لو باع المريض لغير وارث أرضاً قيمتها وقت البيع مائتا ألف ريال بمئة ألف ريال، وعند وفاته انخفضت قيمتها إلى مئة وخمسين ألف ريال، ولم يكن له مال غيرها فيكون قدر المحاباة خمسين ألف ريال فقط، وهو لا يجاوز ثلث التركة. 4 - إجازة الوارث تصرف نظامي بإرادة منفردة؛ فتجري عليها القواعد العامة المقررة في القسم الأول من هذا النظام؛ ومن ذلك أنها لا تتوقف على قبول المتصرف إليه، ويستند أثرها إلى وقت تصرف المريض لا وقت صدور الإجازة، وتصح صراحة أو ضمناً، ومن الإجازة الضمنية سكوت الوارث بعد وفاة المورث مع علمه بالعقد وتركه المطالبة بعدم نفاذ التصرف، أو أن يكون الثمن على دفعات ويستمر المشتري في تسليم الدفعات بعد وفاة المورث. ويشترط في إجازة الوارث: الشرط الأول: أن تكون بعد موت المورث ؛ إذ إن النزول عن الحق قبل قيامه غير معتبر. والشرط الثاني: أن يكون المجيز أهلاً للتبرع، لأن هذه الإجازة تتضمن إسقاط حق له فتدخل في عداد التصرفات الضارة ضرراً محضاً بالمجيز، وإذا كان المجيز هو نفسه مريضاً مرض موت فتأخذ إجازته حكم وصيته؛ فإن كان من صدرت الإجازة لمصلحته وارثاً للمجيز لم تنفذ الإجازة إلا بإجازة باقي ورثة المجيز، وإن كان غير وارث لم تنفذ في حق ورثة المجيز فيما زاد على ثلث تركته إلا بإجازتهم. والشرط الثالث: أن يكون الوارث عالماً بالتصرف وبما فيه من محاباة، وأن تتجه إرادته لإجازته بما تضمنه من محاباة. 5 - إذا أجاز بعض الورثة تصرف المريض دون بعض نفذ التصرف في حق من أجازه منهم بمقدار نصيبه في التركة، ولم ينفذ في حق من لم يجزه. 6- يترتب على عدم إجازة الورثة تصرف مورثهم أن التصرف إذا كان بمحاباة مع وارث التزم المتصرف إليه أن يرد للتركة قدر المحاباة، وإذا كان التصرف لغير وارث التزم المتصرف إليه أن يرد للتركة ما زاد من قدر المحاباة على ثلث التركة، أي يرد من قدر المحاباة ما يفي بتكملة الثلثين، وفي حال إجازة البعض للتصرف دون البعض فيكون الرد بقدر نصيب من لم يجز من التركة، ومؤدى هذا الالتزام بالرد أن الجزء الواجب رده يعتبر التصرف الذي تم عليه - بالنسبة إلى الورثة الذين لم يجيزوا البيع - غير نافذ في حقهم، ويعد جزء من نصيبهم من التركة، فإذا لم يرد المتصرف إليه ذلك القدر جاز لهم رفع دعوى عدم نفاذ هذا التصرف في حقهم لاسترداده منه، وطلب التنفيذ الجبري عليه.

بينت المادة أثر تصرف المشتري من المريض مرض الموت بالمبيع، ومدى حق الورثة في تتبع المبيع بيد خلف ذلك المشتري، فقررت المادة أن الورثة الذين لهم المطالبة بعدم نفاذ بيع المريض مرض الموت في حقهم ليس لهم أن يحتجوا بعدم النفاذ تجاه خلف المشتري إذا كسب ذلك الخلف حقاً عينياً في المبيع، سواء كان الحق الذي كسبه الخلف حقاً عينياً أصلياً كحق الملكية أو حق الانتفاع أو كان حقاً عينياً تبعياً كحق رهن، ولكي يعتد بهذه الحقوق في مواجهة الورثة يجب أن يكسب الخلف ذلك الحق على وجه يعتد به نظاماً. واشترطت المادة لعدم أحقية الورثة في الاحتجاج تجاه خلف المشتري شرطين: الشرط الأول: أن يكون الخلف حسن النية، ويكون كذلك إذا كان عند إبرام العقد لا يعلم ولا يفترض علمه بحق الورثة في المبيع، والعبرة بتوفر حسن النية وقت إبرام التصرف ويفترض في الشخص حسن النية؛ فلا يكلف بإثبات حسن نيته، وإنما يتعين على الورثة إثبات أنه كان سيء النية عندما أبرم العقد الذي كسب بموجبه ذلك الحق. والشرط الثاني: أن يكون كسب الخلف للحق على سبيل المعاوضة، كالبيع أو المقايضة، سواء بسعر المثل أو بغير سعر المثل، وخرج بهذا الشرط الخلف العام للمشتري كالوارث والموصى له، والخلف الخاص إذا كسب الحق تبرعاً كالهبة، فيحق للورثة الاحتجاج بعدم النفاذ تجاه هؤلاء؛ لأن حق الورثة مقدم عليهم. فمتى توفر هذان الشرطان في حق الخلف فليس للورثة الاحتجاج بعدم النفاذ تجاهه؛ حماية لاستقرار التعامل، ولمن يتعامل بحسن نية، فلو باع المشتري من المريض العين المبيعة إلى شخص آخر فليس للورثة تتبع العين في يد المشتري حسن النية، وكذا لو أن المشتري من المريض رهن العين لشخص آخر أو رتب عليها حق ارتفاق فليس للورثة أن يستوفوا حقهم من العين إلا وهي محملة بذلك الحق. وقرر آخر المادة أن حماية الخلف حسن النية لا يحول دون حق الورثة في مطالبة المشتري من مورثهم بدفع ما هو مستحق لهم في ذمته، فلهم الرجوع عليه بقدر حقهم المترتب في ذمته، وهو قدر المحاباة فقط؛ لأنه القدر الذي تعلق به حقهم، ولكن إذا كان المشتري غير وارث فليس لهم مطالبته بكامل قدر المحاباة وإنما بقدر ما يكمل به ثلثي التركة أي قدر المحاباة الزائد على ثلث التركة أو ثمن المثل. وما تضمنه حكم المادة يتفق مع ما هو مقرر في حماية الخلف حسن النية، على الرغم من عدم نفاذ تصرف سلفه أو إبطاله في عدد من المواضع في هذا النظام.

تتناول المادة حكم شراء النائب والوسيط والخبير ومن في حكمهما لنفسه ما عهد إليه بيعه أو تقدير قيمته: فالنائب هو كل من ينوب عن غيره في التعاقد سواء كانت النيابة نظامية كالأب بالنسبة لابنه الصغير، أو اتفاقية كالوكيل، أو قضائية كالولي المعين من المحكمة والحارس القضائي. والوسيط هو كل من يتوسط في بيع شيء، ويتم البيع بناء على وساطته، وكل من في حكمه ممن يقوم بعمل الوساطة سواء سمي وسيطاً أو دلالاً أو غير ذلك. والخبير كل من يعهد إليه تقدير قيمة شيء لبيعه، سواء كان من استعان به البائع أو المشتري أو المحكمة، كالمقيم العقاري، ومقيم حوادث المركبات، وكل من كان في حكم الخبير ممن يعهد إليه تقدير قيمة شيء سواء سمي خبيراً أو مقيماً أو مثمناً أو غير ذلك. فبينت المادة أن هؤلاء لا يجوز لهم أن يشتروا لأنفسهم الأموال التي عهد إليهم بيعها أو تقدير قيمتها سواء تم الشراء بأسمائهم أو استخدموا أسماء آخرين في الشراء، وهو ما يعرف ب"الاسم المستعار" ، وهذا أحد صور الصورية، وسواء تم الشراء مباشرة أو بطريق المزاد، وسواء تم الشراء بسعر المثل أو بأعلى أو بأقل، وذلك كله ما لم يكن مأذوناً لهم بالشراء لأنفسهم؛ والإذن قد يكون من الأصيل نفسه، أو بموجب نص نظامي، أو بإذن من المحكمة؛ فإذا لم يوجد إذن لم يجز لأي من هؤلاء الشراء لنفسه؛ لما في شرائه لنفسه من تعارض مصالحه الشخصية باعتباره مشترياً مع المصلحة التي من المفترض عليه مراعاتها بالنظر إلى ما عهد إليه من عمل. والجزاء المترتب على إخلال النائب أو الوسيط أو الخبير بما قررته المادة بينته المادة التالية (357). وما تضمنته المادة يعد تطبيقاً للحكم المقرر في القاعدة العامة الواردة في المادة (93) بعدم جواز تعاقد النائب مع نفسه بمقتضى نيابته إذا لم يكن مأذوناً له بذلك.

بينت المادة الجزاء المترتب على إخلال النائب أو الوسيط أو الخبير بما قررته المادة (356)؛ بأن اشترى أي منهم لنفسه ما عهد إليه بيعه أو تقدير قيمته، فالجزاء هو عدم نفاذ البيع في حق من تم البيع لحسابه؛ لأن في شرائهم تجاوزاً لما عهد إليهم القيام به؛ فلا يرتب البيع للمالك حقاً ولا ينشئ عليه التزاماً، ويبقى المبيع في ملكه؛ إلا إذا أجاز البيع؛ وإذا أجاز البيع نفذ في حقه، وتسري على إجازته باعتبارها تصرفاً نظامياً من طرف واحد القواعد العامة المبينة في القسم الأول من هذا النظام؛ فلا تتوقف على قبول المشتري، ويستند أثرها إلى وقت البيع لا وقت صدور الإجازة، وتصح صراحة أو ضمناً، ويشترط في المجيز أهلية البيع عند الإجازة، وغير ذلك من الأحكام. وبين آخر المادة الأثر المترتب فيما لو اشترى أي من هؤلاء العين لنفسه ثم تصرف فيها تصرفاً أكسب الغير حقاً عينياً في العين؛ فقررت المادة أن المالك إذا لم يجز البيع؛ ليس له أن يحتج بعدم نفاذ البيع في حقه تجاه خلف المشتري إذا كسب ذلك الخلف حقاً عينياً في المبيع على وجه يعتد به نظاماً متى كان الخلف حسن النية وكسب الحق على سبيل المعاوضة. وقد تقدم بيان ما يتعلق بهذين الشرطين في المادة في حماية الخلف حسن النية في بيع المريض مرض الموت في المادة (355) ، فالحكم في المسألتين فيما يتعلق بهذا الأمر لا يختلف. وعدم أحقية المالك في الاحتجاج تجاه الخلف حسن النية لا يخل بحقه في الرجوع على النائب أو الوسيط أو الخبير في طلب التعويض عما لحق المالك من ضرر بسبب ذلك التصرف.

جاءت المادة لتقرر حظر شراء أصحاب وظائف قضائية أو لها صلة بالقضاء للحقوق المتنازع عليها. فقررت الفقرة الأولى منع القضاة وأعضاء النيابة العامة ومن في حكمهم كالمحققين في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وكذا موظفي المحاكم من أن يشتروا لأنفسهم الحق المتنازع فيه أو بعضه، سواء تم الشراء بأسمائهم أو استخدموا أسماء آخرين، وهو ما يعرف بـ "الاسم المستعار". والحكمة من منع هؤلاء من الشراء لأنفسهم هي المحافظة على نزاهتهم، ودرء الشبهات التي قد تحيط بتصرفاتهم المتعلقة بالحقوق المتنازع فيها قضاء. وقررت الفقرة الثانية منع المحامي من أن يشتري باسمه أو باسم غيره الحق المتنازع فيه أو بعضه متى كان وكيلاً في ذلك الحق لأحد طرفي النزاع سواء كانت وكالته خاصة في ذلك الحق، أو عامة تشمل ذلك الحق، وأما إذا كانت وكالته لا تشمل ذلك الحق؛ فلا يمنع من الشراء، ويجب أن يكون النزاع في أصل الحق أو موضوعه لا في المطالبة به وتنفيذه. والحكمة من منع المحامي من هذا التصرف هي الحفاظ على نزاهة مهنة المحاماة وتجنيبها ما يثير الشبهة؛ لئلا يستغل ثقة موكله فيه في حمله على العدول عن رفع الدعوى أو المضي فيها؛ إيهاماً منه لموكله بضعف موقفه؛ ومن ثم شراء الحق منه بثمن بخس. وبينت المادة بفقرتيها أن ما ذكر من أحكام في الفقرتين الأولى والثانية من النظام العام؛ وأن الجزاء المترتب على مخالفتها هو بطلان عقد البيع بطلاناً مطلقاً؛ فلكل من المتعاقدين ولكل ذي مصلحة التمسك بالبطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وتسري على بطلان العقد الأحكام العامة المقررة للبطلان المبينة في القسم الأول من هذا النظام. وبينت الفقرة الثالثة المراد بالحق المتنازع فيه الوارد في الفقرتين السابقتين، وهو أنه يشمل صورتين: الصورة الأولى: أن يكون موضوعه قد رفعت بشأنه دعوى أمام القضاء، سواء المحاكم العامة أو الإدارية أو اللجان ذات الاختصاص القضائي أو هيئة تحكيم، ويجب أن تكون الدعوى خاصة بموضوع الحق، أما إذا كان الحق ثابتاً خالياً من النزاع فلا يعتبر متنازعاً فيه، ولو عرقل المدين على صاحبه أمر الحصول عليه أو صعب عليه ما يتخذه من الإجراءات للتنفيذ على ماله ويظل الحق متنازعاً فيه مادامت الدعوى به قائمة، فإذا انتهت بحكم نهائي سقطت عن الحق صفة المنازعة، ولو كان قابلاً للطعن بطريق غير عادي كالنقض والتماس إعادة النظر، مادام لم يطعن فيه بالفعل بأحد هذين الطريقين، أما لو طعن فيه بأحدهما عاد الحق متنازعاً فيه. والصورة الثانية أن يكون قد قام في شأن هذا الحق نزاع جدي ولو لم ترفع بشأنه دعوى أمام القضاء.

تتناول المادة حكم بيع الشخص شيئاً معيناً بالذات غير مملوك له؛ ويقع ذلك من الناحية العملية؛ فقد يبيع الشخص شيئاً مملوكاً لابنه أو أبيه أو زوجته أو قريبه لا باعتباره نائباً عنه، بل باعتباره أصيلاً عن نفسه، وقد يبيع الوارث شيئاً ليس في التركة، أو في التركة ولكن لم يقع في حصته، وقد يبيع الشريك في الشيوع المال الشائع كله وهو لا يملك إلا حصة فيه، وفي جميع ذلك قد يكون البائع يجهل أن الشيء غير مملوك له أو يعلم ذلك. وقد بينت المادة بفقرتيها أثر بيع ملك الغير من جانبين: الأول: أثر ذلك في حق المالك. والثاني: أثر ذلك في حق المتعاقدين والغير. فبينت الفقرة الأولى أن هذا البيع لا يكون نافذاً في حق المالك؛ فلا يفيد هذا البيع انتقال ملك المبيع إلى المشتري إلا إذا أجازه المالك، وعلى هذا: إذا لم يجز المالك البيع فله أن يرفع دعوى استحقاق لاسترداد المبيع من المشتري أو ممن انتقلت إليه حيازة المبيع، وتجري أحكام الحيازة المبينة في المواد (٦٧٢-67٧) فيما يتعلق بما يلزم المشتري - بصفته حائزاً للمبيع - أن يعوض المالك عنه من ثمار المبيع وما يجب على المالك أن يعوض المشتري عنه من النفقات الضرورية أو النافعة أو الكمالية التي أنفقها المشتري على المبيع، وكذا المسؤولية عن هلاك المبيع في يد المشتري، ووفقاً لما هو مقرر هناك فإن الحيازة لا تكسب الحائز ملكية الشيء ولو طالت المدة؛ فلا تتقادم دعوى الاسترداد هذه. وللمالك كذلك الرجوع على البائع بالتعويض إن كان له مقتض عما لحقه من ضرر بسبب بيع ملكه وفقاً لقواعد المسؤولية عن الفعل الضار. وإذا أجاز المالك البيع فإن البيع ينفذ في حقه، وتسري على إجازته - باعتبارها تصرفاً نظامياً من طرف واحد - القواعد العامة المقررة في القسم الأول من هذا النظام؛ فلا تتوقف الإجازة على قبول المشتري، ويستند أثرها إلى وقت البيع لا وقت صدور الإجازة، وتصح صراحة أو ضمناً، ويشترط في المجيز أهلية البيع عند الإجازة، وغير ذلك من الأحكام. وبين آخر المادة أن الإجازة لا يجوز أن تخل بحقوق الغير التي ثبتت في المبيع قبل الإجازة؛ لأن البيع قبل الإجازة لم يكن نافذاً في حق المالك؛ فلو كان المالك قد رتب حقاً عينياً في المبيع كحق انتفاع أو حق رهن مستوف لشروطه النظامية، أو رتب حقاً شخصياً كعقد إيجار على المبيع، فتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري محملة بذلك الحق؛ لأنه سابق على نفاذ البيع في حق المالك؛ وللمشتري الرجوع بضمان الاستحقاق الجزئي في هذه الحال. وبينت الفقرة الثانية أثر بيع ملك الغير فيما بين المتعاقدين، فهو عقد قابل للإبطال لمصلحة المشتري وحده دون البائع، ويمارس المشتري حقه في الإبطال إما بدعوى يقيمها لطلب إبطال البيع، أو بدفع في دعوى يرفعها عليه البائع للمطالبة بالثمن، وتسري على إبطال البيع الأحكام المبينة في القواعد العامة للإبطال. ومتني أجاز المشتري البيع صراحة أو ضمناً سقط حقه في الإبطال. وإجازة المشتري للبيع لا أثر لها في نفاذ العقد في حق المالك؛ فسواء أجاز المشتري البيع أو لم يجزه؛ فالبيع لا ينفذ في حق المالك إلا إذا أجازه هو. وعموم الفقرة يدل على أن للمشتري حق الإبطال سواء كان يجهل وقت البيع أن البائع لا يملك المبيع أو كان يعلم ذلك؛ فقد يكون رضي بالبيع مع علمه أن البائع لا يملك المبيع معتقداً أن البائع قادر على أن يجعل المالك يقبل بنقل ملكية المبيع؛ على أن المشتري متى علم بأن المبيع غير مملوك للبائع فتتقادم دعوى الإبطال بانقضاء سنة من علمه تطبيقاً للقواعد العامة، ولا يلزم لدعوى الإبطال أن يقع تعرض من المالك للمشتري؛ فله أن يطلب الإبطال ولو لم يتعرض له المالك فعلاً. وعموم المادة يدل أيضاً على أن للمشتري حق الإبطال سواء كان البائع سيء النية أي كان يعلم عند التعاقد أن المبيع ليس مملوكاً له أو كان حسن النية أي لم يكن يعلم بعدم ملكيته للمبيع. وبينت الفقرة أن حق المشتري في طلب الإبطال يسقط - بالإضافة إلى مسقطات حق طلب الإبطال المقررة في القواعد العامة في حالتين: الحالة الأولى: إذا انتقلت ملكية المبيع للبائع بعد ابرام عقد البيع؛ سواء انتقلت إليه بالشراء أو الاتهاب أو الإرث أو الوصية أو غير ذلك؛ لانعدام الغاية من حق الإبطال وهي حماية المشتري الذي باع له البائع ما لا يملكه. والحالة الثانية: إذا أجاز المالك البيع صراحة أو ضمناً. ولا يسقط حق المشتري في طلب الإبطال إلا إذا تحقق أي من الحالتين السابقتين قبل طلبه الإبطال؛ أما إذا رفع دعوى الإبطال ثم تملك البائع المبيع أو أجاز المالك البيع قبل صدور الحكم فلا يسقط حق الإبطال؛ إذ المعتبر هو وقت رفع الدعوى لا وقت الحكم؛ فطلب الإبطال - خلافاً لطلب الفسخ - لا توقي فيه بعد رفع الدعوى إلا في الأحوال المنصوص عليها في النظام ولا إمهال فيه. ويجدر التنبه في تطبيق أحكام المادة إلى أمور: أولاً: لا يرد حكم المادة في الصور الآتية: أ- إذا كان المبيع معيناً بالنوع؛ ولو لم يكن البائع يملك مثل ذلك النوع عند البيع؛ إذ المعين بالنوع لا يتصور له مالك معين عند البيع؛ فلا يعد من بيع ملك الغير. ب بيع الشيء المعين بالذات إذا كان مملوكاً للبائع تحت شرط واقف أو فاسخ؛ فالمبيع ينتقل إلى المشتري بالبيع محملاً بهذا الشرط. ج- بيع الشيء المعين بالذات غير المملوك للبائع إذا علق البائع البيع على شرط تملك البائع المبيع. د تعهد الشخص للغير بأن يبيع المالك الشيء للمتعهد له؛ فيجري على هذا التعهد أحكام التعهد عن الغير المبين في المادة (١٠٠). ه بيع شيء مملوك للمشتري، وهو يجهل ملكيته لذلك الشيء؛ كمن يشتري شيئاً يجهل أنه ورثه أو وهب له؛ فالبيع في هذه الحالة باطل بطلاناً مطلقاً؛ لاستحالة المحل؛ إذ يستحيل نقل ملكية شيء إلى من هو مالك له فعلا. ثانياً: حق الإبطال في المادة هو إبطال خاص بهذه المسألة يضاف إلى أسباب الإبطال المقررة في القواعد العامة؛ ولا يشترط لهذا الإبطال وجود عيب من عيوب الرضا بل يثبت للمشتري في جميع الأحوال بمجرد كون المبيع معيناً بالذات غير مملوك للبائع، ولا يحول ذلك دون حق المشتري في طلب الإبطال لمقتض آخر ، وله أيضاً ألا يتمسك بالإبطال، ويبقى له الحق في طلب الفسخ لإخلال البائع بالتزامه بنقل ملكية المبيع، أو التمسك بالعقد ويبقى له حق الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق إذا رفعت عليه دعوى استحقاق من المالك. ثالثاً: إجازة المالك وإجازة المشتري للعقد تتفقان في أن كلاً منهما تصرف نظامي من جانب واحد تجري عليه القواعد العامة لذلك؛ وأن أثر كل منهما يستند من حين إبرام العقد لا من حين الإجازة، ولكنهما يختلفان في أن إجازة المالك ترد على عقد لم يكن نافذاً في حقه؛ لكونه ليس طرفاً فيه؛ إعمالاً لمبدأ نسبية العقد المقرر في المادة (۹۹)؛ وإذا أجاز المالك العقد نفذ في حقه بأثر رجعي، بينما إجازة المشتري ترد على عقد صحيح نافذ في حقه، وأثرها في سقوط حقه في الإبطال؛ إعمالاً للقاعدة العامة في حق الإبطال المقررة في المادة (۷۸) ، وليس لإجازة المشتري أثر رجعي؛ لأن العقد نافذ قبل صدورها ؛ وبناءً على ذلك؛ فليس ثمة حاجة لتقييد إجازة المشتري بعدم الإضرار بحقوق الغير؛ لأن أثر العقد على الغير قبل الإجازة وبعدها واحد بخلاف إجازة المالك؛ فيجب ألا تؤثر على حقوق الغير، ومن جانب آخر فإن إجازة المالك للبيع تسقط حق المشتري في الإبطال؛ لانتفاء الغاية منه؛ ولا عكس؛ فلا أثر لإجازة المشتري على سقوط حق المالك في التمسك بعدم نفاذ البيع في حقه، وهذا الاختلاف بين الإجازتين ليس مرده اختلاف إحدى الإجازتين في طبيعتها عن الأخرى؛ فكل منهما تصرف نظامي بإرادة منفردة، وإنما لاختلاف المركز النظامي لمن صدرت منه الإجازة؛ ولذا لم يتجه النظام إلى استخدام مصطلح آخر غير الإجازة كالإقرار مثلاً للتعبير عن الإجازة الصادرة من المالك أو غيره ممن ليس طرفاً في العقد في هذا الموضع والمواضع الأخرى من النظام لتمييزه عن الإجازة الصادرة من أحد طرفي العقد، كما هو صنيع بعض القوانين المقارنة؛ بل استخدم النظام مصطلح الإجازة) في الموضعين؛ لاتفاق طبيعتهما النظامية؛ ولتجنب التباس مصطلح الإقرار بما في الإثبات.

بينت المادة أن للمشتري الذي اشترى شيئاً معيناً بالذات غير مملوك للبائع إذا طلب إبطال البيع وفقاً لما تضمنته المادة (359) وحكم بالإبطال، أن يطالب البائع بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب إبطال البيع سواء كان البائع حسن النية أو سيء النية. واشترطت المادة لحق المشتري في المطالبة بالتعويض أن يكون جاهلاً بأن المبيع غير مملوك للبائع، والمعتبر في ذلك هو وقت إبرام عقد البيع؛ فإن كان عند إبرام العقد لا يعلم بأن المبيع غير مملوك للبائع فله المطالبة بالتعويض، حتى لو علم بعد ذلك، وأما إذا كان عند إبرام العقد يعلم ذلك فإنه يستطيع أن يطلب إبطال البيع ولكنه لا يسترد إلا الثمن دون أي تعويض. ومصدر التعويض بعد إبطال العقد لا يمكن أن يكون هو العقد نفسه؛ لأن العقد زال بالإبطال؛ وإنما يكون على أساس المسؤولية التقصيرية، فإذا كان البائع سيء النية - أي كان يعلم عند إبرام العقد بعدم ملكيته للمبيع - فمصدر التعويض هو الخطأ التقصيري وإذا كان البائع حسن النية أي يجهل عدم ملكيته للمبيع عند إبرام العقد فمصدر التعويض هو الخطأ في تكوين العقد.

بينت المادة تعريف عقد المقايضة، وهو أنه عقد يقوم بمقتضاه كل من المتعاقدين بنقل ملكية مال للآخر على سبيل التبادل، ولا يكون أي من المالين من النقود. ويتبين من التعريف خصائص عقد المقايضة وهي أنه: أ- من عقود المعاوضة. ب من عقود التمليك. ج من العقود الملزمة للجانبين. د من العقود الرضائية؛ فليس من العقود الشكلية أو العينية. وتسري على عقد المقايضة الأحكام العامة للالتزام التي سبق بيانها في القسم الأول، ومصدر الالتزام هنا هو العقد؛ فتسري عليه بشكل أخص القواعد العامة للعقد؛ وفضلاً عن ذلك كله تسري على عقد المقايضة الأحكام المبينة تفصيلاً في عقد البيع فيما لا يتعارض مع طبيعة عقد المقايضة وفق ما هو مبين في المادة (365). وكون الع عوضين ليسا من النقود هو ما يميز عقد المقايضة عن عقد البيع؛ لكون أحد العوضين في عقد البيع لا بد أن يكون ثمناً نقدياً؛ فإذا باع شخص أرضه بثمن نقدي فالعقد بيع، وإذا كان العوض أرضاً أخرى أو سيارة أو أسهماً فالعقد مقايضة؛ وبناء على ذلك فيعد كل من المتعاقدين في عقد المقايضة بائعًا ومشتريًا في وقت واحد، لأن كلاً منهما يملك أحد العوضين في مقابل أن يتملك العوض الآخر. ومن تعريف عقد المقايضة تتبين عدة أحكام: 1- أن شرط المقايضة ألا يكون العوضان من النقود، ولا فرق بعد ذلك بين أن يكون أي منهما حقاً عينياً أو شخصياً ؛ فيصح مثلاً أن يكون العوض حق ملكية شيء غير النقد أو حق الانتفاع أو الارتفاق بذلك الشيء، أو أن يكون حقاً شخصياً كما في حوالة الحق إذا كان الحق وعوضه من غير النقد؛ مثل أن يكون للشخص في ذمة المدين مائة طن من الحديد فيحولها لشخص آخر في مقابل أرض يدفعها المحال له. 2- لا يشترط في العوضين أن يكونا من جنس واحد أو من جنسين مختلفين؛ فتصح مقايضة عقار بسيارة وهاتف محمول بساعة، أو مقايضة سيارة بسيارتين أو ساعة بساعتين. 3- لا يشترط في العوضين أن يكون كلاهما معينين بالذات أو معينين بالنوع؛ فتصح مقايضة أرض بسيارة معينة بالنوع، كما تصح مقايضة أرض بأرض أخرى، أو مقايضة عشرين طن خشب معين بنوعه بعشرة أطنان حديد معين بالنوع.

بينت المادة أن كلاً من المتعاقدين في عقد المقايضة يعد بائعاً للشيء الذي قايض به، ومشترياً للشيء الذي قايض عليه، مثال ذلك: أن يقايض شخص سيارته بآلة زراعية لشخص آخر ؛ فيعد في هذه الصورة بائعاً لسيارته ومشترياً لآلة الآخر، ويعد الآخر بائعا للآلة مشترياً للسيارة؛ فيلتزم كل منهما في الشيء الذي قايض به بما يلتزم به البائع؛ فيلتزم بأن يقوم بما هو ضروري من جانبه لنقل ملكية ما قايض به إلى المتعاقد الآخر، وتسليمه إليه بالحال التي كان عليها وقت المقايضة وأن يتحمل نفقات تسليم الشيء الذي قايض به كما يلتزم بضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب فيما قايض به على الوجه المبين في عقد البيع. وفي المقابل يلتزم كل منهما فيما قايض عليه بما يلتزم به المشتري في البيع؛ فيلتزم بتسلم ما قايض عليه في المكان الذي يوجد فيه وقت المقايضة، وأن ينقله دون إبطاء إلا ما يقتضيه النقل من زمن، وأن يتحمل نفقات تسلمه، وليس لأي منهما أولوية في تسلم ما قايض عليه قبل تسليمه ما قايض به إلا إذا وجد اتفاق أو عرف بذلك.

بينت المادة أنه إذا تفاوتت قيمة العوضين في المقايضة وأضيف إلى أحد العوضين معدل من النقود؛ لتعويض الفرق في القيمة؛ فيعد العقد مقايضة لا بيعاً بشرط أن يكون العوض الذي أضيف إليه المعدل النقدي مساوياً أو أكثر قيمة من المعدل النقدي الذي أضيف إليه، فإن كانت قيمة العوض أقل من قيمة النقد فيصير العقد بيعًا لكون مقابل المبيع غلب عليه كونه ثمنا نقديًا. مثال ذلك: أن يكون العقد مبادلة سيارة قيمتها مئة ألف ريال بسيارة قيمتها تسعون ألف ريال ومعها معدل نقدي بمقدار عشرة آلاف ريال؛ لتعويض الفرق في القيمة، فيعد هذا العقد مقايضة؛ وبهذا تكون نفقات العقد - إذا لم يوجد اتفاق أو عرف مناصفة بين المتعاقدين وفقاً للمادة (3٦٤) وتسري على العقد أحكام المقايضة. وأما إذا كان العقد مبادلة سيارة قيمتها مئة ألف ريال بآلة زراعية قيمتها أربعون ألف ريال ومعها معدل نقدي بمقدار ستين ألف ريال؛ فالعقد بيع لا مقايضة، وبذا تكون نفقات العقد إذا لم يوجد اتفاق أو عرف على المتعاقد الذي التزم بالآلة الزراعية والمعدل، وتسري على العقد أحكام البيع لا المقايضة.

بينت المادة أن نفقات عقد المقايضة كرسوم تسجيل العقد وأتعاب المحامي وغيرها من نفقات يقتضيها إبرام العقد تكون مناصفة بين المتعاقدين، وهذا أحد الفروق التي يختلف بها حكم عقد المقايضة عن عقد البيع؛ اقتضته طبيعة عقد المقايضة وهي أن كل متقايض يعد بائعاً لما قايض به ومشترياً لما قايض عليه؛ ففي عقد البيع يتحمل المشتري وحده هذه النفقات، وإذا أعملنا هذا الحكم على عقد المقايضة وجب اعتبار كل من المتعاقدين مشترياً لما قايض عليه ووجب تبعاً لذلك تقسيم هذه النفقات مناصفة بينهما. ولا أثر لتفاوت قيم العوضين وإضافة معدل نقدي لأحدهما على الحكم الذي تضمنته المادة، فلو كانت المقايضة بين عوضين أحدهما أعلى قيمة من الآخر وأضيف إلى العوض الأقل معدل نقدي أو دون معدل، فتكون نفقات العقد مناصفة بينهما. وحكم هذه المادة ليس من النظام العام، فإذا تم الاتفاق صراحة أو ضمناً على أن يتحمل أحد المتعاقدين جميع نفقات العقد، أو أن يتحمل أكثر من الآخر وجب العمل بذلك. ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف أو تعامل المتعاقدين على خلاف ما تضمنه حكم المادة.

بينت المادة أن الأصل سريان أحكام عقد البيع على عقد المقايضة، وذلك لاتفاق العقدين في أن كلاً منهما عقد معاوضة يقتضي التمليك، ووجه الاختلاف بينهما في أن كلا العوضين في عقد المقايضة كالمبيع في عقد البيع، بينما أحد العوضين في عقد البيع ثمن نقدي. وبناء على ذلك؛ تسري الأحكام المتعلقة بالمبيع على كل من العوضين في المقايضة؛ من حيث أحكام العلم به والبيع بالعينة، وتترتب الآثار ذاتها المتعلقة بالمبيع؛ فيلتزم كل من المتقايضين فيما قايض به بمثل ما يلتزم به البائع في المبيع في عقد البيع وأحكام انتقال ملكية ما قايض به وتسليمه وضمان التعرض والاستحقاق والعيوب كتلك التي يلتزم بها البائع في عقد البيع. ويلتزم كل من المتقايضين فيما قايض عليه بمثل ما يلتزم به المشتري في عقد البيع؛ عدا ما يتعلق من التزاماته بالثمن؛ فيلتزم المتقايض بتسلم ما قايض عليه ونقله وتحمل نفقات تسلمه وغير ذلك. وتجري أحكام المقايضة في الحقوق المتنازع عليها ومقايضة النائب أو الوسيط أو الخبير مع نفسه، والمقايضة بملك الغير ومقايضة المريض مرض الموت كالأحكام المبينة في عقد البيع وغير ذلك من الأحكام. وبين آخر المادة وجوب مراعاة طبيعة عقد المقايضة والتي تقتضي عدم تطبيق بعض أحكام عقد البيع عليه، وكأصل عام يمكن القول: إن أحكام عقد البيع المتعلقة بالثمن أو بالتزامات المشتري المتعلقة بالثمن لا تسري على عقد المقايضة؛ لتعارض هذه الأحكام مع طبيعة عقد المقايضة؛ ولكن إذا وجد معدل نقدي مع أحد العوضين سرت أحكام الثمن على ذلك المعدل وحده بالقدر الذي لا يتعارض مع طبيعة عقد المقايضة؛ وبناء على ذلك لا تسري أحكام عقد البيع على عقد المقايضة فيما يتعلق بأحكام الثمن والتزام المشتري المتعلقة بأدائه، ومن ذلك تحمل نفقات العقد؛ ففي عقد البيع تكون نفقات العقد على المشتري؛ لأنه من يتحمل الثمن؛ بينما في عقد المقايضة تكون نفقات العقد مناصفة بين المتقايضين؛ لعدم وجود ثمن، ومن ذلك أيضاً أن الشفعة تثبت في عقد البيع دون المقايضة وفق ما هو مبين في المادة (٦٥٨) ونحو ذلك من أحكام تقتضي طبيعة عقد المقايضة أن يختص بها عن عقد البيع.

بينت المادة تعريف عقد الهبة، ومن هذا التعريف تتبين خصائص العقد، وهي: أولاً: أنه عقد تمليك فالواهب يملك الموهوب بمقتضى عقد الهبة إلى الموهوب له، والموهوب قد يكون حقاً عينياً كحق ملكية أو انتفاع أو ارتفاق، أو حقاً شخصياً كما في حوالة الحق إذا كانت بلا عوض، وهذا ما يميز عقد الهبة عن عقود التبرعات الأخرى التي ليس فيها تمليك، كالإعارة والإيداع أو الوكالة بلا أجر. والتعبير في التعريف بـ "التمليك" يقتضي أن عقد الهبة بهذا الخصوص كعقد البيع، فهو من حيث الأصل يقتضي انتقال ملكية الموهوب المعين بالذات بمجرد انعقاده. ويخرج عن هذا الأصل: أ- الموهوب المعين بالنوع فلا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه. ب ما يشترط النظام لانتقال ملكيته إجراء معيناً؛ فلا يكفي لانتقال ملكيته انعقاد العقد بل لابد من استكمال ذلك الإجراء. ج- إذا عُلق انتقال ملكية الموهوب على شرط واقف لم تنتقل إلا به. فعقد الهبة في هذه الحالات الثلاث لا يفيد انتقال الملك بل يرتب التزاماً على الواهب بنقل ملكية الموهوب. ثانياً: أن التمليك يكون في حال الحياة؛ فعقد الهبة بين الأحياء، وهذا ما يميزه عن الوصية. ثالثاً: أن التمليك بلا عوض؛ فعقد الهبة من عقود التبرع؛ إذ هو افتقار محض من جهة الواهب، وإثراء محض من جهة الموهوب له، وهذا ما يميز عقد الهبة عن عقود التمليك الأخرى كالبيع والمقايضة والصلح؛ فهي عقود معاوضة، وما يميزه أيضاً عن عقد القرض؛ فالقرض فيه تمليك للمال ولكنه ليس افتقاراً محضاً؛ لأن المقترض يلتزم برد بدل القرض في نهاية العقد، ومع ذلك يجوز للواهب أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين كما سيأتي في المادة (367). ومتى استوفى العقد الخصائص السابقة فهو عقد هبة، ولا يخرجه عن ذلك الغرض الذي من أجله تم التبرع؛ فقد يكون لغرض التقرب إلى الله ويسمى صدقة، أو لغرض التودد والمحبة ويسمى هدية. والنص في التعريف على أن الهبة عقد يؤكد سريان القواعد العامة للعقد على عقد الهبة إلا ما استثني منها؛ وبناء على ذلك: 1 - لا تنعقد الهبة إلا بالإيجاب والقبول، واشتراط شروط إضافية لعقد الهبة شكلية أو عينية لا يلغي توقف الانعقاد على الإيجاب والقبول، وتجري على الإيجاب والقبول الأحكام المقررة لها في العقد، فيصحان صراحة أو ضمناً؛ ومن ذلك أن يدل إقباض المنقول وقبضه على قصد الهبة فتنعقد بذلك دون حاجة للفظ. 2 - يشترط في المتعاقدين أهلية التعاقد ؛ فلا تصح الهبة من الصغير المميز إذا لم تتضمن التزاماً فيه نفع له، فإن تضمنت التزاماً على الموهوب له فيه نفع للواهب وهو صغير مميز فتكون صحيحة وقابلة للإبطال لمصلحته، وأما قبول الصغير المميز للهبة المحضة فيصح، وإذا تضمنت التزاماً عليه فيصح قبوله ويكون العقد قابلاً للإبطال لمصلحته. 3 - إذا تم الوعد بالهبة فلا يكون الوعد ملزماً إلا إذا عُيّنت المسائل الجوهرية والمدة التي يجب إبرام عقد الهبة فيها، وتوفرت شروط عقد الهبة عند إنشاء الوعد بما في ذلك شرط توثيق الوعد وفق أحكام النظام، ولا يغني توثيق الوعد عن توثيق عقد الهبة عند إبرامه تنفيذاً للوعد أو قبض الموهوب إذا كان منقولاً. 4- يشترط في الموهوب ما يشترط في المحل، وهو أن يكون ممكناً في ذاته، وألا يكون مخالفاً للنظام العام، وأن يكون معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره أو قابلاً للتعيين. 5- تجري على عقد الهبة عيوب الرضى، ويكون العقد بها قابلاً للإبطال. 6- تترتب آثار عقد الهبة فور انعقاده؛ فليس لأي من المتعاقدين نقض العقد أو تعديله إلا بالاتفاق أو بنص النظام، فلو تم توثيق عقد الهبة دون قبض، أو تم القبض في هبة المنقول دون توثيق، فليس للواهب الرجوع في هبته إلا في الحالات المبينة في النظام.

بينت الفقرة الأولى صحة اشتراط الواهب التزاماً معيناً على الموهوب له؛ ولا يخرج بذلك العقد عن أن يكون عقد هبة، وقد يكون لمصلحة الموهوب له؛ كأن يهبه مالاً بشرط أن ينفقه في تحصيله العلمي، وقد يكون لمصلحة الواهب، مثل ما تضمنته المادة (3٧٤) وهو أن يهبه شيئاً تعلق به رهن ضماناً لدين على الواهب فيلتزم الموهوب له بأن يوفي الدين في حدود قيمة الموهوب، وقد يكون الشرط لمصلحة الغير ؛ كأن يهبه مالاً بشرط أن يقوم الموهوب له برعاية والديه أو تعليم أبنائه. وفي جميع ذلك قد يكون الشرط صريحاً أو يكون ضمنياً يستخلص من ظروف الحال؛ كأن تكون الهبة على سبب يستخلص من ظروف الحال أن الواهب إنما وهب المال لأجل ذلك السبب. وبينت الفقرة الثانية أن الواهب إذا اشترط على الموهوب له عوضاً مقابل الموهوب فالعقد معاوضة وإن سمي هبة؛ لأن العبرة في العقود بمقاصدها ومعانيها لا بألفاظها ومبانيها، فإذا كان عوض الموهوب نقداً فالعقد بيع، وإذا كان شيئاً آخر غير النقد فالعقد مقايضة، وقد يكون العوض تمكين الواهب من الانتفاع بشيء فالعقد إيجار، وهكذا. وينبغي التمييز بين عقد الهبة الذي يأخذ حكم المعاوضة وعقد الهبة الذي فيه مبادلة لا تأخذ حكم المعاوضة، ومن ذلك: 1- الهبات المتبادلة، كتلك التي في المناسبات والأعياد، فكل هبة مستقلة عن الأخرى وليست عوضاً لها؛ فلا تأخذ حكم المعاوضة. 2- إذا تضمن العقد عوضاً تافهاً بحيث يُجزم أن المتعاقد لم يبرم العقد لأجل الحصول على ذلك العوض؛ فالعقد هبة وإن سمي معاوضة وتجري عليه أحكام الهبة بما في ذلك الشروط الشكلية أو العينية. 3- إذا كان العوض غير تافه، ولكن قيمته أقل من قيمة الموهوب، فالعقد من الناحية الشكلية معاوضة؛ فلا تشترط له الشروط الشكلية أو العينية في الهبة، وأما من الناحية الموضوعية فبحسب ما تدل عليه ظروف الحال؛ فقد يتبين أن المتعاقد قصد التبرع والمحاباة في العوض فيأخذ قدر التبرع أو المحاباة حكم التبرع؛ فيكون العقد جمع معاوضة وتبرعاً، وقد يتبين أنه غبن في العقد فلا يأخذ قدر الغبن حكم التبرع.

بينت المادة أن عقد الهبة ليس من العقود الرضائية التي يكفي لانعقادها تبادل الإيجاب والقبول، بل لا بد فيه إضافة إلى ذلك من شرط شكلي أو عيني، والتوثيق الرسمي يقوم مقام القبض. والحكمة من ذلك حماية الواهب لخطورتها؛ فهو يتنازل عن ماله بلا مقابل؛ فيحتاج للتأمل والتروي فيما يتنازل عنه. قررت الفقرة الأولى أن الموهوب إذا كان عقاراً فلا تنعقد الهبة إلا بتوثيق العقد، وليس المراد إثبات العقد بطريق من طرق الإثبات؛ بل المراد توثيقه وفقاً للنصوص النظامية المتعلقة بالتوثيق، وفي مقدمتها نظام التوثيق الصادر بالمرسوم الملكي رقم م / ١٦٤ في ١٩-١١-١٤٤١هـ. فإذا تم توثيق عقد الهبة وفقاً للإجراءات والشروط والأحكام المضمنة في النصوص النظامية؛ فقد تحقق شرط الشكلية واعتبر العقد صحيحاً من الناحية الشكلية، ولو لم يتم تسليم العقار تسليماً فعلياً أو حكمياً؛ حيث اعتبرت الفقرة توثيق العقد كافياً في الانعقاد ويقوم مقام القبض بهذا الخصوص. ويجب أن يتضمن سند التوثيق جميع عناصر الهبة بتعيين المال الموهوب وفق ما هو مبين في القواعد العامة للعقد، وتعيين الواهب والموهوب له وأي التزامات مفروضة على الموهوب له. وبينت الفقرة الثانية أن الموهوب إذا كان منقولاً فلا تنعقد الهبة إلا بأحد أمرين: الأول: توثيق العقد وفق النصوص النظامية، كما في هبة العقار. والثاني: قبض الموهوب، ويكون القبض في كل شيء بحسب طبيعته، فقد يكون بالمناولة كساعة أو مجوهرات، أو بإيداع المبلغ في حساب الموهوب له، أو بتسجيل الأوراق المالية في محفظته، أو بتسليمه سندات الحق فيما إذا كان الموهوب حقاً شخصياً حوله الواهب للموهوب له على سبيل التبرع، أو بفرز الحيوانات أو المتاع بحضور الموهوب ووضعه تحت يده ولو لم ينقله، ويتحقق القبض في جميع ذلك بقبض الموهوب له بنفسه أو قبض نائبه أو وكيل له في القبض أو وسيط عنه. ولم تشترط الفقرة للقبض التسليم والتسلم؛ فلو كان المنقول في حيازة الموهوب له قبل الهبة بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك وتمت الهبة على أن يبقى المنقول في حيازة الموهوب له فيكفي ذلك في تحقق القبض. ويجدر التنبه إلى أن اشتراط شرط شكلي أو عيني لانعقاد الهبة لا يغني عن توفر أركان العقد وشروطه الموضوعية، وفق ما هو مبين في القواعد العامة. والشرط الشكلي أو العيني للهبة إنما يرد في الهبة المباشرة التي فيها تمليك من الواهب للموهوب له، وأما إذا كسب الموهوب له حقاً عينياً أو شخصياً دون عوض عن طريق الواهب ولكن من دون تمليك من الواهب للموهوب له؛ فلا يشترط له التوثيق أو القبض، ومن أمثلة ذلك: 1 - الإبراء من الدين وفق ما تضمنته المادة (3٧٠) 2 - الاشتراط لمصلحة الغير وفق ما تضمنته المادة (101). 3 - قبول المحال عليه الحوالة الدين بلا عوض وفق ما تضمنته المادة (249). فهذه التصرفات تأخذ حكم التبرع من حيث الأحكام الموضوعية؛ مثل اشتراط أهلية التبرع، وعدم ضمان الاستحقاق والعيب، وتعد تبرعاً في دعوى عدم نفاذ التصرف في حق الدائنين، وكذا في حق الورثة في تصرف المريض مرض الموت وغير ذلك من الأحكام، وأما من حيث الشروط الشكلية والعينية؛ فتعد هذه التصرفات هبة غير مباشرة ليس فيها تمليك لحق عيني أو شخصي من الواهب للموهوب له، ومن ثم لم يفرض النظام فيها شرطاً شكلياً أو عينياً.

بينت المادة أن عقد الهبة لا تكون آثاره نافذة إذا وقع على موهوب معين بالذات غير مملوك للواهب إلا إذا أجاز المالك عقد الهبة، وإذا أجاز المالك العقد نفذت آثار العقد، وتسري على إجازته باعتبارها تصرفاً نظامياً من طرف واحد القواعد العامة المقررة في القسم الأول من هذا النظام؛ فيستند أثرها إلى وقت العقد لا وقت صدور الإجازة، وتصح صراحة أو ضمناً، ويشترط في المجيز أهلية التبرع عند الإجازة. وإذا صدرت الإجازة نفذ العقد دون أن يتوقف ذلك على قبول الموهوب له، على ألا تضر الإجازة بحقوق الغير ؛ ففي بيع ملك الغير أوجب النظام ألا تضر الإجازة بحقوق الغير، وفي الهبة من باب أولى، وهو أمر متقرر في القواعد العامة. وإطلاق عدم النفاذ في المادة يشمل عدم نفاذ العقد لا في حق المتعاقدين ولا في حق المالك ولا في حق الغير إلا بالإجازة، وإذا لم يجز المالك العقد لم ينفذ العقد في حق الجميع؛ وبهذا يختلف عقد الهبة عن عقد البيع؛ ففي بيع ملك الغير يقتصر عدم نفاذ العقد في حق المالك فقط دون المتعاقدين، ويكون للمشتري حق إبطال العقد، ويسقط حقه في الإبطال إذا أجاز المالك البيع أو آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد العقد، بينما في الهبة لا ينفذ العقد في حال عدم الإجازة حتى لو آلت ملكية الموهوب إلى الواهب بعد العقد؛ وذلك تشديداً في نفاذ عقد الهبة؛ لخطورتها. ويعد ما تضمنه حكم المادة استثناء من المادة (94) في القواعد العامة في آثار العقد، والتي تقضي بأن الحقوق التي ينشئها العقد تثبت فور الانعقاد. وعدم نفاذ عقد الهبة لا يحول دون حق الموهوب له في التعويض عما لحقه من ضرر بسبب ذلك وفقاً لقواعد المسؤولية عن الفعل الضار. ولا يرد حكم المادة في الموهوب المعين بالنوع؛ لأن المعين بالنوع لم يتعين مالكه عند العقد حتى تؤخذ إجازته؛ فعلى هذا ؛ لو أن شخصاً وهب آخر مبلغاً من النقود أو سيارة معينة بنوعها لا بذاتها ووثق عقد الهبة وفق النظام ولم يكن الواهب يملك الموهوب عند العقد فيصح العقد ويكون نافذاً دون أن يتوقف على إجازة أحد.

بينت المادة صحة هبة الدين سواء كان ديناً نقدياً أو غير نقدي، وتعد إبراء سواء وقعت بلفظ الهبة أو بلفظ الإبراء ، وقد بينت المادة (2۹۳) أن الإبراء تسري عليه الأحكام الموضوعية للتبرعات، ولا يشترط فيه شكل خاص؛ وعلى هذا فتصح هبة الدين للمدين ولو دون توثيق أو إقباض؛ لأن الهبة هنا غير مباشرة؛ إذ لا تتضمن تمليكاً لحق عيني أو شخصي من الواهب إلى الموهوب له؛ وقد سبق في شرح المادة (36) أن شرط الشكلية أو العينية إنما يرد في الهبة المباشرة حيث يكون تمليك من الواهب للموهوب له. وتجري على هبة الدين للمدين الأحكام الموضوعية للتبرع، فيشترط لصحتها أن يكون الواهب كامل الأهلية، ولا يضمن الواهب الاستحقاق أو العيب، وللدائنين دعوى عدم نفاذها في حقهم وفق شروط دعوى عدم النفاذ، وإذا صدرت من المريض مرض الموت فتأخذ حكم الوصية، وغير ذلك من الأحكام.

بينت المادة صحة هبة الشريك لشريكه نصيبه من المال الشائع، أو هبته لغير الشريك، سواء كان الموهوب عقاراً أو منقولاً ، وسواء كان قابلاً للقسمة أو غير قابل لها، والمال القابل للقسمة هو ما يقبل القسمة عيناً دون أن يترتب على ذلك تعطل الانتفاع به أو نقص كبير في قيمته. ولا تتوقف هبة الشريك لنصيبه في المال الشائع على موافقة باقي الشركاء، ولكن تصرفه مقيد بما لا يلحق ضرراً بهم، وفق ما نصت عليه الفقرة (١) من المادة (٦٢٠): لكل شريك في الملك التصرف في حصته واستغلالها واستعمالها ؛ وذلك دون إذن من باقي الشركاء بشرط ألا يلحق ضررا بحقوقهم». وهبة المال الشائع يشترط لها ما يشترط في المال المفرز من توثيق العقد إذا كان الموهوب عقاراً، والتوثيق أو القبض إذا كان منقولاً ؛ ويحصل القبض بقبض الموهوب له كل المال المشترك بإذن باقي الشركاء، أو أن يضع الموهوب له يده على الحصة الشائعة الموهوبة له كما كان الواهب يضع يده عليها؛ فمثلاً لو كان الشركاء يتقاسمون منفعة المال مهايأة بينهم وتقاسم الموهوب له معهم منفعة المال فيعد ذلك قبضاً للموهوب.

بينت المادة أن الأصل في عقد الهبة أن الواهب لا يضمن استحقاق الموهوب، كما لا يضمن خلوه من العيوب؛ لأن الواهب متبرع؛ فلا يجمع له بين تجرده من ماله بلا عوض مع الضمان. وعلى هذا؛ فلا يكون الواهب ملزماً بتعويض الموهوب له عن النقص في قيمة الموهوب بسبب استحقاقه للغير كلياً أو جزئياً؛ سواء كان الاستحقاق بحق ملكية أو انتفاع أو ارتفاق أو غير ذلك، كما لا يكون الواهب ملزماً بتعويض الموهوب عن النقص في قيمة الموهوب أو منفعته بسبب العيب. وبينت المادة أن الواهب يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يسببه الاستحقاق أو العيب بالموهوب له؛ وذلك في حالتين: الحالة الأولى: إذا تعمد الواهب إخفاء سبب الاستحقاق أو وجود العيب عن الموهوب له، ولا يكفي في الاستحقاق أن يقرر الواهب للموهوب له أنه يملك الموهوب، بل يجب أن يتعمد إخفاء سبب الاستحقاق، كما لا يكفي في العيب أن يكون الواهب عالماً بالعيب، بل يجب أن يتعمد إخفاءه. والحالة الثانية: إذا ضمن الواهب للموهوب له خلو الموهوب من الاستحقاق أو العيب. ففي هاتين الحالتين يكون الواهب مسؤولاً عن الأضرار التي يسببها الاستحقاق أو العيب بالموهوب له ولا يكون مسؤولاً عن الاستحقاق أو العيب ذاته؛ أي يلزمه التعويض عما يسببه الاستحقاق أو العيب من ضرر دون التعويض عن نقص قيمة الموهوب بسبب الاستحقاق أو العيب. ومن أمثلة الضرر الذي يسببه الاستحقاق أن يحدث الموهوب له نفقات نافعة في الموهوب كبناء أو غراس؛ فله أن يرجع على الواهب - إذا تعمد إخفاء سبب الاستحقاق عنه بتلك النفقات مما لا يلزم المستحق تعويض الموهوب له عنه، وليس له أن يرجع عليه بقيمة الموهوب نفسه الذي استحق. ومن أمثلة الضرر الذي يسببه العيب أن يكون الموهوب حيواناً به مرض معدٍ وأخفاه عن الموهوب له فأعدى حيوانات الموهوب له، أو كان الموهوب سخاناً به عيب وأخفاه فتسبب في تلف مال الموهوب، فيضمن الواهب الضرر الذي سببه العيب دون العيب نفسه. ويجدر التنبه إلى ثلاثة أمور: الأول: إذا كانت الهبة بعوض وجرى على العقد حكم المعاوضة وفق ما هو مبين في المادة (367) فتطبق أحكام ضمان الاستحقاق والعيب في ذلك العقد. والثاني: إذا كانت الهبة مشروطة بالتزام على الموهوب له، واستحق الموهوب أو ظهر به عيب فيتحلل الموهوب له من التزامه بقدر ما أحدثه الاستحقاق أو العيب من نقص في قيمة الموهوب، فلو استحق الموهوب كله فيتحلل الموهوب له من التزامه كله، وتقف عند ذلك مسؤولية الواهب، ما لم يكن قد تعمد إخفاء سبب الاستحقاق أو العيب فيكون مسؤولاً عن الضرر الذي يسببه الاستحقاق أو العيب. والثالث: أحكام ضمان الاستحقاق والعيب ليست من النظام العام إجمالاً، فيجوز الاتفاق في عقد الهبة على زيادة الضمان؛ كأن يتفقا على ألا يقتصر ضمان الواهب للاستحقاق أو العيب على الضرر الذي يسببه بل يشمل نقص قيمة الموهوب بسبب الاستحقاق أو العيب.

تشرع هذه المادة في بيان التزامات الموهوب له، والأصل في عقد الهبة أنه عقد ملزم من جانب واحد هو جانب الواهب، ولكن قد يتضمن العقد التزامات على الموهوب له، وتتمثل في نوعين من الالتزامات: الالتزام الأول: إذا كانت الهبة مشروطة بالتزام على الموهوب له؛ فيلزمه أداؤه. والالتزام الثاني: تحمل نفقات عقد الهبة وتسليم الموهوب ونقله. وموضوع هذه المادة الالتزام الأول من التزامات الموهوب له، وهو أن تكون الهبة مشروطة بالتزام على الموهوب له فيلزمه أداؤه، وهذا الشرط - كما سبق- قد يكون صريحاً أو يكون ضمنياً يستخلص من ظروف الحال، والالتزام المشروط قد يكون لمصلحة الموهوب له؛ مثل أن يهبه نقوداً بشرط أن ينفقها في تحصيله العلمي، أو لمصلحة الواهب مثل أن يرغب الواهب جوار شخص فيهبه شقة بجانبه بشرط أن يسكنها، أو لمصلحة الغير مثل أن يهب لشخص مالاً بشرط أن ينفق منه في رعاية قريب للموهوب له، أو للمصلحة العامة مثل أن يهب شخص مالاً لجمعية خيرية بشرط أن تبني به ملجاً للأيتام. وفي جميع ذلك قد يكون الالتزام إعطاء شيء كأن يشترط على الموهوب له أن يوفي من الموهوب ديناً على الواهب، أو يكون عملاً كأن يهبه سيارة بشرط أن يعمل عليها، أو يكون امتناعاً عن عمل كأن يهبه مالاً بشرط أن يترك عادة سيئة. ويجب في جميع ذلك توفر شروط صحة محل الالتزام؛ فيجب أن يكون ممكناً في ذاته، وألا يكون مخالفاً للنظام العام، وأن يكون معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره أو قابلاً للتعيين. ولا تخرج الهبة مع هذا الالتزام عن حكم التبرع ما دام الالتزام المشروط ليس على سبيل المعاوضة ولو كانت المصلحة في هذا الالتزام للواهب. والأثر المترتب على الإخلال بهذا الالتزام هو أنه يجيز للواهب الرجوع في هبته وفق ما سيأتي في المادة (376).

بينت المادة صورة خاصة من صور الهبة المشروطة بالتزام على الموهوب له، وهي أن يكون الموهوب مثقلاً بحق عيني ضماناً لدين في ذمة الواهب أو ذمة شخص آخر، وقد يكون هذا الحق رهناً مسجلاً ، أو حيازياً، أو حق امتياز، أو غير ذلك، فيلزم الموهوب له ودون حاجة إلى اتفاق أن يوفي هذا الدين؛ لأن هبة مال مثقل بحق عيني قرينة على أن الواهب أراد من الموهوب له أن يوفي ذلك الحق وإن لم يتم التصريح بذلك، ويكون التزام الموهوب له بوفاء الدين في حدود قيمة الموهوب. وإذا كان الدين في ذمة الواهب فوفاه الموهوب له لم يرجع على الواهب بشيء مادام الدين لا يزيد على قيمة الموهوب، وإذا كان الدين في ذمة الغير فوفاه الموهوب له كان له الرجوع على المدين الأصلي بما وفى عنه كما يرجع على الواهب. وجميع ما سبق ما لم يتفق على خلافه؛ فلو شرط في عقد الهبة عدم التزام الموهوب له بوفاء الدين لم يلزمه الوفاء. واشتراط الواهب على الموهوب له أن يوفي الديون التي على الواهب لا يقتصر على ما إذا كان الموهوب محملاً بحق عيني؛ فقد يشترط الواهب وفاء ديونه وإن لم يكن الموهوب محملاً بحق، ويكون الشرط صحيحاً، ولا يخرج العقد عن كونه هبة؛ وإذا أطلق الواهب ولم يعين الديون حملت على الديون القائمة وقت تمام الهبة لا الديون التي تنشأ بعد ذلك؛ تفسيراً للالتزام في حال الشك لمصلحة من يتحمل عبأه وهو الموهوب له، وفي جميع الأحوال لا يكون الموهوب له ملزماً بوفاء تلك الديون إلا في حدود قيمة الموهوب فقط.

موضوع المادة في الالتزام الثاني من التزامات الموهوب له في عقد الهبة، وهو التزامه بتحمل نفقات عقد الهبة بما في ذلك نفقات توثيقه، ونفقات تسليم الموهوب ونقله وما تضمنته المادة يعد استثناء من القاعدة العامة الواردة في المادة (274) ونصها: تكون نفقات الوفاء على المدين؛ ما لم يوجد نص نظامي أو اتفاق على خلاف ذلك)، والسبب في هذا الاستثناء خصوصية عقد الهبة؛ لكونها قائمة على التبرع، فيفسر الالتزام فيها على المدين وهو الواهب في أضيق نطاق؛ فلا يجمع له بين تجرده من ماله وتحمله هذه النفقات. والحكم الوارد في المادة لا يتعلق بالنظام العام، بل هو قاعدة مكملة لإرادة المتعاقدين، ومن ثم قررت المادة في آخرها أنه إذا اتفق المتعاقدان على خلافه صح الاتفاق.

تتناول المادة الحالات التي يجوز فيها للواهب الرجوع في هبته بعد انعقادها، أي إذا كان رجوعه بعد توثيق العقد أو بعد قبض الموهوب له للموهوب بحسب الأحوال وفق ما هو مبين في المادة (٣٦٨) ، وأما قبل القبض وقبل توثيق العقد فإن العقد لم ينعقد، وليس على الواهب التزام أصلاً. فبينت الفقرة الأولى أنه يجوز الرجوع بالتراضي بين المتعاقدين؛ فللواهب أن يرجع في هبته إذا قبل الموهوب له رد الموهوب، ويكون الرجوع في هذه الحالة بإيجاب وقبول؛ كأي تصرف نظامي، وتجري عليه القواعد العامة في هذا الشأن. وإذا لم يكن للواهب حق الرجوع في الحالات المبينة في الفقرة الثانية؛ فإن قبول الموهوب له رد الهبة للواهب يأخذ حكم التبرع؛ لأنه غير ملزم بذلك؛ وإنما قبل بالرد تبرعاً منه؛ وتجري على هذا التصرف الأحكام الموضوعية للتبرع؛ فيشترط في الموهوب له أهلية التبرع عند قبوله الرد، وللدائنين دعوى عدم نفاذ التصرف بشروطها، وللورثة كذلك فيما إذا كان الموهوب له مريضاً مرض الموت، وغير ذلك من الأحكام، وأما الشروط الشكلية فلا تشترط؛ لأن هذا التصرف رد للموهوب لا تمليك جديد. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا رجع الواهب في هبته ولم يقبل الموهوب له رد الهبة؛ فلا يجبر الموهوب له على الرد؛ لأن الأصل أن الهبة تفيد انتقال الملك؛ فلا رجوع فيها، واستثنت الفقرة ثلاث حالات يحق فيها للواهب أن يرجع في هبته ويطلب من المحكمة أن تجبر الموهوب له على رد الموهوب، وهذه الحالات على سبيل الحصر، وهي: أ- رجوع أحد الوالدين في هبته لولده إذا وجد مسوغ لذلك؛ واستند النظام في هذه الحالة إلى الحديث النبوي السابق، وهذا الحكم يختص به الأبوان المباشران دون الأجداد والجدات. والحق لأحد الأبوين بطلب الرجوع في الهبة ليس على سبيل الإطلاق؛ بل هو مقيد بوجود مسوغ لهذا الطلب، والمقصود أن يثبت الواهب عذراً لطلبه، وأن يكون هذا العذر بالقدر الذي يكون كافياً للحكم له بالرجوع؛ كعجز طرأ على الوالد الواهب بعد هبته أقعده عن العمل مع غنى الولد الموهوب له، وتقدير ما إذا كان العذر الذي يدعيه الواهب كافياً التسويغ رجوعه في الهبة أمر يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة؛ فإذا لم يكن كذلك فليس له أن يرجع في هبته؛ إذ الأصل أن الهبة تمليك بلا رجوع. ب أن يجعل الواهب لنفسه حق الرجوع في الهبة في حالة أو حالات معينة، كأن يشترط لنفسه حق الرجوع فيما لو رزق بمولود أو احتاج للعلاج، أو أصيب بعجز يقعده عن العمل، ويجب أن يكون هذا الشرط عند العقد؛ وإلا فلا حق له في الرجوع، وأن يكون له فيه غرض مشروع، ويكون الغرض غير مشروع متى كان مخالفاً للنظام العام. ج- إذا كانت الهبة مشروطة صراحة أو ضمناً بالتزام على الموهوب له وفق ما هو مبين في المادتين (36) (373) وأخل الموهوب له في الوفاء بذلك الالتزام. والشرط الضمني في الهبة قد يستخلص من السبب الباعث لها؛ فتثبت الهبة بثبوته، ويحق للواهب طلب الرجوع بزواله (12). ويجدر التنبه إلى أن حق الرجوع في الحالات المبينة في الفقرة الثانية مقيد بما إذا لم يوجد مسقط لهذا الحق وفق ما هو مبين في المواد ) 377 ، 379، (380)، كما أن حق الواهب في الرجوع لا يحول دون حقه في طلب إبطال العقد وفق ما هو مقرر في القواعد العامة.

بينت المادة أن حق الواهب في الرجوع في الهبة في الحالات الثلاث المبينة في المادة (376) يسقط بموت الواهب أو موت الموهوب له قبل الرجوع، أما موت الواهب فلأن حق الرجوع حق متصل بشخصه، وهو وحده من يقدر الاعتبارات لطلب الرجوع؛ فلا ينتقل الحق إلى ورثته، وأما موت الموهوب له؛ فلأن الموهوب تنتقل ملكيته بالموت إلى ورثته، وهم لم يستفيدوا الملكية من جهة الواهب فلا يرجع عليهم؛ ولأن تبدل الملك كتبدل العين؛ فصار الموهوب كأنه عين أخرى؛ فلا يكون للواهب عليها سبيل.

يترتب على الرجوع في الهبة سواء تم بالتراضي أو بالتقاضي وفق ما بينته المادة (376) عدد من الآثار، وبينت هذه المادة ثلاثة آثار للرجوع، كما بينت المادة (۳۸۱) الأثر الرابع. والآثار التي تناولتها هذه المادة هي: الأثر الأول: حق الواهب في استرداد عين الموهوب من الموهوب له، ويسقط حق الواهب في الاسترداد بأي من المسقطات الآتية في المادة (۳۷۹) ما لم يكن الرجوع لإخلال الموهوب له بالتزام مشروط عليه في عقد الهبة؛ فيكون للواهب التعويض وفق ما سيأتي في المادة (۳۸۰). والأثر الثاني: حق الواهب في مطالبة الموهوب له بثمار الموهوب - كنتاج الماشية وأجرة الدار من وقت قبول الموهوب له رد الموهوب إذا كان الرجوع بالتراضي، أو من وقت رفع الدعوى في الحالات التي يحق له فيها طلب الرجوع، وهي الحالات الثلاث المبينة في الفقرة (۲) من المادة (٣٧٦) ؛ لأن الموهوب له يصبح حائزاً سيء النية من وقت رفع الدعوى؛ فلا يملك الثمار ؛ ومن ثم يلزمه ردها للواهب من ذلك الوقت. والأثر الثالث: حق الموهوب له في أن يسترد من الواهب النفقات الضرورية التي أنفقها الموهوب له على الموهوب، وهذه النفقات يستردها الموهوب له كلها. ويحق للموهوب له أيضاً أن يسترد النفقات النافعة كبناء أو غراس أحدثه في الموهوب؛ إلا أن هذه النفقات لا يجاوز في الرجوع بها القدر الذي زاد في قيمة الموهوب. وأما النفقات الكمالية كزخرفة أو دهان أنفقه الموهوب له في الموهوب فهذه لا يرجع بها على الواهب. وهذا كله ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة في الحيازة في المادة (677). ويراعى في تطبيق المادة الحالات المستثناة من حق الاسترداد المبينة في المادة التالية (379).

بينت المادة ثلاث حالات يسقط فيها حق الواهب في استرداد عين الموهوب، وهي: أ- إذا تصرف الموهوب له في الموهوب تصرفًا ناقلاً للملكية، كالبيع أو المقايضة أو الهبة؛ لأن الموهوب ما كان ليتصرف بالموهوب له إلا بتسليط الواهب له؛ فليس له أن ينقض ما تم من جهته؛ ولأن تبدل الملك كتبدل العين؛ وإذا اقتصر التصرف على بعض الموهوب فللواهب استرداد الباقي؛ لانتفاء المانع من الرجوع في هذا الباقي. ب إذا زاد الموهوب زيادة متصلة ذات أهمية، والمراد أن يزيد الموهوب بنفسه لا بزيادة يحدثها الموهوب له، ويقصد بالزيادة المتصلة الزيادة التي لا يمكن فصلها عن الموهوب دون أن يلحق الفصل به ضرراً؛ كسمن الدابة، فهذه الزيادة تسقط الحق في الاسترداد؛ لأن الزيادة ملك الموهوب له؛ وحق الملك مقدم على حق الرجوع. ويسقط الحق في الاسترداد كذلك إذا غير الموهوب له الموهوب على وجه تغير فيه اسمه أو طبيعته؛ كما لو كان الموهوب أخشاباً فصنع منه باباً؛ أو كان قطعة ذهب فصنع منه حلياً؛ لأن الموهوب تبدل إلى عين أخرى فلا سبيل للواهب إليها. وبمفهوم المخالفة من الفقرة لا يسقط حق الواهب في استرداد عين الموهوب إذا زاد الموهوب بنفسه زيادة متصلة يسيرة ليست بذات أهمية كشاة سمنت سمناً ليس بذي أهمية؛ وكذلك لا يسقط حق الاسترداد إذا أحدث الموهوب له زيادة في الموهوب ولم تغير اسمه أو طبيعته؛ لأن الواهب يلزمه عند الاسترداد في هذه الحالة أن يعوض الموهوب له عن تلك الزيادة وفق ما هو مبين في المادة (37). ج- إذا هلك الموهوب في يد الموهوب له؛ سواء هلك بفعله أو باستعماله أو بسبب لا يد له فيه؛ لأن الموهوب ملك الموهوب له؛ فلا يضمن هلاكه أو استهلاكه؛ فإن هلك بعضه فللواهب استرداد الباقي؛ لانتفاء المانع من الرجوع في هذا الباقي. ويجدر التنبه إلى أنه لا تلازم بين سقوط حق الواهب في استرداد عين الموهوب وسقوط حقه بالرجوع في الهبة؛ فقد يسقط حقه في الاسترداد ومع ذلك يبقى له الحق في الرجوع في الهبة بالتعويض عن قيمة الموهوب وفق ما هو مبين في المادة (380).

بينت المادة أنه إذا كان للواهب حق الرجوع في الهبة رضاءً أو قضاء في الحالات المبينة في المادة (376) ، ومن ثم الحق في استرداد الموهوب، وتبين سقوط حقه في الاسترداد لأي من الحالات المبينة في المادة (379) كهلاك الموهوب أو تغير طبيعته أو زيادته زيادة متصلة ذات أهمية أو تصرف الموهوب له فيه تصرفاً ناقلاً للملك؛ فإن حق الواهب في الرجوع في الهبة يسقط تبعاً لسقوط حقه في الاسترداد إلا في حالة واحدة وهي ما إذا كان رجوع الواهب لإخلال الموهوب له بالتزام شرطه عليه الواهب صراحة أو ضمناً عند إبرام عقد الهبة؛ فلا يسقط حق الواهب في الرجوع في هذه الحال؛ ولكن بسبب تعذر استرداد الموهوب فإن الواهب يستحق من الموهوب له تعويضاً بقيمة الموهوب لا وقت العقد وإنما وقت سقوط حقه في استرداده، أي وقت هلاكه أو تغير طبيعته أو زيادته أو التصرف فيه؛ لأنه الوقت الذي فوت فيه الموهوب له الموهوب على الواهب. وبناء على ما قررته المادة متى سقط حق الواهب في استرداد عين الموهوب لأي من الحالات المبينة في المادة (379) فيسقط تبعاً لذلك حقه في الرجوع في الهبة؛ فليس له الحق في استرداد عين الموهوب ولا في التعويض عنه، وذلك إذا لم يكن رجوع الواهب لإخلال الموهوب له، أي كان الرجوع في الحالتين الواردتين في الفقرتين (2) / (376) أ) و (2/ج) من المادة (376). وبناء على ما سبق يمكن تلخيص الحالات التي يسقط فيها حق الواهب في الرجوع في الهبة بشكل كلي؛ فلا يسترد عين الموهوب ولا يستحق تعويضاً عن قيمته في ثلاث حالات: أ- موت الواهب أو الموهوب له. ب سقوط حق الواهب في استرداد عين الموهوب لأي من الحالات المبينة في المادة (379)، وذلك في حال رجوع أحد الوالدين في هبته لولده. ج سقوط حق الواهب في استرداد عين الموهوب لأي من الحالات المبينة في المادة (379) ، وذلك في حال كان رجوع الواهب لاشتراطه عند العقد حق الرجوع في حالات محددة له فيها غرض مشروع.

تتناول المادة الأثر الرابع من آثار الرجوع في الهبة، وهو أنه متى كان للواهب حق الرجوع بالتراضي أو بالتقاضي وفق ما هو مبين في المادة (376) وهلك الموهوب بسبب أجنبي لا يد للموهوب له فيه فينظر: فإن كان الهلاك بعد إعذاره بالتسليم فإنه يكون ضامناً لذلك الهلاك، ومن ثم يلزمه تعويض الواهب بقيمة ما كان يسترده لو لم يهلك؛ لأن الموهوب له متعد بعدم تسليمه الموهوب الذي تبين أن للواهب حق استرداده، وغني عن البيان أنه لو كان الهلاك في هذه الحالة بفعل الموهوب له فيكون ضامناً للهلاك من باب أولى. وأما إذا كان الهلاك قبل الإعذار لسبب أجنبي لا يد للموهوب له فيه فإن تبعة الهلاك في هذه الحالة تكون على الواهب.

بينت المادة تعريف عقد القرض بأنه عقد يملك بمقتضاه المقرض شيئاً مثلياً للمقترض على أن يرد المقترض مثل الشيء المقترض. والأشياء المثلية بينتها الفقرة (۱) من المادة (۲۱) بأنها: «ما تتماثل أحادها أو تتقارب بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض عند الوفاء بلا فرق يُعتد به عرفًا» ومن أمثلتها النقود، والمطعومات المكيلة كالتمر والقمح، والمعادن الموزونة كالذهب والفضة. ويتبين من المادة أن عقد القرض لا يرد على الأموال القيمية، وعرفتها المادة (۲۱) بأنها: «ما تتفاوت آحادها في الصفات أو القيمة تفاوتا يعتد به عرفًا أو يندر وجود أمثال لها في التداول»، ومن أمثلتها الأراضي والأشياء المستعملة. ويتبين من تعريف عقد القرض أبرز خصائصه، وهي: 1 - أنه عقد تمليك؛ لأن المقرض ينقل ملكية الشيء المقترض إلى المقترض. 2 - أنه ملزم للجانبين؛ لأن العقد يرتب التزاماً على كلا المتعاقدين. 3 - أنه من عقود التبرع؛ لأن الواجب رد الشيء المقترض بلا زيادة؛ فالمقرض يتبرع بمنفعة الشيء المقترض مدة القرض. 4 - أنه من العقود العينية لا الرضائية؛ فلا ينعقد إلا بالقبض كما سيأتي بيانه.

بينت المادة أن عقد القرض لا يكفي لانعقاده تبادل الإيجاب والقبول، بل لا بد فيه إضافة إلى ذلك من قبض المقترض للشيء المقترض؛ وهذا شرط عيني؛ والعلة في ذلك أن عقد القرض من عقود التبرع؛ فلا يرتب في ذمة المقرض التزاماً إلا إذا تم القبض؛ وفي هذا مزيد حماية له؛ لكونه يتنازل عن منفعة ماله بلا مقابل فيحتاج للتأمل والتروي فيما يتنازل عنه. ويحصل قبض الشيء بقبض المقترض له قبضاً فعلياً؛ كأن يتسلمه مناولة، سواء تم ذلك بقبض المقترض نفسه أو نائبه أو وكيل له في القبض أو وسيط عنه، كما يحصل القبض دون تسليم أو تسلم، حيث لم تشترط المادة للقبض التسليم والتسلم؛ فلو كان الشيء في يد المقترض قبل القرض وديعة مثلاً وتم القرض على أن يبقى في يد المقترض على سبيل القرض فيكفي ذلك في تحقق القبض. ومما سبق يتبين أن عقد القرض وفقاً لما في هذا النظام من العقود العينية لا الرضائية، وهو واحد من أربعة عقود اشترط فيها هذا النظام شرطاً عينياً أو شكلياً، وهي الهبة، والقرض، والإعارة، والإيداع بلا أجر. وغني عن البيان أن اشتراط شرط شكلي أو عيني لانعقاد العقد لا يغني عن وجوب توفر أركان العقد وشروطه الموضوعية، وفق ما هو مبين في القواعد العامة.

بينت الفقرة الأولى أنه يشترط لصحة القرض أن يكون المقرض كامل الأهلية؛ لأن عقد القرض عقد تبرع؛ فيشترط في المقرض أهلية التبرع، ولا يكون كذلك إلا إذا كان كامل الأهلية. وكامل الأهلية عرفته المادة (۱۲) بأنه: "1- كلُّ شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يُحجر عليه. 2- سن الرشد هي تمام ثماني عشرة سنة"؛ وعلى هذا فلا يصح القرض من ناقص الأهلية كالصغير المميز والمعتوه والمحجور عليه لسفه أو لكونه ذا غفلة؛ وتصرفهم بذلك يعد باطلاً بطلاناً مطلقا. ولم تبين الفقرة ما يتعلق باقتراض ناقص الأهلية في ذمته اكتفاء بالقواعد العامة؛ فاقتراضه في ذمته تصرف دائر بين النفع والضرر ؛ لأنه وإن كان يتملك المال المقترض إلا أن عليه التزاماً برده؛ فيكون اقتراضه صحيحاً ولكنه قابل للإبطال لمصلحته؛ فلوليه أو لناقص الأهلية - بعد اكتمال أهليته طلب إبطال العقد. وبينت الفقرة الثانية أنه لا يجوز للولي أو الوصي أن يقرض مال من هو في ولايته ولا اقتراضه إلا وفقاً لأحكام النظام، ويقصد بذلك الأنظمة ذات الصلة بتصرفات الأولياء والأوصياء مثل نظام الأحوال الشخصية، ونظام المرافعات، ونظام الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم، وغيرها. وتقييد تصرفات الأولياء والأوصياء في هذا الخصوص لأجل التحقق من الغبطة في هذا التصرف لمصلحة من تحت ولايته؛ لأن هذا التصرف وإن كان ينطوي على معنى التبرع إلا أنه قد يكون فيه مصلحة لمن تحت ولايته بحفظ ماله.

بينت المادة بطلان أي شرط عند عقد القرض أو عند تأجيل الوفاء يتضمن زيادة في رد القرض يؤديها المقترض للمقرض؛ لاتفاق أهل العلم على أن كل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا ؛ مثل أن يقرضه ألفاً على أن يردها ألفاً ومئة، سواء كان اشتراط الزيادة عند الاقتراض، أو كان الاشتراط في أثناء مدة القرض مقابل تأجيل الوفاء. وليس من الزيادة الممنوعة تحمل المقترض نفقات القرض أو نفقات الرد وفق ما سيأتي المادة (۳۹۰). ومناط المنع وفقاً لنص المادة أن تكون الزيادة مشروطة، وأن تكون للمقرض على المقترض؛ وبناء على ذلك: 1- تجوز الزيادة في رد القرض إذا لم تكن مشروطة؛ بل إنها تعد من حسن الوفاء. 2- ويجوز الاتفاق في عقد القرض على منافع متبادلة بين المتعاقدين لا يترتب عليها زيادة يؤديها المقترض إلى المقرض؛ كأن يتفق شخصان أو أكثر على أن يقرض كل منهما الآخر على أن يقرضه الآخر مثل المبلغ المقترض دون زيادة. 3- إذا ترتب على القرض منفعة يقتضيها المقرض من غير المقترض؛ فتجوز إذا لم تكن حيلة على أخذ الزيادة من المقترض.

عقد القرض من عقود التمليك، والأصل أن يرتب على المقرض أربعة التزامات كسائر عقود التمليك، وهي نقل ملكية المال المقترض، وتسليمه، وضمان الاستحقاق وضمان العيب، ولكن لما كان القرض لا ينعقد إلا بقبض المقترض للمال المقترض فإن التزام المقرض بنقل ملكية المال المقترض وتسليمه يكونان قد تحققا فور الانعقاد. وتتناول هذه المادة ما يتعلق بالتزام المقرض بضمان الاستحقاق والعيب؛ فبينت الفقرة الأولى أن المقرض لا يضمن استحقاق المال المقترض، كما لا يضمن خلوه من العيوب؛ لأن المقرض متبرع؛ فلا يجمع له بين التبرع والضمان؛ فلا يكون ملزماً بتعويض المقترض عن النقص في قيمة المال المقترض بسبب الاستحقاق أو العيب؛ ولكنه يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يسببه الاستحقاق أو العيب بالمقترض في حالتين: الحالة الأولى: إذا تعمد المقرض إخفاء سبب الاستحقاق أو العيب عن المقترض. والحالة الثانية: إذا ضمن المقرض للمقترض خلو المال المقترض منهما. ففي هاتين الحالتين يضمن المقرض ما يسببه الاستحقاق أو العيب من ضرر بالمقترض، ولا يضمن النقص في المال المقترض بسبب أي منهما. وبينت الفقرة الثانية أثر الاستحقاق على التزامات المقترض، وهو أنه إذا ظهر المال المقترض مستحقاً للغير وهو في يد المقترض فيسقط التزامه برد القرض؛ مثل أن يقترض سبيكة ذهب أو فضة ثم يتبين أنها مستحقة للغير فيسقط التزامه بردها للمقرض. وبينت الفقرة الثالثة أنه إذا ظهر في المال المقترض عيب واختار المقترض استبقاء المال وهو معيب فلا يلتزم إلا برد قيمته معيباً؛ مثل أن يقترض كمية من التمر أو القمح ثم يتبين أنه معيب، فلا يلزم إلا برد قيمته معيباً. ويستخلص مما تضمنته الفقرة ما يلي: أ- لا يجبر المقترض حتى وإن اختار استبقاء المال المقترض بعد اكتشافه العيب على رد المثل لا سليماً ولا معيباً؛ أما عدم إلزامه برده سليماً فلأن الواجب في القرض رد المثل، وقد قبضه معيباً لا سليماً، وأما عدم إلزامه برد مثله معيباً فلأنه تتعذر المماثلة في هذه الحالة؛ فيلزمه رد القيمة. ب للمقترض أن يرد المال المقترض فور علمه بالعيب؛ حتى وإن كان الأجل لمصلحة المقرض؛ حيث جعلت الفقرة الاختيار للمقترض في جميع الأحوال متى ظهر العيب؛ لأن إلزامه بالأجل حيث يضمن المقرض العيب؛ وهو هنا لا يضمنه. ج- لا يجبر المقرض على إصلاح العيب أو استبدال المعيب بسليم؛ ما لم يوجد اتفاق على ذلك. وأحكام ضمان الاستحقاق والعيب في عقد القرض كغيره من العقود ليست من النظام العام إجمالاً، فيجوز الاتفاق فيه على زيادة الضمان؛ كأن يتفق المتعاقدان على ألا يقتصر ضمان المقرض للاستحقاق أو العيب على الضرر الذي يسببه أي منهما؛ بل يشمل نقص قيمة المال المقترض بسبب الاستحقاق أو العيب أو أن يلتزم باستبداله.

تشرع هذه المادة في بيان التزامات المقترض في عقد القرض؛ فالقرض يرتب التزامين على المقترض: الالتزام الأول رد المال المقترض، فبينت هذه المادة أجل الوفاء بهذا الالتزام، وبينت المادتان التاليتان (۳۸۸)، (۳۸۹) ما يكون به الوفاء ومكانه. والالتزام الثاني: تحمل نفقات القرض والوفاء به، وبينته المادة (۳۹۰). ففيما يتعلق بأجل الوفاء بالقرض فرقت هذه المادة بين حالتين: الحالة الأولى: أن يحدد للقرض أجل معين أو يحدد له غرض معين؛ فلا يلزم المقترض الوفاء قبل انقضاء الأجل أو المدة المعتادة للانتفاع بالمال المقترض في مثل ذلك الغرض، مثال الأول: أن يحدد أجل الوفاء بسنة فلا يلزم المقترض الوفاء إلا في ذلك الأجل، وليس للمقرض أن يلزمه بالوفاء قبله ومثال الثاني: أن يُحدد الغرض من الاقتراض بأنه لشراء بضاعة معينة لغرض بيعها؛ فتتحدد مدة الوفاء بالمدة المعتادة للانتفاع به في ذلك الغرض؛ فذكر الغرض عند التعاقد يعد شرطاً ضمنياً بأن الأجل هو بقدر الانتفاع بالمال في ذلك الغرض. وإذا تبين من الاتفاق صراحة أو ضمناً أن الوفاء لا يكون إلا حين الميسرة؛ فالشرط صحيح تطبيقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة (209) ، وفي هذه الحالة تحدد المحكمة أجلاً يكون مظنة للقدرة على الوفاء مراعية في ذلك موارد المقترض الحالية والمستقبلية وما تقتضيه عناية الشخص الحريص على الوفاء بالتزامه، ومتى ثبتت قدرته سقط الأجل. والحالة الثانية: إذا لم يحدد للقرض أجل أو غرض؛ مثل أن يقترض شخص من آخر مالاً دون أن يذكر غرضه من ذلك المال ودون تحديد أجل للوفاء؛ فهنا تعارض احتمالان لتفسير سكوت المتعاقدين؛ فقد يفسر بأنهما أحالا على المدة المعتادة للانتفاع بمثل ذلك المال، وقد يفسر بأنهما قصدا أن يكون القرض حالاً يلتزم المقترض فيه بالرد عند الطلب؛ وهو أمر معتاد في عقد القرض؛ فبينت الفقرة الثانية من المادة أن السكوت في هذه الحالة يحمل على أن القرض حال يلزم المقترض رده عند طلب المقترض؛ إذ المقرض متبرع بماله، فلا يزاد عليه عبؤه، وما قررته الفقرة يتوافق مع القاعدة العامة في المادة 9(1،4) بأن يفسر الشرط عند الشك لمصلحة من يتحمل عباه، ومع ذلك متى أثبت المقترض أنه يتضرر بالوفاء فلا يلزمه الوفاء إلا إذا مضت المدة المعتادة للانتفاع بمثل المال المقترض؛ وعليه عبء إثبات الضرر؛ كأن يترتب على إلزامه بالوفاء فوات صفقة أبرمها ونحو ذلك؛ فتمتد مدة الوفاء في هذه الحالة بقدر المدة المعتادة للانتفاع بالمال المقترض بالنظر إلى نوعه ومقداره بصرف النظر عن الغرض الذي استعمله فيه المقترض؛ لأنه هو المقصر في عدم تحديد أجل الوفاء أو ذكر غرضه من الاقتراض عند قبضه للمال. ولم تبين المادة لزوم الأجل في حق المقترض اكتفاء بما قررته المادة (206) من القواعد العامة؛ وبناء على ما قررته تلك المادة متى كان القرض مؤجلاً فيجوز للمقترض تعجيل الوفاء به على اعتبار أن الأجل لمصلحته، ما لم يلحق التعجيل ضررًا بالمقرض، وإذا وقع الشك هل الأجل لمصلحة المقترض أو المقرض فالأصل أن يُعدَّ لمصلحة المقترض.

تتناول المادة ما يحصل به الوفاء في عقد القرض؛ فبينت أن المقترض يلتزم برد مثل الشيء المقترض الذي قبضه مقداراً ونوعاً وصفة عند انقضاء مدة القرض، دون اعتبار لتغير قيمته وقت الوفاء عن قيمته وقت الاقتراض؛ فلو اقترض كيلوجراماً من الذهب من عيار معين وجب أن يرد كيلوجراماً من العيار نفسه سواء ارتفعت قيمة الذهب وقت الرد عن قيمته وقت الاقتراض أو انخفضت. وبينت المادة أنه إذا تعذر رد المثل وجب رد القيمة يوم الاقتراض؛ لأنه الوقت الذي ثبت فيه الدين في ذمة المقترض، ويلزم بأن يؤدي للمقرض بقدر تلك القيمة.

بينت المادة أن مكان الوفاء في عقد القرض هو مكان القرض، فلو تم العقد في الرياض وموطن المقرض في الكويت وموطن المقترض في القاهرة؛ فيكون مكان الوفاء في الرياض، وهذا الحكم ما هو إلا تطبيق لما تضمنته المادة (277) من القواعد العامة والتي تقضي بأن مكان الوفاء في الالتزام العقدي إذا كان محل الالتزام معيناً بالنوع لا بالذات هو مكان نشوء الالتزام. وتحديد مكان الوفاء في القرض ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه سواء باتفاق صريح أو ضمني، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف على أن يكون الوفاء في غير مكان القرض.

بينت المادة الالتزام الثاني من التزامات المقترض وهو أن يتحمل نفقات عقد القرض ونفقات الوفاء به. ويقصد بنفقات عقد القرض النفقات اللازمة لإتمام عقد القرض وتسليم المال المقترض للمقترض، مثل نفقات تسجيل العقد وأتعاب المحامي ونفقات الرهن الذي يضمن القرض إن وجد، ونفقات تسلم المال المقترض. ويقصد بنفقات الوفاء به نفقات رد المال المقترض إلى المقرض؛ مثل أن يكون لرد المال المقترض كلفة فيتحملها المقترض. وبين آخر الفقرة أن تحمل المقترض لنفقات عقد القرض ونفقات الوفاء به ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه، سواء باتفاق صريح أو ضمني، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف على أن يتحمل المقرض تلك النفقات أو بعضها فيعمل بذلك.

بينت المادة تعريف عقد الصلح بأنه عقد يقصد المتعاقدان منه أن ينهيا نزاعًا قائمًا أو يتوقيان نزاعاً محتملاً، ويكون ذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن مطالبته أو جزء منها. ومن هذا التعريف تتبين مقومات عقد الصلح، وهي: 1- وجود نزاع قائم أو محتمل، والمقصود أن يكون هناك نزاع جدي قائم أو محتمل؛ سواء كان النزاع قضائياً أي رفعت به دعوى أمام القضاء ؛ فالصلح في هذه الحالة يعتبر صلحاً قضائياً، مادام أنه قد تم قبل صدور الحكم النهائي، أو كان النزاع محتملاً قبل أن يصل إلى القضاء، فيعتبر الصلح غير قضائي. 2 - نية المتعاقدين حسم النزاع؛ إما بإنهائه إذا كان قائماً أو توقيه إذا كان محتملا. 3- نزول كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه؛ فلو نزل أحدهما عن كل ما يدعيه ولم ينزل الآخر عن شيء فهذا تسليم بالادعاء وليس صلحاً. ويتبين من التعريف أبرز خصائص عقد الصلح، وهي: 1- أنه عقد تمليك؛ لأنه يتضمن تنازلاً عن بعض ما يدعيه المتعاقدان من الحقوق، والتنازل عن الحق يرد عليه ذاته وليس منتجاته أو ثماره. 2 - أنه ملزم للجانبين؛ لأن العقد يرتب التزاماً على كلا المتعاقدين. 3 - أنه من عقود المعاوضة؛ لأن النزول عن المطالبة على وجه التقابل. 4 - أنه من العقود الرضائية؛ فلا يشترط لانعقاده شكل أو وضع معين. ومما سبق يتبين الفرق بين عقد الصلح وغيره من العقود التي قد تسمى صلحاً وهي في حقيقتها عقد آخر كبيع أو هبة؛ كأن ينزل الشخص عن حقه دون مقابل، أو يبيع الحق بثمن معين؛ فإذا لم يكن هناك نزول عن ادعاءات متقابلة بل نزل أحد الطرفين عن ادعائه ولم ينزل الآخر، مثل أن يعترف حائز العقار بملكيته لمدعيها ويعطيه مبلغاً من النقود نظير التنازل عن الدعوى فلا يكون هذا صلحاً بل بيعاً، فإن تنازل المدعي عن دعواه دون مقابل فهو هبة، وتطبق أحكام البيع أو الهبة لا الصلح.

بينت الفقرة الأولى الأهلية الواجب توفرها في المتصالح، وهي أن يكون أهلاً للتصرف بعوض فيما يشمله عقد الصلح من حقوق متنازع فيها؛ وذلك لأن كلاً من المتصالحين يتنازل عن جزء من ادعائه في مقابل تنازل الآخر عن جزء منه؛ وتجري على ذلك القواعد المقررة في القسم الأول في أهلية المتعاقد؛ وصلح الولي أو الوصي عن شيء من حقوق القاصر يشترط فيه أن يكون في الحقوق المأذون له بالتصرف فيها في النظام. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا تضمن عقد الصلح إسقاط شيء من الحقوق المدعاة دون مقابل من حق مالي يحصل عليه المتصالح، فيجب في هذه الحالة أن يكون المتصالح الذي يسقط حقه كامل الأهلية؛ وعلى هذا ؛ لا يصح الصلح من الصغير المميز أو المعتوه أو السفيه أو ذي الغفلة إذا تضمن الصلح إسقاط حق له دون مقابل مالي؛ مثل أن ينشأ نزاع على دين للصغير في ذمة الغير فيتنازل عن جزء من دينه على أن يوفي الغير المتصالح معه الباقي في مقابل تنازل الصغير عن ادعائه بكامل الدين؛ فهذا الصلح يتضمن معنى الإبراء؛ فلا يصح منه.

تضمنت هذه المادة استثناء من الحكم الوارد في المادة السابقة (3۹۲) التي قررت صحة الصلح من المتصالح متى كان أهلاً للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح، والحكم في تلك المادة يقتضي أن صلح الصغير المميز المأذون له بالمعاوضة صحيح في حدود ما أذن له فيه؛ فجاءت هذه المادة لتبين أن صلح الصغير المميز يكون صحيحاً في حدود ما أذن له في التصرف فيه من الحقوق بشرط ألا يلحق الصلح به ضرراً بيناً؛ فإذا تضمن عقد الصلح ضرراً بيناً به كان باطلاً؛ مثل أن ينازعه آخر على عين بيده فيتصالح معه على مبلغ يزيد كثيراً عن قيمتها؛ فيكون العقد باطلاً؛ يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ولا ترد على العقد الإجازة. وهذه المادة تعد كذلك استثناء من الحكم الوارد في المادة (٥١) التي قررت أن تصرفات الصغير المميز المأذون له في حدود الإذن بمنزلة من بلغ سن الرشد، والموجب لهذا الاستثناء هو حماية الصغير ؛ لأن عقد الصلح إنما يكون في حال وجود نزاع قائم أو محتمل؛ فهذا النزاع قد يحمل الصغير على أن يرضى بالصلح ولو كان فيه ضرر بين عليه؛ رهبة منه لعواقب هذا النزاع.

يشترط في محل الصلح الشروط العامة التي يجب توفرها في محل العقد؛ وهي أن يكون ممكناً في ذاته، وألا يكون مخالفاً للنظام العام، وأن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين؛ وتطبيقاً لذلك قررت المادة وجوب أن يكون الحق المتصالح عنه في عقد الصلح مما يصح وفقاً للنظام العام أخذ العوض في مقابله؛ فلا يصح الصلح فيما لا يقبل التعامل بطبيعته أو بحكم النظام؛ مثل الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية، كالبنوة نفياً أو إثباتاً، وصحة الزواج أو بطلانه، والوصاية والقوامة، أو عن الحدود والعقوبات وكل ما يتعلق بالنظام العام. ويجوز الصلح على الحقوق المالية التي تترتب على الحالة الشخصية، مثل أن تتنازل المطلقة عن نفقة العدة، أو ينزل من له حق النفقة عما يستحقه من نفقة مدة معينة، وكذا الصلح عن الحقوق المالية التي تنشأ عن جريمة مثل الصلح عن حق التعويض المدني بموجب المسؤولية عن الفعل الضار، ونحو ذلك.

بينت المادة صحة عقد الصلح ولو كانت الحقوق المشمولة في العقد مجهولة بشرطين: الشرط الأول: أن تكون الجهالة في الحق لا تمنع من التسليم. والشرط الثاني: أن يتعذر العلم به في مدة قريبة. والموجب لصحة الصلح مع الجهالة أن المتصالحين قصدا حسم النزاع؛ فتغتفر الجهالة فيه لتحقيق هذه الغاية تجنباً لقيام النزاع إن كان محتملاً أو بقائه إن كان قائماً. وقد جاء في السنة النبوية أن رجلين جاءا يختصمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة .. الحديث وفيه أنه قال لهما: اذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم تحالا. ومن أمثلة هذا الصلح ما تضمنته المادة (39) ، ومنه أيضاً أن يدعي الدائن حقوقاً له في ذمة المدين ناشئة من تعاملات عدة ويتعذر علمهما بمقدارها خلال فترة قريبة؛ فيتوقيان النزاع بينهما بأن يتصالحا على أن ينزل الدائن عن هذه الحقوق مجهولة المقدار على أن يدفع له المدين مبلغاً معيناً. وأما إذا كانت الجهالة تمنع التسليم فلا يصح الصلح؛ لأن المحل يكون حينئذ غير معين ولا قابل للتعيين؛ فاختل شرط صحته؛ مثل أن يتفقا على أن يعطيه عوضاً في مقابل أن ينزل عن نسبة من الحقوق المجهولة المدعى بها دون تحديد تلك النسبة؛ فالمحل هنا غير معين ولا قابل للتعيين؛ إذ الجهل بمقدار ما نزل عنه من هذه الحقوق يمنع تسليم الباقي التي لم ينزل عنها المتصالح؛ فتكون الجهالة مفضية إلى النزاع لا محالة. وبينت المادة أن المدة القريبة التي يمكن فيها الوصول إلى العلم بالحق المجهول المتنازع عليه علماً نافياً للجهالة تختلف بحسب طبيعة الحق؛ فالنقود تختلف عن المنقولات الأخرى والعقارات، كما تختلف المدة بحسب مقدار الحق المتنازع فيه؛ فقد تكون الحقوق متداخلة في تعاملات معقدة يصعب معها الوصول إلى العلم بمقدار الحق وقد تكون أقل من ذلك، وتختلف المدة كذلك بحسب مكان الحق؛ فقد تكون التعاملات أو الحقوق داخل البلاد فالوصول إلى معرفتها يكون في زمن قريب وقد يكون النزاع في تعاملات أو حقوق خارج البلاد فتكون المدة للعلم بها أطول؛ ويكون تقدير هذه المدة إلى المحكمة.

بينت المادة نوعي الصلح، وهما: 1- الصلح عن إقرار ؛ مثل أن ينزل المشتري للبائع عن حقه في طلب إبطال البيع في مقابل أن ينزل البائع عن جزء من الثمن. وليس من عقد الصلح ما إذا كان المدين مقراً بالحق الذي يطالب به الدائن ولم يكن بينهما في موضوعه نزاع قائم أو محتمل، واتفقا على تغييره أو حوالته أو تعجيله أو تأجيله ونحو ذلك؛ إذ محل الصلح في الحقوق المتنازع فيها، وتجري على هذا الاتفاق الأحكام المقررة له بحسب طبيعته. 2 - والصلح عن إنكار ؛ مثل أن يتنازع اثنان على ملكية عين وكل منهما ينكر حق الآخر فيتصالحا على أن يأخذها أحدهما ويدفع عوضاً للآخر. فقررت المادة صحة الصلح في كلا النوعين؛ ويصح الصلح أيضاً ولو سكت المدعى عليه فلم يبد إقراراً ولا إنكاراً في الحق المدعى، ويقع صلحاً مادامت مقومات الصلح متوفرة في التعاقد؛ وهي وجود نزاع قائم أو محتمل قصد الطرفان توقيه بنزول كل منهما للآخر عن مطالبته أو جزء منها على سبيل التقابل.

تتناول المادة عدداً من الصور التي يصح فيها الصلح، وهي: الصورة الأولى: الصلح عن الدين المدعى به ببعضه، وهي أن يدعي شخص حقاً له في ذمة الآخر، وينكره الآخر؛ فيتصالحا على أن ينزل المدعي عن جزء من الحق الذي يدعيه على أن يوفيه الآخر الباقي؛ كأن يدعي شخص مئة ألف ريال في ذمة الآخر، وهو ينكرها؛ فيتصالحا على أن يوفيه خمسين ألف ريال في مقابل أن ينزل المدعي عن باقي مطالبته؛ فالعقد هنا يصح صلحاً وليس مبادلة دين مدعی به بدین مؤدی. والصورة الثانية: الصلح عن الدين الحال بتأجيله، وهي أن يدعي شخص ديناً حالاً له في ذمة الآخر؛ فيتصالحا على أن ينزل المدعي عن حلول الدين كله أو بعضه إلى أجل معين، على أن يوفيه الآخر الدين المدعى به عند الأجل دون زيادة في مقدار الدين، كأن يدعي شخص مئة ألف ريال حالة في ذمة الآخر، وهو ينكرها؛ فيتصالحا على أن يوفيه مئة ألف ريال بعد سنة، أو يوفيه خمسين ألفاً حالة وخمسين ألفاً مؤجلة بعد سنة؛ فالعقد يصح صلحاً. وإذا كان الحق المتصالح به من غير نوع الحق المتصالح عنه؛ فيجوز ولو كانت قيمته عند عقد الصلح أعلى؛ لأنها قد تنقص عنه عند الوفاء؛ كما لو ادعى شخص ديناً حالاً في ذمة الآخر؛ فتصالحا على أن ينزل المدعي عن الحلول في مقابل أن يوفيه الآخر عقاراً معيناً بعد أجل. والصورة الثالثة: الصلح عن الدين المؤجل ببعضه حالاً ، وهي أن يكون الحق المدعى به مؤجلاً؛ فيتصالحا على أن ينزل المدعى عليه عن الأجل فيعجل الوفاء في مقابل أن ينزل المدعي عن بعض الدين المدعى به؛ مثل أن يكون الدين المدعى به مئة ألف ريال مؤجلة بعد سنة؛ فيتصالحا على أن يوفيه سبعين ألف ريال حالة.

بينت المادة صورة من صور الصلح؛ وهي أن يتنازع اثنان على حقوق يدعيها كل منهما على الآخر فيتصالحا بأن يحتفظ كل منهما بالحق الذي لديه ويدعيه الآخر؛ وقد تكون هذه الحقوق معينة مثل أن يدعي الأول سيارة له بيد الآخر وهو ينكرها، ويدعي الآخر معدات له بيد الأول وهو ينكرها، فيتصالحا على أن يحتفظ كل منهما بما في يده، فالعقد هنا صلح وليس مقايضة؛ لتوفر مقومات الصلح. وأما إذا كانت الحقوق المدعى بها مجهولة ونزل كل منهما عما يدعيه للآخر في مقابل أن ينزل الآخر عما يدعيه له؛ فيصح أيضاً؛ لأن الجهالة هنا لا تمنع التسليم؛ ولكن بشرط أن يتعذر العلم بها في مدة قريبة وفقاً لما تضمنته المادة (395)؛ مثل أن يكونا شريكين في حسابات مشتركة واختلطت الأموال على وجه يتعذر معه معرفة ما لكل منهما على الآخر خلال مدة قريبة؛ فيتوقيا نزاعاً محتملاً بينهما بأن ينزل كل منهما عن حقه الذي يدعيه على الآخر في مقابل أن ينزل الآخر عن حقه.

بينت المادة أن الصلح لا ينشئ حقاً جديداً لأي من المتصالحين فيما يشمله الصلح من الحقوق؛ أي أن أثر الصلح كاشف للحق لا منشئ له؛ ومعنى ذلك أن الحق الذي يخلص للمتصالح بالصلح يستند إلى مصدره الأول وليس إلى الصلح؛ فلو اشترى شخصان سلعتين ثم تنازعا في تعيين السلعة التي يستحقها كل منهما ثم تصالحا على تعيين سلعة كل منهما اعتبر كل منهما مالكاً لسلعته لا بالصلح وإنما بعقد البيع؛ ويترتب على أن الصلح كاشف لا منشئ للحق عدة أمور، منها: 1- لا يكون المتصالح متلقياً للحق من المتصالح الآخر ولا خلفاً له فيه. 2- لا يضمن المتصالح الحق الذي خلص للمتصالح الآخر. 3- تبقى ضمانات الحق الذي وقع عليه الصلح على حالها ؛ فلو تصالح الدائن مع مدينه على أن ينزل الدائن عن جزء من الدين في مقابل أن يوفي المدين الباقي؛ فتبقى الضمانات التي كانت على الدين في الجزء الباقي. 4- إذا خلص عقار لأحد المتنازعين بالصلح فلا شفعة فيه. وبينت المادة أن الأثر الكاشف للصلح إنما هو في الحق الذي وقع عليه الصلح وأما عوض الصلح وهو الحق غير المتنازع عليه فالأثر فيه منشئ لا كاشف؛ فلو تصالح اثنان على أرض متنازع عليها على أن تخلص الأرض لأحدهما في نظير أن يدفع للآخر نقوداً أو سيارات، فأثر الصلح بالنسبة للأرض كاشف، وبالنسبة للنقود أو السيارات منشئ أو ناقل للحق؛ وتسري عليه أحكام المعاوضة بحسب طبيعة الحق وعوضه.

حيث إن الصلح يتضمن تنازلاً من المتصالح للحق فقد قررت المادة أن تفسر عبارات التنازل التي يتضمنها عقد الصلح تفسيراً ضيقاً في حدود الحقوق التي كانت محلاً للنزاع؛ فمثلاً إذا تصالح الشريك مع شركائه على ما يستحق من أرباح الشركة، فلا يحمل الصلح إلا على ما استحقه فعلاً من أرباح لا ما يستحقه في المستقبل، وإذا تصالح المشتري مع البائع على ضمان عيب في المبيع فلا يحمل إلا على العيب الذي ظهر وقت الصلح؛ فإن ظهر عيب بعد ذلك لم يكن مشمولاً بالصلح.

بينت المادة الأثر المترتب على الصلح وهو انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتصالحين؛ فليس لهما أو لورثتهما الرجوع فيها. ويترتب على ذلك أثران: الأثر الأول: نزول المتصالح عن ادعائه؛ فليس له الرجوع فيه؛ فمثلاً: لو تصالح الدائن على أن ينزل عن جزء من الدين المتنازع فيه في مقابل أن يوفي المدين الباقي؛ فليس للدائن الرجوع فيما نزل عنه. والأثر الثاني: ثبوت الحق وخلوصه للمتصالح الآخر. ويجدر التنبه إلى أن ترتب هذا الأثر على عقد الصلح لا يحول دون تطبيق القواعد العامة على هذا العقد؛ فيكون العقد قابلاً للإبطال إذا اقترن به عيب في الرضى، ويصح تعليق عقد الصلح على شرط واقف أو فاسخ؛ والاتفاق على شرط جزائي عند إخلال المتصالح بالتزامه المقابل، ويجوز لأي من المتصالحين إذا أخل الآخر بالتزامه أن يطلب إما تنفيذ الصلح عيناً وإما فسخ الصلح، مع التعويض إن كان له مقتض؛ وللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان ما أخل به المتصالح قليل الأهمية، وأن تمهل المخل لتنفيذ التزامه وفقاً لما هو مقرر في القواعد.

بينت المادة الأثر النسبي لعقد الصلح، وهو أن أثره يقتصر على الحقوق التي شملها عقد الصلح وحسم النزاع فيها دون غيرها؛ وهذا الأثر لا يختلف فيه عقد الصلح عن غيره من العقود؛ إلا أن هذا الأثر أظهر في عقد الصلح من غيره ؛ لأن عبارات الصلح يجب أن تفسر تفسيراً ضيقاً ؛ وتبعاً لذلك فإن نسبية العقد من حيث موضوعه يجب أن تكون محصورة في حدود الحقوق التي شملها الصلح دون غيرها؛ فلو تصالح الوارث مع بقية الورثة على ميراث اقتصر الصلح على التركة الموجودة وقت الصلح ولا يشمل أي مال آخر يظهر للمورث بعد ذلك.

بينت المادة تعريف عقد المسابقة؛ فهو عقد يلتزم فيه شخص ببذل جعل لمن يفوز في سباق، بحيث يتوقف الفوز في السباق على عمل المتسابق، وليس على الحظ. ومن هذا التعريف يتبين الآتي: أولاً: أطراف التعاقد في عقد المسابقة هم: 1 - الملتزم بالجعل؛ وقد يكون واحداً أو أكثر. 2 - والمتسابق؛ وقد يكون واحداً؛ مثل أن يضع له الملتزم بالجعل هدفاً إن حققه استحق الجعل، وقد يكون المتسابقون متعددين وهذا هو الأكثر. وفي كل الأحوال يجب في عقد المسابقة - كما في كل العقود - تعيين أطراف التعاقد؛ فإن كان السباق موجهاً لأشخاص غير معينين فهو وعد بالجائزة المبينة أحكامه في القسم الأول؛ وهو تصرف بإرادة منفردة، وليس عقد مسابقة. ثانياً: محل العقد في المسابقة من الجانبين على النحو الآتي: 1 - محل العقد من جانب باذل الجعل هو الالتزام ببذل الجعل، ويشترط أن يكون ممكناً وقابلاً للتعامل، ومعيناً بالذات أو بالنوع والمقدار أو قابلاً للتعيين. 2- محل العقد من جانب المتسابق هو السباق ويشترط فيه ثلاثة شروط: الشرط الأول: ممكناً في ذاته؛ فلا يصح أن يكون في سباق يستحيل عادة. والشرط الثاني: ألا يكون مخالفاً للنظام العام؛ فلا يصح أن يكون السباق في أمر غير مشروع؛ كالرهان والقمار ؛ وإطلاق السباق في المادة يفيد جواز بذل الجعل في كل سباق مباح كأنواع الرياضات والرمي والجري وسباق الخيل والإبل والمسابقات العلمية والفكرية. واشترطت المادة في السباق أن يكون الفوز فيه يتوقف على عمل المتسابق؛ وبذا خرج القمار ؛ وهو اللهو الذي يقصد به الحصول على المال اعتماداً على الحظ، ويؤدي بالضرورة إلى خسارة أحد الطرفين وربح الآخر، ومنه الرهان؛ وهو مباراة بين اثنين أو أكثر على توقع شيء يكون أو لا يكون فمن صدق توقعه كسب الرهان. والشرط الثالث: أن يكون السباق معيناً أو قابلاً للتعيين؛ فيشترط تحديد نطاق السباق ونظامه وكيفية الفوز فيه وغير ذلك. ثالثاً: يتبين من التعريف خصائص عقد المسابقة؛ وهي: 1- أنه من عقود المعاوضة. 2- وأنه من العقود الملزمة للجانبين. 3- وأنه من العقود الرضائية؛ فلا يشترط لانعقاده شكل أو وضع معين. 4- وأنه من عقود التمليك.

بينت المادة الأحكام المتعلقة بمن يصح منه الالتزام بالجعل في عقد المسابقة، ولا يخلو عقد المسابقة من ثلاثة فروض: الفرض الأول: أن يلتزم بالجعل بعض المتسابقين لا كلهم ؛ سواء كان الملتزم به واحداً أو أكثر؛ وحكم هذا الفرض الجواز ؛ لأن كل متسابق عدا غير الملتزم بالجعل قد يغرم ولا يغنم الآخر. والفرض الثاني: أن يكون الملتزم بالجعل شخصاً أو أكثر من غير المتسابقين، كما لو التزمت به الجهة المنظمة للمسابقة، وهذا هو الأغلب في المسابقات. وحكم هذا الفرض: الجواز؛ لأن جميع أطراف العقد الملتزم بالجعل والمتسابقين ليسوا على خطر أن يغرموا أو يغنموا. والفرض الثالث: أن يكون الملتزم بالجعل جميع المتسابقين؛ بأن يلتزم كل متسابق للمتسابق الآخر بأن يعطيه الجعل في حال فوزه وحكم هذا الفرض عدم الجواز؛ لأن كل متسابق على خطر أن يغرم أو يغنم. ويجدر التنبه إلى أن الصورة الممنوعة في الفرض الثالث هي فيما إذا كان التزام جميع المتسابقين بالجعل؛ وأما إذا كان للمسابقة نفقات وتحمل كل متسابق ما يخصه من هذه النفقات؛ فلا تدخل في صورة المنع في المادة.

بعد أن قررت المادة السابقة (٤٠٤) عدم جواز أن يكون الملتزم بالجعل جميع المتسابقين جاءت هذه المادة لتبين أنه إذا كان السباق بين فرق لا أفراد فيعد كل فريق في حكم الشخص الواحد في أحكام الالتزام بالجعل؛ فلا يجوز أن يلتزم بالجعل جميع الفرق المشاركة في السباق، ويجوز أن يلتزم به بعض الفرق لا كلها.

قررت المادة حكماً كلياً وقاعدة عامة في بطلان أي اتفاق على قمار؛ والفرق بين المسابقة والقمار لا يخفى؛ فالمسابقة فيها منفعة وتجديد للنشاط وشحذ للهمم؛ إذ يعتمد الفوز فيها على عمل المتسابق وجهده؛ بينما القمار لهو يعتمد على الحظ، ويؤدي بالضرورة إلى خسارة أحد الطرفين وربح الآخر، ومنه الرهان المعتمد على الحظ؛ حيث يتبارى المتراهنون على توقع شيء يكون أو لا يكون، فمن صدق توقعه كسب الرهان. وإذا وقع اتفاق على قمار فهو باطل؛ ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

تتناول المادة تعريف عقد الإيجار، ومن هذا التعريف يتبين أن لعقد الإيجار عدداً من المقومات، منها: أولاً: أنه عقد يرتب التزاماً على المؤجر بتمكين المستأجر من الانتفاع بشيء غير قابل للاستهلاك، ويجب أن يستمر هذا التمكين طيلة مدة العقد كما سيأتي في المادة (416) ولهذا فعقد الإيجار يرتب حقاً شخصياً للمستأجر في ذمة المؤجر بتمكينه من الانتفاع، ولا يرتب له حقاً عينياً في المأجور. وعقد الإيجار ينشئ التزامات إيجابية وسلبية على المؤجر ؛ فالمؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور، ولا يقتصر على مجرد تركه ينتفع به وهذا التزام سلبي وأن يسلم المأجور في حالة يصلح معها للانتفاع به، ويلتزم بإجراء الإصلاحات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحًا للانتفاع، ويضمن المؤجر للمستأجر ما يوجد في المأجور من عيوب تحول دون الانتفاع به أو تنقص منه. ثانياً: محل عقد الإيجار هو الأشياء غير القابلة للاستهلاك، فالشيء الذي يستهلك كالنقود والطعام لا يصلح أن يكون محلاً لعقد الإيجار. ثالثاً: عقد الإيجار من العقود الزمنية التي يعد الزمن فيها عنصراً جوهرياً. وهناك ارتباط وثيق في عقد الإيجار بين المدة والأجرة، فالمدة مقياس الانتفاع بالمأجور، والأجرة تقابل الانتفاع. وعقد الإيجار يتميز عن غيره من العقود بالنظر إلى الآتي:

  • عقد الإيجار يرد على منفعة الشيء، وهذا يميزه عن عقد البيع؛ فهو يقع على العين لا المنفعة.
  • المنفعة في عقد الإيجار تقابلها أجرة، وهذا يميزه عن عقد الإعارة؛ ففي الإعارة ينتفع المستعير بالشيء المعار دون أن يدفع مقابلاً لذلك.
  • المأجور في عقد الإيجار يبقى بعد الانتفاع ويرده المستأجر بذاته، وهذا يميزه عن عقد القرض فالمقترض يرد بدل المال المقترض لا ذاته.
  • عقد الإيجار يرد على منفعة شيء لا على عمل، وهذا يميزه عن العقود الواردة على العمل كعقد المقاولة والوكالة.
  • المستأجر ينتفع بالمأجور، وهذا يميز عقد الإيجار عن عقد الإيداع؛ ففي عقد الإيداع لا ينتفع المودع لديه بالوديعة. ويمكن إجمال أبرز خصائص عقد الإيجار فيما يلي: 1- أنه عقد رضائي، فلم يشترط هذا النظام لانعقاده شكلاً معيناً، ومع ذلك فقد يرد نظام خاص باشتراط الشكل في بعض صور عقد الإيجار. 2- أنه من عقود المعاوضة. 3- أنه من العقود الملزمة للجانبين. 4- العناصر التي يقع عليها التراضي في عقد الإيجار: منفعة المأجور، والمدة، والأجرة.

محل التزام المؤجر في عقد الإيجار وهو التمكين من الانتفاع يشترط أن تتوفر فيه الشروط العامة لمحل الالتزام في أي عقد، وهي أن يكون ممكناً في ذاته وألا يكون مخالفاً للنظام العام، وأن يكون معيناً بذاته أو بنوعه ومقداره أو قابلاً للتعيين. وبينت الفقرة الأولى ما يصح أن يقع عليه التزام المؤجر بمقتضى عقد الإيجار وهو ثلاثة أنواع: النوع الأول: أن يكون المأجور عيناً، سواء كان عقاراً كإيجار أرض أو منزل، أو منقولاً ؛ كإيجار مركبة أو آلة. والنوع الثاني: أن يكون المأجور منفعة، كما لو أن مستأجر العين آجرها لمستأجر آخر. والنوع الثالث: أن يكون المأجور حقاً، كما لو أن المنتفع الذي يملك حق الانتفاع آجر هذا الحق لغيره. وفي جميع ما سبق يصح أن يكون المأجور معيناً بالذات، كما لو أجر سيارة معينة بذاتها، أو أن يكون معيناً بالنوع، كما لو أجر سيارة معينة بنوعها وأوصافها دون أن يعينها بذاتها. وقررت الفقرة الثانية صحة عقد الإيجار في الحصة الشائعة؛ فمن يملك نصف عقار مثلاً على الشيوع فله أن يؤجره؛ وللمستأجر أن يستوفي المنفعة مهايأة مع الشركاء الآخرين أو يؤجر حصته من المنفعة إذا كان مأذوناً له بذلك أو أجازه المؤجر - لأحد الشركاء أو للغير، وعموم الفقرة يدل على صحة إجارة الحصة الشائعة ولو كان المال قابلاً للقسمة؛ كما لو كان المال الشائع سيارات متماثلة.

جاءت هذه المادة لبيان الأحكام المتعلقة بتعيين مقدار الأجرة؛ فالأجرة في عقد الإيجار كالثمن في عقد البيع يشترط فيها الشروط العامة لمحل الالتزام في كل عقد، ومن ذلك أن تكون الأجرة معينة بالذات أو بالنوع والمقدار، أو قابلة للتعيين، والأصل فيها أن يتعين مقدارها عند العقد؛ كأن يتفق المتعاقدان على أن أجرة الدار عشرة آلاف ريال لمدة سنة. وبينت المادة أنه يصح لتعيين مقدار الأجرة أن يتفق المتعاقدان على أسس صالحة يتحدد بمقتضاها مقدار الأجرة؛ مثل أن يتفقا على أن تكون الأجرة هي أجرة المثل عند العقد، أو أن تكون بحسب مؤشر معين منضبط، وقد يكون الاتفاق على ذلك ضمنياً كأن يسكت المتعاقدان عن تعيين مقدار الأجرة ويتبين من ظروف الحال توجه إرادتهما إلى أجرة المثل أو ما جرى عليه التعامل بينهما ؛ فلا يبطل العقد لعدم تحديد الأجرة؛ بل يفسر سكوتهما بما دلت عليه ظروف الحال؛ ومن ذلك أن يمكن المؤجر المستأجر من الانتفاع بالمأجور دون أن يحددا أجرة ذلك الانتفاع؛ فيدل سكوتهما على أنهما قصدا أجرة المثل. وبينت المادة مثالين للأسس الصالحة التي يمكن أن يتحدد مقدار الأجرة بمقتضاها: المثال الأول: أن تكون الأجرة بمبلغ معين ونسبة من الناتج مثل أن يؤجر شخص لآخر أرضاً زراعية على أن تكون الأجرة مئة ألف ريال زائداً ثلث ناتجها. والمثال الثاني: أن تكون الأجرة بمبلغ معين ونسبة من الربح؛ مثل أن يؤجر شخص لمنشأة تجارية عقاراً على أن تكون الأجرة مئة ألف ريال زائداً 10% من ربح المنشأة سنوياً.

تقرر المادة صحة الاتفاق على تعجيل الأجرة أي دفعها كاملة عند العقد، أو الاتفاق على تأجيلها أي دفعها كاملة في نهاية مدة الإيجار، أو الاتفاق على تقسيطها؛ مثل أن يؤجره منزلاً بستين ألف ريال في السنة على أن تدفع الأجرة على أقساط شهرية كل قسط خمسة آلاف ريال. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المأجور معيناً بالذات أو معيناً بالنوع، أو أن يكون عقد الإيجار منجزاً أو مضافاً إلى المستقبل. وإذا وقع الشك هل الأجرة معجلة عند التسليم أو مؤجلة عند انتهاء العقد؛ فيفسر الشك لمصلحة من يتحمل عبأه تطبيقاً للمادة (104) وهو هنا المؤجر؛ لأن الأصل في الأجرة أن تكون عند تسليم المأجور وفق ما قررته المادة (429).

تتناول المادة أحكام نقصان الوحدات الإيجارية أو زيادتها عن المذكور في العقد؛ فتقرر الفقرة الأولى أنه إذا وقع عقد الإيجار على شيء معين بالذات وحدد في العقد عدد وحداته والمبلغ الإجمالي للأجرة دون تحديد ما يقابل كل وحدة من الأجرة ثم تبين بعد ذلك أن الوحدات المذكورة في العقد أكثر مما هي عليه في الواقع أو أقل منه؛ فالعبرة في الأجرة بما حدد في العقد؛ لأنه لما لم تذكر الأجرة لكل وحدة؛ فيعد ذكر عدد الوحدات وصفاً لا أصلاً، والأصل في الوصف أنه لا يقابله شيء من مبلغ الأجرة، وعلى هذا يلزم المستأجر دفع الأجرة المحددة دون زيادة أو نقص مع حقه في طلب الفسخ إذا كانت الوحدات أنقص؛ لأنه قد يكون له غرض في عدد الوحدات؛ فإذا تبين أنها أقل فقد يفوت عليه غرضه فجعل له حق الفسخ. مثال ذلك: أن يؤجر صاحب معرض قطعة أرض معينة في المعرض لمن يعرض منتجاته عليها على أن مساحتها مئة متر مربع بأجرة إجمالية عشرة آلاف ريال، ثم يتبين أن مساحتها أقل أو أكثر من ذلك؛ فيلزم المستأجر دفع الأجرة المحددة دون زيادة أو نقص، مع حقه في طلب الفسخ في حال النقص. ثم تقرر الفقرة الثانية أنه إذا كانت الأجرة محددة لكل وحدة على حدة وتبين زيادة عدد الوحدات عما هو محدد في العقد أو نقصانها؛ فيلتزم المستأجر في حال الزيادة بدفع الأجرة المحددة للوحدات الزائدة، ويلتزم المؤجر بإنقاص الأجرة المحددة للوحدات الناقصة؛ لأنه لما حددت الأجرة لكل وحدة عُدّ مقدار الوحدات أصلاً في العقد وليس وصفاً، والأصل تقابله الأجرة، وعلى هذا إذا زادت وحدات المأجور وجب على المستأجر تكملة الأجرة بما يناسب الزيادة، وإذا نقصت وحدات المأجور وجب على المؤجر إنقاص الأجرة بما يناسب النقص، مع حق المستأجر في طلب الفسخ في حالتي النقص والزيادة؛ لأنه لما حددت أجرة كل وحدة؛ فالأصل أن عدد الوحدات لها اعتبار لدى المستأجر، ومن ثم فقد يفوت غرضه بالزيادة أو النقصان، فكان له الحق في طلب الفسخ سواء كانت الوحدات أزيد أم أنقص. مثال ذلك: أن يؤجر شخص مستودعاً لآخر لتخزين بضائعه على أن مساحته مئة متر مربع، والأجرة مئة ريال لكل متر مربع؛ فيتبين أن مساحة المستودع أكثر أو أقل من ذلك؛ فيلزم المستأجر في حال الزيادة أن يدفع مئة ريال عن كل متر مربع، ويلزم المؤجر أن ينقص مئة ريال عن كل متر مربع في حال النقص، وللمستأجر طلب الفسخ في الحالتين. وبعد أن قررت الفقرتان الأولى والثانية حق المستأجر في طلب الفسخ وفق التفصيل المذكور، جاءت الفقرة الثالثة لتقييد هذا الحق، فقررت عدم أحقية المستأجر في طلب الفسخ إذا كان النقص أو الزيادة يسيرين ولا يؤثران في المنفعة المقصودة، وهذا الحكم ما هو إلا تطبيق للقاعدة العامة في الفسخ القضائي المقررة في المادة (۱۰۷).

تبين المادة الوقت الذي يبدأ منه احتساب مدة عقد الإيجار، وتقرر ابتداءه من التاريخ الذي حدده المتعاقدان في العقد؛ فإذا لم تحدد مدة لبدايته فالمعتبر في ابتدائه وقت انعقاد العقد بتلاقي الإيجاب والقبول. وما قررته هذه المادة ما هو إلا تطبيق للأصل الذي قررته الفقرة (1) من المادة (275) من أنه «يجب أن يتم الوفاء فورًا بمجرد ترتب الالتزام في ذمة المدين؛ ما لم يوجد اتفاق أو نص نظامي بخلاف ذلك، فإذا اتفق المتعاقدان في عقد الإيجار على تاريخ لبداية المدة فتبدأ من ذلك التاريخ وإلا من التاريخ الذي انعقد فيه العقد؛ لأنه هو الوقت الذي يجب الوفاء فيه.

تقرر المادة أنه في حال لم يتفق المتعاقدان على تعيين مدة عقد الإيجار؛ فلا يبطل العقد بذلك. والواجب في هذه الحالة اتباع الآتي لتعيين مدة الإيجار: أولاً: إذا كانت الأجرة عن وحدة زمنية؛ فتعد تلك الوحدة هي مدة العقد، ويعد العقد منعقداً إلى نهايتها؛ فلو كان الاتفاق على أن تكون الأجرة عشرة آلاف ريال سنوياً، فتكون مدة العقد سنة واحدة فقط، سواء كانت الأجرة معجلة أو مؤجلة في نهاية السنة. ثانياً: إذا لم تكن الأجرة عن وحدة زمنية مثل أن يتفقا على أن تكون الأجرة عشرة آلاف ريال، وسكتا عن تحديد ما يقابلها من المدة؛ فتقدر المدة بحسب العرف وظروف العقد؛ لأن سكوت المتعاقدين عن تحديد المدة يفسر على أنهما قصدا المدة المعتادة لمثل تلك الأجرة لذلك المأجور؛ فإذا كانت المدة المعتادة التي تقابل الأجرة المحددة للانتفاع بذلك المأجور وهي عشرة آلاف ريال سنتين بحسب العرف وظروف العقد فتكون مدة العقد سنتين، وإذا اختلف المتعاقدان في تحديد المدة بناء على ما سبق تولت المحكمة تحديدها وفقاً لذلك.

تقرر المادة صحة إضافة عقد الإيجار إلى أجل مستقبل، كما لو أبرم العقد في الأول من الشهر على أن تبدأ مدة الإيجار في العشرين من الشهر؛ فلا يكون العقد نافذاً إلا في يوم العشرين؛ ومن ثم لا يلزم المؤجر تسليم المأجور إلا في ذلك التاريخ، ولا يلزم المستأجر دفع الأجرة إلا في ذلك التاريخ؛ ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، وتجري على العقد الأحكام المقررة للالتزام المضاف إلى أجل الواردة في القسم الأول من هذا النظام.

هذه المادة تعالج حالة ما إذا انتهت مدة الإيجار ووجدت ضرورة ملحة لدى المستأجر تستوجب امتداد مدة الإيجار، فتقرر امتداد مدة الإيجار بمقدار الضرورة مع التزام المستأجر بدفع أجرة المثل عن المدة الممتدة، فلو كان عقد الإيجار واقعاً على أرض زراعية وقام المستأجر بزراعتها ثم انتهت مدة الإيجار قبل تمكنه من حصاد الزرع فتمتد مدة الإيجار إلى حين الانتهاء من الحصاد وعليه حينئذ أن يؤدي للمؤجر أجرة المثل عن المدة من نهاية مدة الإيجار الأصلية إلى حين انتهاء مدة الحصاد.

تشرع المادة في بيان التزامات المؤجر ؛ فقررت الفقرة الأولى التزام المؤجر بتسليم المأجور وملحقاته بحال يمكن معها استيفاء المنفعة المقصودة كاملة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه أو للعرف وطبيعة المأجور. والالتزام بتسليم المأجور لا يقتصر على تسليم المأجور ذاته بل يشمل أيضاً ملحقاته، وملحقات الشيء هي: ما يتبع الأصل ويعد بصفة دائمة لخدمته، كحقوق الارتفاق. واعتبار أن شيئاً ما من ملحقات شيء آخر أو ليس من ملحقاته يُرجع فيه إلى الاتفاق بين الطرفين بحيث لو وجد اتفاق بين طرفي عقد الإيجار في اعتبار هذا الشيء من ملحقات المأجور فحينئذ يعد من ملحقاته، أما إذا لم يوجد اتفاق فيرجع في تحديد كون هذا الشيء من ملحقات المأجور أو ليس من ملحقاته إلى العرف وطبيعة الأشياء كاعتبار حقوق الارتفاق من الملحقات، واعتبار استعمال المصاعد والسلالم وخزانات المياه والغاز المركزي من ملحقات الشقة المؤجرة في مبنى يتكون من عدة شقق، وهو يكون مشتركاً بين جميع الساكنين. ومما يشار إليه في هذا الموطن أن من الملحقات ما يعد ضرورياً للمأجور بحيث لا يمكن الانتفاع به الانتفاع المقصود إلا بوجوده. فإذا لم يوجد كله أو بعضه، التزم المؤجر بإيجاد ما ليس موجوداً منه وتسليمه للمستأجر ، ولا يكتفي بتسليم ما هو موجود فقط؛ لأن هذا هو التفسير المعقول لنية المتعاقدين. ولما قررت الفقرة الأولى التزام المؤجر بتسليم المأجور وملحقاته جاءت الفقرة الثانية لتقرر أن التسليم يكون بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور دون مانع يعوق الانتفاع به، ولا يكتفى بذلك بل لابد أن يستمر هذا التمكين حتى انقضاء مدة الإيجار فالتزام المؤجر التزام إيجابي، فهو لا يقتصر على التخلية بين المأجور والمستأجر وتركه ينتفع بالمأجور؛ بل لابد من تمكينه من الانتفاع بالمأجور مع استمرار هذا التمكين حتى انتهاء مدة الإيجار، فكل ما يتوقف عليه استيفاء المنفعة المقصودة يدخل ضمن التزامات المؤجر، فالمنزل المؤجر للسكنى يجب أن يسلم صالح الأبواب والنوافذ، والأرضيات والجدران وغير ذلك مما يتوقف عليه التمكن من الانتفاع، ومثل ذلك يقال في الأرض الزراعية؛ إذ يجب أن تسلم في حالة تصلح معها للزراعة. وعلى هذا لو كان في المأجور خلل يمنع استيفاء المنفعة المقصودة فإن من التزامات المؤجر أن يقوم بإصلاح هذا الخلل بالوجه الذي يتمكن معه المستأجر من استيفاء المنفعة. ومن مقتضيات التمكين من الانتفاع تسليم العين خالية من جميع العوائق التي تحول دون الانتفاع بها فمثلاً: لو كان المأجور مؤجراً على شخص ثم انتهت مدة الإيجار وبقي المستأجر في المأجور وقام المؤجر بإيجار المأجور على طرف ثالث؛ فيلزم المؤجر إخراج المستأجر الأول ليتمكن المستأجر الثاني من الانتفاع بالمأجور. ومن مقتضيات استمرار التمكين من الانتفاع إلى حين انتهاء مدة الإيجار عدم جواز إحداث المؤجر في المأجور أو ملحقاته أي تغيير يخل بهذا الانتفاع.

لما بينت المادة السابقة (٤١٦) التزام المؤجر بتسليم المؤجر ؛ جاءت هذه المادة لتقرر حق المؤجر في الامتناع عن تسليم المأجور حتى يسلمه المستأجر الأجرة التي اشترط تعجيلها، وما تقرره المادة تطبيق لحق الحبس الوارد في المادة (1۹۱) التي تنص على أن لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به؛ فالمؤجر له الحق في الامتناع عن تنفيذ التزامه مادام المستأجر ممتنعاً عن تنفيذ التزامه المقابل وهو الأجرة.

هذه المادة تقرر سريان أحكام تسليم المبيع على تسليم المأجور، ويستثنى من ذلك ما إذا وجد اتفاق بين المؤجر والمستأجر يغاير الأحكام التي قررها النظام في تسليم المبيع؛ فالمقدم حينئذ اتفاق المتعاقدين. وعلى هذا فتسليم المأجور يكون بالتسليم الفعلي والتسليم الحكمي؛ فتسليم المأجور تسليماً فعلياً يكون بوضعه تحت تصرف المستأجر بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق، ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً، ما دام أن المؤجر قد أعلمه بذلك، فإذا كان المأجور منزلاً، كان تسليمه بإعطاء المفاتيح للمستأجر ، أو بتمكينه من حيازته بأي طريق آخر، وذلك بعد إخلاء المنزل وإخراج ما للمؤجر أو للمستأجر السابق من أمتعة ونحو ذلك. وإذا كان المأجور أرضاً زراعية، كان تسليمه بوضعه تحت تصرف المستأجر، بعد إخلائه من المستأجر السابق، وما قد يوجد فيه من آلات أو معدات. وإذا كان المأجور حق مرور فيكون تسليمه بتسليم سند الحق إن كان له سند، أو بالترخيص للمستأجر في استعمال هذا الحق مع تمكينه من ذلك بإزالة ما قد يحول بينه وبين المرور. ومن خلال ما سبق يتبين أن طريقة التسليم تختلف باختلاف طبيعة المأجور. والتسليم الحكمي للمأجور يقوم مقام التسليم الفعلي، ويتم بمجرد تراضي المتعاقدين على أن المأجور قد تم تسليمه من المؤجر إلى المستأجر. ويختلف التسليم الحكمي عن التسليم الفعلي بأنه تصرف نظامي أو بحكم النظام، وليس عملاً مادياً. وللتسليم الحكمي للمأجور عدة صور منها: 1- أن يكون المأجور في حيازة المستأجر قبل عقد الإيجار، كما لو كان المأجور في يد المستأجر بإعارة أو إيداع ثم اتفق الطرفان على الإيجار، أو كان المأجور في حيازة المستأجر بعقد إيجار سابق ثم تم تجديد العقد. فالمستأجر حائز فعلاً للمأجور وقت العقد، ولا يحتاج إلى استيلاء مادي جديد ليحصل التسليم. وإنما يحتاج إلى اتفاق مع المؤجر على أن يبقى المأجور في حيازته، ولكن ليس بصفته مستعيراً أو مودعاً لديه أو مستأجراً سابقا، بل بصفته مستأجراً بإيجار جديد أو مجدد. 2- أن يبقى في حيازة المؤجر بعد عقد الإيجار لا بصفته مؤجراً بل بصفته مستأجراً من الباطن، أو مستعيراً أو مودعاً لديه وغير ذلك. ففي هذه الصورة يتفق الطرفان على الاستغناء عن استلام المستأجر للمأجور بموجب عقد الإيجار ثم إعادة تسليمه للمؤجر مرة أخرى بموجب عقد من الباطن أو عقد وديعة أو إعارة أو غير ذلك. 3- أن يقوم المستأجر بإعارة المأجور أو إيداعه أو غير ذلك من التصرفات التي تستلزم قبض المأجور وذلك قبل قبض المأجور ؛ فيقوم الطرف الثالث باستلام المأجور من المؤجر مباشرة فهذا التسليم للمستعير أو المودع لديه يقوم مقام التسليم للمستأجر ؛ ففي هذه الصورة ينتقل المأجور انتقالاً مادياً للطرف الثالث، وبعد تسلمه تسلماً فعلياً بالنسبة إلى العقد الذي أبرمه مع المستأجر ، وتسلماً حكمياً بالنسبة إلى عقد الإيجار، ويقوم التسلم الأول مقام التسلم الثاني.

تتناول المادة الالتزام الثاني من التزامات المؤجر ؛ حيث قررت المادة (416) التزام المؤجر بتسليم المأجور وملحقاته في حال يصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة كاملة، وأن التسليم يكون بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور دون عائق حتى انقضاء مدة الإيجار، وتبعاً لذلك جاءت الفقرة الأولى من هذه المادة لتقرر التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحًا للانتفاع، ويدخل في ذلك إصلاح ما يلحق المأجور من خلل يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة، فالمؤجر يلزمه القيام بالإصلاحات الضرورية التي تمكن المستأجر من استيفاء المنفعة المقصودة من العقد، كإصلاح المصاعد وشبكة المياه والتمديدات الكهربائية وغير ذلك مما هو ضروري لاستيفاء المنفعة المقصودة، وأما الإصلاحات غير الضرورية كطلاء المأجور، أو تحسين واجهته؛ فلا يلزم المؤجر القيام بها. ولا يشمل التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية القيام بأعمال الصيانة المعتادة التي جرى العرف أن يقوم بها المستأجر ؛ ولو كانت لازمة للانتفاع بالمأجور؛ ولإيضاح ذلك ينبغي التميز بين ثلاثة أنواع من الإصلاحات: النوع الأول: الإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور، وهي الإصلاحات اللازمة لحفظ المأجور من خطر يتهدده، وتقتضي الاستعجال عادة، ويترتب على عدم القيام بها تعرض المأجور لهلاك أو تلف، كإصلاح حائط مائل، أو تقوية أساس واه، أو إيقاف تسريب في المياه يهدد سلامة المبنى، ونحو ذلك؛ فهذه الإصلاحات تلزم المؤجر وهي في الوقت ذاته حق له؛ فليس للمستأجر أن يمنعه من القيام بها وفق ما سيأتي في المادة (٤٣٤). والنوع الثاني: الإصلاحات الضرورية للانتفاع بالمأجور، وهي الإصلاحات الجوهرية اللازمة ليتمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور انتفاعاً كاملاً، وليست لازمة لحفظ المأجور من الهلاك أو التلف، مثل إصلاح أعطال المصاعد، وشبكة المياه إذا لم يكن فيها تسريب يهدد المبنى، ونحو ذلك؛ فهذه تلزم المؤجر ، ولكنها ليست حقاً له؛ فللمستأجر أن يمنع المؤجر عن القيام بها أثناء مدة الإيجار وفق ما سيأتي في شرح المادة (٤٣٤). والنوع الثالث الصيانة المعتادة، وهي الأعمال اللازمة للانتفاع بالمأجور، ولكنها يسيرة جرى العرف على أن يتحملها المستأجر ؛ مثل إصلاح الأقفال والمفاتيح وتعبئة غاز المكيف ونحو ذلك؛ فهذه الأعمال تلزم المستأجر، وفق ما سيأتي في المادة (٤٣٣). وقد جرى النظام على التعبير عن الأعمال التي تلزم المؤجر بالإصلاحات الضرورية لتشمل النوعين الأول والثاني، وأما التي تلزم المستأجر فيعبر عنها بالصيانة ويراد بها الصيانة المعتادة التي تلزم المستأجر بحسب العرف. والتزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية اللازمة للانتفاع بالمأجور وفق نص هذه الفقرة يشمل بداهة الإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور ؛ لأنها مادامت ضرورية لحفظ المأجور فهي ضرورية للانتفاع به من باب أولى. وقررت الفقرة الثانية أنه إذا تأخر المؤجر في القيام بالإصلاحات الضرورية؛ فللمستأجر الخيار بين طلب التنفيذ العيني، أو طلب التنفيذ بالتعويض بإنقاص الأجرة، أو طلب الفسخ، ويشترط لحق المستأجر في طلب أي من هذه الخيارات أن يكون قد أعذر المؤجر، ويكون الإعذار وفق ما هو مبين في المادة (۱۷۷) . وبيان هذه الخيارات على النحو الآتي: الخيار الأول: طلب التنفيذ العيني؛ بأن يتقدم إلى المحكمة بطلب الإذن له في إصلاح الخلل، فإذا أذنت له المحكمة بالإصلاح وقام به كان له الرجوع على المؤجر بنفقات الإصلاحات الضرورية على أن يكون ذلك وفقاً لما هو متعارف عليه من النفقات؛ فإن تجاوز ما هو متعارف عليه فليس له الرجوع إلا بالقدر المتعارف عليه. ومع تقرير الأصل في عدم قيام المستأجر بالإصلاحات الضرورية - حال عدم قيام المؤجر بذلك إلا بإذن المحكمة، إلا أنه يستثنى من ذلك ما إذا كانت تلك الإصلاحات من الأمور المستعجلة التي لا تحتمل التأخير أو كانت يسيرة عرفًا، فيجوز للمستأجر أن يصلح ذلك الخلل دون إذن المحكمة ويحسم ما أنفقه من أجرة المأجور على أن يكون ذلك بالقدر المتعارف عليه أيضاً، وإذا أجرى المستأجر هذه الإصلاحات دون إذن المحكمة فإنما يفعل ذلك على مسؤوليته؛ فإذا طالب بهذه النفقات فتتأكد المحكمة عن تحقق شروط مباشرته لتلك الإصلاحات دون إذنها، وعلى المستأجر في جميع الأحوال أن يلتزم بتقديم حساب عما تم إصلاحه. وما تضمنته الفقرة ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة المبينة في المادة (167). وإذا كانت الإصلاحات الضرورية باهظة لا تتناسب مع الأجرة فللمحكمة أن تعفي المؤجر من التنفيذ العيني وتقصر حق المستأجر على طلب إنقاص الأجرة أو الفسخ إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً؛ تطبيقاً للفقرة (٢) من المادة (١٦٤). والخيار الثاني: طلب إنقاص الأجرة؛ لأن نقص الانتفاع بسبب عدم القيام بالإصلاحات الضرورية يقابله نقص في الأجرة. ومتى حكم للمستأجر بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب؛ بل من وقت حصول النقص في الانتفاع بسبب عدم القيام بتلك الإصلاحات؛ لأن الأجرة تقابل الانتفاع؛ فمتى حصل نقص في الانتفاع قابله نقص في الأجرة بقدر ما حصل من نقص، وهذا هو التنفيذ بالتعويض، ومتى قام المؤجر بالإصلاحات عادت الأجرة إلى حالها. والخيار الثالث: طلب فسخ العقد؛ وتجري على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان ما أخل به المؤجر قليل الأهمية بالنظر إلى مجموع الالتزام وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للمادة (۱۰۷). وفي جميع الخيارات السابقة يحق للمستأجر وفقاً للقواعد العامة طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب تأخر المؤجر في القيام بتلك الإصلاحات؛ فله في حال طلب التنفيذ العيني أو الفسخ طلب إنقاص الأجرة بقدر نقص الانتفاع إلى حين إتمام الإصلاحات أو الفسخ، كما أن له طلب التعويض عما يصيب شخصه أو ماله من ضرر بسبب تأخر المؤجر في القيام بهذه الإصلاحات، سواء اختار المستأجر التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ ويشترط لاستحقاق المستأجر التعويض الإعذار تطبيقاً للمادة (١٧٥)، ما لم يكن المؤجر هو المتسبب بخطئه في وقوع الضرر، ومن ذلك أن يعلم حاجة المأجور للإصلاح ويقصر فيه؛ لأن تنفيذ الالتزام في هذه الحالة أصبح غير ممكن بفعله؛ تطبيقاً للفقرة (ب) من المادة (١٧٦). ولما قررت الفقرتان الأحكام المتعلقة بالإصلاحات التي يلتزم بها المؤجر وآثار عدم التزامه بذلك، جاءت الفقرة الثالثة لتقرير جواز اتفاق المتعاقدين على خلاف ما تضمنته الفقرتان الأولى والثانية من أحكام، وأن هذه الأحكام ليست من النظام العام؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على إعفاء المؤجر من هذا الالتزام؛ فلا يكون مطالباً بالقيام بهذه الإصلاحات، أو الاتفاق على إنقاص هذا الالتزام؛ كأن يتفق على إعفاء المؤجر من أنواع معينة من الإصلاحات لا كلها، أو يُتفق على قصر حق المستأجر على إنقاص الأجرة دون حقه في الفسخ، كما يجوز الاتفاق على زيادة هذا الالتزام؛ كأن يتفق على أن للمستأجر أن يقوم بالإصلاحات الضرورية على حساب المؤجر ولو لم تكن من الأمور المستعجلة دون حاجة لطلب من المحكمة. وما قررته الفقرة ما هو إلا تطبيق لما تضمنته المادتان (۱۷۳)، (174) في القواعد العامة من جواز اتفاق المتعاقدين على تعديل أحكام المسؤولية المترتبة على المدين في العقد بإعفائه منها أو إنقاصها أو زيادتها، ويجب في حال اشتراط إعفاء المؤجر من هذا الالتزام أو إنقاصه ألا يكون ذلك عن غش منه أو خطئه الجسيم تطبيقاً لتلك القواعد. ويجدر التنبه إلى أنه إذا شرط المؤجر إعفاءه من الإصلاحات الضرورية، وقام بها المستأجر على نفقته؛ فلا يحول ذلك دون حق المستأجر في الرجوع بما أنفقه على المؤجر بعد انتهاء عقد الإيجار وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب، ما لم يتفق على خلاف ذلك. وإذا وقع الشك في تفسير شرط الإعفاء من التزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية والنطاق الذي يشمله، أو في تفسير شرط النقص من هذا الالتزام أو زيادته؛ فيفسر الشك لمصلحة من يتحمل عبء هذا الشرط تطبيقاً للمادة (104) ؛ ففي حال الإعفاء أو النقص يفسر الشك لمصلحة المستأجر، وفي حال الزيادة يفسر لمصلحة المؤجر.

تقرر المادة انفساخ العقد من تلقاء نفسه في حال الهلاك الكلي للمأجور أثناء مدة الإجارة، وهذا الهلاك قد يكون مادياً، كما لو هلك المأجور بسبب صاعقة أو حريق أو أمطار غزيرة، وقد يكون الهلاك نظامياً، كما لو نزعت ملكية المأجور للمصلحة العامة، أو صدر قرار بإخلاء المأجور لأسباب صحية، ففي هذه الأحوال ينفسح العقد من تلقاء نفسه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الهلاك بسبب قوة قاهرة أو بسبب خطأ المستأجر أو خطأ المؤجر أو خطأ الغير ؛ لأن انفساخ العقد هنا بسبب استحالة تنفيذ عقد الإيجار. على أنه إذا كان الهلاك الكلي بسبب خطأ المؤجر كان مسؤولاً عن تعويض المستأجر عن الضرر الذي أصابه بسبب انفساخ العقد قبل انقضاء مدته. وإذا كان الهلاك الكلي بسبب خطأ المستأجر كان مسؤولاً عن تعويض المؤجر عن الهلاك وعن انفساخ العقد قبل انقضاء مدته. وإذا كان الهلاك بفعل الغير كان مسؤولاً عن تعويض المؤجر والمستأجر.

تتناول المادة الحكم في حال هلاك المأجور هلاكاً جزئياً، وهو قد يكون مادياً؛ كما لو تهدم جزء من العقار المأجور مع بقاء الجزء الآخر صالحاً للانتفاع، وقد يكون نظامياً؛ كما لو نزع جزء من الأرض المؤجرة للمصلحة العامة. والهلاك الجزئي يكون بزوال جزء من المأجور، وبينت المادة أنه في حكم الهلاك الجزئي في تطبيق هذه المادة أن يصبح المأجور في حال تنقص من الانتفاع الذي أجر من أجله ولو لم ينعدم بعض أجزائه، كما لو غمرت المياه الطابق الأول من مبنى مكون من طابقين فجعلته غير صالح للانتفاع مع بقاء الطابق الثاني صالحاً للانتفاع. وفرقت المادة في حال الهلاك الجزئي بين فرضين: الفرض الأول: أن يكون ذلك بفعل المستأجر ؛ فيبقى العقد قائماً ولا رجوع للمستأجر على المؤجر ليطالب بإنقاص الأجرة ولا بالفسخ ولا بإعادة المأجور إلى ما كان عليه، ويبقى ملتزماً بالعقد إلى نهايته، ويلزمه تعويض المؤجر عما أحدثه من الهلاك أو النقص في المأجور. والفرض الثاني: ألا يكون ذلك بسبب المستأجر، سواء كان ذلك لقوة قاهرة أو فعل المؤجر أو فعل الغير؛ فيكون للمستأجر الخيار في طلب إنقاص الأجرة؛ لأن نقص الانتفاع يقابله نقص في الأجرة، ومتى حكم له بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب بل من وقت حصول النقص في الانتفاع؛ وللمؤجر أن يعيد المأجور إلى ما كان عليه، ومتى أعاده عادت الأجرة إلى حالها، كما أن للمستأجر بدلاً من طلب إنقاص الأجرة أن يختار طلب فسخ العقد، وتجري على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي للإخلال أو للاستحالة الجزئية؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن النقص في الانتفاع جسيماً وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للمادتين (۱۰۷، ۱۱۰)، وللمستأجر مع طلب الفسخ أن يطلب إنقاص الأجرة من وقت وقوع الهلاك الجزئي حتى الفسخ. ولم تذكر المادة حق المستأجر في طلب التنفيذ العيني؛ لأن الأغلب في الهلاك الجزئي أن يكون التنفيذ العيني باهظاً، وطبقاً للقواعد العامة متى كان التنفيذ العيني مرهقاً للمدين وهو المؤجر هنا فإن للمحكمة أن تقصر حق الدائن وهو المستأجر على التنفيذ بالتعويض، وعلى هذا متى تبين أن التنفيذ العيني في حال الهلاك الجزئي غير مرهق للمؤجر فللمستأجر أن يطالب المؤجر بإعادة المأجور إلى ما كان عليه قبل الهلاك؛ لأن المؤجر ملتزم بتسليم المأجور صالحاً للانتفاع طيلة مدة الإيجار؛ تطبيقاً للقاعدة العامة المقررة في الفقرة (۱) من المادة (164) بأن يُجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكنا»، ويكون التنفيذ وفق التفصيل المبين في الفقرة (۱) من المادة (١٦٧) ، والمادة (٤١٩) في حال حاجة المأجور لإصلاحات ضرورية. وإذا كان الهلاك الجزئي أو نقص الانتفاع بفعل المؤجر ، فللمستأجر فضلاً عن حقه في طلب التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ أن يطالب المؤجر بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب فعله؛ كأن يترتب على هلاك بعض المأجور تلف في مال المستأجر، وأما الخسارة التي لحقته بسبب فوات بعض المنفعة فالتعويض عنها هو إنقاص الأجرة. ويصدق هذا الحكم على ما لو اختار المستأجر الفسخ فيطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه في شخصه أو ماله بسبب الفسخ، وأما المدة التي تسبق الفسخ فالتعويض عن فوات منفعتها يكون بإنقاص الأجرة. وإذا كان الهلاك الجزئي أو نقص الانتفاع بغير فعل المؤجر ، فليس للمستأجر مطالبة المؤجر بالتعويض عن الضرر في هذه الحال. ويتبين مما سبق الفرق بين الأثر المترتب على الهلاك الجزئي وما في حكمه الوارد في هذه المادة، والأثر المترتب على عدم قيام المؤجر بالإصلاحات الضرورية، وعلى ضمانه التعرض والعيب وفقاً للمواد (٤۱۹ ، ٤٢٣، ٤٢٥) ، وبيان ذلك: أن المؤجر ملتزم بتعاهد المأجور بالإصلاحات الضرورية اللازمة لبقائه صالحاً للانتفاع، وبخلوه من أي عيب أو تعرض يؤثر في الانتفاع؛ فإذا حصل نقص في الانتفاع بسبب عدم قيام المؤجر بإصلاحات ضرورية تلزمه، أو لعيب أو تعرض يضمنهما؛ فيعد المؤجر مخلاً بالتزامه، وأما الهلاك الجزئي فالأصل فيه أن يكون لأمر طارئ؛ لا لحاجة المأجور لإصلاحات ولا لعيب أو تعرض؛ فالأصل ألا يكون نقص الانتفاع في الهلاك الجزئي نتيجة إخلال المؤجر بالتزامه، وبناءً على ذلك فإن مسؤولية المؤجر في حال نقص الانتفاع لعدم قيامه بالإصلاحات الضرورية أو لظهور عيب أو وقوع تعرض لا تقتصر على تحمله تبعة نقص الانتفاع فحسب؛ بل ضمان ما يترتب على ذلك النقص من ضرر على المستأجر ؛ لكون المؤجر مخلاً بالتزامه؛ ومن ثم يلزمه تعويض المستأجر لا عن النقص في الانتفاع فحسب؛ بل حتى عن الأضرار الأخرى التي تلحق المستأجر نتيجة هذا الإخلال، بينما مسؤولية المؤجر في حال الهلاك الجزئي إذا لم يكن بفعل المستأجر تقتصر على تحمل تبعة نقص الانتفاع، دون أن يضمن المؤجر ما يترتب على الهلاك أو النقص من ضرر؛ ما لم يتبين أن ذلك بخطئه فيلزمه فضلاً عن تحمل التبعة أن يعوض المستأجر عما لحقه من ضرر، كما لو كان الهلاك بسبب تقصير المؤجر في التزامه بتعاهد المأجور بالإصلاح أو بخلوه من العيب.

بعد أن بينت المواد الثلاث السابقة ما يتعلق بالنفقات الضرورية اللازمة لبقاء المأجور صالحاً للانتفاع، وأثر الهلاك الكلي والجزئي؛ جاءت هذه المادة لتبين حكم ما عداها من النفقات التي لا يتوقف عليها بقاء المأجور صالحاً للانتفاع؛ فهذه النفقات لا تلزم المؤجر أصلاً؛ ولكن إذا قام المستأجر بإحداث إنشاءات أو إصلاحات في المأجور لا يتوقف عليها بقاؤه صالحاً للانتفاع؛ فلا يخلو الأمر من فرضين: الفرض الأول: أن تكون هذه النفقات بغير إذن المؤجر ؛ فليس للمستأجر الرجوع على المؤجر ، سواء كانت تلك النفقات لمنفعة المأجور أو لمنفعة المستأجر الشخصية، دون إخلال بحق المستأجر بالرجوع على المؤجر بها بعد انتهاء عقد الإيجار إذا اختار المؤجر استبقاءها وفق ما سيأتي في المادة (٤٣٦). والفرض الثاني: أن تكون هذه النفقات بإذن المؤجر ؛ وهذا الفرض يحتمل إحدى حالتين: الحالة الأولى: أن يكون ما أحدثه المستأجر لمنفعة المأجور ؛ كأن يجدد أبواب المأجور، أو يغير نوافذه بأخرى أكثر متانة؛ فللمستأجر الحق في الرجوع على المؤجر متى أذن له بها ولو لم يشترط الرجوع؛ لأن إذن المؤجر في القيام بتلك الإنشاءات أو الإصلاحات يعد توكيلاً ضمنياً منه للمستأجر للقيام بها، والوكيل له أن يرجع على موكله بالنفقات التي تحملها في تنفيذ أعمال الوكالة التنفيذ المعتاد، وكون النفقات لمنفعة المأجور وليست لمنفعة المستأجر الشخصية قرينة على أن المؤجر أراد بإذنه للمستأجر القيام بها أن تبقى هذه الإنشاءات والإصلاحات بعد انتهاء عقد الإيجار فيلزمه تعويض المستأجر عنها. وتعد النفقات لمنفعة المأجور وليست لمنفعة المستأجر الشخصية متى كانت تلبي رغبات عامة المستأجرين، وأما الإنشاءات والإصلاحات التي تلائم بعض المستأجرين دون بعض فليس للمستأجر الرجوع على المؤجر فيها، وكذا ما لا يعد من قبيل الإنشاءات والإصلاحات في المأجور مما يكون قابلاً للإزالة بعد انتهاء عقد الإيجار كالستائر والرفوف ونحوها. وحق المستأجر في الرجوع على المؤجر بالنفقات في هذه الحالة مقتصر على القدر المتعارف عليه؛ فلو تجاوز القدر المتعارف عليه فليس له أن يرجع بالقدر الزائد. وبين آخر الفقرة أن ما قررته يعد قاعدة مكملة لتفسير إرادة المتعاقدين في حال عدم اتفاقهما على خلافها، أما إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على خلاف ذلك فيجب العمل به، كما لو دلت قرائن الحال أن إذن المؤجر بهذه النفقات مشروط بعدم رجوع المستأجر بها. والحالة الثانية: أن يكون ما أحدثه المستأجر لمنفعته الشخصية؛ كما لو قام مستأجر المحل التجاري بتقسيمه بما يتناسب مع طبيعة نشاطه؛ فليس له الرجوع على المؤجر بما أنفقه، وللمستأجر بعد انتهاء عقد الإيجار الرجوع بالتعويض إذا اختار المؤجر استبقاءها أو إزالتها إذا كانت الإزالة لا تضر بالمأجور وذلك وفق التفصيل الآتي في المادة (٤٣٦) . والسبب في ذلك أن إذن المؤجر بهذه الإصلاحات أو الإنشاءات لا يرقى لأن يستخلص منه التزام المؤجر بنفقاتها ما دامت لمنفعة المستأجر الشخصية وليست لمنفعة المأجور، ولكن متى وجد اتفاق صريح أو ضمني على خلاف ما قررته الفقرة وجب العمل به.

تتناول المادة الالتزام الثالث من التزامات المؤجر، وهو التزامه بضمان التعرض للمستأجر في استيفائه للمنفعة طوال مدة الإيجار، وقررت المادة أن التعرض الذي يضمنه المؤجر يشمل نوعين: فبينت الفقرة الأولى النوع الأول من التعرض الذي يضمنه المؤجر، وهو التعرض الصادر من المؤجر نفسه، سواء كان التعرض مادياً أو مبنياً على سبب نظامي. فيضمن المؤجر التعرض المادي الصادر منه، كما لو منع المستأجر من استعمال المصعد، أو ترك المؤجر مواشيه تدخل في الأرض الزراعية المستأجرة لترعى فيها، أو أحدث في المأجور أو توابعه تغييرًا يمنع من الانتفاع به أو يخل بالمنفعة المقصودة، من خلال هدم جزء من المأجور، أو سد بعض نوافذه أو أبوابه، أو البناء في الأرض المؤجرة، أو قلع الأشجار أو النخيل الموجودة فيها، أو غير ذلك من الإحداثات والتغييرات التي تمنع الانتفاع أو تخل بالمنفعة المقصودة منه. ويضمن المؤجر كذلك التعرض الصادر منه المبني على سبب نظامي، كما لو أجر شخص عيناً غير مملوكة له، ثم أصبح مالكاً لها بسبب من أسباب الملك كالإرث أو الوصية أو الشراء من المالك الحقيقي فطلب المؤجر - بعد أن أصبح مالكاً - رد العين من المستأجر؛ بناء على الملك الحادث بعد الإيجار ؛ فتعرض المؤجر للمستأجر في هذه الحالة مبني على سبب نظامي؛ لأن المؤجر يبني تعرضه على أنه أصبح بعد الإيجار مالكاً للمأجور، ويدعي أن له بهذه الصفة أن يسترد المأجور ؛ فللمستأجر في هذه الحالة أن يمتنع عن رد المأجور تأسيساً على أن المؤجر ضامن لتعرضه الشخصي، ولا يجوز الاسترداد لمن وجب عليه الضمان. ولا يقتصر الحكم في ضمان التعرض على التعرض الصادر من شخص المؤجر، بل يشمل التعرض الصادر من أحد تابعيه ومعنى التابع في هذا الموضع أوسع من معنى التابع الذي يسأل عنه المتبوع مسؤولية تقصيرية؛ فالمقصود بتابع المؤجر كل شخص ليس أجنبياً عنه في تنفيذ عقد الإيجار، ويكون التعرض الصادر منه قد أدى إليه صلته بالمؤجر، ويشمل ذلك من ينوب عنه كالولي والوصي والقيم والوكيل، ومن يساعده في مباشرة حقوقه وتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار كحارس العمارة الذي وضعه المؤجر، ومن كانت صلته بالمؤجر هي التي مكنته من التعرض للمستأجر كأهل بيت المؤجر وضيوفهم وأصدقائهم، ومن يحل محل المؤجر في مباشرة حقوقه وتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الإيجار ، كالمقاول والمهندس إذا قاما بإجراء ترميمات لازمة للمأجور بدلاً من المؤجر، ويشمل كذلك خلفه العام والخاص وكل من تلقى الحق عنه كمستأجر آخر من المؤجر نفسه إذا كان التعرض له علاقة بصفته مستأجراً. وبينت الفقرة الثانية النوع الثاني من التعرض الذي يضمنه المؤجر، وهو التعرض الصادر من الغير بشرط أن يكون التعرض مبنياً على سبب نظامي، كما لو ادعى الغير أنه هو مالك المأجور وأن المؤجر لا يملكه، أو ادعى أن له حق انتفاع على المأجور، والمراد بالغير هنا كل أجنبي عن عقد الإيجار. ويجب لتحقق الضمان في كلا النوعين أن يقع التعرض فعلاً لا أن يكون مجرد تهديد به، فإذا كان تعرضاً شخصياً من المؤجر وكان تعرضه مادياً فبأن يقوم بعمل مادي يحول دون انتفاع المستأجر بالمأجور، وإذا كان تعرض المؤجر مبنياً على سبب نظامي فبأن يطالب المؤجر برد المأجور أو بالحق الذي يؤثر في المنفعة، وإذا كان تعرضاً صادراً من الغير فإن التعرض يكون واقعاً فعلاً إما عن طريق أعمال مادية، كأن يدخل الأرض المؤجرة مدعياً أن له عليها حق ارتفاق بالمرور، أو أن يقتصر الغير على رفع دعوى يدعي فيها بحقه، دون أن يلجأ إلى أعمال مادية تحول دون انتفاع المستأجر بالعين. ومتنى وقع التعرض فعلاً وكان هذا التعرض مما يضمنه المؤجر سواء كان بتعرضه هو أو أحد تابعيه، أو كان بتعرض من الغير مستند على سبب نظامي؛ فللمستأجر أن يطالب المؤجر بالتنفيذ العيني؛ وذلك بأن يكف هو أو تابعه عن التعرض إذا كان التعرض منه أو من أحد تابعيه، وإذا كان التعرض صادراً من الغير فيكون التنفيذ العيني بأن يجعل الغير الذي تعرض للمستأجر يكف عن التعرض. وإلزام المؤجر بالتنفيذ العيني ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة؛ لأن المؤجر ملتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور طيلة مدة الإيجار ؛ وللدائن طبقاً للقاعدة العامة المقررة في الفقرة (۱) من المادة (164) أن يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكناً. وبينت الفقرة الثالثة أن للمستأجر - إذا لم يمتنع المؤجر عن تعرضه أو لم ينجح في كف تعرض الغير؛ بأن كسب الغير دعوى الاستحقاق التي أقامها أن يطلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، وهذا هو التنفيذ بالتعويض، ومتى حكم له بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب؛ بل من وقت حصول النقص في الانتفاع، كما أن للمستأجر طلب فسخ العقد، وتجري على طلب الفسخ القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن النقص في الانتفاع جسيماً يسوغ الفسخ، وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للمادة (۱۰۷)، كما أن للمؤجر أن يتوقى الفسخ متى نفذ التزامه تنفيذاً عينياً بأن أوقف التعرض إذا لم يكن في هذا التوقي مضارة بالمستأجر، وللمستأجر مع طلب الفسخ أن يطلب إنقاص الأجرة من وقت نقص الانتفاع حتى الفسخ. وإذا كان التعرض صادراً من المؤجر ؛ فللمستأجر سواء طلب التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ، أن يطالب المؤجر بالتعويض عما يلحقه من ضرر بسبب إخلال المؤجر بالتزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع. وأما إذا كان التعرض صادراً من الغير فليس على المؤجر مسؤولية تجاه المستأجر إذا نجح في دفع التعرض الصادر من الغير، أي في حال التنفيذ العيني، سواء وقع التعرض من الغير عن طريق أعمال مادية أو عن طريق رفع دعوى على المستأجر؛ لكون المؤجر قام بالتزامه، وتبين أن الغير لم يكن محقاً فيما يدعيه، أي أن تعرضه مادي؛ فلا مسؤولية فيه على المؤجر، وتجري على هذا التعرض أحكام المادة التالية (٤٢٤)، ولكن إذا أخفق المؤجر في دفع التعرض؛ بأن كسب الغير الدعوى؛ فيكون المؤجر مسؤولاً تجاه المستأجر في هذه الحالة؛ لأنه تبين إخلاله بتنفيذ التزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع طيلة مدة الإيجار، ويكون للمستأجر سواء طلب إنقاص الأجرة أو الفسخ مطالبة المؤجر بالتعويض عما يلحقه من ضرر بسبب هذا التعرض.

تستكمل المادة أحكام التعرض للمستأجر في انتفاعه بالمأجور؛ فبينت الفقرة الأولى حكم التعرض الصادر من الغير إذا لم يكن مبنياً على سبب نظامي، وقررت أن المؤجر لا يضمن هذا التعرض، ويشمل ذلك كل فعل مادي يقوم به الغير دون أن يستند إلى حق يدعيه على المأجور، مثل إيذاء المستأجر ومنعه من الانتفاع بالمأجور بالقوة، أو إنشاء مصنع يقلق راحته فيحول دون تمام انتفاعه. والسبب في عدم ضمان المؤجر التعرض الصادر من الغير أن المؤجر لم يكن منه إخلال بالتزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع بالمأجور، وللمستأجر أن يدفع هذا التعرض بنفسه بدعوى يرفعها على الغير. وأما أثر التعرض الصادر من الغير إذا لم يكن مبنياً على سبب نظامي ففرقت الفقرة فيه بين حالتين: الحالة الأولى: ألا يؤدي التعرض الصادر من الغير إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالمأجور، إنما يؤثر في كمال الانتفاع، ففي هذه الحالة ليس للمستأجر طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة؛ بل تلزمه الأجرة كاملة، وله مطالبة من صدر منه التعرض بالتعويض عن الضرر وفق قواعد المسؤولية التقصيرية. والحالة الثانية: أن يؤدي التعرض الصادر من الغير إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالمأجور؛ فللمستأجر في هذه الحالة طلب فسخ العقد أو إنقاص الأجرة ما لم يكن هو المتسبب في التعرض. وحق المستأجر في الحالة الثانية بطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة لا يعد من ضمان التعرض؛ لأن ضمان التعرض يجعل للمستأجر فوق ذلك الحق في مطالبة المؤجر بالتعويض إن وجد له مقتض، ولا يرد هنا على المؤجر تعويض ولو تضرر المستأجر؛ لأن الضرر لم يكن بسبب المؤجر ، وللمستأجر مطالبة المتسبب بالضرر بالتعويض وفق قواعد المسؤولية التقصيرية. وتتناول الفقرة الثانية من المادة حكم التعرض الصادر من جهة عامة ولم يكن يستند إلى سبب نظامي؛ فبينت أنه إذا ترتب على عمل من جهة عامة نقص في الانتفاع؛ كما لو قامت جهة عامة بإخلاء أجزاء من سوق تجاري مؤجر بالكامل، أو قامت بأعمال وإصلاحات في الطريق أدت إلى نقص مؤثر في الانتفاع الذي أجر المأجور من أجله؛ فللمستأجر الخيار في طلب إنقاص الأجرة؛ لأن نقص الانتفاع يقابله نقص في الأجرة، ومتى حكم له بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب؛ بل من وقت حصول النقص في الانتفاع، كما أن للمستأجر بدلاً من طلب إنقاص الأجرة أن يختار طلب فسخ العقد، وتجري على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن النقص في الانتفاع جسيماً وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة (۱۱۰) وللمستأجر مع طلب الفسخ أن يطلب إنقاص الأجرة من وقت وقوع التعرض حتى الفسخ. وبين آخر الفقرة أنه إذا كان تعرض الجهة العامة بسبب يكون المؤجر مسؤولاً عنه؛ كما لو أخلت الجهة العامة بعض أجزاء العقار المؤجر بسبب عدم استيفاء المؤجر بعض المتطلبات النظامية؛ فللمستأجر في هذه الحالة فضلاً عن حقه في طلب إنقاص الأجرة أو الفسخ أن يطالب المؤجر بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب ذلك، وأما الخسارة التي لحقته بسبب فوات بعض المنفعة فالتعويض عنها هو إنقاص الأجرة، ويصدق هذا الحكم على ما لو اختار المستأجر الفسخ؛ فيطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب الفسخ، وأما المدة التي تسبق الفسخ فالتعويض عن فوات منفعتها يكون بإنقاص الأجرة. وإذا لم يكن المؤجر متسبباً في تعرض الجهة العامة؛ فليس للمستأجر مطالبة المؤجر بالتعويض عن الضرر في هذه الحالة، وإنما يقتصر حقه في طلب إنقاص الأجرة أو طلب الفسخ وفق ما سبق بيانه.

تتناول المادة الالتزام الرابع من التزامات المؤجر، وهو ضمان العيوب الخفية؛ وهذا الالتزام مكمل لالتزامات المؤجر الإيجابية، وقد سبق منها التزامه بتسليم المأجور وذلك بتمكين المستأجر من استيفاء المنفعة لا بمجرد التخلية، والتزامه بالإصلاحات الضرورية، وعلى نسق ذلك التزامه بضمان العيوب الخفية. وقررت المادة أن المؤجر يضمن العيوب التي توجد في المأجور إذا كانت تلك العيوب تمنع المستأجر من الانتفاع بالمأجور أو تنقص ذلك الانتفاع، وتحديد المنفعة المقصودة من المأجور كتحديدها في المبيع؛ إذ لا فرق بينهما بهذا الخصوص؛ فقد تستفاد مما هو مبين في العقد أو مما هو ظاهر من طبيعة الشيء أو من الغرض الذي أعد له، وإذا وجد في المأجور عيب لكنه لا ينقص من الانتفاع به فلا يضمنه المؤجر. واستثنت المادة نوعين من العيوب لا يضمنهما المؤجر: النوع الأول: العيب الذي جرى العرف بالتسامح فيه؛ فلا يضمنه المؤجر، ولو كان ذلك العيب مؤثراً. والنوع الثاني: العيب غير الخفي، وهو الذي يعلم به المستأجر عند التعاقد، وعلم المستأجر بالعيب في المأجور كعلم المشتري بالعيب في المبيع قد يكون فعلياً أو مفترضاً، وذلك على النحو الآتي: 1- فالعلم الفعلي؛ يتحقق بأن يكون العيب ظاهراً وقت التعاقد، أو يكون خفياً إلا أن المؤجر أثبت علم المستأجر به عند التعاقد ؛ لأن علم المستأجر بالعيب عند التعاقد يدل على رضاه به؛ فيكون قد أسقط حقه في الضمان. 2- والعلم المفترض؛ يتحقق بأن يكون العيب غير ظاهر، ولكن يستطيع الشخص المعتاد أن يتبينه بنفسه لو فحص المأجور بعناية الشخص المعتاد ؛ فالعيب في هذه الحالة يعد ظاهراً غير خفي، والمستأجر يتحمل تبعة تقصيره، إلا أن العناية المطلوبة هنا دون العناية المطلوبة في البيع؛ لأن فحص المشتري للمبيع عادة أعلى من فحص المستأجر للمأجور. وكما هو مقرر في البيع فيستثنى من انتفاء الضمان عن المؤجر في العلم المفترض صورتان: الصورة الأولى: إذا أثبت المستأجر أن البائع ضمن له خلو المأجور من العيب المعين الذي وجد في المأجور ؛ لأن تأكيد المؤجر للمستأجر خلو المأجور من ذلك العيب يعد اتفاقاً ضمنياً على أن المؤجر يضمن هذا العيب بالذات. والصورة الثانية: إذا تعمد المؤجر إخفاء العيب غشاً منه، لأن المؤجر ارتكب خطأ يستغرق تقصير المستأجر في عدم الفحص. ودلت المادة على أنه لا يشترط في العيب الذي يضمنه المؤجر أن يكون قديماً قبل التسليم كما في البيع؛ ففي عقد الإيجار يضمن المؤجر العيب ولو حدث بعد التسليم مادام يمنع من الانتفاع بالمأجور أو ينقص منه.

تتناول المادة الأثر المترتب على ضمان العيب في المأجور، ولا فرق من حيث الجملة بين الأثر المترتب على ضمان العيب والأثر المترتب على عدم القيام بالإصلاحات الضرورية المبين في المادة (٤١٩) ؛ ففي كليهما تنشأ مسؤولية المؤجر لعدم تسليمه المأجور صالحاً لاستيفاء المنفعة المقصودة طيلة مدة الإيجار؛ إلا أن الخلل هناك يرجع لقدم المأجور وعدم تعاهده بالإصلاحات الضرورية، والخلل هنا يرجع لعيب فيه لا بسبب إهمال تعاهده بالإصلاحات الضرورية. قررت المادة أن للمستأجر متى كشف في المأجور عيباً مما يضمنه المؤجر وفقاً للمادة (٤٢٥) - أن يختار طلب إنقاص الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع بسبب العيب، وهذا هو التنفيذ بالتعويض، ومتى حكم له بإنقاص الأجرة أنقصت لا من وقت المطالبة فحسب؛ بل من وقت حصول النقص في الانتفاع، ومتى أصلح المؤجر العيب عادت الأجرة إلى ما كانت عليه، كما أن للمستأجر أن يختار طلب فسخ العقد، وتجري على طلب الفسخ القواعد العامة؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا لم يكن النقص في الانتفاع جسيماً يسوغ الفسخ، وأن تقصر حق المستأجر على التعويض؛ تطبيقاً للقاعدة العامة في الفسخ القضائي المقررة في المادة (۱۰۷)، كما أن للمؤجر أن يتوقى الفسخ متى بادر إلى إصلاح العيب قبل الفسخ، وللمحكمة أيضاً أن تمهله حتى يقوم بإصلاح العيب إذا طلب ذلك؛ ما لم يكن في التوقي أو الإمهال مضارة بالمستأجر، وللمستأجر مع طلب الفسخ أن يطلب إنقاص الأجرة من وقت نقص الانتفاع حتى الفسخ. ومتنى كان إصلاح العيب ممكناً فللمستأجر فضلاً عن حقه في طلب إنقاص الأجرة أو الفسخ؛ أن يلزم المؤجر بالإصلاح؛ لأن التزام المؤجر بضمان العيب كالتزامه بالقيام بالإصلاحات الضرورية؛ فكلاهما متفرع عن التزامه بتسليم المأجور صالحاً لاستيفاء المنفعة المقصودة طيلة مدة الإيجار ، وللدائن طبقاً للقاعدة العامة المقررة في الفقرة (۱) من المادة (164) أن يجبر المدين بعد إعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكناً، ويكون التنفيذ وفق القاعدة العامة في التنفيذ العيني المقررة في الفقرة (۱) من المادة (١٦٧) ، وما قررته المادة (٤١٩) فيما يتعلق بالتزام المؤجر بالإصلاحات الضرورية؛ فللمستأجر أن يطلب إذناً من المحكمة في إصلاح العيب على نفقة المؤجر، وله في حال الاستعجال إصلاحه على نفقة المدين دون إذن المحكمة، على أنه إذا كان إصلاح العيب باهظاً لا يتناسب مع الأجرة؛ فليس للمستأجر إلزام المؤجر به وتقصر المحكمة حقه في التنفيذ بالتعويض؛ تطبيقاً للفقرة (۲) من المادة (١٦٧)، ونصها: (إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز للمحكمة بناء على طلبه أن تقصر حق الدائن على اقتضاء التعويض إذا كان ذلك لا يلحق به ضرراً جسيماً. وفي جميع الخيارات السابقة سواء اختار المستأجر التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ، يحق له طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب إخلال المؤجر في التزامه بسلامة المأجور من العيب الخفي؛ إذ عقد الإيجار باعتباره عقد معاوضة - قائم على أساس سلامة المأجور من العيوب الخفية؛ ومن ثم فللمستأجر في حال طلب التنفيذ العيني أو الفسخ طلب إنقاص الأجرة بقدر نقص الانتفاع إلى حين إصلاح العيب أو الفسخ، كما أن له طلب التعويض عما يصيب شخصه أو ماله من ضرر بسبب العيب سواء اختار التنفيذ العيني أو إنقاص الأجرة أو الفسخ.

تقرر المادة بطلان أي اتفاق بين المتعاقدين على الإعفاء من ضمان التعرض أو العيب أو الحد منه في الحالة التي يتعمد فيها المؤجر إخفاء سبب الضمان، كما لوكان المؤجر يعلم وجود عيب خفي في المأجور، وأخفى عن المستأجر العيب عمداً، واشترط إعفاءه من الضمان أو تخفيف مسؤوليته عنه، فإن شرط الإعفاء أو التخفيف يقع باطلاً، أو كان يعلم أن للغير حقاً على المأجور يتعارض مع حق المستأجر ، وأخفى عن المستأجر هذا الحق عمداً ، واشترط إعفاءه من الضمان أو تخفيف مسؤوليته عنه، فإن شرط الإعفاء أو التخفيف يقع باطلاً. أما إذا كان المؤجر يعلم سبب الضمان، ولكنه لم يتعمد إخفاءه عن المستأجر، واشترط عليه عدم الضمان أو تخفيف مسؤوليته عنه، فإن الشرط يكون صحيحاً، فقد يظن المؤجر أن المستأجر يعلم بالعيب أو يعلم وجود حق محتمل يتعارض مع حق المستأجر ، فلا يكون الشرط في هذه الحالة باطلاً. ويستخلص من هذه المادة أن أحكام ضمان التعرض والعيب ليست من النظام العام فيجوز للمتعاقدين أن يتفقا على ما يخالفها إذا لم يتعمد المؤجر إخفاء سبب الضمان فيجوز الاتفاق على الإعفاء من ضمان التعرض؛ كأن يتفق على عدم ضمان المؤجر للتعرض الصادر من الغير ولو استند إلى سبب نظامي، أو يتفق على تخفيف ضمان التعرض كالاتفاق على أن الضمان لو وجد يقتصر على الفسخ فقط دون أن يكون للمستأجر حق في إنقاص الأجرة. وكذا يجوز الاتفاق على الإعفاء أو التخفيف من ضمان العيب إذا لم يتعمد المؤجر إخفاءه؛ كالاتفاق على أن المؤجر لا يكون ضامناً إلا إذا ترتب على العيب حرمان كلي من الانتفاع دون ما يترتب عليه نقص في الانتفاع. ويمكن القول: إن الاتفاق على التخفيف من ضمان التعرض أو العيب يشمل صوراً منها: 1- أن يتجه التخفيف إلى الأفعال التي تعد تعرضاً؛ كإباحة أفعال كانت تعد تعرضاً أو يتجه التخفيف إلى الأوصاف التي تعد عيباً، كالاتفاق على البراءة من ضمان عيوب محددة. 2- أن يتجه التخفيف إلى موجبات الضمان وهي الأمور التي يلزم بها المؤجر عند ضمان التعرض أو العيب، وهي الفسخ أو إنقاص الأجرة مع التعويض عن الضرر في الحالين، فيتفق على عدم المطالبة بواحد أو أكثر من موجبات الضمان. وكما يجوز تخفيف مسؤولية المؤجر في ضمان التعرض والعيب أو إسقاطها، يجوز كذلك تشديدها؛ كأن يشترط المستأجر ضمان المؤجر لأي عيب ولو كان يمكن تبينه بالفحص المعتاد، أو يشترط المستأجر حقه في فسخ العقد بوقوع التعرض ولو لم يكن نقص الانتفاع جسيماً. وما تضمنته المادة يتسق مع ما قررته المادتان (۱۷۳) ، (۱۷۴) من القواعد العامة من جواز الاتفاق على تعديل مسؤولية المدين في الالتزامات التعاقدية تشديداً أو تخفيفاً عدا ما يكون عن غش أو خطأ جسيم. ويراعى في تطبيق حكم هذه المادة أنه إذا وقع الشك في تفسير شرط الإعفاء من ضمان المؤجر للتعرض أو العيب والنطاق الذي يشمله أو في تفسير شرط إنقاص هذا الضمان أو زيادته؛ فيفسر الشك لمصلحة من يتحمل عبء هذا الشرط تطبيقاً للمادة (104)؛ ففي حال الإعفاء أو النقص يفسر الشك لمصلحة المستأجر، وفي حال الزيادة يفسر لمصلحة المؤجر.

تقرر المادة صحة بيع المأجور ، فتنقل ملكيته إلى المشتري محملاً بعقد الإيجار، وتنتقل الحقوق والالتزامات التي بين المؤجر والمستأجر إلى المالك الجديد؛ وهذا الانتقال لا يعني أن عقد الإيجار يرتب حقاً عينياً للمستأجر في المأجور؛ بل منشأ ذلك مبدأ الاستخلاف في الحقوق الشخصية الذي قررته الفقرة (۲) من المادة (۹۸) ونصها: (إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقًا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إليه في الوقت الذي ينتقل فيه ذلك الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال ذلك الشيء إليه). فعقد الإيجار الصادر من المالك أنشأ حقوقاً والتزامات شخصية تتصل بالمأجور، ويمكن اعتبار الالتزامات محددة للمأجور والحقوق مكملة له؛ فإذا انتقلت ملكية المأجور إلى المشتري فتنتقل معها الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد الإيجار. ومثل البيع أسباب انتقال الملكية الأخرى، كالهبة والإرث والوصية. ولا يكون الإيجار نافذاً في حق المالك الجديد إلا إذا كان عقد الإيجار سابقاً لانتقال ملكية المأجور. ولا يشترط لصحة بيع المأجور علم المستأجر بالبيع أو رضاه به، كما لا يشترط علم المشتري بعقد الإيجار، غير أنه إذا لم يكن المشتري عالماً بعقد الإيجار فله حق الرجوع على البائع بضمان الاستحقاق؛ وفق ما هو مقرر في عقد البيع؛ لأن المشتري يملك المبيع ومنافعه، فإذا تبين له أن منافع المبيع مستحقة للغير بعقد سابق على عقد البيع كان له الرجوع بضمان الاستحقاق.

تتناول المادة الالتزام الأول من التزامات المستأجر، وهو التزامه بأداء الأجرة؛ فقررت الفقرة الأولى من المادة التزام المستأجر بأداء الأجرة في مواعيدها، وتتعين مواعيد أداء الأجرة وفق الترتيب الآتي: أولاً: إذا كان هناك اتفاق بين المتعاقدين على مواعيد أداء الأجرة؛ التزم المستأجر بأدائها في تلك المواعيد، والاتفاق على مواعيد أداء الأجرة قد يكون صريحاً، وقد يكون ضمنياً يستخلص من ظروف التعاقد ؛ كأن يجري التعامل بين المتعاقدين أو يجري العرف على دفعها في مواعيد معينة. ثانياً: إذا لم يكن هناك اتفاق صريح ولا ضمني على مواعيد أداء الأجرة، وكان عقد الإيجار مقسماً على فترات زمنية؛ فيلتزم المستأجر بأداء الأجرة في بداية كل فترة زمنية، كما لو كان عقد الإيجار لمدة ثلاث سنوات، والأجرة مئة ألف ريال سنوياً، فيلتزم المستأجر بأداء أجرة كل فترة زمنية في بدايتها. ثالثاً: إذا لم يكن هناك اتفاق صريح ولا ضمني على مواعيد أداء الأجرة، ولم يكن عقد الإيجار مقسماً على فترات زمنية؛ فيلتزم المستأجر بأداء الأجرة عند تسليم المأجور، والمسوغ للخروج عن الأصل العام المقرر في الفقرة (۱) من المادة (٢٧٥) بوجوب الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام في ذمة المدين هو طبيعة عقد الإيجار حيث إن الأجرة تقابل المنفعة وهي تستوفى شيئاً فشيئاً، ولم يجعل النظام الأجرة يتراخي استحقاقها - عند عدم الاتفاق - إلى نهاية المدة؛ لأن الذي يتأخر هو تمام استيفاء المنفعة، وإلا فإن المستأجر يشرع في استيفائها من حين تسليم المأجور له على وجه يتمكن فيه من الانتفاع؛ فيلزمه أداء الأجرة من ذلك الوقت. وتقرر الفقرة الثانية عدم استحقاق المؤجر الأجرة عن مدة الإيجار التي تأخر فيها عن تسليم المأجور ؛ لأن الأجرة تقابل المنفعة؛ فإذا لم يمكن المؤجر المستأجر من الانتفاع فتسقط الأجرة بقدر ما نقص من الانتفاع، ويستثنى من ذلك ما إذا كان سبب التأخر راجعاً إلى المستأجر، كما لو تأخر المستأجر في القيام بالأعمال التي لا يتم التسليم إلا بها؛ فيستحق المؤجر الأجرة عن تلك المدة.

تتناول المادة التزام المستأجر بالمحافظة على المأجور ؛ فقررت الفقرة الأولى معيار المحافظة المطلوبة منه؛ فيلزم المستأجر المحافظة على المأجور محافظة الشخص المعتاد، والمعيار هنا معيار موضوعي مرتبط بعناية الشخص المعتاد لا بعناية الشخص في شؤونه، وعليه إذا كان الشخص شديد الحرص فالعناية المطلوبة منه تنزل إلى حد الشخص المعتاد، وإذا كان الشخص مفرطاً في شؤون نفسه فهو مطالب بزيادة العناية إلى حد عناية الشخص المعتاد، فمن استأجر منزلاً فهو مطالب باتخاذ الاحتياطات اللازمة عادة لحمايته من التلف، ومن استأجر سيارة فهو مطالب باتخاذ الاحتياطات اللازمة عادة لحمايتها من التلف أو السرقة. والالتزام بالمحافظة على المأجور التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية، ولهذا جاءت الفقرة الثانية لتقرير التزام المستأجر بتعويض المؤجر عن الأضرار التي تلحق المأجور إذا كانت ناشئة عن تعدي المستأجر أو تقصيره؛ لأنه قصر في التزامه ببذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على المأجور. ويستوي الحكم في ذلك بين أن يكون المستأجر واحداً أو أكثر، فإذا كان المستأجر واحداً لزمه تعويض المؤجر عن الأضرار الناشئة عن تعديه أو تقصيره، وإذا تعدد المستأجرون لزم كل واحد منهم التعويض عن الأضرار الناشئة عن تعديه أو تقصيره. والحكم المقرر في هذه المادة ما هو إلا تطبيق لما نصت عليه المادة (16) من أنه: " إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه، فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود ما لم ينص النظام على خلاف ذلك، أما إذا كان المطلوب هو تحقيق غاية فلا يُعدُّ الوفاء حاصلاً إلا بتحقق تلك الغاية". ومسؤولية المستأجر في المحافظة على المأجور لا تقتصر على شخصه بل تمتد لتشمل تابعيه، كما هو الشأن في التزام المؤجر بعدم تعرضه شخصياً أو تعرض أحد تابعيه للمستأجر، ويقال هنا كما قيل هناك إن مفهوم التابع في هذه المسؤولية - وهي مسؤولية عقدية أوسع منه في المسؤولية التقصيرية؛ إذ يشمل كل شخص كانت صلته بالمستأجر هي التي مكنته من الإضرار بالمأجور ؛ كأهل بيت المستأجر الذين يسكنون معه وخدمه وعماله وضيوفه ونحوهم، كما أنه لا يختص لقيام وصف التبعية أن يكون الفعل الضار قد صدر من أي منهم أثناء تأدية عمله؛ فكل ما يصدر عن التابع بهذا المفهوم الواسع من فعل ضار يكون المستأجر مسؤولاً عنه مسؤولية عقدية.

تقرر الفقرة التزاماً على المستأجر فيما يتعلق باستعماله المأجور؛ فإذا حدد المتعاقدان في عقد الإيجار المنفعة المقصودة من العقد التزم المستأجر باستعمال المأجور في حدود تلك المنفعة، أما إذ أطلقا العقد دون تحديد المنفعة المقصودة؛ كان المستأجر ملزماً باستعمال المأجور طبقاً لما أعد له، فمن استأجر منزلاً لتسكن فيه عائلة؛ لم يكن له أن يسكن فيه عائلتين، ومن استأجر سيارة معدة للركوب؛ لم يكن له استعمالها في نقل المعدات، ومن استأجر سيارة معدة لنقل المعدات الخفيفة لم يكن له أن يستعملها في نقل المعدات الثقيلة. وإذا أخل المستأجر بالتزامه باستعمال العين المؤجرة على النحو المتفق عليه بالعقد، أو استعمل العين في غير ما أعدت، تحمل المسؤولية التي تترتب على الإخلال بالالتزام طبقاً للقواعد العامة، فللمؤجر طلب التنفيذ العيني، وذلك بكف يد المستأجر عن الاستعمال غير الجائز له إذا كان ذلك ممكناً، كما يجوز له طلب فسخ العقد، إذا كان الضرر الذي لحق بالمؤجر أو بالمأجور جسيماً يبرر الفسخ، ويرجع تقدير ذلك للمحكمة. وفي جميع الأحوال للمؤجر أن يطلب التعويض عن الضرر الذي لحقه بسبب إخلال المستأجر في التزامه.

تقرر المادة التزام المستأجر بعدم إحداث أي تغيير في المأجور دون إذن المؤجر، والمراد بالتغيير هنا التغيير المادي فيه كفتح نوافذ جديدة في المنزل، أو إغلاقها، أو بناء غرف جديدة. ويستثنى من المنع الذي قررته المادة ما إذا كان التغيير من مستلزمات إصلاحات في المأجور ولا يلحق ضرراً به، والمراد بالإصلاحات ما عدا الإصلاحات الضرورية التي تلزم المؤجر، مثل الإصلاحات النافعة في المأجور، وإصلاحات العيوب التي لا يضمنها المؤجر كما لو كان المستأجر يعلمها عند العقد. وانتفاء الضرر المسوغ لإجراء التغيير لا يقتصر على تضرر المأجور وقت قيام التغيير؛ بل يجب أن يكون ما أحدثه المستأجر قابلاً للإزالة دون أن يلحق ضرراً بالمأجور بعد إزالته؛ إذ يلزم المستأجر أن يعيد المأجور إلى أصله بعد انتهاء عقد الإيجار إذا طلب منه المؤجر ذلك، ويكون ذلك عادة في الأشياء القابلة للفك والتركيب بسهولة. ومتنى توفر في التغيير ما ذكر، فلا يتوقف التغيير في هذه الحالة على إذن المؤجر، كما لو وضع المستأجر فوق بلاط مشوه بلاطاً لاصقاً تمكن إزالته، أو استبدل الزجاج الشفاف بآخر معتم متى كان قابلاً لأن يعاد إلى أصله دون ضرر بعد انتهاء عقد الإيجار، أو وضع قاطعاً خشبياً لتقسيم غرفة كبيرة، ونحو ذلك. ويقع على المستأجر عبء إثبات أن هذا التغيير غير ضار بالمأجور. وإذا اشترط المؤجر على المستأجر ألا يجري أي تغيير في المأجور؛ فليس للمستأجر أن يحدث أي تغيير إلا بإذن المؤجر ، ولو كان التغيير من مستلزمات إصلاحات نافعة للمأجور ولا يلحق ضرراً به. ودلت المادة على أنه يجوز للمستأجر أن يحدث تغييراً في المأجور ولو لم يتحقق فيه ما ذكر إذ أذن له المؤجر بذلك؛ سواء كان بإذن صريح أو ضمني.

تقرر المادة التزام المستأجر بالصيانة التي يقضي العرف بأنها من التزامات المستأجر، مثل الصيانة اليسيرة للأدوات الصحية في المنزل وصنابير المياه وأجهزة التكييف والإنارة والأقفال والمفاتيح ونحو ذلك. ويكون المستأجر ملزماً بالصيانة التي يقتضيها العرف ولو أثبت أنها ترجع إلى الاستعمال المألوف، ولكنه يستطيع أن يتخلص من هذا الالتزام متى أثبت أن الصيانة ترجع إلى قوة قاهرة أو عيب في المأجور ؛ فتلزم المؤجر ؛ لأنها ضرورية للانتفاع بالمأجور. ويشار إلى ما سبق في شرح المادة (٤١٩) وهو أن النظام فرق بين "الصيانة المعتادة" و "الإصلاحات الضرورية، فالصيانة المعتادة هي الإصلاحات اليسيرة التي يقتضيها استعمال المأجور استعمالاً مألوفاً، ويرجع في تحديد هذه الأعمال إلى العرف؛ فهذه تلزم المستأجر، أما الإصلاحات الضرورية فهي الأعمال الضرورية لبقاء المأجور صالحاً للانتفاع، وتشمل الإصلاحات اللازمة لحفظ المأجور، والإصلاحات اللازمة للانتفاع به؛ فهذه تلزم المؤجر. وإذا وقع الشك في نوع من الأعمال هل يعد من الصيانة المعتادة التي تلزم المستأجر أم من الإصلاحات الضرورية التي تلزم المؤجر ؛ فيفسر الشك لمصلحة المستأجر ؛ لأن الأصل أن يقوم المؤجر بكل ما من شأنه بقاء المأجور صالحاً للاستعمال فيما عدا الصيانة المعتادة؛ لكونها يسيرة فيتحملها المستأجر ؛ فتكون الصيانة المعتادة استثناء، والاستثناء لا يتوسع فيه. وإذا أخل المستأجر بالقيام بالصيانة المعتادة للمأجور ؛ فتجري على ذلك القواعد العامة في الإخلال بالالتزام؛ فللمؤجر طلب التنفيذ العيني أو طلب فسخ العقد؛ وللمحكمة تقدير طلب الفسخ؛ ومن النادر قبوله؛ لأن عدم القيام بهذه الصيانة عادة لا يستوجب ضرراً على المؤجر يبرر الفسخ، والضرر غالباً بترك القيام بها يكون على المستأجر بعدم انتفاعه بالمأجور انتفاعاً كاملاً، وللمؤجر في جميع الأحوال أن يطلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب إخلال المستأجر بالتزامه، ويشمل التعويض نفقات الصيانة إذا لم يقم المستأجر بها بنفسه، وما قد يصيب المأجور من ضرر بسبب عدم تنفيذها في الوقت المناسب، وليس للمستأجر أن يسترد مبلغ التعويض ولو أثبت أن المؤجر لم يستعمله في أعمال الصيانة بعد انتهاء عقد الإيجار ؛ فقد لا يكون في حاجة إلى ذلك. وبين آخر المادة أن التزام المستأجر بالصيانة المعتادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على تخفيف هذه المسؤولية بإعفاء المستأجر من الصيانة المعتادة إذا كانت ترجع إلى الاستعمال المألوف مثلاً، أو بإعفائه منها أصلاً حتى ولو نشأت عن خطئه، ويجب ألا يشمل الإعفاء في هذه الحالة حالات الغش أو الخطأ الجسيم، كما يجوز الاتفاق على أن يتحمل المستأجر الصيانة المعتادة ولو نشأت عن قوة قاهره. وما تضمنته المادة ما هو إلا تطبيق للقواعد العامة المقررة في المادتين (۱۷۳) (١٧٤) بجواز الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية إلا ما يكون عن غش أو خطأ جسيم منه. ويراعى في تطبيق هذا الشرط أنه إذا وقع الشك في تفسير شرط الإعفاء من التزام المستأجر بالصيانة المعتادة، أو في تفسير شرط إنقاص هذا الالتزام أو زيادته؛ فيفسر الشك لمصلحة من يتحمل عبء هذا الشرط تطبيقاً للمادة (104) ؛ ففي حال الإعفاء أو النقص يفسر الشك لمصلحة المؤجر، وفي حال الزيادة يفسر لمصلحة المستأجر.

تتناول المادة التزام المستأجر بعدم منع المؤجر من القيام بالإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور؛ لأن هذه الإصلاحات كما سبق في شرح المادة (٤١٩) تقتضي الاستعجال؛ فهي التزام على المؤجر وفي الوقت ذاته تعد حقاً له؛ لحفظ ماله؛ إذ إن تأخير القيام بها يعرض المأجور لهلاك أو تلف، ومن أمثلة هذه الإصلاحات إصلاح جدار مائل، أو تقوية أساس واه، أو إيقاف تسريب في المياه يهدد سلامة المبنى ونحو ذلك. وأما الإصلاحات الضرورية للانتفاع بالمأجور إذا لم تكن ضرورية لحفظه، مثل إصلاح عطل في المصعد أو في بوابة كراج السيارة ونحو ذلك؛ فهذه حق للمستأجر، له أن يلزم المؤجر بها ولكنها ليست التزاماً عليه؛ فللمستأجر أن يمنع المؤجر من القيام بها أثناء مدة الإيجار؛ ما دامت غير ضرورية لحفظ المأجور من ضرر يصيبه إذا تأخر تنفيذها. قررت الفقرة الأولى التزام المستأجر بعدم منع المؤجر من القيام بالإصلاحات الضرورية متى تحقق شرطان: الشرط الأول: أن تكون هذه الإصلاحات ضرورية لحفظ المأجور، ولا يتحقق في الإصلاحات هذا الوصف ولو كانت ضرورية للانتفاع بالمأجور - إذا كان يمكن إرجاؤها إلى ما بعد انتهاء عقد الإيجار دون خطر يهدد المأجور، وعلى المؤجر عبء إثبات أن هذه الإصلاحات ضرورية لحفظ المأجور. والشرط الثاني: أن يعلم المؤجر المستأجر قبل البدء فيها بمدة معقولة. ومتنى تحقق الشرطان جاز للمؤجر أن يقوم بهذه الأعمال ولو مع معارضة المستأجر، ولو أدى ذلك إلى إخلاء المأجور أو جزء منه، ويجب على المؤجر أن يبذل العناية الواجبة وبما يقتضيه ممارسة هذا الحق بحسن نية دون تعسف؛ فيختار أيسر سبيل لإجرائها، ولا يستغرق إلا المدة اللازمة لذلك دون إبطاء؛ حتى لا يلحق المستأجر إلا أقل ضرر ممكن. وقررت الفقرة الثانية أنه إذا جاز للمؤجر القيام بالإصلاحات الضرورية لحفظ المأجور؛ فللمستأجر الحق في طلب الفسخ أو إنقاص الأجرة بقدر النقص في الانتفاع؛ لأن نقص الانتفاع يقابله نقص الأجرة، وتجري على طلب الفسخ القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة أن ترفض طلب الفسخ إذا كان النقص في الانتفاع غير جسيم وفق ما قررته المادة (۱۰۷). وليس للمستأجر طلب التعويض عما لحقه من ضرر بسبب نقص الانتفاع، ما لم يكن إجراء هذه الإصلاحات بسبب خطأ المؤجر أو تقصيره، كما لو كانت نتيجة تلف حصل بفعله، أو استغرقت أكثر من المدة اللازمة.

تقرر المادة التزام المستأجر - عند انتهاء عقد الإيجار - برد المأجور بالحال التي تسلمه بها عند ابتداء عقد الإيجار وهذا يقتضي رد المأجور نفسه الذي تسلمه المستأجر؛ فلا يجوز له أن يرد للمؤجر دون رضاه شيئاً آخر، ولو كان أفضل من المأجور، كما يقتضي ذلك رد كامل ما تسلمه من المأجور وملحقاته، وبحاله وصفاته التي تسلمها؛ فإذا اختلفت حالة المأجور وقت الرد عن حالته وقت التسلم ، عُدّ المستأجر مخلاً بالتزامه ويستثنى من ذلك التغير في حالة المأجور الذي يقتضيه الاستعمال المعتاد. وهذا الالتزام يحتم أن تعرف حالة المأجور وقت تسلمه، وعبء الإثبات على المستأجر؛ فعليه أن يثبت عند الرد أن حالته وقت الرد كحالته وقت تسلمه، ويفترض - إذا لم يثبت المستأجر خلاف ذلك أن المستأجر تسلم المأجور في حالة سليمة؛ ومسوغ هذا الافتراض أن المؤجر ملتزم وفقاً للمادة (٤١٦) أن يسلم المأجور في حالة صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة كاملة؛ فإذا كان المستأجر قد تسلمه في حالة دون ذلك فقد كان من السهل عليه أن يثبت ذلك؛ إما بمحضر تسلم أو بوصفه عند العقد؛ فإذا لم يفعل؛ اعتبر ذلك قرينة على أنه تسلم المأجور بحالة سليمة، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس بأي طريق من طرق الإثبات. وإذا كانت حالة المأجور عند الرد تختلف عن حالته عند التسلم؛ إما لاختلافه عن الحالة المثبتة عند تسلمه أو لعدم تمكن المستأجر من إثبات أنه تسلم المأجور في حالة غير سليمة؛ فتقوم المسؤولية على المستأجر ؛ فإذا كان المأجور عند الرد قد تغير بهلاك أو تلف أو تعيب، كأن يرد المستأجر المأجور ونوافذه مكسورة؛ فيعد مخلاً بالتزامه وهذا الالتزام يتصل بالتزامه بالمحافظة على المأجور، وهو التزام ببذل عناية؛ ولذا يستطيع المستأجر أن يتخلص من المسؤولية إذا هو أثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد في المحافظة على المأجور، أو أثبت أن هذا التغير بسبب الاستعمال المعتاد؛ فإذا لم يستطع أن يثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد ولا أن التغير بسبب الاستعمال المعتاد، أو أثبت المؤجر أن المستأجر لم يبذل عناية الشخص المعتاد فيبقى للمستأجر طريق آخر للتخلص من المسؤولية بأن يثبت أن التغير حصل بسبب لا يد له فيه كقوة قاهرة أو قدم المأجور، كما لو أثبت أن تكسر الزجاج بسبب برد أصابه. ويجدر التنبه إلى أن الالتزام برد المأجور بالحال التي تم تسلمه بها يتضمن في حقيقته التزامين؛ التزاماً برد المأجور ذاته، والتزاماً برده بالحال التي تسلمه بها، والالتزام الثاني تنتفي المسؤولية فيه عن المستأجر كما سبق - متى أثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد أو أن التغير بسبب الاستعمال المعتاد أو أثبت السبب الأجنبي؛ لكون هذا الالتزام التزاماً ببذل عناية، وأما الالتزام الأول وهو رد المأجور ذاته؛ فهو التزام بتحقيق غاية؛ فلو رد المأجور دون بعض ملحقاته، أو كان المأجور منقولاً وضاع؛ فتقوم المسؤولية على المستأجر حينئذ ، ولا يمكنه التخلص منها بإثبات أنه بذل عناية الشخص المعتاد أو أنه استعمله الاستعمال المعتاد ؛ بل لا بد أن يثبت السبب الأجنبي؛ كأي التزام بالتسليم أو بالرد؛ وفقاً للقواعد العامة. ويكون رد المأجور إذا كان معيناً بالذات في المكان الذي يوجد فيه وقت إبرام العقد، وإذا كان معيناً بالنوع ففي مكان إبرام العقد، ما لم يوجد اتفاق بخلاف ذلك؛ تطبيقاً للقاعدة العامة المقررة في المادة (۲۷۷). وبينت الفقرة الثانية الجزاء المترتب على تأخر المستأجر في رد المأجور، وهو أن يتحمل تعويضاً من شقين: الأول: أجرة المثل عن المدة ما بين انتهاء عقد الإيجار إلى حين الرد، وقد تكون مثل الأجرة المقدرة في العقد أو أقل أو أكثر، وتدفع على سبيل التعويض وليست أجرة في العقد. والثاني: تعويض المؤجر عما لحقه من ضرر بسبب تأخر المستأجر في الرد، مثل مصروفات المطالبة التي تكبدها المؤجر في مطالبة المستأجر بالرد.

تستكمل المادة أحكام رد المأجور، فبعد أن قررت المادة (٤٣٥) وجوب رد المأجور بالحال التي تسلمه بها المستأجر، جاءت هذه المادة لتبين حكم ما أحدثه في المأجور من بناء أو غراس، ولا يَخلُو الأمر من فرضين:

الفرض الأول: أن يكون بين المؤجر والمستأجر اتفاق صريح أو ضمني على مال البناء أو الغراس الذي أحدثه المستأجر بعد انتهاء عقد الإيجار؛ فيجب العمل بهذا الاتفاق، سواء كان البناء أو الغراس لمنفعة المأجور أو لمنفعة المستأجر، كما لو جرى الاتفاق أو العرف على أن يترك المستأجر ما أحدثه للمؤجر بلا عوض، أو أن المؤجر يعوضه عنها بقيمتها عند الرد.

ودلت المادة (٤٣٣) على أن من صور الاتفاق الضمني ما إذا أذن المؤجر للمستأجر بإحداث بناء أو غراس لمنفعة المأجور، و هو ما يتلاءم مع رغبات عامة المستأجرين، وليس لمنفعة المستأجر، فيعد ذلك توكيلاً ضمنياً من المؤجر للمستأجر بالبناء أو الغراس و يحق للمستأجر عندئذٍ تملك الغراس أو البناء، ولو لم يشترط الرجوع بعوضٍ على المؤجر، مادام أنه لم يتلف المأجور. ولو كان قد اشترط عليه المؤجر إزالة ما بناه المستأجر بعد انتهاء عقد الإيجار، و يكون ما بناه المستأجر أو غرَسه ملكاً للمؤجر، ليس للمستأجر إزالته بعد انتهاء عقد الإيجار، و ليس للمؤجر إلزام المستأجر بإزالته.

الفرض الثاني: أن لا يكون بينهما اتفاق صريح ولا ضمني على مال البناء أو الغراس بعد انتهاء عقد الإيجار، كان يحدث المستأجر بإذن المؤجر أو بغير إذنه بناءً أو غراساً لمنفعته الشخصية وليس لمنفعة المأجور دون أن يكون بينهما اتفاق على بقاء ما أحدثه بعد انتهاء عقد الإيجار، كما لو قام مستأجر المحل التجاري بتقسيمه بما يتناسب مع طبيعة نشاطه، فلا يعد إذن المؤجر في هذه الحالة موافقة ضمنية على بقاء ما أحدثه بعد انتهاء عقد الإيجار، لأن كون هذا البناء أو الغراس يتلاءم مع منفعة المستأجر الشخصية ولا يتلاءم مع رغبات عامة المستأجرين قرينة على أن المؤجر لم يقصد بهذا الإذن بقاء البناء أو الغراس، ما دام لا يوجد بينهما اتفاق صريح أو ضمني يدل على ذلك.

ويلحق بهذا الفرض أيضاً إذا أحدث المستأجر بناء أو غراساً لمنفعة المأجور بلا إذن من المؤجر؛ ووجه ذلك أن المستأجر ملتزم برد المأجور بالحال التي تسلمه بها؛ فإذا أحدث بناءً أو غراساً بدون إذن المؤجر، فقد أخل بهذا الالتزام.

وقررت الفقرة الأولى من المادة حكم هذا الفرض الثاني؛ وهو أنه إذا لم يكن بين المتعاقدين اتفاق صريح أو ضمني على بقاء ما أحدثه المستأجر من بناء أو غراس،

فللمؤجر الحق عند انتهاء عقد الإيجار في أن يختار أحد خيارين:

الخيار الأول: أن يطلب إزالة البناء أو الغراس الذي أحدثه المستأجر على نفقته، مع التعويض إذا كان له مقتض كما لو ترتب على البناء أو الغراس إضرار بالمأجور.

والخيار الثاني: أن يُبقي البناء أو الغراس، ويدفع للمستأجر تعويضاً بقدر أقل القيمتين:

أ- قيمتها مستحقة الإزالة، و هي قيمة الاقتضاض منها نفقات الهدم، وذلك لأن من حقه أن يطلب إزالتها، فله أن يستبقيها بقيمتها مستحقة الإزالة.

ب- قيمة الزيادة التي حصلت في المأجور بسبب البناء أو الغراس.

ويُلحظ هنا أن التعويض الذي يلتزم بدفعه المستأجر ليس على قواعد الإثراء بلا سبب؛ إذ لا تطبق قواعد الإثراء بلا سبب؛ لزام المؤجر أن يدفع أقل القيمتين: قيمة ما أثّرى به و هو القيمة في الفقرة (ب)، وقيمة ما أنفقه ما أنفقه المستأجر وهي نفقات المواد و أجرة العمل، وهي أعلى من القيمة في الفقرة (أ).

والسبب في العدول عن قواعد الإثراء بلا سبب هو أن المستأجر ملزم برد المأجور بالحال التي تسلمه بها؛ فإذا ما حصل على موافقة صريحة أو ضمنية من المؤجر على بقاء البناء أو الغراس فيه، فقد عاد للنظام مخلّاً بالتزامه، ومن ثم يُعامل فيما استبقى منها بعد انتهاء عقد الإيجار معاملة المحدث سيء النية.

وقررت الفقرة الثانية حق المؤجر في أن يطلب إزالة البناء أو الغراس إذا كان له يترتب على إبقائه ضرر بالمأجور، ولو اعترض المؤجر على تلك الإزالة لأنها ملكه، والمالك لا يُمنع من ملكه ما دام لا يلحق ضرراً بالغير.

وما تضمنته المادة يتفقها مع ما قررته القاعدة العامة في الاتصاق الواردة في المادة (٦٥٠).

تتناول المادة حكم الإيجار من الباطن، وحكم تنازل المستأجر عن عقد الإيجار للغير، والفرق بينهما أنه في الإيجار من الباطن يوجد عقدان مستقلان؛ عقد إيجار أصلي بين المؤجر والمستأجر، وعقد إيجار من الباطن بين المستأجر الأصلي ومستأجر آخر، ويحدد العلاقة بين المستأجر الأصلي والمستأجر من الباطن عقد الإيجار من الباطن وهو قد يختلف عن العقد الأصلي في المدة أو مقدار الأجرة أو شروط العقد، وتبقى الحقوق والالتزامات بمقتضى العقدين - عقد الإيجار الأصلي وعقد الإيجار من الباطن قائمة بين أطرافها. وأما التنازل عن العقد فلا يوجد إلا عقد واحد وهو عقد الإيجار الأصلي بين المؤجر والمستأجر؛ فيتنازل المستأجر عن حقوقه والتزامه في هذا العقد إلى المتنازل له، وتصبح هذه الحقوق والالتزامات بين المؤجر المتنازل لديه والمستأجر الجديد المتنازل له. والأصل هو جواز الإيجار من الباطن، وجواز التنازل عن العقد للغير، سواء كان التنازل بعوض أو بغير عوض. وقررت المادة عدم جواز قيام المستأجر بإيجار المأجور من الباطن، أو التنازل عن عقد الإيجار إلى الغير إلا بموافقة المؤجر سواء بإذن سابق للتصرف أو بإجازة لاحقة له؛ ذلك لأن عقد الإيجار وإن لم يكن قائماً على الاعتبار الشخصي من حيث الأصل؛ إلا أن شخص المستأجر يكثر أن يكون ملحوظاً فيه؛ فلاعتبارات عملية اتجه النظام إلى تقييد حق المستأجر بهذا الخصوص وفي الوقت نفسه التوسع فيما تكون فيه الموافقة وفق ما سيأتي؛ إذ القاعدة المقررة في المادة لا تعدو أن تكون مكملة لإرادة المتعاقدين في حال عدم ما يدل على خلافها؛ فإذا تبين من ظروف التعاقد ما يدل على أن المؤجر نزل عن هذا الحق ولم يكن شخص المستأجر ملحوظاً له عند التعاقد فيسقط حقه في المنع. فإطلاق الإذن في المادة يدل على صحة أن تكون موافقة المؤجر عند إبرام عقد الإيجار من الباطن أو عند إبرام عقد التنازل حيث يكون المؤجر عالماً بشخص المستأجر من الباطن أو المتنازل له، كما يصح أن تمنح الموافقة مقدماً عند إبرام عقد الإيجار الأصلي أو بعده في اتفاق لاحق، ولو لم يكن المؤجر عالماً بشخص المستأجر من الباطن أو المتنازل له عند الموافقة، كما يصح أن تكون الموافقة بإجازة لاحقة بعد إبرام عقد الإيجار من الباطن أو التنازل؛ فينفذ ذلك العقد في حق المؤجر لا من وقت الإجازة؛ بل من وقت إبرام ذلك العقد. ولا يشترط للموافقة شكل معين فيصح أن تكون مكتوبة أو مشافهة، كما يصح أن تكون صريحة أو ضمنية سواء كانت سابقة أو لاحقة للتصرف؛ فمن صور الموافقة الضمنية السابقة أن يجري التعامل بين المتعاقدين أو عرف جهة معينة على أن عدم تصريح المؤجر بالشرط المانع عند التعاقد دليل موافقته على ذلك، ومن صور الموافقة الضمنية اللاحقة أن تمضي مدة طويلة على عقد الإيجار من الباطن أو التنازل مع علم المؤجر به دون اعتراض منه، أو أن يقبض الأجرة من المستأجر من الباطن أو من المتنازل له. ويصح أن تكون الموافقة ضمنية ولو اشترط المؤجر أن تكون كتابة؛ لأن المؤجر يجوز له أن يعدل عن أي شرط شرطه في العقد، وهو إنما اشترط الكتابة للإثبات لا لصحة الموافقة، وعلى المستأجر عبء إثبات ذلك. ونطاق المنع في المادة لا يشمل التصرفات والأعمال التي لا تعد إيجاراً من الباطن أو تنازلاً عن العقد؛ فلا يشمل ما لو ما لو قام المستأجر بإعارة المأجور للغير، أو أسكن معه صديقاً دون أن يكون مستأجراً، أو أسكن فيه قريبه أو أحداً من أتباعه بدلاً عنه، أو أدخل معه شركاء في استغلال المأجور ما داموا غير مستأجرين من الباطن، وجميع ذلك ما لم يوجد شرط مانع من هذه التصرفات. ويراعى فيما قررته المادة ألا يكون المؤجر متعسفاً في استعمال حقه في منع المستأجر من الإيجار من الباطن أو التنازل عن العقد، ومن صور التعسف ما نصت عليه الفقرة (٢/ب) من المادة (۲۹): (إذا كانت المنفعة من استعماله - أي الحق لا تتناسب مطلقاً مع ما يسببه للغير من ضرر) ، فلو جدت حاجة للمستأجر في الإيجار من الباطن أو التنازل عن العقد، وتبين أن المؤجر ليست له أية مصلحة في منع المستأجر منه، وإنما يتمسك بهذا الحق تعنتاً، ولم يكن بينهما شرط مانع؛ كان للمحكمة وفق تقديرها أن تمنع المؤجر من التعسف في استعمال حقه وأن ترخص للمستأجر في الإيجار من الباطن، أو أن ترخص له في التنازل مادام متضامناً مع المتنازل له في التزامه وفق ما قررته المادة (٢٥٦). وتقرير المادة أن الإيجار من الباطن أو التنازل يرد عليه الإذن والإجازة، يدل على أن المنع ليس من النظام العام، وأن الجزاء المترتب على المخالفة ليس البطلان؛ لأن العقد الباطل لا يقبل الإجازة؛ وإنما يعد المستأجر بمخالفته مخلاً بالتزامه في العقد؛ وتسري على ذلك القواعد العامة؛ فللمؤجر طلب التنفيذ العيني؛ بأن يطلب أن يخلي المستأجر من الباطن أو المتنازل له المأجور، وللمؤجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد الأصلي المبرم بينه وبين المستأجر الأصلي، وتسري على ذلك أحكام الفسخ القضائي؛ فللمحكمة وفق تقديرها أن ترفض طلب الفسخ وتكتفي بإلزام المستأجر من الباطن أو المتنازل له بإخلاء المأجور إذا كان ما حصل من إخلال لا يستوجب الفسخ، وأما إذا كان في العقد الأصلي شرط فاسخ؛ فليس للمحكمة أن ترفض طلب الفسخ حينئذ؛ إعمالاً للشرط الفاسخ، وتقتصر سلطتها في التحقق من وقوع الشرط الذي علق عليه الفسخ. وسواء طلب المؤجر التنفيذ العيني أو الفسخ فله مطالبة المستأجر بالتعويض عما أصابه من ضرر بسبب إخلاله بالتزامه.

لما قررت المادة (437) جواز قيام المستأجر بالإيجار من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار إذا كان ذلك بإذن المؤجر أو إجازته؛ جاءت هذه المادة لتقيد تصرف المستأجر المأذون له بالإيجار من الباطن أو بالتنازل بقيود المنفعة التي له بمقتضى عقد الإيجار الأصلي، من حيث النوع والزمان؛ فلا يجوز للمستأجر المأذون له بالإيجار من الباطن أن يؤجر لآخر ما يخرج عن حدود نوع المنفعة أو زمانها، فمن استأجر عقاراً للسكن الشخصي مدة سنة، ليس له أن يؤجره من الباطن كشقق فندقية؛ لأن ذلك يخرج عن حدود نوع الانتفاع المتفق عليه، كما لا يجوز له أن يؤجره للغير للسكن الشخصي لأكثر من سنة؛ لأنه خارج حدود المنفعة من حيث الزمان. وإذا خالف المستأجر وأبرم عقد إيجار من الباطن أو تنازل عن العقد للغير خارج حدود نوع الانتفاع المتفق عليه مع المؤجر ؛ فيعد المستأجر مخلاً بالتزامه، وتسري على ذلك القواعد العامة؛ فللمؤجر طلب التنفيذ العيني؛ بأن يطلب أن يخلي المستأجر من الباطن أو المتنازل له المأجور، وللمؤجر أيضاً أن يطلب فسخ العقد الأصلي المبرم بينه وبين المستأجر الأصلي، وتسري على ذلك أحكام الفسخ القضائي؛ فللمحكمة وفق تقديرها أن ترفض طلب الفسخ وتكتفي بإلزام المستأجر من الباطن أو المتنازل له بإخلاء المأجور إذا كان ما حصل من إخلال لا يستوجب الفسخ. وإذا أبرم المستأجر عقد إيجار من الباطن تزيد مدته على مدة العقد الأصلي؛ لم ينفذ عقد الإيجار من الباطن في المدة الزائدة في حق المؤجر إلا إذا أجازه، وتعد الإجارة عن المدة الزائدة التي أجازها المؤجر إجارة مستقلة عن عقد الإيجار من الباطن انعقدت مباشرة بين المؤجر والمؤجر من الباطن.

تتناول المادة الأثر المترتب على تنازل المستأجر عن عقد الإيجار للغير، وهو أن المستأجر المتنازل له يحل محل المستأجر المتنازل في جميع الحقوق والالتزامات المترتبة بموجب عقد الإيجار المتنازل عنه؛ وذلك لأن المستأجر المتنازل إذا تنازل عن عقد الإيجار لآخر انتقلت صفته في العقد المتنازل عنه بما له من حقوق والتزامات؛ لتصبح العلاقة بين المؤجر المتنازل لديه والمستأجر المتنازل له. فبالتنازل عن عقد الإيجار ينقل المستأجر المتنازل حقوقه قبل المؤجر المتنازل لديه؛ فلا يكون دائناً له لا بتسلم المأجور ، ولا بالإصلاحات الضرورية، ولا بضمان التعرض ولا بضمان العيوب الخفية، ويكون الدائن بهذه الحقوق هو المستأجر المتنازل له، وينقل المستأجر المتنازل أيضاً التزاماته تجاه المؤجر المتنازل لديه؛ فلا يكون مديناً له بأداء الأجرة، ولا بالمحافظة على المأجور، ولا بصيانته الصيانة المعتادة، ولا باستعماله الاستعمال المعتاد، ولا برده، ويكون المدين بهذه الالتزامات هو المستأجر المتنازل له. ويراعى في ذلك ما تضمنته المادة (٢٥٦) من القواعد العامة، وهو أنه إذا وافق المتنازل لديه على التنازل برئ المتنازل تجاه المتنازل لديه بالنسبة إلى المستقبل، وأما الالتزامات التي سبقت التنازل فلا يبرأ المستأجر المتنازل منها؛ مثل أجرة المدة السابقة للتنازل، وأي تعويضات مستحقة للمؤجر عن إخلال المستأجر بأي من التزاماته قبل التنازل. ويترتب على التنازل عن عقد الإيجار طبقاً للقواعد العامة الواردة في المادة (٢٥٧) أن يكون للمستأجر المتنازل له أن يحتج تجاه المؤجر المتنازل لديه بالدفوع المتعلقة بالدين؛ كالدفع بانقضاء الدين أو البطلان أو الفسخ، إلا أنه ليس للمستأجر المتنازل له أن يحتج بالدفوع الخاصة بشخص المستأجر المتنازل كالدفع بالمقاصة أو اتحاد الذمة. وفي المقابل يجوز للمؤجر المتنازل لديه أن يحتج بجميع الدفوع تجاه المستأجر المتنازل له التي كان للمؤجر المتنازل لديه أن يحتج بها تجاه المستأجر المتنازل، والعلة في ذلك أن التنازل عن العقد انتقال لأحكامه ومضامينه بين الدائن والمدين، فتنتقل معها صفاته ودفوعه.

تقرر الفقرة الأولى من المادة انتهاء عقد الإيجار بانقضاء مدته المعينة في العقد، ويستثنى من ذلك ما إذا اتفق المتعاقدان على تجدده تلقائياً؛ فحينئذ يعد العقد مجدداً بعد انقضاء المدة المعينة فيه، فإذا أجر شخص منزله لآخر مدة سنة واتفق المتعاقدان على تجدده تلقائياً فلا ينتهي العقد بانتهاء السنة الأولى بل يتجدد تلقائياً. ويكثر في الواقع العملي الاتفاق على أن العقد يتجدد تلقائيا ما لم يشعر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبته في التجديد قبل مدة محددة من انتهاء العقد كشهر ونحوه، فإذا تأخر أحد الطرفين حفي الإشعار بعدم الرغبة في التجديد حتى مضت المدة المحددة عد العقد مجدداً في حقه بعد انتهاء العقد القائم، ولزمه العقد الجديد. ولما قررت الفقرة الأولى وقت انتهاء عقد الإيجار جاءت الفقرتان الثانية والثالثة لمعالجة أحكام استمرار المستأجر في الانتفاع بالمأجور بعد انتهاء عقد الإيجار، فقررت الفقرة الثانية أنه إذا كان استمرار المستأجر في الانتفاع بالمأجور بعد نهاية المدة مبنياً على رضى المؤجر الصريح، كما لو طلب المستأجر من المؤجر بعد انتهاء العقد الاستمرار في الانتفاع بالمأجور فصرح بالموافقة على الاستمرار، أو كان استمرار المستأجر برضا المؤجر الضمني كما لو انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر حائزاً للمأجور بنية التجديد دون اعتراض من المؤجر مع علمه بذلك، ففي هاتين الحالتين الموافقة الصريحة والضمنية يعد العقد مجدداً بشروطه وضماناته المثبتة في العقد الأصلي. مثال ذلك: لو كان المؤجر أو المستأجر قد قدم في العقد الأصلي رهناً رسمياً أو حيازياً فينتقل هذا الرهن إلى العقد المجدد، إلا أن مدة العقد الجديد لا تكون كمدة العقد الأول؛ بل تطبق أحكام عقد الإيجار الذي لم يتفق المتعاقدان على مدته وفقاً لما هو مبين في المادة (4۱۳) فإذا كانت الأجرة عن وحدة زمنية محددة عُدَّ عقد الإيجار الجديد منعقدًا إلى نهاية تلك الوحدة الزمنية، وإلا تحددت مدة الإيجار في العقد الجديد بحسب العرف وظروف العقد. ويستثنى من انتقال الضمانات الضمانات التي قدمها الغير ؛ كما لو كان المؤجر أو المستأجر قدم كفيلاً شخصياً أو عينياً يضمن التزاماته في العقد الأصلي، فهذه الضمانات لا تنتقل إلى العقد المجدد إلا برضى من قدمها؛ فالعقد الجديد لا يرتب التزاماً على الغير دون رضاه. وجاءت الفقرة الثالثة لتقرير الحكم فيما لو لم يتجدد العقد وفقاً للفقرتين الأولى والثانية وكان المؤجر قد طلب من المستأجر زيادة معينة على الأجرة المحددة في العقد الأصلي، كما لو كانت الأجرة ستين ألف ريال سنوياً فطلب أن تكون سبعين ألف ريال سنوياً، فاستمر المستأجر حائزاً للمأجور بعد انتهاء العقد دون اعتراض على تلك الزيادة، فيعد عدم اعتراضه مع استمراره حائزاً للمأجور قبولاً ضمنياً منه بتجديد العقد بشروطه الأولى مع تلك الزيادة، فتلزمه تلك الزيادة في عقد جديد بشروط العقد الأصلي وضماناته عدا الضمانات المقدمة من الغير، وتبدأ مدة العقد الجديد من انتهاء العقد الأصلي، وتتعين مدته وفقا لما سبق في المادة (٤١٣) . أما إذا اعترض على الأجرة فلا يتجدد العقد ولو استمر حائزاً للمأجور، وتكون حيازته في هذه الحالة اعتداء منه على حق المؤجر إذ الواجب على المستأجر في هذه الحالة رد المأجور، فإن لم يرده لزمته أجرة المثل عن المدة من انتهاء العقد وحتى رد المأجور، وتعويض المؤجر عما يلحقه من ضرر بسبب تأخير الرد؛ تطبيقاً للمادة (٤٣٥).

تتناول المادة أثر موت أحد المتعاقدين على عقد الإيجار ؛ فقررت الفقرة الأول أن عقد الإيجار لا ينتهي بموت أحد المتعاقدين، وهذا يقتضي انتقال الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد إلى الورثة؛ إذ الأصل في عقد الإيجار عدم قيامه على الاعتبار الشخصي. وإذا كان المتوفى هو المؤجر فيبقى المستأجر ملتزما نحو الورثة بأداء الأجرة لهم، وتقسم عليهم الأجرة كل بمقدار نصيبه في الميراث، وفي المقابل يصبح الورثة بموت مورثهم ملتزمين بجميع التزاماته كمؤجر في حدود التركة، وينقسم عليهم من هذه الالتزامات ما هو قابل للانقسام كل بمقدار نصيبه في الميراث، كالتعويض الناشئ عن الضمان، وأما الالتزام الذي لا يقبل الانقسام كالالتزام بالتسليم والالتزام بضمان التعرض؛ فيبقى غير منقسم بينهم وتجري عليه القواعد العامة في الالتزام غير القابل للانقسام. وإذا كان المتوفي هو المستأجر ؛ فيكون ورثته ملتزمين نحو المؤجر بأداء الأجرة في حدود التركة، وتقسم الأجرة عليهم كل بمقدار نصيبه في الميراث، وكذلك الحال في الالتزامات الأخرى القابلة للانقسام، وفي المقابل للورثة استيفاء حقوق المستأجر من المؤجر، كل بمقدار نصيبه في الميراث، إلا فيما هو غير قابل للانقسام. وما سبق تقريره هو القاعدة العامة في انتهاء عقد الإيجار بموت أحد طرفيه؛ إلا أن المادة استثنت عدة حالات يجوز فيها للورثة طلب الفسخ بموت المستأجر أو المؤجر وهي: الحالة الأولى: إذا أثبت ورثة المستأجر أن أعباء العقد قد أصبحت بسبب موت مورثهم أثقل من أن تتحملها مواردهم من التركة أو أن العقد يتجاوز حدود حاجتهم، كما إذا كان المورث قد استأجر منزلاً بأجرة عالية نظرًا لمكانته الاجتماعية ثم مات، ولم يبق للورثة حاجة للمنزل، ولا يمكنهم دفع أجرته بعد أن انقطع عنهم كسب مورثهم ، لاسيما إذا كانت الأجرة تستنفد جزء كبيرًا مما ورثوه، فللورثة أن يطلبوا من المحكمة فسخ العقد على أن يكون ذلك خلال مدة معقولة من موت مورثهم. ولا يشترط اجتماع الأمرين كون الأعباء أثقل من أن تتحملها مواردهم، وزيادته عن الحاجة، بل يكفي تحقق أحدهما. والحالة الثانية: إذا أثبت ورثة المستأجر أن العقد أبرم بناء على اعتبارات تتعلق بشخص مورثهم، كما لو استأجر محام مكتباً أو طبيب عيادة ثم توفي، ففي هذه الأحوال يجوز للورثة التقدم للمحكمة بطلب فسخ العقد، بشرط أن يكون تقدمهم لها في مدة معقولة من موت مورثهم. ويخضع تحديد المدة المعقولة في الحالتين للعرف وظروف الحال. والحالة الثالثة: إذا كان المؤجر لم يؤجر المأجور إلا لاعتبار خاص بالمستأجر، كما لو أجر أرضاً زراعية لمهندس زراعي حاذق يقوم بإصلاحها ثم مات المستأجر، فإنه يجوز للمؤجر أن يطلب من المحكمة فسخ العقد.

تقرر المادة حق كل من المتعاقدين في التقدم إلى المحكمة بطلب فسخ عقد الإيجار إذا حدث له عذر طارئ متعلق به؛ كما لو كان المستأجر لمنزل مدة سنة يعمل في مدينة فصدر قرار بنقله إلى مدينة أخرى بعد مضي شهرين من بداية عقد الإيجار. ويشترط لفسخ عقد الإيجار بالعذر الطارئ وفقاً لما قررته المادة ثلاثة شروط: الشرط الأول: وجود العذر، والمراد به الحدث الذي يجعل تنفيذ الالتزام على المتعاقد مرهقاً لا مستحيلاً؛ فإن حدث أمر يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً بسبب لا يد للمتعاقد فيه؛ انفسخ العقد من تلقاء نفسه دون تعويض؛ وفقاً للقاعدة العامة في استحالة التنفيذ المقررة في المادة (110) ، وخرج بهذا القيد ما إذا حدث أمر بفعل المتعاقد فلا بعد عذراً؛ مثل أن يتقاعد الشخص من عمله باختياره؛ فيرغب بالانتقال إلى مدينة أخرى. والشرط الثاني: أن يكون العذر طارئاً، والمقصود ألا يكون بمقدور الشخص المعتاد توقعه، أما ما يمكن توقعه؛ فلا يعد أمراً طارئاً، فمثلاً خسارة المستأجر في تجارته لا تخول له فسخ عقد إيجار المحل التجاري. والشرط الثالث: أن يكون العذر متعلقاً بالمتعاقد، أي ليس من الحوادث الاستثنائية العامة؛ لأن الحوادث الاستثنائية العامة تطبق في شأنها المادة (97). وإذا استجابت المحكمة لطلب المتعاقد بفسخ العقد لزمه تعويض المتعاقد الآخر عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا الفسخ، فإذا كان المؤجر هو طالب الفسخ واستجيب لطلبه؛ فللمستأجر حبس المأجور تحت يده حتى يستوفي التعويض عن الضرر الناشئ عن الفسخ أو يحصل على ضمان كاف لتغطية التعويض. وتجري على التعويض لفسخ العقد بالعذر الطارئ القواعد العامة في التعويض عن الضرر؛ فيشمل التعويض ما لحق المتعاقد الآخر من خسارة بسبب الفسخ، وما فاته من كسب العقد الذي تم فسخه، وذلك بالقدر الذي لا يكون بمقدوره تفاديه ببذل الجهد المعقول الذي تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد. وإذا فسخ عقد الإيجار لم يكن للفسخ أثر رجعي؛ لأن الإيجار من العقود الزمنية؛ فتسري أحكام العقد وشروطه وأجرته إلى حين الفسخ، وتسري قواعد التعويض عما لحق المتعاقد من ضرر بسبب فسخ العقد قبل انتهاء مدته.

تقرر المادة صحة إيجار الأرض للزراعة، وتسري على عقد الإيجار القواعد العامة؛ فيشترط في محل العقد أن يكون ممكناً في ذاته وغير مخالف للنظام العام ومعيناً أو قابلاً للتعيين. وبينت المادة أن شرط تعيين المحل يتحقق بتعيين الأرض المؤجرة، ولا يلزم تعيين ما يزرع فيها؛ فيصح إيجار الأرض للزراعة سواء اتفق المتعاقدان على ما يزرع فيها، وفي هذه الحالة يلزم المستأجر التقيد بهذا الشرط، ويصح أن يكون العقد مطلقاً دون تعيين ما يزرع فيها؛ فيكون للمستأجر في هذه الحالة أن يزرع فيها ما يشاء.

تقرر المادة بطلان عقد إيجار الأرض للزراعة إذا كان عقد الإيجار منجزاً أي يبدأ من تاريخ العقد، وكانت الأرض عند العقد مشغولة بزرع لغير المستأجر لم يحن وقت حصاده، وكان شغل الأرض بالزرع بحق؛ وسبب البطلان تخلف شرط صحة المحل، وهو أن يكون ممكناً في ذاته؛ فمحل التزام المؤجر في هذه الحالة مستحيل في ذاته؛ إذ لا يمكنه أن يمكّن المستأجر من زراعة الأرض مادامت مشغولة بزرع الغير. وأما إذا كان الزرع قد بلغ حصاده، أو كان مزروعاً بغير حق، فيصح العقد حينئذ ويلزم صاحب الزرع بإزالته.

لما قررت المادة (4٤٤) بطلان إيجار الأرض للزراعة إيجاراً منجزاً إذا كانت مشغولة بزرع لغير المستأجر لم يبلغ حصاده وكان مزروعًا بحق، جاءت هذه المادة لتقرير صحة إيجار الأرض المشغولة بزرع إيجاراً مضافاً إلى أجل يتحقق فيه خلو الأرض من الزرع، كما لو كانت الأرض مشغولة بزرع لغير المستأجر وكان مزروعاً بحق، وسيحل وقت الحصاد بعد ثلاثة أشهر من العقد؛ فيصح العقد حينئذ. ويسري على العقد في هذه الحالة أحكام الالتزام المضاف إلى أجل المبين في المادة (٢٠٤).

تتناول المادة ما يشمله إيجار الأرض للزراعة؛ فقررت أنه إذا أجر شخص أرضاً للزراعة شمل الإيجار ملحقات الأرض الزراعية، كحقوق الارتفاق، مثل حق المرور والمسيل والمجرى، وما اتصل بها اتصال قرار كالمزروعات غير الناضجة والمضخات، والبيوت المحمية، وكل ما جرى العرف على أنه من توابعها، ولا يشمل العقد الأدوات كالمنجل والفأس والمنخل ولا الآلات الزراعية كالحراثة والحصادة ولا ما لا يتصل بالأرض اتصال قرار كالسيارة المركونة فيها؛ فهذه الأشياء لا يشملها عقد الإيجار إلا إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني بذلك، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف على شمول الإيجار لها.

تقرر المادة حق مستأجر الأرض للزراعة في زراعتها في جميع فصول السنة وذلك في حال ما إذا لم يعين في العقد جنس المزروع ونوعه، ولو كانت تضر بالأرض. ودلت المادة بمفهومها على أنه إذا عين في العقد نوع أو أنواع معينة من الزروع وكانت لا تزرع إلا في فصول معينة من السنة كان ذلك دليلاً على انصراف إرادة المتعاقدين إلى أن تكون الزراعة في تلك الفصول دون غيرها؛ ومن ثم فليس للمستأجر زراعة أنواع أخرى في فصول أخرى من السنة.

تقرر المادة حق المستأجر في البقاء في الأرض للزراعة بعد انتهاء مدة العقد حتى يتم الحصاد في حال ما إذا انتهت مدة الإيجار قبل حلول وقت الحصاد، بشرط أن يكون تأخر الحصاد راجعاً إلى سبب أجنبي لا يد للمستأجر فيه، وفي هذه الحالة يجب على المستأجر دفع أجرة المثل عن المدة التي بقي فيها. ومفهوم المادة أنه إذا انقضت مدة الإيجار قبل حلول وقت الحصاد وكان ذلك راجعاً إلى المستأجر، كما إذا تأخر في الزراعة فترتب على ذلك تأخر الحصاد فلا يجب على المؤجر تركه في الأرض.

لا يختلف عقد إيجار الأرض للزراعة من حيث الجملة عن غيره من عقود الإيجار من حيث التزامات المتعاقدين؛ فيلتزم المؤجر بتسليم الأرض صالحة لاستيفاء المنفعة المقصودة منها وتمكين المستأجر من ذلك طيلة مدة الإيجار، وبالإصلاحات الضرورية وبضمان التعرض، وبضمان العيوب الخفية، وفي المقابل يلتزم المستأجر بأداء الأجرة، وبالمحافظة على المأجور محافظة الشخص المعتاد، وباستعمال الأرض الاستعمال المعتاد، وبالصيانة المعتادة. وتتناول المادة ما يتعلق بالإصلاحات والصيانة في إيجار الأرض للزراعة ومن يلتزم بها من المتعاقدين. قررت الفقرة الأولى التزام المؤجر بالإصلاحات التي يتوقف عليها تمكن المستأجر من استغلال الأرض؛ مثل القيام بالإصلاحات الضرورية في المباني القائمة؛ مثل مباني العاملين، وإصلاح الأضرار الجوهرية في خزانات المياه ونحو ذلك. وقررت الفقرة الثانية التزام المستأجر بالصيانة التي يقتضيها استغلال الأرض كصيانة الآبار والسواقي ومصارف المياه والطرق، وإذا شمل عقد إيجار الأرض للزراعة الأدوات والآلات الزراعية؛ فيلتزم المستأجر بالصيانة المعتادة لهذه الأدوات والآلات وفق ما جرى به العرف وأن يكون استعماله لها الاستعمال المعتاد بحسب العرف. وبينت الفقرة الثالثة أن ما قررته الفقرتان (۱) و (۲) من أحكام إنما هو قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين في حال عدم وجود اتفاق بين المؤجر والمستأجر بخلاف ذلك، وأنه ليس من النظام العام؛ فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على تحديد أنواع الإصلاحات والصيانة التي يلتزم بها المؤجر أو المستأجر على خلاف ما هو مقرر في المادة فيتعين العمل به، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف أو تعامل المتعاقدين على خلاف ما قررته المادة فيعمل بما قضى به العرف أو عادة المتعاقدين. وجواز الاتفاق على تعديل التزامات المتعاقدين يتسق مع القواعد العامة المقررة في المادتين (۱۷۳)، (۱۷۴) بجواز الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية إلا ما يكون عن غش أو خطأ جسيم.

تقرر الفقرة الأولى من المادة حق المستأجر في التقدم إلى المحكمة بطلب إسقاط الأجرة كاملة في عقد إيجار الأرض للزراعة إذا هلك الزرع قبل حصاده بقوة قاهرة، كالمطر والبرد والحشرات التي تفتك بالزرع؛ وذلك لأن المستأجر لا يستوفي منفعة الأرض بمجرد إنتاجها الزرع، وإنما بحصاده والأجرة إنما تقابل منفعة الأرض، ولا تقابل إنتاج الأرض، فإذا لم يحصد المستأجر الزرع وهلك لم يكن مستوفياً للمنفعة. وجاءت الفقرة الثانية لتقرير حق المستأجر في التقدم إلى المحكمة بطلب إنقاص الأجرة في حال هلاك بعض الزرع بسبب القوة القاهرة إذا ترتب على ذلك الهلاك نقص كبير في ريع الأرض، فالعبرة هنا بنقص ريع الأرض لا بنقص كمية الزرع؛ فقد يكون المستأجر قد زرع جزءاً من الأرض فاكهة أو زهوراً وزرع الجزء الآخر محصولاً عادياً. ففي هذه الحالة قد لا يكون هلاك كل المحصول العادي من شأنه أن ينقص ريع الأرض نقصاً كبيراً ، وقد يكون هلاك نصف الفاكهة أو الزهور أو هلاك ثلثها من شأنه أن يصيب ريع الأرض بالنقص الكبير. وجاءت الفقرة الثالثة بالاستثناء من الفقرتين السابقتين وذلك بتقرير عدم أحقية المستأجر في طلب إسقاط الأجرة أو إنقاصها ما دام بإمكانه الحصول على تعويض عن الضرر الناشئ عن هلاك الزرع من أي جهة كانت؛ كشركات التأمين، أو إحدى الجهات الحكومية، ولا يسقط حق المستأجر إلا إذا كان التعويض يجبر ما أصابه من ضرر، أما إذا كان التعويض يسيراً لا يجبر الضرر؛ فيبقى حقه في طلب إنقاص الأجرة بالقدر الذي يجبر ما أصابه من ضرر.

تناولت المادة مفهوم عقد الإعارة، وهو من عقود التبرعات التي يُقصد بها الإحسان حيث لا يأخذ المعير عوضا عن الشيء المُعار، وبهذا يفترق عقد الإعارة عن عقد الإيجار، فعقد الإعارة وإن كان واردًا على منفعة الشيء كعقد الإيجار؛ إلا أنه يتم دون عوض، بخلاف عقد الإيجار الذي يتم مقابل أجرة، فيكون عقد معاوضة. ويشتبه عقد الإعارة بعقد الإيجار من وجه آخر ، وهو كونه محددًا بمدَّةٍ معينة يُرِدُّ بعدها محل العقد إلى صاحبه، سواء كان مؤجرًا أو مُعيرًا. وكما يشتبه عقد الإعارة بعقد الإيجار من أوجه ويفترق معه من وجه آخر، فإنَّه يشتبه مع عقد الهبة من وجه، وهو أنه من عقود التبرعات التي تتم دون عوض، ويفترق معه من وجه آخر ، وهو كونه واردًا على منفعة الشيء مع بقاء عينه في ملك المعير، بخلاف الهبة التي يملك الواهب فيها للموهوب له عين الموهوب، والذي يُمكنه من منفعته تبعا لذلك. وبينت المادة أن غاية عقد الإعارة تمكين المستعير من الانتفاع بشيء غير قابل للاستهلاك، مثل المركبات والمعدات والأواني، فإن كانت عينه تزول بالاستهلاك فلا تصح إعارته، مثل النقود والطعام. وبينت المادة التزام المعير في عقد الإعارة، وهو تمكين المستعير من الانتفاع بالشيء المعار عن طريق القبض، سواءً كان مالكًا أو نائبًا عن المالك، كالوكيل أو الولي أو الوصي، أو كان صاحب حق انتفاع، فله أن يُعير الشيء الذي تقرر له حق الانتفاع به، وتسري على تصرفات كل واحد من هؤلاء فيما يتعلق بالإعارة الأحكام العامة المقررة لتصرفات كل واحد منهم في النظام. ويجوز أن يكون المعير مالكًا لمنفعة الشيء المُعار ولو لم يكن مالكًا لعينه. وبينت المادة كذلك أن عقد الإعارة يتضمن مدة معينة أو غرضا معينا، وهو ما تناولته المادة (4٥٣) ، وأنه يرتب التزاماً على المستعير برد الشيء المعار بعد انتهاء المدة أو الغرض المعين. وتنطبق على عقد الإعارة جميع الأحكام العامة المتعلقة بالعقد، إلا ما كان منها خاصا بعقد الإعارة، كتوقف انعقاده على قبض الشيء المُعار، وهو ما بينته المادة (4٥٢).

بينت المادة شرط انعقاد الإعارة، وهو قبض الشيء المعار، ولا أثر للإعارة قبل القبض، فيجوز للمعير الرجوع عن الإعارة قبل القبض، فإذا قبض المستعير الشيء المعار صار العقد لازمًا لطرفيه وترتبت عليه جميع آثاره وأحكامه التي سيرد ذكرها في المواد الآتية، وحكم هذه المادة استثناء من الفقرة (۲) من المادة (94) من النظام والتي بينت أن الحقوق التي يُنشئها العقد تثبت فور انعقاده دون توقف على القبض أو غيره؛ ما لم يقض نص نظامي بخلاف ذلك؛ فنص هذه المادة يخصص تلك الفقرة، كما هو الحال في الهبة والقرض والإيداع دون أجر. ويكون القبض في كل شيء بحسب طبيعته، سواء كان القبض من المستعير نفسه أو قبض نائبه أو وكيل له في القبض أو وسيط عنه. ولم تشترط المادة للقبض التسليم والتسلم؛ فلو كان الشيء المعار في حيازة المستعير قبل العقد بإجارة أو إيداع أو غير ذلك وتمت الإعارة على أن يبقى المنقول في حيازة المستعير فيكفي ذلك في تحقق القبض. واشتراط القبض لانعقاد الإعارة لا يغني عن توفر أركان العقد وشروطه الموضوعية، وفق ما هو مبين في القواعد العامة.

تقدم في تعريف عقد الإعارة في المادة (٤٥١) بأنها تكون لمدة معينة أو لغرض معين، أي أن مدة الإعارة قد يتم تعيينها صراحة بذكر المدة أو ضمناً بتعيين الغرض الذي من أجله تمت الإعارة؛ فبينت الفقرة الأولى أنه إذا صرح في عقد الإعارة بمدة الإعارة أو بالغرض الذي من أجله استعار المستعير الشيء المعار؛ فيلتزم المستعير برد الشيء المُعار بعد انتهاء المدة المعينة أو انتهاء المدة المعتادة للانتفاع بالشيء المعار في ذلك الغرض المذكور، ولا يلزمه رد الشيء المعار قبل ذلك. فلو استعار شخص من آخر سيارة، وحدد للإعارة أجل معين، فإن المستعير يلتزم برد السيارة في ذلك الأجل، ولو استعار شخص من آخر كتابًا ليستفيد منه في بحث موضوع معين ولم يتفق المتعاقدان على أجلٍ لانتهاء الإعارة؛ فإنَّ الأجل يتحدد بالمدة المعتادة للانتفاع بالكتاب لبحث هذا الموضوع وفقًا للغرف، تحقيقا للقاعدة الكلية (العادة محكمة)، ويرجع تقدير ذلك إلى المحكمة. وبينت الفقرة الثانية من المادة أنه إذا لم يعين للإعارة أجل أو غرض؛ فإن المستعير يلتزم برد الشيء المعار عند طلب المعير ، مراعاة لكون العقد يُقصد به الإحسان والبر من جانب المعير، إلا إذا ترتب على رد الشيء المُعار عند طلب المعير ضرر على المستعير، فللمستعير أن يستبقي الشيء المُعار حتى انتهاء المدة المعتادة لاستعارة ذلك الشيء، كما لو أعار شخص لآخر جهاز حاسوب، ولم يتفقا على الأجل أو الغرض من الإعارة، وتعاقد المستعير مع جهة لإنجاز بعض الأبحاث أو التصاميم من خلال هذا الجهاز، لمدة معقولة وفقًا للمعتاد في استعارة مثل هذا الجهاز، ثم طلب المعير من المستعير رد هذا الجهاز ، وكان رد الجهاز يضرُّ بالمستعير ويمنعه من الوفاء بالتزامه نحو تلك الجهة، فله أن يستبقي هذا الجهاز حتى انتهاء المدة المعتادة لاستعارة مثل هذا الجهاز. وبينت المادة أن المستعير إذا تجاوز المدة المعتادة للانتفاع بالشيء المعار يلزمه أجرة المثل عن المدة الزائدة عن الانتفاع المعتاد. ويرجع تقدير الضرر وزواله وأجرة المثل إلى المحكمة، وتسترشد فيه بالعرف المعتاد، تحقيقا للقاعدة الكلية: المعروف عُرفًا كالمشروط شرطًا.

تتناول المادة ما يتعلق بالتزام المعير بضمان استحقاق الشيء المعار أو خلوه من العيب؛ فقررت أن المعير لا يضمن استحقاق الشيء المعار، كما لا يضمن خلوه من العيوب؛ لأن المعير متبرع؛ فلا يجمع له بين التبرع والضمان؛ فلا يكون ملزماً بتعويض المستعير عن النقص في قيمة الشيء المعار بسبب الاستحقاق أو العيب؛ ولكنه يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يسببه الاستحقاق أو العيب بالمستعير في حالتين: الحالة الأولى: إذا تعمد المعير إخفاء سبب الاستحقاق أو العيب عن المستعير. والحالة الثانية: إذا ضمن المعير للمستعير خلو الشيء المعار منهما. ففي هاتين الحالتين يضمن المعير ما يسببه الاستحقاق أو العيب من ضرر بالمستعير ولا يضمن النقص في الشيء المعار بسبب أي منهما. مثال ذلك: أن يعير شخص لآخر رافعة بناء معيبة؛ فلا يضمن المعير هذا العيب، وإذا استعملها المستعير وترتب على ذلك العيب سقوطها على بعض ممتلكات المستعير وإتلافها لها؛ فلا يضمن المعير ذلك التلف إلا إذا كان قد تعمد إخفاء العيب عن المستعير، أو كان قد ضمن له خلو الرافعة من العيب؛ ففي هاتين الحالتين يلزمه أن يعوض المستعير عن التلف الذي لحق بممتلكاته بسبب سقوط الرافعة لا عن عيب الرافعة نفسها. وأحكام ضمان الاستحقاق والعيب في عقد الإعارة كغيره من العقود ليست من النظام العام إجمالاً، وتسري عليها القواعد العامة في تعديل أحكام المسؤولية العقدية المقررة في المادتين (۱۷۳ ، ١٧٤) بجواز الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية إلا ما يكون عن غش أو خطأ جسيم؛ فيجوز الاتفاق على زيادة ضمان المعير مثلاً؛ كأن يتفق على ألا يقتصر ضمان المعير للاستحقاق أو العيب على الضرر الذي يسببه أي منهما بل يشمل نقص قيمة الشيء المعار بسبب الاستحقاق أو العيب؛ أو أن يلتزم باستبداله.

بينت المادة أن عقد الإعارة يرتب التزاماً على المستعير بالمحافظة على الشيء المعار، وأن معيار ذلك أن يبذل في المحافظة على الشيء المعار العناية التي يبذلها في المحافظة على أمواله، لأن الشيء المُعار أمانةٌ في يده على ألا ينزل عن العناية التي يبذلها الشخص المعتاد على الوجه المألوف في حفظ المال، وعند إخلاله بهذا الالتزام تطبق قواعد المسؤولية العقدية الواردة في الأحكام العامة للعقد، ولأطراف العقد الاتفاق على تخفيف أو تشديد المسؤولية أو تقييد استعمال الشيء المعار. وما تضمنته المادة يعد استثناء من الأصل العام المقرر في المادة (١٦٨) ونصها: إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء ... فإنه يكون قد أوفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود ما لم يقض نص نظامي بخلاف ذلك). والنص النظامي هنا شدد في مسؤولية المستعير مقارنة بالأصل العام؛ فليس للمستعير فيما لو زادت العناية التي يبذلها في المحافظة على ماله على عناية الشخص المعتاد أن ينزل عن عنايته في المحافظة على ماله.

تناولت المادة ثلاث التزامات على المستعير، وهي: 1 - النفقات اللازمة لاستعمال الشيء المعار؛ فهذه يتحملها المستعير، ولا يرجع بها على المعير، مثل مصروفات البنزين السيارة، ومصروفات تشغيل الآلة الزراعية. 2- نفقات الصيانة المعتادة للشيء المعار؛ كإجراء أعمال الصيانة الدورية المعتادة للمركبة حال استعارتها، أو النفقة المطلوبة للحفاظ على الكتاب المخطوط حال استعارته وأما نفقات الإصلاحات الضرورية؛ كالأعطال الطارئة إذا كانت بسبب لا يد للمستعير فيه؛ فهذه يتحملها المعير ، ويرجع بها المستعير على المعير فيما لو أنفقها. 3 - نفقات رد الشيء المُعار للمعير ؛ لأن المستعير هو المدين بهذا الالتزام. ووفقاً لما تضمنته المادة (٤٥٣) فإن المستعير ملتزم برد الشيء المعار، ويشمل ذلك رد الشيء المعار ذاته، مع ما يتصل به من ملحقات وتوابع، ويرده بالحال التي كان عليها وقت تسلمه إلا ما يقتضيه الاستعمال المعتاد. ويكون رد الشيء المعار في مكان تسلُّمه من قبل المستعير، ما لم يتفق على خلاف ذلك.

تتناول المادة التزام المستعير بأن يكون انتفاعه بالشيء المعار بحسب ما تم الاتفاق عليه زماناً ومكاناً ونوعاً، وإذا لم يكن هناك اتفاق فيلتزم أن ينتفع به على الوجه المعتاد. فبينت الفقرة الأولى أنه إذا كانت الإعارة غير مقيدة بزمان أو مكان أو نوع من الانتفاع؛ التزم المستعير بأن يكون انتفاعه بالشيء المعار على الوجه المعتاد بحسب طبيعة الشيء ؛ فلو كان الشيء المعار سيارة معدة للركوب فليس له أن يستعملها في نقل المعدات، وإذا كانت مهيأة للسير بها داخل المدن فليس له أن يستعملها في البر فوق الرمال، وإذا كان الشيء المعار آلة لا تستعمل عادة لأكثر من ثلاث ساعات متصلة فليس له أن يجاوز في استعمالها هذا القدر. وأما إذا حدد في عقد الإعارة نوع الانتفاع أو مكانه أو زمانه؛ فيجب على المستعير أن يتقيد بذلك، ولو كان الانتفاع على الوجه المعتاد يقتضي أكثر من ذلك؛ كما لو اشترط المعير على المستعير ألا يستعمل السيارة في الرمال؛ فليس للمستعير أن يستعملها في الرمال ولو كانت من السيارات المهيأة عادة لذلك. وإذا جاوز المستعير في انتفاعه ما قيده به المعير، أو جاوز الوجه المعتاد؛ فيلزمه التعويض عن أي ضرر يلحق بالمعير بسبب إخلاله بهذا الالتزام.

تتناول المادة التزاماً آخر على المستعير، وهو التزام بالامتناع عن عمل؛ فليس للمستعير أن يتصرف في الشيء المعار تصرفاً نظامياً يرتب حقا للغير، سواء كان هذا الحق يتعلق بعين الشيء المعار أو منفعته؛ فمن أمثلة ما يتعلق بعين الشيء المعار: أن يبيع الشيء المعار أو يهبه أو يرهنه ، ومن أمثلة ما يتعلق بمنفعته أن يرتب حق انتفاع على الشيء المعار أو يؤجره أو يعيره للغير. وتعد تصرفات المستعير في الشيء المُعار بما يرتب حقًا للغير غير نافذة في حق المعير إلا بإجازته.

بينت المادة حالة من الحالات التي ينتهي فيها عقد الإعارة بحكم النظام، وهي حالة موت أحد المتعاقدين، سواء كان المعير أو المستعير، وذلك لأنه عقد قائم على الاعتبار الشخصي، وفي هذه الحالة يسقط الأجل وينتهي عقد الإعارة، وإذا كان المتوفى هو المستعير فلا ينتقل حق الانتفاع بالشيء المعار إلى ورثته، وذلك لأن شخصيته محل اعتبار لدى المعير، ويلزم الورثة في هذه الحالة رد الشيء المُعار إلى المعير، ويثبت في تركة المورث الالتزامات التي تتعلق بالتعويض أو بالرد أو بنفقات الشيء المعار.

بينت الفقرة الأولى أن عقد الإعارة ينتهي بانقضاء الأجل المتفق عليه بين المتعاقدين، وهذا هو الأصل، ويجب على المستعير رد الشيء المُعار في هذه الحالة عند انقضاء الأجل، فإن لم يُحدد للإعارة أجل فينتهي عقد الإعارة باستيفاء المنفعة محل الإعارة، أي بانتهاء المدة المعتادة للانتفاع بالشيء المعار وفق التفصيل المبين في المادة (4٥٣). وبينت الفقرة الثانية أن للمستعير رد الشيء المُعار قبل انقضاء الأجل المتفق عليه بين المتعاقدين، وذلك لأن الأجل متقرر لمصلحته، فيجوز له التنازل عنه، ويلزم المعير تسلم الشيء المُعار في هذه الحالة؛ إلا إذا ترتب عليه ضرر في تسلمه، فلا يلزمه ذلك، كما لو كلفه مؤنة إيداع أو تخزين الشيء المُعار أو كان مسافرًا ولم يكن مستعدا لذلك، وما تضمنته الفقرة ما هو إلا تطبيق للقاعدة العامة الواردة في الفقرة (۱) من المادة (٢٠٦) ونصها: (يجوز تعجيل الوفاء بالدين ممن كان الأجل لمصلحته ما لم يلحق التعجيل ضرراً بالطرف الآخر).

بينت المادة تعريف عقد المقاولة، ويستخلص من هذا التعريف أن عقد المقاولة من عقود المعاوضة الرضائية الملزمة للجانبين التي يقع التراضي فيها على العمل المراد إنجازه والأجر المقابل لهذا العمل، وهو من العقود التي لا يشترط لانعقادها شكل خاص وجاء التعريف بذكر محل العقد بأنه التزام بصنع شيء أو أداء عمل وبهذا يتميز عن عقد الإيجار المتقدم ذكره في الباب الثاني؛ إذ يرد على المنفعة. ومحل التزام المقاول في عقد المقاولة قد يكون عملاً مادياً مثل مقاولات البناء، والأعمال الميكانيكية، ومقاولات المهن الحرة، وصنع الأثاث، وأعمال السباكة والكهرباء، والصيانة، وقد يكون عملاً عقلياً مثل التعاقد مع المحامي، والمدرب، ومراجع الحسابات، والطبيب، والمهندس المصمم، والمهندس المشرف على البناء، وقد يكون العمل لشيء موجود عند التعاقد أو قابل للوجود. وبينت المادة أن المقاولة التزام بمقابل وبهذا يتميز عقد المقاولة عن التبرع والعمل التطوعي فهو وإن كان محله صنع شيء أو أداء عمل فلا يعد التزاماً ولا يقابله أجر. وجاءت المادة بقيد وهو أن المقاول غير تابع لصاحب العمل"؛ وذلك لتمييز عقد المقاولة عن عقد العمل، كما أن عقد المقاولة يرد على عمل باعتبار نتيجته وأما عقد العمل فيرد على العمل باعتبار ذاته، ولكل من العقدين قواعد مختلفة ومنها مسألة تحمل الخطأ ومسؤولية المتبوع عن عمل التابع وغيرها. وجاءت المادة بقيد "ولا" نائباً عنه" لتمييز عقد المقاولة عن عقد الوكالة؛ إذ الوكيل يقوم بعمل بمقابل وليس تابعاً لصاحب العمل وإنما هو نائب عن الأصيل. ونستخلص مما تقدم خصائص عقد المقاولة، وهي: أولاً: أنه عقد معاوضة ملزم للجانبين. ثانياً: أن المقاول ليس تابعاً لصاحب العمل وإنما ملزم بتنفيذ العقد حسب الاتفاق، ومن ثم فلا تنصرف تصرفاته إلى صاحب العمل. ثالثًا: المقاول معرض للخسارة وصاحب العمل ليس مسؤولاً عن ذلك ولا عن الإصابات الناشئة عن العمل ولا يتغير العقد إلا بالاتفاق أو بمقتضى نص نظامي وفق القواعد العامة كنظرية القوة القاهرة والظروف الاستثنائية العامة. رابعًا: الأصل في شخصية المتعاقد أنها ليست محل اعتبار ، فلا ينتهي العقد بموت المقاول أو صاحب العمل، بل يلزم بتنفيذه على حسابه، إلا في بعض عقود المقاولة حيث تكون شخصية المقاول؛ معتبرة فينتهي العقد بموته.

تشير المادة إلى نوعي عقد المقاولة، وهما: النوع الأول: أن يلتزم المقاول بتنفيذ العمل وتقديم المواد، وهو ما يعرف في المصنفات الفقهية بـ "عقد الاستصناع، وهو مزيج بين المقاولة والبيع، فيقع البيع على المواد فتسري أحكامه فيما يتعلق بالمواد، وتقع المقاولة على العمل وتطبق أحكامها عليه؛ وبذلك يكون المقاول مسؤولاً عن جودة المواد وعليه ضمانها لرب العمل، لأن المقاول في هذا النوع يكون بائعًا للمواد فيقع عليه ضمانها. والنوع الثاني: أن يلتزم المقاول بتنفيذ العمل وتكون المواد مقدمة من صاحب العمل، فهذا النوع متمحض في كونه مقاولة، وهو ما يعرف في المصنفات الفقهية بـ "إجارة الأعمال". ويمكن التمثيل لذلك بخياطة الثوب فإن كان القماش من عند الخياط فهو من النوع الأول وإن كان من صاحب العمل فهو من النوع الثاني وكلاهما يندرج تحت عقد المقاولة وإن كان الخياط يعمل في منشأة تجارية بمرتب معين لخياطة الثياب فالعقد بين الخياط والمنشأة عقد عمل، وإن كانت الثياب جاهزة مسبقاً ومعروضة للبيع فهو عقد بيع.

تشير المادة إلى التزامات المقاول المتعلقة بالمواد المقدمة في عقد المقاولة، سواءً كانت هذه المواد مقدمة من المقاول أو من صاحب العمل. فبينت الفقرة الأولى حكم ما إذا اشترط صاحب العمل على المقاول تقديم المواد المتعلقة بعقد المقاولة سواء اشترط عليه تقديم جميع المواد أو بعضها، وأوضحت المادة أن الأمر لا يخلو من حالتين: الحالة الأولى: أن يتفق المتعاقدان على شروط ومواصفات معينة في المواد، فيكون المقاول مسؤولاً عن توفر تلك الشروط والمواصفات في المواد وفقًا لما تم الاتفاق عليه. والحالة الثانية: ألا يكون هناك اتفاق بين المتعاقدين على الشروط والمواصفات، فيكون المقاول ملتزماً بتوفير المواد التي تكون وافية بالغرض المقصود وفقًا للشروط والمواصفات التي تمليها أصول الصنعة وعرفها وتقاليدها. فلو أن صاحب العمل طلب من نجار أن يصنع له بابًا من خشب، وكان الاتفاق أن يتم توفير المواد المتعلقة بصنع الباب من المقاول دون أن يتم الاتفاق على شروط ومواصفات الخشب؛ فإن النجار ملزم بأن يوفر الخشب الذي يفي بالغرض وفقًا للشروط والمواصفات التي تمليها أصول الصنعة وعرفها. وبناءً على ما قررته الفقرة؛ فإن المقاول مسؤول عن جودة المواد التي يقدمها؛ فيضمن ما يظهر فيها من عيوب خفية، وذلك فيما إذا تبين عدم توفر الشروط والمواصفات المتفق عليها، أو كان بها عيب ينقص من قيمتها أو من نفعها بحسب الغرض المقصود منها، وتسري على هذا الضمان أحكام ضمان العيوب الخفية في عقد البيع الملائمة لعقد المقاولة؛ سواء ما يتعلق بنطاق هذا الضمان أو آثاره أو مسقطاته أو الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية فيه تشديداً أو تخفيفاً أو غير ذلك من الأحكام المفصلة هناك، مع مراعاة ما ورد فيه نص خاص مثل ضمان مقاول البناء. وبينت الفقرة الثانية مسؤولية المقاول فيما إذا كانت المواد مقدمة من صاحب العمل سواء سلمها صاحب العمل للمقاول حقيقة أم دفع قيمتها له، وأوضحت الفقرة أنه يجب على المقاول في هذه الحالة ثلاثة أمور: الأول: أن يبذل في المحافظة عليها عناية الشخص المعتاد، فإن احتاج الحفظ إلى نفقات تحملها المقاول، لأنها تعد جزءًا من النفقات العامة التي أدخلها في حسابه عند تقدير الأجر. والثاني: أن يراعي في عمله الأصول الفنية، فيستعمل منها القدر اللازم لإنجاز العمل المطلوب دون إفراط أو تفريط، ومن مراعاة الأصول الفنية أن يبين المقاول لصاحب العمل عدم صلاحية المواد للعمل المراد القيام به كما لو كان بالمواد عيب، أو عدم مواءمتها للعمل المطلوب، كما لو كان الخشب المقدم من صاحب العمل لا يصلح أن يستخدم كباب. والثالث: أن يرد على صاحب العمل ما بقي منها، وهذا يستلزم أن يقدم المقاول حسابًا لرب العمل يبين فيه ما استعمله من المواد، ويرد الباقي له.

بينت المادة أن من التزامات المقاول تبعاً لالتزامه بإنجاز العمل أن يتحمل أي نفقات يستلزمها إنجاز العمل من آلات وأدوات؛ فإذا كان عقد المقاولة في صنع أبواب خشبية بأجر معين مثلاً؛ فإن المقاول يتحمل على نفقته توفير أدوات النجارة كالمطرقة والمنشار وآلات القص والكبس ونحوها، وإذا كان العقد مقاولة بناء ؛ فإن المقاول يتحمل على نفقته الأدوات والآلات المستخدمة في البناء كالسلالم والسقالات وأدوات الحفر وغيرها، سواء كانت المواد من صاحب العمل أو من المقاول؛ فلم تفرق المادة بين النوعين، وذلك كله ما لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني على خلافه، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف أو العادة الجارية بين المتعاملين على خلاف ما ذكر.

تتناول المادة التزام المقاول بإنجاز العمل، ووفقاً لنص المادة فإن هذا الالتزام يتضمن التزامين: الالتزام الأول: التزام المقاول بإنجاز العمل وفق الشروط المتفق عليها في العقد، فإن لم يتفق على شروط معينة فيتم إنجازه وفقًا للشروط والمواصفات التي تمليها أصول الصنعة وعرفها. والتزام المقاول بإنجاز العمل إما أن يكون التزاماً بتحقيق غاية أو ببذل عناية، فإذا كان التزامه بتحقيق غاية، فلا يكون المقاول قد وفى بالتزامه إلا بتحقيق تلك الغاية، فمثلاً إذا كان محل المقاولة بناء جدار أو صنع أبواب أو خياطة ثياب؛ فلا يكون موفياً بالتزامه إلا ببناء الجدار أو تسليم الأبواب أو الثياب؛ فإذا لم ينجز العمل اعتبر مخلاً بالتزامه، ولا تنتفي عنه المسؤولية إلا إذا أثبت أن عدم الوفاء كان بسبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو فعل الغير، ويجب أن يتوفر في السبب الأجنبي شروط اعتباره، ومن ذلك أن يكون هذا السبب غير متوقع، فإن كان متوقعاً كبرد الشتاء وحرارة الصيف؛ فلا يكون أساسا صحيحًا للإعفاء من المسؤولية. وإذا كان التزام المقاول بذل عناية؛ فيكون قد وفى بالتزامه إذا بذل عناية الشخص المعتاد وإن لم تتحقق الغاية؛ كمقاولة الطبيب على العلاج؛ فلا يلزم منه شفاء المريض. وبناءً على ما قررته الفقرة؛ فإن المقاول يكون مسؤولاً عن أي خلل أو عيب في عمله فيما لو تبين أن العمل ليس موافقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها أو للأصول المتعارف عليها بحسب الأحوال؛ فلصاحب العمل إذا تبين له العيب قبل التسليم طلب التنفيذ العيني بإصلاح العيب أو يطلب الفسخ، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض، وتجري على ذلك القواعد العامة في التنفيذ العيني والفسخ القضائي والتعويض وإذا علم صاحب العمل بالعيب بعد تسلمه جاز له الرجوع على المقاول بضمان العيب، ويكون رجوعه وفقاً للقواعد العامة. والالتزام الثاني: التزام المقاول بإنجاز العمل في المدة المتفق عليها، فإذا لم يكن هناك اتفاق على مدة معينة، فيجب على المقاول أن ينجز العمل في مدة معقولة تسمح بإنجازه بحسب طبيعة العمل. والتزام المقاول بإنجاز العمل في المدة المتفق عليها هو التزام بتحقيق غاية؛ فلا تنتفي عنه المسؤولية في حال التأخر ولو أثبت أنه بذل عناية الشخص المعتاد لإنجاز العمل في الوقت المحدد ولكنه لم يتمكن؛ بل لا بد من إثبات السبب الأجنبي كقوة قاهرة أو فعل الغير، وألا يكون السبب الأجنبي مسبوقاً بخطأ منه وإلا كان مسؤولاً عن ذلك التأخر، ما لم يكن هذا التأخر بسبب صاحب العمل كأن يتأخر في تقديم مواد العمل إن كانت من عنده أو أن يطلب تعديلاً لم يتفقا عليه، وكذا لو تأخر صاحب العمل في دفع مستحقات المقاول؛ فللمقاول أن يمتنع عن إنجاز العمل تنفيذاً لحقه في الحبس، وفق ما نصت عليه المادة ( 1۹۱): "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به."

تتناول المادة ما يحق لصاحب العمل القيام به فيما إذا تبين له أثناء سير العمل إخلال المقاول بشروط العقد؛ فعلى الرغم من أن ميعاد التسليم لم يحن بعد، وفي ذلك الحين يحق لصاحب العمل قبول العمل متى كان موافقاً للشروط أو رفضه؛ إلا أن المادة جعلت لصاحب العمل الحق في اعتبار المقاول مخلاً متى ظهر خلل في عمله ولو قبل انتهائه من إنجاز العمل أو قبل ميعاد التسليم؛ وذلك حتى يوفر على نفسه وعلى المقاول الجهد والوقت إذا ما تم العمل معيباً أو مخالفاً للشروط. فقررت المادة أنه متى تبين لصاحب العمل أثناء سير العمل إخلال المقاول في التنفيذ، بما في ذلك أن يخل ببعض شروط العقد ومواصفاته، أو ينحرف عما يجب عليه الالتزام به مما تفرضه أصول المهنة، أو أنه ينفذ العمل على وجه معيب، أو أنه تأخر في التنفيذ؛ فلا يخلو الأمر من فرضين: الفرض الأول: أن يمكن تدارك الخلل والوفاء بالشروط. والفرض الثاني: ألا يمكن تدارك الخلل والوفاء بالشروط. فبينت الفقرة الأولى حكم الفرض الأول، وهو ما إذا كان من الممكن تدارك الخلل والوفاء بالشروط؛ فلصاحب العمل أن يُعذر المقاول بالالتزام بشروط العقد وأن يحدد له مدة معقولة للقيام بذلك، ويكون الإعذار بأي وسيلة متفق عليها أو بأي وسيلة مقررة نظاماً للتبليغ بما في ذلك رفع الدعوى أو أي إجراء قضائي آخر وفق ما نصت عليه المادة (۱۷۷)، ولا يشترط فيه شكل معين. وإذا مضت المدة المعقولة التي عينها صاحب العمل ولم يصحح المقاول الخلل؛ جاز لصاحب العمل أن يختار أحد الخيارين الآتيين: الخيار الأول: طلب التنفيذ العيني وفق ما تضمنته المادة (167) في القواعد العامة؛ وذلك بأن يطلب من المحكمة أن تأذن له في إنجاز العمل أو تصحيحه بواسطة مقاول آخر على نفقة المقاول الأول، ولصاحب العمل في حال الاستعجال - كما لو كان محل المقاولة ترميم مبنى معرض للسقوط أن ينفذ العمل على نفقة المقاول الأول دون إذن المحكمة ويجوز كذلك إذا وجد اتفاق بين الطرفين على أنه إذا تأخر المقاول فلصاحب العمل - ولو في غير حال الاستعجال - أن ينفذ العمل على نفقة المقاول الأول. وإذا قام صاحب العمل بتنفيذ العمل دون إذن المحكمة سواء في حال الاستعجال أو في حال الاتفاق فإنما يفعل ذلك على مسؤوليته؛ فإذا طالب بهذه النفقات؛ فتتأكد المحكمة من تحقق شروط تنفيذه العمل تنفيذاً عينياً دون إذنها، وأن ما يطالب به من نفقات في حدود المتعارف عليه. والخيار الثاني: أن يطلب فسخ العقد؛ وتنطبق على ذلك القواعد العامة في الفسخ القضائي؛ فللمحكمة وفق تقديرها أن ترفض طلب الفسخ إذا كان الإخلال غير جسيم تطبيقاً للمادة (۱۰۷)، كما أن لها أن تمهل المقاول إذا اقتضت الظروف ذلك في حالات استثنائية وفق ما نصت عليه المادة (٢٧٥) ، وللمقاول أيضاً أن يتوقى الفسخ متى بادر بإصلاح الخلل، وذلك كله ما لم يوجد شرط فاسخ، فإن وجد شرط فاسخ فليس للمحكمة سلطة تقدير جسامة الخلل وإنما سلطة التحقق من تحقق الشرط الفاسخ، ويكون حكمها حينئذ كاشفاً للفسخ لا منشئاً له. وبينت الفقرة الثانية حكم الفرض الثاني، وهو أن يستحيل إصلاح الخلل، وهذا الفرض له صورتان: الصورة الأولى: أن يكون تنفيذ العمل معيباً أو مخالفاً للشروط على وجه يستحيل تداركه؛ كأن يقيم المقاول البناء بأساسات معيبة، بحيث لا يمكن إصلاح الخلل إلا بهدم البناء. والصورة الثانية: أن يتأخر المقاول في البدء في العمل أو في إنجازه تأخراً لا يرجى معه إنجازه في الميعاد المتفق عليه، سواء تم تعيين الميعاد باتفاق صريح أو باتفاق ضمني يمكن استخلاصه من ظروف التعاقد. ففي هاتين الصورتين يحق لصاحب العمل طلب فسخ العقد في الحال؛ لأن المقاول قد أخل مقدماً بالتزامه وعلى وجه محقق، ولا يكون صاحب العمل في هذا الفرض بحاجة إلى إعذار المقاول؛ لعدم جدواه، ولا للتربص إلى حين أن يتم تسليم العمل معيباً أو متأخراً؛ لأن الإخلال قد وقع فعلاً، وللمحكمة تقدير ما إذا كان صاحب العمل محقاً فيما يدعيه من استحالة تدارك الخلل، وما إذا كان الخلل أو التأخر بقدر يتأهل لأن يبرر الفسخ. وفي جميع ما سبق سواء في الفرض الأول أو الثاني؛ فإن لصاحب العمل طلب التعويض عما لحقه من ضرر لعدم وفاء المقاول بالتزامه أو لتأخره فيه أو لتنفيذه معيباً؛ سواء طلب صاحب العمل تنفيذ العقد أو فسخه؛ وذلك طبقاً للقواعد العامة في حق المتعاقد بطلب التنفيذ بالتعويض للإخلال بالالتزام الواردة في المواد (۱۰۷، ۱۷۰، ۱۷۱).

تتناول المادة أثر هلاك الشيء المقاول عليه أو تلفه قبل تسليمه لصاحب العمل. بينت الفقرة الأولى أثر هلاك الشيء أو تلفه قبل التسليم فيما يستحقه المقاول من أجر وما تحمله من نفقات؛ فالمقاول لا يستحق أجرًا على ما عمل إذا هلك الشيء أو تلف قبل تسليمه لصاحب العمل، حتى ولو كان ذلك الهلاك أو التلف بسبب لا يد للمقاول فيه؛ مثل أن يحترق المحل وفيه الأثاث المطلوب تفصيله قبل تسليمه لصاحب العمل؛ فلا يستحق أجراً على ما عمل سواء كانت المواد منه أو من صاحب العمل، وكذلك ليس للمقاول أن يطالب صاحب العمل بالتعويض عن أي نفقات تكبدها، فإذا كانت مواد العمل منه فيكون هلاكها أو تلفها عليه؛ لأن المطلوب من المقاول تحقيق غاية وهي إنجاز العمل وتسليمه لصاحب العمل؛ ولم تتحقق تلك الغاية؛ فلا يستحق المقاول تجاه صاحب العمل شيئاً، باستثناء ما إذا كان صاحب العمل وقت الهلاك أو التلف مخلاً بالتزامه بتسلم العمل؛ ففي هذه الحالة يستحق المقاول الأجر المتفق عليه كاملاً؛ لأنه حقق المطلوب والإخلال حصل من قبل صاحب العمل. وبينت الفقرة الثانية الفرض الذي تكون فيه المواد مقدمة من صاحب العمل؛ فتهلك أو تتلف بسبب لا يد للمقاول فيه كقوة قاهرة أو فعل الغير ؛ فلا يكون المقاول مسؤولاً عن هلاك هذه المواد أو تلفها؛ ومن ثم فليس لصاحب العمل أن يطالب المقاول بقيمتها ما لم يكن المقاول وقت الهلاك أو التلف قد أعذر لإخلاله بتسليم العمل، ولم يثبت أن الشيء كان ليهلك أو يتلف لو أنه قام بالتسليم من غير إخلال بالتزامه؛ لأن المطلوب من المقاول فيما يتعلق بهذه المواد هو المحافظة عليها؛ وهذا التزام ببذل عناية لا تحقيق غاية؛ والمواد باقية في ملك صاحبها وهو صاحب العمل ولو كانت تحت يد المقاول، والشيء يهلك على مالكه وفقاً للقواعد العامة، ويستثنى من ذلك ما إذا أثبت صاحب العمل أن المقاول وقت الهلاك أو التلف كان مخلاً بالتزامه بالتسليم؛ وأن صاحب العمل قد أعذره بالتسليم؛ فلا بد من توفر الأمرين الإخلال بالتسليم والإعذار؛ فيعد المقاول مقصراً في هذه الحالة ويلزمه الضمان، واستثنت الفقرة من ضمان المقاول في هذه الحالة ما لو أثبت أن الهلاك أو التلف سيصيب تلك المواد التي تأخر في تسليمها ولو كان قد سلمها في الوقت، كأن يتأخر في تسليم الأثاث المطلوب تفصيله ويأتي فيضان يعم القرية وفيها مكان صاحب العمل؛ فالتلف سيصيب الأثاث ولو سلمه لصاحب العمل وهذا الحكم ما هو إلا تطبيق للقاعدة العامة المقررة في الفقرة (۲) من المادة (166) ونصها: " إذا كان محل الالتزام عملاً وتضمن تسليم شيء ولم يقم المدين بتسليمه بعد أن أعذر حتى هلك أو تلف؛ كانت تبعة ذلك عليه؛ ما لم يُثبت أن الهلاك أو التلف سيحدث ولو سلم الشيء للدائن ". والفرض الذي تناولته هذه الفقرة إنما هو فيما إذا كان الهلاك أو التلف بسبب لا يد للمقاول فيه، وأما إذا كان الهلاك أو التلف بخطأ المقاول، كأن يخل بالمحافظة على المواد التي قدمها صاحب العمل فتهلك أو تتلف؛ فيلزمه الضمان حينئذ، ولا يتوقف الضمان في هذه الحالة على الإعذار ؛ لأن محل الالتزام وهو المحافظة على المواد أصبح غير ممكن بفعله؛ فلا جدوى من الإعذار؛ تطبيقاً للفقرة (ب) من المادة (١٧٦). وبناء على ما قررته الفقرة؛ فإن المقاول يلزمه تعويض صاحب العمل عن قيمة المواد التي قدمها وعن أي ضرر يصيبه في حالتين: 1 - إذا كان المقاول مخلاً بالتسليم وأعذر، ولو وقع الهلاك أو التلف بسبب لا يد له فيه. 2 - إذا كان الهلاك أو التلف بخطأ المقاول، ولو دون إعذار. وفي كلتا الحالتين لا يأخذ المقاول أجراً على عمله ولا يسترد نفقاته. وما تضمنته المادة بفقرتيها يقرر أن المقاول ملتزم بتسليم العمل الذي تم إنجازه لصاحب العمل؛ وأن إخلال المقاول بهذا الالتزام يرتب عليه المسؤولية. ويتضح من المادة أن تبعة الهلاك أو التلف بعد التسليم تكون على صاحب العمل؛ ويستحق المقاول أجره كاملاً، ويكون التسليم وفق الآتي في المادة (٤٦٨) بوضع العمل بعد إتمامه تحت تصرف صاحب العمل مع إعلامه بذلك ولو لم يكن في حيازته مادياً.

بينت المادة الالتزام الأول من التزامات صاحب العمل، وهو تسلم العمل من المقاول واشترطت المادة لتحقق هذا الالتزام شرطين: الشرط الأول: أن يكون المقاول قد أنجز كامل العمل، فإن كان الاتفاق في تسلم العمل بأن يكون على مراحل أو أجزاء؛ لزم صاحب العمل تسلم ما أنجزه المقاول من تلك المراحل أو الأجزاء حسب الاتفاق. والشرط الثاني: أن يضع المقاول العمل الذي تم إنجازه تحت تصرف صاحب العمل، ويعلمه بذلك. وبينت المادة أثر إخلال صاحب العمل بهذا الالتزام بأن امتنع من تسلم العمل بغير سبب مشروع رغم إعلام المقاول صاحب العمل بتمام العمل وإنجازه، فإنه بذلك ينقل تبعة الهلاك أو التلف إلى صاحب العمل، فإذا هلك الشيء أو تلف وهو في يد المقاول ولم يتعد المقاول أو يقصر في حفظه؛ فإنه لا يضمن ذلك الهلاك أو التلف، ولا يلتزم المقاول لصاحب العمل بأي تعويض عن ذلك؛ لأن صاحب العمل هو من أخل بالتزامه بتسلم العمل المتفق عليه. ومفهوم المخالفة يفيد أنه إذا كان امتناع صاحب العمل عن تسلم العمل لسبب مشروع، إما لإخلال المقاول بالتزاماته، أو لكون العمل غير مطابق للشروط والمواصفات المتفق عليها؛ فإن المقاول يكون مسؤولاً عن الهلاك أو التلف ويلتزم لصاحب العمل بأي تعويض يستحقه. ويتبين من المادة أن التسليم في المقاولة كالبيع؛ فيتحقق بإتمام العمل وتمكين صاحب العمل من حيازته، مع إعلام صاحب العمل بذلك، ولا يشترط للإعلام شكل معين، سواء تم بالكتابة أو مشافهة أو غير ذلك، وعلى المقاول عبء إثبات أنه قام بالإعلام. ومتنى تم التسليم على هذا النحو انتقلت تبعة الهلاك أو التلف من المقاول إلى صاحب العمل، ولو لم تنتقل حيازته المادية إلى صاحب العمل.

تشير المادة إلى الالتزام الثاني من التزامات صاحب العمل وهو الوفاء للمقاول بالأجر المتفق عليه. فبينت الفقرة الأولى أن صاحب العمل ملزم بالوفاء بالأجر، وبينت وقت الالتزام أنه بمجرد تسلم العمل المطابق للشروط والمواصفات المتفق عليها. وتسلم صاحب العمل للعمل يفيد ضمنًا معاينته والقبول به، فإذا لم يكن العمل مطابقًا للشروط والمواصفات جاز لصاحب العمل حبس الأجر حتى يصلح المقاول العيوب التي شابت العمل تطبيقًا لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ المنصوص عليها في المادة (١١٤)؛ لأن دفع الأجر التزام على صاحب العمل يقابله التزام المقاول بإنجاز العمل على الوجه المتفق عليه. فإن امتنع صاحب العمل عن تسلم العمل دون سبب مشروع فلا يعفيه ذلك من دفع الأجر؛ لأن المقاول يستحق الأجر بإتمامه العمل ووضعه تحت تصرف صاحب العمل دون عائق يحول بينه وبين الانتفاع به ولو لم يكن تحت حيازته حقيقة. وبينت الفقرة الثانية وقت الوفاء بالأجر إذا كان العمل المتفق عليه مكونا من أجزاء متعددة متميزة عن بعضها، مثل أن يتفق صاحب العمل مع المقاول على عمل ألف علبة بألف ريال؛ فإذا سلمه مائة علبة استحق مائة ريال، وكذا إذا كان الأجر على أساس الوحدة ولو لم يكن العمل من أجزاء متميزة عن بعضها؛ مثل أن يتفق معه على تمديد أنابيب على أن يكون سعر المتر مائة ريال؛ فمتى أنجز المقاول قسماً ذا أهمية بالنسبة إلى مجموع العمل فيستحق أجر ما أنجز بعد معاينته وقبوله، شريطة أن يكون ما تم إنجازه متميزاً أو يكون ذا أهمية بالنسبة إلى مجموع العمل. والأحكام التي تضمنتها المادة بفقرتيها مكملة لإرادة المتعاقدين في حال عدم وجود اتفاق صريح أو ضمني على خلافها، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف أو العادة الجارية بين المتعاقدين على خلاف ما ذكر ؛ فإن وجد اتفاق بخلافها وجب العمل به.

تشير المادة إلى حالة من الحالات التي قد تطرأ على عقد المقاولة ويترتب عليها تعديل في الأجر المستحق للمقاول، وهي ما إذا كان عقد المقاولة قد أبرم بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة، مثل أن يتفق صاحب العمل مع مقاول على بناء الهيكل الخرساني للمنزل بسعر ألف ريال للوحدة، وكان ذلك وفق تصميم متفق عليه، ومجموع الوحدات في التصميم ألف وحدة، وبعد شروع المقاول في العمل تطلب العمل تعميق الحفر؛ نظراً لطبيعة الأرض التي يقام عليها المنزل؛ مما يتطلب مجاوزة كمية الوحدات المتفق عليها؛ فتطبق الأحكام الواردة في المادة بالشروط الآتية: الشرط الأول: أن يكون العقد قد أبرم على أساس الوحدة وليس مقابل أجر إجمالي، فإن كان مقابل أجر إجمالي فتطبق المادة (471). والشرط الثاني: أن تكون مجاوزة المقايسة ظاهرة لسبب لم يكن معروفاً وقت العقد، والمقصود بمجاوزة المقايسة أي مجاوزة الكميات لا مجاوزة أسعارها، وإذا كانت المجاوزة يسيرة غير ظاهرة أو متوقعة عند العقد أو من الممكن توقعها؛ زاد الأجر بمقدار هذه المجاوزة ولا خيار لصاحب العمل. والشرط الثالث: أن يُعلم المقاول في الحال صاحب العمل بتلك المجاوزة مبينا مقدار ما يتوقعه من زيادة في الأجر ؛ فإن لم يعلمه أو تأخر في إعلامه أو لم يبين له مقدار الزيادة المتوقعة في الأجر ؛ سقط حقه في طلب ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات. فإذا تحققت الشروط الثلاثة فلا يخلو الأمر من حالتين: الحالة الأولى: أن تكون المجاوزة المحسوسة غير جسيمة فتلزم صاحب العمل زيادة أجر المقاول بمقدار تلك المجاوزة ولا خيار لصاحب العمل. والحالة الثانية: أن تكون المجاوزة جسيمة ففي هذه الحالة يكون لصاحب العمل أن يختار أحد خيارين: الخيار الأول: أن يبقى في العقد ويزيد الأجر بما يتناسب مع المجاوزة الجسيمة. والخيار الثاني: أن يتحلل من العقد، ويجب عليه في هذه الحالة أن يطلب من المقاول وقف التنفيذ على أن يكون ذلك دون تأخر، مع إيفاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال مقدرةً وفقًا لشروط العقد بصرف النظر عما أنفقه المقاول فعلاً، وليس للمقاول أن يطالب صاحب العمل بالتعويض عما كان يستطيع كسبه لو أتم العمل، ويعد ذلك تنفيذاً جزئياً لعقد المقاولة وليس فسخاً للعقد. وحيث إن هذه المادة من المواد المكملة؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلاف الأحكام المذكورة فيها.

تشير المادة إلى الحالات التي قد تطرأ على عقد المقاولة المبرم على أساس أجر إجمالي وليس بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة. فبينت الفقرة الأولى الحكم فيما إذا ارتفعت أسعار المواد المستخدمة في العمل، أو ارتفعت أجور العمال، أو وُجدت نفقات إضافية أثناء سير العمل، وكان التعاقد بموجب تصميم متفق عليه، مقابل أجر إجمالي؛ فليس للمقاول في هذه الحالة أن يطالب بأي زيادة في الأجر المتفق عليه، ولو ارتفعت أسعار المواد المستخدمة في العمل أو ارتفعت أجور العمال أو غيرها من النفقات؛ وذلك لأن المقاول قد قبل هذا العمل على هذه الصفة فيتحمل التكاليف التي قد تزيد عن الأجر المتفق عليه بينهما، ولأن إرادة المتعاقدين قد اتجهت لإنجاز العمل وإتمامه بالمبلغ الإجمالي المتفق عليه دون التفات لتغير الأسعار أو ارتفاع التكاليف. وبينت الفقرة الثانية الحكم في حال ما إذا طرأ تعديل على التصميم أو إضافة اقتضاها العمل؛ مثل أن يتبين أن الأرض التي يقام عليها المبنى تتطلب مزيداً من الحفر؛ فليس للمقاول أن يطالب بزيادة في الأجر ولو كانت الزيادة ظاهرة؛ لأن الحالة المفترضة هنا خلافاً للحالة المبينة في المادة (470) - الأجر فيها متفق عليه بمبلغ إجمالي وليس بالوحدة القياسية؛ فلا يكون هذا الأجر قابلاً للتعديل لا بزيادة ولا نقصان، حيث إن هذا إعمال الإرادة المتعاقدين، فقد قصد صاحب العمل أن يكون الأجر إجمالياً ليطمئن إلى مركز مستقر فلا يفاجأ بأي زيادة، وقبل المقاول ذلك؛ للمعنى ذاته؛ إذ مقصود المتعاقدين من تحديد الأجر بمبلغ إجمالي أن التكاليف الفعلية لو زادت على المقاول فليس له أن يرجع بها على صاحب العمل، وفي المقابل لو نقصت تلك التكاليف فليس لصاحب العمل أن يطالب المقاول بإنقاص الأجر. واستثنت الفقرة حالتين يحق فيهما للمقاول المطالبة بزيادة الأجر إذا حدث تعديل أو إضافة في التصميم، وهما: الحالة الأولى: إذا كان التعديل أو الإضافة بسبب خطأ صاحب العمل؛ مثل أن يزود المقاول بمعلومات خاطئة عن الأبعاد التي يريدها للبناء. والحالة الثانية: أن يأذن صاحب العمل بالتعديل أو الإضافة ويجب في هذه الحالة أن يتفق مع المقاول على أجر ذلك التعديل أو الإضافة؛ وإلا فليس للمقاول أن يطالب بزيادة في الأجر. وبينت الفقرة الثالثة أثر الظروف الاستثنائية العامة على عقد المقاولة؛ فعقد المقاولة يعد من العقود التي تسري عليها نظرية "الظروف الاستثنائية العامة" أو "الظروف الطارئة"؛ لكونه من العقود المتراخية؛ نظراً لوجود فاصل زمني بين إبرام العقد وتنفيذه، فإذا حدثت حوادث عامة، وكانت هذه الظروف استثنائية من حرب أو وباء أو تنظيم مفاجئ، ولم يكن بالإمكان توقع هذه الحوادث الاستثنائية وقت إبرام العقد، فأدى ذلك الزيادة التكاليف على المقاول، أو خسارة لصاحب العمل، وأصبح تنفيذ الالتزام مرهقًا على أي من المتعاقدين ولم يصبح بعد مستحيلا ، مما جعل التوازن العقدي ينهار في الالتزامات بين كل من صاحب العمل والمقاول، وتغيّر بذلك الأساس الذي تم تقدير الأجر به في عقد المقاولة، فالحكم في هذه الحالة واحترامًا للعقد الذي بين الطرفين والقوة الملزمة للعقد فإن المحكمة ترد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول بما يحقق إعادة التوازن بين التزامات الطرفين، بما في ذلك أن تقضي بتمديد مدة تنفيذ العمل، أو أن تقضي بزيادة أجر المقاول أو إنقاصه، ولها أن تقضي بفسخ العقد بين الطرفين إذا لم تمكن إعادة التوازن العقدي بين الطرفين. وما تضمنته الفقرة الثالثة ما هو إلا تطبيق للقاعدة العامة لهذه النظرية المقررة في المادة (97) ؛ ويجب في تطبيق أحكام الظرف الطارئ على عقد المقاولة الأخذ بما تضمنته تلك المادة من أحكام؛ على أن عقد المقاولة اختص عن غيره من العقود بأن النظام أعطى للمحكمة سلطة فسخ العقد دون غيره من العقود؛ نظراً لطبيعة هذا العقد الذي قد لا يكون ثمة سبيل لإعادة التوازن العقدي فيه بين الطرفين. ووفقاً لما تضمنته المادة (97) فأحكام الظروف الاستثنائية العامة المقررة في النظام هي من النظام العام الذي لا يجوز الاتفاق على خلافه.

تستكمل المادة بيان الأحكام المتعلقة بالالتزام الثاني من التزامات المقاول، وهو دفع الأجر، وبينت المادة الحكم في حال ما إذا أنجز المقاول العمل دون أن يعين في العقد مقدار أجره؛ فيستحق المقاول أجر المثل عما عمل مع قيمة ما قدمه من المواد التي يتطلبها العمل. ويتضح من المادة أن العقد في هذه الحالة صحيح وليس باطلاً؛ على الرغم من عدم تقدير الأجر؛ لا لأن تقدير الأجر ليس شرطاً لصحة عقد المقاولة؛ ولكن لأن فرض المسألة في المادة في حال تمكين صاحب العمل للمقاول من العمل وقيامه بذلك دون أن يعينا مقدار الأجر ؛ فعد النظام ذلك اتفاقاً ضمنياً منهما على أجر المثل مع. ما تطلبه العمل من نفقات المواد. وفرض المسألة كثير في عقود المقاولة؛ فمن المعتاد ألا يعين المتعاقدان مقدار الأجر عند العقد؛ بل يرجان ذلك إلى ما بعد اكتمال العمل؛ لاسيما إذا لم يتحدد العمل بشكل دقيق عند التعاقد ؛ كأن يتعاقد شخص مع ميكانيكي لإصلاح عطل في سيارته أو مع سباك لإصلاح مواسير المياه فيشرع المقاول في العمل دون تحديد الأجر على أن يتعين مقداره عند الانتهاء من العمل؛ فيستحق المقاول أجر المثل عما عمل مراعي في ذلك الجهد الذي بذله ومؤهلاته وكفايته الفنية، وقيمة النفقات التي دفعها للمواد التي تطلبها العمل. وحكم المادة يتفق مع القواعد العامة؛ وتحديد أجر المقاول على هذا النحو ما هو إلا تفسير لإرادة المتعاقدين المفترضة حال السكوت عن تحديده؛ فيكون مقدار الأجر قابلاً للتعيين وإن لم يعين فعلاً. وأما إذا عرض المتعاقدان للأجر عند التعاقد وعجزا عن الاتفاق على تعيين مقداره؛ فالعقد باطل؛ ولا يستطيع أي منهما أن يلزم الآخر بالعقد بحجة أن العقد قد تم وأن الأجر تحدد رغماً عنه بما قررته المادة؛ وذلك لتخلف شرط من شروط صحة المحل وهو أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين؛ فظروف التعاقد هذه لا يمكن أن يستند عليها بوجود اتفاق ضمني، أو أن الأجر قابل للتعيين.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بالمقاولة من الباطن، فبينت الفقرة الأولى أن للمقاول أن يسند تنفيذ العمل كله أو بعضه إلى مقاول من الباطن يقوم بتنفيذ العمل المتفق عليه، فالأصل أن عقد المقاولة يخول المقاول الأصلي أن يقاول بالعمل المسند إليه تنفيذه إلى مقاول من الباطن، إلا في أربع حالات: الحالة الأولى: إذا اقتضت الأحكام النظامية المنع من ذلك، كما لو وجد نص خاص بالمنع من المقاولة من الباطن في بعض الأعمال. والحالة الثانية: إذا وجد اتفاق صريح أو ضمني بين صاحب العمل والمقاول على عدم جواز إسناد تنفيذ العمل إلى مقاول من الباطن. والحالة الثالثة: إذا اقتضت طبيعة العمل عدم جواز إسناد هذه الأعمال إلى مقاول آخر. والحالة الرابعة: أن يكون العقد قائماً على اعتبارات شخصيّة في المقاول كشخص الطبيب أو المهندس، ويمكن أن يستخلص ذلك من قرائن الأحوال وملابسات الظروف أن صاحب العمل أراد شخص المقاول الأصلي اعتماداً على كفايته الشخصية. وبينت الفقرة الثانية أنه في حال أسند المقاول الأصلي العمل إلى مقاول من الباطن؛ فإن المقاول الأصلي يظل مسؤولاً عن العمل تجاه صاحب العمل ولا تبرأ ذمته بإسناده الأعمال للمقاول من الباطن، ويتحمل المقاول الأصلي تجاه صاحب العمل أي إخلال سواء في الشروط والمواصفات المتفق عليها، أم التأخر في تسليم الأعمال عن الوقت المتفق عليه، أم عدم تنفيذ كامل الأعمال، أم غير ذلك مما يعد إخلالا بالتزاماته. ولم تتعرض المادة للتنازل عن عقد المقاولة اكتفاء بالقواعد العامة للتنازل عن العقد في القسم الأول.

تقرر المادة أن المقاول من الباطن لا يجوز له أن يطالب لنفسه صاحب العمل بشيء من الالتزامات التي على صاحب العمل للمقاول الأصلي؛ سواء التزامه بتمكين المقاول من إنجاز العمل، والالتزام بتسلم العمل، والأجر المستحق له قبل المقاول الأصلي؛ وذلك لأن الالتزامات التي على صاحب العمل إنما هي ناشئة من العقد الذي بين صاحب العمل والمقاول الأصلي، والمقاول من الباطن ليس طرفًا في العقد المبرم بينهما، فليس له أن يطالب لنفسه صاحب العمل بشيء من حقوقه؛ إذ لا تربطه أي علاقة مباشرة بصاحب العمل، إلا أن المادة استثنت ما إذا أحال المقاول الأصلي شيئاً من حقوقه بموجب عقد المقاولة الأصلي والتي هي التزامات على صاحب العمل إلى المقاول من الباطن، ففي هذه الحالة يجوز للمقاول من الباطن أن يطالب لنفسه صاحب العمل بما يستحقه المقاول الأصلي مما أحاله به المقاول الأصلي؛ لا على أساس الحق في الدعوى المباشرة بموجب المقاولة من الباطن؛ وإنما بموجب حوالة الحق؛ وتسري على هذا التصرف الأحكام المقررة في حوالة الحق. غني عن البيان أن المقاول من الباطن يستطيع أن يستعمل حقوق مدينه وهو المقاول الأصلي في مطالبة صاحب العمل باسم المقاول الأصلي بطريق الدعوى غير المباشرة، كما أن صاحب العمل يستطيع أن يستعمل حقوق مدينه - وهو المقاول الأصلي في مطالبة المقاول من الباطن باسم المقاول الأصلي بطريق الدعوى غير المباشرة.

بينت المادة السبب المعتاد لانتهاء عقد المقاولة وهو إنجاز العمل المتفق عليه فينتهي عقد المقاولة إذا أنجز المقاول العمل المتفق عليه وسلمه لصاحب العمل، سواءً كان محل عقد المقاولة صنع شيء بمواد من المقاول أو من صاحب العمل؛ كأن يتفق على أن يصنع المقاول أبواباً أو يخيط أثواباً بمواد من عنده أو من صاحب العمل؛ فمتى سلم المقاول العمل المتفق عليه وتسلمه صاحب العمل انتهى عقد المقاولة. والأصل في عقد المقاولة وإن اشترط فيه إنجاز العمل خلال مدة معينة أنه ليس من العقود الزمنية؛ فليس الزمن عنصراً جوهرياً فيه بحيث يتقدر الأجر بحسب المدة، ولكن قد يرد في عقد المقاولة أن يكون الزمن عنصراً جوهرياً فيه، فينقضي بانقضاء مدته؛ كما لو تعاقد صاحب العمل مع مقاول لصيانة أجهزة كهربائية أو معدات أو مصاعد مدة سنة؛ فالعقد هنا مقاولة لمدة سنة والزمن عنصر جوهري فيه؛ فينتهي العقد بانتهاء مدته.

بينت المادة أن لكل من المتعاقدين الحق في أن يطلب من المحكمة فسخ عقد المقاولة عند حدوث عذر طارئ خاص به يحول دون تنفيذ العقد، مع تعويض المتعاقد الآخر عما ينشأ عن هذا الفسخ من ضرر سواءً خسارة أو فوات كسب. وتفيد المادة أنه يشترط لطلب الفسخ في العذر الطارئ ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يحول العذر دون تنفيذ العقد أو إتمام تنفيذه على وجه يكون مرهقاً للمتعاقد، وخرج بهذا القيد: أ- إذا حدث أمر يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً بسبب لا يد للمتعاقد فيه؛ فينفسخ العقد من تلقاء نفسه دون تعويض تطبيقاً للمادة (۱۱۰) ، ويستحق المقاول في هذه الحالة تعويضاً عما عمل وهو المبين في المادة التالية (477). ب إذا حدث أمر بفعل المتعاقد يجعل تنفيذ الالتزام عليه مرهقاً ؛ فليس له طلب الفسخ؛ إذ إن وصف الحدث المجيز لطلب الفسخ بالعذر يقتضي أن ذلك لم يكن بسببه. والشرط الثاني: أن يكون العذر طارئاً بعد العقد، والمقصود ألا يكون بمقدور الشخص المعتاد توقعه عند إبرام العقد، أما ما يمكن توقعه فلا يعد أمراً طارئاً. والشرط الثالث: أن يكون العذر خاصاً متعلقاً بشخص المتعاقد، أي ليس من الحوادث الاستثنائية العامة؛ لأن الحوادث الاستثنائية العامة تطبق في شأنها المادتان (۹۷) و (471). فمتى تحققت هذه الشروط الثلاثة جاز للمتعاقد سواء صاحب العمل أم المقاول أن يطلب فسخ العقد؛ فلو تعاقد صاحب عمل مع مقاول لبناء سكن طلاب قرب جامعة ثم انتقل مقر الجامعة إلى مكان آخر قبل تنفيذ البناء؛ فيكون التنفيذ في هذه الحالة مرهقاً على صاحب العمل؛ لكونه ينفق مالاً بلا جدوى، فيحق لصاحب العمل أن يطلب فسخ العقد، مع تعويض المقاول عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب العقد الذي تم فسخه ويراعى في ذلك ما كان بمقدور المقاول أن يكسبه في استخدام الوقت الذي كان من المفترض أن يمضيه في العمل في عمل آخر. وقد يرد العذر الطارئ أيضاً بالنسبة إلى المقاول فيما إذا كان العقد قد أبرم لاعتبارات تتعلق بشخصه، وطرأ له عذر يجعل تنفيذ الالتزام بالنسبة له مرهقاً لا مستحيلاً؛ فله طلب الفسخ مع تعويض صاحب العمل عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب بسبب الفسخ. وقد لا يتصور عذر المقاول فيما إذا لم يكن العقد قد أبرم لاعتبارات تتعلق بشخصه؛ لأن بمقدوره في هذه الحالة أن يسند العمل إلى غيره؛ فليس ثمة عذر يحول دون تنفيذ العمل أو إتمامه وفق ما نصت عليه المادة. وبما سبق يتبين الفرق بين أثر حكم المحكمة بفسخ عقد المقاولة لحادث استثنائي عام فليس فيه تعويض، وبين حكمها بالفسخ للعذر الطارئ الخاص بالمتعاقد فيلزم فيه التعويض؛ كما يظهر الفرق بين الفسخ للإخلال بالالتزام فذاك يطلبه المتعاقد غير المخل ويشترط له الإعذار، بينما الفسخ للعذر الطارئ يطلبه المتعاقد الذي لحقه عذر يحول دون التنفيذ أو إتمامه ولا إعذار فيه. وإذا كان الفسخ من صاحب العمل لزمه أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من نفقات وما أنجزه من الأعمال، وما فاته من كسب العقد الذي تم فسخه ويراعى في ذلك ما كان بمقدور المقاول أن يكسبه في استخدام الوقت الذي كان من المفترض أن يمضيه في العمل في عمل آخر. وإذا كان الفسخ من المقاول لزمه أن يعوض صاحب العمل عن الخسارة التي لحقته بسبب فسخ العقد بما في ذلك ما زاد عليه من تكاليف لإتمام العمل مع مقاول آخر، وما فاته من كسب بسبب الفسخ بالقدر الذي لا يكون بمقدوره تفاديه ببذل الجهد المعقول. وخلافاً لنظرية الظروف الاستثنائية العامة فإن النظام لم ينص في المواضع الثلاثة التي يجوز فيها الفسخ للعذر الطارئ وهي المقاولة في هذه المادة والإيجار في المادة (443) والمشاركة الزراعية في المادة (577) على بطلان الاتفاق على ما يخالف أحكام هذه المواد؛ وعليه فيجوز للمتعاقدين الاتفاق عند العقد على عدم أحقية أي متعاقد في فسخ العقد للعذر الطارئ؛ أو الاتفاق على حصر هذا الحق في أنواع معينة من الأعذار.

بينت المادة الحكم فيما إذا بدأ المقاول في التنفيذ ثم أصبح عاجزاً عن إتمام العمل بسبب لا يد له فيه، ولا يتحقق هذا الفرض إلا إذا اشترط أن يعمل المقاول بنفسه أو كان العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه؛ مثل أن يكون رساماً فقطعت يده أو طبيباً وفقد بصره، ونحو ذلك، وأما إذا لم يكن مشروطاً أن يعمل بنفسه ولم يكن العقد قد أبرم على اعتبارات تتعلق بشخصه؛ فلا يتصور أن يكون عاجزاً عن إتمام العمل؛ إذ يستطيع أن يعهد إلى غيره بإتمامه. فإذا اشترط أن يعمل المقاول بنفسه أو كان العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه وأصبح عاجزاً عن إتمام العمل؛ انفسخ العقد من تلقاء نفسه لاستحالة تنفيذه، واستحق المقاول أقل القيمتين؛ وهما: القيمة الأولى: قيمة ما تم من الأعمال وما أنفقه المقاول في العمل الذي لم يتم. القيمة الثانية: قيمة ما عاد على صاحب العمل من نفع. وهذا التعويض ليس بمقتضى المسؤولية العقدية؛ فإن العقد إذا انفسخ لا أثر له، وإنما يستحقه المقاول تطبيقاً لقواعد الإثراء بلا سبب.

تتناول المادة أثر موت المقاول في عقد المقاولة؛ وفرقت في الحكم بين ما إذا اشترط في العقد أن يعمل المقاول بنفسه أو كان العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه أو خلا العقد من ذلك. فبينت الفقرة الأولى الحكم فيما إذا اشترط في العقد أن يعمل المقاول بنفسه أو كان العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه؛ ويكون ذلك في الغالب في المقاولات التي تتطلب مهارة فنية خاصة؛ مثل أن يكون العقد مع طبيب، أو محام، أو مصمم، أو مدرب، ونحوهم إذا كان شخص أي منهم مقصوداً في العقد لحذقه في ذلك العمل؛ فإن عقد المقاولة ينفسخ من تلقاء نفسه بموت المقاول؛ لاستحالة التنفيذ؛ ولا يتوقف ذلك على حكم المحكمة. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا لم يُشترط في العقد أن يعمل المقاول بنفسه ولم يكن العقد قد أبرم بناءً على اعتبارات تتعلق بشخصه؛ ويكون ذلك في الغالب في المقاولات الصغيرة التي لا يقتضي عملها مهارة فنية خاصة، أو المقاولات الكبيرة التي لا يعتمد في تنفيذها على كفاية المتعاقد نفسه؛ فلا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه؛ ولكن يحق لصاحب العمل في هذه الحالة أن يطلب الفسخ إذا لم تتوفر في الورثة الضمانات الكافية لحسن تنفيذ العمل؛ كأن لا تكون لديهم الخبرة الكافية لتنفيذ العمل على الوجه المناسب؛ وأما إذا كانت تتوفر لديهم الضمانات الكافية لحسن العمل؛ فإن المحكمة ترفض طلب صاحب العمل؛ ويبقى العقد قائماً وتنتقل حقوق العقد إلى الورثة وتنتقل إليهم الالتزامات في حدود التركة. وبينت الفقرة الثالثة الأثر المترتب على انفساخ العقد من تلقاء نفسه وفقاً للفقرة الأولى أو فسخه بناء على طلب صاحب العمل وفقاً للفقرة الثانية، وهو أن الورثة يستحقون تعويضاً مثل التعويض الذي يستحقه المقاول في حال عجزه عن العمل في المادة (477) وذلك بتعويضهم بمقدار أقل القيمتين؛ وهما: القيمة الأولى: قيمة ما تم من الأعمال وما أنفقه مورثهم في العمل الذي لم يتم. القيمة الثانية: قيمة ما عاد على صاحب العمل من نفع. وهذا التعويض ليس بمقتضى المسؤولية العقدية؛ فإن العقد إذا انفسخ أو فسخ لا أثر له، وإنما يستحقه الورثة تطبيقاً لقواعد الإثراء بلا سبب. ولم تتعرض المادة لأثر موت صاحب العمل في عقد المقاولة؛ اكتفاء بالقواعد العامة؛ فلا أثر لموته على العقد وتنتقل حقوقه في العقد إلى الورثة؛ وتنتقل إليهم الالتزامات في حدود التركة.

أحال النظام فيما يتعلق بعقد العمل إلى الأنظمة الخاصة به؛ نظراً لوجود أنظمة تتعلق بهذا العقد بخصوصه ومن أهمها نظام العمل، وتسري على عقد العمل نظرية الالتزام بوجه عام، وعلى الأخص القواعد العامة في العقد؛ إذ إن مصدر الالتزام في عقد العمل هو العقد، ويستثنى من تلك الأحكام ما ورد نص نظامي بخلافه؛ فضلاً عما قد تتضمنه تلك الأنظمة من أحكام خاصة بعقد العمل فتطبق عليه.

تناولت المادة تعريف عقد الوكالة، ويستخلص منه أن عقد الوكالة من العقود الرضائية، يقوم الوكيل فيه بتصرف نظامي لحساب موكله، والتصرف النظامي هو محل الوكالة الأصلي، وقد يتبع هذا التصرف القيام بأعمال مادية تعد ملحقة به وتابعة له، وهذا أبرز ما يميز عقد الوكالة عن غيره من العقود، وبخاصة عن عقدي المقاولة والعمل، كون المحل فيهما هو عمل مادي فعقد المقاولة يلتزم بمقتضاه المقاول بصنع شيء أو أداء عمل مقابل أجر دون أن يكون تابعا لصاحب العمل ولا نائبًا عنه، وعقد العمل يلتزم العامل بموجبه أن يعمل تحت إدارة صاحب العمل أو إشرافه مقابل أجر؛ فالمحل في هذين العقدين هو عمل مادي بخلاف عقد الوكالة فالمحل فيه هو التصرف النظامي. ويتبين من التعريف أن للوكالة عدة خصائص تميزها عن غيرها، منها: أولاً: أن ما يقوم به الوكيل من تصرف نظامي فهو لحساب موكله؛ فيصير الموكل دائناً إن قام الوكيل بإقراض الغير من مال موكله أو مديناً إن قام بالاقتراض له أو غير ذلك من التصرفات. ثانيًا: الأصل في عقد الوكالة أنه من عقود التبرع كما سيأتي إلا إذا اتفق الوكيل والموكل على أجر أو كان الوكيل ممن يعمل بأجر على سبيل الاعتياد. ثالثًا: أن محل عقد الوكالة هو تصرف نظامي من حيث الأصل؛ إلا أن الوكيل قد يقوم بعمل مادي تبعاً للتصرف النظامي، كمن وكل في بيع شيء فإنه قد يحتاج إلى نقله وتسليمه. رابعًا: أن الوكيل ليس تابعاً للموكل وإنما يقوم مقامه في تصرف نظامي، خلافاً لعقد العمل الذي يكون العامل تابعاً لصاحب العمل ويعمل تحت إدارته أو إشرافه، ويترتب على ذلك عدم قيام مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه في عقد الوكالة كون الموكل ليس لديه سلطة فعلية في رقابة الوكيل وتوجيهه. خامسا: الأصل في شخصية الوكيل أو الموكل أنها محل اعتبار، فينتهي العقد بموت أحدهما أو فقده الأهلية.

تتعدد صور الوكالة، فتكون مطلقة أو مقيدة أو معلقة على شرط أو مضافة إلى أجل.

الصورة الأولى: الوكالة المطلقة

هي التي لا يتقيد فيها بالزمان ولا بالمكان ولا بغيرهما، ومثالها: أن يوكل شخص آخر في بيع سيارة دون تحديد الثمن أو مكان البيع، فهذه الوكالة صحيحة أصلًا.

الصورة الثانية: الوكالة المقيدة

هي التي تتقيد بالزمان أو المكان أو بغيرهما، ومثالها: أن يوكل شخص آخر في بيع سيارة بثمن معين أو في مكان معين، فهذه الوكالة صحيحة أصلًا.

الصورة الثالثة: الوكالة المعلقة على شرط

هي التي يُعلّق انعقادها على شرط، ومثالها: أن يوكل شخص آخر في بيع سيارته إذا سافر خارج البلاد، فلا تنعقد الوكالة إلا بوجوده، فإن عقدت الوكالة معلقة على سفره، فلا يصح له أن يبيعها قبل ذلك.

الصورة الرابعة: الوكالة المضافة إلى أجل

هي التي يُضاف انعقادها إلى أجل، ومثالها: أن يوكل شخص آخر في بيع سيارة في بداية الشهر القادم، فلا يصح له بيعها قبل حلول ذلك الأجل، فإذا حل الأجل، جاز للوكيل بيعها.

وقد بيّنت المادة في هذه الصور أن الوكالة تصح في حال إطلاقها أو تقييدها أو تعليقها على شرط أو إضافتها إلى أجل.

تشير المادة إلى النوع الأول من أنواع الوكالة، وهي الوكالة العامة، ويقصد بها: الوكالة التي ترد بألفاظ عامة دون أن تحدد فيها تصرف نظامي معين، سواء عُيّن محل التصرف أو لم يُعيّن.

مثل أن يقول المالك للوكيل: تصرف في العقار أو المزرعة، فهذه وكالة عامة، كما لو وكل شخص آخر وكالة عامة في جميع التصرفات النظامية دون تعيينها.

وقد بينت المادة عدم صحة الوكالة التي لا تُعيّن فيها التصرفات النظامية محلّها، ويجب أن يكون محل التصرف قابلًا للتعيين أو معروفًا، ولا تدخل فيها هبة المال المملوك ولا التبرؤ من الحقوق التي له، لأن إرادة المالك عند إنشاء الوكالة لا تتجه إلى تلك التصرفات.

كما أن عدم صحة صورة إذا كان التوكيل في أعمال الإدارة العامة، كما سيأتي في المادة (٤٨٤).

تشير المادة إلى النوع الثاني من أنواع الوكالة، وهي الوكالة الخاصة، ويقصد بها: الوكالة التي تتحدد بتصرفات نظامية معينة، كأن يُوكل شخص آخر في البيع أو الشراء، أو الصلح أو الهبة.

وقد بيّنت المادة جواز اقتصار الوكالة الخاصة على نوع معين من أنواع التصرفات النظامية، كأن يُوكل شخص آخر في بيع مال معين أو هبته، ولا تصح وكالة عامة في نوع التصرف مع كونه خاصًا، كأن يُوكل في بيع المال المملوك أو في إجراء تصرف غير البيع كالهبة، فإن هذه التصرفات تدخل في النوع الخاص من التصرف.

وقد استثنت المادة صحة الوكالة الخاصة في نوع معين من أنواع التصرفات النظامية دون تعيين محل التصرف إذا كان التصرف تبرعًا كالهبة، فيجب أن تكون الوكالة خاصة في نوع التصرف ومحلّه، ولا تصح وكالة مطلقة بالهبة دون تعيين المال الموهوب، لأن ذلك يفتح باب الضرر والغرر على الموكل، إذ قد يُوكل في التبرع بمال لا يملك التصرف فيه.

والفرق بين الهبة والبيع: أن الهبة تملك بلا عوض، والبيع تمليك بعوض، فإذا لم يُعيّن الثمن في عقد الوكالة، فإن الوكيل يلتزم ببيع المثل، ولا يجوز له أن يبيع بأقل منه، كما سيأتي في التزامات الوكيل.

تشير المادة إلى أن التصرفات النظامية تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: التصرفات النظامية المرتبطة بأعمال الإدارة، وهي الأعمال التي لا تنطوي على تغيير أساسي أو تعديل في الشيء المعد لغرض معين، كالحفظ والصيانة والإيجار لمدة قصيرة.

القسم الثاني: التصرفات النظامية غير المرتبطة بأعمال الإدارة، وهي التصرفات التي تهدف إلى إحداث أثر نظامي، مثل البيع والشراء والهبة والصلح والتنازل ونقل الملكية أو تعديلها أو إنهائها، وتظهر مخالفتها لأعمال الإدارة.

وقد بيّنت المادة أن الأصل أن تكون الوكالة في جميع التصرفات النظامية خاصة بتعيين التصرف النظامي وما يستلزم منه، كالتوكيل في البيع أو الشراء.

وتخالف الوكالة العامة في أعمال الإدارة هذا الأصل، إذ تصح وكالة عامة في أعمال الإدارة دون تحديد نوع التصرفات، كأن يوكل شخص آخر في إدارة عقار، فيجري له الوكيل التصرفات النظامية المشمولة بأعمال الإدارة المعتادة، كالإيجار والصيانة والحفظ ونحوها، دون التصرفات غير المعتادة في الإدارة، كبيع المحصول أو البضاعة.

ويلاحظ تدرج الوكالة مع خطورة الأعمال، ففي التبرعات يشترط أن تكون الوكالة خاصة في نوع التصرف ومحلّه، أما في أعمال الإدارة، فيصح التوكيل العام دون تحديد، وأما في التصرفات عموماً، فيصح التوكيل الخاص في نوع التصرف ومحلّه.

جاءت هذه المادة لتقرر قاعدة عامة في الإجازة اللاحقة للتصرف، فإذا أجاز الموكل تصرف الوكيل، فإن هذه الإجازة تأخذ حكم الوكالة السابقة وتطبق على التصرف.

ومن تطبيقات هذه القاعدة ما جاء في المادة (١٥٢) من قواعد الوكالة: "إذا أجاز المستفيد ما قام به الفضولي، فإنه يُعد وكيلاً به".

فإذا علم بالتصرف وسكت عنه أو لم يعترض، فإنه يُعد مجيزًا له، وفي حال رفضه التصرف، تطبق قواعد الإثراء بلا سبب، وفي حال إجازته، فإنه يلتزم المستفيد بما أجراه الفضولي.

فإذا اقترض الفضولي بدون سبب مشروع أو بدون تمثيل، يُعد مدينًا، وتُعد الإجازة في هذه الحالة تبرئة من الفضولي، وتعود الآثار بين المستفيد والفضولي إلى وقت بدء التصرف.

تشير المادة إلى الالتزام الأول من الالتزامات التي على الوكيل، وهو عدم تجاوزه حدود وكالته، وتوضح المادة النطاق الذي يحق للوكيل أن يتصرف فيه بمقتضى وكالته ولا يعد متجاوزا حدودها.

فبينت الفقرة الأولى أنه يثبت للوكيل بمقتضى عقد الوكالة حق التصرف في الآتي:

أولاً: التصرف فيما يتناوله التوكيل من تصرفات نظامية مذكورة فيه.

ثانيًا: ما يتبع ذلك من القيام بأعمال مادية ضرورية، وذلك وفقًا لطبيعة التصرف، أو انصراف إرادة المتعاقدين إلى طريقة معينة في تنفيذها، أو يجري العرف بها.

مثال ذلك: أن يوكل شخص آخر بإيجار منزل، فيثبت للوكيل بمقتضى عقد الوكالة حق التصرف بالإيجار، وحق الدخول إلى العين المؤجرة، وتسليم مفاتيحها ونحو ذلك من توابع ضرورية للتصرف، والتي يحددها طبيعة التصرف، وما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين، والعرف وليس له مجاوزة ذلك إلى استلام الأجرة أو بيع المنزل أو رهنه. وكذا الأمر لو وكله ببيع سيارته في بلد آخر فيثبت للوكيل حق التصرف بالبيع ويتبع التصرف بالبيع وفقًا لما انصرفت إليه إرادة المتعاقدين نقل المبيع إلى البلد المعين في عقد الوكالة؛ فيلتزم الوكيل بالأعمال التي يتناولها التوكيل وما يقتضيه من توابع ضرورية بصفته وكيلاً، لا أجيراً يرتبط مع الموكل بعقد عمل أو مقاولة أو حراسة ويترتب على هذا أن قواعد هذه العقود لا تطبق على ما يجريه الوكيل من أعمال فلو أصيب الوكيل أثناء قيامه بأعمال الوكالة فإنها لا تطبق قواعد إصابة العامل في عقد العمل بل تطبق قواعد الوكالة.

وبينت الفقرة الثانية أن ما يتسلمه الوكيل من مال موكله يعد وديعة لديه، فتطبق عليه قواعد عقد الإيداع المبين أحكامها من المادة (506) إلى (516)، ومما يترتب على ذلك من الأحكام أنه لا يجوز للوكيل أن يستعمل مال موكله أو يرتب عليه حقًا للغير دون إذنه، وإلا لزم الوكيل تعويض الموكل عن الضرر، وليس للوكيل أن يودع مال موكله لدى الغير دون إذنه إلا إذا كان مضطرا ، وعليه استعادته بعد زوال السبب، ويلتزم الوكيل بأن يرد ما بقي لديه من مال موكله بعد انتهاء عقد الوكالة.

وبينت الفقرة الثالثة أن ما جاء في الفقرة الأولى من ثبوت حق التصرف للوكيل فيما يتناوله التوكيل لا يعني عدم استطاعة الوكيل التعاقد بما هو أنفع للموكل؛ إذ لا يعد ذلك تجاوزا لحدود الوكالة، كأن يوكل شخص آخر ببيع منزل لشخص معين بثمن مؤجل فيستطيع الوكيل التعاقد مع المشتري بثمن حال أو أجل أقرب من الأجل المحدد في الوكالة لكونه أنفع للموكل؛ وذلك ما لم يكن للموكل غرض في تحديد الوكالة؛ كمراعاة حال المشتري.

تشير المادة إلى الالتزام الثاني من التزامات الوكيل؛ وهو الالتزام ببذل العناية في تنفيذ الوكالة، وفرقت المادة في معيار العناية التي يجب على الوكيل أن يبذلها، بين من كان وكيلاً بأجر أو بدون أجر.

فبينت الفقرة الأولى معيار العناية إذا كانت الوكالة بلا أجر، وهي الوكالة التي تكون فيها المصلحة للموكل دون الوكيل، فيلتزم فيها الوكيل بأن يبذل في تنفيذها العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص المعتاد.

وبينت الفقرة الثانية معيار العناية إذا كانت الوكالة بأجر ، وهي الوكالة التي تكون فيها المصلحة لكلا المتعاقدين، فيلتزم فيها الوكيل بأن يبذل في تنفيذها عناية الشخص المعتاد.

وتكون مسؤولية الوكيل في الوكالة على النحو الآتي:

المسؤولية الأولى: مسؤولية الوكيل عن الغش والخطأ الجسيم

يكون الوكيل مسؤولاً عن خطئه الجسيم وغشه سواء كانت الوكالة بأجر أم بلا أجر؛ كأن يوكل شخص آخر ببيع بضاعته فيبيعها الوكيل لنفسه دون إذن موكله أو يبيعها بثمن بخس متواطئاً في ذلك مع المشتري.

المسؤولية الثانية: مسؤولية الوكيل عن الخطأ العادي

إذا كانت الوكالة بلا أجر فإن الوكيل لا يكون مسؤولاً في تنفيذها إلا عن بذل العناية التي يبذلها في شؤون نفسه إذا كانت عنايته لنفسه دون عناية الشخص المعتاد، فيكون المعيار في المسؤولية هنا معياراً شخصياً، أما إذا كانت عنايته في ذلك أعلى من عناية الشخص المعتاد فلا يكون مكلفاً فيما هو أزيد من عناية الشخص المعتاد فيكون المعيار في المسؤولية هنا معياراً موضوعياً، فالوكيل بلا أجر لا يكون مسؤولاً عن أكثر من عنايته الشخصية، كما لا يكون مسؤولاً عن أكثر من عناية الشخص المعتاد فيكون مسؤولاً فقط عن أقل العنايتين؛ وذلك لكون الوكيل بلا أجر متبرعا ومتفضلا على الموكل، ولكون الوكالة في مصلحة الموكل، مثال ذلك أن يوكل شخص آخر ببيع بضاعة فيهمل الوكيل في الحضور لموعد إبرام العقد حتى يفوت؛ فلا يساءل عن ذلك إن عرف من حاله إهماله في مواعيده وأن هذا هو ما يبذله من العناية في شؤون نفسه وأعماله الخاصة.

وما تضمنته الفقرة يعد استثناء بنص النظام لما تضمنته المادة (164) من القواعد العامة ونصها: "إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه، فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود ما لم يقض نص نظامي بخلاف ذلك".

وإذا كانت الوكالة بأجر فإن الوكيل يلتزم بأن يبذل في تنفيذها عناية الشخص المعتاد؛ فيكون المعيار في المسؤولية هنا معياراً موضوعياً، ولا ينظر هنا إلى العناية التي يبذلها الوكيل في أعماله الخاصة سواء كانت أقل من عناية الشخص المعتاد أم أكثر منها؛ لكون الوكالة بأجر في مصلحة كلا المتعاقدين، مثال ذلك أن يوكل شخص آخر ببيع بضاعة بحاجة للحفظ فتتلف لإهماله فإنه يساءل لتقصيره في بذل عناية الشخص المعتاد.

والتفريق بين المسؤولية بين الوكالة بأجر والوكالة بلا أجر يراعي العرف الذي لا يطلب من المتبرع بالحفظ عناية مماثلة للتي يطلبها ممن يأخذ عليها أجراً ويمتهن القيام بها.

المسؤولية الثالثة: مسؤولية الوكيل عن السبب الأجنبي:

لا يكون الوكيل مسؤولاً عن السبب الأجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ الموكل سواء كانت الوكالة بأجر أم بلا أجر.

بعد أن بينت المادتان (٤٨٧) و (٤٨٨) التزام الوكيل بعدم تجاوز حدود وكالته وببذل العناية في تنفيذها ؛ جاءت هذه المادة لتبين حدود ما للوكيل عمله في حال تعدد الوكلاء ونطاق مسؤوليته عن الوكلاء الآخرين.

فبينت الفقرة الأولى أنه إذا تعدد الوكلاء وكان لكل منهم عقد وكالة مستقل؛ فإن له الانفراد فيما وكل فيه إلا أن يشترط عليهم الموكل عدم الانفراد، فإذا كان كل وكيل قد تم توكيله في بيع أو شراء وكان كل واحد منهم في عقد وكالة مستقل؛ فلكل منهم التصرف بالبيع والشراء دون الرجوع لبقية الوكلاء ؛ وذلك لوجود قرينة على إرادة الموكل انفراد كل منهم في التصرف بجعله كل وكيل في عقد مستقل، وتسقط هذه القرينة إذا صرح الموكل بخلافها فاشترط على الوكلاء عدم انفرادهم؛ فلا يصح حينئذ لأحدهم أن ينفرد بالعمل دون البقية.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا تعدد الوكلاء وكان تعيينهم جميعًا في عقد واحد دون أن يأذن الموكل في انفراد أي منهم بالتصرف؛ كان عليهم أن يعملوا مجتمعين، إلا إذا صرح الموكل بالإذن في انفراد أي منهم بالتصرف، فإذا وكلوا ببيع أو شراء أو إيجار وجب أن يكون التصرف في ذلك صادراً منهم جميعاً وذلك بعد موافقتهم جميعاً عليه، فإن صدر التصرف من واحد منهم دون الرجوع إلى البقية فلا يصح لعدم صفته في ذلك؛ لأن الصفة لا تكون لهم إلا إذا كانوا مجتمعين، وتعدد الوكلاء وتعيين جميعهم في عقد واحد؛ قرينة تدل على إرادة الموكل بأن يكون عمل الوكلاء مجتمعين.

وجاءت الفقرة الثالثة لبيان مسؤولية الوكلاء عند تعددهم؛ فالأصل أن كل وكيل منهم مسؤول عن عمله وما يصدر منه ولا يكونون مسؤولين بالتضامن إلا في حالتين فقط:

الحالة الأولى: إذا كانت الوكالة غير قابلة للانقسام، كأن يوكل شخص وكيلين مجتمعين ببيع منزل معين فإنه لا يتصور انفراد كل وكيل بالبيع فيلزمهما متضامنين مسؤولية تنفيذ الوكالة.

والحالة الثانية: إذا كان الضرر الذي أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك بين الوكلاء؛ كأن يوكل شخص عدة وكلاء بشراء بضاعة فيقوموا بشراء بضاعة معيبة بسبب عدم بذل العناية المطلوبة منهم؛ فإنهم يكونون في هذه الحالة مسؤولين بالتضامن لوقوع الخطأ مشتركاً بينهم.

ولا يكون الوكلاء ولو كانوا متضامنين كما في الحالتين السابقتين مسؤولين عما فعله أحدهم مجاوزاً حدود الوكالة؛ كأن يوكل شخص وكلاء ببيع عقار بثمن حال فيقوم أحدهم ببيعه بثمن مؤجل، ولا يكونون كذلك مسؤولين بالتضامن عما فعله أحدهم إذ كان متعسفا في تنفيذ الوكالة؛ كأن يوكل شخص وكلاء ببيع عقار دون تحديد كون ثمنه حالاً أو مؤجلاً؛ فيقوم أحدهم ببيعه بثمن مؤجل مع إمكانية بيعه حالاً؛ مراعياً بذلك مصلحة المشتري دون مصلحة موكله.

تتناول المادة حكم توكيل الوكيل لغيره، وأثر هذا التوكيل.

فبينت الفقرة الأولى الأصل في ذلك وهو عدم جواز أن يوكل الوكيل غيره فيما وكل فيه، إلا إذا أذن له الموكل بذلك، وإذن الموكل بذلك يعد توكيلاً للوكيل في إبرام تصرف نظامي يتمثل في عقد وكالة، ويكون الوكيل الثاني بموجب هذا العقد وكيلاً أصلياً للموكل وممثلاً له.

وجاءت الفقرة الثانية لبيان أن الوكيل المأذون له بتوكيل الغير دون تعيين لشخصه لا يكون مسؤولاً عمن وكله إلا في حالتين:

الحالة الأول: مسؤوليته عن خطئه في اختياره للوكيل الثاني، ويتحدد الخطأ وفقاً لما جاء في المادة (48) ؛ فإذا كانت الوكالة بلا أجر التزم الوكيل بأن يبذل في اختيار الوكيل الثاني العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص المعتاد؛ فإن لم يبذل تلك العناية كان مسؤولاً عن خطئه في الاختيار. وإذا كانت الوكالة بأجر التزم الوكيل بأن يبذل في الاختيار عناية الشخص المعتاد؛ فإن لم يبذل تلك العناية كان مسؤولاً عن خطئه في الاختيار.

والحالة الثانية: مسؤوليته فيما أصدره من تعليمات للوكيل الثاني كانت سببًا في الضرر.

ويفهم من المادة أن الوكيل المأذون له بتوكيل شخص معين فقام بتوكيله أو كان مأذوناً له بتوكيل شخص غير معين فقام بتوكيل شخص، ولم يخطئ في اختياره ولم يصدر منه تعليمات كانت سببًا في الضرر، فإنه لا يكون مسؤولاً عما يصدر من الوكيل الثاني من تصرفات.

وبينت الفقرة الثالثة أنه يجوز للموكل عزل الوكيل الثاني؛ حيث إن الوكالة في الأصل لمصلحته، وكذلك يجوز للوكيل عزل الوكيل الثاني الذي عين من قبله؛ لأن من يملك حق تعيين الوكيل يملك حق عزله، وبينت أنه يترتب على عزل الوكيل الأول انعزال الوكيل الثاني تطبيقاً للقاعدة الكلية: "إذا سقط الأصل سقط الفرع".

بعد أن قررت المادتان (٤٨٧ ، (٤٨٨) التزام الوكيل بعدم تجاوز حدود الوكالة وببذل العناية الواجبة؛ جاءت المواد ( ٤٩٠ - ٤٩٦) ببيان بعض تطبيقات هذين الالتزامين في أهم التصرفات النظامية التي تكون محلاً للوكالة، وهي الوكالة في الشراء والوكالة في البيع؛ فتناولت المواد ( ٤٩٠ - ٤٩٣) تطبيقات هذين الالتزامين في الوكالة في الشراء وتناولت المواد (٤٩٤ - ٤٩٦ ) تطبيقاتهما في الوكالة في البيع.

قررت هذه المادة أن الوكيل في الشراء إذا وُكّل في شراء شيء دون أن يعين الموكل ثمنه؛ فيلتزم الوكيل بشرائه بثمن المثل، ولا يجوز له أن يشتريه بأكثر من ثمن المثل، ولو كانت الزيادة في الثمن يسيرة، إذا كان للمبيع قيمة معروفة ومحددة، كالسلع التي لها أسواق منظمة تعلن فيها الأسعار، وللموكل في هذه الحالة حق الرجوع على الوكيل بالتعويض عن تلك الزيادة، وإذا لم تكن للمبيع قيمة محددة جاز أن يشتريه بزيادة يسيرة؛ لأن ذلك يقع في التعامل عادة، ولا يجوز له أن يشتريه بغبن؛ وهو ما زاد عن ثمن المثل بقدر خارج عن المعتاد؛ وذلك لأن الوكيل مطالب ببذل العناية في تنفيذ الوكالة، وتصرفاته منوطة بمصلحة موكله؛ لأن الموكل يُقيم الوكيل مقام نفسه في التصرفات النظامية.

ويُفهم من المادة أن شراء الوكيل بأقل من ثمن المثل، أو شراءه بأكثر من ثمن المثل مع إجازة الموكل يُعد شراء صحيحًا وتترتب عليه آثاره النظامية؛ وذلك لأن الشراء في الحالة الأولى لمصلحة الموكل، وفي الحالة الثانية يثبت بإجازته.

تتناول المادة عدداً من التصرفات التي تتضمن تعارضاً بين مصلحة الوكيل في الشراء ومصلحة الموكل؛ ويكون الوكيل ممنوعاً منها بمقتضى التزامه ببذل العناية في تنفيذ الوكالة وبعدم تجاوز حدودها.

فبينت الفقرة الأولى أنه لا يجوز للوكيل في الشراء إذا وكل في شراء شيء معين بالذات أن يشتريه لنفسه؛ لأن شراء هذا الشيء مقصود للموكل، ومن مقتضيات الوكالة أن يلتزم الوكيل بحدود وكالته، وأن يتصرف بما فيه منفعة للموكل، فإذا وكل الوكيل في شراء شيء معين بالذات فاشتراه لنفسه؛ فإن الشراء يكون للموكل ولو صرح الوكيل عند الشراء أنه يشتريه لنفسه، مع مراعاة الاستثناء الآتي في المادة (٤٩٢).

ولا تعارض بين ما تضمنته هذه المادة وما تضمنته المادة (۹۱) من القواعد العامة من أنه "إذا لم يُعلم النائب المتعاقد الآخر وقت إنشاء العقد أنه تعاقد بصفته نائبًا؛ فإنَّ أثر العقد لا يُضاف إلى الأصيل دائنا أو مدينا إلا إذا كان من المفترض أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب"؛ فإن المادة (۹۱) تتناول العلاقة بين النائب وهو الوكيل هنا مع المتعاقد الآخر؛ فلا يضاف العقد إلى الموكل إذا لم يبين الوكيل عند تعاقده مع الغير أنه يتعاقد بصفته وكيلاً، وأما علاقة الموكل بالوكيل فيحكمها عقد الوكالة المبرم بينهما ؛ وليس للوكيل أن يستأثر لنفسه بآثار ما وكل فيه من حقوق، كما أن الوكيل يرجع على الموكل بما نشأ عليه بموجب العقد من التزامات ما دامت في حدود نيابته، وتبقى العلاقة مزدوجة فيما بين الأطراف الثلاثة علاقة بين الوكيل والبائع يحكمها عقد البيع، وعلاقة بين الموكل والوكيل يحكمها عقد الوكالة؛ فالوكيل إذا لم يصرح بوكالته لمن تعاقد معه لا يختلف في علاقته مع موكله عن الوكيل الذي صرح بها؛ فلا فرق بينهما من حيث واجبات الوكيل ومسؤوليته تجاه موكله وعدم استئثاره بالصفقة التي أبرمها دونه.

وبينت الفقرة الثانية أنه لا يجوز للوكيل في الشراء أن يشتري لموكله من ماله أو من مال أصوله أو فروعه أو زوجه أو ممن كان التصرف معه يجر مغنمًا أو يدفع مغرمًا للوكيل إلا بإذن موكله.

تتناول المادة حالتين ينصرف فيهما تعاقد الوكيل في الشراء إلى الوكيل لا إلى الموكل:

تناولت الفقرة الأولى الحالة الأولى، وهذه الحالة تتصل بالأثر المترتب على مخالفة الوكيل في الشراء التزاماته الواردة في المادة (٤٩٠) بعدم الشراء بأكثر من ثمن المثل إذا لم يعين له الموكل الثمن، وبعدم الشراء بأكثر من الثمن الذي عينه الموكل إذا عين له الثمن؛

فقررت الفقرة أن الوكيل إذا اشترى لموكله بغبن أي بزيادة عن سعر المثل خارجة عن المعتاد في حال لم يعين الموكل له الثمن، أو اشترى الوكيل بأكثر من الثمن الذي عينه له الموكل؛

فإن الموكل في كلتا الحالتين أي الشراء بغبن أو بأكثر من الثمن المعين يكون له الخيار بين أمرين:

الخيار الأول: ألا يجيز الموكل تصرف الوكيل؛ فينصرف الشراء في هذه الحالة إلى الوكيل لا إلى الموكل ولو كان الوكيل قد ذكر في العقد أنه يشتري بصفته وكيلاً عن موكله؛ لأنه خالف التزامه ببذل العناية الواجبة في تنفيذ الوكالة، وألا يجاوز في تنفيذها حدود الوكالة؛ فلم ينفذ العقد في حق الموكل.

ونفاذ الشراء في حق الوكيل وليس الموكل لا يحول دون حق المتعاقد الآخر الذي تعاقد مع الوكيل في طلب إبطال العقد للغلط في شخص المتعاقد معه متى توفرت شروط الإبطال للغلط.

والخيار الثاني: أن يجيز الموكل تصرف الوكيل؛ فينصرف العقد في هذه الحالة إلى الموكل، ويكون له حق مطالبة الوكيل بالتعويض عن الزيادة عن الثمن الذي عينه إن كان قد عين له الثمن، أو التعويض عن قدر الغبن وهو الزيادة الخارجة عن المعتاد دون الزيادة اليسيرة إذا لم يكن قد عين له الثمن ولم يكن للمبيع قيمة معروفة ومحددة في السوق.

ويفهم من الفقرة أنه إذا لم يعين الموكل الثمن ولم يكن شراء الوكيل بغبن أي بزيادة خارجة عن المعتاد؛ فليس للموكل أن يتمسك بعدم نفاذ العقد في حقه، وخرج بهذا صورتان

الصورة الأولى: إذا لم يعين الموكل الثمن، وكان للمبيع قيمة معروفة ومحددة في السوق؛ فاشتراه الوكيل بزيادة يسيرة؛ فيكون للموكل مطالبة الوكيل بالتعويض عن تلك الزيادة تطبيقاً للمادة (٤٩٠) وليس للموكل التمسك بعدم نفاذ العقد في حقه.

والصورة الثانية: إذا لم يعين الموكل الثمن، ولم يكن للمبيع قيمة معروفة ومحددة في السوق؛ فاشتراه الوكيل بزيادة يسيرة؛ فليس للموكل طلب التعويض ولا التمسك بعدم نفاذ العقد في حقه؛ لأن وقوع مثل ذلك في التعامل بين الناس أمر معتاد.

وتناولت الفقرة الثانية حالة ثانية ينصرف فيها تعاقد الوكيل في الشراء إلى الوكيل لا إلى الموكل، وهي ما إذا صرح الوكيل في الشراء بأنه يشتري الشيء لنفسه في حضور الموكل، فيكون الشراء للوكيل؛ لأن سكوت الموكل مع علمه بأن الوكيل يشتري لنفسه يعد موافقة ضمنية منه على أن ما اشتراه الوكيل لنفسه وليس للموكل، وما تضمنته الفقرة يعد استثناء للحكم المقرر في الفقرة (۱) من المادة (٥٩١) ؛ فلو كانت الوكالة في شراء شيء معين بالذات وصرح الوكيل عند الشراء أنه يشتري الشيء لنفسه في حضور الموكل دون اعتراض منه؛ فيكون الشراء للوكيل.

بينت المادة الحكم فيما إذا دفع الوكيل في الشراء ثمن المبيع من ماله لا من مال موكله؛

والأصل أن الوكيل بالشراء يشتري من مال الموكل في الحدود التي تضمنتها الوكالة، إلا أن الوكيل قد يبادر - مع كونه غير ملزم بأن يدفع الثمن من ماله ولا ينتظر أن يدفع له الموكل الثمن؛

فقررت المادة أن للوكيل في الشراء متى كان تنفيذه الوكالة في الحدود المقررة له أن يرجع على الموكل بثمن المبيع الذي دفعه، وبجميع النفقات التي أنفقها في سبيل تنفيذ الوكالة بالقدر المتعارف عليه، مثل ضريبة الشراء وعمولة السمسرة ونفقات سفره إن اقتضى تنفيذ الوكالة أن يسافر الوكيل، كما له المطالبة بالتعويض عن أي ضرر في سبيل تنفيذ الوكالة التنفيذ المعتاد وفق ما سيأتي في المادة (٥٠٠)، وليس للموكل أن يرفض رجوع الوكيل عليه بحجة أن الوكيل تعجل في دفع الثمن، أو بحجة أن الشراء وقع للوكيل لقرينة دفعه الثمن من ماله، أو أنه متبرع؛ إذ التبرع لا يفترض.

وما قررته المادة يعد تطبيقاً للأصل العام الذي قررته المادتان (٩٦ - ٩٩) في عموم الوكالة في أي تصرف نظامي.

تشرع المادة مع المادتين التاليتين ( ٤٩٥ ، ٤٩٦ ) في بيان بعض تطبيقات التزام الوكيل في البيع بعدم تجاوز حدود الوكالة، وببذل العناية الواجبة.

فبينت الفقرة الأولى أن من مقتضى التزام الوكيل في البيع بعدم تجاوز حدود الوكالة وببذل العناية الواجبة عدم جواز أن يبيع الوكيل المبيع بأقل من الثمن الذي عينه له الموكل، وإذا لم يعين الموكل الثمن؛ فلا يجوز للوكيل أن يبيعه بأقل من ثمن مثله المعتاد، ولو كان النقص يسيراً إذا كان للمبيع قيمة محددة في السوق، وإذا لم تكن للمبيع قيمة محددة جاز أن يبيعه بنقص يسير، ولا يجوز أن يبيعه بغبن؛ وهو ما نقص عن ثمن المثل بقدر خارج عن المعتاد.

والسبب في منع الوكيل من البيع بأقل من الثمن المعين أو ثمن المثل أن في ذلك تجاوزاً لحدود الوكالة، وإخلالاً بالعناية الواجبة على الوكيل؛ إذ إن تصرفات الوكيل منوطة بمصلحة الموكل؛ فالموكل يُقيم الوكيل مقام نفسه في البيع.

وبينت الفقرة الثانية الأثر المترتب على مخالفة الوكيل في البيع الالتزام الذي قررته الفقرة الأولى؛ فإذا باع الوكيل بأقل من الثمن الذي عينه الموكل، أو بأقل من ثمن المثل دون إذن الموكل؛ فللموكل الخيار بين أمرين

الخيار الأول: ألا يجيز الموكل البيع؛ فلا ينفذ البيع في حقه؛ لأن تصرف الوكيل خارج حدود وكالته؛ إلا أن المادة استثنت ما إذا كان المشتري من الوكيل حسن النية؛ فينفذ البيع في حق الموكل؛ حماية للوضع الظاهر ولاستقرار التعامل، ولأن الموكل هو من سلط الوكيل في التصرف في ماله، وليس للموكل في هذه الحالة إلا الخيار الثاني.

ويكون المشتري حسن النية إذا كان عند التعاقد لا يعلم أن الوكيل مجاوز حدود الوكالة ولم يكن بمقدوره أن يعلم لو أنه بذل من الحرص ما تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد.

والخيار الثاني: أن يجيز الموكل البيع؛ فينفذ البيع في حقه، ويكون له حق مطالبة الوكيل بالتعويض عن النقص عن الثمن الذي عينه إن كان قد عين له الثمن، أو التعويض عن النقص عن ثمن المثل إذا لم يكن قد عين له الثمن وفق التفصيل السابق في الفقرة الأولى؛ فيعوضه عن النقص عن ثمن المثل ولو كان النقص يسيراً إذا كان للمبيع قيمة محددة في السوق، ويعوضه عن قدر الغبن وهو النقص الخارج عن المعتاد دون النقص اليسير إذا لم تكن للمبيع قيمة محددة.

ودلت المادة بمفهومها جواز بيع الوكيل بأزيد من الثمن الذي عينه له الموكل، أو بأزيد من ثمن المثل في حال عدم تعيين الثمن، ويُعد بيعًا صحيحًا وتترتب عليه آثاره النظامية؛ وذلك لأن البيع في الحالتين لمصلحة الموكل، إلا إذا كان للموكل غرض في تحديد الثمن، كما بينت ذلك المادة (486) ، ونصها: لا يعد تصرف الوكيل بما هو أنفع للموكل تجاوزا لحدود الوكالة؛ ما لم يكن للموكل غرض في تحديد الوكالة.

تتناول المادة عدداً من التصرفات التي تتضمن تعارضاً بين مصلحة الوكيل في البيع ومصلحة الموكل؛ ويكون الوكيل ممنوعاً منها بمقتضى التزامه بعدم تجاوز حدود الوكالة وببذل العناية لمصلحة موكله.

فبينت الفقرة الأولى أنه لا يجوز للوكيل في البيع أن يشتري لنفسه ما وكل في بيعه إلا بإذن الموكل؛ لأن شراءه لنفسه ما وكل في بيعه مظنة التهمة في مراعاة مصلحته على حساب مصلحة موكله، ولأن المنع يستند إلى قرينة نظامية هي أن الموكل عندما وكل غيره في البيع ولم يأذن له بأن يشتري لنفسه بالتعاقد؛ فهو لم يقصد التوسع في هذه الوكالة إلى الحد الذي يبيح للوكيل أن يشتريه لنفسه؛ لما في ذلك من تعارض في المصالح لا يقتضيها مطلق النيابة.

وما تضمنته الفقرة تطبيق لحكم المادة (93) من منع تعاقد النائب مع نفسه إذا لم يكن مأذوناً له بذلك، والمادة (356) في منع شراء النائب لنفسه إذا لم يكن مأذوناً له بذلك.

وبينت الفقرة الثانية أن الوكيل بالبيع كما يمنع من الشراء لنفسه يمنع كذلك من أن يبيع إلى أصوله أو فروعه أو زوجه أو من كان البيع له منه يجر مغنماً للوكيل أو يدفع عنه مغرماً كمديره في العمل إلا بإذن الموكل ؛ لأن بيع الوكيل لأي من هؤلاء تلحقه به التهمة بكونه يهدف من هذا التعامل جلب منفعة له أو لهم؛ فلا يحتاط لمصلحة الموكل فيما يبيعه؛ فضمانات حماية مصلحة الموكل لا تتوفر في هذا التصرف بالقدر الواجب.

وإذن الموكل بالبيع سواء في شراء الوكيل لنفسه أو بيعه لأصوله أو فروعه أو زوجه أو لمن يجر له مغنماً أو يدفع عنه مغرماً يجعل العقد نافذاً في حق الموكل سواء كان الإذن سابقاً على التصرف، أو كان بإجازة لاحقة له؛ لأن المنع إنما كان لمصلحته، فجاز له أن يتنازل، وإذا أجاز الموكل البيع استندت الإجازة إلى وقت البيع لا وقت صدور الإجازة.

وليس للموكل أن يحتج بعدم نفاذ البيع في حقه تجاه خلف المشتري إذا كسب ذلك الخلف حقاً عينياً معاوضة بحسن نية؛ تطبيقاً للمادة (٣٥٧).

تتناول المادة تطبيقاً آخر من تطبيقات التزام الوكيل في البيع بعدم تجاوز حدود الوكالة وببذل العناية الواجبة؛

فبينت الفقرة الأولى أنه لا يجوز للوكيل أن يبيع مال موكله بثمن مؤجل إلا إذا كان مأذونا له بذلك صراحة أو ضمناً، فإذا وكل شخص آخر في بيع سيارة دون بيان ما إذا كان البيع حالاً أو مؤجلاً، فليس للوكيل أن يبيعها إلا حالاً، إلا إذا أذن الموكل بالبيع مؤجلاً، سواءً كان الإذن صريحًا أو ضمنيًا، ومن الإذن الضمني أن يكون الوكيل معروفًا بأنه لا يتوكل إلا في البيع المؤجل، أو جرى العرف بأن بيع هذا النوع من المال لا يكون إلا مؤجلا.

وإذا قيده بالبيع مؤجلاً؛ فله أن يبيعه حالاً إن كان بنفس السعر؛ لأن هذا من مصلحة الموكل تطبيقا لنص المادة (486) "لا يعد تصرف الوكيل بما هو أنفع للموكل تجاوزا الحدود الوكالة؛ ما لم يكن للموكل غرض في تحديد الوكالة."

وإذا قيده بالبيع مؤجلاً؛ فله أن يبيعه حالاً إن كان بنفس السعر؛ لأن هذا من مصلحة الموكل تطبيقا لنص المادة (486) "لا يعد تصرف الوكيل بما هو أنفع للموكل تجاوزا الحدود الوكالة؛ ما لم يكن للموكل غرض في تحديد الوكالة."

وبينت الفقرة الثانية أن للوكيل عند البيع المؤجل أخذ رهن أو كفيل على المشتري وإن لم يفوضه الموكل بذلك؛ لأن هذا من مصلحة الموكل؛ ولأن فيه ضماناً وتوثقًا للثمن المؤجل، فهو تصرف بما هو أنفع للموكل تطبيقا للمادة (486).

بينت المادة التزاماً آخر من التزامات الوكيل وذلك بتزويد الموكل بأمرين الأمر الأول: المعلومات الضرورية المتعلقة بالوكالة.

والأمر الثاني: تقديم حساب عن الوكالة. فالوكالة غالباً تستغرق وقتاً طويلاً، وفي إلزام الوكيل بموافاة الموكل بالمعلومات الضرورية التي وصل إليها في تنفيذ الوكالة حماية لمصلحة الموكل؛ إذ يكون على بصيرة بالوكالة والآثار المترتبة عليها، ويكون على علم بالوكالة من حيث بداية التنفيذ ونهاية التنفيذ ومراحل التنفيذ ومآل التصرفات، ومتى ينتهي التصرف؛ فيستطيع اتخاذ القرار المناسب.

كما أن في التزام الوكيل بتقديم حساب عن الوكالة بعد إنجاز العمل، أو بعد انتهاء المدة التي حددها له الموكل في عقد الوكالة تحقيق لمصلحة الموكل؛ إذ يتبين له الحقوق التي له والتي عليه، وله الرجوع على الوكيل بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال الوكيل بتسليم ما تسلمه من الموكل عن أعمال وكالته، ويُستثنى من التزام الوكيل بتزويد موكله بالمعلومات الضرورية وتقديم حساب عنها ما اقتضى الاتفاق أو طبيعة المعاملة خلاف ذلك؛ كما لو كان الاتفاق يعفي الوكيل من تزويد الموكل بالمعلومات أو تقديم الحساب، أو جرى العرف بذلك، أو كانت طبيعة المعاملة لا تستدعي تزويد الموكل بالمعلومات أو تقديم الحساب.

ويتحقق أداء الوكيل عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الوكالة؛ فإذا كان أداء الوكيل عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد.

وبينت الفقرة الثانية أن وكيل البيع لا يملك حبس مال موكله الذي تسلمه لحسابه بصفته وكيلاً عن الموكل إلا إذا اتفقا على ذلك، أو جرى عرف بالحبس؛ وذلك لأن ملكية الثمن تعود للموكل.

قررت المادة أن على الوكيل أن يسلم لموكله ما تسلمه عن أعمال وكالته؛

ويلتزم الوكيل في تسليم ما تسلمه لموكله بأن يبذل في ذلك عناية الشخص المعتاد، ويسلم ما تسلمه لموكله في موعد التسليم المتفق عليه، فإن لم يتفق على موعد لتسليم ما تسلمه فيكون التسليم وقت إنجاز الوكيل عمله، أو بانتهاء المدة المتفق عليها في الوكالة.

كما أن على الوكيل أن يسلم لموكله ما تسلمه من مال، أو ثمن بيع، أو مستندات، أو أوراق ثبوتية وغيرها من المنقولات التي تسلمها الوكيل عن أعمال وكالته، سواء كان ذلك بصفته وكيلاً أصلياً للموكل، أو بصفته وكيلاً بالعمولة، ويعد تسليم الوكيل ما تسلمه عن أعمال وكالته التزاماً أصلياً يترتب على عقد الوكالة، ويختلف هذا الالتزام عن رد الوكيل الوديعة في نهاية عقد الوكالة إذا كانت الوكالة تتضمن أمانة عند الوكيل.

ويشمل تسليم الوكيل ما تسلمه كل ما هو متصل بالمال محل الوكالة، كزيادته أو ثماره التي تنتج منه، ومن ذلك أيضاً المنافع التي يكتسبها الوكيل من مال موكله؛ فإذا اشترى الوكيل مالاً لموكله بأقل من ثمن المثل فإن فرق الثمن يدخل ضمن ما تسلمه الوكيل لموكله، ويعود للموكل.

ومن آثار الالتزام بالوكالة أن يلزم الوكيل بتسليم كل ما تسلمه لموكله إلى وقت انتهاء عقد الوكالة؛ إذ يترتب على انتهاء عقد الوكالة انتهاء كل ما يصدر من الوكيل في شأنها من تصرفات.

تتناول المادة التزام الموكل بوفاء الأجر المتفق عليه للوكيل، بعد أن بينت المواد السابقة التزامات الوكيل،

فبينت الفقرة الأولى أن الأصل أن الموكل يلتزم بالوفاء بالأجر المتفق عليه للوكيل متى أدى الوكيل عمله، وليس للموكل الامتناع عن دفع الأجر بحجة أن الوكيل لم يلتزم بتسليم ما تسلمه من الموكل عن أعمال وكالته؛

وذلك لأن الالتزامين مستقلان عن بعضهما، فلا يؤثر عدم تنفيذ أحدهما على الآخر، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك، أو جرى عرف يعطي الموكل حق حبس الأجر المتفق عليه حتى يسلم الوكيل ما تسلمه من الموكل عن أعمال وكالته.

ويتحقق أداء الوكيل عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الوكالة؛ فإذا كان أداء الوكيل عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد.

بينت المادة أثر إخلال الموكل بالالتزام بالوفاء بأجر الوكيل على العلاقة بينهما.

فبينت الفقرة الأولى أنه إذا كان الوكيل قد استحق الأجر بانتهاء العمل، ثم امتنع الموكل عن دفع الأجر، فللوكيل حينئذ حبس ما تسلمه لحساب موكله من مال عن أعمال وكالته، حتى يستوفي أجره، وذلك بشرط أن يكون الأجر مستحقاً، وأن يكون الذي تسلمه من الوكالة متعلقاً بالوكالة، ويستوي أن يكون الذي تسلمه نقداً أو عيناً، ولا يجوز له حبس ما تسلمه عن وكالة أخرى لا علاقة لها بالوكالة التي لم يدفع الموكل أجرها، وإذا حبس الوكيل ما تسلمه عن أعمال وكالته فلا يضمن ما هلك دون تعد أو تقصير منه، كما لا يجوز له حبس مال الموكل إلا بالقدر الذي يكفي لتسديد الأجر المستحق له، وإذا استوفى الوكيل أجره من المال الذي حبسه فيجب عليه أن يرد باقي المال إلى الموكل.

وما قررته الفقرة هو تطبيق لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ المنصوص عليها في المادة (114) ، وهي أن الموكل لا يلتزم بالوفاء بالأجر إلا بعد تسليم ما تسلمه الوكيل عن أعمال وكالته؛ وذلك لوجود ارتباط بين التزام الموكل بالوفاء بأجر الوكيل والتزام الوكيل بتسليم ما تسلمه لموكله عن أعمال وكالته؛ فكل منهما سبب في التزام الآخر.

وبينت الفقرة الثانية أنه يجوز للوكيل أن يرجع على الموكل للمطالبة بأجره عن طريق القضاء، وله المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال الموكل بدفع الأجر المتفق عليه، ويقدر التعويض هنا بالضرر الذي لحق بالوكيل من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة.

وفي حال كانت الوكالة بأجر فإنه لا يجوز للموكل أن يمتنع عن دفع أجر الوكيل إذا كان الوكيل قد استحق الأجر بانتهاء العمل، وله الرجوع على الوكيل بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال الوكيل بتسليم ما تسلمه من الموكل عن أعمال وكالته.

بينت المادة أن القواعد العامة المقررة في أحكام التعاقد بالنيابة الواردة في القسم الأول من هذا النظام في المواد (٨٧ – ٩٣) تسري على علاقة الموكل والوكيل بالغير الذي تعاقد مع الوكيل؛

إذ النيابة في التعاقد وفقاً للمادة (٨٧) تكون اتفاقية أو قضائية أو نظامية، ومن النيابة الاتفاقية الوكالة.

ولا يؤثر سريان أحكام التعاقد بالنيابة على علاقة الموكل والوكيل بالغير على علاقة الموكل بالوكيل؛ فيسري على العلاقة بينهما أحكام الوكالة.

بينت المادة جملة من الأسباب التي ينتهي بها عقد الوكالة وهي:

السبب الأول: إنجاز الوكيل العمل الموكل فيه، فلو كان العمل الموكل فيه الوكيل هو الترافع في قضية معينة، فإن الوكالة تنتهي بانتهاء القضية، سواء نجح الوكيل فيما توكل فيه أو لم ينجح .

والسبب الثاني: انقضاء الأجل المعين للوكالة، كما لو وكل شخص آخر في إدارة عقاره لمدة سنة، فتنتهي الوكالة بانتهاء السنة، فإن استمر الوكيل بالعمل بعد انقضاء الأجل بعلم الموكل ودون معارضته، كان هذا تجديداً ضمنياً للوكالة.

والسبب الثالث: موت الوكيل أو الموكل، لأن عقد الوكالة قائم على اعتبار شخصية الموكل والوكيل، سواء أكانت الوكالة بأجر أم بدون أجر، فينتهي عقد الوكالة بموت أحدهما، على أنه إذا مات الموكل فإنه يجب على الوكيل أن يصل بالأعمال التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها للتلف، وتبقى الوكالة قائمة فيما يتعلق بما يقوم به من أعمال لهذا الغرض، وانتهاء الوكالة بموت الموكل أو الوكيل ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه، وتكون التزاماً في حدود التركة.

والسبب الرابع: إذا فقد الوكيل أو الموكل أهليته؛ فإذا فقد الموكل أهليته انتهى عقد الوكالة؛ لأنه لا يمكن أن ينصرف أثر التصرف الذي يجريه الوكيل إليه لفقده الأهلية، وإذا فقد الوكيل أهليته، انتهى عقد الوكالة؛ لأن الوكيل لا يستطيع مباشرة التصرف الذي وكله فيه الموكل.

تشير المادة إلى سبب من أسباب انتهاء الوكالة، وهو عزل الموكل للوكيل؛ فيجوز للموكل أن يعزل الوكيل من الوكالة، سواء أكانت الوكالة بأجر أم بدون أجر، كما أنه يجوز للموكل أن يقيد من الصلاحيات التي منحها للوكيل ، فلو وكله في البيع والشراء واستلام الثمن مثلاً ثم أراد أن يقيد ذلك بالبيع والشراء دون استلام الثمن، فتكون صلاحيات الوكيل مقصورة على البيع والشراء دون استلام الثمن .

وللموكل عزل الوكيل وتقييد صلاحيته في أي وقت أراد، ويكون العزل والتقييد صريحًا أو ضمنيًا، فيكون صريحاً بأن يصرح الموكل بعزل وكيله، ويكون ضمنيًا مثل أن يقوم الموكل بتوكيل شخص آخر والعمل الموكل به لا يقوم به سوی شخص واحد فيحمل ذلك على العزل الضمني، وكذلك الحال في التقييد.

وحق الموكل في عزل وكيله وتقييده مقيّد في حالتين، نصت هذه المادة على الحالة الأولى، وهي ألا تكون الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح الغير، مثال الوكالة التي تعلقت بها مصلحة الوكيل أن يوكل الشركاء في الشيوع شريكا منهم في إدارة المال الشائع، فالوكالة هنا ليست في صالح الموكل فقط وإنما في صالح الوكيل أيضا، ومثال الوكالة التي تعلق بها مصلحة الغير أن يوكل شخص آخر ببيع منزل له وقبض ثمنه ووفاء دين في ذمته للغير، فالوكالة هنا تعلق بها حق للغير وهو دائن الموكل؛ فمتى كانت الوكالة لصالح الوكيل أو الغير فليس للموكل أن ينهي الوكالة بعزل الوكيل أو يقيدها دون أن يوافق من له مصلحة في ذلك، فإن لم يوافق صاحب المصلحة فإن الوكالة تبقى قائمة، وينصرف أثر التصرف إلى الموكل .

وأشارت المادة التالية (496) إلى الحالة الثانية. وبينت المادة أن على الموكل في كل الأحوال إذا عزل وكيله أو قيد صلاحياته في الوكالة، أن يُعلم الوكيل بالعزل أو التقييد، فإذا لم يعلم الموكل الوكيل بالعزل أو التقييد لم ينتج العزل أو التقييد أثره، وتبقى الوكالة قائمة؛ فلو تعاقد الوكيل بعد عزله وقبل إعلامه مع شخص حسن النية انصرف أثر التعاقد إلى الموكل.

تشير المادة إلى الحالة الثانية التي يكون فيها حق الموكل في عزل وكيله أو تقييده مقيداً؛ وهي ما إذا كانت الوكالة بأجر وعزل الموكل وكيله في وقت غير مناسب أو بغير مسوغ مقبول؛ فإن العزل يكون صحيحًا، وينعزل الوكيل عن الوكالة؛ إلا أنه يلزم الموكل تعويض الوكيل عن أي ضرر يلحقه بسبب هذا العزل؛ كأن يقضى له بالأجر كله أو بعضه بحسب تقدير المحكمة؛ لأن العزل في هذه الحالة ينطوي على تعسف يستوجب التعويض.

والفرق بين هذه الحالة والحالة الواردة في المادة (٥٠٣) هو أن العزل في هذه الحالة يكون صحيحاً وينعزل الوكيل؛ مع وجوب التعويض على الموكل؛ بينما في تلك الحالة لا ينعزل الوكيل وتبقى وكالته قائمة، وينصرف أثر تصرفه للموكل.

تشير المادة إلى سبب من أسباب انتهاء الوكالة، وهو تخلي الوكيل عن وكالته .

فبينت الفقرة الأولى من المادة أن يجوز للوكيل أن يتخلى عن الوكالة إذا لم تتعلق بما مصلحة الغير، بشرط أن يُعلم الوكيل موكله بتخليه عن الوكالة.

وبينت الفقرة الثانية أن الوكالة إذا تعلق بها مصلحة الغير ؛ كما لو كان الوكيل معهوداً إليه بوفاء دين للغير في ذمة الموكل من مال الموكل الذي بيد الوكيل؛ فلا يجوز للوكيل أن يتخلى عن الوكالة إلا إذا توفرت ثلاثة شروط: الشرط الأول: وجود أسباب جدية تسوّغ تخلي الوكيل. والشرط الثاني: أن يُعلم الوكيل الغير الذي تعلقت مصلحته بهذه الوكالة بتخليه عنها. والشرط الثالث: أن يمهل الوكيل الغير وقتًا كافيًا ليتخذ ما يراه مناسباً لرعاية مصلحته التي تعلقت بهذه الوكالة. وإذا لم تتوفر الشروط الثلاثة فليس للوكيل أن يتخلى عن وكالته .

وقررت الفقرة الثالثة قاعدة عامة وهي أن على الوكيل في جميع الأحوال التي يتخلى فيها عن الوكالة أن يلتزم بمتابعة القيام بالأعمال التي بدأها حتى يبلغ مرحلة لا يخشى معها ضرر على الموكل. وتشمل هذه الفقرة بعمومها جميع حالات الوكالة بغير أجر، سواء لم يتعلق بها مصلحة الغير أو تعلق بها مصلحة الغير وتوفرت فيها الشروط الثلاثة المبينة في الفقرة الثانية؛ لأن تلك الشروط تتعلق بمصلحة الغير لا مصلحة الموكل؛ فحتى مع توفر تلك الشروط يبقى الوكيل ملتزماً تجاه موكله بأن يتابع القيام بالأعمال التي بدأها حتى يبلغ مرحلة لا يخشى معها ضرر على الموكل، والأثر المترتب على مخالفة الوكيل لحكم هذه الفقرة بأن تخلى عن الوكالة في مرحلة يلحق الموكل منها ضرر هو أن التخلي يكون صحيحاً، ولكن يلزم الوكيل أن يعوض الموكل عن الضرر الذي لحقه من جراء تخليه قبل بلوغ مرحلة يكون فيها الموكل في مأمن من الخطر.

وبينت الفقرة الرابعة أنه إذا كانت الوكالة بأجر وتخلى الوكيل عنها في وقت غير مناسب أو دون مسوغ مقبول؛ فإن تخليه يكون صحيحاً وينتهي عقد الوكالة، ولكن يلزم الوكيل أن يعوض الموكل عن الضرر الذي يلحقه بسبب ذلك؛ لأن تخلي الوكيل في هذه الحالة تعسف يستوجب التعويض. وبه يتبين أن نطاق التعويض الذي يلزم الوكيل لموكله في حال تخليه عن الوكالة بأجر أوسع منه مقارنة بالوكالة بغير أجر؛ ففي الوكالة بأجر يلزمه التعويض إذا كان تخليه في وقت غير مناسب ولو كان تخليه عن عمل لم يشرع فيه، أو كان تخليه بغير مسوغ مقبول، بينما في الوكالة بغير أجر لا يلزمه التعويض إلا إذا تخلى عن الوكالة في عمل شرع فيه ولم يبلغ به مرحلة لا يخشى معها ضرر على الموكل، ولا يلزم أن يكون تخليه لمسوغ مقبول؛ فلو تخلى عن الوكالة دون مسوغ مقبول في مرحلة لا ضرر على الموكل لو لم يتابع الأعمال التي بدأها؛ فلا يلزمه التعويض.

بينت المادة تعريف عقد الإيداع؛ وأنه عقد بين طرفين وهما المودع والمودع لديه، يلتزم بمقتضاه المودع لديه بحفظ مال المودع وهو الوديعة، ورده بعينه عند انتهاء عقد الإيداع.

ويتبين من هذا التعريف أن العقد لا يكون عقد إيداع إلا إذا كان الغرض الأساس منه هو الحفظ؛ وأما إذا تضمن العقد حفظاً للمال ولم يكن هو المقصود من العقد فليس بعقد إيداع؛ فالإيجار والإعارة والوكالة والشركة والمضاربة، والمقاولة إذا كانت المواد مقدمة من صاحب العمل، وغيرها كل هذه العقود تتضمن التزاماً على المتعاقد بحفظ ما بيده للمتعاقد الآخر ولا تعد بذلك عقد إيداع؛ لأن الالتزام بالحفظ في هذه العقود إنما جاء تبعاً وبصفة غير أصلية.

وإذا ترك الشخص متاعه عند آخر دون أن يلتزم الآخر بحفظه صراحة أو ضمناً فليس بعقد إيداع؛ مثل أن يترك الخادم أمتعته في منزل مخدومه، أو يضع الشخص معطفه في مطعم أو يخلع ملابسه في ناد رياضي، ما لم يتبين من ظروف الحال التزام الآخر بالحفظ؛ فيعد ذلك تعاقداً ضمنياً على الإيداع، مثل أن يخصص صاحب المطعم أو النادي مكاناً لحرز هذه الأشياء، أو يخصص الشخص موقفًا لحفظ السيارات ونحو ذلك.

ويتبين من التعريف أنه لا يشترط في عقد الإيداع أن تكون الوديعة مالاً قيمياً أو مثلياً؛ فيرد العقد على الأموال المثلية كسبائك ذهب أو أجهزة جديدة ونحو ذلك؛ كما يرد على الأموال القيمية؛ كالأشياء المستعملة؛ ولا يشترط كذلك أن يكون مالاً غير استهلاكي؛ فيصح إيداع الطعام من حبوب أو ثمار وغيرها على أن يردها المودع لديه بعينها.

ويمكن تلخيص خصائص عقد الإيداع بما يلي: الخاصية الأولى: أن الأصل فيه أنه من عقود التبرع؛ وإذا كان الإيداع بأجر عد من عقود المعاوضة . الخاصية الثانية أنه من العقود العينية إذا كان بلا أجر، وإذا كان بأجر فهو عقد رضائي . الخاصية الثالثة: أنه من حيث الأصل ملزم من جانب واحد، وهو المودع لديه، وإذا كان بأجر فهو ملزم للجانبين. الخاصية الرابعة غلبة الاعتبار الشخصي على هذا العقد؛ لاسيما في جانب المودع لديه. الخاصية الخامسة: أنه عقد غير لازم من جانب المودع؛ فله طلب رد الوديعة في أي وقت؛ ما لم يتبين أن الأجل لمصلحة المودع لديه.

بينت المادة أن الأصل في عقد الإيداع هو كونه على سبيل التبرع؛ فليس للمودع لديه أجر مقابل حفظه للوديعة، ويجوز الاتفاق على أن يكون بأجر ؛ سواء كان الاتفاق صريحاً أم ضمنياً. ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف في أنواع معينة من الودائع على حفظها بأجر، أو يكون المودع لديه ممن يقوم بالحفظ على وجه الاحتراف والمهنة فيعد ذلك اتفاقاً ضمنياً على الأجر ؛ ويستحق المودع لديه أجراً مقابل حفظه للوديعة، وإن لم يصرح بذلك.

بينت المادة شرط انعقاد عقد الإيداع إذا كان بلا أجر، وهو قبض الوديعة؛

وعلى هذا فإن عقد الإيداع على نوعين:

النوع الأول: أن يكون عقد الإيداع بأجر؛ فالعقد في هذه الحالة رضائي؛ يكفي لانعقاده تبادل الإيجاب والقبول صراحة أو ضمناً؛ دون أن يتوقف انعقاد العقد على القبض.

والنوع الثاني: أن يكون عقد الإيداع بلا أجر؛ فالعقد في هذه الحالة عيني لا رضائي؛ فلا يكفي لانعقاده تبادل الإيجاب والقبول، بل لابد فوق ذلك من قبض المودع لديه للوديعة؛ ولا أثر للإيداع قبل القبض؛ فيجوز للمودع لديه قبل القبض رفض تسلم الوديعة؛ ولا يكون عليه أي التزام قبل المودع؛ ومتى قبض المودع لديه الوديعة انعقد العقد حينئذ وترتبت آثاره، وحكم هذه المادة استثناء بنص نظامي.

تتناول المادة الالتزام الأول من التزامات المودع لديه، وهو حفظ الوديعة؛ فجاءت الفقرة الأولى لبيان مقدار العناية التي يلزم المودع لديه بذلها في حفظ الوديعة، وقد فرقت المادة بين الإيداع بأجر والإيداع بلا أجر على النحو الآتي:

أولاً: إن كان المودع لديه لا يتقاضى أجراً ؛ فالمعيار المعتبر هو المعيار الشخصي، وهو أنه لا يلزمه في حفظ الوديعة إلا ما يبذله في حفظ ماله الخاص إذا كانت هذه العناية هي دون عناية الشخص المعتاد، أما إذا كانت أعلى منها فلا يلزمه سوى عناية الشخص المعتاد. وما تضمنته الفقرة يعد استثناء بنص النظام لما تضمنته المادة (16) والتي نصها: "إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه، فإنه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه عناية الشخص المعتاد ولو لم يتحقق الغرض المقصود، ما لم يقض نص نظامي بخلاف ذلك".

ثانياً: إن كان المودع لديه يتقاضى أجراً ؛ فالمعيار المعتبر هو المعيار الموضوعي، ولذلك أجري عليه القاعدة العامة التي تفرض على المدين عناية الشخص المعتاد، ويلحق بها ما إذا كان الإيداع في مصلحة المودع لديه وحده. وهذا التفريق يراعي العرف الذي لا يطلب من المتبرع بالحفظ عناية مماثلة للتي يطلبها ممن يأخذ عليها أجراً ويمتهن القيام بها.

وجاءت الفقرة الثانية بتطبيق للفرق بين نوعي العناية المطلوبة من المودع لديه؛ فبينت أنه إذا كان الإيداع بلا أجر فللمودع لديه أن يحفظ الوديعة بنفسه أو بمن يأتمنه على حفظ ماله ممن يعولهم من أهل بيته ؛ إذا اقتضى الأمر ذلك، ولو بلا إذن المودع ولا يعد المودع لديه بذلك مقصراً في حفظ الوديعة ؛ إذ لا يكلف المودع لديه بلا أجر أكثر من العناية التي يبذلها في حفظ ماله، وهذه منها، والمسوغ للعدول عن غلبة الاعتبار الشخصي في عقد الإيداع في هذه الصورة هو دلالة الحال ؛ فالمودع إذا لم يشترط على المودع لديه أن يحفظها بنفسه وكان الإيداع بلا أجر فقد عد النظام ذلك قرينة على قبول المودع ضمناً أن يحفظ المودع لديه الوديعة بالطريقة التي يحفظ بها ماله، ومن ذلك إذا كان من حاله أن يحفظ ماله عند من يعولهم ؛ ولذا جاء التعبير في هذه المادة ب"الحفظ" لا "الإيداع" خلافاً للمادة (510) ؛ للدلالة على أن حفظها لدى من يعوله إنما هو عمل مادي من مقتضيات حفظه هو ، ولا يعد تصرفاً نظامياً بالإيداع لدى الغير. وبينت الفقرة أنه إذا كان الإيداع بأجر فليس للمودع لديه أن يحفظ الوديعة لدى من يأتمنه على حفظ ماله ممن يعولهم ؛ لأن المطلوب من المودع لديه في هذه الحالة عناية الشخص المعتاد؛ وليس ذلك منها.

وهذه الأحكام ليست من النظام العام؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على تعديلها سواء بزيادة مسؤولية المودع لديه أو إنقاصها أو الإعفاء منها ؛ فمثال الزيادة أن يشترط المودع عناية الشخص المعتاد ولو كان الإيداع بلا أجر، ومثال الإنقاص أن يشترط المودع لديه عناية مثله في الإيداع بأجر، ومثال الإعفاء أن يشترط المودع لديه عدم مسؤوليته عن خطئه ؛ فيصح جميع ذلك ما لم يكن عن غش أو خطأ جسيم تطبيقاً للمادتين (173, 174) من القواعد العامة ، وإذا حصل الشك في تفسير أي شرط فيفسر في مصلحة من يتحمل عباه؛ ففي حال اشتراط زيادة المسؤولية يفسر الشك لمصلحة المودع لديه، وأما في حال الحد أو الإعفاء من المسؤولية فيفسر الشك لمصلحة المودع؛ تطبيقاً للمادة (104).

بينت المادة الالتزام الثاني من التزامات المودع لديه، وهو أن يلتزم بألا يحل غيره محله في الإيداع ؛ فليس له أن يودع الوديعة لدى الغير سواء كان الإيداع بأجر أم بغير أجر، وهذا الالتزام كما هو ظاهر التزام سلبي بامتناع عن عمل ؛ والموجب لهذا الالتزام أن عقد الإيداع قائم على الاعتبار الشخصي كما هو الشأن في غيره من العقود القائمة على الاعتبار الشخصي كعقد الوكالة والإعارة .

واستثنت المادة حالتين يجوز للمودع لديه فيهما أن يودع الوديعة لدى الغير:

الحالة الأولى: إذا أذن المودع بذلك ؛ بإذن صريح أو ضمني؛ إذ لم تقيد المادة الإذن بكونه صريحاً.

والحالة الثانية: إذا اضطر المودع لديه إلى ذلك؛ كأن يفاجأه أمر لا يتمكن معه من رد الوديعة ولا استئذان المودع لإيداعها لدى الغير ؛ كسفر مفاجئ أو يداهمه أحد ونحو ذلك ؛ ويجب عليه في هذه الحالة متى زال السبب أن يستعيدها ؛ تطبيقاً للقاعدة الكلية: "الضرورة تقدر بقدرها".

بينت المادة الالتزام الثالث من التزامات المودع لديه، وهو عدم استعمال الوديعة أو أن يرتب عليها حقاً للغير ؛ مثل أن يبيعها أو يؤجرها أو يعيرها أو يرهنها ونحو ذلك. وهذا الالتزام متفرع عن التزامه الأصلي بحفظ الوديعة ؛ فمن مقتضيات حفظ الشيء عدم استعماله أو ترتيب حق للغير عليه، وهذا الالتزام كما هو ظاهر التزام سلبي بالامتناع عن عمل .

ويستثنى من ذلك ما إذا أذن المودع للمودع لديه باستعمالها فله أن يستعملها، ولا يخرج العقد بذلك عن كونه إيداعاً شريطة أن يكون الغرض الأساس من العقد هو الحفظ وليس الاستعمال ؛ مثل أن يودع الشخص سيارته أو ساعته لدى آخر ويأذن له باستعمالها متى أراد، وأما إذا كان الغرض الأساس من العقد هو الاستعمال، والحفظ أمر ثانوي فلا يعد إيداعاً، بل يكون إعارة إذا كان في شيء غير قابل للاستهلاك أو قرضاً إذا كان في شيء مثلي قابل للاستهلاك.

بينت المادة الالتزام الأول من التزامات المودع بمقتضى عقد الوديعة، وهو أن يؤدي الأجر المتفق عليه إذا كان الإيداع بأجر. وأوضحت الوقت الذي يجب فيه أداء الأجر وهو الوقت الذي ينتهي فيه حفظ الوديعة، وإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على أداء الأجر في غير هذا الوقت ؛ كأن يتفق على أدائه عند الإيداع، فيعمل به، ومن الاتفاق الضمني أن يكون هناك عُرف خاص على خلاف ما قررته المادة ؛ فيعمل بذلك.

تشير المادة إلى الالتزام الثاني من التزامات المودع؛ فبينت الفقرة الأولى أن المودع يلتزم بتعويض المودع لديه عن النفقات المعتادة التي يقتضيها حفظ الوديعة؛ وذلك في الأشياء التي يحتاج حفظها إلى مؤونة؛ مثل أن تكون الوديعة حيوانات فينفق على إعلافها، أو بضائع تتطلب حفظها في مستودع بأجرة أو إقامة حارس عليها، ونحو ذلك؛ فللمودع لديه الرجوع بها على المودع ؛ لوجود الإذن الضمني بها من المودع ابتداء؛ لأن طبيعة الوديعة تقتضي ذلك، ويجب أن تكون هذه النفقات بالقدر المعتاد دون مبالغة فيها.

وبينت الفقرة الثانية حالة قد تعرض للمودع لديه أثناء حفظه الوديعة؛ وهي غياب المودع وعدم استطاعة المودع لديه الوصول إليه، مع احتياج الوديعة إلى نفقات غير معتادة، فلا تخلو هذه النفقات من حالتين

الحالة الأولى: أن تكون النفقات ضرورية، فيلتزم المودع بتعويض المودع لديه عنها ولو لم يكن المودع قد أذن بها صراحة؛ لأن فيها دفع ضرر عن المودع، وتطبيقاً لقاعدة المصالح المرسلة؛ إذ العرف والعادة يقتضيان أن يدفع المودع لديه النفقات الضرورية غير المعتادة على الوديعة. وهذا بخلاف ما نصت عليه المادة (٦٩) في قاعدة الوفاء عن الغير؛ حيث نصت على أنه: "لا يجوز للموفي أن يرجع على المدين بما أوفاه إلا إذا كان قد أوفى الدين بأمر المدين، أو بإجازته، أو كان له حق الرجوع بمقتضى نص نظامي."؛ ففي تلك المادة لا يلزم المودع بالتعويض إلا في الحالات المذكورة بخلاف هذه المادة والتي لا تقتضي الرجوع إلا إذا كانت النفقات ضرورية، وعليه فإن رجوع المودع لديه بالنفقات غير المعتادة على الوديعة مع جواز أن يكون ذلك بلا إذن المودع؛ يعد استثناء على القاعدة العامة التي نصت عليها المادة (٦٩).

الحالة الثانية: أن تكون هذه النفقات غير معتادة، وللمودع لديه في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتأمر في الوديعة بما تراه من الإذن له بالإنفاق على الوديعة، أو بيعها أو غير ذلك مما يحفظ الوديعة من الهلاك أو النقص، وتخرج بذلك مما جرى عليه العرف والعادة؛ فلا يلزم المودع بتعويضها إلا بعد إذن المحكمة أو الإذن الضمني من المودع.

بينت المادة الالتزام الثالث من التزامات المودع، وهو تسلم الوديعة عند انتهاء عقد الإيداع، وليس للمودع أن يمتنع عن تسلم الوديعة إذا عرض عليه المودع لديه ذلك متى انتهى عقد الإيداع؛

وإذا امتنع المودع عن تسلم الوديعة دون سبب مشروع؛ جاز للمودع لديه أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتأمر ببيعها، أو بإيداعها لدى جهة أخرى متى كانت الوديعة مما يخشى عليه الهلاك، أو التلف، أو كانت تحتاج إلى نفقة لحفظها، أو كان بقاؤها في حيازة المودع لديه يلحق به ضررًا، وللمودع لديه أن يرجع على المودع بجميع النفقات التي تكبدها المودع لديه من جراء عدم تسلم المودع للوديعة، وأن يرجع عليه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من ذلك؛

مثال ذلك: أن تكون الوديعة حيوانات فتحتاج إلى علف ونفقة فإذا امتنع المودع عن تسلمها؛ جاز للمودع لديه أن يرفع الأمر للمحكمة لتأمر ببيعها وتودع ثمنها في المحكمة، ويرجع المودع لديه بما أنفقه عليها من علف ونفقة على المودع.

وإذا باع المودع لديه الوديعة بإذن المحكمة فإنه يلتزم برد الثمن إلى المودع، وإذا كانت الوديعة مما لا يخشى عليها الهلاك أو التلف، ولا تحتاج إلى نفقة لحفظها، ولا يلحق بقاؤها في حيازة المودع لديه ضرراً به؛ فليس للمودع لديه بيعها؛ وإنما له أن يودعها في المكان الذي تراه المحكمة مناسباً لذلك؛ ويكون ذلك على نفقة المودع.

وإذا باع المودع لديه الوديعة بدون إذن المحكمة؛ فإن البيع لا ينفذ في حق المودع؛ ويكون للمودع الرجوع على المودع لديه بالضمان؛ وذلك بحدود ما يضمنه إذا كان غير متعد أو مقصر.

بينت المادة أثر إخلال المودع بالالتزام بدفع الأجر المتفق عليه أو النفقات المعتادة، فإذا امتنع المودع عن أداء الأجر المتفق عليه أو النفقات المعتادة، فللمودع لديه أن يحبس الوديعة حتى يستوفي حقه، ولا يجوز للمودع لديه حبس الوديعة إذا كانت النفقات غير معتادة ولم يحصل إذن من المحكمة بها؛

كما أن للمودع لديه حبس الوديعة بالقدر الذي يكفي لتسديد الأجر أو النفقات، ولا يجوز له حبس الوديعة كاملة إذا كان ما يستحقه قليلاً؛ إذ إن مصلحة المودع أولى بالرعاية، وتطبق على حق حبس الوديعة ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به المودع لديه مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس.

وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً لقاعدة الدفع بعدم التنفيذ المنصوص عليها في المادة (١١٤)، وهي أن المودع لا يلتزم بأداء الأجر والنفقات إلا بعد تسلم الوديعة؛ وذلك لوجود ارتباط بين التزام المودع لديه بتسليم الوديعة إلى المودع، والتزام المودع بالوفاء بالأجر والنفقات؛ فكل منهما سبب في التزام الآخر.

وما جاء في هذه المادة يختلف عن ضمانات أخرى تقع على الوديعة مثل الرهن الحيازي؛ لأن الحق في الحبس ليس حقاً عينياً على الوديعة، ولكنه ضمان لتنفيذ التزام شخصي من المودع؛ فلا يمنع هذا الحق المودع من التصرف في الوديعة، ويجوز للطرفين الاتفاق على ما يخالف هذا الحكم؛ مثل أن يتفقا على أن المودع لديه لا يحق له حبس الوديعة حتى لو امتنع المودع عن أداء الأجر أو النفقات، أو ما يقوم مقامها كعقد الهبة.

بينت المادة أسباب انتهاء عقد الإيداع، وهي:

السبب الأول: انقضاء الأجل المتفق عليه في عقد الإيداع، سواءً أكان الإيداع بأجر أم بلا أجر.

السبب الثاني: طلب المودع، سواءً أكان الإيداع بأجر أم بلا أجر؛

إذ عقد الإيداع عقد قائم على المنفعة المترتبة من المودع، فللمودع أن ينهي العقد متى أراد.

السبب الثالث: طلب المودع لديه، ولهذه الصورة تفصيل على النحو الآتي:

الحالة الأولى: أن يكون الإيداع بلا أجر، فللمودع لديه أن يطلب إنهاء الإيداع متى أراد؛ إذ عقد الإيداع بلا أجر عقد قائم على التبرع من المودع لديه؛ فله أن ينهيه متى أراد دون أن يلزمه المودع بمدة معينة؛ وهذا بخلاف ما إذا كان الإيداع بأجر، فللمودع لديه أن يطلب إنهاء الإيداع إذا لم تحدد له مدة في عقد الإيداع؛ وذلك إذا كانت هناك أسباب مشروعة تبرر ذلك، كما لو كان بقاء الوديعة يلحق به ضرراً، أو كان يرغب في إشغال المكان الذي يحتفظ به بالوديعة. وإذا لم يكن هناك أسباب مشروعة لطلب إنهاء الإيداع؛ فيبقى عقد الإيداع قائماً إلى أن ينتهي بانتهاء العمل، وهذا الحكم يخالف حكم المادة (405) من القواعد العامة من أنه "للمعير أن يسترد العارية متى شاء"؛ ففي تلك المادة لا يلزم المعير بتبيان السبب لإنهاء الإعارة؛ بخلاف هذه المادة والتي تقتضي تبيان السبب في حال إيداع المودع لديه للوديعة بأجر.

السبب الرابع: موت المودع أو المودع لديه؛ لأن عقد الإيداع عقد قائم على الاعتبار الشخصي؛ فإذا مات المودع أو المودع لديه؛ فينتهي عقد الإيداع بذلك؛ وعليه فإن المودع لديه إذا مات فإن عقد الإيداع ينتهي بوفاته، ويلزم ورثته برد الوديعة إلى المودع، وإذا مات المودع فإن عقد الإيداع ينتهي بوفاته، ويلزم المودع لديه برد الوديعة إلى ورثة المودع. وفي حال وفاة المودع، فإنه يجب على المودع لديه أن يبذل العناية المطلوبة في حفظ الوديعة إلى أن يتمكن ورثة المودع من تسلمها؛ وذلك بخلاف ما إذا كان وديعة بأجر، فإنه إذا لم يحدد الأجل فلا ينتهي الإيداع بطلب المودع لديه إلا بانتهاء العمل.

بينت المادة أن عقد الإيداع يثبت بجميع طرق الإثبات؛ وذلك لأن عقد الإيداع من عقود التبرع؛ فلا يشترط له شكل معين، ولا يشترط لإثباته الكتابة؛ وللمودع إثبات الإيداع بكافة طرق الإثبات.

تبين المادة حكم الإيداع الفندقي أو ما هو في حكمه؛ كالمستشفيات، والمصحات، والمقاهي، والمطاعم، والمحال التجارية، والأندية الرياضية، ونحو ذلك؛ فقررت أن أصحاب هذه الأماكن يعدون مسؤولين عن كل نقص يلحق بأشياء النزلاء، سواءً كان هذا النقص بسبب سرقة أو ضياع؛

ويكون أصحاب هذه الأماكن مسؤولين عن النقص متى ما توافرت شروط ثلاث:

الشرط الأول: أن تكون الأشياء داخل الفندق أو الأماكن الملحقة به؛ كغرف النزلاء، والمطاعم، ومواقف السيارات، وغيرها مما هو تابع للفندق؛ فإذا كانت الأشياء خارج الفندق فلا يكون أصحاب هذه الأماكن مسؤولين عنها.

الشرط الثاني: أن يكون النقص الذي لحق بأشياء النزيل بسبب خطأ أو تقصير من أصحاب الفنادق أو من أحد العاملين لديهم؛ فإذا كان النقص بسبب سرقة من الخارج أو ضياع لم يتم بسببه خطأ من أصحاب الفنادق؛ فلا يكون أصحاب هذه الأماكن مسؤولين.

الشرط الثالث: أن يكون النزيل قد أبلغ أصحاب الفندق بوجود الأشياء لديه وقت وصوله أو وقت علمهم بذلك، وإذا لم يبلغ النزيل أصحاب الفندق بوجود الأشياء لديه فلا يكون أصحاب هذه الأماكن مسؤولين عنها؛ لأن عدم الإبلاغ قرينة على عدم وجود نية لدى النزيل بوضعها في حماية الفندق، ولأن الفندق قد لا يتمكن من بذل العناية المطلوبة في الحفظ مع عدم علمه بوجود الوديعة لديه.

واستثنت المادة من هذا الحكم حالتين لا يكون أصحاب الفنادق فيهما مسؤولين عن النقص الذي يلحق بأشياء النزلاء:

الحالة الأولى: إذا كان النقص الذي لحق بأشياء النزيل بسبب خطأ النزيل نفسه أو من كان معه أو من زاره؛ كأن ينسى النزيل إغلاق غرفته أو يترك أشياءه خارج الغرفة فتعرض للضياع أو السرقة؛ فلا يكون أصحاب الفندق مسؤولين.

الحالة الثانية: إذا كان النقص الذي لحق بأشياء النزيل بسبب قوة قاهرة؛ كالزلازل والبراكين ونحوها؛ فلا يكون أصحاب الفندق مسؤولين.

وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز لأصحاب الفنادق اشتراط نفي مسؤوليتهم عن النقص الذي يلحق بأشياء النزلاء، ويدخل في هذا الحكم المستشفيات والمقاهي والمطاعم والمحال التجارية؛ فإذا كانت الأشياء التي يضعها العملاء في حيازة هذه الأماكن وتعرضت للنقص بسبب خطأ من العاملين؛ فإن أصحاب هذه الأماكن يكونون مسؤولين عنها، وفي هذه الحالة يُرجع بالأجرة على أصحاب المنازل.

بينت المادة أثر إخلال المودع لديه بحفظ الوديعة في حال كان إخلاله بخطأ منه أو خطأ من أحد العاملين لديه؛

فقررت الفقرة الأولى أنه إذا كان النقص الذي لحق بالوديعة بسبب خطأ من المودع لديه، أو بسبب خطأ من أحد العاملين لديه؛ فإن المودع لديه يكون مسؤولاً عن ذلك النقص؛

ويتحدد الخطأ هنا وفقاً لما جاء في المادة (٥٠٩) من أنه يلتزم المودع لديه بأن يبذل في حفظ الوديعة العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص دون أن يكلف في ذلك أزيد من عناية الشخص المعتاد، فإن كان الإيداع بأجر فعليه أن يبذل في حفظها عناية الشخص المعتاد.

وما جاء في هذه الفقرة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في المسؤولية التقصيرية؛ وهي ما جاء في المادة (١٤٠) من هذا النظام:

"كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم فاعله بالتعويض".

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان النقص الذي لحق بالوديعة بسبب خطأ من المودع نفسه، أو من كان معه، أو من زاره؛ فلا يكون المودع لديه مسؤولاً عن ذلك النقص؛

فمثلاً إذا أودع شخص مبلغاً من المال لدى آخر، ثم جاء شخص آخر لا يملك حق التصرف فيه وسرق المبلغ؛ فلا يكون المودع لديه مسؤولاً عن ذلك؛ لأن الضرر نشأ عن خطأ الغير، وما جاء في هذه المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على إعفاء المودع لديه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

والحكم الذي تضمنته هذه المادة يقع على عاتق المودع لديه المسؤولية التقصيرية، لا المسؤولية العقدية؛ لأن هذه المادة لا تتناول العقد بين المودع لديه والمودع، بل تتناول المسؤولية التي تترتب على فعل المودع لديه في الإيداع.

ومن آثار المسؤولية هنا أنه لا يكون أصحاب الفنادق مسؤولين إذا كان النقص بسبب سرقة من الخارج أو ضياع لم يتم بسببه خطأ من المودع لديه، ومقتضى ذلك أن الضرر إذا نشأ من سبب أجنبي كالقوة القاهرة، أو خطأ المودع، أو خطأ الغير؛ فلا يكون المودع لديه مسؤولاً عن الضرر الذي لحق بالوديعة، وهذه المسؤولية عقدية على المودع لديه وهي تتعلق بالجانب السلبي من التزام المودع لديه؛ إذ إنه لا يلتزم بشيء لم يلتزمه؛ وذلك لكون عقد الإيداع هنا من عقود الضمان، أما إذا كان من عقود الوديعة؛ فيلتزم بضمان كل نقص يلحق بالوديعة أياً كان السبب، إلا إذا كان هناك اتفاق على خلاف ذلك بين المودع لديه والمودع.

تتناول المادة التزاماً على المودع لديه، وهو أن يرد الوديعة إلى المودع عند انتهاء عقد الإيداع؛

ويلتزم المودع لديه برد الوديعة إلى المودع بالحالة التي تسلمها؛ فلا يضمن النقص الذي يلحق الوديعة بسبب استعمالها استعمالاً معتاداً، أو بسبب هلاكها؛ أو تلفها؛ ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير منه، أو كان ذلك بسبب مخالفة المودع لديه للتعليمات الصادرة من المودع؛ ويسلم الوديعة إلى المودع أو إلى من أذن المودع بتسلمها؛

مثال ذلك: أن تكون الوديعة سيارة، فلا يضمن المودع لديه ما يلحقها من نقص بسبب استعمالها استعمالاً معتاداً، أو بسبب هلاكها؛ ما لم يكن ذلك بتعد أو تقصير منه، أو كان ذلك بسبب مخالفة المودع لديه للتعليمات الصادرة من المودع؛

فإذا خالف المودع لديه التعليمات الصادرة من المودع في حفظ الوديعة فإنه يضمن ما يلحقها من نقص، ولو لم يكن متعدياً أو مقصراً؛

فمثلاً: لو أودع شخص عنده سيارة، وطلب منه المودع ألا يركنها في مكان معين؛ فإذا ركنها في ذلك المكان، وتلفت السيارة؛ فإنه يضمنها ولو لم يكن متعدياً أو مقصراً.

وبينت الفقرة الثانية أن المودع لديه يلتزم برد الوديعة ومنافعها إلى المودع؛ فإذا كانت الوديعة شيئاً يدر نفعاً؛ كالحيوان أو الشجر؛ فإنه يلتزم بردها مع منافعها، ومن ذلك ما إذا كانت الوديعة مبلغاً من المال واستثمره المودع لديه؛ فإنه يلتزم برد الأصل مع الأرباح التي اكتسبها من استثمارها، وإذا لم يستثمرها فلا يلتزم برد الأرباح إلا إذا اتفق على خلاف ذلك، أو جرى عرف يلزم المودع لديه برد الأرباح دون استثمارها؛ لأن العرف معتبر هنا، والعرف.

بينت المادة أثر إخلال المودع لديه بالالتزام برد الوديعة؛ فقررت الفقرة الأولى أنه إذا امتنع المودع لديه عن رد الوديعة إلى المودع دون سبب مشروع؛ فإنه يضمن ما يلحق الوديعة من هلاك أو تلف ولو كان بسبب أجنبي؛

مثال ذلك: أن يطلب المودع الوديعة من المودع لديه فيمتنع عن ردها، ثم تسرق الوديعة؛ فيضمنها المودع لديه؛ لأن هلاك الوديعة كان بسبب امتناعه عن ردها، وإذا حبس المودع لديه الوديعة بحق؛ كما في حال امتناع المودع عن أداء الأجر أو النفقات؛ فلا يضمن ما هلكت دون تعد أو تقصير منه؛ لأن حبسه كان بحق.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا طالب المودع لديه الوديعة أكثر من مودع؛ فلا يلزمه رد الوديعة إلى أحدهم إلا بعد تحديد المودع الأصلي، أو الإذن له برد الوديعة؛

وللمودع لديه في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتأمر في الوديعة بما تراه؛

مثال ذلك: أن يودع شخص مبلغاً من المال لدى آخر، ثم يأتي شخص آخر ويدعي أنه صاحب المال، ويطلب تسلمه؛ فلا يلزم المودع لديه رد المال إلى أحدهم إلا بعد تحديد المودع الأصلي، أو الإذن له برد المال؛ وللمودع لديه في هذه الحالة أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتأمر في الوديعة بما تراه.

وما جاء في هذه المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على إعفاء المودع لديه من المسؤولية عن هلاك الوديعة أو تلفها ولو كان بسبب امتناعه عن ردها دون سبب مشروع، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على أن يضمن المودع لديه ما هلكت دون تعد أو تقصير منه، أو كان ذلك بسبب مخالفة المودع لديه للتعليمات الصادرة من المودع؛ ويسلم الوديعة إلى المودع أو إلى من أذن المودع بتسلمها؛ ما لم يتفق على خلاف ذلك أو جرى عرف يلزم المودع لديه برد الأرباح دون استثمارها؛ لأن العرف معتبر هنا، ما تضمنته المادة.

تشرع المادة مع المادتين التاليتين (٥٢٣، ٥٢٤) ببيان عقد الحراسة، وهو من العقود التي ترد على شيء متنازع عليه؛

فالحراسة عقد يعهد بمقتضاه الطرفان المتنازعان أو أحدهما إلى شخص آخر بمال متنازع عليه، يلتزم هذا الشخص بحفظه وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه؛

وبينت المادة أن عقد الحراسة من العقود التي ترد على شيء متنازع عليه؛ وهو ما يسمى في الفقه الإسلامي بـ "الوديعة الخصام"، والحراسة هنا لا يشترط لها أن تكون قضائية، بل يصح أن تكون اتفاقية، ولا يشترط أن تكون على عقار، بل يصح أن تكون على منقول.

وقد تكون الحراسة على عقار أو منقول، وقد تكون على مجموعة من الأموال، وقد تكون على حق عيني أو شخصي؛

والحراسة من العقود الرضائية؛ لا يشترط لانعقادها شكل معين، ويجوز إثباتها بجميع طرق الإثبات؛

والحراسة من عقود الأمانات؛ فلا يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه.

والمتنازعون هم أطراف عقد الحراسة، وقد يكونون شخصين أو أكثر، وقد يكون أحدهما غير حاضر؛

والحارس هو الطرف الثالث في عقد الحراسة، وهو الذي يلتزم بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه، ولا يشترط أن يكون الحارس من أهل الخبرة؛ إلا إذا كان في الحراسة ما يقتضي ذلك؛

والحراسة لا تقتصر على النزاع القضائي، بل تشمل النزاع الذي لم يرفع للقضاء بعد؛

والحراسة قد تكون بأجر أو بدون أجر؛

وما جاء في هذه المادة يختلف عن الوكالة، وعن الإيداع؛

فالوكالة: تصرف نظامي لا يرد على شيء متنازع عليه، والوكيل يمثل الموكل في التصرفات النظامية، وليس له حفظ المال وإدارته إلا إذا تضمن عقد الوكالة ذلك، وليس له حق حبس المال إلا إذا اتفق على ذلك، أو جرى عرف به.

والإيداع: عقد لا يرد على شيء متنازع عليه، والمودع لديه يلتزم بحفظ الوديعة فقط دون إدارتها، وليس له حق حبس الوديعة إلا إذا امتنع المودع عن أداء الأجر أو النفقات.

والحراسة: عقد يرد على شيء متنازع عليه، والحارس يلتزم بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته إلى من يثبت له الحق فيه، وله حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته.

وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص، وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم على الحارس.

بينت المادة أثر الحكم بالحراسة القضائية؛ فقررت أنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالحراسة القضائية على المال المتنازع عليه في الحالات التي لا يكون هناك اتفاق على الحراسة؛

وهذا الحكم للمحكمة في الحراسة القضائية يكون للمحكمة النظر في هذه الحالات على النحو الآتي:

الحالة الأولى: إذا كان النزاع على المال في نزاع قضائي، فالمحكمة هي التي تتولى الحكم بالحراسة القضائية، وتحديد الحارس، وتحديد مهمته، وتحديد أجره، وتحديد مدة الحراسة.

الحالة الثانية: إذا كان المال مهدداً بخطر يجعله في خطر الوجود أو النقص، فالمحكمة هي التي تتولى الحكم بالحراسة القضائية، وتحديد الحارس، وتحديد مهمته، وتحديد أجره، وتحديد مدة الحراسة.

وما جاء في هذه المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وما جاء في هذه المادة يختلف عن الحراسة الاتفاقية؛ فالحراسة الاتفاقية تقوم على اتفاق الطرفين المتنازعين، وأما الحراسة القضائية فتقوم على حكم المحكمة؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على النزاع القضائي، بل تشمل النزاع الذي لم يرفع للقضاء بعد؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على العقار، بل تشمل المنقول؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي لا يخشى عليه الهلاك أو التلف، بل تشمل المال الذي يخشى عليه الهلاك أو التلف؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي يحتاج إلى نفقة لحفظه، بل تشمل المال الذي لا يحتاج إلى نفقة لحفظه؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي يلحق بقاؤه في حيازة الحارس ضرراً به، بل تشمل المال الذي لا يلحق بقاؤه في حيازة الحارس ضرراً به؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي يخشى عليه الهلاك أو التلف، بل تشمل المال الذي لا يخشى عليه الهلاك أو التلف؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي يحتاج إلى نفقة لحفظه، بل تشمل المال الذي لا يحتاج إلى نفقة لحفظه؛

والحراسة القضائية لا تقتصر على المال الذي يلحق بقاؤه في حيازة الحارس ضرراً به، بل تشمل المال الذي لا يلحق بقاؤه في حيازة الحارس ضرراً به.

وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وتكون الحراسة القضائية إلى حين الفصل فيها.

بينت المادة أثر الحراسة على الحارس من حيث التزاماته وحقوقه، فقررت أن الحارس يلتزم بحفظ المال المتنازع عليه، وبإدارته، وبتقديم حساب عنه، وله المطالبة بالأجر المتفق عليه أو أجر المثل، وله حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وله المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛

ويلتزم الحارس في حفظ المال وإدارته بأن يبذل عناية الشخص المعتاد، وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص.

ويلتزم الحارس بتقديم حساب عن الحراسة إلى المتنازعين في الوقت الذي يتفقون عليه، أو في الوقت الذي تحدده المحكمة، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فإنه يلتزم بتقديم حساب عن الحراسة عند انتهاء عقد الحراسة، أو عند طلب المتنازعين ذلك؛

وللحارس المطالبة بالأجر المتفق عليه أو أجر المثل؛ وذلك في حال كان الحارس يتقاضى أجراً على الحراسة، وإذا لم يكن الحارس يتقاضى أجراً على الحراسة؛ فلا يلتزم المتنازعان بدفع أجر له؛

وللحارس حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس.

وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛

مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة.

وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص.

وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وإذا كان المال المتنازع عليه مما يحتاج إلى إدارة، فالحارس يلتزم بإدارته.

يستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعًا منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقًا للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛

وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛

والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس.

وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛

مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة.

وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص.

وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه، وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

ويستحق الحارس الأجر المتفق عليه بأداء العمل، فإن لم يُتفق على دفع أجر؛ فله أجر المثل إذا كان الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر أو اقتضى ذلك عرفًا؛ وذلك بأن يكون الحارس ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، كالحراس المختصين في حراسة الأموال المتنازع عليها، أو جرى عرف يلزم المتنازعين بدفع أجر له؛ فله في هذه الحالة أجر المثل، وإذا لم يكن ممن يقوم بهذه الأعمال بأجر، ولم يجر عرف؛ فلا يلزمهما دفع أجر له؛ لأن الحراسة هنا تعد تبرعاً منه، وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن لا يستحق الحارس أجراً، أو أن يستحق أجراً أقل من أجر المثل، أو أن يستحق أجراً أكثر من أجر المثل، وما جاء في هذه المادة يعد من النظام العام؛ فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم، ويتحقق أداء الحارس عمله بتنفيذه العمل الذي اتفق عليه في عقد الحراسة؛ فإذا كان أداء الحارس عمله في موعد معين فيجب عليه تسليم ما تسلمه لموكله في ذلك الموعد، وإذا كان أداء الحارس عمله على مراحل؛ فيستحق أجر كل مرحلة بعد إنجازها، وله المطالبة به؛ وإذا اتفق على دفع الأجر عند تسلم المال؛ فيجب عليه تسليم المال عند تسلم الأجر، وإذا لم يتفق على ذلك؛ فله المطالبة بالأجر بعد تسليم المال؛ والحارس له حق حبس المال حتى يستوفي أجره ونفقاته، وتطبق على هذا الحق ما جاء في المادة (404) من القواعد العامة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يطالب به الحارس مستحق الأداء، ولا يكون هناك مانع نظامي من هذا الحبس؛ وللحارس المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من إخلال المتنازعين بتسليم المال إليه؛ مثال ذلك: أن يتفق المتنازعون على الحراسة على مال، ثم يمتنع أحدهم عن تسليم المال إلى الحارس؛ فيضمن هذا المتنازع الضرر الذي أصاب الحارس من جراء ذلك، كضياع فرصة، أو فوات ربح، وما لحقه من خسارة؛ وما جاء في هذه المادة يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم؛ وإذا كان الحارس من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل عناية الشخص المعتاد، وإذا لم يكن من أهل الخبرة؛ فإنه يلتزم ببذل العناية التي يبذلها في حفظ ماله الخاص؛ وما جاء في هذه المادة من التزام الحارس بحفظ المال وإدارته ورده مع غلته؛ يعد التزاماً أصلياً يترتب على عقد الحراسة، ويختلف هذا الالتزام عن التزام الوكيل، وعن التزام المودع لديه؛ لأن كل منهما له أحكام خاصة به، والحارس يلتزم بتنفيذ عقد الحراسة وفقاً للشروط المتفق عليها، ووفقاً لطبيعة عقد الحراسة، وما جرى عليه العرف، وما جاء في هذا الباب يعد تطبيقاً للقواعد العامة في هذا النظام، وليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيجوز الاتفاق على أن يضمن الحارس ما هلك دون تعد أو تقصير منه، أو زيادة مسؤوليته، كما يجوز الاتفاق على إعفائه من المسؤولية عن خطئه، أو زيادة مسؤوليته؛ ما لم يكن ذلك بسبب غش أو خطأ جسيم.

تشير المادة إلى سبب من أسباب انتهاء مأمورية الحارس، دون أن تنتهي الحراسة ذاتها، وهو تخلي الحارس عن عمله، وقد يكون ذلك أيضًا بعزل الحارس أو بموته، أو الحجر عليه، وعند ذلك تزول صفة الحارس ولكن الحراسة تبقى. وتبين المادة الأحكام المتعلقة بتخلي الحارس عن عمله، سواءً كان الحارس متبرعًا، أو كان بأجر.

فبينت الفقرة الأولى الحكم فيما إذا كان الحارس متبرعاً بالعمل، فإن له أن يترك العمل متى ما أراد، ولكن نزوله عن الحراسة لا ينفذ إلا بعد إبلاغ ذوي الشأن حتى لا يخلو المال من قائم عليه؛ ويجب في هذه الحالة أن يتابع القيام بالأعمال التي بدأها حتى يبلغ مرحلة لا يُلحق التخلي عنها ضررًا بذوي الشأن، وإلا لزمه التعويض؛ ومثال ذلك: أن يقوم الحارس المتبرع بحراسة مزرعة، وفي منتصف الموسم يبلغ المالك بتخليه عن الحراسة، ثم يتركها؛ فيلزم الحارس المتبرع بالاستمرار في حراستها حتى إيجاد حارس بديل لها، وإلا تحمل ما يلحق المزرعة من ضرر بسبب ذلك.

أما إذا استمر الحارس في حراستها حتى إيجاد حارس بديل فليس عليه شيء، وليس للحارس المتبرع أن يمتنع عن العمل إلا لسبب مشروع، ولا يثبت للحارس المتبرع الحق في التعويض عن أي ضرر ينشأ عن تخليه، لأن الأصل أن تبرعه بالعمل لا يعطيه أي حق في التعويض، وقد نصت الفقرة على أن له أن يتخلى عن عمله متى أراد، وهذا يعني أن له حرية في ذلك، فإن ألحق ضرراً بذوي الشأن فيلزم بالتعويض.

وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا كان الحارس يعمل بأجر، فإنه يلتزم بالتعويض عن أي ضرر ينشأ عن تخليه عن الحراسة في وقت غير مناسب؛ مثل أن يتخلى عنها قبل انتهاء المدة المتفق عليها، أو في موسم لا يمكن معه استبداله؛ أو بغير مسوغ مقبول، حتى لو كان التخلي عن عمل لم يشرع فيه؛ لأن ذلك يدل على تقصيره في القيام بواجباته، ومثال ذلك: أن يتفق الحارس مع صاحب العمل على حراسة أرض مدة سنة، ولكنه يتخلى عنها في منتصف المدة دون سبب مقبول؛ فيلزم بالتعويض عن الضرر الذي ينشأ عن ذلك، حتى لو كان التخلي عن عمل لم يشرع فيه؛ لأن هذا التخلي يترتب عليه ضرر لصاحب العمل، ولهذا يجب على الحارس القيام بالعمل المتفق عليه، سواء كان بأجر أو بغير أجر، حتى لا يلحق ضرراً بذوي الشأن.

تبين المادة الثانية والعشرون بعد الخمسمائة الأسباب التي تنتهي بها الحراسة، وما يترتب على انتهائها.

فجاءت الفقرة الأولى لبيان أسباب انتهاء الحراسة، فتنتهي الحراسة بما يأتي:

أولاً: باتفاق ذوي الشأن على إنهائها؛ لأن الأصل في الحراسة أنها عقد رضائي بين ذوي الشأن، فكما تنشأ الحراسة باتفاق ذوي الشأن عليها، فإنها تنتهي باتفاقهم على ذلك أيضاً.

ثانياً: بحكم قضائي؛ لأن الحراسة قد تنشأ بحكم قضائي، ولهذا فإنها تنتهي بحكم قضائي، ومثال ذلك: أن تحكم المحكمة بإلغاء الحراسة، أو بانقضاء أجلها، أو بزوال سببها.

ثالثاً: بانقضاء الأجل المعين للحراسة؛ ومثال ذلك: أن يتفق ذوو الشأن على حراسة لمدة سنة، فتنتهي الحراسة بانقضاء هذه المدة.

وبينت الفقرة الثانية ما يجب على الحارس إذا انتهت الحراسة، فإنه يجب عليه أن يرد الشيء إلى ذوي الشأن، أو إلى من يعينونه لذلك، أو إلى المحكمة إذا تعذر عليه رده إلى ذوي الشأن، ومثال ذلك: أن تنتهي الحراسة على مزرعة، فيجب على الحارس أن يرد المزرعة إلى أصحابها، أو إلى من يعينونه لذلك، أو إلى المحكمة إذا تعذر عليه رده إليهم. كما يجب عليه أن يرد الغلة التي حصل عليها من الشيء الذي كان تحت حراسته، ومثال ذلك: أن تنتهي الحراسة على مزرعة، فيجب على الحارس أن يرد المحصول الذي حصل عليه منها إلى أصحابها، أو إلى من يعينونه لذلك، أو إلى المحكمة إذا تعذر عليه رده إليهم. ولا يبرأ الحارس إلا برد الشيء إلى أصحابه، أو إلى من يعينونه لذلك، أو إلى المحكمة.

تقرر المادة وجوب أن تكون عقود المشاركة الواردة في هذا الباب، وهي: عقد الشركة وعقد المضاربة وعقد المشاركة في الناتج مكتوبة، وأن الجزاء المترتب على عدم كتابة العقد هو البطلان؛ إلا أنه بطلان له أحكامه الخاصة التي يختلف فيها عن القواعد العامة المقررة للبطلان، وبيان ذلك فيما يلي:

أولاً: فيما بين المتعاقدين كالشركاء في عقد الشركة ورب المال مع المضارب في عقد المضاربة يكون العقد غير المكتوب صحيحاً ومنتجاً لآثاره، بما في ذلك اقتسام المتعاقدين للربح والخسارة وفق ما تضمنه العقد، وذلك إلى الوقت الذي يطلب فيه أحد المتعاقدين الحكم ببطلان العقد؛ فيسري البطلان من تاريخ قيد الدعوى؛ ولا يكون له أثر رجعي.

ثانياً: فيما يتعلق بحق الغير ؛ لا يجوز للمتعاقد أن يحتج بالبطلان تجاه الغير.

تبين المادة الثانية ما يجب أن يتضمنه عقد المشاركة من بيانات، وما يترتب على نقص تلك البيانات.

فجاءت الفقرة الأولى لبيان البيانات الواجب أن يشتمل عليها عقد المشاركة، وهي:

أولاً: تحديد حصص الشركاء في رأس المال إذا كانت الشركة مالية؛ ويكون ذلك ببيان مقدار كل حصة، سواء كانت الحصة مبلغاً من المال أو عيناً أو منفعةً، أو عملاً.

ثانياً: تحديد نصيب الشركاء في الربح، أو الربح والخسارة معًا إذا كانت الشركة غير مالية؛ ويكون ذلك ببيان نسبة كل شريك في الربح، وما يتحمله من الخسارة إن وجدت. والفقرة لم تلزم أن يكون نصيب الشركاء في الخسارة مذكوراً في العقد، بل اكتفت بذكر نصيبهم في الربح؛ لأن نصيب الشريك في الخسارة يكون على قدر حصته في رأس المال إذا كانت الشركة مالية، ويكون على قدر نصيبه في الربح إذا كانت الشركة غير مالية.

ثالثاً: تحديد غرض الشركة؛ ويكون ذلك ببيان نوع النشاط الذي ستمارسه الشركة، والغرض الذي أنشئت من أجله، ويجب أن يكون الغرض مشروعاً؛ لأن عقد الشركة كغيره من العقود لا يصح أن يكون محله غير مشروع.

وبينت الفقرة الثانية الجزاء المترتب على عدم ذكر البيانات الإلزامية في الفقرة الأولى، فإذا لم تتضمن البيانات المذكورة في الفقرة الأولى، فلا يترتب على ذلك بطلان العقد؛ وإنما يكون العقد غير نافذ فيما يتعلق بهذه البيانات، ولا يكون نافذاً إلا إذا اتفق الأطراف عليها. ومعنى ذلك أن العقد يكون قابلاً للتعديل في هذه البيانات؛ وليس باطلاً بالكلية، ومثال ذلك: أن يكون العقد لا يتضمن تحديد حصص الشركاء في رأس المال، أو لا يتضمن تحديد نصيب الشركاء في الربح، أو لا يتضمن تحديد غرض الشركة؛ في هذه الحالة لا يكون العقد باطلاً، وإنما يكون قابلاً للتعديل في هذه البيانات، ولا يكون نافذاً إلا إذا اتفق الأطراف عليها؛ بمعنى أن للشركاء أن يتفقوا على تحديد حصصهم في رأس المال، أو على تحديد نصيبهم في الربح، أو على تحديد غرض الشركة.

تبين المادة الالتزام الأول من الالتزامات العامة للشركاء، وهو وجوب تقديم كل شريك حصته في رأس مال الشركة. فجاءت الفقرة الأولى لبيان الالتزام العام بتقديم الحصص، وأنه لا يلزم أن تكون الحصص متساوية؛ بل يجوز أن تكون متساوية أو متفاوتة. والفقرة لم تذكر شيئاً عن أنواع الحصص؛ لأن ذلك يرجع إلى طبيعة كل عقد مشاركة، فالشركة المالية تقتضي أن تكون الحصص مالية، والمضاربة تقتضي أن تكون الحصص مالية وعملاً، والمشاركة في الناتج تقتضي أن تكون الحصص مالية وعملاً أو أعياناً أو منافع. وقد نصت المادة على أن تحديد الحصص يكون وفق ما هو منصوص عليه في العقد؛ لأن الأصل أن تحديد الحصص يرجع إلى اتفاق المتعاقدين. وهذا الالتزام بتقديم الحصص يسري عليه أحكام الالتزام المنصوص عليها في هذا النظام، فتسري القواعد العامة الواردة في القسم الأول في شأن هذا الالتزام من حيث وجوب الوفاء به، وكيفية الوفاء، والزمان والمكان اللذين يتم فيهما الوفاء، فإذا لم يحدد في عقد الشركة أو في اتفاق آخر ميعاد الوفاء بالالتزام ، وجب على الشريك الوفاء به للمرة الأولى، ويسري على ذلك أحكام الالتزام بالوفاء، فإذا كان الالتزام بدفع مبلغ من المال، فإن الشريك يلزمه دفعه فوراً إلا إذا اتفق على خلاف ذلك. أما إذا كانت الحصص عيناً، فيجب على الشريك أن يسلمها إلى الشركة في المكان والزمان المتفق عليهما. وإذا لم يحدد في العقد مكان وزمان التسليم، وجب على الشريك تسليمها في مكان وزمان إبرام العقد.

وبينت الفقرة الثانية الجزاء المترتب على عدم تقديم الحصص، فإذا لم يقدم الشريك حصته في رأس مال الشركة، فإنه يكون مسؤولاً عن التعويض عن الأضرار التي تنشأ عن ذلك، ومثال ذلك: أن تكون حصة الشريك مبلغاً من المال، ولكنه لا يدفعه في الميعاد المتفق عليه، فيترتب على ذلك تعطيل أعمال الشركة وتكبدها خسائر، فيلزم الشريك بالتعويض عن تلك الخسائر. أما إذا كانت حصة الشريك عملاً، ولكنه لا يقوم به، فيترتب على ذلك تعطيل أعمال الشركة وتكبدها خسائر، فيلزم الشريك بالتعويض عن تلك الخسائر. كما يلزم الشريك بالتعويض إذا كانت حصته عيناً، ولكنه لا يسلمها في الميعاد المتفق عليه، فيترتب على ذلك تعطيل أعمال الشركة وتكبدها خسائر، فيلزم الشريك بالتعويض عن تلك الخسائر.

وبينت الفقرة الثالثة حكم ضمان الشريك حصته في رأس المال، فإذا كانت حصة الشريك ديناً في ذمة الغير، فإنه يضمن هذا الدين؛ بمعنى أنه إذا لم يقم المدين بسداد الدين في ميعاد استحقاقه، فيكون الشريك مسؤولاً عن سداد هذا الدين، ويلزم بالتعويض عن الأضرار التي تنشأ عن ذلك. وهذا الحكم يتفق مع القواعد العامة في ضمان الحوالة، فالمحيل يضمن يسار المدين وقت انعقاد الحوالة، ولا يضمن يساره بعد ذلك إلا إذا اتفق على خلاف ذلك. ولكن في عقد الشركة، فإن الشريك يضمن يسار المدين بإطلاق، وهذا يعني أنه يضمن يساره في الحال والاستقبال. وهذا الحكم ليس من النظام العام، فيجوز اتفاق الشريك مع سائر الشركاء على ألا يضمن إلا وجود الحق المحال به أو ألا يضمن إلا يسار المدين في الحال دون الاستقبال.

تبين المادة الحكم فيما إذا كانت حصة الشريك في الشركة بقدر ما يلتزم به كل منهم في ذمته لباقي الشركاء من مال أو عمل وكان هذا الالتزام قد نشأ في ذممهم جميعاً على سبيل التضامن.

فبينت الفقرة الأولى جواز أن تقوم الشركة على أساس تضامن الشركاء فيما يلتزمون به في ذممهم من مال أو عمل لمصلحة الشركة، وتكون حصة كل منهم في رأس مال الشركة بقدر ما التزم به كل شريك في ذمته تجاه الشريك الآخر؛ والفقرة بما تضمنته من حكم شملت شركتي الوجوه والأعمال المعروفتين في الفقه الإسلامي؛ وفيهما تكون حصة الشريك في رأس مال الشركة بقدر ما التزم به في ذمته للشريك الآخر في عقد الشركة، والفقرة بهذا الحكم قررت جواز هذين النوعين من الشركات؛ وأن حصة الشريك كما يصح أن تكون مالاً حاضراً يصح كذلك أن تكون ما التزم به في ذمته من ديون للغير بشرط أن لا تكون هذه الديون مالياً؛ مثل أن يلتزم الشريك بالقيام بعمل ما في ذمة الشركة أو يلتزم بتقديم أدوات ومعدات للشركة ونحو ذلك.

وأوضحت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا لم يعين الشركاء من يديرها سواء كان من بينهم أم من غيرهم، وقررت أن لكل شريك الحق في إدارة أموال الشركة والتصرف فيها بما يحقق الغرض الذي أنشئت من أجله دون الحاجة في الرجوع إلى باقي الشركاء؛ حيث إن النظام عد عدم تعيين الشركاء من يتولى إدارة أمور الشركة موافقة ضمنية من جميع الشركاء على أن يكون كل منهم وكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة أموال الشركة والتصرف فيها بالقدر الذي يحقق غرض الشركة الذي أنشئت من أجله.

وأشارت الفقرة كذلك إلى حق بقية الشركاء في الاعتراض على الشريك الذي يريد أن يقوم بعمل من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف الداخلة في أغراض الشركة، وأن الشريك لا يكون له إتمام العمل المعترض عليه، بل يجب عليه الرجوع إلى الشركاء لاتخاذ قرار في شأن ذلك. ولا يخلو الأمر من فرضين:

الفرض الأول: أن ترفض أغلبية الشركاء باعتبار قيمة الحصص الاعتراض المقدم من الشريك المعترض، وفي هذا الفرض يجوز للشريك الذي يريد القيام بالعمل إتمام العمل المعترض عليه.

والفرض الثاني: ألا ترفض الأغلبية الاعتراض المقدم من الشريك، وفي هذا الفرض يبقى الاعتراض قائماً ولا يجوز للشريك الذي يريد القيام بالعمل إتمام العمل المعترض عليه، ويشمل هذا الفرض ما لو تساوت أصوات الشركاء بأن رفض نصفهم الاعتراض وأيد النصف؛ فيبقى الاعتراض قائماً ولا يجوز للشريك الذي يريد القيام بالعمل إتمام العمل المعترض عليه.

بينت المادة أن حصة كل شريك تتحدد بموجب ما التزم به في عقد الشركة؛ وذلك لأن عقد الشركة له طبيعة اقتصادية، وتحديد حصص الشركاء بالغ الأهمية؛ إذ به تتحدد حقوق كل شريك والتزاماته، كما أن ذلك يتصل بإرادة الشركاء، فإرادة الشريك حين التعاقد اتجهت لتلك الحصة، وتغيير تلك الحصة دون موافقته غير سائغ تطبيقاً للقواعد العامة، فلو كان رأس مال الشركة تسعين ألفاً، وعدد الشركاء ثلاثة، قدم كل منهم ثلاثين ألفاً؛ أي أن حصة كل منهم الثلث؛ فليس لأي منهم بإرادته المنفردة دون إذن الشريكين الآخرين أن يضيف من ماله ثلاثين ألفاً إلى رأس مال الشركة؛ لترتفع حصته إلى النصف؛ ولذا قرر ختام المادة أنه لا يجوز لأي شريك زيادة حصته عن الحصة المحددة في عقد الشركة إلا بموافقة باقي الشركاء.

بينت المادة نطاق مسؤولية الشريك فيما إذا قدم للشركة حصة غير نقدية؛ فذلك لا يخلو من حالتين الحالة الأولى: أن تكون حصة الشريك حق ملكية أو أي حق عيني آخر كحق الانتفاع؛ فإن أحكام البيع هي التي تسري؛ إذ يترتب على تقديم حق الملكية أو أي حق عيني آخر حصة في الشركة أن الشريك يتخلى نهائياً عن حقوقه على الشيء الذي يصبح ملكاً للشركاء، إلا أن تخلي الشريك في هذه الحالة ليس بمثابة بيع بشكل كامل، فتنطبق أحكام البيع فيما يتعلق بتبعة الهلاك وضمان الاستحقاق والعيوب على ضمان الحصة إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب، فيكون الشريك في جميع الأحوال ملتزماً بمجرد عقد الشركة بنقل ملكية العين أو الحق العيني إلى الشركة كما يلتزم البائع بنقل الحق المبيع إلى المشتري، وتسري الأحكام المقررة في تبعة الهلاك أو الاستحقاق أو العيب المقررة في أحكام البيع على هذا التعامل، فإذا هلكت العين قبل التسليم فتسري أحكام هلاك المبيع قبل التسليم المنصوص عليها في النظام وإذا استحقت العين أو ظهر فيها عيب فتسري ذات الأحكام التي تسري على ضمان الاستحقاق وضمان العيب المنصوص عليهما في أحكام البيع، فلو ظهر في الحصة عيب فتثبت للشركاء الآخرين جميع الحقوق المترتبة على ضمان المبيع بالنسبة لتلك الحصة، ويشمل ذلك ما إذا ظهر نقص في الحصة. والحالة الثانية: إذا كانت الحصة مجرد الانتفاع بالمال، فقد قررت المادة أن أحكام الإيجار هي التي تسري في ذلك فإذا كانت حصة الشريك التزاماً منه بالتمكين من الانتفاع بعقار يملكه الشريك كي تجعله الشركة مقراً لأعمالها ففي هذه الحالة يبقي الشريك مالكاً للعقار، وتكون أعمال الشركة بمثابة المستأجر لها، وعليها التزام بردها في نهاية المدة، وتسري عليه أحكام الإيجار من جهة الضمان وتبعة الهلاك.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بقسمة الأرباح والخسائر في الشركة. فبينت الفقرة الأولى القاعدة العامة لقسمة الأرباح، وهي أن تكون بنسبة حصة كل شريك في الشركة؛ لأن الأصل أن الشركاء إذا لم يتفقوا على قسمة الأرباح فقد اتجهت إرادتهم إلى أن تكون القسمة بحسب حصص كل منهم؛ ولا يعدو ذلك أن يكون تفسيراً الإرادة المتعاقدين، وأما إذا تضمن عقد الشركة تحديد نصيب كل شريك من الأرباح؛ فيجب العمل بهذا الاتفاق، سواء وجد اتفاق صريح أو ضمني، ولا يجب أن يكون نصيب الشريك في الربح بقدر حصته في رأس مال الشركة، بل يجوز أن يزيد النصيب أو ينقص. وبينت الفقرة الثانية القاعدة العامة في قسمة الخسارة، وهي أن الخسارة تقسم بنسبة حصة كل شريك في الشركة، ولم تذكر الفقرة جواز الاتفاق على خلاف ذلك؛ لأن الخسارة تتبع الملك؛ فوجب أن يتحمل الشريك من الخسارة بقدر ما يملك. وبهذا يتبين جواز أن تكون قسمة الربح في الشركة مغايرة لقسمة الخسارة، مثل أن تكون الشركة من شريكين بحصص متساوية، ويتفقا على أن يكون لأحدهما ٧٠ من الربح وللثاني ۳۰ ، وأما الخسارة فتكون بمقدار الحصص، أي يتحمل كل منهما النصف.

تضمنت المادة ثلاثة أنواع من الشروط لا يصح اشتراطها في عقد الشركة: الشرط الأول: الاتفاق على أن يكون نصيب الشريك من الربح مبلغا محددًا، مثل أن يشترط الشريك أن يكون ربحه مائة ألف ريال؛ بل الواجب أن يكون نصيب الشريك من الربح نسبة شائعة كالربع والثلث والنصف ونحوها؛ سواء تساوت مع نسبة حصته في رأس المال أم زادت أم نقصت؛ وذلك لأن اشتراط مبلغ محدد يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح بين الشركاء الذي هو الغرض الأساس من عقد الشركة؛ فقد لا تربح الشركة إلا ذلك المبلغ المشروط للشريك أو أقل فيستأثر بالربح كله دون باقي الشركاء؛ ومن ثم ينتفي ركن العقد وهو الربح. والشرط الثاني: الاتفاق على عدم استفادة أحد الشركاء من الربح؛ فلا يجوز أن يشترط في عقد الشركة أن الشريك لا يشارك في الربح؛ لأن هذا الشرط يخالف غرض الشركة وهو المشاركة في ربحها. والشرط الثالث: الاتفاق على إعفاء أحد الشركاء من الخسارة؛ لأن هذا الشرط يخالف غرض الشركة وهو المشاركة في ربحها وخسارتها. وبينت المادة أن الجزاء المترتب على اشتراط أي من الشروط الثلاثة هو عدم صحة الشرط؛ أي يكون الشرط باطلاً، ولكن عقد الشركة صحيح فيما عدا ذلك الشرط؛ إعمالاً لقاعدة تجزؤ العقد الواردة في الفقرة (۲) من المادة (٧٤) ونصها: (إذا تضمن العقد شرطاً باطلاً بطل الشرط وحده، وللمتعاقد طلب إبطال العقد إذا تبين أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط)، وعلى هذا فتقسم الأرباح بين الشركاء بحسب حصصهم أو بحسب الاتفاق بعد استبعاد الشرط الباطل، وتقسم الخسائر بحسب الحصص؛ وإذا أثبت أحد الشركاء أنه ما كان ليقبل الدخول في الشركة لولا الشرط الذي أبطل جاز له طلب إبطال العقد.

بينت المادة الحكم فيما يتعلق بطريقة توزيع الربح ووقت استحقاقه، وأن للشركاء الاتفاق على طريقة توزيع الأرباح ومواعيد استحقاقها، وبين عجز المادة شرط توزيع الأرباح، وهو سلامة رأس المال؛ ومستند هذا الشرط ظاهر ، فلا ربح ما لم يسلم رأس المال، وما يوزع قبل تقرير سلامة رأس المال لا تسري عليه أحكام الربح، ذلك أن الشريك لا يجوز أن يكون له ربح من الشركة قبل استيفاء الديون، والسبيل في التحقق من سلامة رأس المال هو اتباع السبل والمعايير الفنية اللازمة للتحقق من ذلك، مع مراعاة القواعد العامة في هذا الشأن، فإذا حل الوقت الذي حدده الشركاء لتوزيع الربح فيتحقق من سلامة رأس المال ومتى تحققت سلامته فيوزع ما زاد على رأس المال على الشركاء بحسب نصيب كل منهم أو الاتفاق بحسب الأحوال. وتشير المادة إلى أن طريقة توزيع الأرباح ومواعيد استحقاقها لا تخلو من فرضين الفرض الأول: أن يتفق الشركاء على طريقة توزيع الأرباح ومواعيد استحقاقها، فيكون الاتفاق هو الحكم في ذلك. والفرض الثاني: ألا يتفق الشركاء على طريقة توزيع الأرباح ومواعيد استحقاقها، فإنها تقع عند انتهاء الشركة، ما لم يوجد عرف بخلاف ذلك.

تتناول المواد (٥٣٧ ٥٤١) الأحكام المتعلقة بإدارة أموال الشركة، فبينت هذه المادة الحكم فيمن يكون له صلاحية إدارة الشركة، وذلك على النحو الآتي: قررت الفقرة الأولى أن للشركاء بمقتضى عقد الشركة أن يعينوا من يدير الشركة ويتصرف فيها، سواءً كان هذا المعين لإدارة الشركة من بين الشركاء أو من غيرهم؛ وهذه النيابة قد تكون في عقد الشركة أو باتفاق خاص، ويحدد سند النيابة صلاحيات النائب وحدود نيابته؛ وليس للنائب أن يتجاوز حدود هذه النيابة، وتسري على هذه النيابة القواعد العامة في التعاقد بالنيابة المنصوص عليها في المواد (98) وهذه النيابة بعمومها تشمل أعمال الإدارة والتصرفات التي تدخل في غرض الشركة؛ إذ يفترض بموجب عموم النيابة أن الشركاء قد منحوا من يديرها نيابة عنهم السلطة الكافية لتحقيق أغراض الشركة، من أعمال إدارة وأعمال تصرف، ومما يدخل في أعمال الإدارة، تحصيل حقوق الشركة، والصيانة الدورية لمعدات الشركة ونحو ذلك. وأوضحت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا لم يعين الشركاء من يديرها سواء كان من بينهم أم من غيرهم، وقررت أن لكل شريك الحق في إدارة أموال الشركة والتصرف فيها بما يحقق الغرض الذي أنشئت من أجله دون الحاجة في الرجوع إلى باقي الشركاء؛ حيث إن النظام عد عدم تعيين الشركاء من يتولى إدارة أمور الشركة موافقة ضمنية من جميع الشركاء على أن يكون كل منهم وكيلاً عن باقي الشركاء في إدارة أموال الشركة والتصرف فيها بالقدر الذي يحقق غرض الشركة الذي أنشئت من أجله. وأشارت الفقرة كذلك إلى حق بقية الشركاء في الاعتراض على الشريك الذي يريد أن يقوم بعمل من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف الداخلة في أغراض الشركة فإذا أعترض أحد الشركاء، وجب عرض اعتراضه على جميع الشركاء، ولا يخلو الأمر من فرضين الفرض الأول: أن ترفض أغلبية الشركاء باعتبار قيمة الحصص الاعتراض المقدم من الشريك المعترض، وفي هذا الفرض يجوز للشريك الذي يريد القيام بالعمل إتمام العمل المعترض عليه. والفرض الثاني: ألا ترفض الأغلبية الاعتراض المقدم من الشريك، وفي هذا الفرض يبقى الاعتراض قائمًا ولا يجوز للشريك الذي يريد القيام بالعمل إتمام العمل المعترض عليه، ويشمل هذا الفرض ما لو تساوت أصوات الشركاء بأن رفض نصفهم الاعتراض وأيد النصف؛ فيبقى الاعتراض قائماً ولا يجوز للشريك القيام بالعمل؛ فإذا قام بالعمل المعترض عليه فلا يكون هذا العمل نافذاً في حق بقية الشركاء؛ لأنه تجاوز حدود النيابة. وما تضمنته المادة من أحكام ليس من النظام العام؛ فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني بخلاف ذلك تعين العمل به، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف على خلافه.

بينت المادة أن لكل شريك أو من يفوضه الحق في الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها؛ إذ الشريك يملك حصة في الشركة ومن حقه الاطلاع على كل ما يتصل بها. وحق الشريك في الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه؛ لأنه حق للشركاء ناشئ عن حق ملكية بمقتضى القواعد العامة، غير أنه يجوز للشركاء الاتفاق على تنظيم ذلك؛ كالاتفاق على أن يكون في أوقات محددة ونحو ذلك.

تتناول الفقرة الأولى معيار العناية الواجبة على من يدير الشركة أو يتصرف فيها، وفرقت الفقرة بين فرضين الفرض الأول: ألا يكون من يدير الشركة أو يتصرف في أعمالها يتقاضى أجراً أو حصة من الربح؛ فالواجب عليه في هذه الحالة أن يبذل في عنايته العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة سواء كانت أعلى من عناية الشخص المعتاد أم أقل منها. والفرض الثاني: أن يكون من يدير الشركة أو يتصرف في أعمالها يتقاضى على عمله أجراً أو حصة من الربح؛ فالواجب عليه في هذه الحالة أن يبذل في عنايته العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة بشرط ألا تقل عن عناية الشخص المعتاد؛ أي أن الواجب عليه هو أعلى العنايتين من عنايته في أمواله الخاصة أو عناية الشخص المعتاد. فإذا كانت عناية الشخص المعتاد مراجعة الحسابات بشكل أسبوعي، وكان من يدير أموال الشركة في أمواله الخاصة يراجع بشكل يومي وجبت عليه المراجعة اليومية في كلا الفرضين، وإذا كانت مراجعته في أمواله الخاصة شهرية وجبت عليه المراجعة الشهرية في الفرض الأول، والمراجعة الأسبوعية في الفرض الثاني. وبهذا يتبين أن العناية المطلوبة من الشريك في رعاية مصالح الشركة تزيد على العناية المطلوبة من الوكيل العادي في إدارة شؤون موكله. وتقرر الفقرة الثانية ثلاثة أمور تعد من بذل العناية المطلوبة التي يجب على من يدير الشركة أو يتصرف فيها مراعاتها، وإلا فلا يكون قد التزم بالعناية المقررة نظاماً في رعاية مصالحها، فيكون مقصراً، ويترتب على هذا التقصير مسؤوليته نحو الشركاء، وهذه الأمور هي: الأمر الأول: أن يمتنع عن أي تصرف يلحق الضرر بالشركة، كأن يبيع أو يؤجر بعض أموال الشركة بأقل من ثمن المثل أو أجرة المثل بقدر خارج عن المعتاد. والأمر الثاني: أن يمتنع عن أي تصرف يخالف الصلاحيات المخولة له، كما لو فوض المدير أعماله لغيره دون موافقة الشركاء. والأمر الثالث: أن يمتنع عن أي تصرف يخالف الغرض الذي أنشئت من أجله، كأن يبيع بعض عقارات الشركة غير المعدة للبيع مما لا يقتضيه عمل الشركة، أو يهبها، أو يقوم بإقراضها. ومما يدخل في التزامات من يدير الشركة بموجب العناية تقديم حسابات عن أعمالها إذا كانت طبيعة الشركة تقتضي ذلك، وهو في هذا الصدد كالوكيل.

تصرح المادة بأمرين لا يجوز لمن يتولى إدارة الشركة أو يتصرف في أموالها نيابة عن الشركاء القيام بهما إلا بموافقة الشركاء، حتى ولو كان القيام بذلك لا يلحق ضررًا بالشركة، وهما: الأول: هبة شيء من أموال الشركة. والثاني: إقراض شيء من أموال الشركة. وهذا مبدأ عام في نطاق التصرف فلا تجوز هذه التصرفات إلا بإذن الشركاء، وحتى لو ظهر لمن يتولى الإدارة أن فيها تحقيقاً لمصلحة؛ فلا يجوز له أن يتصرف هذه التصرفات ما لم يكن مأذوناً له فيها، ويعد المدير بذلك مجاوزاً حدود صلاحيته؛ فلا يكون هذا التصرف نافذاً في حقهم ؛ ويكون لهم حق الرجوع عليه بالتعويض.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة ببعض التصرفات الصادرة عن الشريك، والآثار المترتبة عن ذلك. فبينت الفقرة الأولى أنه ليس للشريك أن يقوم بأي مما يلي: أولاً: لا يجوز للشريك أن يحتجز لنفسه شيئًا من أموال الشركة؛ فمثلاً لو قبض الشريك مبلغاً لحساب الشركة نتيجة بيع أو شراء أو نحو ذلك، لم يجز له أن يحتجز هذا المال في يده، بل يجب أن يوفيه للشركة فوراً، إلا ما يقضي به نص أو اتفاق أو عرف. وثانياً: لا يجوز له أن يستخدم لنفسه شيئًا من أموال الشركة، كأن يأخذ مالاً من الشركة ليستخدمه لغير صالح الشركة. وقرر آخر الفقرة الأثر المترتب على ما إذا قام الشريك بأي من الأمرين السابقين ففضلاً عن لزوم رده ما أخذ وفقاً للقواعد العامة، فإن للشركاء الحق في التعويض عن أي ضرر ينشا من ذلك. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا دفع الشريك شيئاً من ماله للشركة أو أنفق في مصلحها نفقات نافعة، كما لو وفى ديون الشركة من ماله الخاص، أو التزم في ذمته تجاه الغير لمصلحة الشركة، أو قدم للشركة مالاً أنفقه في مصلحتها؛ فيكون له حق استرداد ما دفع أو أنفق، مع مراعاة عدة شروط لذلك هي: الشرط الأول: أن تكون هذه النفقات نافعة ولمصلحة أعمال الشركة. والشرط الثاني: أن يقتضيها الاستعجال. والشرط الثالث: أن تقتصر على القدر النافع ولا يكون مبالغاً فيها. ومصدر رجوعه هنا النظام على اعتبار أن النظام جعل له حق الرجوع، أما إذا لم تنطبق الشروط التي قررتها المادة فيسري على ما دفع أو أنفق أحكام الإثراء بلا سبب بحسب الحال.

الأصل في الشركات المدينة أنها قائمة على الاعتبار الشخصي للشريك؛ ولذا لا يجوز له التنازل عن حقه لأجنبي ليصبح شريكاً مكانه، ما لم يقبل باقي الشركاء ذلك، وكذلك الدائن الشخصي للشريك ليس له حقوق مباشرة على حصة الشريك في الشركة وذلك حماية لحق الشركاء الآخرين، إلا في ثلاث حالات قررت المادة فيها أنه يمكن للدائن الشخصي للشريك أن يستوفي حقوقه من نصيب الشريك، وهي: الحالة الأولى أن يطلب الدائن الشخصي استيفاء حقه من نصيب الشريك المدين من الأرباح القابلة للتوزيع فيجوز لدائن الشريك أن ينفذ على الأرباح التي يقبضها الشريك من الشركة، كما يشار إلى أن للدائن الشخصي للشريك أن يستعمل حقوق مدينه الشريك قبل الشركة بطريق الدعوى غير المباشرة، كما يجوز لدائن الشريك أن يوقع حجزاً تحفظياً تحت يد الشركة على ما يكون للشريك من حقوق فيها، كنصيبه في الأرباح. والحالة الثانية أن يطلب الدائن الشخصي استيفاء حقه من نصيب الشريك في مال الشركة بعد التصفية، فإذا صفيت الشركة أصبح رأس مالها ملكاً شائعاً بين الشركاء، وأصبح للشريك المدين جزء شائع في هذا المال يدخل ضمن أمواله الخاصة، ومن ثم فيكون لدائنه الشخصي في هذه الحالة أن يستوفي حقه من هذا الجزء. وفي جميع الأحوال، فإن للدائن قبل التصفية توقيع الحجز التحفظي على نصيب الشريك. والحالة الثالثة: أن يطلب الدائن الشخصي بيع ما يلزم من حصص ذلك الشريك إن أمكن بيعها دون ضرر على الشركاء ليتقاضى حقه من حصيلة بيعها، ويُلحظ أن المنظم راعي في تقرير هذه الحالة الثالثة الحاجة العملية لذلك، فالأرباح أو انتظار التصفية قد يضر بحقوق الدائنين، كما أنه لا يمكن أن يُجعل للدائن حق مباشر على الحصة، فقررت المادة أن للشريك أن يطلب من المحكمة بيع الحصة، وقيدت المادة ذلك بألا يترتب ضرر على الشركاء، وسيترتب على ذلك إما إنهاء الشركة على اعتبار أن ذلك يعد انسحاباً من الشريك، أو أن الشركاء يشترون تلك الحصة، وهو الخيار الأنسب لمصلحة الشركاء، ولذا فقد جعلت المادة لهم الأولوية في الشراء.

بينت الفقرة الأولى نطاق مسؤولية الشركاء في الشركات المدنية عن الديون التي تنشا بسبب أعمال الشركة سواء تجاه الغير أم فيما بين الشركاء، وذلك على النحو الآتي: أولاً: مسؤولية الشركاء تجاه الغير عن الديون التي على الشركة؛ فهذه لا يحكمها عقد الشركة، وإنما تحكمها قواعد التعاقد بالنيابة؛ ومنها المادة (91) التي أحالت إليها المادة؛ فلكون هذه النيابة في الغالب لا تظهر أمام الغير؛ فإن ما ينشأ عن العقد من التزامات للغير لا تضاف إلى الشركاء ولا تمتد إلى أموالهم في الشركة؛ وليس للغير أن يطالب بها الشركاء إلا وفق تلك القواعد المفصلة في موضعها هناك، وفي جميع الأحوال فإن أي التزام يرتبه من يدير الشركة نيابة عن الشركاء خارج حدود نيابته بحيث لا يكون مأذوناً به من الشركاء فإنه لا يلزمهم. ثانياً: مسؤولية الشركاء فيما بينهم عن الديون التي على الشركة؛ فهذه المسؤولية لها فرضان الفرض الأول: أن تفي أموال الشركة بالديون، فتوفى تلك الديون منها، إلا أن ذلك لا يكون عن طريق المدين، بل يكون عن طريق من يتولى إدارة الشركة باعتباره هو المدين تجاه الدائن. والفرض الثاني: ألا تفي أموال الشركة بالديون، فيلزم الشركاء في أموالهم الخاصة ما بقي من الدين بمقدار حصة كل منهم في رأس مال الشركة، فإذا كانت أموال الشركة مليون ريال والدين مليونين وحصة كل شريك النصف؛ فيتحمل كل منهما خمسمئة ألف ريال. وهذا التحمل هو بين الشركاء فحسب وليس أمام الغير الذي تعاقد معه من يتولى إدارة الشركة بصفته الشخصية. وتحمل الشريك الدين الذي على من يدير الشركة مشروط بأن يكون التعامل الذي نشأ عنه الدين مأذوناً به من الشركاء وإلا فلا يلزمهم ذلك؛ ولذا قيدت المادة الدين الذي يتحمله الشريك بأن يكون متصلاً بأغراضها، وغني عن البيان أن أي دين في أموال الشركة إذا كان خارج حدود النيابة؛ مثل أن يكون في غير أغراض الشركة أو نشأ عن مسؤولية تقصيرية ممن يديرها فإنه لا يلزم الشركاء. وتقرر الفقرة الثانية أن عقد الشركة لا يقتضي التضامن بين الشركاء ما لم يكن هناك اتفاق بينهم، فعندئذ يستطيع الدائن أن يرجع على أي من الشركاء بالدين طبقاً لقواعد التضامن المنصوص عليها في النظام، فيكون للدائن أن يرجع على الشريك المتضامن لا بصفته شريكاً وإنما بصفته متضامناً. وهذا الحكم يشمل جميع أنواع الشركات في هذا الفصل؛ بما في ذلك ما لو كانت حصة الشريك ما يلتزم به في ذمته من مال أو عمل؛ كما في شركة الوجوه أو الأعمال؛ فاتفاق الشركاء على أن الشركة شركة وجوه أو عمل لا يعني تضامنهم فيما بينهم، بل لابد من اتفاق على ذلك؛ لأن حصة الشريك قد تكون ما يلتزم به في ذمته من مال أو عمل دون تضامن مع شريكه الآخر؛ فالتضامن في هذه الشركات وسائر الشركات المدنية غير مفترض.

قررت الفقرة الأولى قاعدة عامة وهي أن الشركاء ملزمون بأن يقدموا إلى الشركة ما وعدوا به في عقد الشركة، سواء كان مبلغا نقدياً أم مالاً عينياً أم عملاً. وسواء كان المال عينياً عقاراً أم منقولاً؛ لأن الشركة عقد مستقل عن عقد البيع ونحوه، فيلتزم الشريك بتسليم الحصة للشركة وتسجيلها، فإن تأخر عن ذلك جاز للشركة الرجوع عليه بمطالبته بتقديم حصته مع التعويض عن أي ضرر ينشأ عن هذا التأخر وفقاً للقواعد العامة. ويترتب على ذلك ما يلي: أولاً: أن الشريك الذي يلتزم بتقديم مبلغ نقدي يعد مديناً للشركة به، وعليه تعويضه عما فاتها من ربح إذا تأخر عن تسليمه في الموعد المتفق عليه، وذلك من تاريخ استحقاقه بغير حاجة إلى إعذار أو إنذار. ثانياً: أن الشريك الذي يلتزم بتقديم حصته عينًا من الأعيان المنقولة أو العقارية، وكان مالكاً لها، فتنتقل ملكية الحصة إلى الشركة بطريق التسليم إذا كانت من المنقولات، وبالتسجيل إذا كانت من العقارات، ويكون الشريك ضامناً لها في حالة الهلاك أو الاستحقاق أو ظهور عيب فيها وفقاً لأحكام عقد البيع التي أحالت إليها المادة (402). ثالثاً: أن الشريك الذي يلتزم بتقديم حصة عينًا من الأعيان، وكان لا يملكها، فتنتقل ملكية منفعة الحصة إلى الشركة بطريق التسليم إذا كانت من المنقولات، وبالتسجيل إذا كانت من العقارات، ويكون الشريك ضامناً لها في حالة الهلاك أو الاستحقاق أو ظهور عيب فيها وفقاً لأحكام عقد الإجارة التي أحالت إليها المادة (402). وقررت الفقرة الثانية أن الشريك الذي يلتزم بتقديم حصته عملاً؛ يلتزم بضمان ما قد ينشأ عن إخلاله بذلك العمل من أضرار للشركة، وتحدد مسؤولية الشريك الذي يقدم عملاً بحسب نوع العمل الذي قدمه، وهي مسؤولية شخصية تختلف باختلاف أهمية العمل المقدم، فالخبير تختلف مسؤوليته عن العامل العادي. وإذا أخل الشريك بتقديم ما التزم به من عمل، ضمن للشركة الضرر الذي أصابها من جراء ذلك. وإذا قدم الشريك عمله، فليس له أن يمارس العمل الذي قدمه حصة له في الشركة لحسابه الخاص، لأن الأصل هو أن ما قدمه الشريك يكون للشركة وحدها.

تتناول المادة حكم انسحاب الشريك من الشركة، ويقصد بانسحاب الشريك خروجه من الشركة وحده بإرادته المنفردة، وقد راعى النظام في ذلك طبيعة الشركة باعتبارها عقداً مستمراً قد تطول المدة ويرغب أحد الشركاء في الانسحاب منها. وفرقت المادة في الأحكام من ناحية الانسحاب بين ما إذا كانت الشركة معينة المدة، وبين ما إذا لم تكن كذلك. فبينت الفقرة الأولى حكم الانسحاب إذا كانت الشركة غير معينة المدة؛ وأنه يجوز للشريك أن ينسحب منها في أي وقت؛ حيث إنها عقد جائز غير لازم بين الشركاء، إلا أن المادة اشترطت لانسحاب الشريك في هذه الحالة ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يُعلم جميع الشركاء بإرادته الانسحاب قبل حصوله بمدة معقولة، والهدف من ذلك أن يكون الشركاء على إحاطة بهذه الإرادة، واشترطت الفقرة شرطاً شكلياً للإعلام وهو أن يكون مكتوباً. والشرط الثاني: ألا يكون انسحاب الشريك عن غش، كما لو كان غرضه من الانسحاب الانفراد بتحقيق صفقة كانت ستتجه للشركة حتى ينفرد بالأرباح وحده، فيجب أن يكون الشريك المنسحب حسن النية في انسحابه، حتى لا يسيء استعمال حقه في الانسحاب. والشرط الثالث: ألا يكون الانسحاب في وقت غير مناسب، وذلك مراعاة لطبيعة أعمال الشركة والتزاماتها، حتى لا تضطرب أعمالها وتنتج أضرار بخروج الشريك في وقت غير مناسب، كأن تكون الشركة تنتظر أرباحاً قريبة، أو في وقت شرعت الشركة فيه في مشروع فأصبح من مصلحتها أن يؤجل الانسحاب، أما تحديد مناسبة الوقت فهو متروك لتقدير المحكمة. وبينت الفقرة الثانية أحكام الانسحاب إذا كانت الشركة معينة المدة، وتعيين مدة الشركة قد يكون بتحديد أجل لها أو بتحديد غرض معين فتكون مدة الشركة بقدر المدة المعتادة لذلك الغرض، فقررت الحكم العام في هذه الحالة وهو أنه ليس للشريك أن ينسحب من الشركة قبل انقضاء المدة، وذلك إعمالاً للإرادة العقدية للأطراف؛ فتعيين المدة مقتضاه التزام الشركاء بإتمامها، إلا أن المادة أتاحت للمحكمة إخراج الشريك من الشركة بثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يقدم الشريك طلبًا إلى المحكمة للخروج من الشركة. والشرط الثاني: أن يكون ذلك بناءً على أسباب مقبولة. والشرط الثالث: أن يلتزم من يريد الخروج بتعويض الشركاء عن أي ضرر يلحقهم بسبب ذلك. وأتاح النظام هذا الاستثناء للمحكمة مراعاة لطبيعة عقد الشركة، فالمدة وإن كانت معينة إلا أن الشركة عقد ممتد وخروج الشريك لأسباب مقبولة مع التزامه بالتعويض عما يترتب على خروجه فيه مراعاة للشركة والشركاء. ومما تجدر الإشارة إليه هو أنه سواء كانت الشركة مدتها معينة أم غير معينة، فإنه يجوز للشركاء أن يتفقوا على إنهائها قبل وقتها، كما أن حق الشريك في الانسحاب راجع إلى إرادته المنفردة، وهو حق شخصي محض، ولذلك لا يجوز لدائنيه استعماله عن طريق الدعوى غير المباشرة.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بإخراج الشريك من الشركة، ولا تخلو آلية إخراج الشريك من الشركة من حالتين الحالة الأولى: أن تكون كيفية إخراج الشريك وآلية ذلك متفقا عليها في عقد الشركة. والحالة الثانية: ألا تكون آلية إخراج الشريك متفقاً عليها في عقد الشركة. فبينت الفقرة الأولى أن للشركاء الاتفاق على كيفية إخراج الشريك من الشركة والأسباب الموجبة للإخراج، وآلية ذلك والإجراءات المتبعة لإتمام الإخراج، وفي هذه الحالة يكون الاتفاق حاكمًا في الأمر ؛ فيحق للشركاء إخراج الشريك إذا قام بما يستعدي إخراجه حسب الاتفاق، ويكون دور المحكمة التأكد من وقوع الأسباب المؤدية إلى الإخراج التي تم الاتفاق عليها في عقد الشركة. وبينت الفقرة الثانية أنه إذا لم تكن آلية الإخراج وكيفيته متفقاً عليها في عقد الشركة، فإنه يحق أيضاً لأي من الشركاء أن يطلب من المحكمة إخراج شريك أو أكثر من الشركة إذا كانت هناك أسباب مقبولة، وترى المحكمة أنها وجيهة وداعية إلى إخراج الشريك. وتجدر الإشارة إلى ما سبق في بداية هذا الفرع من أن للشريك أن يطلب من المحكمة فسخ عقد الشركة ومن ثم إنهاءه إذا وجدت أسباب تبرر ذلك كإخلال الشريك، وعدم وفائه بالالتزامات التي عليه مثلاً. ولكن أورد النظام هذه المادة في هذا الفرع لتقرر حقًا آخر للشركاء أقل ضررًا غير طلب فسخ وإنهاء عقد الشركة، وهو حق الشريك في أن يطلب من المحكمة، لا إنهاء عقد الشركة، وإنما إخراج الشريك المخل منها مع استمرارها؛ ترسيخا واتساقًا مع المبدأ العام لهذا النظام في استمرار العقود وبقائها قدر الإمكان، فالشريك الذي لم يف بالتزاماته هو الذي يقع عليه وحده الأثر والتأثر مع استمرار بقية الشركاء دون تأثر، وكذا الشريك الذي لا ينسجم من بقية الشركاء، يتم إخراجه حتى لا يؤدي عدم انسجامه إلى عرقلة نجاحات الشركة، فلو رغب الشركاء في مد أجل الشركة، ولم يقبل المد واحد من الشركاء، دون بيان أسباب معقولة لهذا الرفض، فيجوز لأي شريك أن يطلب من المحكمة إخراج هذا الشريك، مع استمرار الشركة، حتى يتمكن سائر الشركاء من مد الشركة إلى أجل جديد، وإن كان إخراج الشريك من الشركة هو إنهاء لعقد ذلك الشريك مع الشركة إلا أنه لا يعد سببًا من أسباب انتهاء عقد الشركة، وذكر المنظم الأحكام المتعلقة بإخراج الشريك في هذا الفرع إبعادا لأي التباس أو محاولة قياس الإخراج على الانسحاب.

تشير المادة إلى عدد من الأسباب المتعلقة بشخص الشريك ينتهي بها عقد الشركة، وهي: السبب الأول: موت الشريك؛ فينتهي عقد الشركة بموت أحد الشركاء؛ لأن عقد الشركة قائم على الاعتبار الشخصي بين الشركاء، والشركاء إنما تعاقدوا بالنظر إلى اعتبارات شخصية في الشريك ذاته. والسبب الثاني: الحجر على الشريك؛ فينتهي عقد الشركة إذا حجر على الشريك لفقده الأهلية لجنون، أو عته أو سفه أو لكونه ذا غفلة؛ لأن العقد قائم على الاعتبار الشخصي والشركاء إنما تعاقدوا بالنظر إلى اعتبارات شخصية في الشريك ذاته لا إلى وليه وممثل عنه. والسبب الثالث: إعسار الشريك أو افتتاح إجراء التصفية له؛ فتنتهي الشركة إذا أعسر الشريك إعساراً نظامياً أو افتتحت إجراءات تصفية أمواله، وانتهاء الشركة بالإعسار أو افتتاح إجراءات التصفية إنما يقوم على نفس الاعتبارات التي يقوم عليها انتهاء الشركة بالحجر على أحد الشركاء، ذلك أن عقد الشركة قائم على الاعتبار الشخصي، والشركاء إنما تعاقدوا بالنظر إلى اعتبارات شخصية في الشريك ذاته لا إلى ممثل عنه. والسبب الرابع: انسحاب الشريك؛ فينتهي عقد الشركة إذا انسحب أحد الشركاء، وذلك وفقاً لما سبق بيانه عند شرح المادة (5٤٥). وبينت الفقرة الثانية جواز أن يُنص في عقد الشركة على أنه في حال موت أحد الشركاء تبقى الشركة قائمة، ويحل الورثة محل الشريك الذي مات ولو كان في هؤلاء الورثة عديم الأهلية أو ناقصها دون حاجة إلى إذن المحكمة، والنص على هذا السبب دون غيره من الأسباب المذكورة في الفقرة الأولى يدل على أنه لا يجوز أن يتفق الشركاء في عقد الشركة على أنه في حال الحجر على أحد الشركاء أن تستمر الشركة مع وليه، وكذا في حال الإعسار أو افتتاح إجراءات التصفية؛ ذلك أن الشريك يستطيع أن يُلزم ورثته بالحلول محله في الشركة، ولكنه لا يستطيع أن يُلزم من يمثله بذلك في حال الحجر أو الإعسار أو افتتاح إجراءات التصفية. وبينت الفقرة الثالثة أنه يجوز الاتفاق بين الشركاء في عقد الشركة على استمرارها بين الشركاء الباقين إذا مات أحد الشركاء أو حجر عليه أو أعسر أو افتتحت إجراءات التصفية له أو انسحب.

تشير المادة إلى الأثر المترتب على انتهاء شراكة أحد الشركاء مع استمرار الشركاء الباقين، سواءً كان سبب هذا الانتهاء موت ذلك الشريك، أو الحجر عليه، أو إعساره، أو دخوله في إجراءات التصفية أو انسحابه، أو إخراجه؛ فالأثر المترتب على ذلك هو تصفية نصيبه من الشركة؛ فيتم تقدير نصيب الشريك الذي انتهت الشركة في حقه، ويكون تقدير قيمة نصيبه وقت حصول سبب الانتهاء، أي وقت الانسحاب، أو الإخراج، أو الموت، أو الحجر أو الإعسار أو الدخول في إجراءات التصفية، والمعتبر في ذلك وقت نفاذ السبب، فإذا اتفق الشركاء على نفاذه بمجرد الإبلاغ فيحسب من ذلك الوقت، وإذا كان قضائياً فيحسب من تاريخ حكم المحكمة، وإذا قدر نصيب الشريك الذي انتهت الشراكة في حقه فيدفع له نصيبه نقداً. ويترتب على تصفية نصيب الشريك ألا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذلك من حقوق إلا بقدر ما تكون تلك الحقوق ناتجة من عمليات سابقة على حصول السبب. وهذه الأحكام المنصوص عليها في المادة ليست من النظام العام؛ لذا أجازت المادة للشركاء الاتفاق على خلاف الأحكام المنصوص عليها، كأن يتفقوا على تقدير نصيبه في وقت آخر، أو أن يعطى نصيبه أعيانا وليس نقداً.

بينت المادة الأثر المترتب على انتهاء عقد الشركة، وهو تصفية أموالها وتقسيمها على الشركاء، كما أوضحت الكيفية التي تكون بها التصفية، ولا تخلو تصفية الشركة من فرضين الفرض الأول: أن يكون هناك اتفاق بين الشركاء على إجراءات تصفية الشركة، فبينت الفقرة الأولى الحكم في ذلك، وهو وجوب اتباع الإجراءات المتفق عليها؛ سواء كان الاتفاق في عقد الشركة أم في اتفاق لاحق. والفرض الثاني: ألا يكون هناك اتفاق بين الشركاء على إجراءات التصفية، وبينت الفقرة الثانية الحكم في ذلك، وهو أنه يجوز لكل ذي مصلحة التقدم للمحكمة بطلب التصفية، ويشمل ذو المصلحة دائن الشريك؛ إذ إنه عن طريق التصفية يتمكن من الوفاء بمديونيته ونظراً إلى تنوع محل الشركة فقد جاءت أحكام المادة في هذا الشأن عامة، حيث جعلت للمحكمة تحديد إجراءات التصفية على أن تراعي في ذلك طبيعة الأموال محل التصفية، فإذا كانت عقاراً مثلاً فلها سلوك سبيل المزاد ولها عند الاقتضاء تعيين مصفّ، ولم يجعل هذا الأمر وجوبياً مراعاة لطبيعة الشركات المدنية وما يستتبعه تعيين المصفي من تكاليف. أما أعمال التصفية فترتكز أساساً على تصفية مال الشركة وتوزيع الصافي على الشركاء؛ فيحصر المصفي أموال الشركة ويبين ما للشركة من حقوق وما عليها من ديون ويستوفي ما للشركة من حقوق، ويوفي ما عليها من الديون، ويبيع مال الشركة منقولاً أو عقاراً، ويقوم بالأعمال الضرورية التي تستلزمها هذه التصفية، ثم يوزع الصافي من أموال الشركة على الشركاء. وبينت الفقرة الثالثة آلية قسمة الأموال الناشئة عن التصفية، وأنه إذا صفيت أموال الشركة، أصبح رأس مالها ملكاً شائعاً بين الشركاء، فتكون قسمتها وفق القواعد المتعلقة بقسمة الملكية الشائعة.

تناولت المادة تعريف عقد المضاربة، وأنه عقد يسلم فيه رب المال مالاً لمن يعمل فيه بجزء شائع من ربح ذلك المال، ويستخلص من ذلك أن عقد المضاربة من عقود المعاوضة الملزمة للجانبين، يقدم المال في هذا العقد من قبل رب المال، ويقدم العمل من المضارب، على أن يوزع الربح بينهما وفق نسبة يتفقان عليها. ويتبين من تعريف المادة العناصر التي يتكون منها عقد المضاربة، وهي: العنصر الأول: رأس المال؛ وهو التزام رب المال، وقد يكون من النقود وهذا هو الغالب، وقد يكون من غير النقود وتكون قيمته حينئذ هي رأس المال وفق ما سيأتي، ويشترط في رأس المال الشروط العامة لمحل العقد المنصوص عليها في المادة (۷۲). والعنصر الثاني العمل؛ وهو التزام المضارب بأن يعمل في المال ليحقق منه الربح وقد يكون مطلقاً أو مقيداً كما سيأتي؛ وبهذا يختلف عقد المضاربة عما قد يشبهه من عقود يكون فيها تسليم للمال؛ كالقرض؛ فالغرض منه انتفاع المقترض بالمال، والإيجار؛ فالغرض منه انتفاع المستأجر بالمأجور، والإعارة؛ فالغرض منها انتفاع المستعير بالشيء المعار، والإيداع؛ فالغرض منه حفظ الوديعة، وغيرها. والعنصر الثالث: الربح؛ فالربح ركن في عقد المضاربة؛ وتجري عليه الشروط العامة في المحل التي سبق بيانها في القسم الأول، ومنها أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين كما نصت على ذلك المادة (۷۲) ؛ فإذا اتفق المتعاقدان على عدم استحقاق أحدهما نصيباً من الربح فليس مضاربة، وأما إذا تعاقدا على الربح دون تحديد نصيب كل منهما فالعقد صحيح؛ لأنه قابل للتعيين بحسب العرف، كما سيأتي. ويجب فيما يستحقه المتعاقد من الربح وفقاً لنص المادة أن يكون شائعاً أي بنسبة منه لا بمبلغ مقطوع؛ فإذا اشترط المتعاقد مبلغاً محدداً غير شائع من الربح كان هذا الشرط باطلاً، وفق ما سيأتي بيانه عند شرح المادة (559).

تتناول المادة حكم المضاربة بالدين الذي لرب المال في ذمة المضارب، وحكم المضاربة بغير النقد. فبينت الفقرة الأولى جواز كون رأس مال المضاربة الدين الذي لرب المال في ذمة المضارب؛ فهذا الدين حق مالي يصلح أن يكون محلاً للتصرف ولا إشكال فيه، ويتحقق التسليم في هذه الحالة حكماً بمجرد انعقاد العقد. ويترتب على ذلك أن أي نماء في ذلك المال من بعد العقد يكون مقاسمة بين المتعاقدين بحسب الاتفاق، ولم تتناول الفقرة الصور الأخرى؛ اكتفاء بالقواعد العامة؛ فيجوز أن يكون رأس مال المضاربة المال الذي لرب المال في يد المضارب على سبيل الإيداع أو الإعارة أو أي عقد آخر. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا كان ما قدمه رب المال للمضاربة مالاً من غير النقد كعقار، أو بضاعة، أو أوراق مالية، أو غير ذلك؛ فالعقد صحيح؛ إذ لا يجب في عقد المضاربة أن يكون رأس المال من النقد ؛ ولكن تعد قيمة ما قدمه هي رأس المال؛ على أن تكون هذه القيمة معينة عند العقد أو قابلة للتعيين وفق أسس صالحة يتفق عليها المتعاقدان للتقييم، وما هذا إلا تطبيق للقواعد العامة؛ إذ يشترط في محل العقد أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين.

بينت المادة التزام رب المال في عقد المضاربة بتسليم مال المضاربة للمضارب، وتمكينه من إدارته والتصرف فيه. وتسليم مال المضاربة يتحقق بالتسليم الفعلي أو الحكمي، فالتسليم الفعلي بوضع المال تحت يد المضارب، بحيث يتمكن من استلامه والتصرف فيه دون مانع، والتسليم الحكمي يتحقق بكون المال في يد المضارب قبل العقد بأي صفة؛ كأن يكون ديناً في ذمة المضارب نشأ من عقد بيع، أو قرض، أو غير ذلك، أو وديعة بيد المضارب لرب المال؛ فيتفق المتعاقدان على أن يكون ذلك المال هو رأس مال المضاربة. ومن التسليم الحكمي ما تضمنته المادة (501).

يترتب على عقد المضاربة أن يكون للمضارب حق إدارة المال والتصرف فيه؛ فيكون تصرفه في المال ما دام في حدود عقد المضاربة تصرفاً صحيحاً منتجاً لآثاره في حق رب المال، وبينت المادة عدداً من الالتزامات التي يجب على المضارب أن يلتزم بها في إدارته للمال وتصرفه فيه؛ وذلك وفق ما نصت عليه المواد المحال إليها: فوفقاً للمادة (539) يلتزم المضارب ببذل العناية التي يبذلها في أعماله الخاصة على ألا ينزل في ذلك عن عناية الشخص المعتاد، وليس له أن يتصرف تصرفًا يلحق الضرر برب المال أو يخالف الصلاحيات المخولة له أو الغرض الذي عقدت من أجله المضاربة. ووفقاً للمادة (5٤٠) لا يجوز للمضارب هبة شيء من مال المضاربة ولا إقراضه؛ ما لم يكن مأذونا له بذلك من رب المال. ووفقاً للمادة (51) ليس للمضارب أن يحتجز لنفسه شيئًا من أموال المضاربة ولا أن يستخدمه لنفسه، وإلا كان ملزمًا بتعويض رب المال عن أي ضرر ينشأ بسبب ذلك، وإذا دفع المضارب من ماله الخاص للمضاربة من ماله مما لا يلزمه بموجب عقد المضاربة أو أنفق في مصلحتها نفقات نافعة اقتضاها الاستعجال وهي لا تلزمه بمقتضى عقد المضاربة فله الحق في استرداد ما دفع أو أنفق. ويتقيد المضارب في جميع ذلك في إدارته وتصرفه في المال بما يقتضيه عقد المضاربة، وما تضمنه من شروط وقيود متفق عليها في العقد صراحة أو ضمناً؛ بما في ذلك ما جرى العرف عليه في عقد المضاربة في مثل النشاط الذي انعقدت له المضاربة. ومما تجدر الإشارة إليه أن ما تضمنته هذه المواد من التزامات وأحكام منشؤها العقد؛ فللمتعاقدين الاتفاق على خلافها بزيادة مسؤولية المضارب أو إنقاصها بما لا يخالف القواعد الآمرة التي نص عليها النظام. وبناء على ما قررته المادة؛ فإن التزام المضارب بمقتضى عقد المضاربة هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية؛ فلا يكون مسؤولاً إذا لم يحقق الربح المتوقع، بل ولا يكون مسؤولاً إذا خسر المال ما دام أنه قد بذل العناية التي تلزمه نظاماً. ويجدر التنبه إلى أن إدارة المضارب للمال وتصرفه فيه تكون أمام الغير بصفته الشخصية؛ لأن شركة المضاربة لا تكتسب الشخصية الاعتبارية والالتزامات التي تنشأ عن التعاقد مع الغير تكون في ذمته لا في ذمة رب المال.

بينت المادة التزاماً آخر على المضارب، وهو تزويد رب المال بالمعلومات المتعلقة بأعمال المضاربة وتقديم حساب عن تلك الأعمال عند انتهاء مدة المضاربة إذا كان عقد المضاربة معين المدة، وأما إذا كان العقد غير معين المدة فيلتزم المضارب بتقديم المعلومات والحساب عن أعمال المضاربة في نهاية كل سنة. والغاية من هذا الالتزام حفظ حقوق رب المال؛ لكون المال بيد المضارب؛ ولتقليل مظان النزاع بين الطرفين، كما أن المال باق في ملك رب المال، ومن حقه الاطلاع على ما يتعلق بماله وما وصل إليه؛ فضلاً عن أن ذلك تقتضيه العناية المعتادة في إدارة المال والتصرف فيه. ويقصد بالمعلومات المتعلقة بأعمال المضاربة كل ما كان مؤثراً في سير العمل ونتائجه. والأحكام المنصوص عليها في المادة ليست من النظام العام؛ فيجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلافها، سواء كان هذا الاتفاق صريحاً أو ضمنياً، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف أو عادة التعامل بين المتعاقدين على خلاف ما ذكر، فيتعين العمل به.

بينت المادة التزاماً على المضارب متفرعاً عن التزامه ببذل العناية الواجبة في إدارة المال والتصرف فيه، وهو أن يتقيد بما تضمنه عقد المضاربة. وعقد المضاربة بهذا الاعتبار لا يخلو من حالتين الحالة الأولى: عقد مضاربة مقيد. والحالة الثانية: عقد مضاربة مطلق. فبينت الفقرة الأولى الأحكام المتعلقة بعقد المضاربة المقيد، سواء كان التقييد بزمان، أو مكان أو نوع من العمل أو غير ذلك؛ وأوضحت أنه يلزم المضارب ما قيد به العقد؛ وإذا خالف ذلك فإنه يعد مقصراً ويلزمه التعويض، فالتقييد بالزمان مثل أن يقيده بالمضاربة في موسم التمور فقط، والتقييد بالمكان كأن يقيده بالاتجار في مدينة الرياض فقط، والتقييد بنوع العمل كأن يقيده بالمضاربة في السيارات فقط، وقد يجمع كل هذه القيود؛ فيقيده بالمضاربة في التمور في موسم التمور بمدينة الرياض فقط، وقد يقيده بغير ما ذكر؛ كأن يشترط ألا يتعامل إلا مع المؤسسات التجارية دون الأفراد أو مع مؤسسات ذات تصنيف ائتماني جيد، ونحو ذلك. وجميع هذه القيود قد يتضمنها العقد صراحة أو تستخلص ضمناً من ظروف التعاقد. وبينت الفقرة الثانية الأحكام المتعلقة بعقد المضاربة المطلقة؛ أي دون تقييد للمضاربة بزمان أو مكان أو عمل معين أو غير ذلك؛ فالعقد لا يكون باطلاً؛ لأن المحل قابل للتعيين؛ فيتقيد المضارب في عمله بما جرى عليه العرف ويستهدى في ذلك بظروف التعاقد، وعقد المضاربة بهذا يختلف عن عقد الوكالة؛ فقد سبق في المادة (482) في عقد الوكالة أنها لا تصح بألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع التصرف النظامي، والفرق بينهما أن تصرف المضارب هنا مقيد بالمال الذي تسلمه فقط وبما جرى عليه العرف في أعمال المضاربة التي تستهدف الربح، بينما الوكالة العامة تمتد لجميع أموال الموكل وتشمل جميع التصرفات؛ فالخطورة فيها ظاهرة.

تتناول المادة التزاماً آخر على المضارب متفرعاً عن التزامه ببذل العناية الواجبة في إدارة المال والتصرف فيه، وهو التزام سلبي بالامتناع عن عمل. فقررت الفقرة الأولى التزام المضارب بالامتناع عن نوعين من الأعمال: النوع الأول: خلط مال المضاربة بماله؛ لأن هذا الخلط قد يؤدي إلى تداخل الحسابات؛ فضلاً عن أنه سيزاحم مال المضاربة في الفرص المتاحة لاستثمار المال. والنوع الثاني: أن يسلم المال للغير على سبيل المضاربة؛ أي المضاربة بالمال من الباطن؛ وذلك لأن عقد المضاربة قائم على الاعتبار الشخصي، وشخص المضارب جوهري في العقد. فالمنع من هذين الأمرين يستند إلى إعمال إرادة المتعاقدين في عقد المضاربة؛ ولذا جاء آخر الفقرة ليبين أنه إذا أذن رب المال للمضارب بهذين الأمرين، جاز له ذلك، سواء كان الإذن صريحاً أو ضمنياً، ومن الإذن الضمني إذا جرى العرف على أن المضارب يخلط مال المضاربة بماله الخاص أو جرى العرف على أن المضارب يضارب بمال المضاربة مع الغير، أو كان رب المال فوضه العمل بما يراه فيعد ذلك إذناً ضمنياً بهذين الأمرين. ويراعى في ذلك ما تقتضيه عناية الشخص المعتاد لمال المضاربة، ومن ذلك، ما إذا خلط مال المضاربة بماله يجب على المضارب أن يفصل مال المضاربة عن ماله محاسبياً، على وجه يمكن معرفة ما حققه مال المضاربة من ربح بشكل مستقل عن ماله، وأن يلتزم بما تضمنته المادة (552) من أن "على المضارب أن يزود رب المال بالمعلومات المتعلقة بأعمال المضاربة، وأن يقدم له حسابًا عنها "، وأن يتخذ من الإجراءات ما يحفظ حق رب المال ويثبته ويمكن معرفته في حال موت المضارب أو فقده الأهلية أو غير ذلك. وكذا الأمر إذا كان المضارب مأذوناً له بدفع مال المضاربة للغير مضاربة وفقاً لما تضمنته المادة؛ فلا يعني ذلك انتفاء مسؤوليته تجاه رب المال؛ فوفقاً للقواعد العامة في تحمل المسؤولية عن الخطأ، ولما قرره النظام في عقد الوكالة في المادة (489) ؛ فإن المضارب يبقى مسؤولاً عن خطئه، ومن ذلك خطؤه في اختياره للمضارب الآخر، أو فيما أصدره من تعليمات كانت سببًا في الضرر. والأثر المترتب على مخالفة المضارب لأي مما سبق أنه يكون مسؤولاً عن الضرر الذي يلحق رب المال بسبب تجاوزه ويلزمه التعويض عن الضرر. وبينت الفقرة الثانية آلية احتساب الربح حال خلط المضارب مال المضاربة بماله؛ بأن يحسب ربح كل مال بقدر نسبته من المال المختلط، ويوزع النصيب المستحق لمال المضاربة بين المتعاقدين وفق أحكام هذا الفصل؛ وأساس المحافظة على استقلال المالين بألا يفيد المضارب من رأس مال المضاربة بما يزيد عن نسبته المقررة في عقد المضاربة، فإذا كان مال المضاربة مئة ألف ريال ومال المضارب مئة ألف ريال، وتم خلط المالين فتحقق ربح بـ 50 أي مئة ألف ريال، استحق المضارب ربح ماله ثم يوزع ربح مال المضاربة بين المتعاقدين.

تتناول هذه المادة أحكام تحمل تبعة الخسارة في المضاربة، وتأتي المواد التالية (258 - 260) في أحكام قسمة الربح؛ فبينت هذه المادة أحكام تحمل تبعة الخسارة في المضاربة؛ وبناءً على ما قررته المادة (553) من أن التزام المضارب في عقد المضاربة هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية؛ فقد قررت الفقرة الأولى من هذه المادة الأصل العام في تحمل الخسارة وهو أن رب المال وحده هو من يتحمل تبعة نقص رأس مال المضاربة، وهذا الحكم من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافه، فلا يصح الاتفاق على أن يتحمل المضارب نقص رأس المال؛ لأن العقد لا يكون مضاربة في هذه الحال؛ إذ المضاربة مبناها على ربح المال أو خسارته، وهذا الحكم منسجم مع طبيعة عقد المضاربة، فكل واحد من الطرفين يخسر ما قدم، فالمضارب ليس له حصة في رأس المال، وإنما يقدم العمل دون المال، ففي حال الخسارة يخسر العمل الذي قدمه، ورب المال يقدم المال دون العمل، فهو الذي يخسر ما نقص من المال وحده. وبعد أن قررت الفقرة الأولى عدم جواز اشتراط تحمل المضارب تبعة نقص رأس المال جاءت الفقرتان الثانية والثالثة لتبينا أثر نقص رأس المال في حال حصوله، وافترضت الفقرتان فرضين الفرض الأول: أن يقع النقص في رأس المال بغير تعد ولا تقصير من المضارب. والفرض الثاني: أن يكون ذلك بتعدي المضارب أو تقصيره. فبينت الفقرة الثانية حكم الفرض الأول، وذلك فيما إذا وقع النقص في رأس المال بغير تعد ولا تقصير من المضارب؛ فلا يلزم المضارب ضمان النقص، وتعويض رب المال عنه، ذلك أن التزام المضارب هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية؛ فلا يكون مسؤولاً عن نقص المال أو عدم تحقيق الربح مادام قد بذل العناية الواجبة عليه.

بعد أن بينت المادة (557) أحكام تحمل الخسارة في المضاربة؛ جاءت المواد الثلاث (558-560) في بيان أحكام قسمة الربح بين المتعاقدين في المضاربة؛ فقررت هذه المادة الأصل العام في قسمة الربح؛ على النحو الآتي: أولاً: تكون قسمة الربح بين المتعاقدين في عقد المضاربة بحسب الاتفاق؛ سواء كان الاتفاق عند إبرام عقد المضاربة أم في اتفاق لاحق، وسواء كان صريحاً أم ضمنياً؛ مثال ذلك أن يجري التعامل بينهما على المضاربة في بضائع بنسبة مقاسمة بينهما، ثم يستمر التعامل بينهما بنفس العمل فيعد ذلك اتفاقاً ضمنياً على النسبة ذاتها. ثانياً: في حال عدم وجود اتفاق على تحديد نصيب المتعاقد من الربح؛ فتكون المضاربة صحيحة كذلك، ويتحدد نصيب كل متعاقد بحسب العرف؛ وما هذا إلا تفسير لإرادة المتعاقدين حال السكوت عن تحديد نصيب كل متعاقد؛ فافترض النظام أن إرادة المتعاقدين اتجهت إلى العرف، وعلى هذا فتكون قسمة الربح بينهما بحسب العرف، ومع ذلك جعل النظام لكل متعاقد في هذه الحالة الحق في أن ينسحب من المضاربة ولو كانت معينة المدة، متى توافرت شروط الانسحاب في المضاربة غير معينة المدة، وهي الشروط المبينة في الفقرة (1) من المادة (562) ؛ نظراً لطبيعة عقد المضاربة وكونه من العقود المستمرة؛ فقد لا يرغب المتعاقد في الاستمرار فيها متى تبين له جريان العرف في مقاسمة الربح على خلاف ما كان يتوقعه، وهذه الشروط هي: الشرط الأول: أن يُعلم المتعاقد الراغب في الانسحاب المتعاقد الآخر برغبته في الانسحاب قبل حصوله بمدة معقولة. والشرط الثاني: ألا يكون انسحابه عن غش، فيجب أن يكون المتعاقد المنسحب حسن النية في انسحابه، حتى لا يسيء استعمال حقه في الانسحاب. والشرط الثالث: ألا يكون الانسحاب في وقت غير مناسب، كأن تكون المضاربة في شراء مواد قرطاسية وبيعها ثم ينسحب قبيل بدء العام الدراسي، أو كانت في شراء مواشي لبيعها في موسم الأضاحي ثم انسحب قبيل الموسم. ويكون تحديد مناسبة الوقت لتقدير المحكمة.

بعد أن قررت المادة (558) أن الأصل في قسمة الربح في المضاربة أن تكون بحسب الاتفاق ؛ جاءت هذه المادة لبيان صورة ممنوعة من صور الاتفاق، وهي اشتراط مبلغ محدد من الربح لأحد المتعاقدين، وما قد يلتبس مع هذه الصورة من صور أخرى جائزة. فبينت الفقرة الأولى عدم صحة اشتراط مبلغ محدد من الربح لأحد المتعاقدين؛ فيجب أن تكون قسمة الربح بين المتعاقدين بنسبة شائعة بينهما، وهذا الحكم من النظام العام لا يجوز الاتفاق على خلافه، إذ قد يترتب على ذلك استئثار المتعاقد المشروط له المبلغ المحدد على الربح كله، فينتفي بذلك ركن المضاربة وهو المشاركة في الربح؛ فلو اشترط رب المال أو المضارب أن يكون ربحه من المضاربة خمسين ألف ريال؛ وربحت المضاربة خمسين ألف ريال أو أقل؛ فهذا يعني حرمان المتعاقد الآخر من الربح، ومن المقرر في عقود المشاركة بما فيها عقد المضاربة عدم صحة أي شرط يتضمن حرمان أحد الشركاء من الربح. وتطبيقاً لقاعدة تجزؤ العقد في الفقرة (2) من المادة (74): (إذا تضمن العقد شرطًا باطلاً بطل الشرط وحده، وللمتعاقد طلب إبطال العقد إذا تبين أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط) ؛ فإنه إذا بطل شرط مبلغ محدد من الربح؛ لم يعد بين المتعاقدين اتفاق على الربح؛ فتكون قسمة الربح بحسب العرف وفق ما تضمنته الفقرة الثانية من المادة (558) ، وللمتعاقد الانسحاب من العقد بالشروط الثلاثة المبينة في شرح تلك المادة؛ وللمتعاقد خيار آخر إذا لم يرغب أن يسلك هذا السبيل؛ وهو أن يطلب إبطال العقد متى أثبت أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط؛ تطبيقاً للفقرة (2) من المادة (74)؛ فإذا أبطل العقد تحدد نصيب كل منهما من الربح الذي تحقق للمضاربة قبل تقرير الإبطال بحسب العرف، لا على أساس العقد؛ لأن العقد إذا بطل انعدم أثره، وإنما تطبيقاً لقاعدة الإثراء بلا سبب؛ إذ الربح الذي تحقق للمضاربة إنما تولد نتيجة المال والعمل؛ فيستحق المضارب تعويضاً عن عمله بقدر ما عاد لرب المال من نفع، ويتقدر ذلك بمثل نصيب العامل من الربح لو كان العقد صحيحاً وتحقق مثل ذلك الربح؛ إذ المعتبر الرجوع إلى العرف في مثل ذلك النوع من التعاقد وطبيعة العمل. ومن الواضح أن مناط المنع في الصورة المبينة في الفقرة الأولى أن الشرط قد يؤدي إلى حرمان المتعاقد من الربح؛ ولذا جاءت الفقرتان الثانية والثالثة بصور من الاتفاق قد يتوهم أنها داخلة في إطار المنع الوارد في الفقرة الأولى؛ ودفعاً لهذا التوهم جاء النص على الجواز فيها؛ لانتفاء علة المنع؛ فأشارت الفقرة الثانية إلى صورتين، هما: الصورة الأولى اشتراط أن يكون الربح مقاسمة بين المتعاقدين بنسبة متفق عليها في نطاق حد معين وما زاد من الربح على ذلك الحد ينفرد به أحدهما، كأن يتفقا على أن يكون الربح مناصفة بينهما إلى أن يبلغ ربح المضاربة مئة ألف ريال، وما زاد على مائة ألف ريال فينفرد به رب المال وحده أو المضارب وحده؛ فهذه الصورة لا تؤدي إلى حرمان أي من المتعاقدين من الربح. والصورة الثانية: الاتفاق على تغير نصيب كل منهما من الربح بحسب ما يتحقق للمضاربة من ربح على أن يكون ذلك بناءً على أسس صالحة لتحديده، كما لو اتفقا على أن يكون الربح مناصفة بينهما إلى أن يبلغ ربح المضاربة مئة ألف ريال، وما زاد على مائة ألف ريال فيكون للمضارب منه الثلثان ولرب المال الثلث، أو اتفقا على أن الأرباح المتصلة ببيع سلعة معينة تكون مناصفة بينهما، والأرباح المتصلة ببيع سلعة أخرى يكون للمضارب منها الثلثان ولرب المال الثلث؛ فيجوز ذلك؛ لأن نصيب كل متعاقد قابل للتعيين وفق أسس صالحة، ولا يؤدي هذا الشرط إلى حرمان أي منهما من الربح. وبينت الفقرة الثالثة كذلك جواز أن يكون لأحد المتعاقدين أجر معلوم مقابل عمل معين مع استحقاقه نصيبه في الربح؛ فلا يتعارض هذا الشرط مع ما قضت به الفقرة الأولى من منع اشتراط مبلغ محدد؛ إذ المانع الذي أسس عليه الحكم هناك قد زال بوجود نسبة من الربح خلافاً للأجر.

بينت المادة الوقت الذي يستحق فيه كل متعاقد نصيبه من الربح في عقد المضاربة. فالفقرة الأولى قررت الأصل العام في ذلك وهو أن وقت استحقاق الربح يكون عند انتهاء عقد المضاربة؛ لأنه الوقت الذي تستقر فيه أعمال المضاربة وتتحدد نتائجها، فمثلاً: لو كانت المضاربة لسنتين والربح مناصفة بين المتعاقدين؛ فربحت المضاربة في نهاية السنة الأولى 10%، ثم خسرت في السنة الثانية 20%؛ فالمال المتبقي في نهاية المضاربة لرب المال وحده ولا شيء للمضارب؛ لعدم سلامة رأس المال. وبينت الفقرة أنه متى وجد اتفاق - صريح أو ضمني بما في ذلك جريان العرف - على تقييم المضاربة وتعيين ما يستحقه كل من المتعاقدين في مواعيد محددة مع استمرار المضاربة يستحق المتعاقد نصيبه في ذلك الموعد ولو قبل انتهاء المضاربة؛ بشرط أن يتم تقييم المضاربة في الموعد المحدد، والأصل في هذا الشأن أنه لا ربح إلا بعد سلامة رأس المال؛ لأن الربح ما فضل عن رأس المال؛ فإذا لم يكن فاضلاً عنه فلا يعد ربحاً. فعلى سبيل المثال: لو كانت المضاربة لسنتين والربح مناصفة بين المتعاقدين، واتفق المتعاقدان على تقييم المضاربة في نهاية كل سنة وتستحق الأرباح عند التقييم المتفق عليه؛ فربحت المضاربة في نهاية السنة الأولى 10%، فيستحق المضارب منها النصف ولو لم توزع الأرباح بينهما؛ ولو خسرت المضاربة عند انتهائها في السنة الثانية 20%؛ فيستحق المضارب نصيبه من الربح الذي استحقه في السنة الأولى منقوصاً منه 20% والباقي لرب المال. وقررت الفقرة في هذا الخصوص قرينة نظامية؛ وهي قرينة قابلة لإثبات العكس، مفادها: أن كل ما يوزع بين المتعاقدين أثناء سريان عقد المضاربة فهو من الربح، أي بعد سلامة رأس المال، وعلى من يدعي خلاف ذلك الإثبات، ولو وزع المضارب مبالغ لرب المال أثناء عقد المضاربة ثم ادعى المضارب أن ما وزعه إنما كان جزءاً من رأس مال رب المال يرده إليه ولم يكن ربحاً لم يقبل منه ذلك إلا بالبينة.

تناولت المادة سببين من أسباب انتهاء عقد المضاربة وهما: السبب الأول: انقضاء الأجل المعين لعقد المضاربة. والسبب الثاني: انتهاء العمل الذي عقدت المضاربة من أجله. وقررت المادة أن عقد المضاربة ينتهي بانقضاء الأجل المعين له أو بانتهاء العمل الذي عقد من أجله، فإذا عين للمضاربة مدة سنة؛ وانقضت فينتهي عقد المضاربة، وإذا عين للمضاربة عمل محدد كبيع قطع أراضٍ محددة فاستكمل بيعها فينتهي عقد المضاربة. ويجوز مد أجل عقد المضاربة قبل انقضاء مدته، ويصح تجديده بعد انقضاء مدته سواء كان هذا التجديد صريحاً أو ضمنياً، ويكون ذلك تجديداً لعقد المضاربة بشروطه الأولى عدا ما يتعلق منها بتعيين مدة المضاربة، ويسري عليه أحكام المضاربة غير معينة المدة المبينة في الفقرة (1) من المادة (562)، وإذا كان هناك عرف أو ما يدل على تحديد مدة معينة للمدة المجددة فإنه يكون معتبراً تطبيقاً للقواعد العامة. والأحكام المتعلقة بهذا السبب لا تختلف تماماً عما بيانه من أحكام في المادة (544) المتعلقة بانتهاء عقد الشركة لما بين العقدين من تشابه.

تشير المادة إلى انتهاء عقد المضاربة بانسحاب المتعاقد منها، والأحكام المتعلقة بهذا السبب لا تختلف عن أحكام انتهاء عقد الشركة بانسحاب الشريك المقررة في المادة (545) ؛ لما بين العقدين من تشابه، وما قيل في شرح تلك المادة يسري على عقد المضاربة كذلك، عدا ما يتعلق باشتراط الكتابة في إعلام المتعاقد الآخر بالانسحاب في عقد المضاربة غير معينة المدة، فلا يشترط أن يكون هذا الإعلام مكتوباً كما هو الشأن في عقد الشركة غير معينة المدة؛ لتعدد أطراف التعاقد في عقد الشركة غالباً، وتأثر حقوق باقي الشركاء بهذا الانسحاب، مما يستوجب التشديد في إثبات انسحاب الشريك منها.

تتناول المادة الآثار المترتبة على انتهاء المضاربة؛ فالأصل أنه متى قام السبب الموجب لانتهائها؛ فتنتهي تبعاً لذلك التزامات المضارب، ولا يجوز له التصرف في مال المضاربة؛ إلا أن المادة أشارت إلى حالتين يلزم فيهما المضارب بموجب التزامه ببذل العناية الواجبة أن يتم أعمال المضاربة؛ وذلك نظراً لطبيعة عقد المضاربة التي قد يصادف انتهاؤها ما يستوجب ذلك. فبينت الفقرة الأولى أنه يلزم المضارب عند انتهاء المضاربة أن يصل بالأعمال التي بدأها إلى حالة لا تتعرض معها أموال المضاربة أو أرباحها للتلف أو النقص، والأثر المترتب على مخالفة المضارب هذا الحكم مسؤوليته عن ضمان ذلك المال وأي أضرار أخرى تلحق برب المال بسبب عدم قيام المضارب بهذا الالتزام. وبينت الفقرة الثانية عدم جواز تصرف المضارب في أموال المضاربة بعد انتهاء عقد المضاربة، ويترتب على مخالفة ذلك مسؤولية المضارب، وهي ضمانه لذلك المال وأي أضرار أخرى تلحق برب المال نتيجة هذا التصرف، ويستثنى من ذلك ما إذا كان من موجودات المضاربة عند انتهائها من غير النقد؛ فيلزم المضارب تحويلها إلى نقد؛ لأن هذا من توابع عمل المضارب، وتتحدد مدة تحويل الموجودات غير النقدية إلى نقد بحسب العرف وطبيعة الأموال. واستثنت الفقرة من التزام المضارب بتحويل موجودات المضاربة في نهايتها إلى نقد ما إذا اقتضى العرف أو الاتفاق أو طبيعة المعاملة خلاف ذلك؛ ففي هذه الحالة يعمل بما اقتضاه الأمر في ذلك.

تشير الفقرة الأولى إلى التزام المضارب عند انتهاء المضاربة بأن يرد نصيب رب المال من مال المضاربة، ويُقصد بذلك رأس المال بما لحقه من ربح مستحق لرب المال أو خسارة فيه. ويجب أن يكون رد المضارب نصيب رب المال فور انتهاء عقد المضاربة مع مراعاة ما ورد في المادة (5٦٣) من أحكام؛ كما لو استدعى الحال تحويل بعض الموجودات غير النقدية إلى نقود، أو إذا استدعى الحال إيصال بعض أموال المضاربة إلى الحال التي لا تتعرض معها للتلف أو النقص. وبينت الفقرة الثانية الأثر المترتب على تأخر المضارب عن أداء هذا الالتزام ولا يخلو الأمر من فرضين الفرض الأول: أن يتعرض المال إلى نقص بسبب تأخر المضارب في الرد، فتكون تبعة النقص على المضارب، ويكون مسؤولاً عن هذا النقص لإخلاله بالالتزام. والفرض الثاني: أن يحقق المال ربحاً، فيكون لرب المال نصيبه من الربح؛ لا على أساس عقد المضاربة وإنما على سبيل التعويض؛ وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب. فلو كان مال المضاربة عند انتهائها بضائع وتأخر المضارب دون مسوغ مقبول في إجراءات تحويلها إلى نقد؛ فتلفت أو نقصت قيمتها ضمن المضارب هذا التلف أو النقص، ولو زادت قيمة البضاعة فيستحق رب المال نصيبه من تلك الزيادة لا على أساس عقد المضاربة؛ لأن العقد قد انتهى؛ وإنما على سبيل التعويض. ودلت المادة على أنه إذا كان تأخر المضارب المسوغ مقبول؛ كما لو لم يتمكن من تصفية مال المضاربة لسبب لا يد له فيه؛ فلا يكون ضامناً؛ لأن التزام المضارب هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق غاية.

تشير المادة إلى عدد من الأسباب تتعلق بشخص المضارب أو رب المال ينتهي بها عقد المضاربة؛ فنصت الفقرة الأولى على أربعة أسباب: السبب الأول: موت المتعاقد؛ فينتهي عقد المضاربة بموت أحد المتعاقدين؛ حيث إن شخصية المتعاقد محل اعتبار في هذا العقد. والسبب الثاني: الحجر على المتعاقد ؛ فينتهي عقد المضاربة إذا حجر على المتعاقد لفقده الأهلية لجنون، أو عنه أو سفه أو لكونه ذا غفلة؛ لأن العقد قائم على الاعتبار الشخصي للمتعاقد نفسه وليس نائبه. والسبب الثالث والرابع: إعسار المتعاقد أو افتتاح إجراء التصفية له؛ فينتهي عقد المضاربة إذا أعسر المتعاقد إعساراً نظامياً أو افتتحت إجراءات تصفية أمواله، وانتهاء المضاربة بالإعسار أو بافتتاح إجراءات التصفية يقوم على الاعتبارات ذاتها لانتهاء عقد المضاربة بالحجر على أحد المتعاقدين، ذلك أن عقد المضاربة قائم على الاعتبار الشخصي، حيث روعي فيه اعتبارات شخصية في المتعاقد نفسه لا في ممثله. و يلحظ أن الأحكام المتعلقة بأسباب انتهاء المضاربة في هذه المادة لا تختلف عن الأسباب المتعلقة بانتهاء عقد الشركة الواردة في المادة (547) ؛ لما بين العقدين من تشابه، وبناءً على ذلك يجوز أن يُنص في عقد المضاربة على أنه في حال موت أحد المتعاقدين فتستمر المضاربة، ويحل ورثته محله، ولو كان فيهم فاقد الأهلية أو ناقصها دون حاجة إلى إذن المحكمة، ولكن لا يجوز الاتفاق على أنه في حال الحجر على أحد المتعاقدين أو إعساره أو افتتاح إجراءات التصفية فتستمر المضاربة بين نائب هذا المتعاقد والمتعاقد الآخر؛ ذلك أن المتعاقد يستطيع أن يُلزم ورثته بالحلول محله في المضاربة، ولكنه لا يستطيع أن يُلزم ممثله بذلك في حال الحجر عليه أو إعساره أو افتتاح إجراءات التصفية. وبينت الفقرة الثانية التزامين على ورثة المضارب حال موته إذا توفرت فيهم الأهلية، أو نائبهم إذا لم تتوفر فيهم الأهلية، وكان الورثة أو النائب على علم بالمضاربة، وهي: الالتزام الأول المبادرة إلى إعلام رب المال بموت المورث، وذلك ليقوم رب المال باتخاذ الإجراءات اللازمة لحفظ ماله. والالتزام الثاني: أن يتخذوا من التدابير ما تقتضيه الحال للمحافظة على المال؛ فلو كانت أموال المضاربة ماشية فيتخذون من التدابير ما يتطلبه الأمر حتى لا تهلك لعدم إعلافها، ونحو ذلك.

بينت المادة تعريف عقد المشاركة في الناتج، وأشارت إلى العناصر الأساسية التي يتكون منها هذا العقد، على النحو الآتي: أولاً: محل التزام رب المال يلتزم رب المال بأن يسلم للعامل شيئًا غير قابل للاستهلاك؛ وهذ الالتزام يقتضي تمكين العامل من استغلال ذلك الشيء طيلة مدة العقد. ومن هذا الوجه يشبه عقد المشاركة في الناتج عقد الإيجار ؛ فالتزامات رب المال تشبه التزامات المؤجر ؛ لكونه يلتزم بالتسليم وتمكين العامل من العمل مع بقاء هذا الالتزام حتى انتهاء العقد. ثانياً: محل التزام العامل: يلتزم العامل في أن يستغل الشيء الذي سلمه رب المال له بالعمل عليه على وجه يحقق الناتج، ومن هذا الوجه يشبه عقد المشاركة في الناتج عقد المضاربة؛ فالتزامات العامل تشبه التزامات المضارب؛ إذ إن التزامه لا يقتصر على المحافظة على الشيء فحسب كما في الإيجار ؛ بل العمل فيه بالاستغلال لتحقيق الناتج. ثالثاً: الشيء المنتج وهو ما يسلمه رب المال للعامل ليعمل عليه، وحتى يكون العقد مشاركة في الناتج؛ فيجب أن يتوفر في الشيء المنتج شرطان: الشرط الأول: أن يكون غير قابل للاستهلاك، وهو كل ما يمكن استعماله مرة بعد أخرى مع بقائه؛ وأما الشيء القابل للاستهلاك كالطعام والنقود والبضاعة ونحوها؛ فلا يرد عليه عقد المشاركة في الناتج ؛ لأن المقصود بقاء الشيء مولداً لناتجه؛ ولا يتأتى ذلك إلا في الأشياء غير القابلة للاستهلاك. والشرط الثاني: أن يكون الشيء مولداً لناتج ؛ كالشجر ينتج الثمر، والأرض الزراعية تنتج الزرع، ومثلها آلة التصنيع التي تنتج منتجات صناعية أو غذائية أو أدوية أو أقمشة ونحو ذلك؛ وأما ما لا يتولد عنه ناتج بطبيعته كالمباني والسيارات فلا يكون محلاً لهذا العقد. رابعاً: الناتج ويراد به هنا ما يتولد عن الشيء المنتج؛ فخرج بذلك الربح الذي يتحقق من تقليب الشيء، والأجرة التي تتحقق من الانتفاع بالشيء سواء باستعماله أو استغلاله. خامساً: الاشتراك في الناتج وهذا ما يميز هذا العقد عن غيره؛ فهذا العقد يقتضي قيام شركة ملك بين المتعاقدين لا في أصل المال كما في عقد الشركة وإنما في الناتج عند ظهوره؛ فيكون مملوكاً لهما على الشيوع؛ ومن وقت ظهور الناتج يكون لكل منهما حق عيني فيه بمقدار نصيبه. وعلى هذا؛ فليس من المشاركة في الناتج ما لو قدم شخص لآخر عقاراً ليستغله مقابل نسبة مما يحققه من أجرة أو غلة، أو قدم شخص لآخر سيارة ليعمل عليها مقابل نسبة مما يحققه من أجر أو كسب. وأظهر صور المشاركة في الناتج المشاركة الزراعية الآتي بيانها في الفرع الثاني؛ حيث يشترك المتعاقدان في ناتج الأرض وهو الزرع، أو ناتج الشجر وهو الثمر، وقد ترد المشاركة في الناتج في صور أخرى لاسيما في آلات الإنتاج؛ كأن يقدم شخص لآخر آلة إنتاج على أن يعمل عليها، ويكون ناتجها عند ظهوره على الشيوع بينهما؛ وإذا تضمن الاتفاق قيام العامل ببيع ما يتحقق من ناتج وتقاسم ثمنه بنسبة نصيب كل منهما؛ فهذا الاتفاق زائد على مقتضى عقد المشاركة في الناتج؛ ففيه يثبت ملك كل متعاقد لنصيبه بمجرد تحقق الناتج ؛ وفقاً للمادتين (٥٦٨، ٥٧٦). ويجب في عقد المشاركة في الناتج أن تكون قسمة الناتج بين الشريكين على سبيل الشيوع؛ وسيأتي بيان أحكام ذلك في شرح المادة (٥٧٣) ، ويصح الاتفاق على قسمة الناتج وفق أي أسس صالحة للتعيين، ومن ذلك ما تقدم في المادة (٥٥٩) من صور جائزة لقسمة الربح في المضاربة، كأن يتفقا على تقاسم الناتج بنسبة معلومة وما زاد منه على حد معين ينفرد به أحدهما، أو أن يتفقا على أن يتغير نصيب كل منهما من الناتج بحسب ما يتحقق للمشاركة من ناتج وفق أسس صالحة، أو أن يتفقا على أن يكون لأحدهما أجر معلوم مقابل عمل معين مع استحقاقه نصيبه من الناتج.

بينت المادة الالتزامات الواجبة على كل متعاقد في عقد المشاركة في الناتج، فبينت الفقرة الأولى أمرين: الأمر الأول: التزام رب المال بتمكين العامل من العمل وفق المتفق عليه، وهذا يؤكد أن التزام رب المال في عقد المشاركة في الناتج ليس مجرد التزام سلبي بالتخلية بين العامل والأصل الذي قدمه رب المال؛ بل عليه التزام إيجابي بتمكين العامل من العمل، وهذا الالتزام يتفرع عنه التزامه بتسليم العامل الأصل المنتج، وإذا تطلب ذلك دفع نفقات فيتحملها رب المال، وأن يمكنه من استغلاله حتى انتهاء عقد المشاركة، والتزامه بضمان ما يكون في الأصل الذي قدمه من عيوب تنقص من استغلاله في الغرض المقصود منه؛ والتزامه القيام بالإصلاحات الضرورية اللازمة لهذا الاستغلال، وتطبق في ذلك القواعد العامة. وبه يتبين أن التزام رب المال في المشاركة في الناتج يشبه التزام المؤجر في عقد الإيجار. والأمر الثاني: التزام العامل بأن يبذل في عمله وفي المحافظة على المال عناية الشخص المعتاد وما هذا إلا تطبيق للقواعد العامة؛ لأنه يستحق أجراً مقابل ذلك العمل وليس متبرعاً؛ فتكون مسؤوليته في العناية بهذا المعيار. وبه يتبين أن التزم العامل في المشاركة في الناتج لا تقتصر على المحافظة على الشيء فقط؛ بل لابد من بذل العناية في القيام بالعمل المتفق عليه المولد للناتج؛ وهو بهذا الالتزام يشبه التزام المضارب في عقد المضاربة. وبينت الفقرة الثانية أمرين: الأمر الأول: أن النفقات الضرورية لحفظ الأصل تكون على رب المال؛ ومن ذلك أي رسوم أو ضرائب تتعلق بالأصل نفسه. والأمر الثاني: يتحمل العامل النفقات المتعلقة باستغلال ذلك الأصل؛ مثل الصيانة المعتادة والنفقات التشغيلية. وجميع ما سبق قواعد مكملة ليس من النظام العام، فيجوز الاتفاق على خلافه صراحة أو ضمناً إذا دلت عليه ظروف التعاقد كالعرف وما جرى عليه التعامل بين المتعاقدين. وبينت الفقرة الثالثة أن للعامل أن يستأجر الأجراء سواء بعقد عمل أم عقد مقاولة أم مشاركة في الناتج من الباطن أم غير ذلك من العقود، للقيام بكل الأعمال التي جرت العادة أن يتولاها العامل أو بعضها، وتكون أجرة أولئك الأجراء في نصيبه من الناتج؛ لأنه إنما يستحق نصيبه من الناتج بهذا العمل فينبغي أن يتحمل ما ينشأ عنه من أعباء أو نفقات، وما قررته الفقرة كذلك ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه سواء فيما يتعلق بحق العامل باستئجار الأجراء أو تحمله نفقاتهم.

بينت الفقرة الأولى الوقت المعتبر الذي يستحق فيه كل متعاقد نصيبه من الناتج، وهو وقت تحققه وليس وقت توزیعه؛ فمتى تحقق الناتج استحق المتعاقد نصيبه منه ولو لم يتم تسليمه له فعلاً، ويجوز للمتعاقدين الاتفاق على خلاف ذلك؛ بتعيين مواعيد يستحق فيها المتعاقد نصيبه من الناتج غير وقت تحققه؛ سواء في نهاية مدة المشاركة أو في أثنائها، ولهما الاتفاق أيضاً على طريقة حساب الناتج ؛ وذلك بتحديد المعايير التي يحسب على أساسها. وبينت الفقرة الثانية كيفية قسمة موجودات المشاركة في الناتج عند انتهاء العقد وتصفية المشاركة؛ وهذه الموجودات لا تخلو من أربعة أمور: الأمر الأول: الناتج، وهو محل المشاركة بين المتعاقدين؛ فيوزع بينهما بقدر أنصبتهما المتفق عليها. والأمر الثاني الأصل الذي قدمه رب المال؛ وأي نفقات متصلة بهذا الأصل أنفقها رب المال، فيرد بعينه إلى رب المال؛ لأنه باق في ملكه. والأمر الثالث: الزيادات المنفصلة عن الأصل؛ فهذه ترد إلى من دفع نفقتها سواء رب المال أم العامل. والأمر الرابع النفقات النافعة المتصلة بالأصل التي أنفقها العامل؛ فهذه ترد إلى العامل إلا إذا كان فصلها يضر بالأصل؛ كما لو أن العامل في عقد المشاركة الزراعية أحدث بناء نافعاً في الأرض الزراعية يضر فصله؛ فيخير رب المال عند استرداده الأصل بين أن يعوض العامل قيمة ما أنفقه في تلك الزيادات أو مقدار ما زاد في قيمة الأصل؛ تطبيقاً لقاعدة الإثراء بلا سبب. وأشار آخر الفقرة إلى أن الأحكام المبينة فيها تعد قواعد مكملة، يجوز للطرفين الاتفاق على خلافها، سواء باتفاق صريح أو ضمني، كما لو جرى العرف أو تعامل المتعاقدين على خلاف ما ذكر فيعمل به.

تینب ةداملا مكحلا يف لاح أُ لطب دقع ةكراشملا يف جتانلا ءاوس عقو باطلاً ررقتو ھنلاطب أم ناك قابلاً لاطبلإل ؛لطبأو بجاولاف يف يتلاح لاطبلإا نلاطبلاو نأ داعی نادقاعتملا ىلإ ةلاحلا يتلا اناك اھیلع لبق دقاعتلا تطبیقاً ةداملل (٨٢ ) عیو دُّ دقعلا نأك مل ؛نكی ىلعو اذھ دریف ىلإ بر لاملا لصلأا يذلا ھمدق يأو تادایز ةلصتم ھب وأ ةلصفنم ھنع اذإ ناك وھ نم عفد ،اھتقفن دریو ىلإ لماعلا يأ تادایز ةلصفنم نع لصلأا اذإ ناك وھ نم عفد اھتقفن امأو تادایزلا ةلصتملا لصلأاب يتلا اھقفنأ لماعلا يرجیف اھیلع ماكحأ ا قاصتللا بسحب ھلاح نإ ناك نسح ةینلا وأ ،اھئیس امأو جتانلا يذلا ققحت للاخ دقع ةكراشملا ف لا ولخی نم لاح ت نی : ةلاحلا لأا ىلو : نأ نوكت داوملا يتلا دلوت اھنم جتانلا نم بر ؛لاملا امك ول تناك ةكراشملا يف جتانلا ىلع لیبس ةعرازملا - قفو ام يتأیس يف عرفلا يناثلا - و تناك روذبلا ةدمسلأاو داومو جاتنلإا نم بر ،لاملا وأ تناك ةكراشملا يف ةلآ عینصت تابلعم تناكو داوملا ماخلا نم بر ،لاملا يفف هذھ لاحلا ة نوكی جتانلا - وھو لوصحملا يعارزلا يف لاثملا لولأا تابلعملاو يف لاثملا يناثلا - ل بر ؛لاملا ھنلأ دلوت نم ھلام دریف ،ھیلإ قحتسیو لماعلا تعویضاً ردقب رجأ لثم ھلمع كلذو ردقب ام داع ىلع بر لاملا نم ،عفن اذھو ضیوعتلا سیل ىلع ساسأ لا دقع ؛نلأ دقعلا اذإ لطب مدعنا ،هرثأ امنإو تطبیقاً ةدعاقل ءارثلإا لاب ؛ببس ذإ جتانلا يذلا رثأتسا ھب بر لاملا امنإ دلوت ةجیتن لاملا لمعلاو . ظحلایو انھ نأ رجأ لثم علا لما داری ھنم ام ھقحتسی ھلثم ول ناك دقعلا صحیحاً ققحتو لثم كلذ ،جتانلا ىعاریف يف ریدقت هرجأ ام ناك ھقحتسیس نم جتانلا ول ناك دقعلا صحیحاً امو داع ىلع بر لاملا نم عفن ببسب ،ھلمع سیلو دارملا رجأب لثملا ام ھقحتسی لماعلا يف دقع لمع وأ دقع ةلواقم ، لب بجاولا نأ ىعارت ةعیبط دقعلا يذلا لطبأ يف ریدقت رجلأا . ةلاحلاو لا ةیناث : نأ نوكت داوملا يتلا دلوت اھنم جتانلا نم ؛لماعلا يفف هذھ لاحلا ة نوكی جتانلا ؛لماعلل ھنلأ دلوت نم ،ھلام قحتسیو بر لاملا تعویضاً ردقب ةرجأ لثملا نع ةدم للاغتسا لصلأا كلذو ردقب ام داع ىلع لماعلا نم ،عفن اذھو ضیوعتلا أیضاً سیل ىلع ساسأ لا دقع ؛امنإو قیبطت ةدعاقل ءارثلإا لاب ؛ببس ىعاریف يف هریدقت ام ھقحتسی كلام كلذ لصلأا لباقم ھللاغتسا ول ناك دقعلا صحیحاً ققحتو لثم كلذ ،جتانلا امو داع ىلع لماعلا نم عفن ببسب ھللاغتسا لصلأا . ويفو اتلك نیتلاحلا ةمكحملل نأ مكحت ضیوعتلاب وفقاً دعاوقل سملا ؤ ةیلو ةیریصقتلا نإ ناك ھل ؛ضتقم نأك نوكی لاطبلإا ریرغتل مثلاً لمحتیف ببستملا ام قحل فرطلا رخلآا نم ررض ببسب لاطبلإا .

ریشت ةداملا ىلإ بابسلأا يتلا يھتنی اھب دقع ةكراشملا يف ؛جتانلا دقعف ةكراشملا يف جتانلا هریغك نم دوقعلا يھتنی بابسلأاب ةماعلا ،ءاھتنلال اھنمو : ،ةلاقلإا خاسفناو دقعلا ةلاحتسلا ذیفنتلا كلاھب لصلأا ملا دلو ،جتانلل خسفلاو قضا ء ًوأ اتفاقاً للاخلإل ،مازتللااب وم لو قرطتت ةداملا هذھل بابسلأا اكتفا ء ًامب وھ ررقم يف دعاوقلا ةماعلا ؛دوقعلل ذإ لا فلتخی دقع ةكراشملا يف جتانلا نع هریغ نم دوقعلا يف قیبطت كلت دعاوقلا . تنیبو ةرقفلا ىلولأا نأ دقع ةكراشملا يف جتانلا دق نوكی معینًا ةدملاب اذھو وھ بلغلأا وأ نوكی معیناً لمعلاب ؛امك يف ةكراشملا ىلع داصح ةیمك ةنیعم نم عرزلا ، يفو اتلك نیتلاحلا يضقنی دقعلا ءاضقناب لجلأا نیعملا ھل اذإ ناك معینًا ،ةدملاب وأ مامتإب لمعلا قفتملا ھیلع اذإ ناك دق نیع ھل ضرغ وأ لمع نیعم متو هزاجنإ . اذإو مل قفتی نادقاعتملا ىلع ةدم دقعلل وأ ىلع لمع يضقنی دقعلا هزاجنإب نیعتتف ةدم دقعلا بسحب فرعلا فورظو ؛دقاعتلا امك وھ نأشلا يف رئاس تامازتللاا اذإ مل ددحی اھلجأ ؛تطبیقً ا امل تصن ھیلع ةداملا (27٦)؛ ثیح ضرتفا ماظنلا نأ ھجوت ةدارإ نیدقاعتملا لاح قافتلاا ىلع دقع دتمم نود ت نییع ھتدم نأ امھتدارإ تھجتا ىلإ اھدیدحت ب بسح فرعلا فورظو ؛دقاعتلا اذھو لا ودعی نأ نوكی تفسیراً امھتدارلإ و فقا ً امل ھیضتقی لماعتلا ةعیبطو دقعلا . تنیبو ةرقفلا ةیناثلا نیتلاح يھتنی امھب دقع ةكراشملا يف جتانلا لبق ءاضقنا ةدملا وأ مامتإ ،لمعلا امھو : ةلاحلا ىلولأا : توم لماعلا اذإ ناك مقصوداً ھصخشل يف ؛دقعلا دوصقملاو كلذب نأ نوكت ھتلاھؤم ةیصخشلا لحم رابتعا يف ،دقاعتلا وأ نوكی مشروطاً ھلمع ؛ھسفنب يفف هذھ لاحلا ة يضقنی مازتللاا مازتللااو لباقملا ھل خسفنیو دقعلا نم ءاقلت ؛ھسفن امو اذھ لاإ قیبطت ةدعاقل ةلاحتسا ذیفنتلا صوصنملا اھیلع يف ةداملا (1١٠)، قحلیو تومب لماعلا يف مكحلا ءاھتناب ةكراشملا يف جتانلا نأ حبصی عاجزاً نع مامتإ ،لمعلا نأك باصی امب لعجی ذیفنت لمعلا مستحیلاً ھیلع . ةلاحلاو ةیناثلا : توم لماعلا اذإ مل نكی مقصوداً ھصخشل ملو نكی مشروطاً ھلمع ؛ھسفنب لاف خسفنی دقعلا يف هذھ ةلاحلا نم ءاقلت ؛ھسفن لاإ ھنأ قحی ةثرولل بلط خسف دقعلا اذإ اوراتخا مدع مامتإ ،لمعلا نلأ ةعیبط اذھ دقعلا لا ولخت نم ردق نم رابتعلاا يصخشلا ؛لماعلل مایقل رصنع ةكراشملا ،اھیف امك نأ برل لاملا بلط خسف دقعلا اذإ مل رفوتت يف ةثرولا تانامضلا ةیفاكلا نسحل ذیفنت ؛لمعلا لثم لاأ نوكی ىدل يأ مھنم نم فرتحی لثم لمع ،مھثروم ویُرجع يف ریدقت كلذ ىلإ ةمكحملا . و سیل خاسفنلا دقعلا وأ ھخسف رثأ يعجر امیف ققحت نم ،جتانلا امأو ام مل ققحتی ھنم ف مزلی بر لاملا نأ عفدی ةكرتلل رجأ لثم لمع لماعلا ةمیقو ام ھقفنأ كلذو ردقب عنفلا يذلا داع ىلع بر لاملا نم هذھ لامعلأا تاقفنلاو . تنیبو ةرقفلا ةثلاثلا نأ دقع ةكراشملا يف جتانلا لا يھتنی تومب بر ؛لاملا دقعلاف لا موقی ىلع رابتعلاا يصخشلا ةبسنلاب ىلإ بر ؛لاملا ھنأش نأش دوقعلا ىرخلأا يتلا لا نوكی اھیف رابتعا صخشل دقاعتملا .

تشير المادة إلى تعريف عقد المشاركة الزراعية، ويتناول التعريف صورتين من أبرز تطبيقاته:

الصورة الأولى عقد المزارعة، وفيه يسلم رب المال أرضاً مزروعة أو غير مزروعة لمن يعمل عليها بجزء شائع من ناتجها وهو المحصول الزراعي الذي يخرج منها؛ فمحل التزام رب المال تسليم منفعة الأرض سواء كان يملك الأرض أو يملك منفعتها فقط بحق انتفاع، أو إيجار، أو وقف، أو غيره، ومحل التزام العامل هو العمل على الأرض بزراعتها إن لم تكن مزروعة والعمل عليها بالرعاية والسقيا والإصلاح حتى يظهر الزرع أو بإتمام زراعتها إن كانت مزروعة ولم يظهر الزرع والعمل عليها إلى أن يظهر الزرع.

والصورة الثانية عقد المساقاة، وفيه يلتزم رب المال بتسليم أرض بها شجر قائم أي مغروس لمن يقوم بسقيه ورعايته حتى تظهر ثمرته، ويشتركان في ناتجه وهو الثمر أو ما ينتجه الشجر من ألياف، أو زيت أو أخشاب، أو غير ذلك؛ فمحل التزام رب المال هو تسليم منفعة الشجر، سواء كان يملكها أم يملك منفعتها فقط بحق انتفاع، أو إيجار أو وقف، أو غيره، وسواء كان يملك الأرض التي غرست فيها الأشجار أم يملك منفعتها فقط، أم أنه لا يملك الأرض ولا منفعتها وإنما تقتصر ملكيته على ملكية الشجر أو ملكية منفعتها فقط.

وتشترك المزارعة والمساقاة في أن محل المشاركة بين المتعاقدين في الناتج فقط دون أصل المال، وأن التزام رب المال في كليهما هو تسليم عين غير قابلة للاستهلاك وهو في المزارعة الأرض وفي المساقاة الشجر، وأن التزام العامل في كليهما هو العمل وتختلف المزارعة عن المساقاة في أن المزارعة تكون في الزروع كالقمح والشعير والبرسيم ونحوها بينما المساقاة تكون في الشجر، وهو ما يظهر ناتجه من النبات ويتجدد مع بقاء أصله كالنخل والعنب والزيتون.

ولا يشترط في المساقاة أن يكون الشجر مثمراً؛ فتصح في كل ما له ناتج من ثمر، أو ورق، أو ليف، أو زيت، أو غيره، ويجب أن يكون نصيب المتعاقد في المزارعة والمساقاة شائعاً.

الأصل في المزارعة أن يكون البذر من رب المال باعتباره جزءاً من المال الذي يلتزم به، ويقتصر التزام العامل على العمل فقط؛ إلا أن المادة بينت صحة أن يكون البذر من العامل أو منهما جميعاً؛ ولا تخرج المعاملة بذلك عن كونها عقد مشاركة زراعية.

والأصل كذلك في المساقاة أن يكون الشجر من رب المال باعتباره جزءاً من المال الذي يلتزم به إلا أن المادة بينت صحة أن يكون الشجر من العامل أو منهما جميعاً؛ وذلك بأن يسلم رب المال أرضاً على أن يحضر العامل غراساً، وهو الشجر الذي يغرسه في الأرض، ويكون ناتج الشجر بينهما ؛ أي أن الأصل الذي يلتزم رب المال به في هذه الحالة هو الأرض وليس الشجر.

ولا تخرج المعاملة بذلك عن كونها عقد مشاركة زراعية.

تشير المادة إلى أن المشاركة الزراعية تقتضي اشتراك المتعاقدين على سبيل الشيوع في الناتج بأن يكون لكل منهما نسبة معينة - كالثلث والنصف من ناتج الأرض من الزرع في المزارعة أو ناتج الشجر في المساقاة؛ ولا يجوز الاتفاق على أن يكون لأحدهما مقدار محدد غير شائع من الناتج ؛ مثل أن يشترط لأحدهما مائة كيلوجرام مما ينتج من زرع تلك الأرض أو ثمر ذلك البستان والباقي للآخر، ولا يجوز أن يشترط لأحدهما ناتج موضع معين منه، مثل أن يجعل لأحدهما ثمر أشجار معينة بذاتها أو جهة معينة بذاتها من البستان والباقي للآخر؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى حرمان المتعاقد الآخر من الناتج، فقد لا ينتج إلا ذلك المقدار أو يتلف الناتج المخصص لأحدهما دون الآخر؛ فيستأثر أحدهما بالناتج دون الآخر، واشتراك المتعاقدين في الناتج ركن في عقد المشاركة الزراعية، وأما إذا كان الاتفاق على أن يكون لأحدهما مقدار محدد من نوع الناتج دون أن يقيد بكونه من ناتج تلك الأرض أو ذلك الشجر ؛ مثل أن يشترط لأحدهما مائة كيلوجرام من القمح سواء من ناتج تلك الأرض أم غيرها فيجوز؛ ولكن لا يعد العقد في هذه الحالة مشاركة في الناتج.

وإذا لم يحدد المتعاقدان في العقد نصيب كل منهما من الناتج فيتحدد بحسب العرف وهو من تفسير إرادة المتعاقدين في حال السكوت عن تحديده على أنهما أرادا العرف.

والأثر المترتب على بطلان الشرط في حال اشتراط أحد المتعاقدين نصيباً غير شائع من الناتج أو ناتج موضع معين أن يبطل الشرط وحده دون العقد؛ تطبيقاً لقاعدة تجزؤ العقد الواردة في الفقرة (۲) من المادة (74) ، وتكون قسمة الناتج بينهما حينئذ بحسب العرف، وللمتعاقد طلب إبطال العقد إذا تبين أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط.

بينت المادة الحكم فيما إذا لم يعين المتعاقدان مدة العقد في المشاركة الزراعية، أو كان التعيين بمدة لا تحتمل بلوغ حصاد الزرع أو قطف الثمر، مثل أن يبرما عقد مزارعة لمدة أربعة أشهر في محصول زراعي دورته الزراعية ستة أشهر، أو يبرما عقد مساقاة لمدة تسعة أشهر في شجر لا تكون ثمرته قابلة للجذاذ إلا بعد سنة؛ ففي هذه الحالة لا يبطل العقد؛ لأن محل الالتزام والزمن جزء منه وإن كان غير معين إلا أنه قابل للتعيين؛ ففي هذه الحالة تتعين المدة في المزارعة بدورة زراعية واحدة، وبمدة تحتمل قابلية أول ناتج للجذاذ في المساقاة، أي ستة أشهر في المثال الأول، وسنة في المثال الثاني.

ومما يجدر التنبيه عليه أن نطاق حكم المادة منحصر فيما إذا كانت المدة لم تتعين، أو كان التعيين بمدة لا تحتمل بلوغ الحصاد أو الجذاذ، ولا يشمل ذلك ما إذا كانت المدة المعينة تحتمل بلوغ الحصاد أو الجذاذ ومع ذلك انقضت المدة قبل ظهوره، فهذه الأخيرة تحكمها المادة (576).

وتعيين المتعاقدين مدة العقد قد يكون صراحة بالاتفاق عليه عند التعاقد، أو يكون ضمناً يستخلص من ظروف التعامل، فلو استقر العرف أو جرى التعامل بين المتعاقدين على تعيين مدة المزارعة أو المساقاة بخلاف ما تضمنه حكم المادة وسكت المتعاقدان عن تعيينها اكتفاء بالعرف أو بما جرى عليه التعامل بينهما؛ فالمعتبر ما جرى عليه العرف أو التعامل؛ لأنه في حكم الاتفاق المنصوص؛ إعمالاً للقاعدة الكلية في المادة (۷۲۰): "المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً"؛ ولأن في ذلك إعمالاً لإرادة المتعاقدين حيث يفسر سكوتهما عن تعيين المدة إذا كان هناك عرف أو تعامل قائم بأنهما قصدا الإحالة عليه فيما سكتا عنه.

وإذا انقضت المدة المعينة لعقد المشاركة الزراعية ثم استمر المتعاقدان في تنفيذ التزاماتهما؛ بأن استمر رب المال في تمكين العامل من العمل واستمر العامل في العمل كان ذلك تجديداً ضمنياً لعقد المشاركة بينهما بالشروط الأولى، وتسري على مدة العقد المجدد أحكام هذه المادة.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بامتناع العامل عن إتمام العمل المتفق عليه في المشاركات الزراعية، وبينت المادة أن لرب المال بعد إعذاره العامل الخيار بين أمرين

الخيار الأول: التنفيذ العيني وذلك بأن يستأجر رب المال على نفقة العامل من يكمل العمل، وفق التفصيل الوارد في المادة (16) ، والتي أوضحت أن التنفيذ العيني لا يخلو من حالتين

الحالة الأولى أن يكون هناك حالة استعجال للتنفيذ كالخوف على هلاك الزرع أو الغراس، فيجوز أن يستأجر من يكمل العمل على نفقة العامل دون الحاجة إلى أخذ إذن من المحكمة.

والحالة الثانية: ألا يكون هناك حالة استعجال للتنفيذ فلابد أن يأخذ رب المال إذناً من المحكمة في أن يستأجر على نفقة العامل من يكمل العمل.

والخيار الثاني: طلب فسخ العقد، لاسيما إذا كان إتمام العمل غير ذي جدوى، وتجري عليه القواعد العامة للفسخ؛ وهو إما أن يكون قضائياً إذا لم يكن في العقد شرط فاسخ ويكون للمحكمة تقدير وجاهة طلب الفسخ، فقد ترى أن ما وقع من إخلال قليل الأهمية لا يسوغ الفسخ، فلا تحكم بفسخه، أو يكون الفسخ اتفاقياً فيما إذا تضمن العقد شرطاً فاسخاً يخول رب المال الفسخ في حال امتناع العامل عن إتمام العمل، وفي حال عدم تسليم العامل بالفسخ والمنازعة قضاءً فيقتصر دور المحكمة على التحقق من موجب الشرط الفاسخ، ويكون حكم المحكمة حينئذ مقرراً للفسخ لا منشئاً له.

وسواء طلب رب المال التنفيذ العيني أم الفسخ فإن له في الحالتين أن يطلب التعويض عما أصابه من ضرر من جراء إخلال العامل بالتزامه، كما نصت على ذلك المادة (107) من القواعد العامة.

قررت المادة قاعدة عامة في المشاركة الزراعية، وهي أن الناتج يستحق بالظهور، لا ببلوغ الزرع وقت حصاده أو بلوغ الثمر وقت قطفه، والمقصود بظهور الناتج أي مشاهدته بالوضع الطبيعي من الشخص المعتاد؛ فمتى ظهر الزرع أو الثمر استحق المتعاقد نصيبه منه ولو لم يكتمل صلاحه؛ لأن محل المشاركة بينهما في الناتج وقد تحقق بظهوره؛ ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه القاعدة مكملة فلو اتفق المتعاقدان على خلافها فلهما ذلك.

وبناءً على ذلك؛ إذا حدد المتعاقدان مدة للعقد تحتمل بلوغ الحصاد أو الجذاذ، ولكن انقضت المدة قبل أن يكتمل صلاح الزرع أو الثمر بدرجة يكون قابلاً للحصاد أو الجذاذ، فلا يخلو الأمر من احتمالين

الاحتمال الأول: أن تنقضي المدة قبل أن يظهر الزرع أو الثمر ؛ ففي هذه الحالة ينتهي العقد، ولا يستحق أحد المتعاقدين شيئاً على الآخر؛ فليس للعامل على رب المال أجر مقابل العمل؛ وليس لرب المال على العامل أجرة مقابل تمكينه من الانتفاع بالأرض أو الشجر؛ على أنه إذا كان تأخر ظهور الزرع أو الثمر بسبب خطأ أحد المتعاقدين فعليه تعويض الآخر عما لحقه من ضرر بسبب ذلك، وأما إذا كان تأخر ظهوره لسبب لا يد لأحد المتعاقدين فيه فلا يستحق أي منهما تعويضاً من الآخر، على أنه في هذه الحالة إذا انتفع رب المال بما عمله العامل في الأرض أو في الشجر بأن أتم العمل وحصل على الزرع أو الثمر لزم رب المال تعويض العامل عن أجر مثل عمل العامل وقيمة ما أنفقه وذلك بقدر النفع الذي عاد على رب المال من هذه الأعمال والنفقات؛ تطبيقاً لقواعد الإثراء بلا سبب.

والاحتمال الثاني: أن تنقضي المدة بعد ظهور الزرع أو الثمر وقبل أن يبلغ حصاده أو جذاذه؛ وهذا الاحتمال وارد وبكثرة؛ لأن المدة بين ظهور الزرع أو الثمر واكتمال صلاحه قد تطول أو تقصر بحسب الظروف المناخية وغيرها، ففي هذه الحالة يستحق كل متعاقد نصيبه المتفق عليه من الزرع أو الثمر، ويكون للعامل أحد خيارين

الخيار الأول: أن يكمل العمل إلى بلوغ الحصاد أو الجذاذ ويأخذ نصيبه؛ وتمديد المدة هنا بقوة النظام اقتضته الضرورة وطبيعة العقد.

والخيار الثاني: أن يترك العامل العمل، فإذا اختار ترك العمل وأنفق رب المال نفقات لازمة لإتمام العمل فله الرجوع بما أنفق على نصيب العامل من الزرع أو الثمر.

ودلت المادة على أن عقد المشاركة الزراعية ينتهي باكتمال صلاح الحب أو الثمر بحيث يكون قابلاً لحصاد الزرع أو جذاذ الثمر أي قطفها، وليس بالحصاد أو الجذاذ فعلاً؛ فإذا لم يشترط الحصاد أو الجذاذ على العامل لا باتفاق صريح أو ضمني لم يلزمه ذلك في نصيب رب المال، وإذا ترك العامل العمل بعد ظهور الزرع أو الثمر وأنفق رب المال فتكون نفقة الحصاد أو الجذاذ على كل منهما بقدر نصيبه من الناتج.

تقرر المادة حق العامل في أن يطلب من المحكمة فسخ عقد المشاركة الزراعية وإنهاءه إذا طرأ له عذر طارئ يرهقه عن إتمام العمل؛ وذلك متى تحققت شروط الفسخ للعذر الطارئ، وقد راعى النظام في تقرير هذا الحكم طبيعة هذا العقد من حيث كونه متراخي التنفيذ قد لا يحصل المقصود منه إلا في نهاية أجله؛ فيكون مظنة طروء عذر للعامل يحول دون إتمامه العمل فيخسر جهده وما أنفقه.

ويُلحظ أن النظام لم يجعل هذا الحق لرب المال؛ لانتفاء الموجب لذلك؛ لأن التزامه ينحصر في تسليم الأرض أو الشجر وتمكين العامل من العمل، وهذا الالتزام لا يتأثر عادة بالعذر الخاص الذي يطرأ ، كالمرض، والانتقال ونحو ذلك.

ويشترط لفسخ العامل عقد المشاركة الزراعية بالعذر الطارئ ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن يكون العذر طارئاً بعد التعاقد ؛ وخرج بهذا الشرط ما يلي: أ- إذا كان العذر موجودًا قبل التعاقد أو كان متوقعاً فليس له الفسخ. ب إذا كان هو المتسبب في حدوثه، أو أنه تأخر في تنفيذ التزامه ثم طرأ العذر؛ فليس له الفسخ.

والشرط الثاني: أن يكون خاصاً بالعامل يتعلق بتنفيذه للعمل كمرض يثقله عن العمل، أو نقل عمله إلى بلد آخر بغير اختياره، أما إن كان العذر الطارئ عاماً وليس خاصا بالعامل فتطبق قاعدة الظروف الاستثنائية العامة بشروطها.

والشرط الثالث: أن يترتب عليه أن يكون التنفيذ مرهقاً للعامل، فخرج بذلك ما يلي: أ- إذا ترتب على الأمر الطارئ أن يكون التنفيذ مستحيلاً بسبب لا يد للعامل فيه؛ ففي هذه الحالة ينقضي التزامـه والالتزام المقابل له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه تطبيقا للمادة (110) من القواعد العامة. ب إذا لم يكن العقد قائماً على اعتبارات تتعلق بشخص العامل؛ فلا يعد التنفيذ في هذه الحالة مرهقاً له.

ومتى تحققت الشروط السابقة فيحق للعامل أن يطلب فسخ العقد، وتتولى المحكمة سلطة تقدير العذر الذي يدعيه العامل ومدى تأهله للفسخ، ويكون حكمها في هذه الحالة منشئاً للفسخ لا مقرراً له.

ويحق للعامل العدول عن طلب الفسخ قبل الحكم به إذا زال العذر، ومتى تقرر الفسخ فيكون له أثر رجعي في المدة التي لم يكتمل تنفيذه فيها، أما ما اكتمل تنفيذه فيها فلا يسري عليها الفسخ؛ فلو كان العقد لثلاث دورات زراعية وطراً العذر في أثناء الدورة الثالثة فإن العامل قد استحق نصيبه من ناتج الدورتين الأوليين بظهوره، ولا يسري عليه الفسخ تطبيقاً لقاعدة عدم رجعية الفسخ في العقود الزمنية كما نصت على ذلك المادة (111) من القواعد العامة، ويسري الفسخ على مدة الدورة الثالثة التي لم يظهر ناتجها؛ فيستحق العامل تعويضاً بقدر أجر مثل عمله وقيمة ما أنفقه، وذلك بقدر ما عاد على رب المال من نفع، وهو ما يتفق مع قواعد الإثراء بلا سبب.

ولا يحول استحقاق العامل التعويض بموجب الإثراء بلا سبب دون حق رب المال في التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء الفسخ؛ فقد لا يعود عمل العامل على رب المال بأي نفع لتعذر إتمام العمل أو لزيادة تكلفته، ومع ذلك يلحق رب المال ضرر من جراء الفسخ فيستحق التعويض.

ومما تجدر الإشارة إليه إلى أن النظام لم يورد في هذا الفرع من أسباب انتهاء عقد المشاركة الزراعية إلا ما له تعلق يختص بهذا العقد، وهو الفسخ للعذر الطارئ، ولم يورد الأسباب الأخرى اكتفاء بالقواعد العامة؛ فينتهي كذلك بالأسباب التي تنتهي بها عقود المشاركة في الناتج، وبالأسباب العامة لانتهاء العقود بشكل عام؛ فينتهي بانقضاء مدته إذا كان معين المدة ويراعى في ذلك ما ورد في المادة (574) والمادة (576) أو بإتمام العمل ببلوغ الحصاد أو الجذاذ، ولا يلزم العامل الحصاد أو الجذاذ في نصيب رب المال ما لم يكن هناك اتفاق صريح أو ضمني بخلاف ذلك وفقاً للمادة (576)؛ كأن يجري العرف أو عادة التعامل بينهما على أن يلتزم العامل بالحصاد أو الجذاذ.

وللمتعاقدين فسخ العقد قبل تنفيذه بالإقالة، ولكل منهما الفسخ قضاء أو اتفاقاً للإخلال بالالتزام وتجري عليه القواعد العامة للفسخ، كما ينفسخ العقد لاستحالة تنفيذه بهلاك المحل، أو بموت العامل أو عجزه عن العمل لسبب لا يد له فيه وذلك إذا كان شخصه محل اعتبار في التعاقد أو كان مشروطاً عمله بنفسه، وأما إذا لم يكن العامل مقصوداً لشخصه في التعاقد فلا ينفسخ العقد بموته، ولكن يحق للورثة طلب الفسخ إذا اختاروا عدم إتمام العمل ويحق لرب المال طلب الفسخ إذا لم تتوفر فيهم الضمانات الكافية لتنفيذ العمل، وفي كلتا الحالتين الأخيرتين - أي انفساخ العقد لاستحالة التنفيذ بسبب لا يد للعامل فيه أو الفسخ سواء من قبل الورثة أم من قبل رب المال في حال موت العامل يلزم رب المال أن يدفع للعامل أو للتركة بحسب الأحوال تعويضاً عن الناتج الذي لم يتحقق بقدر أجر مثل عمل العامل وقيمة ما أنفقه وذلك بقدر النفع الذي عاد على رب المال من هذه الأعمال والنفقات.

تناولت المادة تعريف عقد الكفالة بأنه عقد يلتزم بمقتضاه الكفيل للدائن بأن يفي بدين على المدين إذا لم يف به المدين، ويستخلص من ذلك عدد من خصائص عقد الكفالة وهي:

الخاصية الأولى: أن عقد الكفالة ينعقد بين طرفين فقط هما الكفيل والدائن؛ ومع ذلك فإن العقد يرتب آثاراً في علاقات أطراف ثلاثة؛ هم الكفيل مع الدائن، والكفيل مع المدين، والكفيل مع غيره من الكفلاء.

والخاصية الثانية: أن التزام الكفيل في عقد الكفالة هو التزام تابع لالتزام المدين. والخاصية الثالثة: أنه من عقود الضمان الشخصي؛ فالكفيل يضم ذمته إلى ذمة المدين؛ ولا يترتب على عقد الكفالة حق عيني للدائن.

والخاصية الرابعة: أنه من عقود التبرع؛ ولا يؤثر على ذلك بعض الحالات التي يعرض فيها المدين مبلغاً للكفيل مقابل تحمل عبء الضمان؛ لأن طرفي العقد هما الكفيل والدائن، والمدين عنصر أجنبي عن العقد.

والخاصية الخامسة: أنه من العقود الرضائية، التي لا يشترط لانعقادها شكل أو وضع معين.

والخاصية السادسة: أنه عقد تبعي؛ فالتزام الكفيل يتبع التزام المدين وجوداً وصحة وانقضاء وتعجيلاً وتأجيلاً، ولا يكون التزام الكفيل بمبلغ أكبر من التزام المدين، ولا يعني ذلك أن التزام الكفيل معلق على شرط تخلف المدين عن الوفاء؛ بل التزام الكفيل بات لأن الشرط أمر عارض يعلق عليه الالتزام أما تعليق التزام الكفيل على عدم وفاء المدين فهو جوهر الكفالة، ولا يمكن تفسير تعليق التلتزام الكفيل إلا على قاعدة تبعية الكفالة.

الخاصية السابعة: أنه من العقود الملزمة لجانب واحد وهو الكفيل؛ على الرغم من الالتزامات التي فرضتها بعض مواد هذا الفصل على الدائن فهي في الواقع واجبات على الدائن لاتخاذها لاقتضاء حقه من الكفيل وليست التزامات عليه بالمعنى الدقيق.

تشير المادة إلى كيفية انعقاد عقد الكفالة، وبينت الفقرة الأولى أن الكفالة تنعقد بالاتفاق بين الكفيل والدائن، وذلك بصدور إيجاب وقبول بين الكفيل والدائن؛ ولم تشترط الفقرة لانعقاد الكفالة شكلاً معيناً، ولا قبول المدين.

وبين آخر الفقرة الأولى قرينة نظامية مفادها أن سكوت الدائن إذا وجه إليه الإيجاب من الكفيل يعد قبولاً للكفالة؛ وسبب ذلك أن عقد الكفالة منفعة متمحضة للدائن؛ إذ إن العقد لا يرتب عليه أي التزام تجاه الكفيل، وفي المقابل لم يفترض النظام قبول الكفيل في حال سكوته متى وجه إليه الإيجاب؛ لأن عقد الكفالة يرتب التزاماً عليه من جانبه فقط؛ فلا يقع قبولاً.

وبينت الفقرة الثانية أن عقد الكفالة لا يتوقف على قبول المدين؛ فهو يعد أجنبياً عنه، فينعقد العقد دون علمه أو رغم معارضته، وعلى هذا لو التزم المدين للكفيل فإن هذا الالتزام لا يغير من طبيعة الكفالة بوصفها عقداً لازماً لجانب واحد هو الكفيل.

تشير المادة إلى الصفة التبرعية لعقد الكفالة، وبناء على ذلك رتبت نتيجتين:

فبينت الفقرة الأولى النتيجة الأولى المترتبة على كون عقد الكفالة عقد تبرع، حيث اشترطت لصحة عقد الكفالة أن يكون الكفيل كامل الأهلية؛ لأن تحمله الضمان بلا مقابل يعد من التصرفات الضارة ضرراً محضاً، والتصرفات الضارة ضرراً محضاً من ناقص الأهلية باطلة بطلاناً مطلقاً، سواء كان نقص الأهلية لصغر السن، أو لجنون، أو عته، أو سفه، أو غفلة، أما بالنسبة للدائن فالكفالة في حقه نافعة نفعاً محضاً، فلا يشترط فيه كمال الأهلية.

وبينت الفقرة الثانية النتيجة الثانية المترتبة على كون عقد الكفالة عقد تبرع، وهي أن الكفالة من المريض مرض الموت لا تنفذ في حق الورثة على تفصيل في الحكم بين حالتين:

الحالة الأولى: أن تكون الكفالة لوارث؛ أي أن الدائن الذي صدرت له وارث، أو تكون الكفالة عن وارث؛ أي أن المدين المكفول وارث، فإن الكفالة لا تنفذ في حق باقي الورثة ولو فيما دون الثلث إلا بإجازتهم.

الحالة الثانية: ألا تكون الكفالة لوارث، ولا عنه، فتنفذ إذا كانت أقل من ثلث التركة، ولا تنفذ فيما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة.

والعلة في هذين الحكمين أن تبرع المريض في مرض الموت يأخذ حكم الوصية في هذين الحكمين، وفقاً ما نصت عليه تفصيلاً في المادتين (٣٥٤، ٣٦٧).

تشير المادة إلى أحد خصائص عقد الكفالة، وهو أنه تابع للالتزام الأصلي، يدور معه صحةً وبطلاناً وقابلية للإبطال، فلا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الالتزام الأصلي صحيحاً، سواء كان مصدر الالتزام الأصلي العقد، كالقرض مثلاً، أو كان مصدره النظام، كأن يكفل الكفيل الجار لجاره التعويض عن الأضرار غير المألوفة بسبب الجوار، أو كان مصدره الإثراء بلا سبب.

وإذا كان الالتزام باطلاً فإن الكفالة تكون باطلة تبعاً لذلك بحماية النظام، فكفالة دين المقامرة، والدين القائم على سبب غير مشروع كالرِبا، وكل ما يخالف النظام العام تكون باطلة لأن الالتزام الأصلي المكفول به باطل. وكذا الأمر إذا كان الالتزام الأصلي قابلاً للإبطال كالمشوب بغلظ أو تغرير أو نقص الأهلية، فتكون الكفالة تبعاً له قابلة للإبطال.

وحيث إن العقد القابل للإبطال كالعقد الصحيح إلى أن يقضى بإبطاله، والعقد الباطل باطلاً مطلقاً بعد تقرير بطلانه؛ فإن العقد قبل الإبطال يكون موجوداً وكفالته صحيحة؛ فإذا طلب المدين إبطال العقد وقضي له به بطل الالتزام الكفيل بأثر رجعي شأنه شأن الالتزام المكفول. وإذا لم يطلب الإبطال كان للكفيل وِفقاً لمبدأ التبعية أن يدفع في مواجهة الدين الأصلي بطلب الإبطال توصلًا لإبطال الكفالة.

الأصل في الكفالة أن تكون خالية عن الأوصاف العارضة، وبيّنت المادة جواز دخول الأوصاف العارضة على عقد الكفالة؛ شأن الكفالة في ذلك شأن سائر العقود، وبيان ذلك على النحو الآتي:

أولاً: الكفالة المنجزة، وهذا هو الأصل في الكفالة؛ فتكون نافذة من حين العقد، على أنه إذا كان الالتزام المكفول به معلقاً على شرط، أو مؤقتاً، أو مضافاً إلى أجل؛ فتكون الكفالة تبعاً له، ولو كانت منجزة.

ثانيًا: الكفالة المقيّدة بشرط واقف؛ مثل أن يعلّق الكفيل كفالته على شرط حصول الدائن على ضمان عيني للدين؛ فلا تنفذ الكفالة إلا إذا تحقق هذا الشرط.

ثالثًا: الكفالة المؤقتة؛ مثل أن يضمن الكفيل للمشتري العيوب التي تظهر في البضاعة خلال الشهر الأول فقط من تاريخ البيع، أو يضمن الكفيل للمؤجر الأجرة المستحقة على المستأجر للسنة الأولى فقط؛ فتُقيّد الكفالة بالعيوب التي تظهر في الشهر الأول وبالأجرة المستحقة في السنة الأولى.

رابعًا: الكفالة المضافة إلى أجل؛ مثل أن يلتزم الكفيل بقدر معين من الدين المستحق الذي ينشأ في ذمة المدين ابتداءً من أول الشهر القادم؛ فلا تنفذ الكفالة إلا من ذلك التاريخ.

وإطلاق المادة يدل على جواز أن يكون عقد الكفالة معلقاً على شرط، أو مؤقتاً، أو مضافاً إلى أجل، حتى ولو كان الالتزام المكفول به منجزاً أو لم يعلق على شرط أو أجل؛ فتبعـية الكفالة للالتزام المكفول به لا تتحول تقييدها بما هو أخص من الالتزام المكفول به. فيسري على التزام الكفيل وحده دون التزام المدين الأصلي القواعد العامة الواردة في الأوصاف العارضة على الالتزام المبينة في القسم الأول من هذا النظام.

تشير المادة إلى الدين المستقبلي الذي لم يترتب بعد في ذمة المدين؛ لأن الدين وإن لم يكن موجوداً عند إبرام عقد الكفالة إلا أنه قابل للوجود، فيتحقق فيه شرط صحة محل الالتزام؛ مثل أن يكفل شخص آخر فيما يرغبه أن يبرمه من صفقات مع متجر معين؛ واشترطت الفقرة لصحة ذلك أن يحدد مقدماً مقدار المكفول به، بتحديد مقدار أو وضع أسس صالحة لتحديده، كان يضع حداً أعلى لذلك، مثل أن يكفل الكفيل المشتري فيما يثبت عليه من ثمن صفقات يبرمها مع المتجر في حدود مائة ألف ريال؛ وذلك لأن من شروط صحة المحل أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين، وفي هذا حماية للكفيل حتى لا يتورط في كفالة دين لا يعلم مقداره.

وتحديد مقدار الدين المستقبلي المكفول به قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً يستخلص من ظروف التعاقد؛ كما يجري العرف أو تعامل سابق بين المتعاقدين على تحديد كفالة الدين المستقبلي في ذمة المدين بمبلغ معين. وإذا لم يوجد اتفاق صريح أو ضمني لم تصح الكفالة؛ لانتفاء شرط صحتها.

النوع الثاني: الدين المعلق على شرط سواء كان شرطاً واقفاً أم فاسخاً، وفي هذه الحالة تصح الكفالة ويتبع الدين المكفول به نفاذاً وزوالاً؛ فإذا كان الدين المكفول به معلقاً على شرط واقف، مثل أن يكفل الكفيل التزام البائع بنقل ملكية المبيع، ويكون التزام البائع معلقاً على أداء المشتري للثمن؛ فإذا تخلف الشرط الواقف بعدم أداء المشتري للثمن زال التزام البائع وتبعا له زال التزام الكفيل، وذلك بأثر رجعي. وإذا تحقق الشرط الواقف نفذ التزام البائع تبعاً، وتبعا له نفذ التزام الكفيل بأثر رجعي أيضاً.

وإذا كان الدين المكفول به معلقاً على شرط فاسخ، مثل أن يكفل الكفيل التزام المشتري بأداء الثمن في بيع بشرط التجربة؛ فإذا تخلف الشرط الفاسخ بأن لم يعلم المشتري المبيع ورضيه خلال مدة التجربة، صار البيع باتاً وتبعاً له يكون التزام الكفيل باتاً، وإذا تحقق الشرط الفاسخ بأن رفض المشتري المبيع فسخ البيع بأثر رجعي وزال تبعاً له التزام الكفيل بأثر رجعي أيضاً.

وتشير الفقرة الثانية إلى الأصل العام في الكفالة، وهو أنه لا يصح للكفيل أن يرجع عنها، إلا أن الفقرة نصت على جواز رجوع الكفيل في الدين المستقبلي عن كفالته بشروط:

الشرط الأول: ألا يكون قد عين مدة للكفالة؛ فإذا عين لها مدة فليس له الرجوع عنها ولو لم يترتب الدين.

الشرط الثاني: أن يعلم الكفيل الدائن برجوعه عن الكفالة قبل ترتب الدين بوقت كاف. وبناء على ذلك فلا تتحقق كفالة الكفيل لدين مستقبل معين المقدار من ثلاثة فروض:

  • الفرض الأول: أن يعين مدة للكفالة؛ مثل أن يكفل التاجر ما قد يجب على المدين من ثمن صفقات يبرمها المدين مع التاجر خلال شهر من تاريخ الكفالة وذلك في حدود مائة ألف ريال؛ فتلتزم الكفيل كفالته وليس له الرجوع عنها.
  • الفرض الثاني: ألا يعين مدة للكفالة ويرجع عنها ويعلم الدائن برجوعه قبل ترتب الدين بوقت كاف؛ فيصح رجوعه سواء طالت المدة بين رجوعه وكفالته أم قصرت، وتزول الكفالة بأثر رجعي.
  • الفرض الثالث: ألا يعين مدة للكفالة ولا يرجع عنها؛ فتكون المدة بحسب العرف؛ تطبيقاً للقواعد العامة؛ إذ لا يمكن أن يفسر السكوت عن تحديد المدة على أنه التزام أبدي؛ ولم يبين إلا أن يحمل على العرف؛ كأي التزام مؤجل سكت المتعاقدان عن تحديد أجله؛ ويتحدد بالعرف، كما في المادة (271) من القواعد العامة؛ ويتأكد ذلك في الكفالة؛ إذ الالتزام فيها على الكفيل وحده، والقاعدة أنه في حال الشك يفسر الشرط لمصلحة من يتحمل عبءه، كما نصت على ذلك المادة (101).

تتناول المادة أثراً من آثار تبعية التزام الكفيل للالتزام المكفول به؛ وهو ألا يكون التزام الكفيل أشد وطأة من الالتزام المكفول به؛ فبينت الفقرة الأولى أنه إذا كانت الكفالة في مبلغ أكبر من الدين المكفول به فلا تصح الكفالة إلا في قدر الدين المكفول به؛ فلو كان الدين عشرة آلاف ريال والكفالة باثني عشر ألف ريال؛ فلا تصح الكفالة إلا بعشرة آلاف ريال فقط، وكذلك لو كان التزام الكفيل بشروط أشد من الالتزام المكفول به؛ فلا تصح إلا بشروط الالتزام المكفول به؛ مثل أن يكون التزام المدين معلقاً على شرط أو مؤجلاً والتزام الكفيل منجزاً أو حالاً؛ فتصح الكفالة معلقة على شرط أو مؤجلة بحسب الأحوال. وبطلان الكفالة في القدر الزائد من الدين أو في الشرط الأشد يندرج تحت قاعدة تجزؤ العقد الواردة في الفقرة (2) من المادة (74).

وبينت الفقرة الثانية جواز العكس في الحالتين، بأن يكون التزام الكفيل بمبلغ أقل من التزام المدين؛ كان يكون الدين عشرة آلاف ريال والكفالة لثمانية آلاف ريال، أو يكون التزام الكفيل بشروط أخف من التزام المدين؛ كان يكون التزام المدين منجزاً والكفالة مؤجلة أو معلقة على شرط؛ فتصح الكفالة في جميع ذلك، وفق ما سبق في شرح المادة (582)؛ لأن التزام الكفيل لم يخرج عن كونه تابعاً للالتزام المكفول به.

تشرع هذه المادة في بيان الأثر المترتب على الكفيل تجاه الدائن؛ فقررت قاعدة عامة في هذا الأمر؛ وهي أنه متى صدرت الكفالة مطلقة، وهي الكفالة التي لم تقيد بأي وصف من الأوصاف العارضة على الالتزام؛ فلم تعلق على شرط واقف أو فاسخ؛ ولا على أجل واقف أو فاسخ؛ فإن التزام الكفيل تجاه الدائن يتبع التزام المدين حلولًا وتأجيلًا؛ تطبيقًا لقاعدة تبعية التزام الكفيل للالتزام المكفول؛ وإعمالًا لإرادة المتعاقدين؛ فإن الكفيل حين لم يقيد كفالته بشرط أو بأجل فإنها تتبع الدين المكفول به حلولًا وتأجيلًا.

وبناء على ذلك فليس للدائن أن يطالب الكفيل قبل أن يحل وقت أداء الدين المكفول به، وليس للكفيل أن يتمسك عند إطلاقه الكفالة بأن مقتضى الكفالة التأجيل متى أصبح الدين المكفول حالًّا؛ سواء كان الدين المكفول به حالًّا من أصله؛ مثل أن يكفل الكفيل المشتري للبائع في بيع حال، أو كان الدين المكفول به مؤجلًا من حيث الأصل، ثم حل بحكم النظام أو بناء على شرط جزائي مثلاً بين الدائن والمدين بحلول الدين المؤجل عند الإخلال؛ فإطلاق الكفيل كفالته دون قيد أو شرط يجعل التزامه تابعًا لالتزام المدين بجميع أوصافه.

بيّنت المادة صحة عقد الكفالة بين الكفيل والدائن على أن يكون التزام الكفيل قبل الدائن مضافًا إلى أجل بينما يكون التزام المدين قبل الدائن حالًا، كان يكفل الكفيل المشتري في بيع يكون الثمن فيه مستحق الأداء فور البيع على أن يكون التزام الكفيل بعد شهر من البيع؛ وما هذه الصورة إلا تطبيق للحكم الذي تضمنته المادة (584) والذي يقضي بصحة الكفالة في مبلغ أقل مما هو مستحق على المدين وبشرط أخف؛ فالتأجيل شرط مخفف بالنسبة إلى الكفيل؛ ولا تعارض في هذه الحالة بين تفاوت أجلي الدينين؟ كما لا يخل ذلك بقاعدة تبعية التزام الكفيل لالتزام المدين؛ فالتبعية تقتضي ألا يتقدم التزام الكفيل على التزام المدين أو يزيد عليه قدرًا أو صفة؛ وتأجيل التزام الكفيل عن التزام المدين لا ينفي عنه صفة التبعية.

وبيّنت المادة أن للدائن في هذه الحالة -رغم تأجيل التزام الكفيل- مطالبة المدين بالدين فور نشوئه؛ فلا يتأجل التزام المدين لتأجيل التزام الكفيل، وليس للمدين أن يتمسك بقبول الدائن تأجيل الالتزام على الكفيل على أنه موافقة ضمنية على تأجيل الالتزام في حقه؛ والسبب في ذلك أن التزام المدين أصلي والتزام الكفيل تبعي فإذا تأجل أي منهما أفاد منه الكفيل، وأما المدين فلا يستفيد إلا إذا تأجل التزامه هو لا التزام الكفيل، فللدائن مطالبة بالدين حالًا، وإذا تخلف عن السداد بقي التزام الكفيل قائمًا، ولكن لا يجوز للدائن الرجوع عليه إلا عند حلول الأجل.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بالكفالة المؤقتة، وبيّنت أنه إذا انعقدت الكفالة بين الكفيل والدائن لمدة معينة فلا يكون الكفيل مطالبًا إلا بالالتزامات التي تنشأ للدائن في ذمة المدين في مدة الكفالة فقط.

ونتيجة لذلك؛ فلا يكون الكفيل مطالبًا بالالتزامات المدين تجاه الدائن التي نشأت قبل تلك المدة سواء استحقت في المدة أم كانت تستحق بعدها، ولا بالالتزامات التي تنشأ بعد تلك المدة.

والعلّة في ذلك أن المنظم افترض أن إرادة المتعاقدين عند تآقيت الكفالة تتصرف إلى وقت نشوء التزام المدين لا وقت استحقاقه. فعلى سبيل المثال؛ لو أبرم عقد الكفالة في أول شهر شعبان على أن تكون الكفالة مؤقتة بشهر رمضان فقط في حدود عشرة آلاف ريال؛ فتقيد الكفالة بالالتزامات التي تنشأ على المدين لصالح الدائن في حدود هذا المبلغ في رمضان سواء حلّ وقت وفائها في رمضان أم بعده، وأما إذا نشأت على المدين التزامات لصالح الدائن بعد إبرام عقد الكفالة وقبل دخول شهر رمضان، أو كان على المدين التزامات للدائن قبل انعقاد الكفالة؛ فلا يلتزم بها الكفيل سواء كانت تحل في رمضان أم قبله أم بعده.

ومما تجدر الإشارة إليه أن ما افترضه النظام بهذا النص ليس من النظام العام؛ وإنما هو لإرادة المتعاقدين المفترضة؛ فإذا اتفق المتعاقدان على أن تتقيد الكفالة المؤقتة بالالتزامات التي تقع خلال المدة المعينة بالاتفاق بذلك، فيعمل بذلك، إذ إن منشأ الالتزام هو الاتفاق كما هو قيد أو شرط معدل، وفق ما يرضى الطرفان عليه.

تشير المادة إلى الحالة الأولى التي تبرأ فيها ذمة الكفيل من الدين، ولا يكون للدائن الحق في مطالبة الكفيل والرجوع عليه على الرغم من بقاء الدين المكفول به في ذمة المدين.

فبينت الفقرة الأولى أن الكفيل سواء أكان متضامنًا مع المدين أم غير متضامن معه يبرأ من الكفالة بمقدار ما أضاعه الدائن بخطئه من ضمانات الدين؛ ويتضح ذلك أن الكفيل، وفقًا للمادة (٥٥٩)، له أن يحل محل الدائن في ضمانات الدين، وضياع هذه الضمانات بخطأ الدائن يحرم الكفيل من هذا الحق، ومن أمثلة ذلك، أن ينزل الدائن عن رهن ترتب لمصلحة الدين، أو يهمل في اتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على الرهن، أو يتأخر في استيفاء حقه من مدينين كان له حق الأولوية عليهم، أو يفرّط في أحد الكفلاء.

وبينت الفقرة الثانية أن الضمانات التي يترتب على إضاعتها براءة ذمة الكفيل، وأنها تشمل كل ضمان مخصص لمصلحة ذلك الدين، سواء ما وجد منه قبل اعتقاد الكفالة أم تقرر بعد اعتقادها، وسواء كان ضمانًا اتفاقيًا كالرهن المسجل أو الحيازي، أو كان ضمانًا نظاميًا كحق امتياز، وسواء كان ضمانًا شخصيًا ككفيل آخر، أم ضمانًا عينيًا كالرهن والامتياز.

ووفقًا لما قررته المادة:

١- لا يبرأ الكفيل إذا لم يكن الخطأ بفعل الدائن؛ كان يكون ما ضاع من الضمانات بخطأ الغير أو بخطأ الكفيل نفسه.

٢- لا يبرأ الكفيل أيضًا من الخطأ الذي يرتكبه الدائن في إهماله الحصول على ضمان جديد، وهو ما يستفاد من عبارة (خصص لضمان الدين).

٣- لا يبرأ الكفيل كذلك إذا كان ما أضاعه الدائن بخطئه من ضمانات الدين لم يلحق بالكفيل ضررًا؛ كأن ينزل الدائن عن رهن متأخر في رتبته بحيث لا يفيد منه أصلًا في تقاضي حقه.

٤- ولا يبرأ الكفيل كذلك إذا كان هناك اتفاق بين الدائن والكفيل على ألا يحل محله في تلك الضمانات أو على ألا يتمسك الكفيل ببراءة ذمته؛ حيث لم تجعل المادة الحكم المقرر من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

تشير المادة إلى الحالة الثانية التي تبرأ فيها ذمة الكفيل من الدين، ولا يكون للدائن الحق في مطالبة الكفيل والرجوع عليه على الرغم من بقاء الدين المكفول به في ذمة المدين.

فبينت المادة أنه إذا حل الدين ولم يطالب الدائن المدين بالسداد؛ فإن ذمة الكفيل تبرأ إذا توفرت الشروط الآتية:

الشرط الأول: أن يحل أجل الدين ويهمل الدائن في مطالبة المدين؛ وأما إذا كان الدائن قد اتخذ إجراءات المطالبة ضد المدين فلا مجال للإعذار.

والشرط الثاني: ألا يكون الكفيل متضامناً مع المدين؛ فإن كان متضامنا لم تبرأ ذمته؛ لأن الكفيل في هذه الحالة في نفس مركز المدين.

والشرط الثالث: إعذار الكفيل للدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين؛ ويجب أن يكون هذا الإعذار بعد حلول الدين، فلو كان الإعذار قبل حلول الدين لم يبرأ؛ والمعتبر هو وقت حلول الدين الأصلي؛ فلو مد الدائن الأجل دون موافقة الكفيل فله أن يعذر الدائن بعد حلول أجل الدين الأصلي. ويكون الإعذار وفق ما تضمنته المادة (177).

والشرط الرابع أن تمضي مدة مائة وثمانين يوماً من تاريخ الإعذار دون أن يقوم الدائن باتخاذ إجراءات ضد المدين.

والشرط الخامس: ألا يمنح الدائن المدين أجلاً بموافقة الكفيل؛ وأما إذا وافق الكفيل على منح الأجل لم تبرأ ذمته.

ومتى تحققت هذه الشروط برأت ذمة الكفيل؛ والعلة في ذلك تحقيق المصلحة بتصفية المركز النظامي المضطرب للكفيل الذي يرى نفسه ملتزماً إلى ما لا نهاية رغم حلول أجل الدين المكفول به.

تشير المادة إلى الحالة الثالثة التي لا يحق فيها للدائن الرجوع على الكفيل، وتبرأ ذمته من الكفالة سواء كان متضامناً أم غير متضامن مع المدين على الرغم من بقاء الدين المكفول به في ذمة المدين.

فبينت المادة أنه إذا افتتحت إجراءات تصفية أموال المدين لإفلاسه؛ ولم يتقدم الدائن بمطالبة المدين؛ فإن الكفيل يبرأ من الدين بالقدر الذي كان يستوفيه من الدين لو أنه تقدم في إجراءات تصفية أموال المدين؛ وذلك جزاء إهمال الدائن وتقصيره الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالكفيل، بإضاعة الفرصة عليه في استيفاء بعض حقوقه؛ لعدم قدرته الدخول في إجراءات التصفية؛ لذا يتعين إعمالاً للقواعد العامة تعويض الكفيل عما أصابه من ضرر؛ وأشار حكم المادة إلى أن خير تعويض هو سقوط حق الدائن في الرجوع على الكفيل بالقدر الذى كان للدائن أن يستوفيه من تفليسة المدين بافتراض دخوله فيها.

وبالنظر في الأحكام التي تضمنتها المواد (۵۸۸) - (٥٩٠) نجد أنها قررت لمصلحة الكفيل وليست من النظام العام؛ ويترتب على ذلك نتيجتان:

النتيجة الأولى لا يبرأ الكفيل في الحالات الثلاث إذا لم يتمسك ببراءة ذمته؛ سواء بدعوى مبتدأة يرفعها على الدائن، أو عن الطريق الدفع في مواجهة دعوى رفعها عليه الدائن.

والنتيجة الثانية: لا يبرأ الكفيل إذا كان هناك اتفاق على ألا يتمسك الكفيل ببراءة ذمته في أي من الحالات الثلاث.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة برجوع المدين على الكفيل والتنفيذ على أمواله، فقررت الفقرة الأولى حكمين:

الحكم الأول: أنه ليس للدائن الحق في الرجوع على الكفيل وحده إلا بعد رجوعه على المدين.

والحكم الثاني: أنه ليس للدائن الحق في أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد تجريده المدين من أمواله.

وبينت الفقرة كذلك أن هذا الحكم يطبق بشرط ما إذا لم يكن الكفيل متضامناً مع المدين؛ سواء كان تضامن الكفيل مع المدين بالشرط أو بحكم النظام؛ فإذا اشترط في الكفالة أن يكون الكفيل متضامناً؛ فليس له الدفع بوجوب رجوع الدائن على المدين أولاً ، ولا الدفع بتجريد المدين من أمواله.

وقد اختار المنظم هذا المسلك في تقرير حكم المادة مراعاة لعدد من الاعتبارات منها:

1- أن هذا المسلك هو الأقرب إلى إعمال إرادة المتعاقدين وبالأخص الكفيل حين لا يشترط تضامنه؛ إذ الكفالة بطبيعتها تقتضي وجود التزامين متفاوتين في الرتبة أصلي وتبعي؛ فينبغي ألا يستوفى من التابع قبل الأصل.

٢- أن مصلحة الكفيل في الوفاء لا ترقى لمصلحة المدين؛ فمن غير العدل التنفيذ على الأول قبل الثاني؛ وإذا أراد الدائن أن يقوي مركز الكفيل فله أن يشترط تضامنه؛ وبذا يُقدم الكفيل على العقد وهو على بينة من أمره، ويكون هو من اختار أن ينزل عن هذا الدفع بنفسه.

أن الكفالة تقوم على التبرع من الكفيل؛ فلا يحسن وهو يوفي ديناً ليس بدينه أن يطالب به قبل المنتفع بالدين وهو المدين.

٤ - أن في هذا تخفيفاً لإجراءات التقاضي بمطالبة المدين مباشرة بدلاً من مطالبة الكفيل، ثم يرجع بدوره على المدين.

وبينت الفقرة الثانية أن المحكمة لا تقضي من تلقاء نفسها بوجوب الرجوع على المدين قبل الرجوع على الكفيل، ولا بعدم التنفيذ على أموال الكفيل إلا بعد تجريد المدين من أمواله، بل لابد أن يتمسك الكفيل بذلك الدفع.

ويتضح من نص المادة أن للكفيل الدفع بنوعين من الدفوع تجاه الدائن هما:

الدفع الأول: الدفع بوجوب الرجوع على المدين أولاً.

والدفع الثاني: الدفع بتجريد المدين.

وكل من هذين الدفعين مستقل عن الآخر، ولكل منهما شروطه، فالأول محل الدفع به عند المطالبة، والثاني محل الدفع به عند التنفيذ على مال الكفيل، وفيما يلي بيان شروط كل منهما:

الدفع الأول: الدفع بوجوب الرجوع على المدين أولاً:

يشترط لهذا الدفع خمسة شروط:

الشرط الأول: أن يكون الكفيل غير متضامن؛ فإن اشترط في عقد الكفالة أن يكون متضامناً مع المدين فلا محل لهذا الدفع.

والشرط الثاني: أن يرجع الدائن على الكفيل وحده، وأما إذا رجع الدائن على المدين، أو على المدين والكفيل معاً فلا محل لهذا الدفع.

والشرط الثالث: ألا يكون الكفيل قد نزل عن حقه بهذا الدفع؛ فهذا الحق تقرر لمصلحته؛ فله أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً في عقد الكفالة أو بعد ذلك.

والشرط الرابع: أن يكون رجوع الدائن على المدين ذا جدوى؛ فإن كان المدين معسراً أو ظاهر العجز عن الوفاء بالدين بأن لم يكن له مال يمكن التنفيذ عليه؛ فلا جدوى من التمسك بهذا الدفع ؛ وعلى الدائن عبء إثبات عدم جدوى الرجوع على المدين.

والشرط الخامس أن يتمسك الكفيل بهذا الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى؛ فليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

فإذا تحققت الشروط الخمسة صح تمسك المدين بهذا الدفع ووجب على الدائن إن لم يرفع الدعوى على المدين والكفيل معاً أن يرجع على المدين بمطالبته قضاء؛ أو إعذاره بالوفاء إذا كان لدى الدائن سند تنفيذي؛ أو أن يتقدم الدائن في إجراءات التصفية الجماعية لأموال المدين إذا أفلس حيث لا يكون للدائن أن يتخذ إجراءات فردية.

ومحل هذا الدفع حين يحصل الدائن على سند قابل للتنفيذ على أموال المدين، ويشرع في التنفيذ على أمواله، ويشترط للدفع بالتجريد أربعة شروط:

الشرط الأول: أن يكون الكفيل غير متضامن؛ فإن اشترط في عقد الكفالة أن يكون متضامناً مع المدين فلا محل لهذا الدفع.

والشرط الثاني: ألا يكون الكفيل قد نزل عن حقه بهذا الدفع؛ فهذا الحق تقرر لمصلحته؛ فله أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً في عقد الكفالة أو بعد ذلك.

والشرط الثالث: أن يتمسك الكفيل بهذا الدفع ؛ فليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

والشرط الرابع أن يقوم الكفيل على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله، وهذا ما قررته المادة التالية (5٩٢).

وبهذا يتبين استقلال كل واحد من نوعي الدفع بشروطه؛ فمثلاً لو طالب الدائن الكفيل والمدين معاً؛ فلا حق للكفيل في الدفع بمطالبة المدين أولاً، ولكن يبقى له الدفع بالتجريد، وإذا لم يكن الكفيل يعرف أموالاً للمدين تفي بالدين كله فليس له الدفع بالتجريد، ولكن يبقى له الدفع بمطالبة المدين أولاً.

بينت الفقرة الأولى شرط صحة دفع الكفيل بتجريد المدين المبين في المادة (5۹۱)؛ وهو أن يقوم على نفقته بإرشاد الدائن إلى أموال للمدين تفي بالدين كله، وتكون قابلة للتنفيذ عليها؛ فيجب لتحقق هذا الشرط أربعة أمور:

الأمر الأول: أن يدل الدائن على أموال للمدين يمكن الوفاء منها؛ فإن كان المدين معسراً أو ظاهر العجز عن الوفاء بالدين؛ فتخلف هذا الشرط ظاهر.

والأمر الثاني: أن تكون هذه الأموال قابلة للتنفيذ عليها؛ ولا يكون المال قابلاً للتنفيذ إذا كان خارج المملكة لصعوبة الوصول إليه وتعقيدات القانون الأجنبي، كما لا يكون قابلاً للتنفيذ إذا كان المال متنازعاً فيه، وكذا إذا كان مال المدين لا يجوز الحجز أو التنفيذ عليه.

والأمر الثالث: أن تكون الأموال التي يرشد الدائن عليها كافيه لاستيفاء كل الدين؛ لأن القول بغير ذلك إجبار للدائن على قبول الوفاء الجزئي وهو غير مقبول وفق ما دلت عليه المادة (2۷۳) من القواعد العامة، وأيضاً فإنه سيضطر الدائن إلى التنفيذ من جديد على الكفيل فتتعدد الإجراءات بما يرهق الدائن وينافي القصد من الكفالة، ومع ذلك إذا كانت أموال المدين غير كافية للوفاء كان للدائن اتخاذ إجراءات التنفيذ في مواجهة المدين والكفيل معا، التنفيذ على الأول بكل الدين والتنفيذ على الكفيل بالباقي منه، وليس في ذلك إجبار للدائن على قبول الوفاء الجزئي طالما أنه ينفذ بكامل حقه، وازدواج الإجراءات في هذه الحالة نتيجة لازمة لتعدد المدينين ولا تضامن بينهما.

والأمر الرابع تكون نفقات إرشاد الكفيل للدائن على نفقة الكفيل.

وبينت الفقرة الثانية الأثر المترتب على إرشاد الكفيل للدائن إلى أموال للمدين مستوفياً المتطلبات المبينة في الفقرة الأولى؛ وهذا الأثر هو وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل؛ بل إنه بمجرد أن يدفع الكفيل بالتجريد وقبل الفصل فيه توقف المحكمة إجراءات التنفيذ على الكفيل إلى حين الفصل فيه، ويجب على الدائن في هذه الحالة اتخاذ إجراءات التنفيذ على المال الذي أرشده إليه الكفيل في الوقت المناسب قبل أن يزاحمه فيه دائن آخر للمدين أو أن يهرب المدين أمواله أو يبددها، فإذا تخلف الدائن عن اتخاذ إجراءات التنفيذ على المال الذي أرشده إليه الكفيل، كان مسؤولاً قبل الكفيل عما كان يحصل عليه من أموال الدين لو أنه اتخذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.

بينت المادة أنواع الكفالة باعتبار مصدرها ؛ فهي بهذا الاعتبار ثلاثة أنواع:

النوع الأول: كفالة نظامية؛ وهي الكفالة التي يكون المدين ملزماً بتقديمها بنص النظام.

والنوع الثاني: كفالة قضائية؛ وهي الكفالة التي يكون المدين ملزماً بتقديمها بحكم قضائي في أحوال معينة نص عليها النظام.

والنوع الثالث: كفالة اتفاقية؛ وهي الكفالة باتفاق الكفيل والدائن، ولا يكون المدين ملزماً بها لا بنص النظام ولا بحكم قضائي.

وقررت المادة أن الكفالة النظامية والكفالة القضائية يفترض فيهما التضامن بين الكفيل والمدين، وتضامن الكفلاء فيما بينهم، وأما الكفالة الاتفاقية فلا تقتضي التضامن إلا باتفاق صريح أو ضمني؛ فلا يفترض فيها التضامن لا بين المدين والكفيل ولا بين الكفلاء بعضهم مع بعض تطبيقاً لنص المادة (۲۲۲) التي تقضي بأن التضامن بين المدينين لا يكون إلا باتفاق أو بنص نظامي.

وإذا كان الكفيل متضامناً سواء في كفالة نظامية أم قضائية أم لاشتراط تضامنه في كفالة اتفاقية فليس للكفيل أن يدفع بالرجوع على المدين أولاً، ولا أن يدفع بتجريد المدين، ولا يبرأ الكفيل إذا أعذر المدين في حال تأخر الدائن في الإجراءات ضد المدين بعد حلول الدين ومضت مائة وثمانون يوماً، ويجوز التنفيذ على أموال الكفيل قبل التنفيذ على الأموال الموثقة بضمان عيني للدين، وغير ذلك من الأحكام التي يختلف فيها الكفيل المتضامن عن الكفيل غير المتضامن.

تضمنت المادة صورة خاصة من الدفع بالتجريد، وفيها يكون هناك ضمان عيني رهن أو امتياز - مقرر على مال مملوك للمدين قبل انعقاد الكفالة أو تقرر معها فللكفيل؛ إذا لم يكن متضامناً أن يطلب التنفيذ على المال المحمل بالضمان العيني قبل التنفيذ على أمواله، ولا يشترط في هذه الصورة الخاصة من الدفع بالتجريد أن يكون الضمان العيني كافياً للوفاء بكامل الدين كما في الصورة العامة للدفع بالتجريد؛ فحتى لو لم يكن الضمان العيني كافياً للوفاء بكامل الدين يجوز للكفيل أن يطلب التنفيذ على الضمان العيني واستيفاء الدائن جزءًا من حقه وما بقي من الدين يستوفيه الدائن من الكفيل.

ولا يشترط في هذه الصورة أن يكون الضمان العيني خصص لضمان الدين المكفول به وحده، بل يجوز أن يضمن ديوناً أخرى معه.

وظاهر من النص أنه يشترط لهذه الصورة الخاصة من الدفع بالتجريد أربعة شروط:

الشرط الأول: ألا يكون الكفيل متضامناً.

والشرط الثاني: أن يكون هناك ضمان عيني قدمه المدين لضمان دينه قبل الكفالة أو معها؛ لأن الكفيل اعتمد في كفالته على هذا الضمان، وأما إذا كان بعد الكفالة فلا يصدق أن الكفيل اعتمد في كفالته على هذا الضمان.

والشرط الثالث: ألا يكون الكفيل قد نزل عن حقه بهذا الدفع؛ فهذا الحق تقرر لمصلحته؛ فله أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً في عقد الكفالة أو بعد ذلك.

والشرط الرابع: أن يتمسك الكفيل بهذا الدفع ؛ فليس للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

بينت المادة الحكم فيما إذا تعدد الكفلاء ومدى انقسام الدين المكفول به عليهم، وفرضت لذلك فرضين:

الفرض الأول: تعدد الكفلاء في عقد واحد.

ففي هذا الفرض يقسم الدين عليهم ولا يتحمل كل منهم كامل الدين؛ وذلك لأن وحدة العقد دليل على أن كل كفيل اعتمد على الكفلاء الآخرين؛ وعلى هذا فيقسم الدين عليهم كل بقدر حصته المتفق عليها صراحة أو ضمناً في العقد؛ فإذا كانوا ثلاثة والدين ستمائة وكفل الأول النصف، والثاني والثالث كل منهما الربع؛ فيضمن الأول ثلاثمائة والثاني والثالث كل منهما مائة وخمسين، وإذا لم تحدد حصة كل منهم قسم الدين عليهم بعدد رؤوسهم فيضمن كل واحد مئتين؛ لأنه لما لم تحدد حصة كل منهم كان ذلك دليلاً على تساويهم فيها؛ إذ لا سبيل لقسمتها بينهم إلا بذلك.

ويكون للكفيل في هذه الحالة أن يحتج على مطالبة الدائن له بكامل الدين بالدفع بتقسيم الدين، بل للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به الكفيل؛ لأن الدين ينقسم على الكفلاء من حين إبرام العقد لا من وقت الدفع به.

ويشترط لانقسام الدين في هذا الفرض وفقاً لما تضمنته المادة الشروط الآتية:

الشرط الأول: تعدد الكفلاء ؛ وهو شرط بدهي لأنه إذا كفل الدين كفيل واحد كان للدائن أن يرجع عليه ولا يكون لهذا الكفيل أن يدفع بالتقسيم بينه وبين المدين.

والشرط الثاني: أن يكون تعدد الكفلاء في دين واحد؛ فإذا كفل اثنان دينين مختلفين لمدين واحد لم ينقسم أي من الدينين عليهما؛ وعلى ذلك لا يكون لكفيل الكفيل التمسك بتقسيم الدين بينه وبين الكفيل لأن الأول كفل الدين المكفول به والثاني كفل دين الكفيل، والدين المكفول به غير دين الكفيل.

والشرط الثالث: ألا يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم أو متضامنين مع المدين؛ لأن المدينين المتضامنين يمكن الرجوع على أي منهم بكل الدين وفقاً لقواعد التضامن؛ وإذا كان بعضهم متضامناً مع المدين ولم يكن متضامناً مع الكفلاء الآخرين فينقسم الدين للكفيل غير المتضامن دون المتضامن.

والفرض الثاني: تعدد الكفلاء في عقود متعددة:

ففي هذا الفرض يكون كل منهم مسؤولاً عن كامل الدين ولو كانوا يكفلون ديناً واحداً ومديناً واحداً؛ لأن تعدد عقودهم دليل على أن كلاً منهم لم يعتمد على الكفلاء الآخرين، فإذا رجع الدائن على أي منهم بكامل الدين كان لمن دفع منهم كل الدين أن يرجع على الباقين، وإذا اقتضى الدائن من أحدهم بعض الدين كان للدائن الرجوع على أي كفيل آخر بباقي الدين.

وغني عن البيان أنه حتى في هذا الفرض لو اشترط بعضهم أو كلهم حق التقسيم فينقسم الدين في حق من اشترطه منهم.

ويتبين من الفرضين السابقين أنه في حال تعدد الكفلاء فقد ينقسم الدين بين الكفلاء، وقد يكون كل منهم مسؤولاً عن كل الدين لتضامنهم، وقد يكون كل منهم مسؤولاً عن كل الدين لتضامهم في الدين لا لتضامنهم؛ وذلك في حال تعدد العقد أو تعدد الدين.

تناولت المادة علاقة الكفلاء بعضهم ببعض في حال تعددهم.

وتعدد الكفلاء في الكفالة لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون الدين المكفول به منقسماً بينهم؛ ففي هذه الحالة لا يكون أي منهم مطالباً بأن يوفي حصة؛ ومن ثم فلا عوجر لأي منهم على الآخر بمقتضى عقد الكفالة.

والحالة الثانية: ألا يكون الدين منقسماً بينهم بحيث يكون للدائن مطالبة كل منهم أو بعضهم بكل الدين؛ لتضامنهم، فبينت هذه المادة أن الكفيل متى كان مطالباً بكامل الدين فإنه إذا وفى الدين كان له أن يرجع على كل واحد من الكفلاء الآخرين بحصته في الدين ونصيبه في حصة المعسر منهم.

وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا كان الكفلاء متضامنين وفق ما هو مبين في المادة (595) وإن لم يكونوا متضامنين؛ لأنهم كالكفلاء المتضامنين في أن للدائن مطالبة كل منهم بكل الدين؛ فيكون لمن وفى الدين منهم أن يرجع على الكفلاء الآخرين كل بقدر حصته وبقدر نصيبه في حصة المعسر منهم.

ويشترط لرجوع الكفيل الذي يوفي الدين على باقي الكفلاء شرطان:

الشرط الأول: أن يكون قد وفى الدين كله، أما إذا وفى بقدر حصته من الدين فإنه لا يرجع عليهم شيئاً، وإذا وفى أكثر من حصته ودون أن يفي بالدين كله كان له أن يرجع بما زاد على قدر حصته على الكفلاء الآخرين كل بقدر حصته من الدين.

والشرط الثاني: أن يكون هذا الوفاء مبرئاً لذمة الكفلاء الآخرين؛ ولو كان الدائن قد أبرأ أحد الكفلاء فليس للكفيل الذي وفى الدين أن يرجع على ذلك الكفيل المبرأ.

ورجوع الكفيل على باقي الكفلاء قد يكون بالدعوى الشخصية أو بالدعوى بالحلول وفق ما سبق في المادة (٢٣٤).

تناولت المواد (٥٩٧ – ٦٠٢) ما يترتب على الكفالة من آثار فيما بين الكفيل والمدين:

فبينت هذه المادة النوع الأول من نوعي الدعوى التي يرجع بها الكفيل على المدين، وهي الدعوى الشخصية بمقتضى الكفالة، فللكفيل سواء كان متضامناً أم غير متضامن أن يرجع على المدين فيطالبه بما وفى عنه وما دفعه من نفقات اقتضاها تنفيذ عقد الكفالة، كالنفقات التي دفعها في إرشاد الدائن إلى أموال المدين عند الدفع بالتجريد، وكذلك كل ما حكم على الكفيل من نفقات لمصلحة الدائن، مثل نفقات دعوى مطالبة الدائن للكفيل.

ويشترط لرجوع الكفيل بالدعوى بمقتضى الكفالة وفق ما ضمنه نص المادة ثلاثة شروط، وهي:

الشرط الأول: أن يوفي الكفيل الدين عن المدين؛ فليس للكفيل الرجوع على المدين قبل الوفاء بالدين، بأي طريق من طرق الوفاء، فقد يكون ذلك بوفاء الدين، أو بالوفاء بالمقابل عنه، أو بطريق المقاصة أو اتحاد الذمة، أما إذا أبرأ الدائن الكفيل، أو تقادم دين الكفيل دون وفاء فإن الكفيل لا يكون قد وفى أو قام بعمل يقوم مقام الوفاء؛ فليس له الرجوع على المدين.

وإذا كان الوفاء بجزء من الدين قبله الدائن صراحة أو ضمناً فللكفيل الرجوع بما وفى على المدين، وللدائن أيضاً الرجوع على المدين لاستيفاء باقيه من حقه، ولا يتقدم الدائن على الكفيل في هذا الرجوع، فإذا لم تف أموال المدين لمطالبتهما فيحاصان مع بقية الغرماء على المدين كل بنسبة دينه.

الشرط الثاني: أن تكون الكفالة بعلم المدين ودون معارضته؛ فإن كانت بغير علم المدين أو بعلمه مع معارضته فليس للكفيل الرجوع على المدين بدعوى الكفالة؛ غير أن له الرجوع بدعوى الفضالة متى توفرت شروطها، أو بدعوى الإثراء بلا سبب وفق قواعدها، ولذلك صُدِرت الفقرة بعبارة ( بمقتضى عقد الكفالة )؛ لدلت على أن ما قررته الفقرة من أحكام موجه حقه في الرجوع بدعوى الكفالة، ولا يحول ذلك دون حقه في الرجوع بدعوى الفضالة أو الإثراء بلا سبب وفق أحكامها المقررة.

الفقرة من أحكام موجه حقه في الرجوع بدعوى الكفالة، ولا يحول ذلك دون حقه في الرجوع بدعوى الفضالة أو الإثراء بلا سبب وفق أحكامها المقررة.

بيّنت المادة التزامين على الدائن تجاه الكفيل إذا وفى له الدين، بما يمكن هذا الأخير من الرجوع على المدين. وهذان الالتزامان هما:

الالتزام الأول: أن يسلم الدائن للكفيل المستندات اللازمة التي تمكنه لاستعمال حقه في الرجوع على المدين.

والالتزام الثاني: إذا كان الدين موثقًا بضمان عيني قدمه المدين؛ فيجب على الدائن أن يمكنه من هذا الضمان؛ لأن الكفيل –بمقتضى دعوى الحلول كما سيأتي– يحل محل الدائن في هذا الضمان؛ فيلزم الدائن إذا كانت هذا الضمان واقعًا على منقول كرهـن حيازي أو شيء محبوس توثيقًا للدين أن يتخلى عنه للكفيل، وإذا كان هذا الضمان على عقار فيلزم الدائن بأن يقوم بالإجراءات اللازمة لنقل حقوقه إلى الكفيل، على أن يتحمل الكفيل نفقات هذا النقل، وإذا تخلف عن السداد يرجع بتلك النفقات على المدين.

بيّنت المادة النوع الثاني من الدعاوى التي يمكن للكفيل، سواء كان متضامناً أم غير متضامن، أن يقتضي بها حقه من المدين، وهي دعوى الحلول؛ فالكفيل الذي وفى الدين أن يحل محل الدائن في جميع الحقوق التي له قبل المدين، وإذا لم يوفِ إلا بعض الدين، فليس للكفيل أن يرجع على المدين بدعوى الحلول فيما وفى إلا بعد أن يستوفي الدائن كل حقه من المدين.

ويشترط لرجوع الكفيل بدعوى الحلول شرطان:

الشرط الأول: أن يقوم الكفيل بوفاء الدين عن المدين؛ بأي طريق من طرق الوفاء، فقد يكون ذلك وفاءً بالدين، أو بالوفاء بمقابله، أو بطريق المقاصة أو اتحاد الذمم، أما إذا أبرأ الدائن الكفيل، أو تقادم دين الكفيل دون وفاء؛ فإن الكفيل لا يكون قد وفى أو قام بعمل يقوم مقام الوفاء؛ فلا يحل الكفيل محل الدائن.

والشرط الثاني: أن يكون وفاء الكفيل للدين بعد حلول أجله؛ فإذا تعجل الكفيل الوفاء قبل حلول أجل الدين فليس له أن يرجع على المدين بدعوى الحلول إلا بعد حلول الأجل ما لم يكن تعجيل الوفاء من الكفيل بإذن المدين.

فإذا تحقق الشرطان، فإن الكفيل يحل محل الدائن فيما له من حقوق قبل المدين؛ بما لهذه الحقوق من أوصاف وجزاء وعدماً واقتضاء، وتقاماً وقابلية للإبطال أو للفسخ وغير ذلك من خصائصها، فيباشر الكفيل تلك الحقوق من ضمانات، وما يرد عليها من دفع، وتشمل تلك الحقوق أيضاً ما تكبده الدائن من نفقات في مواجهة المدين؛ فيحل الكفيل محل الدائن فيها إذا وفاها الدائن.

ويكون رجوع الكفيل على المدين في جميع تلك الأمور بالقَدر الذي وفاه الكفيل؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين بأكثر مما وفاه الدائن، وما تضمنته المادة ما هو إلا تطبيق لدعوى الحلول المبين في المادتين (٦٢٦-٦٢٣) من القواعد العامة.

ونصت المادة أن الكفيل لا يرجع، أو في جزء مما وفاه، فليس له أن يرجع على المدين بدعوى الحلول إلا بعد أن يستوفي الدائن كل حقه من المدين؛ فليس للكفيل أن يزاحمه في حقه كما في الدعوى الشخصية؛ إعمالاً لإرادة المتعاقدين المفترضة؛ فالدائن لم يكن ليرضى أن يستوفي جزءاً من حقه من الكفيل إلا على أساس أنه يستوفي حقه الباقي من المدين، ومع ذلك فلدائن والكفيل الاتفاق على خلاف ذلك، وهو ما صرحت به المادة (٦٢٣)؛ لأن المصلحة للدائن فله النزول عنها.

بعد أن قررت المادتان (۵۹۷) ، (۵۹۹) شروط رجوع الكفيل على المدين في الدعوى الشخصية أو دعوى الحلول؛ وأن الكفيل في كليهما ليس له أن يرجع على المدين بأكثر مما وفى؛ جاءت هذه المادة لتبين أن هذا الحكم ينطبق حتى ولو أن وفاء الكفيل للدين المكفول به كان بمقابل عنه عوضاً من غير نوعه، أو كان عن عقد صلح بين الدائن والكفيل؛ وأن عدم جواز رجوع الكفيل على المدين بأكثر مما وفي يشمل حتى هاتين الصورتين.

فبينت الفقرة الأولى أن الكفيل الذي يحق له الرجوع على المدين إذا وفي للدائن الدين المكفول به بمقابل؛ بأن أدى عن الدين عوضاً آخر ؛ فللكفيل أن يرجع على المدين بقيمة الدين أو بما وفاه فعلاً أيهما أقل؛ فمثلاً لو كان الدين مائة ألف ريال وقبل الدائن من الكفيل وفاء لدينه سيارة بقيمة ثمانين ألف ريال؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بثمانين ألف ريال، وإذا كانت قيمة السيارة مائة وعشرين ألف ريال؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بمائة ألف ريال فقط، والعلة في ذلك أن الكفيل يرجع على المدين بما لحقه من ضرر فعلي بسبب الوفاء بالدين؛ وليس له أن يحقق كسباً من هذا الوفاء.

وبينت الفقرة الثانية أن الكفيل الذي يصالح الدائن على أقل من الدين المكفول به؛ فإنه يرجع على المدين بالقدر الذي دفعه للدائن وليس بالقدر الذي كفله؛ فمثلاً لو كفل الكفيل دين المدين البالغ مائة ألف ريال، ثم صالح الكفيل الدائن على خمسين ألف ريال؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بخمسين ألف ريال فقط، والعلة في ذلك هي ذاتها في الفقرة الأولى، وهي أن الكفيل يرجع على المدين بما لحقه من ضرر فعلي بسبب الوفاء بالدين؛ وليس له أن يحقق كسباً من هذا الوفاء.

ويشترط لرجوع الكفيل على المدين وفق المادة شروط رجوع الكفيل على المدين التي بينتها المواد (٥٩٧) - (٥٩٩)، وهي أن يوفي الكفيل الدين عن المدين؛ وأن يكون الوفاء بعد حلول الدين، وأن تكون الكفالة بعلم المدين ودون معارضته.

تشير المادة إلى الحالة الثانية من دعوى رجوع الكفيل على المدين وهي دعوى الحلول؛ فإذا وفى الكفيل الدين للدائن حل محله في جميع حقوقه قبل المدين؛ بما لذلك من أوصاف وجوداً وعدماً وانقضاء وتقادماً وقابلية للإبطال أو للفسخ وغير ذلك؛ ويحل محله أيضاً فيما يكفل تلك الحقوق من ضمانات؛ وما يرد عليها من دفوع؛ ومثال ذلك أن يحل الكفيل محل الدائن في حقه في المطالبة بالدين والفوائد الناتجة عنه؛ وفي حقه في التمسك بالضمانات العينية أو الشخصية أو الأولوية التي تكون للدائن كحقه في التمسك بالرهن أو الامتياز، أو بوجود كفيل آخر؛ فكل ذلك ينتقل إلى الكفيل الذي وفى الدين؛ ويشمل ذلك أيضاً الحق في المطالبة بأي نفقات تحملها الدائن لمصلحة المدين.

ويشترط لرجوع الكفيل بالحلول وفق ما ضمنه نص المادة شرطان:

الشرط الأول: أن يوفي الكفيل الدين عن المدين؛ فليس للكفيل الرجوع على المدين قبل الوفاء بالدين، بأي طريق من طرق الوفاء، فقد يكون ذلك بوفاء الدين، أو بالوفاء بالمقابل عنه، أو بطريق المقاصة أو اتحاد الذمة، أما إذا أبرأ الدائن الكفيل، أو تقادم دين الكفيل دون وفاء فإن الكفيل لا يكون قد وفى أو قام بعمل يقوم مقام الوفاء؛ فليس له الرجوع على المدين.

الشرط الثاني: أن يكون وفاء الكفيل للدين بعد حلول أجله، أما إذا تعجل الكفيل الوفاء قبل حلول أجل الدين فليس له أن يرجع على المدين بدعوى الحلول إلا بعد حلول الأجل؛ ما لم يكن تعجيل الوفاء من الكفيل بإذن المدين؛ ففي هذه الحالة يحق للكفيل أن يرجع على المدين بالحلول من وقت الوفاء.

وإذا تحقق الشرطان فإن الكفيل يحل محل الدائن فيما له من حقوق قبل المدين، وما لهذه الحقوق من أوصاف وجوداً وعدماً وانقضاء وتقادماً وقابلية للإبطال أو للفسخ وغير ذلك، ويحل محله أيضاً فيما يكفل تلك الحقوق من ضمانات وما يرد عليها من دفوع، وتشمل تلك الحقوق أيضاً ما تكبده الدائن من نفقات في مواجهة المدين يحل الكفيل محل الدائن فيها إذا وفاها للدائن.

ويكون للكفيل الذي يحل محل الدائن أن ينزل عن هذا الحق؛ كما لو كان الدائن قد أبرأه من الوفاء بالدين؛ أو كان قد تقادم دين الكفيل ولم يوفه، أو كان الدين في الأصل باطلاً، أو كان الدين غير لازم.

بينت المادة أثر إخفاء المدين أسباب انقضاء الدين المكفول به عن الكفيل الذي وفى الدين؛ كأن يكون المدين قد سدد الدين للدائن، أو كان الدين قد انقضى بالمقاصة، أو باتحاد الذمة، أو بالتقادم، أو غير ذلك من أسباب انقضاء الدين، ومع ذلك لم يخبر الكفيل بذلك، أو كان المدين قد تمسك بسبب من أسباب انقضاء الدين في مواجهة الدائن ولم يقضَ له بذلك، ولم يخبر الكفيل بما تمسك به؛ ففي هذه الحالة إذا وفى الكفيل الدين للدائن؛ فإنه يرجع على المدين، ويبقى حقه في الرجوع عليه قائماً، ولا يحق للمدين أن يدفع تجاه الكفيل بما كان له من دفوع تجاه الدائن، مثل أن يدفع بأن الدين كان قد سدد أو تقادم أو انقضى بأي سبب من الأسباب.

ويشترط لإعمال حكم المادة ألا يكون المدين قد أخبر الكفيل بانقضاء الدين؛ فإذا أخبره بذلك لم يرجع الكفيل عليه، إلا إذا استأذنه في الوفاء مع معرفته بالسبب فأذن له بذلك، أو كان الوفاء بالدين حماية لحقوق الكفيل في مواجهة الدائن؛ كأن كان الدائن قد رفع دعوى على الكفيل بالدين، ورفض الدفع بالتقادم، وخشي الكفيل أن يصدر ضده حكم بالدين فوفاه؛ ففي هذه الحالة يحق للكفيل الرجوع على المدين بالدين؛ لأن سبب رجوع الكفيل على المدين لا ينقطع في هذا الموضع.

والحكم الوارد في هذه المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه؛ ويجب ألا يكون اتفاق المدين والكفيل من شأنه الإضرار بحقوق الدائن.

تناولت المادة الأحكام المتعلقة برجوع المدين على الكفيل بالدعوى الشخصية، فقد يرفع المدين دعوى على الكفيل، ويطلب من المحكمة الحكم بإلزام الكفيل بوفاء الدين، أو تقديم الضمان؛ وقد يكون لجوء المدين إلى ذلك لعدة أسباب، منها: أن يكون الدين قد حل أجله، ويريد المدين أن يسارع إلى براءة ذمته أو استرداد ما أعطاه من ضمانات، أو أن الكفيل قد التزم بالوفاء، أو أن الدائن قد أعذر المدين بالوفاء، فيتحمل المدين نفقات الدعوى، ويهدد مركزه التجاري إن كان تاجراً، أو أن يخشى المدين إفلاسه؛ فيريد أن يسرع بوفاء الدين أو براءة ذمته.

وغاية الحكم تحقيق المصلحة في تصفية المراكز النظامية المضطربة، وهي أن يلزم الكفيل الذي ضمن المدين بأن يفي بالدين عنه، أو أن يقدم الضمان إلى المدين على النحو الآتي:

الأمر الأول: أن الكفيل يلزمه أن يفي بالدين أو أن يودعه لدى الجهة المختصة أو يقدم ضماناً؛ والضمان قد يكون كفالة، أو رهناً، أو غير ذلك من الضمانات، وهذا الأمر ليس محل اتفاق المتعاقدين وإنما محل حكم القضاء.

والأمر الثاني: أن يكون قيام الكفيل بالوفاء بالدين أو إيداعه أو تقديم الضمان بناءً على حكم قضائي؛ فلا يكفي مجرد المطالبة من المدين للكفيل بذلك.

ويشترط لإلزام الكفيل وفق المادة خمسة شروط:

الشرط الأول: أن يكون الدين قد حل أجله؛ ويقصد بذلك حلول أجل الدين الأصلي لا أجل الدين الذي للكفيل على المدين في حال الوفاء به.

والشرط الثاني: أن يتعرض المدين للإعسار؛ سواء كان إعساراً حقيقياً أو نظامياً؛ فإذا كان المدين مليئاً فلا محل لهذا الحكم؛ إذ لا مصلحة للمدين في ذلك؛ فإن الدين لا يزال في ذمته، ولا يزال قادراً على الوفاء به؛ ولا مصلحة للكفيل الذي يسعى في الأصل إلى إبراء ذمته من الدين.

والشرط الثالث: أن تكون الكفالة قد تمت دون علم المدين؛ فإذا كانت الكفالة بعلمه فليس له أن يرجع بذلك على الكفيل.

والشرط الرابع: أن يكون المدين قد أقام دعواه على الكفيل قبل حلول الدين؛ فإذا أقامها بعد حلول الدين فليس له ذلك.

والشرط الخامس: ألا يكون قد انقضى الدين؛ فإذا انقضى الدين بأحد أسباب انقضاء الدين الأصلية فلا محل للحكم بذلك.

ويجدر التنبيه على أن حكم المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه صراحة أو ضمناً.

تناولت المادة الأحكام المتعلقة بانقضاء الكفالة، وهي بهذا الاعتبار نوعان:

النوع الأول: انقضاء الكفالة بالتبعية لانقضاء الدين المكفول به، ويكون الدين المكفول به قد انقضى بأحد أسباب انقضاء الدين الأصلية؛ ويترتب على ذلك انقضاء الكفالة؛ سواء كان ذلك بالوفاء، أو بالإبراء من الدائن للمدين، أو المقاصة، أو اتحاد الذمة، أو تجديد الدين، أو الإنابة، أو غير ذلك، وهذا ما قررته المادة (٥٨٠)؛ وذلك لأن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ويلاحظ أن انقضاء الدين لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن ينقضي الدين انقضاءً كلياً؛ ففي هذه الحالة تنقضي الكفالة كلياً.

الحالة الثانية: أن ينقضي الدين انقضاءً جزئياً؛ ففي هذه الحالة تنقضي الكفالة جزئياً بالقدر الذي انقضى منه الدين؛ وتدخل في هذا الحكم الصورة التي يبرأ فيها المدين من جزء من الدين بالصلح؛ فينتهي التزام الكفيل بالقدر الذي برىء به المدين، ويبقى الكفيل ملتزماً بالباقي؛ وتدخل في ذلك أيضاً الصورة التي يبرأ فيها المدين من الدين وفق نظام الإفلاس؛ ففي هذه الحالة يبرأ الكفيل بقدر ما برىء به المدين من الدين؛ ويبقى الكفيل ملتزماً بالباقي، إلا أن المادة بينت أن الكفالة لا تنقضي في هذه الحالة إذا كان المدين قد أعسر؛ والعلة في ذلك أن الكفيل قد كفل الدين؛ ويفترض أن الكفالة إنما كانت خشية إعسار المدين وإفلاسه؛ فإذا أفلس المدين فلا موجب لبراءة الكفيل؛ لأن هذا هو الغرض الذي من أجله ضمن الكفيل المدين.

ويجدر التنبيه على أن الكفالة لا تنقضي في جميع الأحوال التي يبرأ فيها المدين من الدين المكفول به؛ كما لو أبرأ الدائن المدين من الدين، أو تم الصلح بينهما على ذلك؛ ففي هذه الحالة تنقضي الكفالة.

النوع الثاني: انقضاء الكفالة لا بانقضاء الدين المكفول به، ولكن بأسباب تخص الكفالة فقط مع بقاء الدين المكفول به في ذمة المدين؛ وقد سبق بيان الأحكام المتعلقة بذلك في المواد (٥٨٨)، (٥٨٩)، (٥٩٠)؛ وهي إبراء الكفيل من الدائن، أو براءة ذمة الكفيل لعدم مطالبة الدائن المدين بعد حلول الدين، أو براءة ذمة الكفيل لعدم دخول الدائن في إجراءات تصفية أموال المدين.

والحكم الوارد في هذه المادة ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه؛ ويجب ألا يكون اتفاق المدين والكفيل من شأنه الإضرار بحقوق الدائن.

بينت المادة أثر الوفاء الجزئي للدين المكفول به؛ فإذا وفى المدين جزاء من الدين المكفول به؛ فإن الكفالة تنقضي بالقدر الذي وفى به المدين؛ ويبقى الكفيل ملتزماً بما بقي من الدين؛ ويرجع ذلك إلى تبعية الكفالة للدين المكفول به؛ فالكفالة تتبع الدين المكفول به وجوداً وعدماً، وتتبع الدين في زيادته ونقصه؛ وهذا ما قررته المادة (٦٠٤).

وإذا وفى المدين جزءاً من الدين المكفول به، ثم أعسر أو أفلس، فليس للدائن أن يرجع على الكفيل إلا بما بقي من الدين بعد الوفاء الجزئي؛ وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الأولى من هذه المادة.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان الوفاء الجزئي الذي قام به المدين للدين المكفول به من الديون التي يحق للدائن أن يقدم بها؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بالقدر الذي وفى به من الدين؛ أما إذا كان الوفاء الجزئي الذي قام به المدين للدين المكفول به من الديون التي لا يحق للدائن أن يقدم بها؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بالقدر الذي وفى به من الدين؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة لا تنقضي إلا بالوفاء الكامل بالدين؛ وإذا كان الوفاء الجزئي الذي قام به المدين للدين المكفول به من الديون التي يحق للدائن أن يقدم بها؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بالقدر الذي وفى به من الدين؛ أما إذا كان الوفاء الجزئي الذي قام به المدين للدين المكفول به من الديون التي لا يحق للدائن أن يقدم بها؛ فليس للكفيل أن يرجع على المدين إلا بالقدر الذي وفى به من الدين.

وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الثانية من هذه المادة؛ ووجه ذلك أن الكفيل إذا وفى بالدين للدائن، ثم أفلس المدين؛ فإن الكفيل يدخل في إجراءات تصفية أموال المدين، ويسقط حقه في الرجوع على المدين بالقدر الذي كان للدائن أن يتقدم به؛ ويترتب على ذلك انقضاء الكفالة بالقدر الذي سقط فيه حق الكفيل في الرجوع على المدين.

وقد دلت المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

بينت المادة أثر اجتماع صفتي الدائن والكفيل في شخص واحد؛ وهو ما يسمى بـ "اتحاد الذمة"؛ ومعنى ذلك أن تنتقل صفة الكفيل إلى الدائن؛ كأن يوصي الكفيل بالدين المكفول به للدائن؛ ففي هذه الحالة لا تنقضي الكفالة؛ ويبقى الكفيل ملتزماً بالدين؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته، ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الأولى من هذه المادة؛ ووجه ذلك أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا اجتمعت صفتا الدائن والكفيل في شخص واحد؛ فإن الكفيل يبقى ملتزماً بالدين؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان الكفيل قد أبرأ الدائن من الدين؛ فإن الكفالة تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الإبراء من الدين يؤدي إلى انقضاء الدين المكفول به؛ ويرجع ذلك إلى تبعية الكفالة للدين المكفول به؛ فالكفالة تتبع الدين المكفول به وجوداً وعدماً؛ وهذا ما قررته المادة (٦٠٤).

وقد دلت المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

بينت المادة أثر الوفاء بالدين المكفول به من غير المدين أو الكفيل؛ فإذا وفى الدين المكفول به شخص آخر؛ فإن الكفالة تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الوفاء بالدين يؤدي إلى انقضاء الدين المكفول به؛ ويرجع ذلك إلى تبعية الكفالة للدين المكفول به؛ فالكفالة تتبع الدين المكفول به وجوداً وعدماً؛ وهذا ما قررته المادة (٦٠٤).

وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الأولى من هذه المادة؛ ووجه ذلك أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا وفى الدين شخص آخر؛ فإن الكفالة تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان الوفاء بالدين المكفول به من غير المدين أو الكفيل، ولكن هذا الشخص وفى الدين للمدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وقد دلت المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

تشير المادة إلى الحالة التي يؤدي فيها الدائن حق الكفيل في الحلول محل الدائن في الضمانات العينية التي يملكها المدين؛ فإذا أضر الدائن بحقوق الكفيل في الحلول محل الدائن؛ بأن أبرأ الدائن المدين من رهن؛ أو أزال الكفالة العينية؛ أو غير ذلك مما يضر بحقوق الكفيل في الحلول؛ فإن الكفالة تنقضي بقدر ما أضر الدائن بحقوق الكفيل؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا أضر الدائن بحقوق الكفيل في الحلول محل الدائن؛ فإن الكفالة تنقضي بقدر ما أضر الدائن بحقوق الكفيل؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الأولى من هذه المادة؛ ووجه ذلك أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا أضر الدائن بحقوق الكفيل في الحلول محل الدائن؛ فإن الكفالة تنقضي بقدر ما أضر الدائن بحقوق الكفيل؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان الضرر الذي ألحقه الدائن بحقوق الكفيل في الحلول محل الدائن؛ بحيث يترتب عليه هلاك الدين المكفول به؛ فإن الكفالة تنقضي كلياً؛ ويرجع ذلك إلى أن هلاك الدين المكفول به يؤدي إلى انقضاء الدين المكفول به؛ ويرجع ذلك إلى تبعية الكفالة للدين المكفول به؛ فالكفالة تتبع الدين المكفول به وجوداً وعدماً؛ وهذا ما قررته المادة (٦٠٤).

وقد دلت المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

تشير المادة إلى الحكم فيما إذا أفلس الدائن بعد أن وفى الكفيل بالدين، ووجه ذلك أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا أفلس الدائن بعد أن وفى الكفيل بالدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وهذا الحكم هو ما تضمنته الفقرة الأولى من هذه المادة؛ ووجه ذلك أن الكفيل يضمن الدين، ولا يضمن شخص المدين؛ فإذا أفلس الدائن بعد أن وفى الكفيل بالدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الكفالة عقد تبعي، لا يقوم بذاته؛ ولا ينقضي إلا بانقضاء الدين المكفول به؛ فإذا كان الدين لا يزال قائماً في ذمة المدين؛ فإن الكفالة لا تنقضي.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان الدائن قد أبرأ الكفيل من الدين؛ فإن الكفالة تنقضي؛ ويرجع ذلك إلى أن الإبراء من الدين يؤدي إلى انقضاء الدين المكفول به؛ ويرجع ذلك إلى تبعية الكفالة للدين المكفول به؛ فالكفالة تتبع الدين المكفول به وجوداً وعدماً؛ وهذا ما قررته المادة (٦٠٤).

وقد دلت المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

نصت المادة على حماية حق الملكية وعناصره الثلاثة الاستعمال والاستغلال والتصرف، وأكدت أنه لا يجوز أن يمنع أحد من ملكه ولا ينزع ملكه منه إلا في الأحوال التي تقررها النصوص النظامية، ومن ذلك الأحكام الواردة في نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ووضع اليد المؤقت عليها.

الأصل إطلاق يد المالك في استعمال ملكه أو استغلاله أو التصرف فيه، ومع ذلك يرد على الملكية استثناءً من هذا الأصل نوعان من القيود قيود نظامية مقررة بنص النظام، وقيود إرادية.

وهذه المادة تشير إلى النوع الأول من القيود التي ترد على الملكية وهي القيود النظامية، فعلى المالك أن يتقيد في استعمال ملكه بالقيود التي ترد في الأنظمة.

وهذه القيود قد تكون مقررة للمصلحة العامة، وهي تنظمها الأنظمة الخاصة، مثل الاشتراطات الخاصة للمباني والمنشآت، ومنع المالك من حفر بئر في أرضه تحقيقاً للمصلحة العامة من المحافظة على المياه، والقيود من هذا النوع كثيرة.

وقد تهدف القيود النظامية إلى تحقيق المصلحة الخاصة، وهذه القيود منها ما يرجع إلى حقوق الجوار، فليس للمالك أن يستعمل ملكه بحيث يضر بجاره.

ومنها ما يرجع إلى منع التعسف في استعمال الحق، وقد أشارت إلى هذا القيد المادة (۲۹)، وأوردت أمثلة لصور التعسف، وذكرت منها ألا يقصد بالاستعمال إلا الإضرار بالغير، أو أن تكون المنفعة من استعمال الحق لا تتناسب مطلقًا مع ما يسببه للغير من ضرر، أو إذا استعمل صاحب الحق حقه في غير ما شرع له أو لغاية غير مشروعة.

وقد يرد النظام بفرض حقوق ارتفاق على بعض الأراضي؛ فتكون قيوداً نظامية تقيد ملكية المالك مثل بعض أنواع حقوق الارتفاق المبينة في المواد (۷۰۲ - ۷۱۰) كحق مجرى الماء على الأرض ليصل إلى الأراض البعيدة عن مجرى الماء.

والنوع الثاني من القيود هي القيود الإرادية ومن أمثلتها حقوق الارتفاق التي ينشؤها المالك على أرضه، وشرط المنع من التصرف وسيأتي بيانه.

من القيود التي ترد على حق الملكية تعلق حق الغير به كتعلق حق المنتفع بالشيء الذي أنشئ عليه حق انتفاع، فلا يجوز للمالك أن يتصرف في الشيء تصرفاً يضر بحق المنتفع إلا إذا أذن صاحب الحق، وكتعلق من له حق ارتفاق على عقار، فلا يجوز لمالك العقار أن يتصرف فيه تصرفاً يضر بصاحب حق الارتفاق إلا إذا أذن صاحب الحق.

تقرر المادة مبدأ عاماً في حقوق الجوار، فترتب المادة التزامات على الجار تجاه جاره فتمنعه من الغلو في استعمال ملكه، ومعيار الغلو الذي يمنع منه المالك هو كل عمل يترتب عليه ضرر غير مألوف، فإذا لم يترتب على استعمال المالك ملكه ضرر غير مألوف لم يتحقق الغلو الذي تشترطه المادة لتقييد حق الملكية.

ومع ذلك فالإحسان إلى الجار الذي حثت عليه نصوص الشريعة الإسلامية يقتضي أن يحرص الجار على اجتناب كل ضرر يقع على جاره ولو كان مألوفاً.

وتشير الفقرة الثانية إلى أن الجوار يفرض على الملاك المتجاورين أن يتحمل كل منهم قدراً من الضرر المألوف لا مناص من التسامح فيه وإلا شق على الملاك استعمال حقوقهم، فالأصوات التي تصدر عن الجار ورائحة الطبخ التي تصل إلى الجار يمكن وصفها بأنها أضرار، لكن كثيراً منها لا يخرج عن المألوف، فلا يمنع الجار منها ولا مسؤولية عليه فيها.

وهذا فارق جوهري بين مسؤولية الجار والمسؤولية التي تقضي بها القواعد العامة فالقواعد تقضي بالتعويض عن الضرر مهما كان قدره، لكن في مضار الجوار لا تقوم المسؤولية إلا إذا جاوز الضرر الحد المألوف بين الجيران رغم قيام عنصر الخطأ وهو الغلو في الاستعمال، لكن هذا الغلو لا يعتد به إلا بالنظر إلى مقدار الضرر، ولهذا جعل معيار الغلو حصول الضرر غير المألوف.

وتقدير قدر الضرر من حيث كونه مألوفاً أو غير مألوف هو سلطة تقديرية للمحكمة تراعي فيه أربع اعتبارات نصت عليها الفقرة الثانية:

الاعتبار الأول: العرف، فما جرى العرف فيه بين الجيران أن يتحمله بعضهم من بعض لا يعد ضرراً غير مألوف، وهذا يختلف باختلاف تطور ظروف المجتمع، فبعض الأضرار تعد مألوفة في القرى والأرياف ولا تعد كذلك في المدن.

والاعتبار الثاني: طبيعة العقارات، فإذا كان العقار فندقاً، تحمل الجار فيه من جاره أكثر مما يتحمله الجيران في مساكن خاصة هادئة، وإذا كان العقار مصنعاً تدور فيه الآلات ويحتشد فيه العمال، تحمل صاحبه من جاره ما لا يتحمل غيره.

والاعتبار الثالث موقع كل عقار بالنسبة إلى العقار الآخر ، فصاحب السفل يتحمل بحسب موقعه من الضرر الناشئ عن الأصوات المقلقة للراحة أكثر مما يتحمله صاحب العلو، والعقار المجاور لمصنع يتحمل من الضرر أكثر مما يتحمله البعيد عنه.

والاعتبار الرابع: الغرض الذي خصص له العقار، فالعقار المخصص للسكنى الهادئة غير المخصص لأغراض تزيد فيها حركة الناس وأصواتهم.

والمعيار في هذه الاعتبارات الأربعة معيار موضوعي لا يعتد فيه بالظروف الخاصة للجار الذي أصابه الضرر.

وهذه المعايير الأربعة ليست حاصرة، فقد ترى المحكمة الاستناد إلى معايير أخرى مثل أسبقية العقار على آخر وأثره في تقدير الضرر.

وختمت المادة بالتأكيد على أن الترخيص بإنشاء عقار أو تنفيذ نشاط الصادر من الجهات المختصة لا يمنع الضرر من أن يكون غير مألوف؛ ومن ثم يحق للجار المطالبة بإزالة الضرر؛ لأن هذا الترخيص إنما يراد به ضمان توفر الشروط التي يشترطها النظام المباشرة النشاط، ولا شأن لهذا الترخيص بما للغير من حقوق إذا أصابه ضرر بسبب هذا النشاط؛ فمثلاً لو صدر ترخيص لصالة أفراح تقام فيها المناسبات، فإن هذا الترخيص لا يمنع الجار إذا أصابه ضرر غير مألوف وفقاً للاعتبارات الأربعة السابقة وغيرها مما تقدره المحكمة من أن يرجع على مالك هذه الصالة بالمطالبة بإزالة هذه المضار وإذا قامت مسؤولية الجار عن الضرر غير المألوف الذي يحدثه بجاره وجب عليه التعويض، والتعويض إما أن يكون تعويضاً عينياً بإزالة الضرر، وقد يكون تعويضاً نقدياً وفق قواعد التعويض.

من القيود الواردة على الملكية تقييد تصرف الشركاء في الحائط، فإذا كان الحائط مشتركاً بين اثنين أو أكثر فلا يحق لأي من الشركاء أن يستأثر بالتصرف فيه بالتغيير فيه بغير إذن الآخر سواء كان هذا التغيير بزيادته أو نقصانه إذا كان هذا التغيير يتنافى مع الغرض الذي أعد له، كما لو كان الغرض من الحائط الاستتار به؛ فلا يجوز لأي من الشركاء أن يفتح فيه نافذة تطل على بيت جاره؛ لأن هذا التغيير يتنافى مع الغرض الذي أعد له الحائط.

ومفهوم القيد الوارد في آخر المادة يتنافى مع الغرض الذي أعد له" يخرج صوراً يحق للشريك أن يحدث تغييراً لا يتنافى مع الغرض المخصص له، كما لو صبغ الشريك من الحائط الواجهة التي تلي داره، فلا يعد هذا التغيير في الغالب منافياً للغرض المخصص له.

تشير المادة إلى حقوق والتزامات الشركاء التي تنشأ عند تعلية الحائط المشترك في حال لم يتفق الشركاء على التعلية وأحكامها، وأحكام نفقة إصلاحه.

فبينت الفقرة الأولى أن للشريك في الحائط المشترك أن يزيد ارتفاع الحائط على نفقته ولو لم يرض شريكه بهذه الزيادة، بشرطين الشرط الأول: أن تكون للشريك الذي يرغب في تعلية الحائط مصلحة جدية تقتضيها هذه التعلية، كما لو كان انخفاض ارتفاع الجدار يجعل داره مكشوفة فاحتاج لسترها.

والشرط الثاني: ألا يلحق بشريكه ضرراً جسيماً، فإن كان الضرر الذي يلحق الشريك بسبب تعلية الجدار جسيماً فله منع شريكه من التعلية، وقيد «الجسيم» يقتضي أن مجرد الضرر لا يخول للشريك منع التعلية، لما تقدم من أن الجوار يفرض على الجيران تحمل قدر من الضرر والتسامح فيه.

وإنما جاز للشريك تعلية الحائط إذا تحقق الشرطان ولو لم يرض الشريك الآخر؛ لأن عدم رضاه بالتعلية في هذه الحالة يعد تعسفاً في استعمال الحق، فلم يمكن له منعه.

وإذا انفرد أحد الشريكين بتعلية الحائط صار الجزء المعلى ملكاً خالصاً له وحده سواء كانت التعلية بعد هدم الحائط وإعادة بنائه أو كانت دون هدمه، فإذا احتاج الشريك الآخر في المستقبل إلى الاستفادة من الجزء المعلى كان له حق الاشتراك فيه جبراً على صاحبه بعد دفع حصته من النفقة.

ومقتضى الفقرة الأولى أنه ليس للشريك الراغب في تعلية الحائط أن يلزم شريكه بالمشاركة في حصة من تحمل نفقات تعلية الحائط بحجة أن الحائط مشترك بينهما، لكن إن كانت المصلحة مشتركة بين الشريكين فيمكن لمن تحمل النفقات المطالبة بالتعويض عن الحصة التي تقابل انتفاع الشريك الآخر وفق قواعد الإثراء بلا سبب إذا تحققت شروطه.

وبينت الفقرة الثانية أنه إذا لم يكن الجدار صالحاً للتعلية واقتضت تعليته هدمه وإعادة بنائه بشكل أكثر متانة ليتحمل عبء التعلية كان لمن له مصلحة جدية في التعلية أن يهدم الحائط وأن يعيد بناءه كله على نفقته وحده، ولا شك أن هذا الحكم مقيد بألا يلحق الهدم بالشريك ضرراً جسيماً كما لو كانت مباني الشريك مستندة إلى الحائط، وهدمه لإعادة بنائه يضر به، فلا يُمكن من له مصلحة في التعلية في هدمه لأجل تعليته.

وبينت الفقرة الثالثة أنه إذا لم يكن الحائط المشترك صالحًا للغرض الذي أقيم من أجله ولم يكن ذلك بسبب أحد الشركاء فنفقة إصلاحه على جميع الشركاء كل بنسبة حصته فيه، فيجوز لأي من الشركاء أن يطالب بإجبار بقية الشركاء على المساهمة في الإصلاح إذا كان هذا الإصلاح ضرورياً لاستعمال الحائط في الغرض المخصص له، لأن الفائدة من الإصلاح ستعود على الجميع وهم شركاء فيه.

نصت المادة على أنه إذا كان الحائط مملوكاً لأحد الجارين، فليس لمالك الحائط أن يهدمه إذا تحققت ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يكون ملك الجار مستتراً بالحائط، كما لو كان مسوراً من جهاته الثلاث، والحائط الذي يراد هدمه هو حده الرابع، أما إذا كان ملك الجار غير مسور إلا من جهتين أو جهة واحدة أو غير مسور أصلاً فلا يمكن أن يقال: إنه مستتر بالحائط الفاصل.

والشرط الثاني: أن يكون هذا الهدم مما يضر بالجار الذي يستتر ملكه بالحائط.

والشرط الثالث: ألا يكون هناك سبب معتبر للهدم، فإن كان هناك سبب معتبر للهدم مثل أن يكون الجدار آيلاً للسقوط، فله أن يهدمه.

وهذا الحكم هو أحد تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق؛ ولهذا فالحكم في تقدير السبب المعتبر يقوم على الموازنة بين مصلحة من يرغب في الهدم والضرر الذي يصيب جاره بسبب الهدم.

تنظم المادة أحد القيود الإرادية التي ترد على الملكية، وهو الشرط المانع من التصرف، كأن يشترط البائع على المشتري ألا يبيع المبيع أو لا يهبه، أو يشترط الواهب في عقد الهبة أو الموصي في الوصية مثل هذا الشرط.

وتقرر المادة أن الأصل عدم جواز الشرط المانع من التصرف؛ سواء كان التصرف المتضمن للشرط المانع تصرفاً ناقلاً للملكية كالبيع أو الهبة، أو كان التصرف المتضمن للشرط المانع يرتب حقاً عينياً آخر ؛ كأن ينقل المالك حق الانتفاع ويشترط على المنتفع عدم التصرف في هذا الحق، فالأصل عدم جواز هذا الشرط؛ ولهذا بدأت المادة بالنفي فنصت على أنه ليس للمالك أن يشترط في تصرفه شروطاً تمنع المتصرف إليه من التصرف في المال، والعلة في ذلك أن مثل هذا الشرط يؤدي إلى إيجاد حق عيني لا يعرفه النظام، وسلطان الإرادة يقصر عن تعديل حق الملكية؛ لأن نظام الملكية وما يتفرع عنها من حقوق يتصل بالنظام الاقتصادي العام للمجتمع، ولهذا فأي تعديل في حق الملكية يقع باطلاً؛ إلا أنه قد توجد حالات عملية تقتضي فيها ظروف التعامل إجازة مثل هذا الشرط، ولهذا استثنت المادة من المنع كل حالة يتحقق فيها شرطان: الشرط الأول: أن يكون القصد من الشرط حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

فمثال المصلحة المشروعة للمتصرف أن يبيع شخص داره لآخر ويحتفظ البائع لنفسه بحق الانتفاع مدة حياته؛ فيشترط على المشتري ألا يتصرف في الدار طيلة هذه المدة حتى لا يتصل البائع بمالك رقبة لا يعرفه، أو يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع إلى حين الوفاء بالثمن، وذلك حتى يتلافي إجراءات التتبع.

ومثال المصلحة المشروعة للمتصرف إليه: أن يهب عقاراً لشخص محتاج يخشى أن يتصرف في العقار تصرفاً يضر بنفسه فيشترط عليه ألا يتصرف فيه حتى يبلغ سناً معينة حتى يحمي المتصرف إليه من طيشه وتبذيره.

ومثال المصلحة المشروعة للغير: أن يهب شخص عقاراً ويشترط عليه أن يكون جزء من غلته لشخص آخر، ويشترط على الموهوب له ألا يتصرف فيه حتى لا يتضرر صاحب الغلة.

والشرط الثاني: أن تكون مدة الشرط المانع من التصرف معقولة، ويخرج بهذا الشرط صورتان: الصورة الأولى: أن يكون المنع مؤبداً. والصورة الثانية: أن يكون المنع مؤقتاً لمدة غير معقولة؛ بحيث لا تتناسب مع المصلحة التي قصد المشترط حمايتها.

والعلة في ذلك أن الشرط المانع من التصرف خلاف الأصل؛ لكونه يجرد المالك من بعض السلطات التي يخولها النظام له بمقتضى الملكية، وهي عناصر جوهرية في الملكية لا تتصور الملكية بدونها؛ وإنما عدل عن هذا الأصل للمصلحة التي قصد من هذا الشرط حمايتها فلا يتجاوز فيه هذا القدر.

والمدة المعقولة تختلف باختلاف الأحوال والظروف، وقد تكون مدة معينة معقولة في حال وليست كذلك في حال أخرى، وهذا ترك النظام تحديدها لتقدير القضاء؛ وقد يكون تقييد المدة بمدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير مدة معقولة في بعض الحالات؛ مثل أن يحتفظ البائع بحق الانتفاع مدة حياته فيشترط على المشتري ألا يتصرف في الدار طيلة هذه المدة، أو يهب المالك عيناً لشخص معروف بسوء التدبير ويشترط عليه ألا يتصرف فيها مدة حياته؛ ومن ثم ينتهي أمد هذا الشرط بموته وتنتقل العين لورثته غير مثقلة بهذا الشرط.

وبينت الفقرة الثالثة من المادة أن الشرط المانع من التصرف إذا لم تتوفر فيه الشرطان السابقان؛ فإن هذا الشرط يكون باطلاً؛ ولو لم يقصد المشترط من هذا الشرط حماية مصلحة مشروعة له أو للمتصرف إليه أو للغير؛ فإن الشرط يقع باطلاً، وإذا كان الشرط لمدة غير معقولة فيكون الشرط باطلاً في المدة التي تجاوز المدة المعقولة؛ لأن البطلان هنا قابل للتجزئة.

وأما أثر بطلان الشرط كله أو جزء منه في التصرف المتضمن لهذا الشرط؛ فالأصل أن بطلان الشرط لا يسري على ذلك التصرف؛ فيكون التصرف صحيحاً مع بطلان الشرط أو جزء منه؛ ما لم يثبت المشترط أنه ما كان ليرضى بالعقد دون ذلك الشرط أو الجزء الذي بطل؛ فله طلب إبطال العقد وفقاً لما قررته الفقرة (٢) من المادة (٧٤).

تتناول المادة الأثر المترتب على مخالفة الشرط المانع من التصرف؛ فبينت أنه إذا كان الشرط المانع من التصرف مستوفياً للشرطين المبينين في المادة (٦١٧) فضلاً عن الشروط العامة للتصرفات؛ فإن أي تصرف يخالف هذا الشرط يكون باطلاً، وهذا البطلان من نوع خاص؛ لأنه متعلق بمصلحة خاصة وليس بمصلحة تتصل بالنظام العام؛ ولذا فليس للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ما لم يتبين لها قيام تلك المصلحة الخاصة عند إبرام ذلك التصرف المخالف؛ ذلك أن الشرط المانع من التصرف لا يكون صحيحاً وفقاً للمادة (٦١٧) إلا إذا كان لمدة معقولة وقصد به حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير؛ فيلزم المحكمة التحقق من الأمرين معاً؛ وهما: أن التصرف المخالف وقع في مدة المنع، وأن المصلحة الخاصة التي قصدها المشترط كانت قائمة وقت التصرف؛ فلو تبين زوالها عند إبرام التصرف المخالف؛ فيبطل الشرط المانع ويعد التصرف المخالف له قد وقع صحيحاً، ومن ذلك نزول المشترط أو الغير ذي المصلحة عن الشرط صراحةً أو ضمناً؛ فلا يعد هذا النزول - لو وقع بعد التصرف إجازة للتصرف؛ وإنما هو كاشف عن أن المصلحة التي قصد حمايتها بهذا الشرط كانت منتفية عند إبرام التصرف المخالف؛ فالشرط وإن كان صحيحاً في أصله إلا أنه في الوقت الذي انتفت فيه المصلحة زال أثره؛ ومن ثم يكون التصرف المخالف قد وقع صحيحاً؛ ومثل ذلك لو تبين زوال الغرض الذي من أجله اشترط ذلك الشرط. وبين آخر المادة أن الحكم ببطلان التصرف المخالف لا يخل بحق خلف الممنوع من التصرف إذا كسب هذا الحق معاوضة بحسن نية؛ حماية لاستقرار التعامل وللخلف حسن النية، فلو وهب شخص لابنه سيارة بشرط ألا يبيعها حتى يكمل دراسته؛ فباعها الابن قبل ذلك؛ فلا يجوز التمسك ببطلان البيع تجاه المشتري حسن النية. واشترطت المادة لحماية حق الخلف شرطين الشرط الأول: أن يكسب هذا الحق على سبيل المعاوضة؛ كالبيع، وأما إذا كسبه بغير معاوضة كالهبة أو الوصية فيجوز التمسك تجاهه ببطلان التصرف؛ إذ الأصل عدم تضرره من ذلك، وإذا لحقه ضرر فله الرجوع على الممنوع من المتصرف وفق قواعد الضرر. والشرط الثاني: أن يكون حسن النية، والخلف حسن النية من كان عند التصرف لا يعلم بالشرط المانع ولم يكن بمقدوره أن يعلم لو بذل ما تقتضيه ظروف الحال من الشخص المعتاد. والسبب في عدم سريان البطلان في حق الخلف حسن النية خلافاً للقواعد العامة مع أن الخلف طرف في العقد الباطل نفسه؛ هو أن البطلان هنا - كما سبق من نوع خاص؛ فهو يتعلق بمصلحة خاصة وليس بالنظام العام، وأيضاً فإن البطلان وفقاً للقواعد العامة يكون لانعدام ركن أو شرط صحة؛ ولا يتصور فيه حسن نية المتعاقد بخلاف من يتعاقد مع الممنوع من التصرف؛ فمن المتصور أن يجهل وجود ما يمنع سلفه من التصرف. وغني عن القول أن حماية الخلف حسن النية من بطلان التصرف في حقه لا يخل بحق المتضرر من التصرف المخالف من الرجوع على الممنوع من التصرف بالتعويض وفقاً لقواعد الضرر.

تشير المادة إلى أن الملكية الشائعة تعني تملك اثنين أو أكثر مالاً معيناً بالذات دون أن ينفرد أي منهم بملكية جزء معين منه؛ فيملك كل واحد منهم حصة شائعة في المال كالنصف أو الربع أو نحو ذلك، وتتعلق حصته في الملك بكل جزء من أجزاء ذلك المال. والأصل أن تعيين حصة كل واحد من الشركاء يكون عند اكتساب الملكية الشائعة وبدء حالة الشيوع، فإن كان مصدر الملكية الشائعة هو الإرث تعينت حصة كل واحد من الشركاء في المال بمقدار نصيبه في الإرث، وإن كان مصدر الملكية هو الوصية عين الموصي حصة كل واحد من الموصى لهم، وإن كان مصدر الملكية الشائعة هو العقد كان تعيين حصة كل واحد من الشركاء في العقد في الغالب. ومع ذلك قد لا تتعين الحصص عند اكتساب الملكية الشائعة كأن يشتري عدة أشخاص مالاً على الشيوع دون أن يتفقوا صراحة على حصة كل واحد منهم، فعند ذلك تكون الحصص متساوية ما لم يقم دليل على خلاف ذلك، وقد يكون الدليل الذي يستنبط منه عدم تساوي الحصص هو حصة كل واحد من الشركاء في الثمن، فلو دفع أحد الشركاء ربع الثمن والآخر ثلاثة أرباعه كان هذا قرينة يمكن أن يستنبط منها أن حصة الأول الربع والثاني ثلاثة أرباع إلا إذا كانت هناك قرائن أخرى يمكن أن تضعف هذه القرينة كما لو كان لمن دفع ربع الثمن خبرة يرغب فيها الآخر، وبالجملة فإذا حصل شك في تعيين الحصص كانت الحصص متساوية.

تقرر الفقرة الأولى أن للشريك في المال الشائع حق التصرف في حصته كبيعها أو هبتها، وكذلك له الحق في الاستعمال كالتنزه في مزرعة مشتركة بين عدد من الشركاء، كما له استغلال حصته غير المفرزة دون إذن من باقي الشركاء بشرط ألا يلحق ضررًا بحقوقهم. ولا يشترط لصحة التصرف أو الاستغلال أو الاستعمال، ونفاذه في حق باقي الشركاء إذنهم؛ لأن حق الشريك في حصته حق عيني يملك عليه سلطة الاستعمال والاستغلال والتصرف مباشرة دون وساطة من أحد، فيصح ويثبت للشركاء حق الشفعة بشروطها، لكن هذا الجواز للشريك في حصته في الملكية الشائعة مقيد بألا يلحق ضرراً ببقية الشركاء، وعلى هذا؛ فليس للشريك أن يبيع حصة مفرزة من المال الشائع دون إذن باقي الشركاء، ولا ينفذ البيع في حقهم؛ لأن في هذا إضراراً بحقوقهم؛ إذ قد يكون الجزء المفرز الذي باعه هو أفضل أجزاء المال الشائع. وعلى هذا فتصرف الشريك في المال الشائع له صورتان: الصورة الأولى تصرفه بالحصة الشائعة التي يملكها، كما لو كان يملك ثلث العقار فباع ثلثه على الشيوع دون تحديد جزء مفرز من العقار، فهذا التصرف يجوز للشريك إبرامه ولو لم يأذن باقي الشركاء ويكون لهم حق الشفعة، وإذا تصرف الشريك في حصته بالبيع أو الهبة حل المتصرف إليه سواء كان مشتريًا أو موهوبًا له محل الشريك المتصرف في ملكية الحصة الشائعة، ويصبح هو الشريك في المال الشائع بدلاً من الشريك المتصرف، وقد يكون التصرف للشريك نفسه فيترتب على التصرف انفراده بملكية المال الشائع، فلو كان المال شائعاً بين اثنين فباع أحدهما حصته إلى الآخر أو وهبها، استقل المشتري أو الموهوب له بالمال كله، وتكون ملكيته لها ملكية منفردة. والصورة الثانية: تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع، وهذا التصرف لا يكون نافذاً في حق باقي الشركاء إلا بإجازتهم، لأنه اعتداء على حقوقهم. وبينت الفقرة الثانية حكم تصرف الشريك في جزء مفرز من المال الشائع ولكن هذا الجزء لم يكن من نصيبه عند قسمة المال الشائع فإن المتصرف إليه سيحصل على الجزء الذي آل إلى المتصرف الشريك) عند القسمة. مثال ذلك: لو اشترك شخصان في أرض ملكاً شائعاً لكل واحد منهما النصف، فباع أحدهما نصف الأرض من الجهة الجنوبية، فبيعه وقع على حصة مفرزة من الأرض وليست شائعة، فإذا قسمت الأرض بين الشريكين وآل إلى المتصرف نصف الأرض الشمالي، فحق المشتري ينتقل إليه، لكن مع ذلك يحق للمشتري طلب الإبطال متى كان يجهل أن الشريك لم يكن يملك الجزء الذي تصرف فيه مفرزاً عند العقد؛ لأنه يكون قد وقع في غلط جوهري في صفة محل العقد، وهذا يتفق مع القواعد العامة وفق ما نصت عليه المادة (٥٧). وإذا كان المشتري يعلم أن الشريك لم يكن يملك الجزء المتصرف فيه مفرزاً؛ فإنه لا يحق له طلب الإبطال ويملك ما آل إلى الشريك عند القسمة، وهذا الحكم يعد استثناء من القاعدة العامة التي قررها النظام في بيع ملك الغير، والتي تجعل للمشتري الحق في طلب الإبطال مطلقاً ولو كان يعلم أن البائع يبيع ملك غيره، فالشريك إذا باع حصة مفرزة من المال الشائع يكون قد باع ملكه وملك غيره؛ لأن كل جزء من المال تعلق به حق الشركاء، فالأصل أن يكون العقد قابلاً للإبطال لبيع ملك الغير مطلقاً ولو كان المشتري يعلم، لكن عدل النظام عن هذا الحكم وقرر أن الحق في الإبطال لا يثبت للمشتري إلا إذا وجد عيب في الإرادة ولم يعلم أن البائع لم يكن يملك الجزء المفرز الذي باعه ملكاً منفرداً. ووجه ذلك أن البائع له في الجزء المفرز شائبة ملك فلا يكون المبيع كله من بيع ما لا يملك، ومقتضى هذا أن الحكم بقابلية العقد للإبطال ينبغي أن ينصب على غير ما ملكه، لكن لما كان هذا لا يمكن تمييزه لأن الملك فيه شائع غلبت صحة العقد ولم يكن للمشتري طلب إبطال التصرف.

نصت المادة على أن إدارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين، لا ينفرد به أحد منهم؛ لأن كل شريك له حق في المال الشائع تعلق بكل جزء من أجزائه؛ فلا يصح أن يستقل أحدهم بإدارته، فإذا استقل أحدهم بالإدارة كان في هذا اعتداء على حقوق باقي الشركاء. وأعمال الإدارة المقصودة في المادة هي الأعمال التي تهدف إلى الانتفاع بالمال الشائع والحصول على ثماره، كإيجار الدار المملوكة على الشيوع واقتسام أجرتها أو تنظيم سكناها لجميع الشركاء عن طريق المهايأة فيكون لكل شريك وقت معلوم ينتفع فيه بسكنى الدار ونحو ذلك، فمثل هذه الأعمال هي من حق الشركاء جميعاً؛ ولهذا لا بد من إجماعهم على طريقة إدارة المال، وهذا الحكم هو الأصل لكن ترد عليه استثناءات؛ منها ما يكون بنص النظام ومنها ما يكون بالاتفاق، أما ما كان بنص النظام فمثاله الحالة التي يتعذر فيها إجماع الشركاء على إدارة المال الشائع، وهذه الحالة بينت حكمها المادة التالية، وأما ما كان بالاتفاق فمثاله اتفاق الشركاء على توكيل أحدهم على أن ينفرد بإدارة المال الشائع. وإذا قام أحد الشركاء بمفرده بإدارة المال الشائع، ولم يعترض عليه أحد اعتبر فيما قام به من أعمال الإدارة المعتادة وكيلاً عن باقي الشركاء؛ لأن سكوتهم عن الاعتراض بمثابة وكالة ضمنية له في الحدود التي تقتضيها هذه الوكالة وهي الإدارة المعتادة للمال؛ ولأن أعمال الإدارة عند الإطلاق تنصرف إلى الإدارة المعتادة دون ما عداها؛ وعلى هذا فيكون هذا الشريك أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن باقي الشركاء في إدارته للمال الشائع، وتنفذ أعمال الإدارة المعتادة التي تصدر منه في حق الشركاء.

بعد أن بينت المادة (٦۲۱) أن الأصل في إدارة المال الشائع أن يكون من حق الشركاء مجتمعين؛ وأن تولي أحدهم الإدارة المعتادة دون اعتراض من الباقين يعد وكالة ضمنية له؛ جاءت هذه المادة لتبين الحكم فيما إذا اختلف الشركاء في إدارة المال الشائع. ولا تخلو إدارة المال الشائع إدارة معتادة من ثلاث حالات الحالة الأولى أن يتولى أحد الشركاء الإدارة ولا يعترض عليه الباقون، فيعد وكيلاً عنهم، وفق ما تم بيانه في شرح المادة (٦٢١). والحالة الثانية أن يتولى أغلبية الشركاء إدارة المال؛ إما لعدم تولي أي منهم الإدارة بنفسه، أو لتولي أحدهم الإدارة واعترض عليه الباقون أو بعضهم؛ فالإدارة المعتادة تكون لأغلبية الشركاء؛ فما يستقر عليه رأي الأغلبية في الإدارة المعتادة يكون ملزماً لجميع الشركاء. وتكون الأغلبية بناء على قيمة حصص الشركاء، فإذا اتفقت مجموعة من الشركاء تزيد قيمة حصصهم على النصف وكان العمل من أعمال الإدارة المعتادة وجب الالتزام بما اتفقوا عليه حتى ولو كانت أغلبية الحصص بيد واحد، فلو كان المال مشتركاً بين ثلاثة؛ أحدهم يملك أكثر من النصف والآخران لهما باقي الحصص؛ كان الرأي في إدارة المال الشائع إدارة معتادة بيد الشريك الذي يملك أكثر من النصف. والمراد بأعمال الإدارة المعتادة كل الأعمال والتصرفات اللازمة لاستغلال الشيء فيما أعد له بطبيعته والحصول على ثماره، دون أن تؤدي إلى إحداث تغييرات أساسية فيه ولا التعديل في الغرض الذي أعد له، وما عداها يعد من أعمال الإدارة غير المعتادة المبينة أحكامها في المادة (٦٢٣). فأعمال الإدارة في الأرض الزراعية تشمل زراعة الأرض واستئجار من يقوم بها وشراء ما يلزم لها، وفي العقارات تشمل تأجيرها لمدة معتادة بأجرة المثل، وقبض الأجرة والمخاصمة القضائية للمطالبة بها. ولا تدخل في أعمال الإدارة المعتادة الأعمال التي تعد نافعة للشيء أو لزيادة قيمته أو زيادة نفعه، ولا يدخل فيها كذلك الأعمال الكمالية التي يراد منها تحسين الشيء وتزيينه. ويجوز لهذه الأغلبية أن تعين مديراً لإدارة المال الشائع، يكون وكيلاً في أعمال الإدارة، من الشركاء أنفسهم أو من غيرهم، وقد ترى الأغلبية عدم إطلاق يد هذا الوكيل بل تضع نظاماً يضمن حسن الانتفاع بالمال الشائع وإدارته فيكون هذا النظام ملزماً لجميع الشركاء، وملزماً للوكيل الذي اختارته الأغلبية، وقد يتضمن هذا النظام قيوداً على سلطة الوكيل، كما لو قيد بأن لا يؤجر المال الشائع لأكثر من سنة، أو يُلزم بإيداع الأجرة في مصرف معين، فإذا اتفقت أغلبية على التعديل أمكن تعديله ولو اختلف أشخاص من وضعه. وإذا استقر رأي الأغلبية على أمر كان ملزماً لباقي الشركاء من رضي منهم ومن لم يرض، وليس لأي من الشركاء أن يعترض إلا إذا كانت الأغلبية قد تعسفت في استعمال حقها في الإدارة، وراعت مصالحها وأهدرت مصالح الأقلية، على أنه يمكن لأي شريك أن يلجأ إلى طلب القسمة إذا لم يجد فيما رأته الأغلبية مصلحة له. والحالة الثالثة: أن يتعذر وجود أغلبية من الشركاء؛ كما لو اختلفوا وتعددت آراؤهم دون أن تخلص منهم أغلبية وفقاً لما هو مبين في الحالة الثانية؛ فيجوز لأي من الشركاء أن يطلب من المحكمة أن تعين مديراً منهم أو من غيرهم يقوم بأعمال الإدارة المعتادة؛ وذلك إلى أن يتفق الشركاء أو أغلبهم على إدارة المال، وعند ذلك يتنحى المدير الذي عينته المحكمة، أو إلى أن تتم قسمة المال بناء على طلب أحدهم، وللمحكمة كذلك الأمر باتخاذ ما يلزم من التدابير المستعجلة مما تقتضيه الضرورة.

بعد أن بينت المادتان (٦۲۱ ، (٦۲۲) الأحكام المتعلقة بإدارة المال الشائع إدارة معتادة؛ جاءت هذه المادة لتبين الأحكام المتعلقة بإدارة المال الشائع إدارة غير معتادة؛ فبينت الفقرة الأولى أنه لا يكفي في الإدارة غير المعتادة مجرد أغلبية الشركاء بل لا بد من موافقة شركاء تبلغ حصصهم ما لا يقل عن ثلاثة أرباع المال الشائع. وأعمال الإدارة غير المعتادة هي كل عمل يترتب عليه تعديلات في الغرض الذي أعد له المال الشائع بقصد تحسين الانتفاع به، فتعد إدارة غير معتادة تحويل الأرض من زراعية إلى سكنية إذا كانت تصلح لذلك بالنظر إلى موقعها، أو تحويل الأرض المخصصة لمشاريع التطوير السكني إلى أرض لمشاريع تجارية، ويعد إدارة غير معتادة تحويل المتجر من نشاط تجاري إلى نشاط تجاري آخر، مثل تحويل متجر لبيع الفواكه إلى متجر لبيع المواد الغذائية أو تحويل المطعم إلى مقهى، وتعد إدارة غير معتادة تحويل منزل سكني إلى فندق أو إلى شقق مفروشة مخصصة للتأجير ونحو ذلك. ويتبين مما سبق أن أعمال الإدارة غير المعتادة تختلف عن أعمال الإدارة المعتادة من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: لا بد في أعمال الإدارة غير المعتادة من موافقة شركاء لا تقل حصصهم على ثلاثة أرباع المال، ولا تكفي الأغلبية المطلقة التي تكفي في أعمال الإدارة المعتادة وذلك بسبب خطورة الأعمال غير المعتادة وكثرة التنازع فيها، وتتحقق هذه النسبة...

الوجه الثاني: أن أعمال الإدارة غير المعتادة تحدث تعديلات في الغرض الذي أعد له المال الشائع، بينما الإدارة المعتادة لا تحدث أي تعديلات فيه.

الوجه الثالث: أن أعمال الإدارة غير المعتادة قد تؤدي إلى إلحاق أضرار بالشركاء الآخرين، بينما الإدارة المعتادة لا تؤدي إلى ذلك.

وبينت الفقرة الثانية أن الشركاء الذين لم يوافقوا على أعمال الإدارة غير المعتادة يمكنهم الرجوع على الشركاء الذين وافقوا عليها، بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم بسبب تلك الأعمال.

ويشترط لرجوع الشركاء الذين لم يوافقوا على أعمال الإدارة غير المعتادة على الشركاء الذين وافقوا عليها، أربعة شروط:

الشرط الأول: أن تكون الأعمال التي قام بها الشركاء هي أعمال إدارة غير معتادة.

والشرط الثاني: أن تكون هذه الأعمال قد تمت دون موافقة الشركاء الذين لم يوافقوا عليها.

والشرط الثالث: أن تكون هذه الأعمال قد ألحقت أضرارًا بالشركاء الذين لم يوافقوا عليها.

والشرط الرابع: ألا يكون هناك اتفاق على خلاف ذلك.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بنفقات إدارة المال الشائع وحفظه، فبينت أن جميع النفقات التي تُنفق على المال الشائع يتحملها جميع الشركاء كل بنسبة حصته، سواء كانت هذه النفقات لأجل إدارة المال الشائع، أو حفظه، أو غير ذلك، وهذا الحكم ليس من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافه.

تتناول المواد (٦٢٦ - ٦٣٣) قواعد قسمة المال الشائع وأحكامها وآثارها، والمراد بالقسمة ذلك التصرف الذي يرد على الملكية الشائعة فينتهي به الشيوع ويترتب عليه اختصاص كل شريك بجزء من ملكية عين المال الشائع أو من ثمنه، ويطلق عليها القسمة النهائية تمييزاً لها عن نوع آخر من القسمة هو قسمة المهايأة التي تكون مؤقتة ولا ينتهي بها الشيوع إنما تقتضي قسمة المنافع بين الشركاء لتنظيم الانتفاع بالمال الشائع والتي سيأتي بيان أحكامها عند شرح المادة (٦٣٤) وما بعدها.

والقسمة باعتبار طريقة إجرائها نوعان:

النوع الأول: القسمة العينية، وهي تجزئة المال الشائع إلى أجزاء معينة بالذات وإفرازها ليستقل كل شريك بجزء مفرز من المال الشائع، وهي التي تنصرف لها القسمة عند الإطلاق.

والنوع الثاني قسمة التصفية، وهي قسمة لا تجري إلا إذا استحالت القسمة العينية أو تعذرت، فيباع المال الشائع ويقسم الثمن على الشركاء.

وتتنوع القسمة باعتبار اتفاق الشركاء عليها إلى قسمة اتفاقية وقسمة قضائية؛ على النحو الآتي:

فالقسمة الاتفاقية هي القسمة التي يتفق فيها الشركاء على طريقة اقتسام المال الشائع.

والقسمة القضائية هي القسمة التي يتولى القضاء إجراءها؛ لتعذر اتفاق الشركاء على طريقة اقتسام المال الشائع.

وبينت المادة أنه إذا اتفق الشركاء على قسمة المال القابل للقسمة صحت القسمة حتى لو كان ذلك ينقص من منفعة المال أو من قيمته، كما لو كانت أرضاً اتخذت استراحة وفيها أكثر من قسم، أو كانت داراً يمكن قسمتها لوحدات سكنية لكن ينقص ذلك من قيمتها.

أما إذا لم يحصل الاتفاق وطلب أحد الشركاء القسمة فتكون القسمة قضائية وتطبق أحكام المادة (٦٢٧) ، لأن قسمة المال الشائع الاتفاقية لا تكون إلا بموافقة جميع الشركاء ولا يكفي اتفاق أغلبيتهم.

تتناول المادة القسمة القضائية في حال تعذر القسمة الاتفاقية بين الشركاء؛ فقررت أن الأصل عدم إجبار الشركاء على البقاء في الشيوع، فهو مظنة كثرة التنازع بين الشركاء، ولهذا يحق لكل شريك يرغب في الخروج من الشيوع أن يطلب القسمة القضائية، ومع ذلك استثنت المادة من هذا الأصل حالات ثلاث يجبر فيها الشريك على البقاء على الشيوع، وهذه الحالات هي:

الحالة الأولى أن يوجد اتفاق بين الشركاء على البقاء على الشيوع مدة معلومة، فلا يجوز طلب القسمة قبل انقضاء هذه المدة، ويسري هذا الاتفاق في حق خلف الشريك سواء كان الخلف عاماً أو خاصاً، حتى لو كان الخلف لا يعلم بالاتفاق، لأن الحكم بعدم سريانه عليه إضرار بالآخرين.

والحالة الثانية أن يوجد نص نظامي يلزم بالبقاء على الشيوع.

والحالة الثالثة: أن يتبين من الغرض الذي خصص له المال أنه يجب أن يبقى دائما على الشيوع؛ كالأجزاء المشتركة في ملكية الوحدات العقارية.

تشير المادة إلى حق كل شريك في الخروج من المال الشائع عن طريق قسمته، وبينت الفقرة الأولى أنه إذا طلب أحد الشركاء قسمة المال الشائع وامتنع الباقون سواء جميعاً أو أي واحدٍ منهم؛ فلا يخلو الأمر...

تشير المادة إلى حق دائن أي شريك في المال الشائع في الاعتراض على إجراء قسمة المال الشائع دون إدخاله؛ سواء كانت القسمة اتفاقية أو قضائية، وسواء كانت قسمة عينية أو قسمة تصفية، وسواء كان دائن الشريك دائناً شخصياً أو دائناً ذا حق مقيد.

فبينت الفقرة الأولى أنه يجوز للدائن أن يعترض على أن تتم قسمة المال الشائع عيناً أو قسمته بالتصفية ببيعه في المزاد بغير إدخاله؛ وذلك حماية لحقوقه لئلا تقل ضماناته؛ إذ يعنيه أن تتم القسمة دون إضرار بمصالحه.

ويكون اعتراض الدائن في القسمة القضائية بالتدخل أمام المحكمة؛ وفقاً لما هو مقرر في نظام المرافعات الشرعية.

ويكون الاعتراض في القسمة الاتفاقية بإبلاغ جميع الشركاء لا بعضهم بمعارضته في أن تتم القسمة دون تدخله، ولم يشترط النظام شكلاً معيناً لهذا الاعتراض ولا ميعاداً معيناً له؛ فيصح أن يكون كتابة أو شفاهة، وعلى الدائن عبء إثبات ذلك، ويصح بمجرد علم الدائن بأن المدينه حصة في مال شائع ولو لم يشرع الشركاء في القسمة، ويبقى حق الدائن في الاعتراض إلى أن تتم القسمة. ويتعين على الشركاء متى وصلت إليهم المعارضة أن يدخلوا الدائن في جميع إجراءات القسمة إذا هم عزموا على اقتسام المال بينهم؛

وإذا لم يدخل الشركاء الدائن في إجراءات القسمة الاتفاقية رغم تبلغهم باعتراضه على القسمة دون تدخله؛ فإن القسمة لا تكون نافذة في حقة دون حاجة إلى إثبات غش الشريك المدين أو تواطئه مع باقي الشركاء، وأما إذا تم إدخال الدائن في إجراءات القسمة، أو علم بها ولم يتدخل، أو لم يبلغ الدائن الشركاء أصلاً بمعارضته إجراء القسمة دون تدخله؛ فقد بينت الفقرة الثانية أن القسمة تكون نافذة في حقه وليس له الطعن بها إلا إذا وقع فيها غش؛ لأن الغش يجعل التصرف قابلاً للإبطال لمصلحة من وقع عليه الغش، ومحل هذا القيد - كما لا يخفى في القسمة الاتفاقية؛ لأن القسمة القضائية لا يتصور فيها الغش. وعلم الدائن بالقسمة يتحقق متى ما تم إبلاغه بها سواء من قبل المدين أو من قبل أي من الشركاء ؛ كأن يتم توجيه الدعوة له للدخول في إجراءات القسمة.

وبين آخر الفقرة الأولى أن الدائنين الذين لهم حقوق مقيدة، كالدائن المرتهن للمال الشائع، والدائن الذي له حق امتياز، إذا كانت حقوقهم مقيدة قبل رفع دعوى القسمة القضائية أو قبل إبرام القسمة الاتفاقية؛ فهؤلاء يتعين إدخالهم في إجراءات القسمة، دون أن يتوقف ذلك على أن يوجه هؤلاء معارضة إلى الشركاء وإلا كانت القسمة غير نافذة في حقهم دون حاجة لإثبات وجود غش في القسمة؛ شأنهم في ذلك كالدائن الشخصي إذا وجه معارضته للشركاء ولم يدخلوه في إجراءات القسمة.

من المتقرر شرعاً أنه لا يصح أن تُقسم التركة قبل سداد الديون المتعلقة بها، ولكن قد يتم - لظروف...

بينت المادة أنه يجوز نقض قسمة التراضي وهي القسمة الاتفاقية إذا أثبت المتقاسم أنه قد لحقه منها غبن وضابط الغبن وفق ما قررته الفقرة الأولى من المادة (٦٩): زيادة العوض أو نقصه قدراً خارجاً عن المعتاد، ويُرجع في تحديده إلى العرف. وما قررته هذه المادة من أن للمتقاسم الحق في طلب نقض القسمة لمجرد الغبن ولو لم يصاحبه عيب من عيوب الرضى يعد استثناءً من الأصل العام في أثر الغبن في التصرفات الذي قررته الفقرة الثانية من تلك المادة وهو أنه ليس للمتعاقد طلب إبطال العقد لمجرد الغبن إلا في مال عديم الأهلية وناقصها وما تقضي به النصوص النظامية؛ ومن تلك النصوص النظامية ما قررته هذه المادة؛ فيجوز طلب نقض القسمة لمجرد الغبن ولو في مال كامل الأهلية، والعلة في ذلك ظاهرة، وهي أن القسمة تقوم على أساس المساواة بين المتقاسمين لا المغالبة، والتصرف فيها كاشف للملك؛ فيجب أن يحصل المتقاسم على...

قررت المادة أن كل متقاسم يضمن للمتقاسم الآخر استحقاق المال المفرز الذي وقع في نصيبه نتيجة القسمة، واشترطت المادة لضمان الاستحقاق أربعة شروط: الشرط الأول: وقوع الاستحقاق في النصيب المفرز للمتقاسم، سواء وقع الاستحقاق في كل نصيبه أو في بعضه. وأما التعرض المادي الصادر من الغير فلا يضمنه المتقاسم؛ بل يضمن التعرض المبني على سبب نظامي؛ كأن يدعي شخص استحقاقه للعين التي وقعت من نصيب أحد المتقاسمين أو يدعي عليها حقاً عينياً كحق انتفاع أو حقاً شخصياً يوجب الضمان، ويجب أن يقع التعرض فعلاً بذلك. والشرط الثاني: أن يكون سبب الاستحقاق سابقاً للقسمة؛ وذلك بأن يكون الحق الذي يدعيه الغير موجوداً قبلها، وأما إذا كان تالياً لها فلا ضمان، كأن تنزع العين التي وقعت من نصيب المتقاسم للمنفعة العامة بعد تمام القسمة. والشرط الثالث: ألا يكون الاستحقاق راجعاً إلى خطأ المتقاسم نفسه، ومن أمثلة ذلك قياساً على ضمان الاستحقاق في عقد البيع أن ترفع على المتقاسم دعوى استحقاق ولا يخطر بها بقية المتقاسمين ويتولى الدفاع وحده ويهمل التمسك بدفع كان يؤدي إلى رفضها، أو يقر للغير بالحق ويثبت المتقاسمون الآخرون أن الغير لم يكن على حق في دعواه. والشرط الرابع عدم وجود اتفاق بين المتقاسمين على الإعفاء من ضمان الاستحقاق أي أن ضمان الاستحقاق في القسمة كالبيع ليس من النظام العام؛ فيجوز التعديل فيه بالزيادة أو النقص أو الإعفاء منه إذا لم يكن ناشئاً من فعل المتقاسم نفسه أو كان قد تعمد إخفاءه؛ إلا أن النظام تحقيقاً للمساواة بين المتقاسمين شدد في شرط الإعفاء من ضمان الاستحقاق في القسمة مقارنة بالبيع؛ فاشترطت المادة لصحة الاتفاق على الإعفاء من ضمان الاستحقاق في القسمة شرطين أ- أن يكون هذا الاتفاق صريحاً وليس ضمنياً. ب أن يحدد في الاتفاق سبب الاستحقاق بالذات الذي يراد الإعفاء من ضمانه، فلا يكفي أن يذكر عبارة عامة لا يذكر فيها سبب الاستحقاق الذي يريد إعفاءه منه. وبينت المادة الأثر المترتب على ضمان الاستحقاق متى تحققت شروطه السابقة، وهو أن المتقاسم الذي استحق نصيبه له أن يرجع بالضمان على بقية المتقاسمين كل بنسبة حصته في المال المقسوم، وذلك على التفصيل المبين في رجوع المشتري على البائع بضمان الاستحقاق في عقد البيع، سواء كان الاستحقاق كلياً أو جزئياً؛ إذ القسمة تتفق مع البيع في أن كلاً منهما عقد معاوضة، كما بينت المادة أن المعتبر في رجوع المتقاسم الذي استحق نصيبه على المتقاسمين الآخرين هو قيمة الشيء وقت القسمة وليس قيمته وقت الاستحقاق، وعلى هذا فإنه يرجع على بقية المتقاسمين بقيمة الشيء المستحق وقت القسمة وبالتعويضات الأخرى وفق ما هو مفصل في عقد البيع. وإذا كان أحد المتقاسمين معسرًا قسم نصيبه على الباقين بما فيهم المتقاسم الذي استحق نصيبه كله أو بعضه.

بينت المادة الأثر الكاشف للقسمة، وهو أن المتقاسم يعد مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع وليس منذ أن تمت القسمة؛ ويترتب على ذلك عدة آثار، منها:

1 - سقوط التصرفات الصادرة من الشركاء غير الشريك الذي وقع في نصيبه جزء مفرز؛ فيخلص له نصيبه المفرز خالياً من تصرفات شركائه الصادرة في أثناء الشيوع ومحملاً بتصرفاته هو وحده، وفق ما سبق في المادة (٦٢٠).

جواز تصرف الشريك في حصته الشائعة دون إذن باقي الشركاء إذا لم يلحق بهم ضرراً، وفق ما هو مبين في المادة (٦٢٠).

  • الأثر الكاشف للقسمة يقتضي أن تقوم على أساس المساواة بين المتقاسمين؛ ومن ثم يجوز نقض القسمة الاتفاقية للغبن المجرد ولو من دون تغرير، وفق ما سبق بيانه في شرح المادة (٦٣١).

٤ - الأثر الكاشف للقسمة يقتضي أن تقوم على أساس المساواة بين المتقاسمين؛ ومن ثم روعي ذلك في ضمان الاستحقاق؛ فمع أنه تسري على ضمان الاستحقاق في القسمة أحكام الضمان في البيع؛ لأن كلاً منهما عقد معاوضة؛ إلا أن ضمان الاستحقاق في القسمة له أحكام خاصة به نظراً لأثرها الكاشف؛ ومن ذلك عدم صحة الاتفاق على التنازل عن الضمان إلا إذا كان صريحاً ومحدداً سببه، وأن العبرة في الضمان بقيمة الشيء وقت الاستحقاق، وفق ما هو مبين في المادة (٦٣٢).

تتناول المادة تعريف المهايأة، فبينت أنها قسمة مؤقتة لمنفعة المال الشائع بين الشركاء بحسب حصصهم في المال الشائع سواء كانت قسمة زمانية أو مكانية، فهي لا تهدف إلى إنهاء حالة الشيوع، وإنما إلى تنظيم علاقة الشركاء فيما بينهم عن طريق قسمة منفعة المال الشائع لغرض استعماله واستغلاله على الشيوع.

ومن خلال التعريف يتبين أن المهايأة نوعان:

  1. المهايأة الزمانية: وهي أن يتناوب الشركاء الانتفاع بالمال الشائع مدة من الزمن تتناسب مع حصة كل واحد منهم في المال الشائع.
  2. المهايأة المكانية: وهي أن ينتفع كل شريك بجزء معين من المال الشائع يعادل حصته، فينتفعون في وقت واحد، كل في جزء معين من ذلك المال.

والأصل أن تكون المهايأة سواء الزمانية أو المكانية بقدر حصة كل شريك في المال الشائع، ومع ذلك فإنه يجوز الاتفاق على خلاف ذلك؛ إذ لا يتعلق هذا بالنظام العام، وقد دل صراحة نص المادة على أن هذا الحكم ليس من النظام العام، وإنما هو حكم مكمل لا آمر.

تبين هذه المادة ما يجب على الشركاء تحديده إذا اتفقوا على المهايأة الزمانية والمكانية، وما الحكم إذا لم يحددوا ذلك.

فبالنسبة للمهايأة الزمانية يجب تحديد وقت بدء انتفاع كل شريك والمدة التي ينتفع بها، وإذا اتفق الشركاء على المهايأة ولم يحددوا وقت بدء انتفاع كل شريك أو المدة التي ينتفع بها؛ فإن هذا الإغفال لا يبطل الاتفاق، وإنما تقوم المحكمة بتحديد ذلك بناء على طلب أحد الشركاء، بما تراه مناسباً، مع مراعاة طبيعة النزاع والمال الشائع، ولها أن تجري القرعة لتحديد موعد بدء انتفاع كل شريك. فمثلاً لو اتفق ثلاثة شركاء على مهايأة زمانية لمدة سنتين ولم يحددوا مدة انتفاع كل منهم أو موعد البدء، ثم اختلفوا (كأن أراد بعضهم كل ثلاثة أشهر، وبعضهم كل ستة، واختلفوا من يبدأ أولاً)، فإن هذا الاختلاف لا يبطل اتفاق المهايأة، ولأي شريك أن يطلب من المحكمة حسم هذا النزاع بتحديد مدة انتفاع كل منهم وموعد بدئه، مع مراعاة المحكمة لطبيعة النزاع والمال الشائع، ولها أن تجري القرعة لتحديد ترتيب البدء.

وبالنسبة للمهايأة المكانية يجب تحديد مكان انتفاع كل شريك، وإذا لم يتفق الشركاء على ذلك فلا يترتب عليه بطلان هذا الاتفاق، بل تعين المحكمة ذلك بناء على طلب أحد الشركاء، ولها إجراء القرعة لتعيين محل الانتفاع. فمثلاً إذا اتفق شريكان في أرض على الشيوع على مهايأة لا مكانية بين جزئيها الشمالي والجنوبي دون تحديد مكان انتفاع كل منهما، ثم اختلفا في من يأخذ أي جزء، فإن هذا الاختلاف لا يبطل القسمة، وستقوم المحكمة بتحديد مكان انتفاع كل منهما ولها أن تجري القرعة لذلك.

ويشار إلى أن المحكمة تستطيع تحديد موعد البدء في المهايأة الزمانية ومحل الانتفاع في المهايأة المكانية دون إجراء قرعة إذا وجدت أن طلب الشريك لها يتضمن تعسفاً في استعمال الحق، كأن يكون الجزء الجنوبي من الأرض محاذياً لمنزل أحد الشركاء والجزء الشمالي لمنزل شريك آخر، وليس للشريك مصلحة في طلب غيره، فوفقاً للقواعد العامة لا يجوز التعسف في استعمال الحق، ومن صور التعسف أن تكون المنفعة من استعمال الحق لا تتناسب مطلقاً مع ما يسببه للغير من ضرر أو أن يستعمله في غير ما شرع له أو غاية غير مشروعة، كما نصت عليه المادة (٢٩).

القسمة من العقود الرضائية التي الأصل فيها ألا يشترط لانعقادها شكل خاص؛ فلذلك قررت المادة أن القسمة عقد رضائي يمكن أن يقع بالاتفاق بين المتقاسمين على المال الشائع سواء وقع الاتفاق كتابة أو مشافهة. واشترطت المادة لجواز القسمة بالاتفاق الشرطين الآتيين: الشرط الأول: أن يكون المتقاسمون كامل الأهلية؛ بأن يكونوا رشداء غير محجور عليهم. وبناء على ذلك لا تصح القسمة الرضائية إذا كان أحد المتقاسمين ناقص الأهلية؛ كالصغير غير المميز، أو فاقدها كالمجنون والمعتوه، أو كان ناقصها كالصغير المميز والمحجور عليه للسفه أو للغفلة، فلا تصح القسمة هنا إلا عن طريق القضاء.

بينت المادة أنواع القسمة القضائية التي تقررها المحكمة على النحو الآتي: أ- قسمة لا يمكن فيها قسمة المال الشائع قسمة عينية من غير إلحاق ضرر بالمال، وهي التي لا يمكن فيها قسمة كل جزء من أجزاء المال الشائع على حدة من غير نقص كبير في قيمته؛ كالمباني الصغيرة أو الأرض التي تزرع نوعاً واحداً من الزروع أو نحو ذلك. وفي هذه الحالة يجب بيع هذا المال في المزاد العلني، وتقسم قيمته على الشركاء كل بنسبة حصته في الملك. ب- قسمة يمكن فيها قسمة المال الشائع قسمة عينية؛ بأن يقسم العقار أجزاء على حسب حصة كل شريك، بحيث يكون كل جزء مستقلاً بذاته أو بفرز أعيانه؛ وفي هذه الحال تتولى المحكمة قسمة هذا المال على الشركاء في القسمة على حصص متساوية ما أمكن ذلك. ويتم ذلك بتكوين حصص على أساس أصغر نصيب في المال المشترك. ويتولى الخبير تكوين هذه الحصص، ثم يتم توزيعها على الشركاء في القسمة عن طريق القرعة.

قررت المادة بأنه يجوز للمحكمة المختصة أن تقرر إجراء القسمة الجزئية للمال الشائع بأن تقسم جزءاً من المال الشائع دون الأجزاء الأخرى؛ وذلك إذا طلب ذلك أحد الشركاء، ولم يلحق ضرر ببقية المتقاسمين.

بينت المادة كيفية القسمة إذا كان بين الشركاء غائب، أو كان أحدهم ليس له ولي، أو كان ناقص الأهلية؛ فيكون قسمة هذا المال عن طريق المحكمة.

1- بينت المادة أنه لا يجوز أن يتعرض للمال الشائع أي نزاع بخصوص الملكية أثناء القيام بإجراءات القسمة؛ لأن هذا النزاع يعيق إجراءات القسمة؛ فإذا ثبت وجود هذا النزاع فيجب على المحكمة تأجيل إجراءات القسمة حتى يتم الفصل في النزاع بصفة نهائية. 2- وكذلك إذا كان هناك دعوى تتعلق بالدين على أحد الشركاء تمنع من إجراء القسمة فلا بد من تأجيل القسمة حتى يتم الفصل في دعوى الدين.

بينت المادة أنه إذا لم تمكن قسمة العقار المشترك قسمة عينية، وطلب أحد الشركاء بيعه وجب على المحكمة أن تأمر ببيعه قضاء، إلا إذا كان هناك ضرر من بيعه في الوقت الحاضر على الشركاء؛ فتؤجل المحكمة بيعه حتى يزول الضرر.

قررت المادة أن دعوى القسمة التي يرفعها أحد الشركاء تقام على باقي الشركاء في المال الشائع.

إذا ثبت أثناء دعوى القسمة وجود دين مشترك بين جميع الشركاء ولم يتم دفعه؛ فلا بد من خصمه من المال الشائع قبل إجراء القسمة، إلا إذا اتفق الشركاء على خلاف ذلك.

بينت المادة أنه إذا اقتضت القسمة تعديل بعض الحقوق بين المتقاسمين؛ كزيادة حق أو نقص حق، أو إنشاء حق ارتفاق على جزء من المال المقسوم أو إلغائه؛ فإنه يجوز للمحكمة إذا اقتضى الأمر ذلك أن تقرر هذا التعديل، أو الإنشاء، أو الإلغاء، أو الإنقاص، أو الزيادة حسب ما تقتضيه المصلحة.

بينت المادة أن القسمة تعتبر كاشفة لا منشئة، وهو ما أخذ به النظام السعودي؛ فالقسمة حين تقع وتفرز الأنصبة تعتبر كاشفة عن ملكية الشريك من وقت نشوء الشراكة لا منشئة للملكية من وقت القسمة.

قررت المادة أن المتقاسمين يتقاضون بعد القسمة ما تقاضاه البائع من الضمانات؛ فلذلك يضمن كل متقاسم للآخر ما قد يقع من تعرض أو استحقاق لسبب سابق على القسمة بما نسبته لحصته.

بينت المادة أن القسمة لا يجوز إلغاؤها إلا باتفاق جميع المتقاسمين أو بقرار من المحكمة.

بينت المادة أن القسمة سواء كانت قضائية أو رضائية هي عقد ملزم للمتقاسمين فيما بينهم، فلا يجوز لأي متقاسم أن يمتنع عن تنفيذ التزامه بالقسمة أو الاعتراض على القسمة إلا بمسوغ شرعي.

قررت المادة أن دعوى القسمة لا تسمع ممن سبق أن صدر عليه قرار أو حكم نهائي بعدم قبول دعواه أو برفضها؛ فلا يجوز له أن يكررها مرة أخرى.

بينت المادة أن دعوى القسمة لا تسقط بالتقادم؛ فلذلك يجوز للشركاء رفعها في أي وقت، إلا إذا اكتسب أحد الشركاء ملكية حصص باقي الشركاء عن طريق التقادم المكسب بوضع اليد على كامل العقار، وحيازته المدة الطويلة المقررة شرعاً.

قررت المادة أن القسمة التي تقع بين الشركاء في المهايأة المكانية أو الزمانية هي قسمة ملزمة فيما بينهم، ويجب عليهم الالتزام بها، إلا إذا اتفقوا على إنهائها.

بينت المادة أسباب كسب الملكية، وأول سبب وهو السبب العام لكسب الملكية هو العقد؛ فلذلك يكون العقد سبباً لكسب الملكية متى استوفى الشروط النظامية؛ كعقد البيع والهبة ونحوها، إلا أن هناك أسباباً خاصة لكسب الملكية؛ مثل كسب الملكية بالشفعة، وكسب الملكية بالالتصاق، وكسب الملكية بالاستيلاء، وكسب الملكية بالميراث، وكسب الملكية بالوصية.

قررت المادة أن الاستيلاء وهو وضع اليد على منقول لا مالك له بنية تملكه هو سبب من أسباب كسب الملكية؛ فمن وجد منقولاً ليس له مالك ووضع يده عليه بنية تملكه فإنه يتملكه، ويدخل في ذلك المباحات من الحيوانات والأسماك التي لم يتم تملكها بعد، وما يخرج من باطن الأرض من المعادن غير المملوكة لأحد، وكنوز الأرض التي لا مالك لها. أما العقار فلا يتملك بالاستيلاء عليه؛ وإنما يكون للدولة.

المنقول الذي يتملك بالاستيلاء عليه يجب أن يكون لا مالك له؛ فإذا كان المنقول له مالك فإنه لا يتملك بالاستيلاء عليه، وإذا كان مالكه قد أعرض عنه وتخلى عن ملكيته له فإنه يعتبر لا مالك له؛ فيجوز تملكه بالاستيلاء عليه، وتعتبر الأشياء الثمينة التي يعثر عليها في باطن الأرض مملوكة للدولة، ولا تدخل في حكم المنقول الذي يتملك بالاستيلاء عليه.

بينت المادة أن الكنوز التي يتم العثور عليها في الأرض تدخل في ملكية صاحب الأرض التي عثر عليها فيها، إلا إذا ثبت أن هذا الكنز ملك للغير؛ فإذا ثبت ذلك فإنه يجب رده لمالكه، أو لورثته، أو لبيت مال المسلمين إن تعذر معرفة مالكه أو ورثته.

بينت المادة حكم ملكية صيد البر والبحر؛ فلذلك قررت المادة أن الأسماك وصيد البر الذي لا مالك له يجوز تملكه بالاستيلاء عليه وحيازته، ولا يشترط في ذلك أن يكون قد تم صيده بآلة؛ بل يكفي أن يتم الإمساك به بأي وجه من الوجوه، إلا إذا كان هناك تنظيم آخر لاقتناء هذه الحيوانات؛ فيلزم الرجوع إلى ذلك التنظيم والعمل به.

بينت المادة حكم ملكية منتجات الأرض؛ فالمنتجات التي تنتجها الأرض من ثمار ونباتات تدخل في ملكية صاحب الأرض، وله حق التصرف فيها كيفما يشاء.

قررت المادة أن الأراضي الموات وهي الأراضي التي لا مالك لها ولم يسبق عمارها يجوز تملكها بالإحياء وفقاً لما تقضي به الأنظمة المعمول بها، إلا إذا كان هناك منع من ولي الأمر من إحيائها؛ فيجب الالتزام بمنع ولي الأمر وعدم مخالفته.

قررت المادة أن النهر العام أو البحيرة العامة لا يجوز تملكها بالاستيلاء؛ وإنما هي ملك عام لعموم الناس، إلا إذا جف النهر العام أو البحيرة العامة؛ فينتقل ملكيتها إلى أصحاب الأرض المحاذية له من الجهتين؛ فيقسم النهر بين أصحاب الأراضي قسمين متساويين، إلا إذا كان هناك نظام آخر يقضي بغير ذلك؛ فيعمل به.

قررت المادة أن النهر الخاص وهو الذي يكون مملوكاً لشخص معين هو ملك لصاحبه، ولا يجوز لأي أحد أن يتملك النهر الخاص أو مجراه بأي حال من الأحوال، أما إذا جف النهر الخاص؛ فإن ملكيته تبقى لصاحبه، إلا إذا نص النظام على خلاف ذلك.

قررت المادة أن أراضي السواحل البحرية لا يجوز تملكها بالاستيلاء؛ وإنما هي ملك للدولة، ويجوز للدولة التصرف فيها كيفما تشاء للمصلحة العامة، أما الأراضي التي تنكشف عنها مياه البحر بصورة مؤقتة؛ فإن ملكيتها لا تكون للدولة؛ بل تبقى ملكيتها لأصحاب الأراضي المجاورة لها، إلا إذا كان هناك نظام آخر يقضي بغير ذلك؛ فيعمل به.

بينت المادة أن البناء أو الغراس الذي يقام على أرض الغير؛ فإنه يدخل في ملكية صاحب الأرض الأصلية؛ لأن البناء والغراس يعتبر تابعاً للأرض، ويسري عليه حكم ملكية الأرض. ويجب على مالك الأرض أن يدفع قيمة هذه المنشآت والغراس قائماً لا مقلوعاً، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.

بينت المادة أنه إذا أقام شخص بناء أو غراساً بمواد مملوكة للغير في أرضه؛ فإنه يصبح مالكاً لتلك المواد؛ لأن المنشآت تعتبر تابعة للأرض، ويجب عليه أن يدفع قيمتها لصاحبها، ولا يجوز لصاحبها أن يطالب باستردادها؛ لأنها أصبحت جزءاً من الأرض، وإذا لحق صاحب المواد ضرر نتيجة استخدامها فيجب عليه تعويضه عن هذا الضرر، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك.

بينت المادة أن المنشآت التي يقيمها شخص على أرض مملوكة للغير بسوء نية؛ فإن مالك الأرض يملكها، ويكون له الحق في طلب إزالتها على نفقة من أقامها، أو إبقائها مقابل تعويضه عنها بقيمتها مستحقة الإزالة، أو بدفع أعلى القيمتين: قيمة المواد وأجرة العمل، أو قيمة الزيادة في ثمن الأرض بسبب هذه المنشآت.

قررت المادة أن الالتصاق وهو إضافة شيء جديد للملكية يعتبر سبباً من أسباب كسب الملكية؛ فالمال الذي يلتصق بمال آخر يكون مالكه هو مالك المال الأصلي. ويجب عليه أن يدفع قيمة هذا الالتصاق لمالكه، إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك. ويعتبر هذا الحكم في الالتصاق المنقول بالمنقول، والمنقول بالعقار، والعقار بالعقار.

تتناول المادة ثلاث حالات تسقط بها الشفعة، ومسقطات الشفعة - كما سبق - تلغي الشفعة بعد قيامها ؛ بخلاف موانع الشفعة فهي تمنع قيام الشفعة ابتداءً؛ والمسقطات التي أوردتها المادة هي: الحالة الأولى: نزول الشفيع عن حقه في الشفعة، سواءً كان هذا النزول صريحاً، أو ضمنياً كأن يكون شاهداً أو وسيطاً في عقد البيع، وسواء كان النزول بعد البيع أو قبله. والحالة الثانية: إذا لم يقم الشفيع بإعلام البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة خلال عشرة أيام من تاريخ الإعذار الذي يوجهه إليه البائع أو المشتري بطلب إبداء رغبته، حيث إن النظام جعل للبائع والمشتري وسيلة يتحقق بها استقرار العقد وتنهى بها أحقية الشفيع الأخذ بالشفعة، وذلك بأن يقوم البائع أو المشتري بإعذار الشفيع، بأن يستظهر منه رغبته في الأخذ بالشفعة من عدمه. وبينت المادة أن الإعذار الذي يوجهه البائع أو المشتري إلى الشفيع لابد أن يتضمن المعلومات الكافية عن المشتري والمبيع والثمن وشروط العقد؛ وذلك حتى يكون الشفيع على علم كاف بالصفقة ليتمكن من تحديد رغبته في الأخذ بالشفعة من عدمه؛ فإذا تم الإعذار متضمناً البيانات المطلوبة ومضت عشرة أيام من تاريخ الإعذار ولم يعلم الشفيع البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة سقط حقه في الشفعة، ويسقط حقه أيضاً لو أعلم أحدهما دون الآخر. وإذا لم يوجه البائع أو المشتري إعذاراً إلى الشفيع، أو وجها إليه إعذاراً غير مستوف للبيانات المطلوبة؛ فإن الإعذار يكون باطلاً؛ فلا تسري هذه المدة في حق الشفيع. ويمكن للشفيع بدلاً من توجيه الإعلام برغبته في الشفعة إلى البائع والمشتري أن يرفع دعوى الشفعة مباشرة؛ ولكن يجب أن يكون ذلك خلال عشرة أيام من تاريخ الإعذار الموجه إليه حتى تصلح الدعوى أن تكون إعلاماً بالرغبة، على أنه إذا سلم المشتري عند بدء إجراءات الدعوى بالشفعة فإن الشفيع يتحمل مصروفات الدعوى إذا تبين أنه تعجل في رفعها وأنه كان في غنى عنها. ولم تشترط المادة للإعذار الذي يوجهه البائع أو المشتري إلى الشفيع، ولا للإعلام بالرغبة الذي يوجهه الشفيع إليهما شكلاً معيناً؛ فيصح أن يكونا كتابة أو شفاهة؛ وعلى من يصدر منه الإعذار أو الإعلام عبء إثبات صدور ذلك منه. والحالة الثالثة: إذا لم يرفع الشفيع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإعلام الذي وجهه إلى البائع والمشتري؛ فلو أن الشفيع أعلم البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة خلال المدة المعينة في الحالة الثانية ولم يُجب إلى طلبه؛ فعلى الشفيع أن يرفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوما من تاريخ هذا الإعلام؛ وإلا سقط حقه في الشفعة. والمدد التي تضمنتها هذه المادة هي مدد سقوط لا مدد تقادم؛ فلا تسري عليها أحكام التقادم من حيث الوقف أو الانقطاع.

تتناول المادة مدة التقادم في دعوى الشفعة؛ فبينت أن دعوى الشفة تتقادم بانقضاء مائة وثمانين يوماً من تاريخ تسجيل عقد البيع، وهذه المدة - خلافاً للمدتين الواردتين في المادة السابقة (٦٦٦) - هي مدة تقادم لا مدة سقوط؛ فيسري على هذه المدة - أي المائة والثمانين يوماً - أحكام التقادم من حيث الوقف والانقطاع وغير ذلك. ويتضح من حكم المادتين (٦٦٦) و (٦٦٧) أن المدد في الشفعة سواء كانت مدد سقوط أو مدد تقادم لا تخلو من حالتين: الحالة الأولى: إذا أعذر البائع أو المشتري الشفيع بإبداء رغبته؛ فلا تخلو هذه الحالة من فرضين أ- ألا يُعلمهما الشفيع برغبته في الشفعة؛ فتكون مدة سقوط الشفعة عشرة أيام من تاريخ الإعذار. ب أن يُعلمهما برغبته في الشفعة ولا يُسلَّم له بذلك، فتسقط الشفعة إذا لم يرفع الدعوى خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلام. والحالة الثانية: إذا لم يعذر البائع ولا المشتري الشفيع بإبداء رغبته؛ فتتقادم دعوى الشفعة بانقضاء مائة وثمانين يوماً من تاريخ تسجيل البيع.

بينت المادة أن دعوى الشفعة ترفع على البائع أو المشتري، وللشفيع أن يرفع الدعوى عليهما جميعاً، ويجب على الشفيع أن يودع الثمن لدى الجهة التي يحددها وزير العدل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ رفع الدعوى؛ وذلك للتأكد من جدية الشفيع في الأخذ بالشفعة، والتحقق من قدرته على أداء الثمن؛ لأن شرط الشفعة أن تكون بالثمن الذي بيع به العقار المشفوع وللمحكمة - وفق تقديرها - ألا تلزم الشفيع بإيداع كل الثمن وإنما تلزمه بإيداع جزء منه؛ حسبما تراه كافياً لضمان جدية الشفيع وقدرته على الوفاء بما عليه؛ فإذا لم يودع الشفيع الثمن كله أو الجزء الذي قررته المحكمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ رفع الدعوى؛ فإن حقه في الشفعة يسقط، وهذه المدة كما هو ظاهر مدة سقوط لا مدة تقادم؛ فلا يسري عليها الوقف أو الانقطاع.

بينت المادة الوقت الذي يثبت فيه تملك الشفيع للمبيع، ولا يخلو الأمر من حالتين: الحالة الأولى أن تكون الشفعة بالتقاضي فيثبت ملك الشفيع للعقار المشفوع من حين الحكم بثبوت الشفعة. والحالة الثانية: إذا تمت الشفعة بالتراضي؛ فيثبت ملك الشفيع للعقار المشفوع من حين تسليم المشتري بحق الشفيع؛ أي من حين قبول المشتري بعد إبداء الشفيع رغبته بالأخذ بالشفعة. وعلى هذا؛ فيكون الحكم القضائي بثبوت الشفعة أو التسليم به بالتراضي ناقلاً للملك وليس كاشفاً له؛ فلا يصير العقار المشفوع فيه إلى ملك الشفيع إلا بعد هذا الحكم أو التراضي. وتظهر فائدة تحديد وقت التملك لترتيب آثار الملكية من ذلك الوقت، ومن ذلك تحديد من له ثمار العقار المشفوع. وأشارت المادة إلى وجوب مراعاة قواعد التسجيل، فلو اشترط النظام التسجيل لانتقال ملكية العقار المشفوع؛ فإن الملكية لا تنتقل إلا به.

تتناول المادة علاقة الشفيع بالبائع؛ فبينت المركز النظامي للشفيع تجاه البائع بعد ثبوت تملكه للمبيع، وهو أن الشفيع يحل محل المشتري تجاه البائع في جميع الحقوق والالتزامات، وينتج عن هذا الحلول أن المشتري يختفي من الصفقة ويحل الشفيع محله فيتحول البيع من أن يكون بين البائع والمشتري إلى أن يكون بين البائع والشفيع، وبذلك لا يُنظر على أن العلاقة بيع انعقد أولاً بين البائع والمشتري، ثم أعقبه بيع ثان انعقد بين المشتري والشفيع، بل هو بيع واحد انعقد بين البائع والشفيع قامت بينهما صلة مباشرة جعلت الشفيع هو المشتري منذ البداية بحلوله محل المشتري في الحق المباشر، فيكون التزام البائع للشفيع مباشراً في نقل ملكية المبيع، والتسليم، وضمان التعرض والاستحقاق، وضمان العيوب الخفية وفي جميع الحقوق والالتزامات. وبينت المادة أن الشفيع يحل كذلك محل المشتري في انتفاعه بالأجل الممنوح له في دفع الثمن ولو لم يرض البائع بذلك، بشرط أن يقدم الشفيع ضمانات كافية للبائع كرهن ونحوه، وقد راعى المنظم هذا التفريق بين المشتري والشفيع بأن ألزم الشفيع تقديم ضمانات كافية للاستفادة من الأجل؛ لأن البائع قد يضع في المشتري ثقة لا يضعها في الشفيع فيقبل أن يؤجل الثمن له دون الشفيع.

تشير المادة إلى علاقة الشفيع بالمشتري، وتظهر هذه العلاقة بشكل واسع فيما إذا كان المشتري قد تسلم المبيع قبل أخذه بالشفعة، أما إذا كان المشتري لم يتسلم المبيع بعد؛ فإن علاقة الشفيع بالمشتري محدودة جداً تظهر في أشياء يسيرة تكاد تنحصر في رجوع المشتري على الشفيع بنفقات البيع؛ إلا أن المشتري قد يتسلم العقار من البائع ويزيد فيه من ماله أو يحدث فيه بناءً أو غراساً، وبذلك تنشأ علاقات متعددة بين المشتري والشفيع بسبب انتقال حيازة العقار المشفوع إلى المشتري ووجود زيادات فيه، فجاءت هذه المادة تبين حكم الزيادة والنقص في العقار المشفوع وتبين الحقوق والالتزامات لكل من المشتري والشفيع. فبينت الفقرة الأولى الحكم فيما إذا زاد المشتري في العقار المشفوع شيئًا من ماله أو بنى أو غرس فيه قبل إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة، فيخير المشتري عند أخذ الشفيع بالشفعة أن يلزم الشفيع بإحدى القيميتين: الأولى: مقدار ما أنفقه المشتري في الزيادة أو البناء أو الغراس. والثانية: مقدار ما زاد في قيمة العقار المشفوع بسبب زيادة المشتري أو البناء أو الغراس. فلو أن قيمة العقار ثلاثمائة ألف ريال، وغرس فيه المشتري غراساً كلفه مائة ألف ريال، فأصبحت قيمة العقار بعد الغراس خمسمائة ألف ريال، وطالب الشفيع الأخذ بالشفعة، فإن المشتري يخير بين أمرين، إما أن يأخذ من الشفيع مائة ألف ريال، مقدار ما أنفقه على الغراس، أو أن يأخذ من المشتري مائتي ألف ريال وهي قيمة ما زاد في قيمة العقار بسبب الغراس، ولا شك أن المشتري سيأخذ بأعلى القيمتين. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما إذا زاد المشتري في العقار المشفوع شيئاً من ماله أو بني أو غرس فيه بعد إعلام الشفيع للبائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة، فيخير الشفيع بين أمرين: الأول: أن يطلب إزالة البناء أو الغراس على نفقة المشتري وإعادة العقار إلى أصله مع التعويض إن كان له مقتض. والثاني: أن يستبقي البناء أو الغراس على أن يدفع للمشتري إحدى القيمتين: أ- مقدار ما أنفقه المشتري في الزيادة أو البناء أو الغراس. ب مقدار ما زاد في قيمة العقار بسبب زيادة المشتري أو بنائه أو غراسه. ولا شك أن الشفيع سيختار أقل هاتين القيمتين. ويلحظ فيما قررته الفقرتان الأولى والثانية أنه لم تطبق القواعد العامة للاتصال في كلتا الحالتين؛ بل عومل المشتري معاملة أفضل في كليهما مقارنة بالمحدث حسن أو سيء النية هناك، والسبب في ذلك هو أن المشتري عندما يبني أو يغرس في العقار المشفوع سواء قبل الإعلام بالرغبة في الشفعة أو بعده؛ فهو إنما يبني أو يغرس في عقار اشتراه، وقد يعتقد حتى بعد إعلام الشفيع له بالرغبة في الشفعة عدم أحقية الشفيع بالشفعة. وحق المشتري في مطالبة الشفيع في مقابل ما أحدثه في العقار المشفوع من زيادة أو بناء أو غراس وفقاً لما تضمنته الفقرتان لا يخل بحقه فيما إذا أنفق نفقات ضرورية على العقار المشفوع بعد تسلمه له في أن يستردها بكاملها من الشفيع؛ سواء أنفق تلك النفقات قبل إعلامه بالشفعة أو بعده؛ لأن المشتري بعد تسلمه للعقار المشفوع يعد حائزاً له؛ ووفقاً لما تضمنته المادة (٦٧٧) ؛ فإن الحائز يسترد جميع ما أنفقه من نفقات ضرورية. وبينت الفقرة الثالثة الحكم فيما إذا نقص العقار المشفوع، وفرقت بين حالتين: الحالة الأولى: إذا كان نقص العقار المشفوع بغير فعل المشتري، أو كان بفعل المشتري ولكن قبل إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة؛ فللشفيع أخذ العقار المشفوع بكامل ثمنه ولا ينقص منه شيء مقابل النقص الذي لحقه. والحالة الثانية: إذا كان نقص العقار المشفوع بفعل المشتري بعد إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الأخذ بالشفعة، فللشفيع أخذ العقار المشفوع ويحط عن الشفيع من ثمنه بقيمة ما نقص.

تقرر المادة حق الشفيع في أن يطلب من المحكمة عدم نفاذ التصرفات النظامية التي صدرت من المشتري على العقار المشفوع كالبيع أو إنشاء حق انتفاع أو أي حق عيني آخر؛ إذا كانت تلك التصرفات قد صدرت بعد إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الشفعة، فلو رتب المشتري رهناً على العقار المشفوع بعد إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الشفعة، فيحق للشفيع طلب عدم نفاذ الرهن؛ فيأخذ العقار بالشفعة خالياً من الرهن إذا تحققت شروط الشفعة، ولا يعني هذا ضياع حق الدائن، بل إنه يحتفظ بحق الأولوية فيما آل إلى المشتري من ثمن العقار. ويتبين من مفهوم المخالفة للمادة عدم أحقية الشفيع في طلب عدم نفاذ تصرفات المشتري إذا كانت التصرفات قبل إعلام الشفيع البائع والمشتري برغبته في الشفعة.

تناولت المادة تعريف الحيازة؛ فعرفتها بأنها: وضع الشخص يده على الشيء المحوز ظاهراً عليه بمظهر المالك، والمراد بذلك: السيطرة الفعلية على الشيء بالقيام بأعمال مادية يقوم بها المالك عادة في استعماله لحق ملكية ذلك الشيء، فالحائز يستعمل الشيء ويستغل ويصرف فيه تصرف المالك، ويكون الشخص حائزاً للشيء متى استعمل بالنسبة إليه حقوق مالك ذلك الشيء بحسب ما تقتضيه طبيعته، فيسكنه أو يزرعه أو يؤجره ويحرزه وينتفع به ويصرف فيه بالبيع أو الهبة أو الرهن ونحو ذلك؛ سواء كان هذا الشخص يملك الشيء حقيقة أو لا يملكه، فلا يراد بعبارة (ظاهراً عليه بمظهر المالك) أن يكون القصد من تلك الأعمال إرادة كسب ملكية ذلك الشيء؛ بل المراد أن يكون قصد الحائز في مباشرته تلك الأعمال أن يتصرف كمالك للشيء، بحيث تكون الأعمال المادية التي يقوم بها بقصد استعمال حق ملكية الشيء؛ فهي أعمال قصدية، ولا تخرج بذلك عن أن تكون أعمالاً مادية لا أعمالاً نظامية. وبه يتبين أن الحيازة تتركب من عنصر مادي وهو السيطرة الفعلية، وعنصر معنوي وهو قصد الحائز استعمال الحق لحسابه، كما لو كان هو صاحب الحق. ومثل حق الملكية الحقوق العينية الأخرى؛ فيعد حائزاً لحق الانتفاع أو الارتفاق مثلاً من يستعمله كما لو كان هو صاحب ذلك الحق، سواء كان قد كسب ذلك الحق أو لم يكن قد كسبه.

بينت المادة أثر الحيازة في كسب الملكية؛ فقررت أن حيازة المنقول قرينة على ملكية الحائز، فلا يطالب الحائز للمنقول بإثبات ملكيته.

تتناول المادة مفهوم حسن النية في الحيازة وكيفية زوال هذه الصفة، فبينت الفقرة الأولى المقصود بالحائز حسن النية، وأنه من تحقق فيه شرطان: الشرط الأول: أن يجهل أنه يعتدي على حق الغير، وهذا معيار ذاتي، كأن يتلقى حق الملكية من غيره ببيع أو هبة أو إرث أو غير ذلك من أسباب كسب الحق معتقداً أنه تلقاه من مالك له على وجه صحيح؛ ومثل ذلك ما لو كان الشخص يجهل في استعماله لحق عيني آخر أنه يعتدي على حق غيره. والشرط الثاني: ألا يكون جهله بأنه يعتدي على حق غيره ناشئاً عن خطئه الجسيم، وهذا معيار موضوعي؛ فلو كان بمقدوره أن يعلم بحقيقة الأمر لو أنه بذل أدنى ما تقتضيه الحال من التحري، ولكنه أهمل في ذلك على وجه يعد خطأ جسيماً فتزول عنه صفة حسن النية، ولو كان يجهل الحال؛ ذلك أن الخطأ الجسيم يلحق بسوء النية؛ لأن سوء النية أمر خفي يصعب إثباته؛ فجعل الخطأ الجسيم قرينة عليه؛ فهو مثل أن يشتري ساعة باهظة الثمن بسعر زهيد من مبسط غير متخصص بالساعات الثمينة. وبين آخر الفقرة الأولى أن حسن نية الحائز هو المفترض، وعلى من يدعى سوء نيته إثبات ذلك؛ إعمالاً للقاعدة الكلية: " الأصل في الصفات العارضة العدم". وبينت الفقرة الثانية أن صفة حسن النية تزول عن الحائز بأمرين: الأمر الأول من حين علم الحائز بعيوب سند حيازته، وذلك بأن يعلم علماً فعلياً وليس مفترضاً بأن حيازته اعتداء على حق الغير، ويكون سيء نية من وقت هذا العلم، فلو كان قد تلقى حق الملكية بموجب سبب من أسباب كسب الملك كعقد بيع أو هبة أو وصية أو شفعة ثم تبين له ما يعيب السند الذي تلقى به هذا الحق؛ كأن يتبين بطلان العقد أو أنه تلقاه من غير مالك ونحو ذلك، فتزول عنه صفة حسن النية من حين علمه بذلك. والأمر الثاني من حين إعلام الحائز في صحيفة الدعوى بعيوب حيازته؛ فيعد سيء النية ولو كان يعتقد أن حيازته صحيحة وأن المدعي مبطل في دعواه.

تقدم في شرح المادة (٦٧٤) أن الحيازة بمجردها لا تكسب الحائز ملكية الشيء المحوز، وجاءت هذه المادة لتقرر أثر الحيازة في تملك ثمار الشيء المحوز؛ وذلك فيما إذا طالب المالك الحائز رد العين التي في حيازته بدعوى الاستحقاق، أو رد ما دفع دون حق، أو بسبب بطلان العقد، أو فسخه أو كونه معلقاً على شرط فاسخ أو غير ذلك مما يكون سبباً في رد العين إلى مالكها، وأثر سوء نية الحائز وحسنها في تملكه للثمار، وحق الحائز في استرداد ما أنفقه في إنتاج تلك الثمار. فبينت الفقرة الأولى أنه إذا كان الحائز حسن النية فإنه يملك الثمار التي قبضها مدة حيازته بنية تملكها، مثال ذلك: أن يُخصص لشخص مبنى له ريع على أنه جزء من نصيبه في تركة المورث، فبان بعد ثلاث سنين أنه غير وارث، ففي هذه الحالة لا يتملك الحائز العين بل يُلزم بردها، ولكنه يتملك ما قبضه من ريع المبنى لحسن نيته فلا يلزم برده. ويجب أن يتوفر حسن النية في الوقت الذي يقبض فيه الحائز الثمار، فإذا تلقى الحائز العين من مورثه، وكان المورث سيء النية والوارث حسن النية، لم يؤثر سوء نية المورث في حسن نية الوارث، ويتملك الوارث الثمار التي حازها بعد موت المورث ما دام حسن النية وقت حيازتها، أما الثمار التي حازها المورث وهو سيء النية فهذه يجب ردها للمالك، وإن لم تكن قد ردت في حياة المورث كانت ديناً على التركة. ويفهم من نص هذه الفقرة أن الحائز سيء النية لا يملك الثمار التي قبضها مدة حيازته. وبينت الفقرة الثانية أن الحائز سيء النية، كمن حاز ميراثاً وهو يعلم أنه غير مستحق له، أو غصب مالاً ، ونحو ذلك، فإنه يلزم برد جميع الثمار التي قبضها، والثمار التي قصر في قبضها، أي الثمار التي كان يجنيها المالك لو أن الشيء كان في حيازته، والحائز سيء النية أن يسترد ما أنفقه من نفقات في إنتاج الثمار، ويشمل ذلك أجرة العمل، وقيمة البذر ، ونفقات الأعمال التي قام بها الحائز للحصول على الثمار، ونفقات الصيانة، والتكاليف الأخرى كالضرائب وغيرها من الرسوم، فالحائز لا يرد للمالك إلا القيمة الصافية للثمار بعد خصم النفقات، وإلا أثرى المالك على حساب الحائز بغير سبب. وبينت الفقرة الثالثة أن الثمار الناتجة عن الشيء المحوز بشكل دوري ومتجدد أحد ثلاثة أنواع: النوع الأول الثمار الطبيعية، وهي التي لا دخل للإنسان فيها كالكلأ والأعشاب التي تنبت في الأرض دون عمل الإنسان. والنوع الثاني الثمار المستحدثة أو الصناعية، وهي التي ينتجها عمل الإنسان كالمزروعات وعسل النحل. والنوع الثالث الثمار المدنية، وهي الريع الدوري المتجدد الذي يقبضه مستثمر الشيء من الغير كأجرة العقار، وأرباح الأسهم. وأوضحت هذه الفقرة كيف يتملك الحائز تلك الثمار إذا توفرت الحيازة وتحقق حسن النية على النحو الآتي: فالثمار الطبيعية والمستحدثة يتملكهما الحائز بفصلهما وحيازتهما وهو حسن النية وقت الفصل والحيازة، ولا يشترط أن يكون قد استهلكها أو نقلها إلى مكانها، فبمجرد حش المزروعات يكون التملك. أما الثمار المدنية فيتملكها الحائز يوماً فيوماً ولو لم تقبض فعلاً، ما دام الحائز باقياً على حسن نيته، فإذا انتهت الحيازة وكان قد عُجل له من الريع الدوري المتجدد ما زاد عن يوم انتهاء الحيازة استبقى ما كان مستحقاً إلى هذا اليوم ورد الباقي إلى المالك. وبينت هذه الفقرة أن الحصول على المنفعة حكمها حكم الثمار المدنية أي أنها تكون من حق الحائز حسن النية وأنها تُحسب يوماً فيوماً، فلو أن الحائز سكن داراً فبانت لغيره فلا يحق للمالك أن يطلب من الحائز أن يدفع له أجرة على بقائه في الدار تلك المدة التي بقي فيها ما دام حسن النية أما ما زاد عن يوم انتهاء الحيازة فيكون الحائز مسؤولاً عنه تجاه المالك، وتحسب يوماً في يوماً.

تشير المادة إلى حقوق الحائز تجاه المالك فيما يتعلق بالنفقات التي أنفقها الحائز على الشيء المحوز ، سواءً كانت هذه النفقات ضرورية، أم نافعة، أم كمالية. فبينت الفقرة الأولى حق الحائز تجاه المالك فيما يتعلق بالنفقات الضرورية التي أنفقها الحائز على ذات الشيء المحوز، وقررت أنه يترتب على استرداد المالك العين من الحائز سواءً كان حسن النية أم سيء النية، أن يرد المالك إلى الحائز ما أنفقه من نفقات ضرورية على الشيء ؛ مثال النفقات الضرورية الإصلاحات الضرورية التي يجريها الحائز على العقار لحفظه من الانهيار. وبينت الفقرة الثانية الحكم فيما يتعلق بالنفقات النافعة التي أنفقها الحائز وقت حيازته، كما لو كانت الدار المحوزة تتكون من دور واحد فزاد الحائز دوراً آخر، وفرقت المادة في الحكم بين الحائز حسن النية والحائز سيء النية، فيطبق على الحائز حسن النية حكم المادة (٦٥٢ ) ، أما الحائز سيء النية فيطبق عليه حكم المادة (٦٥١). وبينت الفقرة الثالثة الحكم فيما يتعلق بالنفقات الكمالية التي أنفقها الحائز، كما لو أنفق الحائز على الدار ديكورات تحسينية، ولا فرق في الحكم بين الحائز حسن النية أو ذلك سيء النية، حيث قررت المادة أنه لا يلزم المالك رد النفقات الكمالية للحائز، ومع يجوز للحائز أن يزيل ما أقامه بهذه النفقات على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى، وللمالك أن يستبقيها مقابل قيمتها مستحقة الإزالة، وفي حال أراد الحائز إزالتها وطلب المالك استبقاءها ؛ فتطبق القواعد العامة؛ فالأصل أن يصار إلى ما طلبه الحائز؛ لأنها ملكه وله التصرف فيها؛ ما لم يكن متعسفاً في طلبه الإزالة؛ بأن تكون إزالتها تتلفها بحيث يتبين أن لا مصلحة له في الإزالة مادام المالك سيعوضه قيمتها مستحقة الإزالة وأنه لم يقصد بذلك إلا المضارة بالمالك؛ فلا يقبل طلبه الإزالة؛ لأن ذلك من التعسف في استعمال الحق.

تشير المادة إلى تبعة هلاك الشيء المحوز أو تلفه سواءً كان الحائز حسن النية أم سيء النية. فبينت الفقرة الأولى أن الحائز حسن النية لا يكون مسؤولاً عما يصيب الشيء المحوز من نقص بسبب انتفاعه مادام انتفاعه به انتفاع الملاك، وهو الانتفاع الذي يكون من المالك في ملكه عادة، ولا يلزم الحائز حسن النية تعويض المالك عن الهلاك أو التلف الذي يصيب الشيء إلا في حالة واحدة وهي إذا حصل الحائز على منفعة من ذلك الهلاك كتعويض مثلاً ؛ فإن التعويض يكون لمالك الشيء وليس لحائزه، وإذا حصل عليه الحائز فإنه يكون مسؤولاً أمام المالك بقدر هذا التعويض. وبينت الفقرة الثانية أن الحائز سيء النية يكون مسؤولاً عن تحمل تبعة هلاك الشيء أو تلفه؛ سواءً كان الهلاك أو التلف بخطأ الحائز سيء النية أو بسبب لا يد له فيه، حيث إن الحيازة بسوء نية خطأ بذاته يوجب تحمل التبعة إلا أن المادة استثنت حالة واحدة؛ وهي أن يثبت الحائز سيء النية أن الشيء كان سيهلك أو يتلف حتى لو كان تحت يد مالكه، كما لو غصب شخص سيارة مالك فجاءت قوة قاهرة كبرد من السماء وأتلفت سيارات القرية بما فيها سيارات الحائز وسيارات المالك، أما لو هلكت السيارة التي بيد الحائز بسبب قوة قاهرة وقعت في منطقته دون منطقة المالك، فإن الحائز سيء النية يكون مسؤولاً ويلزمه تعويض المالك رغم أن الهلاك بسبب أجنبي، لأن مجرد حيازة الشيء بسوء نية يعد خطأ تسبب في ضرر فأوجب التعويض.

بينت المادة تعريف حق الانتفاع وأنه حق عيني أصلي متفرع عن حق الملكية، يعطي صاحبه الحق في استعمال واستغلال شيء مملوك لآخر كما لو كان يستغله ويستعمله المالك نفسه بشرط المحافظة عليه. وكل شيء يصلح أن يكون محلاً لحق الملكية يصح أن يكون محلاً لحق الانتفاع، سواء كان الشيء غير مادي: كحق المؤلف وحق الاختراع ونحوهما، أو كان الشيء مادياً : عقاراً كان كالأراضي الزراعية والمناجم ونحوها أو منقولاً كالسيارات. وبينت المادة الخصائص الثلاث التي يختص بها حق الانتفاع وهي: الخاصية الأولى: أن حق الانتفاع حق عيني لا شخصي، وبهذا يتميز حق المنتفع عن حق المستأجر، وإن كان يشترك معه في استعمال الشيء واستغلاله فحق المستأجر حق شخصي لا عيني، ويترتب على ذلك أن المالك ليس ملتزماً تجاه المنتفع بتمكينه من الانتفاع كما يلتزم المؤجر نحو المستأجر ؛ بل كل ما على المالك أن يلتزم به هو ألا يتعرض للمنتفع في مباشرة حقه، ولذلك إذا احتاجت العين إلى إصلاح لم يلزم المالك أن يقوم بها في حق الانتفاع خلافاً للحال في الإجارة. الخاصية الثانية أن حق الانتفاع حق مؤقت، وليس بدائم كحق الملكية، وكون حق الانتفاع مؤقتاً؛ فإن ذلك يعود إلى طبيعة هذا الحق، فهو حق متفرع عن حق الملكية، تتجزأ فيه عناصر الملكية، فيأخذ منها التصرف في المنفعة، وكذلك الاستغلال والاستعمال لكن ليس على سبيل الدوام، ولذلك يجب أن يكون حق الانتفاع إلى أجل، ينتهي بانقضاء الأجل المؤقت له، سواءً كان محددًا فينتهي بانتهاء المدة المحددة له، أو ألا يحدد فينتهي أجل الانتفاع بموت المنتفع على تفصيل يأتي بيانه. والخاصية الثالثة: حق الانتفاع يقع على شيء غير قابل للاستهلاك، وهو ظاهر من نص المادة: استعمال شيء مملوك لغيره واستغلاله ، ومقتضى ذلك هو استعمال الشيء المنتفع به واستغلاله ثم إعادته إلى مالكه بعد انتهاء أجل حق الانتفاع، فوجب أن يكون الشيء باقياً غير قابل للاستهلاك، وثمة فرق لا يخفى بين الشيء الذي يستهلك بالاستعمال؛ وبين الشيء الذي يبلى بطول الاستعمال كالأثاث والسيارات ونحوها، وحق الانتفاع يرد على الثاني دون الأول؛ غير أن لهذه المسألة تفصيلاً يأتي بيانه في شرح المادة (٦٨٨).

بينت المادة أن أسباب كسب حق الانتفاع ثلاثة: السبب الأول: التصرف النظامي، يعد التصرف النظامي سبباً من أسباب كسب حق الانتفاع سواء كان التصرف النظامي من جانبين وهو العقد، أو كان التصرف بالإرادة المنفردة كالوصية، ويطبق على التصرف النظامي المكسب لحق الانتفاع أحكام ذلك التصرف، فإذا كان كسب حق الانتفاع بالبيع، فتطبق أحكام البيع التي سبق بيانها في القسم الثاني (العقود المسماة مع مراعاة الأحكام العامة للعقود التي أوردها النظام في القسم الأول بما يتوافق مع طبيعة حق الانتفاع، وكذا الأمر إذا كان كسب حق الانتفاع عن طريق عقد الهبة، أو المقايضة أو غيرهما من العقود، كما أن حق الانتفاع قد يكسب عن طريق الوصية وتطبق عليه في هذه الحالة أحكام الوصية الواردة في نظام الأحوال الشخصية. السبب الثاني الإرث يعد الإرث واقعة نظامية تقع فتكون سبباً من أسباب كسب حق الانتفاع بشرط أن يكون حق الانتفاع معين المدة، فإذا كسب المنتفع الحق في الانتفاع لمدة ثلاثين سنة مثلاً ثم توفي بعد عشر سنوات فإن حق الانتفاع ينتقل إلى ورثته للمدة المتبقية، أما إذا لم يكن حق الانتفاع معين المدة فإنه ينتهي بموت المنتفع، حيث يفترض أن المدة المتفق عليها في مدة الانتفاع هي موت المنتفع، وسيأتي بيان ذلك مفصلاً عند شرح المادة (٦٩٠) ، وتسري على حق الانتفاع بسبب الإرث الأحكام الواردة في نظام الأحوال الشخصية. والسبب الثالث: الشفعة، تعد الشفعة سبباً من أسباب كسب حق الانتفاع بين الشركاء على الشيوع في حق الانتفاع على عقار، وشرط الشفعة أن يكون الشفيع شريكاً على الشيوع؛ فلا شفعة لمالك الرقبة إذا باع المنتفع حق الانتفاع الملابس لها، ولا للمنتفع إذا بيعت الرقبة الملابسة لحق انتفاعه؛ وذلك لانتفاء الشراكة بينهما؛ وإنما تكون الشفعة بين المنتفعين المشتاعين في حق انتفاع على عقار إذا باع أحد الشركاء نصيبه من حق الانتفاع؛ فللشركاء الآخرين تملك نصيبه المبيع بالشفعة بشروطها وأحكامها المبينة في أسباب كسب الملكية.

بينت المادة أن حقوق والتزامات المنتفع يحكمها أمران: الأمر الأول: حقوق والتزامات المنتفع التي يحددها سند إنشاء حق الانتفاع، سواء كان سند إنشاء حق الانتفاع العقد أو الوصية أو الشفعة في عقد البيع المشفوع فيه، فمثلاً لو كان سند إنشاء حق الانتفاع هو البيع؛ فتسري أحكام البيع على هذا التصرف بما يرتبه من حقوق والتزامات على بائع حق الانتفاع ومشتريه، وإن كان حق الانتفاع موروثاً فيخضع هذا الحق في حقوقه والتزاماته لسند إنشاء حق الانتفاع للمورث. والأمر الثاني حقوق والتزامات المنتفع الواردة في هذا الفرع. ومما يجدر التنبيه عليه أن ما يوجد في سند إنشاء حق الانتفاع مقدم على ما تضمنه هذا الفرع من أحكام ما لم تكن من النظام العام؛ لأن الأصل أن الأحكام التي وردت في هذا الفرع ليست من النظام العام؛ فيجوز أن يرد في سند إنشاء حق الانتفاع ما يخالفها في تحديد الحقوق والالتزامات. والتزامات المنتفع الواردة في هذا الفرع تضمنتها المواد (٦٨٣ - ٦٨٨)، وأما حقوقه فمنها ما تضمنته المادة (٦٨٢) وما تقدم في تعريف حق الانتفاع في المادة (٦٧٩) من أن حق الانتفاع يكسب المنتفع حقاً عينياً في الشيء المنتفع به يخوله حق استعماله وحق استغلاله دون حق التصرف في رقبته؛ فهذا يحتفظ به مالك الرقبة لنفسه؛ وما للمنتفع من حق عيني في استعمال الشيء المنتفع به واستغلاله يجعل له سلطة في أن يقوم بإدارته، وأن يتصرف في هذا الحق - أي حق الانتفاع دون الرقبة - بسائر التصرف، وأن يباشر ما يقتضي كل ذلك من الدعاوى. وعلى هذا فإن حق الانتفاع يخول المنتفع الحقوق الآتية: ۱ - استعمال الشيء المنتفع به؛ فللمنتفع أن يستعمل الشيء المنتفع به كما يستعمل المالك ملكه بشرط المحافظة عليه. ۲- استغلال الشيء المنتفع به؛ وهذا ما يميز حق الانتفاع عن حق الاستعمال وحق السكني؛ فلا يجوز فيهما لصاحب الحق أن يستغل الشيء والاستغلال قد يكون مباشراً كأن يزرع المنتفع الأرض الزراعية، أو غير مباشر كأن يؤجر الدار للسكنى أو الأرض للزراعة. ثمار الشيء المنتفع به، وفق ما سيأتي في المادة (٦٨٢). ٤- القيام بأعمال الإدارة اللازمة لهذا الانتفاع؛ كإيجار الشيء المنتفع به على ألا يجاوز في ذلك مدة الانتفاع، واستيفاء الحقوق التي يكون له حق الانتفاع بها، وبيع المحاصيل الزراعية، ونحو ذلك. ه التصرف في حق الانتفاع دون الرقبة - بجميع أنواع التصرفات؛ فله النزول عن حق الانتفاع للغير، معاوضة أو تبرعاً، فيجوز له أن يبيعه، أو يقايض عليه، أو يجعله حصة له في شركة، أو يجعله مقابل وفاء دين عليه، أو يهبه، وتجب مراعاة الشكل في عقد الهبة، أو يوصي به إذا كان حق الانتفاع معين المدة. وإذا نزل المنتفع عن حق الانتفاع بأي وجه من الوجوه السابقة؛ فلا يترتب على ذلك انتهاء حق الانتفاع؛ بل يكون المنتفع الثاني مالكاً لحق الانتفاع نفسه؛ فتكون له جميع حقوق المنتفع الأول، ويبقى المنتفع الأول ملتزماً بالتزاماته تجاه المالك ولا تنتقل إلى المنتفع الثاني، وإذا كان حق الانتفاع غير معين المدة انتهى بموت المنتفع الأول لا بموت المنتفع الثاني؛ بل ينتقل الحق إلى ورثته. -٦- رهن حق الانتفاع أو ترتيب حق عيني تبعي آخر كالامتياز، وليس للدائن المرتهن أن يحجز إلا على حق الانتفاع نفسه دون الرقبة. مباشرة الدعاوى المتعلقة بهذا الحق؛ مثل دعوى حماية حيازته للعقار المنتفع به، وكذا الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي يتضمنها هذا الحق كالحقوق الناشئة من استغلاله للشيء المنتفع به، فله مطالبة المدينين بهذه الحقوق، والمطالبة بالضمانات لهذه الحقوق.

بينت المادة أن ثمار الشيء المنتفع به تكون من حق المنتفع مدة انتفاعه، أما بعد مدة الانتفاع أو قبلها فلا تكون من حق المنتفع، سواءً كانت الثمار مدنية كأجرة الدار أم كانت صناعية كالمزروعات أم كانت طبيعية كنتاج المواشي. وآلية حساب حق المنتفع في ثمار الشيء المنتفع به مدة الانتفاع تختلف باختلاف نوع الثمار على النحو الآتي: -1- إذا كانت الثمار مدنية كأجرة الدار ، فإن المنتفع يستحق الثمار طوال مدة الانتفاع، فإن انقضت مدة الانتفاع قبل حلول الأجل الدوري لاستحقاقها كان له الحق في الثمار بنسبة مساوية لمدة انتفاعه، فلو أن المنتفع يستحق أجرة العين في نهاية كل شهر، ثم انتهى الانتفاع في اليوم العاشر من الشهر بسبب موت المنتفع في الانتفاع غير معين المدة، فإن المنتفع يستحق ثمار نسبة مساوية لمدة انتفاعه وهي عشرة أيام عن الشهر. 2- إذا كانت الثمار صناعية، كالثمار المستفادة من زراعة أرض، فلا يخلو الأمر من احتمالين أ- أن يكون المنتفع قد حصد الثمار، ففي هذه الحالة يستحق المنتفع الثمار سواء كان هو من جهز الأرض منذ البداية، أو أخذها انتفاعاً من المالك بعد أن جهزها المالك، وسبب استحقاق المنتفع لها أن الثمار كانت محل اعتبار من المالك والمنتفع حال تقدير مقابل حق الانتفاع. ب ألا يكون المنتفع قد حصد الثمار، فهذه الحالة عالجتها الفقرة الثانية من المادة ( ٦٩٠) وسيأتي بيانها عند شرح تلك المادة. -3- إذا كانت الثمار طبيعية، كألبان المواشي وأصوافها فتنتهي بانتهاء حق الانتفاع، ثم تعود مباشرة لمالك الرقبة. وهذا الحكم الذي قررته المادة في استحقاق المنتفع ثمار الشيء المنتفع به مدة الانتفاع دون غيرها، مقيد بعدم وجود نص نظامي خاص بخلاف ذلك كما بينت ذلك الفقرة الثانية من المادة (٦٩٠ ) ، أو وجود اتفاق بين المنتفع والمالك على تنظيم كيفية توزيع الثمار بينهم على خلاف ما قررته المادة، لأن هذه الأحكام ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على خلاف ما هو مقرر ، وتسري بين أطرافها تلك الاتفاقات متى استوفت الشروط العامة لصحة الالتزامات.

تشرع هذه المادة وحتى المادة (٦٨٨) في بيان التزامات المنتفع تجاه المالك؛ وهي تدور على الالتزام المبين في المادة (٦٨٥) وهو وجوب المحافظة على الشيء المنتفع به، وهذه الالتزامات فرضها النظام بسبب وجود رقبة الشيء المنتفع به في يد المنتفع لينتفع به؛ فمصدر هذه الالتزامات هو النظام؛ وقد تترتب التزامات أخرى بموجب سند إنشاء حق الانتفاع من عقد أو وصية؛ فيكون مصدر تلك الالتزامات هو ذلك السند. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تجب على المنتفع التزامات أخرى تجاه المتصرف معه الذي نقل إليه حق الانتفاع إذا لم يكن المنتفع تلقى الحق مباشرة من المالك. فبينت هذه المادة الالتزام الأول من التزامات المنتفع تجاه المالك، وهو يتعلق بحدود الانتفاع بالشيء المنتفع به؛ فأوجبت على المنتفع أن ينتفع بالشيء المنتفع به وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين المنتفع ومالك الرقبة، ويحق للمالك أن يشترط شروطاً تهدف للحفاظ على الشيء المنتفع به أو نحوها من المقاصد، وتكون ملزمة للمنتفع، أما الشروط التي يشترطها المالك وتؤدي إلى تفريغ حق الانتفاع من مضمونه وترتب حرمان المنتفع من حقه في الانتفاع، فإنها شروط باطلة، إلا إذا كانت لمدة معقولة، وقصد بها حماية مصلحة مشروعة، ويطبق في ذلك أحكام الشرط المانع من التصرف في المادة (٦١٧). وبينت الفقرة كذلك أنه في حال عدم الاتفاق على كيفية انتفاع المنتفع بالشيء المنتفع به وحدود ذلك؛ فيلزم المنتفع أن يكون انتفاعه وفقاً للانتفاع المعتاد استناداً لمعيار موضوعي وهو طبيعة الشيء محل الانتفاع وما أعد له، فإن كان الشيء المنتفع به أرضاً زراعية فيكون الانتفاع بزراعتها أو تأجيرها وببيع حق الانتفاع ونحو ذلك، وإن كانت شقة سكنية فيكون بسكناها أو تأجيرها وببيع حق الانتفاع ونحو ذلك. وبينت الفقرة الثانية من المادة حقوق المالك جزاء إخلال المنتفع بهذا الالتزام؛ وذلك في حال استعمال المنتفع الشيء استعمالاً غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة الشيء المنتفع به، كأن يرد حق الانتفاع على سيارة خاصة للركوب فينتفع بها في نقل المعدات، أو على عقار للسكنى فيستعمله في تصنيع مواد لنشاطه التجاري، أو يشترط عليه ألا ينتفع بحق الانتفاع في أمر معين لمصلحة ظاهرة فيخالف هذا الشرط؛ فبينت المادة أن للمالك في مثل هذه الحالات الآتي: أ- يكون للمالك حق الاعتراض على أي استعمال غير مشروع أو لا يتفق مع طبيعة الشيء المنتفع به. ب يكون للمالك الحق في مطالبة المنتفع بتقديم ضمانات كرهن أو كفيل لضمان تعويض ما قد ينتج من أضرار جراء هذا الاستعمال، وذلك إذا أثبت المالك أن حقوقه في خطر جراء هذا الاستعمال. ج- يكون للمحكمة بناءً على طلب المالك الحق في أن تنزع الشيء المنتفع به من المنتفع وتسلمه إلى من يتولى إدارته في حالتين ١ - إذا لم يقدم المنتفع ضمانات. ٢ - إذا استمر في سوء استعماله، سواء قدم ضمانات أو لم يقدم. وللمحكمة بناءً على طلب المالك، إذا رأت سوء استعمال خطير إلى حد يستوجب إجراء أشد أن تحكم بإنهاء حق الانتفاع، فيحرم المنتفع من بقية المدة من الانتفاع، ولكن بينت الفقرة أنه يجب في هذه الحالة مراعاة حق الغير كالمرتهن مثلاً، فإذا كان حق الانتفاع مرهوناً وعاد حق الانتفاع إلى المالك، فإن حق الانتفاع في بقية المدة يكون مثقلاً بالرهن، ويجوز للدائن المرتهن أن يحجز على حق الانتفاع لا على حق الملكية.

تتناول المادة التزاماً آخر من التزامات المنتفع تجاه المالك؛ وهو التزامه بالنفقات المعتادة؛ وفي هذا الخصوص بينت المادة أنواع النفقات المتعلقة بالشيء المنتفع به، ومن يكون ملزماً بها؛ وذلك على النحو الآتي: أولاً: النفقات المعتادة التي يقتضيها حفظ الشيء المنتفع به وأعمال الصيانة، مثل نفقات الحصول على ثمرته، ونفقات إدارته، والرسوم المحددة على الشيء المنتفع به من ضرائب ونحو ذلك؛ فهذه النفقات المعتادة تكون على المنتفع، يجب عليه القيام بها لأنها لازمة لحفظ الشيء المنتفع به. ثانياً: النفقات غير المعتادة، وهي النفقات التي تفرض على الشيء لا على سبيل العادة، والإصلاحات الجسيمة وهي ما كان ضرورياً لبقاء الشيء المنتفع به، ومن ذلك الدين المضمون بالرهن للعقار المنتفع به المثقل بالرهن، ونحو ذلك؛ فهذه النفقات تكون على مالك الرقبة ولكنه لا يلزم أن يقوم بها، لأن المالك لا يُلزم بأن يقوم بشيء في ملكه، ولا يلزم بها المنتفع كذلك لأنها ليست عليه، ولكن قد يتولى المنتفع أو المالك هذه النفقات فيكون الحكم على النحو الآتي: إذا أدى المنتفع هذه النفقات فله الحق في استردادها من المالك عند نهاية حق الانتفاع؛ حتى لا يثري المالك بلا سبب. وإذا أدى المالك النفقات غير المعتادة في أثناء حق الانتفاع؛ فإنه لا يرجع بها على المنتفع؛ لأن ما أداه في ملكه. وغني عن البيان أن المنتفع يُلزم بالنفقات غير المعتادة والإصلاحات الجسيمة التي تنشأ عن خطئه، وتطبق عليه الأحكام المقررة في الفعل الضار. والأحكام المقررة في هذه المادة ليست من النظام العام؛ فيجوز الاتفاق على خلافها؛ كأن يتفق على أن تكون جميع النفقات المعتادة وغير المعتادة على أحدهما، أو أن يتم الاتفاق على أن تكون رسوم الضرائب على المالك أو أن تكون الإصلاحات الجسيمة على المنتفع.

بينت المادة التزاماً آخر من التزامات المنتفع تجاه المالك؛ وهو التزامه بأن يبذل في المحافظة على الشيء المنتفع به عناية الشخص المعتاد. ويستفاد مما قررته المادة أمران: الأمر الأول: أن المنتفع مطالب ببذل العناية لا تحقيق الغاية؛ وبناء على ذلك قرر آخر المادة أنه لو هلك الشيء المنتفع به أو تلف دون انحراف المنتفع في المحافظة على الشيء المنتفع به عن حدود السلوك المألوف للشخص المعتاد؛ فإنه لا يكن مسؤولاً ولا ملزماً بالتعويض؛ فالخطأ هنا لا يفترض على المنتفع؛ بل على المالك أن يثبت انحراف المنتفع في المحافظة على الشيء المنتفع به عن سلوك الشخص المعتاد. والأمر الثاني: أن معيار العناية المطلوبة من المنتفع هو عناية الشخص المعتاد؛ لا عناية مثله، سواء حصل على حق الانتفاع معاوضة أو تبرعاً؛ فلو كانت عناية مثله أعلى من عناية الشخص المعتاد لم يكن ملزماً بأن يبذل في عنايته أكثر من عناية الشخص المعتاد، وإذا كانت عناية مثله أقل من عناية الشخص المعتاد لم يكن له أن ينزل في عنايته في حفظ الشيء المنتفع به عن الشخص المعتاد.

تتناول المادة التزاماً آخر من التزامات المنتفع بموجب حق الانتفاع تجاه المالك، وهو التزامه برد الشيء المنتفع به لمالكه بعد انقضاء مدة الانتفاع، والإخلال بهذا الالتزام يعد انحرافاً عن بذل العناية اللازمة في حفظ الشيء المنتفع به من قبل المنتفع المبين في المادة (٦٨٥)، و هذا الانحراف من قبل المنتفع عن التزامه يوجب عليه التعويض في حال الهلاك أو التلف، حتى لو كان الهلاك أو التلف بسبب لا يد للمنتفع فيه، لأن التأخير في تسليم الشيء، المنتفع به خطأ بذاته فأوجب التعويض، إلا أن المادة استثنت حالة واحدة وهي: إن يثبت المنتفع أن الشيء المنتفع به ما كان سيهلك أو يتلف حتى لو رده للمنتفع لمالكه، كما لو تأخر المنتفع في تسليم السيارة المتفع بها فجاءت قوة قاهرة كبرَد من السماء أو غمرت مياه السيول القرية؛ فأتلفت جميع سيارات القرية بما فيها السيارة المنتفع بها و سيارات المالك الأخرى، أما لو تضررت السيارة المنتفع بها بسبب قوة قاهرة وقعت على منطقة المنتفع دون منطقة المالك؛ فإن المنتفع يكون مسؤولاً وملزماً تعويض المالك رغم أن الهلاك لسبب أجنبي لا يد له فيه؛ لأن مجرد تأخر المنتفع في تسليم الشيء، المنتفع به يعد خطأ تسبب في ضرر فأوجب التعويض.

ولم تشترط المادة لتحمل المنتفع تبعة الهلاك أو التلف في حال عدم الرد إعذار المالك للمنتفع أو مطالبته بالرد؛ خلافاً للأصل المقرر في الحقوق الشخصية في المادة (٦٦٢) فمصدر هذا الالتزام- كما سبق - هو النظام؛ لكون رقبة الشيء المنتفع به في يد المنتفع؛ و هذا الحكم يتفق مع ما قررته المادة (٦٨٧) في أحكام الحيازة من تحمل الحائز تبعة هلاك الشيء أو تلفه إذا كان سيء النية، دون حاجة إلى إعذار من المالك، و المنتفع إذا تأخر في تسليم الشيء المنتفع به يعد حائزاً سيء النية

تتناول المادة التزاماً آخر من التزامات المنتفع تجاه المالك، وهو التزامه بإعلام المالك في حالات معينة لحفظ حق المالك في الشيء المنتفع به والأثر المترتب إذا لم يقم بذلك. وعند التأمل يلحظ أن العنصر المشترك بين تلك الأمور التي يجب على المنتفع أن يُعلم المالك بها كونها تهدد خطراً على الشيء المنتفع به. وقيام المنتفع بهذا الالتزام المقرر عليه في هذه المادة، هو امتداد للالتزام العام المقرر في المادة (٦٨٥) بأن يبذل من العناية في حفظ الشيء المنتفع به ما يبذله الشخص المعتاد. ويعد انحرافاً عن بذل العناية عدم إعلام المنتفع المالك بالخطر الذي يهدد الشيء المنتفع به. وقد حصرت المادة الأمور التي يجب على المنتفع إعلام المالك بها في ثلاثة أمور :

أ- إذا استولى على الشيء المنتفع به شخص أو ادعى الغير حقاً عليه ، مثل سرقة الشيء المنتفع به، أو غصبه، أو نزع الدولة له، أو أن يدعي شخص ملكيته له أو أن له أي حق عيني عليه .

ب- إذا هلك الشيء المنتفع به أو تلف أو احتاج إلى إصلاحات جسيمة مما يتحمل نفقاته المالك وفقاً لما تم بيانه عند شرح المادة (٦٨٤) .

ج- إذا احتاج المالك إلى اتخاذ إجراء لدفع خطر خفي. والمقصود بالخطر الخفي كل ما من شأنه أن يضر بالشيء المنتفع به في المستقبل وغير ظاهر في الوقت الحاضر ؛ كأن يكون هناك تسريب يسير في المياه، أو تصدع يسير، لا يؤثر على سلامة المبنى مدة انتفاع المنتفع به. ولكنه يشكل خطراً يهدد سلامة المبنى في المستقبل إذا لم تتم معالجته في الوقت الحاضر ؛ فلو لم يُعلم المنتفع المالك بهذا الخطر فيترتب عليه الجزاء المبين في الفقرة الثانية. والسبب في ذلك أن الشيء المنتفع به تحت يد المنتفع ، ولا يجب على المالك أن يقوم بالإصلاحات الضرورية أثناء مدة الانتفاع ؛ فمن الوارد أن يطلع المنتفع على أخطار خفية لا يعلمها المالك ولا سبيل له إلى أن يعلمها ؛ فكان من الواجب على المنتفع أن يعلمه عنها. والمراد بالخفاء هنا الخفاء النسبي بالنسبة إلى المالك لا إلى المنتفع ؛ فيكون خفياً على المالك في الأوضاع المعتادة وظاهراً للمنتفع في الأوضاع المعتادة ؛ وأما إذا كان الخطر خافياً خفاء مطلقاً يتعذر حتى على المنتفع العلم به؛ فلا يكون المنتفع مسؤولاً عنه .

وبينت الفقرة الثانية الجزاء المترتب على إخلال المنتفع بالتزامه بالإعلام في الحالات الواردة في الفقرة الأولى خلال مدة معقولة، وهو حق المالك في التعويض. ويكون ذلك وفقاً لقواعد الضرر ؛ فلا يكفي لاستحقاق المالك وقوع الخطأ من المنتفع بعدم الإعلام في المدة المعقولة ؛ بل يتعين على المالك إثبات ما لحقه من ضرر ، وأنه بسبب عدم قيام المنتفع بالإعلام الواجب عليه ؛ فلا بد من توفر أركان الخطأ .

ولم تشترط المادة شكلاً معيناً في إعلام المالك ، فيجوز أن يكون بأية وسيلة يتحقق بها الإعلام، سواء بالكتابة أو المشافهة، وسواء بوسيلة عادية أو رقمية أو غير ذلك ، ويقع على المنتفع عبء إثبات قيامه بهذا الإعلام.

تتناول المادة التزاماً آخر من التزامات المنتفع يتعلق بالحالة التي يكون فيها مع الشيء المنتفع به أشياء قابلة للاستهلاك، وقد سبق الإيضاح في شرح المادة (٦٧٩) أن الأصل في حق الانتفاع أنه يقع على شيء غير قابل للاستهلاك، وذلك أن المنتفع ملزم برد ذات الشيء المنتفع به إلى المالك عند انتهاء حق الانتفاع؛ فوجب أن يكون الشيء المنتفع به باقياً غير قابل للاستهلاك عند الانتفاع، والأشياء القابلة للاستهلاك كالنقود، والطعام والشراب لا تصلح بطبيعتها أن ترد بذاتها، إلا أن هذا الأصل قد يرد عليه استثناء وهو أن تكون الأشياء القابلة للاستهلاك تقرر عليها حق الانتفاع تبعاً لا استقلالاً، وأشارت الفقرة الأولى إلى هذا الملحظ بنصها إذا كان مع الشيء المنتفع به منقولات استهلاكية" فحرف "مع" هنا تدل على التبعية. كما لو أوصى شخص لآخر بحق الانتفاع في جزء من تركته، وكان فيها أشياء قابلة للاستهلاك، أو قرر للمنتفع حق انتفاع على منزل بمحتوياته وكان من ضمن المحتويات منقولات قابلة للاستهلاك كالطعام والشراب فيصح أن يقع عليها حق الانتفاع بالتبعية. فإذا تقرر حق الانتفاع على هذا النحو جاز للمنتفع استهلاك المنقولات الاستهلاكية. وقد بينت الفقرة الأولى الحكم إذا كان مع الشيء المنتفع به منقولات استهلاكية، حيث قررت أنه يجوز للمنتفع أن يستهلكها، غير أنه يقع على عاتقه التزام في مواجهة المالك، وهو رد بدل الشيء المستهلك بعد انتهاء حق الانتفاع، وبدل الشيء إما مثله أو قيمته والخيار هنا للمنتفع وفقاً لما يراه محققاً لمصلحته دون أن يكون للمالك الحق في الاعتراض على ما يختاره المنتفع، وذلك مقيد بعدم تعسف المنتفع في استخدام الحق المقرر له. ويظهر من ذلك أن الذي ينتقل إلى المنتفع في الأشياء القابلة للاستهلاك ليس هو مجرد الانتفاع، إنما هو حق ملكية تامة تبيح للمنتفع استهلاك الشيء على أن يرد مثله أو قيمته عند انتهاء حق الانتفاع؛ أي أن ملكية الشيء رقبة ومنفعة تنتقل إلى المنتفع ويصبح المالك مجرد دائن بمثل الشيء أو قيمته؛ ولذا يسمى هذا الحق في الفقه القانوني بـ (شبه حق الانتفاع ؛ وهو بهذا يختلف عن حق الانتفاع الذي محله أشياء غير قابلة للاستهلاك ويحتفظ المالك فيه بالرقبة. وبينت الفقرة الثانية أنه إذا كان حق الانتفاع غير معين المدة وانقضى بوفاة المنتفع، أو انقضى بانتهاء مدته وتوفي المنتفع قبل أن يرد المنتفع للمالك المنقولات الاستهلاكية، فإن قيمة هذه المنقولات تكون ديناً على تركة المنتفع يتم استيفاؤه منها قبل توزيعها على الورثة.

تتناول المواد (٦۸۹) - (٦۹۳) أسباب انتهاء حق الانتفاع؛ فبينت هذه المادة السبب الأول من أسباب انتهاء حق الانتفاع وهو اتحاد صفتي المالك والمنتفع، ويكون ذلك بانتقال حق الانتفاع للمالك أو بانتقال الملك إلى المنتفع سواء بعقد أو إرث أو وصية أو شفعة، أو بأي وسيلة من وسائل كسب الحق، وفي كلتا الحالتين ينتهي حق الانتفاع وتثبت الملكية كاملة إما للمنتفع أو للمالك، وهذا تطبيق للقاعدة العامة الواردة بانقضاء الالتزام باتحاد الذمة الواردة في المادة (۲۸۹). وإذا كان أ

-1- ينتهي حق الانتفاع إذا انقضى الأجل المعين له، فإن لم يعيّن له أجل انتهى الحق بموت المنتفع. -2- إذا انتهى حق الانتفاع بانقضاء الأجل أو موت المنتفع وفقًا لأحكام الفقرة (1) من هذه المادة وكانت الأرض المنتفع بها مشغولة بزرع المنتفع ؛ استمر

تتناول المادة السبب الرابع من أسباب انتهاء حق الانتفاع وهو هلاك الشيء المنتفع به .

وقررت الفقرة الأولى الأصل العام في ذلك، وهو أن هلاك الشيء المنتفع به يؤدي إلى انتهاء حق الانتفاع تبعاً لانعدام محلة، والهلاك المقصود هنا هو الهلاك الكلي، ويستوي في ذلك أن يكون الهلاك مادياً كأن ينهدم المبنى أو تتلف الآلة أو السيارة أو يحترق الشيء المنتفع به، أو يكون الهلاك نظامياً كأن يصدر قرار بنزع ملكية الشيء المنتفع، أو يصدر حكم ببطلان التصرف الذي بموجبه انتقلت ملكية الشيء المنتفع به إلى المالك .

وإذا كان الهلاك جزئياً، فيفرق بين ما إذا كان الجزء المتبقي صالحاً للانتفاع به أم لا ؛ فإذا لم يكن صالحاً للانتفاع على نحو مستقل عن الجزء الذي هلك، ففي هذه الحالة ينتهي حق الانتفاع بكامله، وأما إذا كان الجزء المتبقي صالحاً للانتفاع به فيبقى حق الانتفاع قائماً، كما لو هلك البناء، وبقيت الحديقة المتصلة به، وكانت هذه الحديقة صالحة للانتفاع بها بصورة مستقلة. فيبقى الحق قائماً على الحديقة، وتطبق أحكام الهلاك الكلي على الهلاك الجزئي من حيث تحمل التبعة سواءً كان الهلاك بسبب الغير أو المالك أو المنتفع أو لقوة قاهرة .

وبعد أن قررت المادة الأصل العام بانتهاء حق الانتفاع بهلاك الشيء المنتفع به، أوردت تفصيلاً لذلك بالنظر إلى المتسبب في الهلاك وما إذا دفع عن الهلاك تعويض أو لم يدفع، ومدى إمكانية إعادة الشيء المنتفع به بعد هلاكه ؛ وبالنظر إلى هذه الاعتبارات فلا يخلو هلاك الشيء المنتفع به من أربع حالات :

الحالة الأولى: إذا كان الهلاك بغير فعل المالك أو المنتفع، ولم يترتب عليه دفع عوض ؛ كأن يهلك الشيء المنتفع به لقوة قاهرة؛ فينتهي بذلك حق الانتفاع؛ لانعدام المحل واستحالة التنفيذ، ولا يجبر المالك على إعادة الشيء المنتفع به إلى أصله، ولكن إذا أعاد المالك الشيء إلى أصله رجع حق الانتفاع للمنتفع.

بينت المادة السبب الخامس من أسباب انتهاء حق الانتفاع وهو نزول المنتفع لمالك الشيء عن حق الانتفاع، ونزول المنتفع قد يكون بإرادته المنفردة؛ فلا يتوقف نفاذه على قبول المالك، وقد يكون النزول باتفاق إرادتي المنتفع والمالك، ومن جهة أخرى قد يكون النزول تبرعاً وقد يكون على سبيل المعاوضة؛ كأن يتفق المنتفع والمالك على أن ينزل المنتفع عن حق الانتفاع مقابل مبلغ نقدي. وفي جميع ما سبق لا يشترط شكل خاص للتعبير عن إرادة النزول، فيجوز أن يكون كتابة أو مشافهة، كما يجوز أن يكون صريحاً أو ضمنياً يستنبط من دلالة الحال. وبينت المادة أن نزول المنتفع عن حق الانتفاع لا يؤثر على أمرين: الأمر الأول: الالتزامات التي ثبتت على المنتفع تجاه المالك؛ كأن يكون قد وجب على المنتفع نفقات صيانة معتادة أثناء انتفاعه، أو تعويض للمالك بسبب سوء استعماله لحق الانتفاع؛ فلا أثر لنزوله عن الحق في سقوط هذه الالتزامات؛ فليس لهذا النزول أثر رجعي. والأمر الثاني: حقوق الغير ، كالدائن المرتهن لحق الانتفاع؛ فإن الرهن يبقى قائماً بالرغم من هذا النزول، ولدائن المنتفع أن يطعن بدعوى عدم نفاذ التصرفات في نزول المنتفع عن حقه، إذا كان من شأن هذا النزول أن يجعل ديون المنتفع تحيط بأمواله، وفق ما هو مبين في دعوى عدم نفاذ تصرفات المدين في حق دائنيه. ويجدر التنبه إلى أن انتهاء حق الانتفاع بنزول المنتفع بإرادته المنفردة إنما هو في حال خلو سند إنشاء هذا الحق عن الاتفاق على خلاف ذلك؛ فإذا وجد اتفاق صريح أو ضمني على أن المنتفع ليس له النزول عن الحق بإرادته المنفردة؛ لم يكن له ذلك، ومن الاتفاق الضمني أن يجري العرف على ذلك.

بينت المادة مدة التقادم في حق الانتفاع؛ فلا تسمع دعوى المطالبة بحق الانتفاع إذا انقضت على عدم استعماله مدة عشر سنوات، ويبدأ حساب المدة من تاريخ التوقف عن استعمال حق الانتفاع، فإذا انقضت المدة انتهى حق الانتفاع، وعاد الحق إلى مالك الرقبة وفقد المنتفع حق الانتفاع بالتقادم، وبذا فيعد التقادم المسقط لحق الانتفاع هو السبب السادس من أسباب انتهاء الحق. ويطبق على التقادم هنا جميع الأحكام الواردة في القسم الأول من هذا النظام المتعلقة بعدم سماع الدعوى كالوقف والانقطاع وعدم قضاء المحكمة بالتقادم من تلقاء نفسها وغير ذلك مما ورد من الأحكام.

بينت المادة أنه يحق لمن يملك حق الانتفاع سواءً كان المالك أو المنتفع أن يقصر هذا الحق على الاستعمال فقط أو على حق السكنى فقط، وحق الاستعمال حق عيني متفرع عن حق الانتفاع يتقرر الشخص على شيء مملوك لغيره يخول صاحب هذا الحق استعمال الشيء لنفسه وأسرته، أما حق السكنى فهو فرع عن حق الاستعمال، إذ هو مقصور على نوع معين من الاستعمال وهو السكنى، ويستوحى من ذلك أن حق السكني لا يكون إلا على عقار بخلاف حقي الانتفاع والاستعمال فإنهما يكونان على عقار وعلى منقول.

بينت المادة نطاق حقي الاستعمال والسكنى بأنه محدد بمقدار ما يحتاج إليه صاحب الحق وأسرته لخاصة أنفسهم دون غيرهم، فإذا أوصى المالك لشخص بالسكنى في عمارة له مكونة من أربع شقق كان على صاحب الحق أن يلتزم بالتزامين الالتزام الأول: لا يجوز لصاحب الحق أن يُسكن معه غير أسرته. والالتزام الثاني: ليس لصاحب الحق أن يسكن منها إلا بالقدر الكافي لسكناه هو وأسرته، فإذا كانت الشقة الواحدة تكفيه، فلا يحق له السكن في أكثر من شقة. والمرجع في تحديد المراد بالأسرة، ومقدار المساحة التي يسكن فيها صاحب الحق وأسرته أمران: الأمر الأول: ما يقرره السند المنشئ لحقي الاستعمال والسكنى. والأمر الثاني ما جرى عليه العرف وذلك إذا لم يكن السند المنشئ للحق حدد ذلك، وقد جرى العرف بأن المقصود بالأسرة هم كل من يقوم الشخص برعايتهم والقيام عليهم، فيدخل في ذلك الزوجة، والأولاد غير المستقلين، والوالدان اللذان يعيشان تحت رعايته واليتيم الذي تعهد صاحب الحق بحضانته، وكذا الخدم. كما أن العرف جرى بأن الشقة ذات الغرفتين مثلاً لا تكفي لعشرة أشخاص.

بينت المادة الخاصية الأبرز لحقي الاستعمال والسكنى، وهي أنه لا يجوز التنازل عن هذين الحقين للغير سواءً بمقابل كالتأجير، أو دون مقابل كالإعارة، والعلة في عدم جواز التنازل أن هذين الحقين مقرران لسد حاجة ذات المستفيد وأسرته لا غيرهم، فلو أن مالك سيارة أعطى شخصاً الحق في استعمالها لم يجز لصاحب حق الاستعمال أن يتنازل عن هذا الحق للغير، ويقع باطلاً كل تنازل يصدر من صاحب حق استعمال أو حق سكني؛ لأنه تصرف غير مشروع وقع على محل غير قابل للتنازل عنه. وبينت المادة أنه يجوز التنازل عن حقي الاستعمال والسكنى في حالتين الحالة الأولى: إذا وجد شرط صريح في سند إنشاء حق الاستعمال أو حق السكني يسمح لصاحب الحق بالتنازل عنه للغير، ففي هذه الحالة يجوز لصاحب الحق التنازل عن الحق مراعياً في ذلك الحدود المذكورة في الشرط، فلو أجاز مالك الشيء لصاحب الحق التنازل عن الحق للغير دون عوض، لم يجز له أن يتنازل عنه بعوض، ولو أجاز له التنازل لمدة لا تتجاوز الشهر لم يجز له الزيادة على ذلك. ويُلحظ أن المادة نصت على أنه يلزم أن يكون الشرط المجيز للتنازل صريحاً، فمفهوم المخالفة لعبارة "صريحا" يفيد أنه إذا لم يكن الشرط صريحاً فلا يعتد به حتى ولو كانت قرائن الأحوال تدل عليه. ولا يلزم أن يكون الشرط المجيز في بداية حق الاستعمال أو حق السكني؛ فلو أن المالك في أثناء حق السكنى أذن لصاحب الحق أن يتنازل عنه للغير صح الشرط؛ لأنه أصبح جزءً من سند إنشاء الحق. والحالة الثانية: إذا وجدت ضرورة تقتضى التنازل عن حق الاستعمال أو حق السكني دفعًا للضيق والحرج عن صاحب الحق وأسرته، فيجوز التنازل عن حق السكني إذا وجدت مبررات قوية لذلك، كما لو أوصى شخص بحق سكنى لشخص وأسرته ثم أصبح هذا المنزل ضيقًا عليهم ضيقًا شديدًا، أو انتقل صاحب الحق إلى بلد آخر، وصاحب الحق ليس لديه القدرة المالية الكافية ليوفر سكناً بديلاً له.

قررت المادة أصلاً عاماً لحقي الاستعمال والسكنى، وهو سريان أحكام حق الانتفاع على حقي الاستعمال والسكنى في كل ما لم يُنص على حكمه، شريطة أن لا يتعارض مع طبيعة هذين الحقين، ومن هنا يتضح أن أسباب حقي الاستعمال والسكنى هما العقد والوصية، دون الشفعة، لأن الشفعة تقتضي بيع المشفوع فيه والحقان المذكوران لا يجوز بيعهما، والتزامات صاحب حقي الاستعمال والسكنى هي ذاتها التزامات المنتفع إلا أنه لا ينطبق على حق السكنى أن تنتزع المحكمة الدار من يد صاحب حق السكني فتسلم لأمين كما يفعل في حق الانتفاع، ولا يجوز للدائن الحجز على هذين الحقين لأنهما غير قابلين للحجز ولا للتنازل عنهما، وينتهي كل من حقي الاستعمال والسكنى كما ينتهي حق الانتفاع. ويجدر التنبيه إلى أنه يسري على الإصلاحات والمباني التي يقيمها صاحب حق السكنى في الدار التي تقرر عليها ذلك الحق أحكام المباني التي يقيمها حسن النية في ملك الغير والتي سبق بيان حكمها في أحكام الالتصاق.

تشير المادة إلى الأحكام المتعلقة بالوقف وأن أحكامها خاضعة لما هو مقرر في النصوص النظامية الخاصة به.

ذكرت المادة تعريف حق الارتفاق، ومن هذا التعريف يتبين أن حق الارتفاق حق عيني يشتمل على ثلاثة عناصر أساسية:

  • العنصر الأول عقار مرتفق، ويسمى بالعقار المخدوم، وهو العقار الذي تقرر لفائدته حق الارتفاق، ويعد هذا الحق تابعاً للعقار ينتقل معه إلى أي يد ينتقل إليها.
  • والعنصر الثاني عقار مرتفق به، وهو العقار الذي تقرر عليه حق الارتفاق، ويسمى بالعقار الخادم، وهو الذي تقرر عليه حق الارتفاق فحد من منفعته لفائدة العقار المرتفق ويجب أن يكون العقار المرتفق به مملوكاً لشخص غير الشخص الذي يملك العقار المرتفق؛ فلا يكون ارتفاقاً بين عقارين إذا كانا مملوكين لشخص واحد، حتى لو خُصص أحدهما لخدمة الآخر كمرور أو مجرى للمياه أو مسقى للري، فهذا لا يخرج عن كونه استعمالاً لحق الملكية وليس إنشاء لحق ارتفاق.
  • والعنصر الثالث: أن يقدم العقار المرتفق به للعقار المرتفق منفعة تحد من منفعة العقار الأول، ومن أمثلة هذه المنفعة المرور، أو المجرى، أو المسيل، ولا يشترط أن تكون المنفعة حالة، بل يصح أن تكون مستقبلية كحق ارتفاق يُقرر على عقار في إجراءات التمليك فيتفق صاحب العقار المرتفق مع الشخص الذي سيتملك العقار على أن يكون له حق مرور عليه عند تملكه. ومن هذا التعريف يتبين أن حق الارتفاق لا يرد على المنقول؛ كما أن المنفعة التي يفرضها حق الارتفاق يجب أن تفرض على عقار والمصلحة عقار؛ فلا يجوز أن تكون المنفعة مفروضة على شخص ولا لمصلحة شخص؛ فحق الارتفاق كأي حق عيني آخر سلطة مباشرة يستعملها صاحب هذا الحق على العقار المرتفق به دون وساطة مالك ذلك العقار؛ فلا يترتب على المالك التزام شخصي نحو صاحب العقار؛ إلا أن يكون عملاً يقتضيه استعمال الارتفاق على الوجه المألوف، وإذا التزم مالك العقار نحو صاحب العقار بالتزام شخصي فلا يكون ذلك بموجب حق الارتفاق؛ بل بالتزام شخصي؛ فلا ينتقل هذا الالتزام مع العقار إذا انتقلت ملكيته، ومن الجهة الأخرى إذا كانت المنفعة المقررة لمصلحة شخصية لصاحب العقار المرتفق لا صلة لها بمصلحة العقار؛ فلا يكون ذلك حق ارتفاق؛ كأن يتقرر حق للمالك في استعمال مستودع أقيم في أرض جاره.

بينت المادة الأسباب العامة لكسب حق الارتفاق، وهي:

  • السبب الأول: التصرف النظامي، يعد التصرف النظامي سبباً من أسباب كسب حق الارتفاق؛ وهو يُكسب حق الارتفاق ابتداءً أو انتقالاً ؛ وذلك على النحو الآتي: أ- فالتصرف النظامي سواء كان من جانبين، وهو العقد، أو من جانب واحد، وهو الوصية، يُكسب حق الارتفاق ابتداء ؛ سواء بإنشاء الحق أو الاحتفاظ به؛ مثال اكتساب حق الارتفاق ابتداء بإنشاء الحق أن يرتب مالك العقار المرتفق به على عقاره حق ارتفاق لمصلحة عقار آخر لمالك آخر مقابل مبلغ نقدي، ومثال اكتساب حق الارتفاق ابتداء بالاحتفاظ بالحق أن يبيع شخص جزءًا من أرضه ويشترط على المشتري حق المرور على الجزء المبيع لمصلحة باقي الأرض. وتسري على هذا التصرف الأحكام الشكلية والموضوعية المتعلقة بنوع التصرف النظامي. ب والتصرف النظامي كذلك يكسب حق الارتفاق انتقالاً؛ ويشمل ذلك العقد والوصية؛ وكذا الشفعة أيضاً؛ فكل سبب من أسباب كسب الملكية في العقار يصلح أن يكون سبباً لكسب حق الارتفاق، عدا ما لا يناسب منها طبيعة حق الارتفاق وهو الالتصاق؛ لأن حق الارتفاق يتبع العقار المتصرف فيه؛ فإذا جاز أن تكسب ملكية العقار بالشفعة؛ فإن الشفيع يملك تبعاً لذلك حقوق الارتفاق المقررة لذلك العقار.
  • والسبب الثاني الإرث يعد الإرث واقعة نظامية تقع فتكون سبباً من أسباب كسب حق الارتفاق، ويكون الإرث مكسباً لحق الارتفاق انتقالاً، حيث إنه لا يتصور أن يكون مكسباً لحق الارتفاق ابتداءً، فإذا انتقل العقار بالميراث انتقل معه حق الارتفاق بالميراث أيضاً. وبالإضافة إلى الأسباب العامة المكسبة لحق الارتفاق فإن حق الارتفاق قد يكسب بنص نظامي خاص يقرر حق ارتفاق على عقار لمصلحة عقار آخر؛ فيكون مصدر اكتساب هذا الحق هو ذلك النص النظامي وهو يبين أحكامه؛ مثل بعض حقوق الارتفاق النظامية المبينة في هذا الفرع.

تشير المادة إلى الحالة التي يترتب فيها حق الارتفاق بتخصيص المالك له؛ فإذا كان المالك يملك عقارين منفصلين وجعل على أحدهما حق ارتفاق يخدم العقار الآخر، فقد خصص المالك الأصلي حق ارتفاق على هذا العقار، فإذا كانت لهذه الخدمة علامة ظاهرة، فإن حق الارتفاق ينتقل إذا انتقلت ملكية العقارين أو أحدهما بحيث أصبح العقاران مملوكين لمالكين مختلفين مع بقائهما على هذا الوضع، وبذلك ينشأ حق الارتفاق، وسبب نشوء حق الارتفاق هو الاتفاق الضمني بين المالكين المختلفين للعقارين، والاتفاق الضمني ليس إلا عقداً، أي تصرفاً نظامياً، فالارتفاق الذي نشأ بتخصيص المالك الأصلي إنما نشأ بموجب تصرف نظامي، مثال ذلك: أن يملك شخص أرضين متجاورتين ويجعل في إحداهما ممراً ظاهراً يوصل إلى الأخرى؛ فإن المالك قد خصص الأرض التي فيها الممر لخدمة الأرض الأخرى، فإذا باع الأرض الأولى وهي على هذا الوضع بالنسبة إلى الأرض الأخرى، فإن المشتري يكون قد ارتضى ضمناً أن يبرز إلى الوجود حق الارتفاق بالمرور. ويتضح من ذلك أن الارتفاق بتخصيص المالك يستلزم أربعة شروط لكي ينشأ:

  • الشرط الأول: وجود عقارين مملوكين لمالك واحد.
  • والشرط الثاني: أن يجعل المالك أحد العقارين يخدم العقار الآخر، ويخرج بهذا القيد ما إذا كان الذي جعل أحد العقارين يخدم العقار الآخر ليس مالك العقارين أو من ينوبه، كما لو أنشأه مستأجر العقارين.
  • والشرط الثالث: أن يكون الارتفاق ظاهراً، أي أن تكون له علامة ظاهرة، كطريق يرصفه ليكون ممراً للعقار الآخر، وقناة يحفرها لتجري فيها مياه السقيا للعقار الآخر، فالطريق والقناة علامات ظاهرة على الارتفاق، يمكن أن يكسب الارتفاق بها بتخصيص المالك الأصلي باعتباره اتفاقاً ضمنياً، ويخرج بهذا القيد ما إذا كان الارتفاق غير ظاهر، وهو الذي ليس له علامة خارجية تشير إلى وجوده، كأن يكون الارتفاق سلبياً يقتصر مضمونه على منع مالك العقار المرتفق به من القيام بأعمال معينة في عقاره، كالارتفاق بعدم البناء، أو رفع البناء أكثر من ارتفاع معين، أو الرؤية، فهذه الارتفاقات السلبية لا تكتسب بتخصيص المالك الأصلي؛ لأن عدم ظهورها يُبعد تصور إمكانية الاتفاق الضمني.
  • والشرط الرابع: صيرورة العقارين مملوكين لمالكين مختلفين دون تغيير في حالتهما، سواء بانتقالهما أو انتقال أحدهما إلى أيدي ملاك آخرين. ويخرج بذلك فرض أن شخصاً يملك عقارين منفصلين وجعل أحدهما في خدمة الآخر، وكان الارتفاق ظاهراً؛ فإن هذا ليس سوى استعمالاً لحق الملكية. وقررت المادة الأصل في نشوء حق الارتفاق بتخصيص المالك الأصلي وفق الشروط السابقة، وأنه ليس على مالك العقار المرتفق إلا أن يُثبت وجود علامات ظاهرة تدل على الارتفاق ليكون مستحقاً لهذا الارتفاق. وبينت المادة في آخرها أن ما تضمنته من حكم إنما هو في حال عدم وجود اتفاق صريح أو ضمني على خلافه؛ ومن ذلك أن يتم الاتفاق في سند التصرف النظامي المكسب للحق أو يجري العرف على أنه لا يعتد بهذه العلامة الظاهرة، وأن المشتري يملك العقار خالياً من حق الارتفاق؛ حيث إن حقوق الارتفاق تخضع للقواعد المقررة في سند إنشائها، ولما جرى به عرف الجهة وللأحكام الواردة في هذا الفرع.

تتناول هذه المادة حق المرور، وهو حق صاحب العقار المحصور عن الطريق العام في الحصول على ممر في أرض مملوكة لغيره ليتوصل به إلى الطريق العام؛ فقررت الفقرة الأولى من المادة أنه متى تقرر حق المرور على عقار لمصلحة عقار آخر؛ فليس لمالك العقار المرتفق به أن يمنع صاحب العقار المرتفق من المرور على أرضه. وحق المرور قد يُكسب بنص نظامي خاص، وهو ما قررته المادة التالية (۷۰۳) ويتقيد استعماله في هذه الحالة بالقيود الواردة في تلك المادة وبالأحكام المقررة في هذا الفرع، وقد يكسب حق الارتفاق كسائر حقوق الارتفاق بالتصرف النظامي؛ كما لو رتب مالك الأرض حق مرور على أرضه لمصلحة عقار آخر لمالك آخر مقابل مبلغ نقدي، كما يُكسب حق المرور تبعاً لملكية العقار المرتفق؛ بأي طريق من طرق كسب الملكية، ويتقيد الحق في هذه الحالة بالقواعد المقررة في سند إنشائه، وبما جرى به العرف وبالأحكام الواردة في هذا الفرع. وجاءت الفقرة الثانية لتقرر أن حق المرور لا يثبت بمجرد إذن مالك الأرض بالمرور على أرضه على وجه التسامح والإباحة؛ فمجرد إذن مالك الأرض لجاره مثلاً بالمرور على أرضه لا يدل على أنه قصد تمليك الجار هذا الحق؛ فإن من الجاري في تعامل الناس - لاسيما في الأراضي الزراعية الكبيرة أن يأذن مالك الأرض لأصحاب الأراضي المجاورة بالمرور على أرضه اختصاراً للطريق أو تيسيراً للوصول؛ فلا يعد هذا الإذن موافقة ضمنية منه على تمليكهم هذا الحق؛ فله متى أراد أن يرجع في هذا الإذن ويمنعهم من المرور.

تقرر المادة أن لصاحب العقار الذي لا يتصل بالطريق العام الحق في المرور في العقار المجاور لأرضه. وهذا الحق يتقرر لصاحب العقار بحكم النظام في حالتين:

  • الحالة الأولى: إذا كان العقار لا يتصل بالطريق العام من جميع الجوانب، بحيث لا يكون لصاحب العقار سبيل إلى الطريق العام إلا بالمرور بأرض جاره.
  • والحالة الثانية: إذا كان العقار من الممكن أن يتصل بالطريق العام؛ ولكن الوصول إليه لا يتم إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة؛ كوجود واد ونحو ذلك في جهة غير الجار مما يتطلب نفقة باهظة لإنشاء طريق يصل بالطريق العام، أو يكون الوصول إليه من تلك الجهة فيه مشقة كبيرة لوعورته مثلاً. وعلى هذا؛ متى كان صاحب العقار يمكنه الوصول إلى الطريق العام من غير نفقة باهظة أو مشقة كبيرة، كما لو كان له حق ارتفاق بالمرور في أرض من الأراضي المجاورة كسبه بتصرف نظامي أو بالميراث؛ فإنه لا يعد محصوراً عن الطريق العام؛ ومن ثم فلا يثبت له هذا الحق بحكم النظام. ومتى تحقق أي من الحالتين السابقتين؛ فلصاحب العقار حق المرور في أرض جاره، إلا أن المادة قررت أن تقرير هذا الحق لصاحب العقار المرتفق مقيد بثلاثة قيود
  • القيد الأول: أن يكون هذا الحق بالقدر المعتاد لاستعمال العقار واستغلاله، وبقدر الحاجة وهذا يرتبط بطبيعة العقار وطرق استغلاله، فالأرض المحصورة إذا كانت زراعية فتحتاج إلى طريق كافٍ لمرور المعدات الزراعية، أما إذا كانت غير مستغلة فلا تحتاج إلا إلى ممر كافٍ لمرور مالك الأرض، وإذا كانت الزراعة موسمية فيكون له حق المرور وقت الموسم دون غيره.
  • والقيد الثاني: أن يكون هذا الحق مقابل عوض عادل يتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك؛ سواء تم تحديد العوض وطريقة دفعه عن طريق الاتفاق بين مالك العقار المحصور ومالك العقار الذي تقرر عليه حق المرور، وإلا حددت المحكمة ذلك.
  • والقيد الثالث: ألا يتقرر هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك؛ فهو حق اضطراري؛ والضرورات تقدر بقدرها؛ فإذا تعددت العقارات المجاورة فيختار من بين هذه العقارات العقار الأخف ضرراً، وإذا تعين العقار الذي يكون فيه الممر ؛ وجب أن يكون في موضع منه يكون أخف ضرراً من غيره؛ فلو كان العقار عامراً في جزء منه وشاغراً في الجزء الآخر فيكون هذا الحق في الجزء الشاغر، وإن كان العقار عامراً كله فيتقيد استعمال الحق في الجزء الأقل ضرراً كما لو كان جزء مبني والآخر مزروع، فيتقيد الاستعمال في الجزء المزروع؛ لأنه أخف ضرراً. وإذا تقرر موضع المرور لم يكن لصاحب العقار المحصور إلا حق المرور فيه ليصل إلى الطريق العام؛ ولا يعد مالكاً له بل يعد الممر مملوكاً لمالك الأرض؛ وليس لصاحب حق المرور إلا أن يستعمله وفق القيود التي تقررت لهذا الاستعمال.

تتناول المادة حق الشرب بكسر الشين والمراد به حصة الانتفاع بالماء سقيا للأرض أو الغرس أو الحيوان أو غير ذلك، وقررت المادة أن لصاحب الأرض العالية الحق في أن يسقي أرضه من المسيل الطبيعي الذي يمر بأرضه؛ فيحبس من الماء قدر حاجته التي يقتضيها العرف؛ ثم يرسل ما زاد عن قدر حاجته من المياه إلى الأرض المنخفضة التي تليه، ثم التي تليها وهكذا ؛ فليس لصاحب الأرض العالية أن يحبس ما زاد من المسيل عن حاجته؛ بل يلزمه إرسال القدر الزائد منه إلى الأرض المنخفضة التي تليه ثم التي تليها وهكذا. فبناءً على ما قررته المادة؛ فإن حق الشرب يثبت لمصلحة الأرض المنخفضة بشرطين:

  • الشرط الأول: أن تكون إحدى الأرضين عالية والأخرى منخفضة؛ بحيث يمر المسيل بطبيعته في الأرض الأولى قبل الثانية.
  • والشرط الثاني: أن يكون هذا الحق بالقدر الزائد عن حاجة صاحب الأرض العالية، وأما إذا كان ما يصل إلى الأرض العالية من المسيل لا يكفي لحاجته وفق المعتاد عرفاً؛ فلا يلزمه أن يرسل شيئاً من المياه إلى الأرض المنخفضة.

أشارت المادة إلى حكم خاص يتعلق بحق الشرب، وهو ما إذا أنشأ شخص جدولاً أو مجرى ماء في أرض مجاورة لأرضه بإذن صاحب الأرض المجاورة أو بإذن الجهة العامة؛ لأجل أن يسقي أرضه؛ فليس لغير منشئ هذا الجدول أو المجرى أن ينتفع به؛ فهو صاحب الحق وحده؛ لأن وصول المياه إلى أرضه كان بفعله وليس لطبيعة الأرض وعلوها عن الأراضي الأخرى. واستثنت المادة من الحكم الذي قررته حالتين:

  • الحالة الأولى: إذن صاحب الحق لغيره في الانتفاع به، وهذا الإذن قد يكون صريحاً أو ضمنياً، كما لو دلت القرائن على أن صاحب الحق أذن لصاحب الأرض التي يمر بها المجرى في أن ينتفع منه في مقابل انتفاع صاحب الحق بمرور المجرى على أرضه، وتكون نفقات استعمال حق الشرب في هذه الحالة على الطرفين كل بنسبة ما يعود عليه من النفع؛ وفق ما قررته الفقرة (۳) من المادة (٧١٢).
  • والحالة الثانية: وجود نص نظامي خاص يأذن للغير بالانتفاع بهذا الحق؛ فتطبق أحكام ذلك النص الخاص.

تینب المادة الحكم فیما إذا کان حق الشرب مملوکاً على الشیوع بین عدد من الشركاء، سواء کان مورد الماء جدولاً، أم بئراً أم غیر ذلك، فلیس لأحد من الشركاء أن یشق منه جدولاً آخر، وكذلك لا یجوز لأحد الشركاء أن یقیم علیه آلة، نزح أو مضخة لضخ الماء، لأرضه أو یوسع منطقته، منه إلا بإذن بقیة، الشركاء وتطبق على هذه المادة الأحكام المنصوص علیها في ملكیة المال الشائع وقسمته بما یتوافق مع طبیعة حق الشرب.

تناولت المادة حق المجرى، وعرفتها الفقرة الأولى بأنه حق صاحب الأرض البعیدة عن مورد المیاه في جریان المیاه في أرض مملوکة لغیره لتصل من خلالها إلى أرضه. فحق المجرى یتقرر للأرض البعیدة عن مورد المیاه على جمیع الأراضي التي تقع ما بین مورد المیاه وتلك الأرض، سواء كان المجرى طبیعیاً کجدول أو قناة أو کان المجرى اصطناعیاً بأي طریقة آلیة حدیثة. وبینت الفقرة الثانیة أنه إذا ثبت حق المجرى فلیس لمالك الأراضي التي تجري فیها هذه المیاه منع هذا الحق، حتى ولو تطلب ذلك بناء منشآت على الأرض التي یمر علیها المجرى؛ کأجهزة دفع الماء ورفعه ونحو ذلك؛ إذا تحقق شرطان:

  • الشرط الأول: أن یدفع صاحب حق المجرى عوضاً معجلاً نظیر انتفاعه، ویجوز لمالك الأرض أن ینتفع مما أنشأه صاحب حق المجرى من منشآت على أن یتحمل من نفقات إقامتها ومقابل الانتفاع بها قدراً یتناسب مع ما یعود علیه من النفع؛ وفق ما نصت علیه الفقرة (۳) من المادة (٧١٢)؛ فإن لم یدفع صاحب الحق العوض المعجل؛ جاز لمالك الأرض منعه من حق المجرى.
  • والشرط الثاني: ألا یترتب على المجرى إخلال بین بانتفاع مالك الأرض، بأرضه فإن ترتب على المجرى إخلال بانتفاع مالك الأرض بأرضه ولكنه لیس بیناً؛ فلیس لمالك الأرض الحق في منع صاحب حق المجرى من الارتفاق، دون إخلال بحق مالك الأرض في التعویض عما یصیبه من ضرر بسبب المجرى وفق ما سیأتي في المادة التالیة (٧٠٨).

قررت المادة التزاماً على صاحب حق المجرى بألا یترتب على استعماله هذا الحق ضرر على الأرض التي یمر فیها المجرى، سواء كان هذا الضرر من المجرى ذاته أو من المنشآت التي أنشئت في أرض الجار لدفع الماء إلى أرض صاحب الحق؛ فإذا ترتب على استعمال حق المجرى ضرر على مالك الأرض؛ فإن لمالك الأرض أن یطلب أولاً من صاحب حق المجرى ترمیم المجرى وإصلاح الضرر؛ فإن امتنع صاحب حق المجرى عن القیام بذلك؛ جاز لمالك الأرض أن یقوم بالإصلاح أو التر میم على نفقة صاحب حق المجرى بالقدر المتعارف علیه. وحق مالك الأرض في طلب ترمیم المجرى وإصلاح الضرر لا یحول دون حقه - وفقاً للقواعد العامة - في طلب التعویض عما یکون قد لحقه من ضرر بسبب إخلال صاحب حق المجرى بالتزامه بالترمیم والإصلاح، کما لو تأخر في تنفیذ هذا الالتزام بعد طلب ذلك، منه أو امتنع عن تنفیذه فنفذه مالك الأرض أو لم ینفذه؛ وترتب على أي من ذلك ضرر على مالك الأرض؛ فیکون صاحب حق المجرى مسؤولاً عن هذا الضرر.

تشیر المادة إلى حق المسیل، وهو الحق الذي یتقرر لمصلحة صاحب العقار في تصریف المیاه السائلة سیلاً طبیعیاً إلى أرض غیره. وقررت المادة نوعین من حقوق الارتفاق المرتبطة بحق المسیل: 1- فالحق الأول یتقرر على الأرض المنخفضة لمصلحة الأرض العالیة؛ فلیس لمالك الأرض المنخفضة أن یقیم سداً یمنع سیلان المیاه بشکل طبیعي من الأرض العالیة؛ مما یسبب ضرراً على الأرض العالیة، أي أن لصاحب الأرض العالیة الحق في تصریف المیاه السائلة سیلاً طبیعیاً من أرضه؛ وأنه إذا تعینت أرض الجار المنخفضة لهذا المسیل لم یجز لمالكها أن یقیم سداً أو بناء یمنع هذا المسیل. 2- والحق الثاني یتقرر على الأرض العالیة لمصلحة الأرض المنخفضة؛ فلیس لمالك الأرض العالیة أن یقوم بعمل یزید في عبء الأرض المنخفضة؛ کأن یحجز المیاه لبعض الوقت ثم یصرفها بکمیة کبیرة على الأرض المنخفضة مما یسبب إضراراً، بها أو یوجه المسیل إلى جهة تلحق الضرر بالأرض المنخفضة. وحق المسیل الذي قررت هذه المادة أحکامه یتعلق بتصریف صاحب الأرض المیاه السائلة سیلاً طبیعیاً، وهو بهذا المفهوم یقابل حق الشرب، أما تصریف میاه الصرف – وهي المیاه غیر الصالحة بعد ري أرضه إلى المصرف العام - عبر أرض جاره؛ فیکون ذلك غالباً من خلال قنوات مستورة تحت الأرض؛ فلا یدخل في حکم هذه المادة، وحق المسیل بهذا المفهوم یقابل حق المجرى، وتطبق في شأنه الأنظمة الخاصة.

قررت المادة قاعدة عامة فیما یتعلق بحق المسیل، وهي عدم جواز إجراء مسیل ضار في ملك الغیر أو في الطریق العام أو الخاص، فإذا أجرى شخص مسیلاً في أرضه وترتب علیه ضرر في ملك الغیر أو في طریق عام أو خاص وجب علیه إزالة هذا الضرر؛ وإلا كان ضامناً لما ینشأ عن هذا المسیل من ضرر. وقرر آخر المادة أنه یجب على صاحب العقار الذي أحدث المسیل الضار أن یزیله ولو كان هذا المسیل قدیماً، والمراد بإزالة الضرر ولو كان قدیماً أي إزالة؛ بموجبه وهو المسیل، الضار ولیس المراد جبر ما وقع من الضرر بسبب هذا المسیل بتعویض المتضرر؛ فإن التعویض عن الضرر تفنى فیه الحقوق بمرور الزمن وفق ما هو مقرر في قواعد الفعل الضار في القسم الأول من هذا النظام.

بینت المادة أن آثار حق الارتفاق التي هي الحقوق والالتزامات بموجب حق الارتفاق یحددها ثلاثة أمور:

  • الأمر الأول: سند إنشاء حق الارتفاق سواء كان العقد أم الوصیة، لأنهما یعبران عن الإرادة التي هي مصدر حق الارتفاق.
  • والأمر الثاني: العرف السائد في الجهة التي یقع فیها حق الارتفاق، فیما لا یتعارض مع ما ورد في سند الإنشاء، حیث إن المعروف عرفاً کالمشروط شرطاً.
  • والأمر الثالث: الأحکام الواردة في هذا الفرع من المادة (٧١٢) وحتى المادة (٧١٥).

تشیر المادة إلى أثر من آثار حق الارتفاق وهو التزام مالك العقار المرتفق بتحمل نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه. فبینت الفقرة الأولى أن الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه تكون نفقاتها في الأصل على مالك العقار المرتفق، لأنه المستفید من حق الارتفاق؛ فیجب علیه تبعاً لذلك أن یدفع نفقات هذه الاستفادة تطبیقاً للقاعدة الکلیة: "الخراج بالضمان"، وعموم الفقرة الأولى یشمل ما إذا كان في العقار، عیب أو اقتضى الأمر تغییر محل الارتفاق، فیتحمل مالك العقار المرتفق النفقات حتى ولو كان سبب هذه النفقات أعمالاً اقتضى القیام بها عیب في العقار أو تغییر محله بسبب تعدیل في الوضع القائم للأشیاء. ونصت الفقرة الأولى كذلك على جواز الاتفاق على خلاف هذا الأصل المقرر لأنه لیس من النظام العام فیجوز الاتفاق في السند الذي أنشأ حق الارتفاق أن تكون نفقة الأعمال على مالك العقار المرتفق به. وتشیر الفقرة الثانیة إلى الحالة التي یكون فیها مالك العقار المرتفق به هو المكلف بنفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه، کما لو اتفق الطرفان على أن یتحمل التکالیف مالك العقار المرتفق، بها وأشارت المادة إلى أن مالك العقار المرتفق به یستطیع أن یتخلص من هذا التکلیف بالتخلی عنه كله لمالك العقار المرتفق إن كان الارتفاق على كامل، العقار أما إذا كان الارتفاق لجزء من العقار كالارتفاق بالمرور فیکفي مالك العقار المرتفق به أن یتخلى عن ذلك الجزء لصالح مالك العقار المرتفق للتخلص من النفقات. وأوضحت الفقرة الثالثة أنه إذا كانت الأعمال نافعة لمالكي العقارین المرتفق والمرتفق به، فإن نفقات تلك الأعمال تكون على الطرفین كل بنسبة ما یعود علیه من النفع، فإذا كان هناك ارتفاق بالمرور وكان مالك العقار المرتفق به یستخدم هذا الطریق أیضاً للمرور ویعود علیه بالنفع كانت تكالیف أعمال الطریق والمحافظة علیه على مالكي العقارین المرتفق والمرتفق به كل بنسبة ما یعود علیه من النفع.

تشیر المادة إلى أنه لا یجوز لمالك العقار المرتفق به أن یقوم بعمل من شأنه التأثیر في استعمال حق الارتفاق أو تغییر وضعه، إلا إذا أصبح الارتفاق أشد إرهاقاً لمالك العقار المرتفق به أو كان یمنعه من القیام بالإصلاحات المفیدة؛ فله أن یطلب نقل الحق إلى موضع یتمكن معه مالك العقار المرتفق من استعمال حقه بسهولة الموضع القدیم.

تشیر المادة إلى أثر من آثار حق الارتفاق وهو التزام مالك العقار المرتفق بتحمل نفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه. فبینت الفقرة الأولى أن الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه تكون نفقاتها في الأصل على مالك العقار المرتفق، لأنه المستفید من حق الارتفاق؛ فیجب علیه تبعاً لذلك أن یدفع نفقات هذه الاستفادة تطبیقاً للقاعدة الکلیة: "الخراج بالضمان"، وعموم الفقرة الأولى یشمل ما إذا كان في العقار، عیب أو اقتضى الأمر تغییر محل الارتفاق، فیتحمل مالك العقار المرتفق النفقات حتى ولو كان سبب هذه النفقات أعمالاً اقتضى القیام بها عیب في العقار أو تغییر محله بسبب تعدیل في الوضع القائم للأشیاء. ونصت الفقرة الأولى كذلك على جواز الاتفاق على خلاف هذا الأصل المقرر لأنه لیس من النظام العام فیجوز الاتفاق في السند الذي أنشأ حق الارتفاق أن تكون نفقة الأعمال على مالك العقار المرتفق به. وتشیر الفقرة الثانیة إلى الحالة التي یكون فیها مالك العقار المرتفق به هو المكلف بنفقات الأعمال اللازمة لاستعمال حق الارتفاق والمحافظة علیه، کما لو اتفق الطرفان على أن یتحمل التکالیف مالك العقار المرتفق، بها وأشارت المادة إلى أن مالك العقار المرتفق به یستطیع أن یتخلص من هذا التکلیف بالتخلی عنه كله لمالك العقار المرتفق إن كان الارتفاق على كامل، العقار أما إذا كان الارتفاق لجزء من العقار كالارتفاق بالمرور فیکفي مالك العقار المرتفق به أن یتخلى عن ذلك الجزء لصالح مالك العقار المرتفق للتخلص من النفقات. وأوضحت الفقرة الثالثة أنه إذا كانت الأعمال نافعة لمالكي العقارین المرتفق والمرتفق به، فإن نفقات تلك الأعمال تكون على الطرفین كل بنسبة ما یعود علیه من النفع، فإذا كان هناك ارتفاق بالمرور وكان مالك العقار المرتفق به یستخدم هذا الطریق أیضاً للمرور ویعود علیه بالنفع كانت تكالیف أعمال الطریق والمحافظة علیه على مالكي العقارین المرتفق والمرتفق به كل بنسبة ما یعود علیه من النفع.

تشیر المادة إلى أنه لا یجوز لمالك العقار المرتفق به أن یقوم بعمل من شأنه التأثیر في استعمال حق الارتفاق أو تغییر وضعه، إلا إذا أصبح الارتفاق أشد إرهاقاً لمالك العقار المرتفق به أو كان یمنعه من القیام بالإصلاحات المفیدة؛ فله أن یطلب نقل الحق إلى موضع یتمكن معه مالك العقار المرتفق من استعمال حقه بسهولة الموضع القدیم.

تینب المادة الحكم فیما إذا کان حق الشرب مملوکاً على الشیوع بین عدد من الشركاء، سواء کان مورد الماء جدولاً، أم بئراً أم غیر ذلك، فلیس لأحد من الشركاء أن یشق منه جدولاً آخر، وكذلك لا یجوز لأحد الشركاء أن یقیم علیه آلة، نزح أو مضخة لضخ الماء، لأرضه أو یوسع منطقته، منه إلا بإذن بقیة، الشركاء وتطبق على هذه المادة الأحكام المنصوص علیها في ملكیة المال الشائع وقسمته بما یتوافق مع طبیعة حق الشرب.

تناولت المادة حق المجرى، وعرفتها الفقرة الأولى بأنه حق صاحب الأرض البعیدة عن مورد المیاه في جریان المیاه في أرض مملوکة لغیره لتصل من خلالها إلى أرضه. فحق المجرى یتقرر للأرض البعیدة عن مورد المیاه على جمیع الأراضي التي تقع ما بین مورد المیاه وتلك الأرض، سواء كان المجرى طبیعیاً کجدول أو قناة أو کان المجرى اصطناعیاً بأي طریقة آلیة حدیثة. وبینت الفقرة الثانیة أنه إذا ثبت حق المجرى فلیس لمالك الأراضي التي تجري فیها هذه المیاه منع هذا الحق، حتى ولو تطلب ذلك بناء منشآت على الأرض التي یمر علیها المجرى؛ کأجهزة دفع الماء ورفعه ونحو ذلك؛ إذا تحقق شرطان:

  • الشرط الأول: أن یدفع صاحب حق المجرى عوضاً معجلاً نظیر انتفاعه، ویجوز لمالك الأرض أن ینتفع مما أنشأه صاحب حق المجرى من منشآت على أن یتحمل من نفقات إقامتها ومقابل الانتفاع بها قدراً یتناسب مع ما یعود علیه من النفع؛ وفق ما نصت علیه الفقرة (۳) من المادة (٧١٢)؛ فإن لم یدفع صاحب الحق العوض المعجل؛ جاز لمالك الأرض منعه من حق المجرى.
  • والشرط الثاني: ألا یترتب على المجرى إخلال بین بانتفاع مالك الأرض، بأرضه فإن ترتب على المجرى إخلال بانتفاع مالك الأرض بأرضه ولكنه لیس بیناً؛ فلیس لمالك الأرض الحق في منع صاحب حق المجرى من الارتفاق، دون إخلال بحق مالك الأرض في التعویض عما یصیبه من ضرر بسبب المجرى وفق ما سیأتي في المادة التالیة (٧٠٨). وقررت المادة التزاماً على صاحب حق المجرى بألا یترتب على استعماله هذا الحق ضرر على الأرض التي یمر فیها المجرى، سواء كان هذا الضرر من المجرى ذاته أو من المنشآت التي أنشئت في أرض الجار لدفع الماء إلى أرض صاحب الحق؛ فإذا ترتب على استعمال حق المجرى ضرر على مالك الأرض؛ فإن لمالك الأرض أن یطلب أولاً من صاحب حق المجرى ترمیم المجرى وإصلاح الضرر؛ فإن امتنع صاحب حق المجرى عن القیام بذلك؛ جاز لمالك الأرض أن یقوم بالإصلاح أو التر میم على نفقة صاحب حق المجرى بالقدر المتعارف علیه. وحق مالك الأرض في طلب ترمیم المجرى وإصلاح الضرر لا یحول دون حقه - وفقاً للقواعد العامة - في طلب التعویض عما یکون قد لحقه من ضرر بسبب إخلال صاحب حق المجرى بالتزامه بالترمیم والإصلاح، کما لو تأخر في تنفیذ هذا الالتزام بعد طلب ذلك، منه أو امتنع عن تنفیذه فنفذه مالك الأرض أو لم ینفذه؛ وترتب على أي من ذلك ضرر على مالك الأرض؛ فیکون صاحب حق المجرى مسؤولاً عن هذا الضرر.

تعالج هذه المادة أثر عدم استعمال حق الارتفاق في حالة الشركاء في الملك الشائع وبينت أن مدة التقادم في دعوى المطالبة بحق الارتفاق تنقطع إذا انتفع أحد الشركاء على الشيوع بحق الارتفاق، ويستفيد من هذا الانقطاع باقي الشركاء حتى لو لم ينتفعوا بحق الارتفاق، كما أن وقف المدة لمصلحة أحدهم يجعلها موقوفة بالنسبة للآخرين.

بينت المادة أن الأحكام المتعلقة بالحقوق العينية التبعية كحق الرهن وحق الامتياز تسري عليها النصوص النظامية الخاصة بها.

أوردت المادة إحدى وأربعين قاعدة كلية، وبينت المادة في مقدمتها مرتبة تطبيق هذه القواعد وضوابط تطبيقها؛ أما من حيث مرتبة تطبيقها فقررت المادة أن القاعدة الكلية تطبق في حال عدم وجود نص نظامي في المسألة؛ حيث قيدت تطبيقها بعدم الإخلال بما تقضي به المادة الأولى من هذا النظام والتي نصت على أن تطبيق هذه القواعد إنما يصار إليه في حال عدم وجود نص نظامي يمكن تطبيقه. وتوكيداً لهذا المعنى نصت هذه المادة على أن تطبيق هذه القواعد مقيد بعدم تعارضها مع نص نظامي؛ فإذا تعارضت قاعدة كلية من هذه القواعد مع نص نظامي فيقدم النص النظامي. وأما من حيث ضوابط تطبيق هذه القواعد فقررت المادة وجوب مراعاة طبيعة هذه القواعد، وهي أنها قواعد كلية وليست نصوصاً خاصة بمسائل معينة؛ ولها شروطها واستثناءاتها؛ فيراعى في تطبيقها على الوقائع الخاصة الطبيعة الكلية لهذه القواعد وما يرد على كل قاعدة من شروط واستثناءات. ومتى روعيت تلك الضوابط فيكون الحكم المستمد من هذه القواعد الكلية - فيما لم يرد فيه نص نظامي - مقدماً على الحكم المستمد من اجتهاد فقهي لا يستند على أي من تلك القواعد ؛ وفق ما بينته المادة الأولى من هذا النظام. وفيما يأتي شرح هذه القواعد:

يقصد بهذه القاعدة أن الحكم الذي يترتب على أمر من فعل أو قول يكون بمقتضى المقصود منه؛ والأصل في هذه القاعدة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) (15)؛ فإرادة الشخص ذات أثر فيما يترتب على تصرفه من أحكام، فلا تؤخذ الألفاظ أو الأفعال مجردة عما يحتف بها من دلالات تكشف عن نية الشخص ومقصوده. (15) متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الأولى، ويقصد بها أن العبرة في العقود بالمقاصد التي عينتها دلالة الحال والقرائن التي توجد في عقد قد يكون المتعاقدان استخدما فيه ألفاظاً يترتب عليها آثار عقد معين، إلا أن القرائن دلت على توجه إرادتهما إلى حكم عقد آخر؛ فتجري عليه أحكام ذلك العقد ؛ لأن المعتبر هو نية المتعاقدين المشتركة التي دلت عليها ظروف التعاقد بينهما، ومن أمثلة ذلك الهبة الساترة لعقد البيع؛ فالعقد تجري عليه أحكام البيع ولو سمي هبة. وغني عن البيان أن المراد بالمقاصد في هذه القاعدة هو ما دلت عليها ظروف التعاقد، وليس ما يستتر منها في النفوس ولا يوجد ما يدل عليها.

العادة والعرف الواردان في هذه القاعدة والقواعد الكلية الآتية بمعنى واحد؛ حيث التزم النظام بالصياغات الأشهر للقواعد ؛ فلفظ "العادة" أو "العرف" في هذه القواعد يشمل العرف المستقر بين الناس، وهو الأمر المتكرر الذي اعتاد عليه الناس واستقر عليه التعامل فيما بينهم، وهو قد يكون عاماً بين الناس أو خاصاً في فئة أو منطقة معينة، كما يشمل العادة الجارية بين طرفين وإن لم تكن عرفاً عاماً أو خاصاً. ومعنى محكمة أي مقضي بها، بحيث يرجع إليها عند النزاع، ويقدم العرف الخاص على العرف العام، كما تقدم العادة الجارية بين طرفين على العرف. ويشترط للرجوع إلى العرف أو العادة أ- أن يكون مطرداً مستقراً. ب وأن يكون مقارناً للواقعة لا سابقاً عليها أو لاحقاً لها. ج- وألا يكون ممنوعاً بمقتضى نص نظامي. د وألا يكون المتعاقدان اتفقا على خلافه. والرجوع إلى العرف معتبر في مسائل كثيرة؛ كالتسليم والغبن والعيب، وما يعد جوهرياً وما لا يعد، والمدد التي لم يتفق على تحديد أجلها، وغيرها من المسائل.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثالثة؛ فبينت أن التعيين بالعرف وهو يشمل العادة الجارية بين طرفين - يأخذ من حيث الإلزام به حكم التعيين المنصوص عليه عند عدمه، ويشمل التعيين في هذه القاعدة تعيين المحل أو المدة أو المتعاقد معه أو غير ذلك مما يمكن أن يعين بنص. ويشترط لإعمال القاعدة توفر شروط العرف التي سبق بيانها في القاعدة الثالثة، ومنها ألا يكون المتعاقدان اتفقا على خلافه، $yi_{s}$ يكون ممنوعاً بنص نظامي.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثالثة؛ فبينت أن ما جرى به الع عرف من الالتزامات في العقود ومن ذلك ما جرت عليه عادة المتعاقدين فيما بينهما يكون في قوة المشروط في العقد متى تحققت شروط الأخذ بالعرف التي سبق بيانها في شرح تلك القاعدة، ويعد ذلك اتفاقاً ضمنياً بين المتعاقدين مصدره العرف أو العادة الجارية بينهما وإن لم يكن مصرحاً به في العقد. وتطبيقاً لهذه القاعدة فالذي سار عليه النظام أنه إذا لم يقيد لفظ الاتفاق في النص النظامي بأن يكون صريحاً بين المتعاقدين؛ فإن حكم ذلك النص يشمل الاتفاق الصريح والاتفاق الضمني بمقتضى عرف أو عادة جارية بين المتعاقدين، ومن ذلك ما إذا قيد النص النظامي بعبارة "ما" لم يتفق على خلافه فهو يشمل الاتفاق الضمني بمقتضى العرف أو العادة الجارية بين المتعاقدين؛ مع مراعاة شروط الأخذ بالعرف التي سبق بيانها في القاعدة الثالثة، وذلك دون حاجة للنص على العرف في كل موضع اكتفاء بما قررته هذه القاعدة؛ وبما قررته المادة (۳۳) من هذا النظام من أن تعبير المتعاقد عن إرادته يصح أن يكون صريحاً أو ضمنياً؛ إذ إن جريان العرف أو عادة المتعاقدين على أمر معين يعد اتفاقاً ضمنياً بينهما على الأخذ به إذا لم يصرحا بخلافه.

الممتنع حقيقة هو الذي لا يمكن وقوعه، والممتنع عادة هو الذي لا يعهد وقوعه وإن كان فيه احتمال عقلي بعيد؛ فيأخذ حكم الممتع حقيقة، ومن ذلك المسائل التي علق فيها الحكم على تعذر أمر ، كسقوط الفسخ بالعيب إذا رتب المشتري على المبيع حقاً للغير لا يخرجه عن ملكه وتعذر تخليصه خلال مدة معقولة، وجواز الصلح ولو كان الحق الذي يشمله مجهولاً إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم وتعذر العلم به في مدة قريبة، وغيرها من المسائل.

هذه إحدى القواعد الفقهية الكبرى، والمراد بها أن الأمر المتيقن، وهو الذي لا تردد فيه لا يرتفع بمجرد طروء الشك، وهو الأمر المحتمل ؛ لأن الأضعف لا يقوى على إزالة ما هو أقوى منه. ويأخذ الظن الغالب الذي يقرب من اليقين حكمه. وهذه القاعدة يندرج تحتها فروع كثيرة، ومنها قواعد استصحاب الأصل وفق ما سيأتي بيانه.

هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة اليقين لا يزول بالشك"، ويقصد بالأصل هنا استصحاب ما كان عليه الأمر في الماضي إلى الوقت الحاضر حتى يأتي ما يرفع حكم الأصل، فمثلاً: الأصل في الشيء بقاؤه في ملك صاحبه حتى يثبت العكس، والأصل في العقد بقاؤه حتى يثبت زواله.

هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة " اليقين لا يزول بالشك" ، وتقرر هذه القاعدة أن ذمة الشخص خالية من أي التزام تجاه الغير حتى يثبت العكس بموجب عقد أو التزام بإرادة منفردة أو الفعل الضار أو إثراء بلا سبب أو النظام، وإذا ثبت الالتزام بقدر معين تكون ذمة الشخص بريئة عما زاد عنه حتى يثبت العكس.

تقرر هذه القاعدة مبداً مهماً في العقود، وهو أن الأصل فيها حرية التعاقد؛ فلا يشترط أن يكون التعاقد وفق صيغة معينة، سواء أكان عقداً مفرداً أم مركباً من عدة عقود، وللمتعاقدين أن يتفقا على ما يرتضيانه من الشروط، وتكون صحيحة وملزمة لهما، ولو لم تكن تلك الشروط منصوصاً على صحتها في النظام، وهذه القاعدة تستند إلى قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (16) ، فالآية الكريمة تفيد العموم بوجوب الوفاء بالعقد وما تضمنه من التزامات. ولا يستثنى من عموم القاعدة إلا ما اقتضى النظام بطلانه من العقود أو الشروط؛ بمقتضى نص نظامي يمنعه أو لمخالفته النظام العام، مثل عقد القمار، والشروط التي منعها النظام حماية لاستقرار التعامل كمنع الاتفاق على خلاف ما قرره النظام في الظروف الاستثنائية العامة، وما عدا ذلك فهو صحيح وملزم للمتعاقدين.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، والمراد بها أن كل تصرف يصدر عن ولي الأمر أو من في حكمه من مسؤولي الدولة في شأن عام يجب أن يقصد به تحقيق المصلحة العامة، فليس لولي الأمر أن يتصرف بحكم سلطته إلا وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، وحسبما تقتضيه الموازنة بين المصالح والمفاسد؛ فلو كان هناك مصلحة عامة، ومعها مفسدة خاصة؛ فإن العبرة بالمصلحة العامة، ولا يلتفت إلى المفسدة الخاصة. والأصل في هذه القاعدة قول النبي صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته). ومن ذلك أن يكون النظام قد قيد سلطة ولي الأمر في تقدير بعض المسائل، أو أن يكون له سلطة تقديرية؛ فإنه يجب عليه أن يتقيد في تصرفه بالمصلحة العامة، ولا يجوز له أن يحابي أحداً أو ينفذ رغبات شخصية لا تتفق مع المصلحة العامة.

الخراج هو الغلة التي تكون للشيء، والضمان هو تبعة هلاك الشيء، وتتعلق هذه القاعدة بحقوق والتزامات المالك في عقود المعاوضات؛ فمن له الغنم فعليه الغرم، ومن له الغلة فعليه تبعة الهلاك، ومن ذلك أن المشتري للعقار تكون له غلته ونماؤه من وقت تسلمه له ولو لم يدفع الثمن، وعليه تبعة هلاكه، وتطبق هذه القاعدة على حالات انتفاع المشتري بالمبيع قبل قبضه إذا كان له خراج؛ كالأجرة التي يستوفيها إذا باعه ثم استأجره من المشتري، والورثة تكون لهم غلة التركة ونماؤها من تاريخ وفاة مورثهم، فعليهم تبعة هلاكها.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من كان له غنم شيء؛ فله منفعته وله غلته ونماؤه، فعليه غرمه؛ وهو ضرره وتبعة هلاكه، وتدل على ذلك عدد من النصوص الشرعية، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الخراج بالضمان) ، وهي قريبة المعنى من القاعدة الثانية عشرة، وترد مورد التوضيح والتأكيد على ما جاء فيها.

المراد بهذه القاعدة أن التابع لا ينفرد بالحكم، وله فروع كثيرة، منها أن التابع يتبع المتبوع في صحته وفساده وفي لزومه وعدم لزومه، ففرع الشجرة تابع لأصلها في الحكم، ومن ذلك تبعية منافع المبيع لملكيته، وتبعاً لذلك فإن تصرف المالك يلحق أصل الشيء وما يتبعه، وما يعد تابعاً للشيء يتبعه في البيع وغيره من التصرفات ولو لم ينص على تبعيته، ومن ذلك تبعية العيوب في المبيع والتصرفات الواردة على أصله، ومن أمثلة فروع هذه القاعدة أن بيع الأرض يشمل المزروعات التي لم يشتد عودها، وبيع الأثاث يشمل مفاتيح الدواليب وبيع البستان يشمل أشجاره، كما أن بيع الحيوان يشمل ما تحمله.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة؛ وتقرر أنه إذا سقط الأصل، وهو المتبوع سقط الفرع، وهو التابع، ومن ذلك أن فسخ البيع يتضمن سقوط الفوائد، وسقوط الرهن بانقضاء الالتزام المضمون به.

من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما جاز فعله بسبب الضرورة يتحدد بقدر هذه الضرورة دون مجاوزتها؛ لأن الضرورة لا تبطل الحقوق؛ وإنما تبيح فعل ما هو محرم شرعاً بقدرها، وقد يكون ذلك الفعل ضرراً، ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه، ومن ذلك أيضاً أن إيداع الشيء لدى الغير على سبيل الأمانة إذا كان للمودع لديه مصلحة في الإيداع فإنه يلتزم بالمحافظة عليه.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الحاجات الملجئة التي لا يمكن للشخص دفعها تبيح له ارتكاب ما كان محرماً في الأصل من الأفعال، ويرفع الإثم عن مرتكبه. ويدخل في معنى الضرورات الحاجات العامة التي تمس جميع الناس؛ ومن ذلك ما إذا اضطر شخص لتجاوز الحدود النظامية في تصرفه لدرء خطر محدق به أو بغيره، ومن ذلك أيضاً ما إذا اضطر إلى القيام بأعمال لا يجيزها النظام في الظروف العادية للمحافظة على نفسه أو ماله أو غيره، ويشترط لإعمال هذه القاعدة ما يلي: أ- أن تكون الضرورة ملجئة. ب أن لا يتوفر ما يدفع الضرورة إلا بارتكاب المحظور. ج- وأن يكون ارتكاب المحظور مما يزيل الضرر أو يدفعه.

هذه القاعدة متفرعة عن قاعدة "الضرر يزال" الآتية، وتقرر هذه القاعدة أن إزالة الضرر يجب أن تكون بطرق لا يترتب عليها إيقاع ضرر مساو أو أشد؛ فإنه يدفع بالشيء الذي يزيل الضرر، فإن كان الضرر مساوياً أو أشد؛ فإنه لا يدفع به، بل يبقي الضرر الأول. ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه.

تقرر هذه القاعدة أن الضرر غير القديم، وذلك بخلاف الأمور الأخرى كالعرف، أو الشيء الثابت في الملكية، ونحوه، وهو يقصد به أن الضرر لا يكون قديماً يستقر به الحق، بل الواجب إزالته، وإذا ثبت الضرر فلا يتقادم، فمن تضرر من فعل شخص آخر؛ فله أن يطالب بإزالة الضرر ولو طالت المدة، ولا يعارض ذلك ما جاء في هذا النظام من مدد لا تسمع الدعوى بعدها؛ لأنه يتعلق بالضرر الجديد الذي لم يعهد من قبل.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، وتقرر أن كل ضرر يجب رفعه وإزالته، وتدل على ذلك عدد من النصوص الشرعية، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) (17)، والضرر هو ما يلحق الشخص من أذى أو نقص في حقوقه، ولا يفرق النظام في إزالة الضرر بين أن يكون الضرر قديماً أو جديداً، عاماً أو خاصاً، والضرر يشمل الضرر المادي والمعنوي، والضرر المحقق والمحتمل الذي توجد دلائل قوية على وقوعه، ويشمل الضرر الذي يقع بفعل شخص أو الذي يقع بسبب مباشر من قبله، وذلك كتلوث البيئة، وقد يكون بسبب عدم قيام الشخص بما يجب عليه القيام به، وذلك كترك الطريق مبللاً بغير حاجة، وهو يشمل الأضرار التي تقع على النفس أو المال أو العرض أو غير ذلك.

هذه القاعدة مستفادة من قاعدة "التصرف على الرعية منوط بالمصلحة"، ومعناها أن جميع الولايات في الدولة تخضع لمبدأ المصلحة العامة، فكل من تولى منصباً من المناصب في الدولة فعليه أن يراعي المصلحة العامة في تصرفاته وقراراته، وأن تكون هذه التصرفات والقرارات مبنية على رأي سديد يستند إلى المعطيات التي بين يديه، ولا تكون مبنية على هوىً شخصي، أو ميل إلى مصلحة خاصة، وتطبق هذه القاعدة على جميع من يتولى ولاية عامة أو خاصة؛ كالوصي والولي والناظر، وغيرهم، ومن ذلك أن الوصي عليه أن يراعي مصلحة القاصر في جميع تصرفاته المتعلقة به، والولي عليه أن يراعي مصلحة المولى عليه في جميع تصرفاته، وتكون مبنية على رأي سديد لا على هوىً شخصي.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من قام بالفعل بنفسه، أو قام به مباشرة؛ فإنه يضمن ما يترتب عليه من ضرر ولو لم يتعمد، ومن ذلك: أن الطبيب الذي أجرى عملية جراحية وترتب عليها ضرر؛ فإنه يضمن هذا الضرر ولو لم يتعمد إحداثه، والمالك الذي قام ببناء منزل وترتب عليه ضرر؛ فإنه يضمن هذا الضرر ولو لم يتعمد إحداثه، ويستثنى من ذلك ما إذا كان هناك سبب آخر للضرر، أو كان هناك قوة قاهرة، أو كان هناك سبب خارج عن إرادته.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الثانية والعشرين، ومعناها أن من كان سبباً في الضرر؛ فإنه لا يضمن إلا إذا تعمد إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ، فإذا لم يتعمد، ولم يكن في فعله تعدٍ؛ فإنه لا يضمن، ومن ذلك: أن من حفر بئراً في ملكه ومر شخص وسقط فيه، فإنه لا يضمن إلا إذا تعمد إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ كأن يكون حفر البئر في مكان عام، أو في مكان خاص وتركه مفتوحاً دون حراسة.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين، ومعناها أنه إذا اجتمع فعل مباشر، وفعل متسبب؛ فإن الحكم يضاف إلى المباشر، ويكون هو الضامن، ولا يلتفت إلى المتسبب، ومن ذلك: أن من ألقى حجراً على طريق، فمر شخص وتعثر وسقط، فإنه يضمن الساقط، ولا يلتفت إلى من ألقى الحجر، وإذا تعمد المتسبب إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ فإنه يضمن مع المباشر.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من فعل ما هو جائز شرعاً؛ فإنه لا يضمن ما يترتب على فعله من ضرر، ومن ذلك: أن من قام ببيع سلعة، وترتب عليها ضرر للمشتري؛ فإنه لا يضمن هذا الضرر، ما لم يكن هناك غش أو تدليس منه، وأن يكون البيع جائزاً شرعاً، وتطبق هذه القاعدة على جميع العقود والتصرفات التي تكون جائزة شرعاً.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما كان وسيلة للواجب؛ فإنه يكون واجباً، ومن ذلك: أن أداء الصلاة واجب، والوضوء وسيلة لأداء الصلاة؛ فإنه يكون واجباً، وتطبق هذه القاعدة على جميع الواجبات الشرعية، ومنها الواجبات النظامية، ومن ذلك: أن على الشخص أن يلتزم بالأنظمة والتعليمات التي تصدر عن الجهات الحكومية، وأن تكون هذه الالتزامات وسيلة لتحقيق المصلحة العامة.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن دفع الضرر، ورفع المفاسد مقدم على جلب المنافع، وتحقيق المصالح، ومن ذلك: أن إزالة الأضرار البيئية مقدم على جلب المنافع الاقتصادية التي تترتب على النشاطات التي تسبب هذه الأضرار، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالمصالح والمفاسد، ومنها المسائل النظامية.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع الذي لا ينفرد بالحكم يُغتفر فيه ما لا يُغتفر في غيره، ومن ذلك: أن العيوب اليسيرة في المبيع التي لا تؤثر في قيمته، ولا تمنع الانتفاع به، تُغتفر، ولا يترتب عليها خيار للمشتري، وتطبق هذه القاعدة على جميع التوابع في العقود والتصرفات، ومنها التوابع في الأموال، والتوابع في العقارات.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أنه إذا تعارض ما يمنع من فعل الشيء، وما يقتضي فعل الشيء؛ فإنه يُقدم المانع، ومن ذلك: أن من كان لديه مانع من أداء الصلاة؛ فإنه يُقدم المانع، ولا يؤدي الصلاة، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالمانع والمقتضي، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من كان لديه مانع من إبرام عقد؛ فإنه يُقدم المانع، ولا يبرم العقد.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع لا يتقدم على المتبوع، ومن ذلك: أن الفرع لا يتقدم على الأصل في الإرث، والوصي لا يتقدم على الولي في التصرف في مال القاصر، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالتابع والمتبوع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الفرع لا يتقدم على الأصل في الأخذ بالحقوق، والالتزام بالواجبات.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الرابعة عشرة، ومعناها أن التابع لا يستقل بفسخ العقد، ومن ذلك: أن الفرع لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الأصل، والوصي لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الولي، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالتابع والمتبوع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الفرع لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الأصل، والوصي لا يستقل بفسخ العقد الذي أبرمه الولي.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن من رضي ببعض الشيء؛ فإنه يكون راضياً بكله، ومن ذلك: أن من رضي ببعض شروط العقد؛ فإنه يكون راضياً بكامل شروطه، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالرضا، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من رضي ببعض أحكام النظام؛ فإنه يكون راضياً بكامل أحكامه.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن جهالة الشيء لا تمنع العلم به، ومن ذلك: أن جهالة قدر الدين لا تمنع العلم به، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالجهالة، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن جهالة قدر الضرر لا تمنع العلم به.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة السادسة عشرة، ومعناها أن ما جاز فعله بسبب الضرورة يتحدد بقدر هذه الضرورة دون مجاوزتها؛ لأن الضرورة لا تبطل الحقوق؛ وإنما تبيح فعل ما هو محرم شرعاً بقدرها، وقد يكون ذلك الفعل ضرراً، ومن ذلك أن الرهن الحيازي الذي يقره النظام بكونه يلزم الراهن بتمكين المرتهن من حيازة المرهون ويترتب عليه حقوق للمرتهن في بيع المرهون واستيفاء الدين من ثمنه، ومن ذلك أيضاً أن إيداع الشيء لدى الغير على سبيل الأمانة إذا كان للمودع لديه مصلحة في الإيداع فإنه يلتزم بالمحافظة عليه.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن ما كان ممنوعاً شرعاً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة، ومن ذلك: أن البيع الربوي ممنوع شرعاً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالممنوع شرعاً، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن ما كان ممنوعاً نظاماً؛ فإنه يكون كالممنوع حقيقة.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الظاهر الذي لا يعارضه دليل؛ فإنه يكون حجة شرعاً، ومن ذلك: أن الظاهر من العقود صحتها؛ فإنه يكون حجة شرعاً، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالظاهر، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الظاهر من المستندات صحتها؛ فإنه يكون حجة شرعاً.

هذه القاعدة متفرعة عن القاعدتين الثانية والعشرين والثالثة والعشرين، ومعناها أنه إذا اجتمع فعل مباشر، وفعل متسبب؛ فإن الحكم يضاف إلى المباشر، ويكون هو الضامن، ولا يلتفت إلى المتسبب، ومن ذلك: أن من ألقى حجراً على طريق، فمر شخص وتعثر وسقط، فإنه يضمن الساقط، ولا يلتفت إلى من ألقى الحجر، وإذا تعمد المتسبب إحداث الضرر، أو كان في فعله تعدٍ؛ فإنه يضمن مع المباشر.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن رجوع البائع في المبيع لا يُوجب عليه الغرم، ومن ذلك: أن البائع إذا رجع في المبيع بسبب عيب فيه؛ فإنه لا يُوجب عليه الغرم، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالرجوع في المبيع، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن الرجوع في العقار لا يُوجب الغرم.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن الأصل إذا تعذر؛ فإنه يُصار إلى البدل، ومن ذلك: أن من تعذر عليه أداء الدين عيناً؛ فإنه يُصار إلى البدل، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بتعذر الأصل، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن من تعذر عليه تنفيذ الالتزام عيناً؛ فإنه يُصار إلى البدل.

يقصد القاعدة أن من أبرم أمراً بإرادته واختياره، ثم أراد نقض ما تم بلا عذر لم يقبل سعيه، بل يكون سعيه مردودا عليه، ومن ذلك: أن من أبرم عقداً بإرادته واختياره، ثم أراد نقض العقد بلا عذر؛ فإنه لا يقبل سعيه، بل يكون سعيه مردودا عليه، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بنقض ما تم، ومنها المسائل النظامية.

هذه القاعدة من القواعد الفقهية الكبرى، ومعناها أن جهالة قدر الشيء لا تمنع العلم به، ومن ذلك: أن جهالة قدر الدين لا تمنع العلم به، وتطبق هذه القاعدة على جميع المسائل التي تتعلق بالجهالة، ومنها المسائل النظامية، ومن ذلك: أن جهالة قدر الضرر لا تمنع العلم به.